(1)
حين تموت الموسيقى حبيبي
وتنطفئ الأضواء
حين يضيق براح القلب
ونسكن الزوايا الموحشة
ويختنق المساء
لا يعود للكلام جَرْسٌ
ولا للعتب فِناء
وحده الرحيل يشرع أذرعته ليبتلع غصتنا
ويئن بالنسيان دعاء
كم تاه خطوي في الطريق إليك
كم ذَلَّ نبضي بين هجر ولقاء
قل لي بربك كم ضحيت ؟
كم صبرت وكم غفرت؟
وما جنيت غير نزف وبكاء؟
ها الغيم يجتاح المَخَادع
ويوقظني انهضي
لم يعد للشوق معنى
ولا للحلم سناء
وحده الرحيل يشرع أذرعته ليبتلع غصتنا
ويئن بالنسيان دعاء
(2)
في حضرة ِالموجْ
ماذا يفعل الحرف
غير تهجئة متلعثمة
كمجدافٍ كسيرْ
في انتظارِ الضفافْ
يرتعش النبضُ
والصدرُ مفتوحٌ على أقصى النسائمِ
يبني ديارا بعِلمٍ ضريرْ
الحلم
أنت أيها القادر في حضرةِ الغيابْ
لك أن ترى وجهه
وأن تشتم عبقه
ولي أنا حنينُ الأرضِ
لي أنا سهدُ الانتظارِ المريرْ
حرّر روحي
اجمع شتاتي
يصرخ القلبُ في حضرة الغيبْ
فيرتعد صداهُ مستجيرْ
يسافر في المدى
يتردّد في خلجاتِ الكونِ
الحبُ أنت
روح بلا هَدْي تطيْر
(3)
أهديك حرفي
وقلبي الذي فاض بتعب الأرض
وانتفض
ثائرا كموج البحر
فاحتفي بي اغترابا
وألقى بأملي للغريق
أنا المحفوفة بالنوارس
المدججة بالغيم
أنا المنسوبة لعائلة الصدف المنسي
يتدثر بحزنه لؤلؤا
خذ شرفة الأحلام
وهديل اليمام في باحة الفجر
ما نفع اليمام؟
واحتضن نبضي
الذي عاد طفلا
ويصيح من رهبة الأيام
أنا الغائمة بالسؤال
وحيرة الغد الموشح بالمحال
أرهقتُ أحلامي
وعلى أول الجسر فارقَتني
خذ حرفي
وحين ترتعش القوارب عائدة
قل لها
كيف من الحنين وجدًا شَتّتني
(4)
وقفتْ
واستوقفتْ
بكتْ وناحتْ
وبالصراخ إلى العدم اشتكتْ
جابتْ أضرحة الذكريات
فنهش الموت أيامها وانتشى
بالحنين قُتِلت
وبالحنين اغتسلت
وبالحنين تحوك جراحها سهدا وكفنا
شريدة تطلب من تيه العتم سكنا
فليعلو صراخكِ في شتات المدى
جرحا عزفته الرياح عصفا ونايا
كم تبكين من طعون الصحب
تبعثُ في حناياكِ قيحا وسُما
يا له من موت جاء مبكرا
هل يعرف القلب إلى مثواه دربا
وممن تطلبين الرحمة ويلك
وممن تطلبين دعاءً ونعيا
لا يصلح الزجاج بعد الكسر شيئا
ولا ينفع الخلق بعد الموت غوثا .
(5)
هذا الصباح .. هذا اليوم .. قلب صغير
نبض يسابق الضياء
غض الحنين .. أعجمي البصيرة
أي شمس تلك التي تدق على أبوابنا
مصقولة بالحلم
أي أجراس تصيح بالغياب
تندد بالدقيقة
هذا هو اليوم
ذاك هو الأمس
وعلى الزاوية هناك يومئ الغد
مرتعش الحقيقة
عود ثقاب يحترق
ثم يذوي فتنساه الخليقة
عنقاء الروح