الآن لا أحد معك
ولا صوت يخدش فخار قلبك كي يضيء
ويدلق ماءه على نبتة الظل
تلبس سترة السائح
كأنك لم تجرّب ولاءك للماشين
زوجين اثنين
والماشيات فُرادى
نحو أبراج الحمام
ولم تحفل بحنينك الغرّ إلى الموسيقى
والمقاهي الغارقة
في الهمس والحب والأكاذيب
الليلة كل شيء جاثم
حكايتك أدارت رأسها
على كتف المقيم .. وهمدت
وذكرياتك الحامضة
من لهب الضحى
غطاها الظلام بسبعه الثقال
وأعمى صار
كل شيء فيك
وأصمّ
وأبكم
ومفزعاً
لم ينجّك الدمع
من الصائدات
ولا ابتسامتك الحزينة
من الشكّ
والشرطة
والمطر القبيح
يا مهملاً كأمّ طعنها ابنها
في حمأة الكأس
وملعوناً كالطيبين
إذا فتحوا شبابيكهم
ومطارداً يهرب من وزره
إلى كوثر الناس
لا أحد يشهد
على رحيلك
ولا على عودتك
إلى رشدك
أو غرفة الفندق
أو إلى المرآة
ولا دليل عليك
في السجل المدنيّ
وفي ألبوم العائلة
وفي لحم الوطن
لكنك مازلت تغنّي
وتبهج القطط الصغيرة والعجائز
مازلت آدمياً رغم
أنك لا تُرى
وصاخباً أيها الشفاف
كقنديل البحر
وإن لم تؤيدك المنارات
ولا الذي سكن في حوته
أربعين
وأحكم آياته في
حانوت الكلام
مازلت بعشرة أصابع
في اليدين
وعشرة أصابع
في القدمين
وعينين
وقلب واحد
يسع المنبوذين كلهم
والأشقياء
والمؤمنين
والكفرة
والظنون السيئة
ستظل في الريش رفّة
وفي العواصف حبة رمل
وحقلاً مجدباً في البساتين
وسنغنّي عنك
حتى ينبت في الصمت
هديل المعذبين بالانتظار
ونغنيك
حتى يأتي الصبح الذي لا يأتي
ويمطر سحاب الرسائل .
صالح قادربوه