الغريب
أنفاسه الحائرة هي آخر
ما تبقى لها منه
في هذا البيت
تضيء بها عتمة جسدها ليلا
حين تتذكر أن بينهما
عشر ساعات
من الانتظار المر.
كأنها تحبه !!
هذا الغريب التائه في بلاد الله
التي تزداد وحشة.
يفتش له عن وطن
بحجم غيابه
وبحجم موته البطيء.
لماذا إذن تقضي ليلتها
في انتظار أن يتسلل
إلى غرفتها
لينام على صدرها
كطفل صغير
هدّه التعب
هدّه الحنين إلى وطن؟!
هيلين
لماذا لا أكرهك يا هيلين؟!
أو أدوس على ظلّك
ثم أمثّل بجثتك في أحلامي
كما ينبغي لغريمة شرسة
مثلي
كنت على الأقل
سأكتب القصيدة
وأنا هادئة.
لابد أنك نائمة الآن
في حضنه
أسمع صوتك تتأوهين
يا هيلين
على مقربة من رسائله الساخنة لي
عبر حائط اليكتروني بارد.
لماذا إذن ينتفض جسدي
بشدة
أمام دموعك الحارقة
كأنها شوكة مغروزة
في جلدي
هل صحيح أنني حين أنظر
إلى المرآة
سأراك؟
هكذا أخبرني حبيبي ذات مرة
لكن عيوني ليست زرقاء
والمسافة بين الشعر والهندسة
ليست هينة على ما يبدو.
فهل سأظل وحدي
هنا
في الطريق بين القاهرة
وواشنطن
بخيال تائه
أرسم صورتك
ثم أمحوها
كتلميذ خائب!!
مرآة
همممت أن أفضحها
عند صديقها المغربي
تلك التي تجلس أمامي
مبتسمة
– كغبية-
من أتت بكل هذه الوقاحة
التي تلقاني بها
وتقص بها حكايات ملفقة
عن راهبة تسكنها؟!!
نسيت أنني أتبعها كقرين
دائم
وأن القديسين
لا يكتبون الشعر.
شارع محمد محمود
إلى سوسن بشير
هنا البيت وليس ميدان التحرير
وغرفة نومي لم تكن يوما
شارع محمد محمود
من أين يأتي الغاز إذن ؟
ومن سمح لقناصة العيون
أن تعتلي النوافذ
ومن قال للجنود أنْ يعبروا
– هكذا- بحرية
بالقرب من سريري
منتشين برائحة الموت
وبالفرجة على جثث مكومة
قرب صنايق القمامة.
لكنني هنا .. أقف وحدي
على بعد سنتيمترات
من الرعب
أجمّع ملامح الأطفال
بزيهم المدرسي
وهم يسقطون بخفة
قرب قدمي
لأرسمهم على الحوائط
-وهم يتطلعون إليَّ
بنصف ابتسامة-
سأكتفي الآن بمراقبة
الهاربين من الحياة
منتظرةعودة صديقتي الوحيدة
من قصر الدوبارة
لأسألها:
من أين يأتي كل هذا الغاز؟
وهل شاهدتْ صدري المثقوب
منذ ثلاثة أعوام
وكأنني عدت لتوي من الحرب؟!!