بلاد
أي بلاد
يا غيمة شتتتها آلهة الأعاصير
شمسك تلهب بسياطها
قلبك المسكين
الفلاحين والبسطاء
وهوام دوابّك
ترقص على جماجم
ضحايا بطشك.
أفيقي قليلا
أيتها الغافلة
وأنت على سريرك الأثيري
إنها الجوارح
التي تنهش بطنك .
أفيقي قليلا
جبالك تهشمت أضلاعها
وبكاء الملائكة آلام الأسلاف
فلم تعد قصيدة رومانسية
يتغنى بها الشعراء.
ناحت السماء
ترثي مآل
الأبناء المصلوبين
في فضاء الحلم
بين جدران سجونك .
غيّري من نغمة وترك الحزينة
فنخيلك أصبحت شوكا للفلاحين
وبحارك مقبرة الصيادين.
أي بلاد
أفيقي قليلا
حتى لا يغشى عليك.
تحت أهدابك ماتت الفراشات
والرياح محمّلة بغبار المجهول.
الطريق إلى قلبك أصبح وعرا
سفنك غرق نصفها
في مياه المستنقع الآسن
والآخر يبحث عن مرفأ آمن
في تلاويح الشطآن
والمرايا خالية الآثام .
الأسطورة تبددت ذكرياتها
وأحلامها
خلف خطى اليأس.
أراك ثم أراك
مكللا بالشوك ديباجك
ومطعونة بسهام المغتابين
في حديقة الجسد المنهار
والأيام ماء ودماء.
عانقي أطفالك أيتها الأم
لأجل ميزانك الروحي
افتحي نوافذ الحياة
قبل أن يستشري ناقوس
الظلام حجراتك.
أكثر من نهار
هذا الصباح
تطرق بابي لحظة عدمية
لم أوقظ العصافير النائمة
مثل ملاك نافق
في شرفة أحلامي
حتى لا تسقط عن أغصانها
ويزهر ريشها الشوكي في مقلتيّ
جسدي المنذور في خرقة الاغتراب
بصمت
ابتسم للسماء
التي تدور على رغيف الشمس
أخبرتها عن شائعة النجوم
التي تساقطت ليلة البارحة
وعن القابلة التي اعتذرت يوم ولادتي
عن شذرات الجمل
المصنوعة لبركان المستقبل
والدم الذي غرغر في عاصفة
مسرحيته لظهيرات الأيام.
كنت كالجدار الذي تهشمت أركانه
ومن الوحشة
احتضنت صراخ السنوات
المبتلة بالفاحشة والحنين.
ليت الشجرة التي هجرتها
قوافل النمائم الراحلة مع
رياح الغيب
أسكنتني زوادة ظلها.
لن أسالها عن جغرافيا الحاضر
وسأصوب عينيّ نحو الأفلاك
البعيدة
أو حتى الأمواج التي
انكسرت في نواحها
أيامي .