في أيامي البعيدة الطويلة
تحت شمس الليل
رأيت الصبايا قبيحات
كعجينة يابسة !
رأيت ذبابة تهبط من العلا
إلى جيب عانس كالصبار
طردها رجال سكارى
من البيت القديم !
رأيت بغايا العصور
المرفهات كعنكبوت
يسقطن صريعات زمن
ببهرجة خبر في صحيفة عابرة
دونما تعليق عن العشاق
الذين فتنوا
بسحر لا يقاوم
وقلوب رماد !
كنت في صفوف الذين مضوا
دونما عزاء
غير نحيب النسيان الباهت !
انا رأيت ..
لكنا كنا هناك
وكان وحده بمحجرين فارغين
يضم الى القلب الزجاج
رخام الامل
قيثارة في ليل بهيم
صراخه المدوي
كدموع تمساح عفن وشائخ
لا يستجلب شفقة
ولا يهتم بها !
انا رأيت كل شيء ولم أنح
لقد مضى اوان ذلك
والسوق امتلأ بالعابرين !
هذه الليلة لا مطر
حان وقت الرحيل …
وحين يشد رجل البنايات
ذراعيه متصالبتين الى صدره
وبعد صلاة قصيرة
يهوي من حالق
يتجمع السائرون ليصفقوا :
(مات رجل المرتفع الذي هوى من حالق ) !
ينهض الموتى من آخر الشارع القديم
هناك لا حشرجة سعال
لا شتائم فاحشة
لا ذكريات موهوبين
الكل يسّاقط بينما الموتى حاصروا المدن !
– اعطني زوجتي ..
واعطيك رصاصة ،
استأجر رجل البوليس عليك
ولا افتح بابي للعواصف !
السعال يهزني
هذا وقت لضجر العوانس !
انه الجليد يغلفنا حين ننظر الى شيء
ويمسح عن مرايانا كل اهتمام !
هم يصطفون كاليتامى
هذه حبة لخمد الرغبات
أخرى للنوم المستطيل
للتعجل في اغلاق البوابات !
…………
…………
المهاجر العجوز
امضى مكتئبا ليلة الميلاد
وارب بابه العتيق
عن ضجة قط سمين
ونام ……………..
l جندي الجنوب
الى :
مروان عيدان .. بالتأكيد !
( آه وكأنني من بعيد رأيت موتك ) !
لكل مساء عذب ورائق
أسراب صبايا واجمات
وحفيف ريح !
كنت وحدي حين
دخل ، جندي الجنوب ،
ولم يكن احد !
انتظروه طويلا
قرب البحيرة
لكن احداً لم يأت !
اثنان وعشرون رجلا
مسربلين بالصدأ
وبلا عرائس استيقظوا في الغابة !
جندي الجنوب كان هنا
حين ذبحوا الاميرة
لكنه لم يرفع يدا !
أشبح هذا الذي أراه ؟
جاء من بعيد
من مقبرة قريبة !
لم نزفّ له عروسا
ولم يكن يطلب هذا
فقط : أغمض عينيه ونام !
الام المترهلة والعبوس
قرعت في برج الكنيسة
ناقوس نحيب !
لا ادري ما اقول
لكنا صرنا رخاما
حين تحلقنا حول تابوت !
الصغير غرس وردة
في شعر شعث
(أردوه في ظهيرة مارس ) !
الخطيبة الفضية
انحنت على الماء
بكت والخنجر يهمي !
أيّة زنابق
أيّة اجراس كانت تقرع
عندما مات : جندي الجنوب ؟!
باســل عبد اللـه
شاعر من العراق