لبيد العامري
الشمس تمدُّ راحتها
الدافئة
تدلّك رأس الغريب..
علّها كانت تعزّيه
على عمرٍ انقضى
في لمّ قراطيس القوت
من شوارع طويلة
تصافح المدى
هناك حيث تسطع
وجوه أبنائه
مثل أقمار مضيئة ..
الشمس ليست
بالشديدة اليوم
والمارّة يعبرون
مطأطئين رؤوسهم
وحده كان يرمق
الأفق
بعد التقاطة
كلّ كيس نفاية..
العاصفة
العاصفة حين تهب
لا تستثني أحدا
تسير في ثمالة المسعور
هي الهوجاء التي تطوح
بمن تصادفه
كصاعقة أو أحصنة في سباق
لأن يد القدر العشواء
هي من تحركها..
تسامر الليل
والوحدة تتمطى قربك
في الفراش
صراخ، تسمعه وحدك،
يعوي كذئب
راجّاً فيافي الأعماق..
………….
هي العاصفة..
– الحزن يبتلع الفرح
كما تمتص أضواء المدن
بريق النجوم البعيدة
هي هكذا الحياة يا صديقي
لا يجتمع فيها النقيضان في آن..
لكن مالي أراك غير الخليقة؟
– لأنها العاصفة..
العاصفة التي تأبطتها
ذات ليل قديم..
كأس الثمالة
هذا العالم مقلوب
ومبدد
ولكي تراه بجلاء
على حقيقته
تجرع كأس الثمالة
حتى القاع..
ومثلما يقول بودلير:
” اسكروا بالخمر أو بالشعر
أو بالفضيلة
بحسب ما تهوون
لكن لابد أن تسكروا
دائما، ودون هوادة
تلك هي الخلاصة ”
بلدة مخمرة
في بلدة مسقط
من شاهق
أتأمل الشمس
وهي تمسح
بأيديها الدافئة
على رؤوس الجبال
والبيوت والشجر
في حين يخبرني
صديقي أن الشِّعر
تجارة خاسرة..
الطريق إلى
مسكب العنب
ليس بالبعيد
ومسقط مثل
جوهرة معلقة
على مرأى العين..
عند العودة
كانت الشمس
ملكة تنثر الذهب
على صدر المدى
فيما مسقط
قصيدة مخمرة
تجري في العروق..
استفاقة
في ليل نزوى الجبلي
استفاقت الأحلام والرؤى
من سباتها العميق..
وأنا أرنو إلى القمر القريب
تمنيت لو أحيله بيدي
إلى خبزةٍ دافئة
تُبلسم معدات
انكمشت على نفسها
من فرط الخواء..
وعرقي الذّارف
عند كتابة قصيدة ما
تمنيت أن يغدو راحّا
يؤنس ليل الضياعا
والمحزونين..
هو ذا أنا تحتكِ
أيتها السماء العظيمة
مثل ذرة غبار متمردة
عيناي مكحلتان بالسهد
واللحظات القاسية
وروحي مرعىً لأيائل متقافزة
أبحلق في ارتقاء غيمة
تدلك رأس الجبل البعيد
وكأنها الأمل حين يخدر
عقل الخليقة..
كنف العتمة
أرق وضجر
يلهوان بك
في مسرح الليل.
فتحت النافذة
ثمة هواء بارد
مشرب برائحة
الأيام الخوالي..
أخذت الفراش
وتوجهت به
تحت الشجرة.
آه ما أوفاكِ أيتها الطبيعة
رغم مكيدة الإسفلت
فأنتِ لا زلتِ
متأهبة دائما لاحتضان
كل من يميل طرفه تجاهك..
ثمة أعشاب عجائبية
وفريدة هنا
يا جان جاك روسو
تغري العين
لتفحّصها واكتناهها..
نمت
فمسدت على
ظهر أحلامي
موسيقى سُوَيْر الليل
استيقظت
في الهزيع الأخير.
ضباب يجتاح الفضاء
والمخيلة..
أتفرس فيك
أيها الضباب الكثيف
والملغز كمتاهة
منتصبا في وجهك
دون وجل
كما فزاعة على
موعد مع العاصفة
علَّ وهلةً
تسطع من أحشائك،
مثل برق،
الحقيقة المشتهاة..