شاعر من مصر.
توقيعات
كلما حملت جريحا
وقع على قميصي بدمه
ليلة الأربعاء الدامي،
أصبح قميصي الأبيض مرقشا بتوقيعات نجوم الثورة
لكل ثائر توقيعه
ولكل دم أسلوبه في الفوران
أزهار وخطوط وتقاطعات وبقع وقطرات
تفصيلات من لوحة لـ«بولوك»
وأخرى لـ«ميرو»
على قميصي الأبيض
أعشاب حديقة التحرير
أعشاب حديقة التحرير
الضحية الوحيدة للثورة
دعستها ملايين الأحذية
جيئة وذهابا
كرا وفرا
وسوتها بالأرض أجساد ثقيلة
هبطت مثل أكياس الرمل
إلى نوم متقطع
أعشاب حديقة التحرير
التي توقف البستاني عن ريّها
فمالت من العطش
وسممتها أدخنة القنابل والحرائق
من يلتفت إليها
من يعبأ بها
عاشق واحد فقط، عندما لم يجد زهرة في الميدان،
اقتلع عشبة صفراء وقبلها ثم
منحها لحبيبته
نظام الرمل
عندما صرخنا «يسقط الديكتاتور»
اكتشفنا أن سجونا رهيبة مصنوعة
من الرمل
وأن مدنا كاملة مبنية من الرمل
وأن القادة المرعبين
والطغاة القساة
والعساكر ذوي العربات المصفحة
والسياسيين المفوهين
والحزبيين التجار
مجبولون من الرمل
وأن الرمل لم يكن يحتاج حتى ينهار
إلا إلى موجة صاخبة من البحر
الذي غافل الجميع واستقر في
ميدان التحرير
أنا مدافع ٌ أمام حارس مرماكِ
لا تخافي
تقدمي الصفوف كالعادة
واسحبيني وراءك
واهتفي بصوتك الناعم المتوحش،
الناعمِ الذي يقود
الناعمِ الذي يملك إجابة قطعية ً
«الشعب
يريد
إسقاط َالنظام»
حتى أنسى نفسي وهتافاتي
وصوتي وحنجرتي
لن تصيبك رصاصة مطاطية في
عينك النجلاء الكحيلة مثلي
ولن تختنقي بالغازات مثلي
لأن ملاكين يبعدان عنك الشر
مثل حارس مرمى يستخدم قبضة
يده ليبعد الكرة
فتسقط أمامي أنا،
بأدخنتها الكثيفة ورائحتها الخانقة
فأردها إلى العساكر،
سعيداً بدوري كمدافع
أمام حارس مرماك الماهر
بعينٍ واحدة
عندما عاد إلينا
في الثانية عشرة مساء
هلل الثوار وهتفوا بحب مصر
الشاب الذي تلقى أكثر من
رصاصة مطاطية
وحملناه إلى المستشفى المجاور
الشاب الذي انفجرت عينه أمامنا
وهو يطالب بالعدل
لم يذهب إلى بيته،
فور أن قال له الطبيب:
تستطيع أن تمشي، لكن الضمادة
ستظل على عينك
عاد إلى ميدان التحرير
ليطالب بالعدل بعين واحدة.