أنا، أوّل مرّة
كانت أمي تحمل وتلد كل عامين؛
رقية، آسيا، إبراهيم، فاطمة، محمد
وتوفيق الذي ولد عام 1952.
ولكنها في شتاء 1954،
وباستثناء وحيد
حملتْ وأجهضتْ في الشهر الخامس مضغة مدماة،
تم دفنها في أصيص الريحان المركون عند عتبة الباب.
مع أنني ولدتُ صيف 1956
إلا أن إحساسا قويا وغامضا، لا زال ينتابني
وينبئني بأن الكائن الذي أُجْهِض عام 1954
هو أنا.
n رسم الشجرة
في باحة البيت الصغيرة
تحت الدالية التي تحجب أوراقها اليانعة
بعضا من شمس نيسان
علمتني أمي أن ارسم الشجرة هكذا:
ولكنّ مريم،
شقيقة صديقي محمد سلامة
علمتني ذات مساء ماطر
طريقة أخرى لرسم الشجرة:
n القبلة، أوّل مرّة
لم تكن قبلتي الأولى بطعم التفاح
كما ذكرتُ في إحدى قصائد ديواني «88»
الذي صدر عام 1997 في القدس.
فالقبلة التي كانت بطعم التفاح
هي الثالثة أو الرابعة في حياتي
على شفتي فتاة آشورية
بين الصفصاف على ضفاف نهر الخابور.
أما قبلتي الأولى فكانت بطعم الثوم
نلتها عنوة من شفتيّ بهيّة الكرزيتين
إذ؛
كانت بهية المطلقة الشابة في خلوة مرتبكة
تحت شجرة التّوت الشامي
مع عشيقها محمد
الملقب بالكيس.
اقتحمنا عليهما خلوتهما؛
أنا وفتحي ويوسف.
خاف الكيس الجبان وهرب
وخافتْ بهيّة،
ولكنها لم تتمكن من الإفلات
واتفقنا معها على أن تمنح كل واحد منا ثلاث بوسات
مقابل إخلاء سبيلها.
جاء دوري،
كنت متعطشا للتقبيل،
وكنت أظن أن القبلة هي الطريق إلى السماء
اقتربتُ من بهية
فاستسلمتْ لجموحي
بجسد مرتعش
وشفاه مزمومة
تفوح منها رائحة الثوم.
n صوفيا، أوّل مرّة
1
الكرز على أشجار الرصيف
والجميلات
في المقاهي والشوارع والحدائق…
تختارُهنَّ،
تحدثُهنّ
وتعانقُهنَّ
دون أن تتلفّت حولكَ
مثل هرّ مذعور.
2
قبلةٌ طويلةٌ عند السياج
تعبق برائحة أغصان شجرة الكولونيا…
بعدها،
وعلى مدى عشرين عاما،
كلما وخزت روحي أنفاس شجرة الكولونيا
سأتذكر القبلة الطويلة عند السياج.
3
عتابٌ مرير
بصدد خيانة عابرة.
بعدها،
نوم متقطِّع
في سريرين متباعدين.
4
هذا المساء
لن أجهد نفسي بالتحضير
لامتحان الاقتصاد
في اليوم التالي
هذا المساء
سأشرب بصحبتكِ
هذا النبيذ البيتي الأحمر المعتّق
الذي اشتريته بالأمس
من أرملة تسكن في مدينة ميلْنيك
قتَلَ حراس الحدود زوجها
وكان يحاول الفرار عبر الجبال إلى يوغسلافيا..
سأشرب النبيذ
وأريقُ بعضه على ثنايا جسدكِ الأبيض
ثم ألعقه بأنفاس مبهورة
مثل ذئب هدَّه العطش.
5
عند الفجر،
على شرفة بيتك في الطابق الخامس،
بين «لا» غرورك
و«نعم» رغبتي..
كنت تتألقين كبحيرة في
الطريق إلى الصحراء
وكنت أذوي مثل
حصان مطعون.