سمية اليعقوبي
يتشكل المناخ الاقتصادي للصناعات الإعلامية في سلطنة عمان من الشركات والمشاريع المحلية القائمة على دعم الأفراد، إضافة لاستثمار الحكومة في الوسائل الإعلامية التي تحظى بتمويلها إما عن طريق ملكيتها أو من خلال الإعلان الحكومي أو الدعم المالي المباشر في بعض الحالات، ويمثل هذا الأمر أفقًا ضيقًا لما يمكن للاستثمار في الصناعات الإعلامية تقديمه لاقتصاد الدولة والأفراد. وعلى هذا الأساس، يفرض التساؤل في عمان حول مبررات التأخر في تشكيل بيئة استثمارية واسعة وجاذبة للصناعات الإعلامية الجديدة وفق بنى تشريعية واقتصادية وعلمية واجتماعية، تسمح بأن يشكل الإعلام وصناعاته -لاسيما الرقمية منها- موردًا اقتصاديًا هامًا، ومصدرًا للدخل وتعددية فرص الأعمال المتاحة للسلطنة.
تقدم هذه الدراسة قراءة في الاستثمار في الصناعات الإعلامية من خلال الحديث عن مكونات هذا الاستثمار، والأطراف الفاعلة فيه، كما توضح مستوى علاقات التأثير والتأثر التي تربط هذه الأطراف بالصناعات الإعلامية؛ إذ غالبا ما توجه الحكومات والشركات الإعلامية المحلية وتلك الخارجية ومشغلو خدمات الاتصالات والمستهلكون مسار الاستثمار الإعلامي. ويساهم كل طرف من هذه الأطراف في تعزيز انفتاح السوق، وتطوير البنية التحتية للاستثمار، وتوسيع حجم الفرص القائمة والمرتقبة، والممارسات الاقتصادية الناجحة، والاستهلاك في السوق الإعلامي. ومن الضرورة لتعزيز البيئة الاستثمارية الإعلامية الوقوف على التحديات التشريعية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بالصناعة الإعلامية أيضًا، وذلك من خلال القوانين والتشريعات المنظمة للعمل الرقمي، ومدى ملاءمة البنى التحتية والتكنولوجية اللازمة للتحول الرقمي، وخلق الفرص الاقتصادية لعمل وسائل الإعلام ضمن المشاريع الاقتصادية الكبرى، إضافة لطبيعة النمو الاقتصادي لوسائل الإعلام، وأخيرا العلاقة بين السوق الإعلامي الحر والمفتوح والمعايير الاجتماعية السائدة.
ومن الجدير بالذكر أن المؤشرات الاقتصادية والرؤى المستقبلية التي قدمتها كبرى شركات التحليل الاقتصادي في المنطقة العربية والعالم قد ساهمت بصورة كبيرة في تقديم النظرة الواقعية والمستقبلية للاستثمار الإعلامي في المنطقة العربية والعالم بينها سلطنة عمان؛ لذا لا تستغني هذه الدراسة عن تلكم المؤشرات كدليل واضح على حالة الاستثمار في السلطنة بناء على المعطيات الإقليمية والعربية.
نمو الاقتصاد الرقمي في قطاع الإعلام والمنافع المتوقعة
يعبر الاقتصاد الرقمي عن مجموعة متكاملة من المشاريع والعلاقات والتسهيلات التجارية المبنية على أساس رقمي، والهادفة لتمكين وسائل الإعلام من أداء أدوارها، وتقديم رسالتها، بصرف النظر عن طبيعتها الرقمية بالكامل، أو تلك التقليدية الرامية نحو التطور الرقمي. ويمكن النظر لمصادر الإعلام التقليدية مثل المحطات الإذاعية والتلفزيونية، والصحف الطامحة نحو التحول الرقمي، على أنها نماذج أولية للاستثمار في الاقتصاد الرقمي العالمي، بيد أن الوسائط الرقمية التي يتم تقديمها عبر الانترنت هي النموذج الأمثل لهذا الاقتصاد، ويشمل ذلك النشر الإلكتروني في المنصات والشبكات الاجتماعية والبودكاست وألعاب الفيديو والمدونات وأنظمة البث المباشر على الانترنت وغيرها1.
لقد أدت الأدوات التكنولوجية الجديدة وما يقع خلفها من تقنيات وأجهزة رافقت تطور وسائل الإعلام، إلى أن يُنظر أخيرا إلى الصناعة الإعلامية من منظور ربحي يتوافق مع التطلعات العالمية بشأن فتح الأسواق، والتدفق اللامحدود للمعلومات، وبالتالي التأثير في أنماط الاستهلاك المختلفة لوسائل الإعلام وتكنولوجياتها. إن السنوات العشر الماضية كانت أكبر شاهد على تدفق كبير للمنتجات الرقمية الإعلامية في السوق العالمية، وانفتاح السوق الرقمي العالمي على أسواق وثقافات جديدة، رغم كل الفجوات الاقتصادية والثقافية والمعرفية ذات الصلة بالرقمنة والتحول نحوها والتي يواجهها العالم المعاصر2.
تشير الإحصائيات3 إلى نمو بمعدل (1-1.5) تريليون دولار في القيمة السوقية4 للصناعات الإعلامية الرقمية لكل عام، ففي العام 2020، نمت القيمة السوقية لهذه الصناعات لتصل إلى تريليوني دولار مقارنة بحوالي 1.8 تريليون دولار في عام 2016، واستمرت في النمو لتصل إلى حوالي 2.3 تريليون دولار في عام 2022، حيث من المتوقع أن تبلغ ما يقارب 5 تريليونات دولار بحلول عام 2029.
وشهدت الأعوام من 2017 وحتى 2019 نموًا كبيرًا في حجم أرباح الصناعات الترفيهية والإعلام5 في عدد من الدول الأوروبية. في عام 2019م مثلا، ارتفع إنتاج وسائل الإعلام في المملكة المتحدة ليصل للمرتبة الأولى أوروبيا بواقع 76 مليون يورو في العام، بينما ارتفع إنتاج أيرلندا للإعلام والترفيه بنسبة 13.4٪ في عام 2019 مقارنة بالعام الذي سبقه ليصل إلى حوالي 39 مليون يورو. وتسيدت قطاعات الاقتصاد الرقمي للإعلام ممثلة في: ألعاب الفيديو، ومنصات البث، والموسيقى، والنشر، والتلفزيون، والشبكات الاجتماعية، والإعلانات الرقمية القطاعات الأكثر جذبا للاستثمار في هذه البلدان6. أما في الولايات المتحدة، فلا يزال قطاعا الإعلان والمنصات الاجتماعية الأكثر قيمة في الصناعات الإعلامية، وخلال الأعوام من 2011 وحتى 2021 ارتفعت القيمة السوقية لقطاعات الإعلام من 496 بليون دولار إلى 720 بليون دولار وحلت صناعات: الإعلانات المدفوعة على الانترنت، وخدمات الوسائط الرقمية، ومنصات البث المدفوعة، والمنصات الاجتماعية في المراتب الأولى من حيث القيمة السوقية7.
هذه الاحصائيات تبدو متقاربة مع المنطقة العربية أيضا، فلقد قدرت إحصائيات خاصة بالتوقعات العالمية لقطاع الترفيه والإعلام8 للأعوام 2020- 2024 نمو الإيرادات الرقمية عالميًا في عام 2020 لتشكل أكثر من نصف إجمالي عائدات الترفيه والإعلام، بينما تشير مؤشرات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن نسبة الإيرادات الرقمية للمنطقة تجاوزت 42٪ ، ومن المتوقع أن تنمو إلى 46٪ بحلول عام 2024. وتوضح التوقعات أن جائحة كورونا التي فرضت تراجعًا ملحوظًا في بعض جوانب الصناعة الإعلامية في المنطقة العربية مثل قطاعات النشر الورقي والتلفزيون والإذاعة؛ فتحت في المقابل المجال لنمو كبير في الاستثمار الرقمي في وسائل الإعلام لا سيما في منصات البث المدفوعة (مثل منصتي شاهد السعودية ونتفليكس وتلفزيون أبل العالميين) والتي ارتفعت نسب استهلاكها في هذه المنطقة لتصل إلى 50% خلال العامين السابقين 2020-2021م.
إشكاليات قياس وتأطير الظاهرة الاقتصادية لوسائل الإعلام
تبدو خارطة الصناعات الإعلامية سهلة الوصول وواضحة المعالم، لا سيما في ظل تسيد الشبكات الاجتماعية ممارسة ومحتوى، وتعزيز اقتصاديات الإعلام العالمي ونمو الحصة السوقية لأكبر مزودي تلك المنصات، مع ذلك ظلت قضية اقتصاديات وسائل الإعلام والمضي بها نحو بنى استثمارية متعددة هاجس الكثير من الاقتصاديين، عوضا عن كونها مدخلا نظريًا هامًا في الدراسات الاتصالية، لا سيما في ظل شيوع الممارسات الإعلامية في قطاعات الأعمال والتجارة الدولية بصورة تتجاوز التوقعات. وعلى الرغم من أن ذلك كان ليحرك آمالًا كبيرة لصالح فهم وتحليل الظاهرة الاقتصادية لوسائل الإعلام، ثم إيجاد الحلول لمختلف التحديات المالية والاقتصادية التي تواجهها، إلا أنه لم يضف سوى مزيد من الغموض والالتباس في تحليل هذه الظاهرة رغم كل ما تمر به من تطورات متسارعة، إذ غالبا ما ستوصف المحاولات الأولى للتعبير عن هذه الظاهرة بمعزل عن المؤثرات الثقافية السائدة في ممارسات وسائل الإعلام.
بطبيعة الحال لا يمكن في الوقت الحالي عزل النشاطات التجارية عن الممارسات الرقمية كما لا يمكن بالضرورة عزل الإنتاج الإعلامي العالمي وسوق هذه المنتجات بعيدا عن عوالمها الرقمية المتعددة. يعكس هذا الأمر رؤيةً عامةً لما يمكن للاقتصاد الرقمي تأديته لقطاعات مختلفة في العمل الإعلامي بصرف النظر عن الطريقة التي تعكس بها بيئات الأعمال نشاطاتها الصحفية والمهنية. وبطريقة مبسطة، فإن الكثير من الممارسين الفاعلين في الاقتصاد الرقمي الإعلامي العالمي قد لا يدركون موضعهم في هذا الاقتصاد، وقيمتهم الفاعلة في تطويره، وإسهامهم المالي والمعنوي في نموه، لأنهم لا يعدون أنشطتهم على أرض الواقع جزءا من منظومة اقتصادية وطنية -عوضًا عن كونها عالمية- نظرا لعوامل ثقافية واجتماعية وإدارية بالغة التعقيد. يحاول الباحث المختص في الدراسات الاقتصادية لوسائل الإعلام آفارا كير9 Aphra Kerr في مقالة افتتاحية لمجلة الصناعات الإعلامية Media Industries الوصول لإجابات حول أسباب الاعتداد بالصناعة الإعلامية صناعة اقتصادية وإضافة الشرعية لها بالنظر لشبكات الإنتاج العالمية، حيث يقول:
«أفكر في الكيفية التي يقدم بها الإنتاج الاجتماعي للفضاء الإعلامي نهجًا نظريًا مفيدًا لدراسة ممارسات الإنتاج الإعلامي الدولي المعاصر. لننظر مثلا إلى العوامل التي تشكل مكانية الألعاب الرقمية: إنها صناعة ناشئة تكافح لإضفاء الشرعية على وضعها الثقافي وبناء شبكات إنتاج دولية؛ وهناك بالمقابل صناعة ثقافية راسخة مرتبطة بالسياسات الثقافية الوطنية وشبكات الإنتاج. يتيح لنا هذا الأمر حول صناعة الإعلام التفكير في التدفقات الدولية (للأفكار والمنتجات والخدمات والعاملين والمال) والممارسات (السياسة والتنظيم والمؤسسات والأسواق والتكنولوجيا والمحتوى) التي تحاول التقاط هذه التدفقات في أماكن معينة ووفق أطر جغرافية وثقافية خاصة وتحويلها لصناعة محددة». وبذلك تتأثر أيضا مستويات رصد وقياس التأثيرات العميقة للاقتصاد الرقمي الإعلامي، إذ توضح افتتاحية هارفارد بيزنس ريفيو10 Harvard Business Review أن «الاستهلاك الرقمي Digital Media Consuming « له حصة كبيرة ومتنامية في المعاملات التجارية العالمية لكن نادرا ما كان يتم ربطه بالناتج الإجمالي المحلي «Typically Contributes Zero to GDP».
ولهذا السبب، ينبغي الإشارة إلى أن كل ممارسة علمية ومعرفية لتحليل الظاهرة الاقتصادية لوسائل الإعلام ستكون لها قيمتها الحالية أو المستقبلية في الوقت الذي ستظل فيه ظاهرة اقتصاديات الإعلام والصناعات الإبداعية المتصلة بها حديثا علميًا ومهنيا بالغ الأهمية مع هذا التسارع الرقمي العالمي الواسع والشامل.
بنية المنتجات الإعلامية في سلطنة عُمان:
تأسست التطلعات السياسية والاقتصادية لصناعة المنتجات الإعلامية في سلطنة عمان على النظر لأدوار وسائل الإعلام من منظور (الاقتصاد السياسي) وذلك وفق المكونات الآتية:
الأول (المنتجات الإعلامية كمكون للاقتصاد السياسي): ككثير من الدول العربية11 ترتهن المنتجات الإعلامية للمتطلبات السياسية وإرادة النظام السياسي القائم في عُمان. يتصل ذلك بالنظر للضخ المعلوماتي والاتجاهي على أساس سياسي يقوم على حماية مصالح النظام القائم، وتفعيل سلطته، وإنجاح مشاريعه وخطط عمله. تتضح تطلعات علاقة النظام السياسي في سلطنة عمان بالقيمة الانتاجية وفق جوانب عدة بينها (التأسيس الحكومي للعمل الإعلامي والصحفي المتصل بالإذاعة والتلفزيون، وتأسيس منظومة القوانين منذ منتصف الثمانينيات التي تسبق بعض وسائل الإعلام المحلية زمنيًا).
الثاني (المنتجات الإعلامية بوصفها مكونًا ثقافيًا): يرى في المنتجات الإعلامية أساسا لدعم التنمية الشاملة في البلاد. بدت التنمية محركا أساسيا لعمل وسائل الإعلام وأساسا لفهم الرسالة الإعلامية المقدمة وما يقع خلف ذلك من منتجات إعلامية12. وعلى هذا الأساس حققت الدولة أهدافها الرامية للتأكيد على قيمة وسائل الإعلام في دعم توجهات الحكومة ونشاطاتها، وتوجيه رسالتها للمواطن والمقيم بما يخدم هذه التوجهات والاتجاهات. يشير مصطلح (التنمية) إلى قيمة ثقافية في المنتج الإعلامي ويصرف بذلك النظر عن أهمية تحويله إلى عناصر اقتصادية فاعلة. ولا ينظر للدور الثقافي هنا كأداة لتحقيق تطور الفكر الإنساني والتفاعل الثقافي وغرس الاتجاهات، بل أن الطرف الإعلامي في هذه العملية الانتاجية يراد به تنمية مؤسسات الدولة والمجتمع والمؤسسات الأخرى13 الفاعلة وما يعكس ذلك من روابط وطنية أخرى بينها الهوية العمانية، والمواطنة وإبراز النماذج الإيجابية في الأحداث والتغطيات الإعلامية بصرف النظر عن توجهه الربحي واتجاهات الاستعمال العالمي لوسائل الإعلام بيد أنه لا يمكن إغفال قيمة هذا البعد في تأسيس الأهداف الأولية للنهضة العمانية لا سيما في حاجتها الملحة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي وبناء الإنسان وذلك اتفاقا مع خطابات السلطان الراحل قابوس بن سعيد المنسجمة مع الأدوار التنموية لوسائل الإعلام. مع ذلك بقي الاستناد إلى القيمة التنموية في شكلها الثقافي أساسا لعمل وسائل الإعلام في سلطنة عمان، وصاحب ذلك المنظومات التشريعية والقانونية والإدارية التي تعكس تطلعات الدولة إزاء عمل وسائل الإعلام، ورغبتها في أن تعكس أنشطة وسائل الإعلام هذا الدور وبالتالي تمكين ما ينظمه إداريا وقانونيا بصرف النظر عن قيمتها الاقتصادية وحركة تطورها في السوق العالمي المفتوح.
ويمكن التوصل إلى الدور الثقافي للمنتجات الثقافية الإعلامية المحلية بصورة أكبر عندما يتعلق الأمر بتغطية الأحداث الداخلية التي تقع ضمن أجندة عمل الحكومة مثل تتبع جهود وأنشطة المؤسسات الحكومية، وأحداث انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية حيث تؤدي وسائل الإعلام دورا مهما في تتبع مسارات العمل المؤسساتي وأداء الحكومة في تلك الانتخابات وتتراجع بذلك أدوارها في تتبع التنافس بين المترشحين والتيارات الفكرية والاقتصادية التي تعكس فوز المترشحين أو خسارتهم في هذا الحدث.
الثالث (المكون الديني والهوياتي للمنتجات الإعلامية): يرى في المنتجات الإعلامية أساسا للهوية الشاملة للبلاد المتمثلة في الدين الإسلامي والهوية العربية والوطنية وما يصاحب ذلك من أسس ومبادئ أساسا لطبيعة أنشطة المؤسسات الإعلامية وبالتالي لشيوع منتجاتها في السوق.
الرابع (المكون الذاتي للاستخدامات الرقمية): المنطلق من الاستغلال الرقمي المباشر من جانب الأفراد لشبكات التواصل الاجتماعي وتطويرها ضمن مشاريع تجارية ترتبط بالترفيه وصناعة المحتوى.
ومن المهم الاستناد على المكونات السابقة لبنية المنتجات الإعلامية في إظهار علاقات التأثير والتأثر التي تربط تلكم المكونات بالنظام الاستثماري للمنتجات الإعلامية بما يسمح بالتفكير في صيرورة تطور المنتجات الإعلامية في السلطنة، ومآلات أيما مشروع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي لتطوير منظومة الاستثمار في الصناعات الإعلامية من جهة أخرى. إن النظر للمكونات السابقة ليس بوصفها تأثيرات ماثلة في المنتج اليومي في وسائل الإعلام المؤسساتية والمحتوى الذي ينتجه الأفراد UGC فحسب بل بالآلية التي تنفذ من خلالها المشروعات الإعلامية، ومكانتها في المنظومة الاقتصادية، والآليات والضوابط التشريعية والقانونية التي تقوم عليها البيئات الصحفية والإعلامية وبالتالي الإجابة على التساؤل المستمر والمتكرر (ما واقع نظام الاستثمار في المنتجات الإعلامية ومآلاته في السلطنة؟).
من خلال الاطلاع على مجموعة من الدراسات الصحفية والإعلامية14 فإن من الممكن التوصل لمقاربة تقودنا لتحليل النظم القانونية والمؤسساتية المهيمنة على صناعة الإعلام إضافة لتحديد تأثيرات الاقتصاد على فرص الاستثمار الداخلي كما يوضحه الجدول**:
في الجدول أعلاه يمكن ملاحظة أن الدور المؤسسي المهيمن على مستوى الدولة أو مؤسسات الحكومة التنفيذية يبدو مهيمنًا على مناخات وبنى الاستثمار في الصناعات الإعلامية في سلطنة عمان. تفرض الحكومة طبيعة النظام السياسي والاقتصادي القائم وتوفر بذلك منظومة البنى التحتية، والسياسات التصنيعية القائمة تحدد ما على الوسائل الإعلامية تقديمه وفق هذه المنظومة. ووفق هذا الاعتبار، تضفي شرعيتها على تحديد نمط الإنتاج الإعلامي ومستوى التملك الحر لوسائل الإعلام، والاتجاهات نحو التحول الرقمي لهذه الوسائل.
وكنموذج آخر، تؤدي المؤسسات التنفيذية الحكومية المختصة في قطاعات الصناعات الإعلامية دورا مهما في تحديد سلطة الإجراءات الإدارية والتنفيذية على الصناعات الإعلامية المختلفة وهي التي تقدم مشروعات القوانين لاعتمادها بما فيها القوانين والإجراءات التي تضبط معايير النشر الإعلامي وبالتالي يحدد ذلك أساليب الانفتاح في الممارسة التجارية لهذه الصناعات الإعلامية، ومستوى انفتاح السوق الإعلامي، وقدرة القائمين على الصناعات الإعلامية على نشر المحتوى المتعدد وفق احتياجات الجمهور والمنافسة التجارية القائمة.
وبتلك المؤثرات السابقة التي تضيفها الحكومة ومؤسساتها التنفيذية تتأثر منظومة منظمي الاتصالات ومشغليها، فتنعكس على قدرة المنظمين على تحديد أولويات الحكومة إزاء العملية الاتصالية، ومستوى التوسع في البنية التحتية الاتصالية، ومستوى السهولة في الدخول لشبكات الانترنت وتعزيز التقنيات المستحدثة رقميًا والمعززة بصفة أولية للصناعات الإعلامية. ويتأثر الاستثمار القادم من الخارج إما على هيئة مستثمرين إقليميين أو شركات عالمية بكل هذه المدخلات التي يضفيها الفاعلون على البيئة الاستثمارية للصناعات الإعلامية، فالمستثمرون يتتبعون الفرص الاستثمارية الواعدة في بلدان مختلفة، ويقدمون على الاستثمار بناء على المؤشرات والفرص الممنوحة لهم من داخل البلد بما يعزز انفتاح السوق المحلي على الأسواق العالمية وإمكانية الدخول السهل للخدمات والتقنيات الجديدة إضافة إلى سهولة تدشين المقار الإقليمية للشركات العالمية في هذا البلد وفق نظم رحبة وإجراءات حكومية يسيرة.
الفاعلون الجدد
شكلت البيئة الرقمية الجديدة لوسائل الإعلام تحولًا هامًا في طبيعة المنتجات الإعلامية، واعتمادا على ما يقدمه الأفراد عبر المنصات الرقمية الجديدة -بينها شبكات التواصل الاجتماعي- باتت التأثيرات الرقمية على هذه الصناعات بمثابة فاعل جديد في إنجاح استثمار الصناعات الإعلامية. ويتصل الفاعلون الجدد بمجمل التسهيلات والأدوات الرقمية المشاعة عبر الويب والتي تمكن من:
تقنين وصول الصناعة الإعلامية ومنتجاتها للفئات المستهدفة.
تعزيز ملاءمة الصناعة الإعلامية لجمهور محدد.
كبح انتشار صناعة إعلامية محددة.
ومن الأمثلة الراهنة على الفاعلين الجدد بمزودي المواد الإعلامية السريعة (News Feeds)، ومحركات البحث (Search Engines)، والخوارزميات على المواقع والمنصات الاجتماعية (Algorithms )، ومنصات البث والمستضيفين مثل (Apple Podcast , Apple TV ) وغيرها. على سبيل المثال، يمثل الفاعلون الجدد مثل الخوارزميات التي تحدد ما يقدم عبر المنصات الاجتماعية النموذج الجديد لحراسة البوابة، وبفضلها يمكن الوصول لمحتوى محدد وفق تقنيات معقدة قد يكون بينها اعتبارات السوق العالمية، أو عزل محتوى آخر من الوصول للمستهلكين بفضل عدم خضوعه لأولويات المنصة أو اتجاهات البحث بين المستهلكين مع ذلك فإنه في أكثر الحالات لا يمكن اكتشاف الآثار السيئة للخوارزميات على المحتوى والصناعة الإعلامية بصورة عامة15.
يعكس الفاعلون الجدد عالمًا موازيًا للدور التقليدي للسلطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أثرت على مدار طويل على الصناعة الإعلامية، فسلطة الفاعلين الجدد على المحتوى باتت بمستوى من الهيمنة والاتساع لتصل للجميع وتتخطى بذلك الحدود الجغرافية، والقيود المحلية للوصول للمحتوى، وتضع الصناعة الإعلامية في تحدٍ أكبر إزاء قدرتها على جذب المستهلكين وتعزيز أفق نشاطاتها في أسواق متعددة. في الوقت نفسه طرحت سلطة الفاعلين الجدد تساؤلات كثيرة حول فرص المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل هذا التسيد الكبير للمنصات العالمية العابرة للقارات، والأطر الأخلاقية لتحقيق الصناعة بمعزل عن المؤثرات القيمية والسلوكية المتزايدة يومًا بعد يوم، والقدرات التكنولوجية لمجابهة أثر الفاعلين الرقميين الجدد الذين لا يملكون سلطة التدخل البشري في كثير من مراحل عملهم وتأثيرهم. مع ذلك، وفي ظل اتساع التطلعات الرقمية نحو صناعة الإعلام والتي باتت مثار اهتمام أجيال الشباب في السلطنة لا سيما من خريجي المؤسسات الأكاديمية الذين يجدون في برامج التواصل الاجتماعي، واستخدام الكاميرات فائقة الجودة، نقل المحتوى الإبداعي المصور والمسموع عبر مختلف المنصات وسيلة أساسية للربح التجاري، والتعبير عن ذواتهم وتطلعاتهم يمكن النظر للفاعلين الجدد كوسيلة ثانوية في مستوى الصناعة الإعلامية في السلطنة حتى وقت قريب لا سيما مع هيمنة تأثير الفاعلين التقليديين (المؤثرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية) على بنية الصناعات الإعلامية وممارستها في السلطنة.
البنية الرقمية تعزز من استثمار الحكومة في الصناعات الإعلامية:
ساهمت البنية الرقمية الجديدة لوسائل الإعلام في لفت الأنظار نحو قيمة الاستثمار الحكومي لهذا القطاع أكثر من السابق. يعود ذلك إلى مسببين لطالما أثرا في صدارة المنتجات الرقمية:
انخفاض الكلفة التشغيلية للمنتجات الرقمية ما يعني قدرة التوسع في المشاريع المتصلة بها.
توسع نطاق المستفيدين والفاعلين في خارطة المنتجات الرقمية الجديدة ما يجعل التحكم والسيطرة في تلك المنتجات مثار تحد مستمر عوضا عن صعوبة التنظيم القانوني والإداري لها.
في عام 2018 صرح وزير الإعلام السابق معالي الدكتور عبدالمنعم الحسني في إحدى جلسات مجلس الشورى بشأن اتجاه الوزارة لدراسة إنشاء مدينة ذكية إعلامية تنطلق من:
“إنشاء مدينة للإنتاج الإعلامي مخصصة للاستثمار في الصناعات الإعلامية بمختلف تقسيماتها وتنوع مجالاتها بما يتوافق مع الجديد في مجال التقنية المعلوماتية والاتصالات، وستشتمل على استوديوهات للإنتاج السينمائي، بهدف تشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي، واستقطاب استثمار إعلامي إقليمي وعالمي16”.
تعتبر هذه الالتفاتة اعترافا كبيرا بالدور الهام الذي تؤديه خارطة الصناعات الرقمية في اتجاهات الدولة نحو الاستثمار بحيث يصبح من السهولة خلق تصورات تنطلق من بيئة الاستثمار الرقمي أكثر مما لو كان الأمر مجرد مشاريع إعلامية تقليدية. بعد عام من إعادة الهيكلة الوزارية لمؤسسات الدولة، أعلنت وزارة الرياضة والثقافة والشباب نيتها التخطيط والاستثمار فيما يعرف (بخارطة الصناعات الإبداعية17) وهو مصطلح عام يشير لجملة من الصناعات التي تعتبر الفن والإبداع أساسا لتكوينها، وحددت الوزارة بين هذه القطاعات قطاعات النشر والتصوير والمسرح وبعض الفنون الرقمية إضافة للتسويق الرقمي بيد أنه لم يعلن حتى الآن عن النتائج التخطيطية لهذه القطاعات وعلاقتها بالخطط المستقبلية لصناعات الدولة.
إن المؤشرات التي نشرتها الحكومة ممثلة في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وفق النسخة الثانية من المؤشرات الرقمية لتدلل على نمو متعاظم في قطاع الاتصالات فعلى سبيل المثال ارتفعت نسبة الاشتراكات في النطاق العريض المتنقل إلى 114 % حتى نهاية ديسمبر 2021م كما بلغت مساهمة إيرادات هذا القطاع حوالي 795 مليون ريال عماني وبلغت قيمة الاستثمارات فيه ما يتجاوز 200 مليون ريال عماني في حين استقرت نسبة التعمين في القطاع لما نسبته 92 % مع ذلك يلحظ استقرار معدل الاستخدامات الرقمية والاتصالية في المجتمع العماني حيث توضح المؤشرات أن نشاطات استخدام منصات التواصل الاجتماعي بلغت ما يقرب من 77 % من مستخدمي الإنترنت في السلطنة في عام 2021، وبلغت نسبة المشاهدة للفيلم والصور 25 % من الأفراد المستخدمين للإنترنت، إضافة لما نسبته 14 % لألعاب الفيديو و12 % للصحف والمجلات18. تقود الحكومة ممثلة في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مشروعها للجاهزية المؤسسية للتحول الرقمي ويشمل ذلك عددا من البرامج بينها النفاذ الموحد للخدمات الحكومية وتحسين خدمات المواقع الإلكترونية الحكومية بيد أن خطط الاستثمار في الصناعات الإعلامية يتطلب المزيد من الجهد والسياسات التي ترتكز على اعتماد الصناعة الإعلامية قيمة وهدفًا اقتصاديًا هامًا.
الفرص المتاحة
إن تفعيل البيئة الاستثمارية للصناعة الإعلامية يتطلب مزيدا من الجهد والعمل لتفعيل السياسات والبرامج الاستثمارية على المستويات الفوقية التي تتطلب دورا تشريعيا وقانونيا يمس تنظيم مؤسسات الدولة ونشاطاتها المحلية والخارجية. مع هذا، فإنه يمكن من خلال الربط بين البيئة الإعلامية والاتصالية في سلطنة عمان وباقي المكونات الثقافية والاجتماعية والمعرفية الوصول لمجموعة من الفرص الأولية المتاحة لتعزيز الاستثمار في الصناعات الإعلامية، التي سيتطرق لها الآتي:
الشراكات الاستثمارية المحلية
(رأس المال المغامر Venture Capital):
تعزز الشراكات الاستثمارية المحلية من قدرة المؤسسات والشركات الاستثمارية على النمو وتحقيق التوازن المالي لا سيما في ظل انعدام عوامل الجذب الاستثماري الخارجي. إن أي شراكة بين المستثمرين لتفعيل الصناعات الإعلامية ستسهم في تقديم المساندة في حالات التعثر المادي وتمكين المؤسسات من النهوض في ظل متغيرات السوق التي يمكن أن تؤدي إلى خسارة المشاريع بصورة سريعة وغير متوقعة. ولذلك يثار مصطلح (رأس المال المغامر) في ظل هذه الظروف لتعزيز قدرة المؤسسات الإعلامية على الابتكار في ريادة الأعمال عبر دعم المؤسسات الناشئة (Startups) والمشاريع قيد الإنشاء بهدف تطويرها. وفي ظل اتساع الاهتمام بين رواد الشباب العمانيين بالمشروعات ذات الصلة بصناعة المحتوى بينها صناعة البودكاست، والفيديو، والتصوير الضوئي، وبرامج الحوار المفتوحة على الويب، والحسابات الإخبارية، وجب الالتفات لقيمة هذه المشروعات وأهمية تطويرها ودعمها نحو الاستمرارية في بيئات أعمال احترافية قادرة على تحقيق الربح.
الحاضنات Incubators
ترتكز الحاضنات على استضافة المؤسسات والمبدعين من (صانعي المحتوى الإعلامي) أو (المسوقين) أو (المؤثرين) أو (خبراء التكنولوجيا الشباب) وتقديم التسهيلات والدعم المادي والمعنوي، والشراكات المالية، في بيئة عمل استثمارية داعمة ومبتكرة. يؤسس هذا المجال لمنح السلطنة ميزة ثقافية أيضا، من خلال استضافة الأحداث الثقافية العامة مثل المهرجانات والاجتماعات الثقافية والعلمية ذات الطابع الصحفي أو الإعلامي، أو تلك التي تحظى بوصول إعلامي واهتمام واسع عالميا. سوف يمكن هذا النوع من الاستثمار، من تعزيز ملاءمة البيئة الاستثمارية مع متطلبات الصناعة الإعلامية المعرفية والتكنولوجية، وفهم المتطلبات العميقة لاقتصاديات وسائل الإعلام والصناعات الإعلامية بشكل عام.
منصات البث المدفوعة
(OTT- Over The Top)
تتجه الاستثمارات الإعلامية في الوقت الحالي لدعم منصات البث المدفوعة مستفيدة من الاتجاهات المتصلة بدعم المحتوى على الانترنت. وفق الإحصائيات المتصلة بنمو القطاعات الإعلامية في عام 2020م والتي أجريت على المنطقة العربية وشمال أفريقيا، فإن اتجاه المشتركين في هذه المنطقة نحو منصات البث المدفوعة مثل نتفليكس Netflix وشاهد Shahid ارتفع لأكثر من 50 % في النصف الأول من العام 20. تمثل منصات البث المدفوعة بمثابة حاضنات لشركات إنتاج الأعمال المختلفة بينها الأعمال السينمائية، والأعمال المرئية، والمسلسلات، وبرامج الحوارات، والتوك شو، إضافة للأعمال الوثائقية القصيرة والطويلة. ولقد شكلت في الآونة الأخيرة تقدمًا كبيرًا في الصناعة الإعلامية العالمية بفضل ما توفره من تسهيلات للمستخدمين لمتابعة أحدث الأعمال الإعلامية الرائدة عالميًا من أي مكان في العالم ومن منازلهم وبدون الحاجة للوصول إلى قاعات السينما والمسارح المخصصة لهذه العروض بصورة تقليدية إضافة لما توفره من إمكانيات رقمية متعددة تسمح بالتفاعلية، وتفعيل الخوارزميات لتحسين تجربة المستخدمين.
الإقامة الثقافية والإعلامية
يوجه الاستثمار في الإقامة الثقافية والإعلامية (Media and Culture Residency) لخدمة جذب الدولة لاستضافة المبدعين والفنانين للعمل في داخل البيئات المحلية، والاندماج بمكونات الثقافة والعلوم والفنون، وتعزيز استثمار طاقات المؤسسات الناشئة عبر إدماجها بالتجارب العالمية 21. ومن الصناعات الإعلامية التي تلقى فيها الإقامة الثقافية والإعلامية رواجًا كبيرًا على المستوى العالمي: قطاعات النشر والكتابة، والتصوير، والسينما، والتسويق عبر المنصات الاجتماعية. في كثير من الدول، يمنح صانعي المحتوى العالميين فرصة التعرف على الدول عبر منحهم إقامة إعلامية تسمح لهم بالترويج للمشروعات الإعلامية في تلك الدول، أو بجذب الاستثمارات الهامة، إضافة لتأسيس مجموعة من المشاريع الصحفية والإعلامية المحلية أو الموجهة للعالم. وعلى سبيل المثال، فقطاع التصوير الذي يعد واحدا من الصناعات الإعلامية الهامة في سلطنة عمان ويجتذب الكثير من الهواة الشباب من مخرجات المؤسسات الأكاديمية، فإن مشروع الإقامة الثقافية قد يصبح أحد الفرص الاستثمارية التي يمكنها أن تطور هذا القطاع الإنتاجي الهام، حيث يمكن توجيه مؤسسي كبرى الشركات العالمية لمنحهم إقامة ثقافية وإعلامية في السلطنة تقترن باندماجهم في مشروع وطني استثماري ممول .
الخلاصة
تعد السياسات التشريعية المؤطرة لحجم الاستثمار الإعلامي ومنتجات الصناعات الإبداعية الفردية تحديًا كبيرًا في تطوير البيئة الاستثمارية الرقمية لأنها تتحكم بحالة الجذب للاستثمار الداخلي والخارجي في هذا القطاع. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الدور الذي تؤديه الإجراءات الإدارية الحالية المتبعة لتملك وإنشاء وتطوير المنصات الإعلامية والشركات الإعلامية وغياب ما يوصف برأس المال المغامر، إضافة لوجود عدد كبير من النظم الإجرائية التي تعوق الوصول لمشروعات تحفيزية للاستثمار الإعلامي وبالتالي نمو الصناعات الإبداعية في هذا المجال. ولأجل ذلك، فإن الحديث عن أي ضمانات للحوافز الاستثمارية لكلا المستثمرين الداخليين والخارجيين بهدف تأسيس مشروعات إعلامية رقمية محلية، أو تلك التي تتجه للعالم من سلطنة عمان سيواجه تحديات جمّة ومستمرة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال، الحديث عن إضافة البعد الاستثماري في القطاعات الرقمية لهذه الصناعات الإعلامية بمعزل عن تحسين المنظومة التشريعية والإجرائية الإدارية المتصلة بهذا الاستثمار حتى وإن تمثلت أبعاد الاستثمار نصوصا وبنودا واضحة في الرؤى المستقبلية الحكومية متضمنا تفعيل المنافسة التجارية البناءة بين شركات الاتصالات بعيدا عن السياسات الاقتصادية السامة المبنية على الاحتكار وتضارب المصالح وتقليل القيود التنظيمية والاجرائية لدخول المشغلين والتقنيات الجديدة للسوق. وأخيرا، يتطلب بطبيعة الحال دراسة تقييمية لأثر الرقمنة الإيجابي والمباشر على السلوك الاقتصادي الإعلامي سواء لتلك المشاريع الاقتصادية التقليدية أو ما يتصل بأداء الشركات الناشئة.