هناك
في البلاد البعيدة
حيث وحوش الصحراء
تنهش في الجيف
وأكباد الفقراء
وتعيش على نتانة إبطها
تقتات من مخلفاتها
لتطعم به صغارها
التي تشبه الشوك
هناك ..
في الأفق تلاويح
من رماد
ولا غيوم
وينكسر الطير من يأسه.
هناك ..
بقايا من ذاكرة
أجساد عرّجت أرواحها
ولم يبق منها
سوى لحى
يعشش فيها الكذب
والقبح يجرّ
ضحاياه للهاوية.
أرواح مهاجرة
هذا النهار
كل شيء يمشي ببطء
الجارة الألمانية المهرولة
في المشي دوما بجسدها البضّ
وابتسامتها
الفاسقة عن القبح
الفاتنة في اللذة المشتهاة.
أرى خطواتها تؤدة باردة
كأنما فقدت شيئا ما
أو أن السنين تسارعت في عمرها.
نهر الحياة بطيء
المدينة بقايا أوراق خريفية مبعثرة
توزع جثمانها في الأنحاء
السحب ثقيلة
يحملها عكّاز الكآبة
العصافير مشنوقة في الغابة
السماء مسرح للفراغ
مختزل ورتيب.
أعتقد ..
أن أرواح من فقدت ومن هاجرت عنهم
جاءت لزيارتي.
السفينة العائمة
(قصيدة في المنفى ونقيضه)
الغريب
ليس علي صنع شيء
فقط فنجان قهوة
السحب قوافل تحيط في كل الجهات
والرجل الغريب في شرفته
بين الفينة والأخرى
يعض إصبعه
يتأكد..
هل حلم أم حقيقة ..
هذه السفينة العائمة؟!.
الموسيقى
Swan lake (بحيرة البجع)
في زمن الاشرطة (cassettes) الكلاسيكية للموسيقى والغناء
وقبل أن يغزو العالم الالكتروني العقول والأرواح
النائمة في الأخطاء والشعور بالذنب
كنّا نحلم بالموسيقى
ونشعر بالذنب
كيف لأصوات الملائكة أن قاطعتنا؟
في تلك النهارات الصهدية
ومصبات البراكين
كنت مغرما بموسيقى (بحيرة البجع) لتشايكوفسكي
التي كانت تحرك المسكون والنائم في الأعماق
كنت أتساءل دائما « هل هذه الأعمال الجبارة أتت من فراغ؟»
في المفرق الآخر من الحطام
كانت الشهيرة «نينوى» في درج مكتبتي الموسيقية اليتيم.
لا توجد مقارنة فالفرق واضح
نوعان من الموسيقى شقّا
طريقهما للخلود
لكن
بحيرة البجع للرومانسية
واحياء المشاعر
في حين نينوى
كانت جنازة طويلة على آلاف الأرواح.
ربما
هي نبوءة لمخلفات عقم سنواتنا
العربية والإنسانية
بطبول قيامتها!
أسمع موسيقى البجع من جديد
وانا أرى البجع من على السفينة العائمة
فعلا
لا يأتي الفراغ بشيء.
يحيى الناعبي