ترجمة: خالد الريسوني
مانويل دي باروس (كويابا، ماتو غروسو، 1916- كامبو غراندي، ماتو غروسو ديل سور، 2014) شاعر برازيلي قريب من الاتجاهات الطليعية الأوروبية، كان من أهم الأصوات الشعرية المعاصرة في البرازيل وهو ينتمي إلى جيل 45. كتب منذ عام 1937 أربعة عشر ديوانا شعريًا وحصل على العديد من الجوائز الأدبية، بما في ذلك نيله مرتين جائزة جابوتي، أهم جائزة أدبية في البرازيل. وقد تمتع بمكانة مميزة لدى الجمهور من جميع الأعمار وجميع مناطق البرازيل، وأيضا في الأوساط الأكاديمية. وقد رفض كارلوس دروموند دي أندرادي أن يلقب بـ”أعظم شاعر حيّ في البرازيل” تقديرا واحتراما لمانويل دي باروس. حصل مانويل دي باروس على العديد من الجوائز عن أعماله الإبداعية العديدة: “قصائد حُبلى دونما خطيئة” 1937، “وجه ثابت” 1942، “أشعار” 1956، “الدليل الموجز لاستعمال الطيور” 1960 (جائزة أورلاندو دانتاس)، “قواعد النحو البياني لتشاو” 1966 (الجائزة الوطنية للشعر وجائزة المؤسسة الثقافية للمقاطعة الفدرالية)، “مادة الشعر” 1974، “استعدادات للتصفير” 1980، “كتاب الأشياء القبلية” 1985، “حارس المياه” 1989 (جائزة جابوتي للآداب في صنف الشعر)، “قواعد النحو البياني لتشاو: الأشعار شبه الكاملة” 1990، “كونشيرتو السماء المفتوحة للمعزوفات المنفردة الطيور” 1993، “كتاب الجهالات” 1993 (جائزة ألفونسو غيماريش من المكتبة الوطنية)، “كتاب حول العدم” 1996 (جائزة نيستلي للشعر)، “بحوث فوتوغرافية” 2000، “تمرينات على أن تكون طفلا” 2000 (جائزة الأكاديمية البرازيلية للآداب وجائزة أوديلو كوستا فيلهو الممنوح من قبل مؤسسة كتاب الأطفال والشباب)، “ساحر الكلمات” 2000، “خالق الفجر” 2001 (جائزة جابوتي للآداب صنف الشعر)، “معاهدة عامة لجلال الأشياء الضئلة” 2001، “مياه” 2001، “كل ما لا أبتدعه زائف- مختارات شعرية باللغة الإسبانية 2002، “للعثور على الأزرق الذي تستعمله الطيور” 2003، “قصائد غنائية لطائر صغير من أجل لا شيء” 2003، “قصائد صخرية” 2004، “ذكريات مبتدعة I” 2005، “ذكريات مبتدعة II” 2006، ذكريات مبتدعة III 2007، كما حصل على جائزة التمساح الفضي من وزارة الثقافة كأفضل كاتب لعام 1990، وعن مجموع أعماله منح الجائزة الوطنية للآداب التي تمنحها وزارة الثقافة البرازيلية…
ديداكتيك الخلق
1
من أجل ملامسة العلاقات الحميمة للعالم، من الضروري معرفة:
أ) أن بهاء الصباح لا يُفتح بسكين
ب) الشكل الذي يعدُّ به البنفسج يومه لكي يموت
ج) لماذا تكرس الفراشات ذات الحواشي الحمراء طقوس الورع لجثوات المدفن
د) إذا كان الرجل الذي يعزف في المساء وجوده في مزمار باسون يمتلك الخلاص
هـ) أن نهرًا يتدفق بين ياقوتتين يحمل حنوا أكثر من نهر يتدفق بين سحليتين
و) كيف الإمساك بصوت سمكة
ز) ما هو جانبُ الليل الذي يبتَلُّ أولًا.
إلخ
إلخ
إلخ
النسيان بعد التعلم خلال 8 ساعات في اليوم يجعلنا نستوعب المبادئ.
2
عدم خلق أشياء. المشط، على سبيل المثال.
إعطاء المشط وظائف اللا تمشيط إلى
أن يصير على استعداد لأن يكون بيغونية أو
وما يتساقط من أغصان الصنوبر اليابسة
استعمال بعض الكلمات التي بعد ما زالت لا تمتلك لغة.
3
أن تكرر وتكرِّرَ- إلى أن تبقى مختلفًا.
أن تكرر هو هبة الأسلوب.
4
في معاهدة العظمات للضئيل كان
مكتوبا:
الشعر هو لمَّا يكون المساء مناسبا
للدهليات
هو لمَّا
ينام النهارُ جنب حسُّون من قبل.
لما يصنع الإنسانُ سحليته الأولى.
هو لمَّا يتولَّى نفلٌ الليلَ
ولمَّا يبتلع علجوم الأسحارَ
5
نملاتٌ محملة تدخل بيتَ الإليتين.
6
الأشياء التي ليس لها اسم أكثر تلفُّظًا من قبل الأطفال.
7
في اللابدء كان الفعل
وفقط فيما بعد أرى هذيان الفعل
كان هذيان الفعل في البدء، هنالك،
حيث الطفل يقول: أنا أسمع صوت
الطيور الصغيرة.
الطفل لا يعرف أن الفعل استمع لا
يصلحُ للون، لكنه، أجل، يصلح للصوت.
حينئذ إذا ما غيَّرَ الطفل وظيفة
الفعل، فإنه يهذي.
وإذن
ففي الشعر الذي هو صوت الشاعر، وهو صوت
صناعة الولادات-
فإن الفعل يجب أن يصاب بالهذيان.
8
زهرة عباد الشمس تستولى على الإله: كان ذلك عند فان غوخ.
9
لولوج أحوال الشجرة من الضروري
الانطلاق من الخمول الحيوانيِّ لسحلية
أثناء 3 بعد الظهر، خلال شهر أغسطس.
في غضون عامين سوف تنمو العطالة والشجيرة
في فمنا
سوف نعاني بعض التحلل الغنائي
إلى أن تنبثق الشجيرة من الصوت
اليوم أريد شذا الأشجار.
10
ليسَ لصمت الأحجار علوٌّ.
11
أن نجعل الطبيعة تعتلُّ بنا:
– أن نلقيَ التباريح في الأحجار
(مثلما فعل رودين)
12
أن نبحث في الفضاء عن جوارات فعلية
هو مماثلٌ للقبض على الذباب في ملجأ
لجعله يستحمُّ
هذه ممارسة بلا ألمٍ.
إنها مثل إيقاظ الطيور فجرًا
أي عيب نباتيٍّ لطائرٍ يمكنُ
أن يُعدِّلَ من زقزقاته.
13
الأشياء لم تعد ترغبُ في أن تُرَى
من قبلِ أشخاص متعقلين:
إنها ترغبُ في أن تُرَى بالأزرق-
حيث لا طفل تنظرُ إليه هو طائرٌ.
14
الشعر هو التحليق خارجَ الجناح.
15
أن تعطي التوازن للكتل الدلالية. حيث
المجردُ يدخلُ، ويربط بالأسلاك. وجنب
حبل من حرير يضعُ مفهومًا عالمًا. تطبق على
الجدبُ تورُّماتٌ.
قرِّبْ البراز من المتعالي.
والرسمي من قضيبٍ قذِرٍ.
16
متهيجة تلجُ الشهوة في:
هي سوف تستلقي على جسدي
بِكلِّ كثافة فمها!
الآن قد جنحت في الأمداء.
(هل أنا منحرفٌ بصفات العفاف؟ مطهرًا
بالقذارات؟
ثمَّة عبارات يضيئُها المعتم.
17
في بيتِ الحلزون حتى الشمس تتلوَّثُ.
18
تمنحه أشياء الأرض عزة وفخرًا.
لو سقط أزرق في الأفق فإن عينه
سوف تترنم
كلهم كانوا يعلمونه بلا جدوى
كانت الطيور تضع برازها في شعره.
19
النهر الذي كان يلتفُّ خلف بيتنا
كان صورة من زجاج لين كان يلتفُّ
خلف بيتنا.
مر رجل وقال لاحقا: تلك اللفة
التي يقوم بها النهر خلف بيتك تسمى
جونًا.
لم تعد صورة ثعبان من زجاج
يلتفُّ خلف البيت.
كان جونا.
أظنُّ أن الاسمَ قد أفقرَ الصورة.
20
أتذكر طفلًا يكرر المساءات في تلك الحديقة.
21
أنا أنشغِلُ كثيرا بما لا أعرفه.
أنا عبدٌ عالمٌ بالقواميس.
أمتلكُ بالكاد 100 كلمة.
على الأقل مرة واحدة في اليوم أذهب إلى مورايس
أو إلى فيتربو
لكي أعدِّل جهالتي،
التي تزدادُ فقط.
أفني سعة علمي في انتزاع أوراق التقويمات
– أن تكون أو لا تكون، تلك هي القضية.
أو عند أبواب المقبراتِ:
– تذكر أنك من تراب وستصيرُ إلى تراب.
أو في البيت الشعري للأوراق الصغيرة:
– تَعرَّفْ إلى ذاتك.
أو في فم العامة،
– ما لا ينتهي في العالم هو الغباء
ولاشئ عصا جافة.
إلخ
إلخ
إلخ
أكبر من اللانهائي الوصية.
بورتريه ذاتي متحدث عنه
قد أتيتُ من قبيلة كويابا ومن شوارع ضيقة متعرجة.
كان لأبي موقع للموز في بيكو دا مارينيا، حيث ولدت.
لقد نشأت في بانتانال دي كورومبا، بين حيوانات
التراب، وأشخاص متواضعين وطيور وأشجار وأنهار.
ويروقني أن أعيش في أماكنَ منحطةٍ بدافع الرغبة الخالصة
في أن أكون بين الأحجار والسحالي.
جعل الشيء المزدرى مُقَدَّرًا بشكل رفيع أمر يرضيني.
قد نشرت 10 دواوين شعرية، وبعد أن نشرتها
أشعر كأنني قد أصبتُ بخزي وأهرب إلى بانتانال
حيث أنا مبارك من قبل طيور مالك الحزين.
بحثت عن ذاتي خلال حياتي كلها ولم أجد نفسي – لذلك
تحقق خلاصي.
اكتشفت أن جميع الطرق تقود إلى الجهالة.
لم أمضي لكي أتوقف عند البواليع لأنني ورثتُ
مزرعة لتربية المواشي. الثيران تسلي نفسي.
والآن أنا جد قريب من الأفول!
أنا في فئة التي تعاني أخلاقيا، لأنني فقط
أقوم بأشياء عديمة الجدوى.
في موتي ثمة ألمُ شجرةٍ.
في كتاب “التحولات”، وفي مائتين وأربعين حكاية،
يبدي أوفيد كائنات بشرية تحولت إلى
أحجار، ونباتات، وحيوانات، وأشياء.
تمارين جديدة سيكون أن تتحدث الكيانات التي قد تحولت
لهجة شيئيا، يرقيا، حجريا، إلخ.
سوف تولد لغة مبكرة، وآدمية، وعدنيّة،
بدئية-
سيتعلمه الشعراء– دائما وكلما عادوا
إلى الأطفال الذين قد كانوهم
وإلى الضفادع التي كانوها
وإلى الأحجار التي كانوها.
وللعودة إلى الطفولة، سيستوجب ذلك من الشعراء أيضًا
أن يعيدوا تعلم جعل اللسان يخطئُ.
لكن أليس هذا دعوة إلى الجهالة؟
إلى تلقيح اللغة عند البعوض؟
سيكون خرفا مسافرا مع الحجيج.
المتعهد
المشي بسخف أو في جنون هو شيء للطيور.
كان جدي يمشي بسخفٍ وفي جنون.
لم يكن تقريبًا يفيدُ في شيء على الإطلاق.
لكنه كان يعرف أسماء الرياح
وكل أشكال التصفير للنداء على الطيور.
بعض الحمامات كانت تتخذه سقفا وتقضي
العشيات مترددة على كتفه.
كان جدي يقول أشياء قليلة الاتزان:
أنهم قد اختاروه ليكون شجرة.
الزنابق كانت تأمله.
لقد كانوا يعتبرون جدي أبله
لأنه كل صباح كان يقولُ صباح الخير
للضفادع، وللشمس، والماء.
أعتقد أنه كان متعهِّدا للشِّعْرِ مثل الطيور
ومثل زنابق الحقول.
كراسة التدوينات
يجب أن أتحدث الآن عن نفسي،
سيكون ذلك خطوة في اتجاه الصمت …
صموئيل بيكيت في اللامُسَمَّى
1
تركت لطائر أن يبكر بفجري.
2
في كل مرة يكون الصباح قد بدأ
في عيني، هي هكذا …
هذا الضوء الراكد في أعشاب الكزبرة.
أعشاب الكزبرة عمياءُ.
ولا زهرة تحمي الصمت مثلها،
أواه يا ضوء الصباح الراكد في أعشاب الكزبرة!
3
زهو طيور مالك الحزين في الصباح،
4
الطائر المحاكي في سبتمبر يمتلكُ ندى في الصوت.
في الصباح يُنْشِدُ الشمس.
5
عندما ولدتُ
مضى ينمو الصمت.
أبي كان يفهم دائما
أني كنتُ مُعوجًّا
وكان دائما يقوم بتقويم اعوجاجي.
قضيت سنوات أبحث عن ذاتي في أماكن اللا شيء.
حتى لم أعثر عليها- ووجدت خلاصي.
أحيانا كنت أمشي كما لو كنتُ بصلة.
6
بالأمس مرَّ من هُنا أحد أسلافي، الذي كان يُنغِّمُ ألحانَ باخ:
“ابق معنا، يا سيدي، فالليلُ آتٍ.”
كانَ يُغني هكذا في الطرقات الجِدِّ مُغبرَّة.
وتلك الفراشات فوق باقات الزعتر
كانت تغنِّي معه.
وخلفَ بيتنا يشتغلُ نهرٌ.
وألومنيوم الأسماك يلْمَحُ شاهدًا.
7 – «ذكرى»
مَرَّ عَبْرَ الساحة، وصنع من الوجه بهاءً،
ورآني.
قال إن لديَّ مهارة في عزفِ البيانو. بل إني منفردا أعزف فراشات…
دويبة متقلصة:
مع المداعبات الأولى للشَّعر كانَ ينفتح الصَّمَّام.
كانت تستعملُ بُليْعَاتٌ في العانة.
والعيون ملوَّثَة بالأحلام.
8
أنا الآن أحلم البُليعات.
9
ها هنا ديك غواشاراكا طائر بدون صناعة.
الماضي المعتمُ نهرٌ.
لصوته امتداد نبرٍ نباتي.
10
لستُ أدري أيّ لون سيكون للقطيفة.
لكن للحب وللغناء سيكون الأمرُ جيدًا بالنسبة للقطيفة
هنالك (سيكون أفضل مما لو كنت أستعملُه بشكل دائم، وهو اسم آخر
يستعمل لتلك الزهرة)
قطيفة لها وقع أفضل.
11
هبط عليَّ ضجر من نبتة رعي الحمام.
12
بعض الكلمات لها أوارٌ حارق. وأخرى لا.
كلمة تمساح تجرح الصوت.
هي مثل النزول مخدوشا عبر منحدرات منشار.
هو اسم بعفونة اخضرار الوحل في الجلد.
وإلى ذلك، فهو عنكبوت (من ذوي العيون المخيفة)
وكلمة مالك الحزين لديها عندنا ظلال للصمت …
وأما الأزرق فيجتذبُ إليه الأضواء!
13 – «ذكرى»
دخلت “فيللا دو ليفرامينتو” (فيللا سيدتنا
المخلصة خلاصا كاملا) أروض جموح مهرة
خائبة.
في لارغو تانكي، حيث بعد لا تزال هناك كنيسة
رومانية، توقفت المهرة.
الخائبة.
تبدَّى الواهِفُ (كان يسلسُ جموح حصان).
شاهدت عن كثب ذلك القضيب للحصان
يلج من خلف داخل المهرة.
أظلمت عيني مثل الغسق.
وعطس عنكبوت شخصيا.
وأتاح تعلم التصور دون قراءة أسفار التوراة الخمسة الأولى.
14
في التخلي عن فمي ثمة شهوة.
15
رأيت حرائق عباد الشمس في روح بزاقة.
16
أعمِّقُ النهر قليلًا بحذائي
أوقظ بذلك صوت جذورٍ
ارتفاع الصوت أزرقُ تقريبا.
17
كلمة في خضم الولادة
على فم الطفل:
أكثر تخلفا من همسة.
ليس لها تاريخ أو حروف.
تقعُ بين نقيق الضفادع وهديل الحمام.
18
خلال المساء يجعل الأفق عيني رصيفا.
يضع القار.
وفي الصباح أتوضأ بالندى.
19.
في العين المذهبة للضفادع، البواكير هي للأزهار.
لديها فضيلة لأجل الكوبيات.
20
القلاع تحفظ في العين
أسمال الحدائق.
وغناؤه في الآن ذاته صافٍ.
21
عثرت بين أمتعة برناردو جرة
لتعبئة الأمطار، وشيشة
ووجه حشرة معلقة في البنطال.
برناردو لديه إيمان تقريبا مثل الرخويات.
لكي يعرف أشياء عن الطيور الصغيرة يحتاج فقط إلى جهالاتها.
22
رأيت مياها فاسدة من البحر!
هل ارتحلت مغاربي عن طيورها؟
23
أسمع جملة من دجاج غواشاراكا، إين إين؟ سو-جو؟ آجي جان؟ جم؟ …
لم يكن لدي إعداد في لغة غواتشاراكا.
كتبت اسمها من هكذا. أكثر هل يمكن أن تبلغ كلمة ما
الكمال وأن تستعمل طائرا؟
قديما كانت تستطيع.
كانت الحروف تقبل الطيور.
وكانت الأشجار تستعمل أبجدية للإغريق.
أجمل حرفٍ كان هو الـ (نخلة).
خربشت طيوري حتى الطبيعة الأخيرة.
لاحظت أن اكتشاف جوانب جديدة لكلمة ما
هو مثل اكتشاف جوانب جديدة من الكائن.
وكانت المشاهد الطبيعية تلتهمُ عينِي.
24 – «ذكرى»
بالقرب من النهر عمري سبعة أعوام.
(أظنُّ أن النهر يجعلني وسيمًا.)
أعثر على آثار صوت طائر في المياه.
أسافر بالقطار إلى المدرسة الداخلية.
أمضي وأنا أتحدث إلى طيورٍ صغيرة عبر نافذة القطار.
جَزَّ فراشٌ رأس أخي في المدرسة الداخلية.
كان هناك جدار مليء بالعوائق..
كانت هنالك حرية في أن تقفز فوق ذلك الجدار.
على الجانب الآخر كان هناك مزرعة تفاح حيث يلتقي
الفتيان والفتيات وينجبون أبناء.
وكنا نحن نتحسس باللمس.
في الكنيسة كان الآباء يجمعون التلاميذ وكانوا يحاولون
أن يتحدثوا بجِدٍّ.
لكني دائما كنت أجد الكثير من الملاحة عند الأشخاص
الذين يتحدثون بجد.
وأطن أن هذا عيب حشويٌّ فيَّ.
25
بعد أن تجتاز الحلازين الجدار والمساء
سوف تستسلم.
أحيانا تستسلم عند المنتصف.
تستسلم بغتة، لأنها تستنفد من الداخل اللعاب
التي بها تنزف مساراتها.
يأتي الأطفال ويقتلعونها من الجدار جوفاء.
وبالنمل يتجول في بقايا لحمها في الداخل.
ذلك النمل جامح في الثقوب.
آه، كيف ستكون رغبات التحليق حارقة لدى الحلازين!
ملاحظة: الحلزون عزلة تمشي على الجدار.
26
مَخملٌ
في عين الطيور.
وهذا الشتاء الذي لا ينتهي!
27
الوحَلُ يُزنِّرُ منفاي
يشتهونني
يحاولون أن يجعلوا قدميَّ مخضرتين.
في أحجارها تسكنُ إشاراتي.
28
خط الأفق أحمرُ تقريبا
كان يمتد من جهة عند شرق التل حتى بلشون
رمادي على ضفة النهر.
كانت الخنفساء تحاول الوصول إلى خط الأفق ذاك
بمشابكها التي تصطاد الذباب.
كانت تشتبك محاربة كمقاتل قروسطى.
ثم بعدئذ أعتم الخط.
وعثرنا على الخنفساء خلف البيت وسيقانها
نحو الأعلى.
كانت تسأل: “أين هي غنائم اليوم؟”
29
وراء تحليق البط تستمرُّ بقايا النهار …
30
أتأمَّلُ مسننات مزبلة:
أحشاء الحشايا، أدراج، وأحشاء الطيور، إلخ.
الأمعاء شهيرة!
تغويني هذه الوحدة الزاحفة للأمعاء مع الطحلب.
يغويني عرش الحشرات.
31
هل ثمة لدى الشعراء هالة من مفرغ النفايات؟
32 – «ذكرى»
ذات كانت تمتلك ساقا خشبية.
مشيتها كانت منحرفة.
فمها كان يصل الغناء.
لكي تتقدم على الجسر، يجب أن تعبر النهر.
كان النهر يطوي ساقه لكي تعبرَ، لكنها لم تكن
هي تطوي ساقها ليعبر النهر.
بحيث أننا كنا، من الوهدة، نبقى،
بشكل مثير للاشمئزاز، ننتظر.
كان من اللازم أن نربط بحبل خصر الرجل
ثم نسحبه.
كان الرجل يعبر
النهر مثل سمكة تُضربُ بالخطاف
في الوسط.
كان القليلون تقريبًا من كانوا يفهمون شيئًا، لكني كنت أفهم أقل من القليل.
(هكذا هي الأمور. النفايات، في البدء، لم تكن تتعدى بقايا
الأعشاب اليابسة. وبعدئذ سيمَرِّرُون صورة رجل
فقيرٍ على ضفة مطرَحٍ للنفايات.)
كان ذلك الأعرج رجلا فقيرا على ضفة مطرح النفايات.
33 – «ذكرى»
في عام 1912 ،
دخلت طائفة غير نشطة أعضاؤها مجانين
قليلًا
كانوا يعتنون بسماع صدى ذواتهم في
الكلمات
(مثلما المجانين حين يستمعون إلى الجدران)
بدأت أعرف أقل عن خلافاتي.
حصة وحل أجبرت صوتي باتجاه الأسفل.
تعلمتُ أني في العتمة أرى أفضل
وبارك الندى عيني.
ملاحظة: تلك لحظة للسيرة الذاتية
الدينية التي أكتبها لأزيِّن
ليلة فضائلي.
34
انبثق الدبور فجرا
في مطرح النفايات مبتلا
لم يستطع التحليق أن يصمد معها.
35
صوت طائر صغير ينشدُني.
36
الببغاوات يخدشن الامتدادات …
37
ثمة في المساء استغراق للطيور في الملذات.
38
رأيت ذبابة من التول أبدية
(أغنَتْْ معي شعاع القمر ذاك…)
رأيت أحد الزواحف من الدانتيلا والشرائط
يرقات في زيٍّ موحد
الصراصير بخمُرٍ ذرائع
والنسيم غنيمة للقطن
وحياة القُلَفِ المعدنية
39
رأيت المساء يركض من الكلاب…
40
كانوا يُرَوِّقُونَ شقائق النعمان في الشمس!
41
رأيت النشوة في الضوضاء!
42
تأتي السنونواتُ بآثار الأمطار.
هل تخلصني من ورطتي؟
43
تُوَجِّهُ رياح بزاقاتٍ باردةٍ نحو أحرفي الصامتة الشفوية.
44
قد دعيتُ من قبل الطيور لأكون شجرة.
أنا أعاني من تفضيل للأحجار.
45
يتنامى النسكُ في دفتر تدويناتي.
هل سأبيع عمودا فقريا لذبابة
في بحر هيلا؟
46
نحلات نوفمبرية تهمس عيني.
47
أعرف قواقع تستمع إلى أناشيد في.
أنا موجودٌ عبثًا.
48
تتحوَّلُ التلال سنونوات لمدة طويلة…
وأغدو أنا أفقًا.
أنا أفق هاته البلشونات.
49
أواه أيتُها الأزليات المحتدَّةُ!
نهاية.
برناردو شجرة تقريبا
برناردو شجرة تقريبا.
صمته جدُّ عالٍ حدَّ أن الطيور الصغيرة تسمعه
من بعيد.
وتأتي لتحُطَّ على كتفه.
عينه تجدِّدُ المساءاتِ.
يحفظ في صندوقٍ قديمٍ أدوات عمله:
1 فتاحة الفجر
1 مسمارٌ يغمغمُ
1 ممسك الأنهار و
1 ممدِّدُ الآفاق.
(يتمكنُ برناردو من مد الأفق باستخدام ثلاثة
خيوط العنكبوت.
يصير الشيء مُمَدَّدًا بشكلٍ جيدٍ).
برناردو يحرر الطبيعة.
عيناه تضخمانِ ريحَ الغرب.
(هل يستطيعُ إنسان أن يُغنِيَ الطبيعة
بلا اكتماله؟)
المعاهدة العامة لعظمة ما هو فانٍ
يتم تخزين الشعر في كلمات. هذا كل ما أعرفه.
قدري هو ألا أعرف كل شيء تقريبًا.
عن العدم أمتلك أشياء عميقة.
ليس لدي أي اتصال بالواقع.
ليس قويا عندي من يكتشف الذهب.
قوي عندي من يكتشف التفاهات (تفاهة العالم وتفاهتنا).
في هذا الحكم القصير سوف تمتدحون باعتباري أبله.
ها قد انفعلت.
أنا شحيح في المدائح.
جامع القمامة
أستعمل الكلمة لتشكيل صمتي.
أنا لا أحب الكلمات
المتعبة بالإخبار.
أحترم أكثر
تلك التي تحيا وأحشاؤها على الأرض
من صنف الماء والحجر والعلجوم.
أفهم جيدا نبرة المياه.
أحترم الأشياء قليلة الأهمية
والكائنات غير مهم.
أقدِّرُ الحشرات أكثر من الطائرات.
أقدر سرعة
السلاحف أكثر من سرعة الصواريخ.
يوجد لدي ذلك التأخُّرُ منذُ الولادة.
لقد خُلقتُ
لكي تعجبني الطيور.
لذلك أمتلكُ فيض سعادة.
فناء بيتي أكبر من العالم.
أنا جامع قمامة:
أحب البقايا
مثل الذبابات الطيبة.
كنت أرغب في أن يكون لصوتي شكل غناء.
لأنني لست من أهل الإعلاميات:
أنا من أهل الإبداعيات.
فقط استعمل الكلمة لتشكيل صمتي.
إعلان
تحتاج الحشرات إلى أكثر من 100 عامٍ لكي تصيرَ ورقة.
في 1000 عام من الحثالة تخلقُ علبة صفيحٍ الشَّعْرَ بل يمكنُ حتى أن تُصلي.
تحتاجُ تياراتُ الأنهار إلى ما يقرب من 100 عام لكي تتحولَ إلى همسة.
في 130 سنة يصيرُ الإنسانُ شجرة. (والبعضُ ثعابين).
في أرض الحصى ذاتِ اللون الجاف، بلا ثيابٍ تقريبًا تتموضعُ النجوم.
الفراشات التي تستقرُّ على عظم خنزير تفضل الألوان الخاطئة.
في أقل من 6 أشهر يكمل البعوض أبديته.
شجرة عليلة في أقل من 30 سنة تفقد محيطها من الأوراق.
العنكبوت بعين من الصوف المغزول في الوحل تتحررُ من تحجرها.
عندما يسقط المطر في أحضان النملة يتقلص الأفق.
الأشواك التي تعيش في المحاجر لها نفس البناء التركيبي
لعقارب الرمل.
الضفدعة، لما يسقط المطر، تصبغ نقيقها بالأزرق.
الأوْرال تهبُ سيقانا للصخور وبالتفضيل شتاء.
تحليق طائر الجابيرو لديه جسد أكثر من تحليق الساعات.
يلتجئ ذكر الخنفساء إلى الموارد فقط إذا وجد أنثاه تتجول
بين الخبث.
على بعد 15 مترا من قوس قزح تكون الشمس عطرة.
الحلازين لا تستهلك اللعاب فوق الزجاج. لكنها في المستنقعات تترصعُ
حتى الخفقان.
في النسائم ثمَّة دائما صمت البلالشين.
من بين كل 20 إغوانة تُضْعِفُها النجوم، تفقد 15 منها وجهتها
نحو الكهوف.
كل هذه المعلومات تمتلك قلة لامبالاة علمية شامخة: مثلما
أن تمشي مديرا ظهرك.
عالم صغير
I
عالمي صغير يا إلهي.
يمتلكُ نهرا وبعض الأشجار.
بني بيتُنا مديرا ظهره للنهر.
يقطع النمل شجيرات ورد جدتي.
في نهاية الفناء ثمَّة صبي قطع أمتعته
الرائعة.
كل الأشياء في هذا المكان معرضة للمجازفة
بسبب الطيور.
هنا، إذا احمر الأفق قليلًا، فإن الخنافس
تعتقدُ أنها في حريق.
لمَّا يكون النهر تبدأ سمكة،
يُشَيِّئُني
يُضفدِعُني
يُشجِّرُنِي.
في المساء، سيعزف عجوز نايَهُ لكي يعاكس اتجاه
غروب الشمس.
فراشات
الفراشات دعتني إليها.
الامتياز الحشريُّ لأن يكون المرء فراشة اجتذبني.
بالتأكيد سيكون لي رأي مختلف عن الإنسان وعن الأشياء.
كنت أتخيلُ أن العالم الذي تراه فراشة سيكون، بالطبع، عالمًا مفتوحًا على القصائد.
من زاوية النظر تلك:
رأيت أن الأشجار أكثر كفاءة في الأسحار من الرجال.
رأيت أن البلشونات تستغلُّ المساءات أكثر من الرجال.
رأيت أن المياه تتمتع بجودة أفضل للسلام منها عند الرجال.
رأيت أن السنونوات تعرفُ عن الأمطار أكثر من العلماء.
بإمكاني بَعْدُ أن أقول أشياء كثيرة استطعت أن أراها من زاوية نظر فراشة.
وهنالك أيضا حتى افتتاني كان أزرق.
العاشقة
كان ثمَّة سورٌ عالٍ بين البيوت.
كان من الصعب أن أبعث إليها رسالة.
لم يكن ثمَّة بريد إلكتروني.
كان الأب وحشا.
كنا نربط رسالة قصيرة إلى حجر
ونمسكها بحبل
ثم نلقيها إلى فناء بيتها.
وإذا كانت العاشقة قد أجابت بالحجر ذاته
كنا نصل إلى مجد الفردوس.
لكن أحيانا كانت الرسالة تلتف بأغصان شجرة الجوافة.
وكان يحدث حينئذ الاحتضار.
في تلك الأوقات البعيدة جدا كان الأمر هكذا.
أعظم ثروة للإنسان
أعظم ثروة للإنسان
عدم كماله
حول هذه النقطة أنا في يسرٍ
الكلمات تتقبلني كما أنا- وأنا لا أقبلُ.
لا أتحملُ أن أكون مجرد رجل يفتح الأبواب،
يسحب الصمامات وينظر إلى الساعة،
يشتري الخبز في الساعة السادسة مساء
يمضي إلى الخارج ويُدوِّنُ بقلم الرصاص
ويرى العنبَ وما إلى ذلك. إلخ.
عفوًا
لكني أحتاجُ أن أكون آخرين.
أفكر أن أجدِّدَ الإنسان باستعمالِ الفراشات.
الحجر
لكوني حجر
يروقني أن أنشر ذاتي على الأرض
التي ترتادها فقط السحالي والفراشات.
بعض الأصداف البحرية تلتجئ إليَّ.
في تشققاتي تنمو الطحالب.
تستعملني الطيور الصغيرة لشحذ مناقيرها.
أحيانًا يعتني بي مالك الحزين خلال النهار.
استمتع بذلك.
ثمَّة ميزات أخرى لأن تكون حجرًا:
أ- أهيجُ صمتَ الحشرات.
ب – يجلدُني ضوء القمر أثناء الخلوات.
ج – أستحم في ندى الصباح.
د – وتُحَيِّينِي الشمسُ أولًا.
الشاعر
سيقولون إنني بالمعنى الدقيق للكلمة غير موجود
وإنني كيان من مقاطع صوتية.
سيقولون إنني لا أملك على الإطلاق أي عمل.
حذرني والدي:
من يبحث عن الجمال ويقضي حياته في الاستماع إلى أصوات الكلمات
لا شيء ولا أحد أو هو زورو.
ذات مساء، لما كنت في سن الثالثة عشرة من عمري
ذهبت لرؤية سلسلة جبال الأنديز
التي تضيع في الجانب الآخر من بوليفيا
فانبثق حينئذ ضوء في داخلي.
كان ذلك أول إشراقٍ فيّ.
ثم كتبت قصيدتي الأولى:
هذا التل المزرعة التي تحيط بالمشهد الطبيعي منغلقة بشكل جيدٍ.
كنت أعرض عملي على أمي.
وكانت أمي تقول لي:
الآن سيتعين عليك أن تتحملَ مسؤولية عدم مسؤوليتك.
وافترضتُ: ها قد دخلتُ عالمَ الصور.
الاثنان
أنا كائنان.
الأولُ ثمرة حُبِّ جواو وأليس.
والثاني هو حرفيّ:
هو ثمرة الطبيعة التي تفكر بالصور،
كما قال بول فاليري.
الأول هنا في ظفر وثياب وقبعة واعتداد بالذات.
والثاني هنا في حروف ومقاطع صوتية واعتداد بالذات وفي جمل.
ونقبل أن تمارسَ حبك فينا.
الكأسُ
صيغة: 1
كان التمساح قرب المستنقع
يتناول جرعة من الشمس.
ذهب الفتى
وألقى حجرا
في عين التمساح.
أطلقَ الحيوان ثلاث زمجرات
وكسر صمت المكان.
وظلت شظايا الصمت متناثرة
على الضفة.
زجاج الشمس لم يصب بأي تصدعٍ.
القدح
الصيغة: 2
كان التمساح قرب المستنقع
يشربُ فنجانا مليئا بالشمس
هو فتى صغير
من ألقى حجرا
في عين التمساح
أطلقت الدابة ثلاث زمجرات
وكسر المكان الصمت.
امتدت فواصل استراحة الصمت
على الضفة
تقطع الشمس لم يصب بأي تشقق..
شحرورٌ في الدياجير
تائها في مستنقعي، أصادفُ أرض خيزران مليئة بالطيور
رجلا كان يدرس النمل ويَبْسُطُ الأحجارَ، قال لي في
العنوان الأخير المعروف:
أنا قلِقٌ فقط بشأن الأشياء عديمة الجدوى
كان لسانه مستودعًا للظلال الملتوية، بأشعار يغطيها
اللبلاب والسواقي التي تنشر أجنحتها فوقنا
كان الرجل متوقفا منذ ألف سنة في ذلك المكان بلا أذنين
والفراشة تموت خضراء في عينها الحجرية الوسخة.
والعلجوم متوازن جدا في الأشجار.
ينام أمام غبار الطلعِ ويزهر في النفايات.
يتحسَّسُ بصلاتٍ بعينيه الذهبيتين.
يأكل بيضاتٍ من ندى. يعلمُ أنَّ القمر
له طعم اليراعة للأقحوان.
دقيقٌ في أحيان كثيرة
يمشي عبر الأرض ويتعلم مغارة ونجوما.
(لِلعلجوم أيامٌ يمشي فيها متناثر الأشتات!)
الذبابُ جدُّ مُسيطرٍ عليه من قبله.
في جلده دمويٌّ هو الصباح.
ينتظر الفراشات الذارعة ممسكًا في سيقان من حجر.
مساؤُه من أنقاضٍ.
وله آثارُ غيرةٍ فاحشة في تعثره.
في المنقار ذكرى سمكة.
من الطين يُوَلِّدُ جذورا ويبتلع خيوط الشمس.
يخضعُ الكائنُ في عظمته على هروبٍ لامتناه.
الناس أبناءُ العبارات!
والكتابة مُعبأة باللحاء وباللؤلؤ.
أواه من جوهرة صرتُ برازًا.
الفرح هو أن تجمع الحلازين من الجدران المجتاحة!
شيء ما ليس له اسم يفسره
مثل الضوء الذي ينمو في ثياب الطائر.
على الأرض، ما بين جذور حشرةٍ، يتوازن الشحرور ويحفرُ.
إنه شحرور أرض عراء.
حتى بجنب بيتٍ، في تعفن الروافد، يمضي
لالتقاط الجداجد السمينة.
بتحريك بقايا الطعام، سيكتسب خبرة في النفايات.
لديه بُعْدٌ خارج عالم الطير!
لربما التفاف شاعر بالصوت.
يؤثر في عذوبة غنائه اللذة التي يستلهمها من كونه
شيئا ضئيلا لا متناهيا من الأرض.
في شقوق الأشياء التافهة يُنقِّبُ عن بذور الشمس.
لتلك الحياة في اليرقات التي تخفق تحت الأشجار يسلم الشحرور ذاته.
هنا تنفتح تويجات الضفادع!
هنا تضيع التحليقات.
صوته الصغير يتبلل بزخارف ضئيلة.
غناؤه هو الشمس ذاتها تُعزَفُ على الناي!
تُستعملُ ملجأ للتدفقات.
من الوهدة يضع له الضفدع عصابة على العينين.
ذلك الكائنُ يبني الحماس.
إنه كثيفٌ ومغردٌ: مثل الذي يرى الحواشي الخضراء للساعات.
غير قابل للعبور وحارق ما لا يقوله الشحرور.
وله كثافة الحب.
يخلق الأرض
من البحر
والأرض تخلقُ لأجل البحر
الأرض
تخلقُ مع البحر
الأرض تلد الشجرة
تلد الطائر
تلدُ
الضفدع – الأرض
تلد مع الضفدع
من الضفادع تلدُ
ومن الطير
تلدُ الأرض
من البحر.
الأرض تمتدُّ في الإنسان
في العين
من الطائر
تمتدُّ في سيقان
السحلية (1)
وفي الحجر.
يولد الإنسان
في الحجر
رشيق لقوام
رشاقة
يغادر من السحلية
ولا يبلغ إلى طائر.
رشاقة
أن تناسب بين الضفدعة
والحلزون (2)
رشاقة
أن ينتفي في الفراشة
ويتمدَّد
حتى الشجرة
رشاقة
أن يتمدد
حتى الإنسان.
يزحف الإنسانُ
مثل شجرة
الإنسانُ ينزلق
مثل الحلزون
عبر نباتاتِ
الجدار
يزحف الإنسانُ
مثل محارة
عبر جدران
البحر
الإنسانُ (3)
يتم تجميعه بين
شظايا المحارات
رسوم أطيار
صمَّاء
يلتهمُهَا البحرُ
الإنسان
ينغرسُ مثل شجرة
في حَجَر
البحر
الهوامش
1 – السحلية: السحلية /يمكن العثور عليها في الأمكنة المغمورة / وفي السهول الجافة /في شركات توصية / في محافر الترسبات الأركيولوجية: جنب الشواطئ بلا مالك دارس/ قواقع ميتة؛/ في المسيرات لصالح الأسرة والوطن/ و/ حسبما ترويه الحكاية/ أحد تلك الحيوانات تحسسها عبد خالقه أيوب/ فوق أكوام من الأحجار/ عندما كشط هذا الأخير بقطعة من البلاط/ العفن الذي وهبه إياه الرَّبُّ./ السحلية / جد شائعة أيضًا / في المناطق المنحطة/ تزحف على جدران البحر مثل المحارة/ و ثمرتها البليلة/ يبدو أن السحلية الحامل تتولى وظائف حجر جاف/ مع مرور سبتمبر/ و/ عند إحساسها بدقة الظلال لإزالة الطحالب/ تضطجع على صخرة رطبة/ وهنالك تبيض/ من يعرف ماذا/ يمكن حتى رؤية السحلية/ وهي تأخذ حمام شمس/ على الشواطئ/ بعينيه الصغيرتين الثابتتين/ وهي تمضغ زهرة …
2 – الحلزون: ما هو الحلزون؟ الحلزون هو:/الذي يتأمل/ بجيوب مليئة بسلاسل نحاسية تزعقُ/ مقابض الأبواب الغراموفون/إلخ. / الحلزون هو أن يكون المرء:/ محبا للانزلاق/ وللنوم في الأحجار. هو:/ أن يعرف المرء الأرض لأنه رأى بزاقة/ في الجدار/ ولمتابعته لها يوما كاملا وهي تزحف / فوق الحجر/ ذيلها الصغير البليل/ والبائل. / وللحلزون أخرى:/هي داخل البيت يستهلك الكتب والدفاتر و/ أن يبقى واقفا أمام شيء ما/ حتى يكونها/ سيكون إنسانا بعد أن اجتازته رياح وأنهار موحلة/ يستريح على الرمال للبكاء على فراغه. /وسيكون أيضًا:/أن يفهم المسير السلس للديدان تحت الأرض/ والاستماع مثل الجداجد/ عبر السيقان./الناس الذين يعرفون الأرض بالأفواه، طريقتهم في البحث عن ذاتهم، أنهم يتحركون مثل الحلازين! /الحلزون أخيرًا:/ له أم من ماء/ وجدة من نار/ والطائر فيها سوف يتسخ./ سيسحب وحشا حتى غرفته/ سوف يرتدي قبعات ذوات كعوبٍ عالية/ ويجب أن يكون روثًا لها على نفقته!
3 – إنسانُنا: … مثل أكاكي أكاكييفيتش، الذي لم يكن يحبُّ إلا رداءه، هو، حجر، ينحتُ عفته! يعرف غناء البحر المتهيج للطيور، الحمى التي تشتعل في فم المحارة وعلامة السحلية على الرمال. ذلك الإنسان هو كاراموغو.