( يفتح الستار وفي زاوية من المسرح رجل نائم في سرير خشبي بثياب بيضاء واسعة، وعلى مقربة منه تتناثر بعض الكتب كزاوية لغرفة نوم بسيطة، أضواء بنفسجية ممزقة ومتوزعة يتخللها الدخان وصوت ناي حزين وممتد، يعلو ويخفت حسب قوة التعبير، والحركة .
بزوايا متفرقة في المسرح وبإضاءة خافتة جدا ومتدرجة تظهر خلفية المسرح وهي مقبرة قديمة بها قبور متهالكة وشبه مفتوحة ثم تعتم الإضاءة حولها تماما وتسلّط على الرجل.
يظهر الرجل وهو يتململ في رقدته وكأنه يحلم، وفي حين لايزال جسد الرجل الأول راقدا في السرير ينسلخ منه جسد آخر، ينهض ويجلس على حافة السرير يدخن وفي يده ورقة وقلم يحاول كتابة شيء ما، ثم يمسك نايا ويبدأ في العزف عليه مقطّعة حزينة جداا.. يجول بعينيه في الأفق ويتحرك ببطء شديد).
_ أي أفق للحلم؟ أي طقس لفاكهة الروح كي تنضج هكذا على مقربة من الوجع بلا أمنيات لتتلو سورة الفرح قافية قافية؟ أي غياب تنضح به سماوات الوجل في تماهيها المختصر لكل هذا الموت؟
أي قدر لكائن وحيد تنشب الكينونة مخالبها في روحه الآسنة؟ أي أظافر نحاسية تخدش موته المؤقت كلما استوى للغياب أو للحلم؟ وتحفر آباره المجدبة بفداحة مالاطاقة له به كلما أضناه الظمأ.
أي كائن يمكن أن تستأنس له هذه الروح الخراب؟ أي يد خضراء يمكن أن تورق بها أوراق العمر الجافة؟ أي شهقة؟ أي دهشة يمكن أن تنعش كل ذا اليباب في روح أدمنت التحلّق حول موائد الوهن، تبارك الحزن وتغفر ذنوب الراحلين على عجل.
أي صوت يمكن أن يحاصر هذا الخواء المتجذّر عميقا والمتناسل في بهو الجرح يمامات وشعرا وبكاء؟!
يالشقائك أيها الكائن الهش! يالشقائك إذ تتسلقك الأحزان كياسمينة طيبة، وتسكنك الأوجاع كسرب خفافيش عاجز عن مواجهة الضوء.
يالشقاء الدمع حين لا يجد مايطربه حتى في أضرحة الموتى، أو عتبات باعة الوهم النبيل .
(تسلط الضوء أكثر على المكان فتظهر خمسة قبور شبه مفتوحة، بها خمس نساء كأطياف بعيدة غير واضحة وبينما الرجل يدور وهو يحدث نفسه، تسلّط الأضواء ببطء على أحد القبور، يراه الرجل، ويتجه إليه لفتحه وحين يصل يلمح طيف امرأة راقدة فيه..
الرجل: انهضي أيتها الدهشة الموزعة على تقاسيم حلمي الأعلى، قومي من سباتك أيتها الفكرة الفرح التي تأتي وتذهب كالجنون؟ أيتها الأغنية الذابلة على مقربة من صوتي من زمن العشق، أيتها الأمنية التي نثرتها في روحي طويلا، وعبثا أطلقت ظفائرها للريح، أيتها الوردة التي لم أزل بين الفينة والفينة أنشط ذاكرتي برائحتها.
(تخرج من القبر امرأة جميلة جدا، تلبس فستانا مزركشا وتحمل في يديها مروحة، وتتحرك في الحياة بطبيعية جدا، وكأنها عائدة من السوق مثلا، وليس كأنها خرجت للتو من القبر، مما يترك انطباعا للمتلقي ان القبر في ذهن الرجل فقط)
– ياااااااه يبدو أن السماء استجابت لحنيني؟ وقيضت لي حورية من بساتينها المشرئبة بالجمال، لقد وهبتني فاكهة خانتها المواسم من جنانها السرمدية، لقد أحزنتها صورتي المنكسرة في وجه نرسيس فوهبتني ما تتمرأى فيه روحي، وهبتني يدا تلملم فوضاي من برازخ الجنون ولوثة الصخب.
(يتوجه إليها مخاطبا وهو يمسك طرف يديها )
– تعالي! ياغانية السماء التي أبحث عنها من زمن الخلق، تعالي أيتها القصيدة التي أستهل ذاتي بقراءتها مرة تلو مرة، أنا الأعمى الذي حرم فتنة العبث واقتد من رائحة المجهول، أنا الذي لايمكث عند حدود الأشياء بلذتها المؤقتة، وفتنتها القصيرة..
( يركع بهدوء بين يديها، وكأنه يدعوها للرقص، تخفت الأضواء جدااا وتتعالى موسيقى هادئة على رقصة بسيطة )
الرجل : يا أميرة الجمال والفرح! تعالي لنحلّق معا لحدود المطلق، للاشيء، للمجهول، يانسمة الغيب الجارحة، تعالي لنسافر إلى مرافئ الحرية وعوالم البهجة التي خُصصت للمجانين والشعراء فقط.
كوني لي!! سأنسج لك من الكلمات عباءة الحسن، ومن قوس اللغات اكسسوارات الدهشة، سأذيب روحك بشهد اللغة الخمرية، وأسكرك عشقا وولها..
المرأة(1): إن كلامك جميل فعلا!، يسكر الروح، ويخدّر الأوردة بالحب، ولكن!(وتتحسس وجهها كأنه تثبت الماكياج عليه) هل هذا فقط ما لديك؟ أقصد.. ألا تملك إلا كلاما جميلا فقط؟ لأنه لابد أن ينضب هذا الكلام الجميل يوما، أو قد يصبح وقعه على أذني شيئا عاديا.
الرجل : لاتخشي شيئا ياحورية السماء، سأخترع لك كل يوم لغة، أمجد بها حسنك، وأذيب بها قلبك الطفل .
المرأة(1): ولكنني تعودت أن يركع الرجال عند أقدام فتنتي، ويقدمون قرابينهم عند حواف بهائي، فأخبرني الآن كيف ستخلّد أنت كل هذا الحسن؟ أقصد ما ضماناتك؟ لأوازن بينك وبين عشاقي الكثر، علك تفوز في سباقات العشق من بين جمع من الكائنات تمجد حسني.
الرجل: (وقد بدا عليه شيء من الضيق والحزن) عفوا سيدتي، أنا لا أدخل في سباقات، ولا أراهن على المفاضلة، فأنا لا أملك إلا لغة! لغة خضراء كالربيع تحنّط الحسن في قوارير خلودها، والجمال في دفاترها لينعت كل العشاق به حبيباتهم، فأنا لست إلا شاعرا يقتد الكلمات من جحيم الفكرة ويلونها بدمه ودمعه وصدى خلجاته الصادقة .
المرأة(1) : أوووه ولكن هذا لا يكفي! كيف ستروي بساتين حسني لتثمر؟ أحتاج المال لتنضح فتنتي بالبذخ، نحن نحيا في دنيا البشر والمادة!
الشاعر: يا حلوتي! يبدو أنك من مسامير الواقع التي تدق أجسادها الصدئة في جدر الحياة الميتة، وتعلّق الأشياء الوهنة والتافهة أو تلعقها، أنت من الجمع الذين يقذفون خطاهم في الهواء ليجمعون فتاتات الأشياء التي ترفعت عنها العصافير، ونفر منها الدود، وتركتها كائنات الصمت، أما أنا ياسيدتي فلا أملك كما أخبرتك إلا لغة من مطر وعشب! وأحتاج ان أجعلها بها أسطورة كفينوس، أسكنها جوفي، وأطعمها أغنيات روحي، وأجعلها تتنزه على شرفات الوجع في مخيلتي.
أنا ياسيدتي لاأملك سوى الكلمات، الكلمات حدائق الرب، الفتنة المعلقة بين السماوات والأرض.
المرأة : أيها الأحمق! ولكن هل سنأكل من وهمك وحذلقاتك، وهل يورق حسني بكلماتك، وهل أرتدي جنونك وخزعبلاتك أيها ال….شاعر .
الشاعر : ههههههه لا طبعا لأنني أبحث عمن تعيش معي حياة العصافير المحلّقة، نتقاسم الحب، ونبني العش قشة قشة .
المرأة : عصافير، حب، قش أففففف ماهذا؟ ( يتغير صوتها بعنف خالعة الرقة المصطنعة التي ترتديها) يا رجل أنت تحيا خارج واقع موزون بالدرهم والدينار، أووووووه هيا امض في حال سبيلك، لا توجد امرأة تفتنها هذه الهذيانات (تضحك بقوة وتتركه بأنفه ساخرة، تمشي مسافة قليلة ثم تتجه للقبر وتغوص فيه) .
الشاعر : يا إلهي! ما أقبح الجمال حين يلطخ بوحل السائد، ويقايض الكلمة بالدرهم والفستان، مغرور بجسد يوما يذوي، ووجه تذبل زهور فتنته مهما قدمت من قرابين بين يديه.
يا إلهي الجمع عار كالزيف، مرتبك كالفضيحة؟ ووحدي تتهدج حناجر المزامير بالأغنيات في روحي، وتهيم روحي في محراب الوجع تتلو الجمال صلاة، وسراجي يضيء فتيلته عشقا، ورؤاه سكنا لزنبقة مائية لاتأتي ..
يا سدرة الغيب أبحث عن جنية يشقها الوهج، مغسولة بروائح الندى تخطف بصري، حورية زرقاء تأخذ بيدي لحدود الفرح، نبع لايجف، امرأة من زجاج أبيض تحنو على قلبي المكسور بلغة البوح وحمى الهذيان، تستوعب سغبي، شمس مشتعلة بالضوء تغسل شراييني من حزن الطرقات، ووحدة الليل، فقد أرهقتني الحمى، وفاض الدمع حتى أغلق مسارب الفرح، والتهب السوط حتى أطفأ آخر زغرودة في الروح، وعرّش الحزن على القلب مبعثرا كل أعشاش السكينة ..
( تتعالى الموسيقى بحزن متقطع مع ظهور بين لصوت الناي، وأصوات متداخلة (آآآآآآآآه 0آه 00آه آه) تكون من أصوات نسائية غالبا لتظهر دلالات الحزن الحارقة، ويسلط الضوء قليلا قليلا على القبر الثاني، يتقدم الرجل نحوه بهدوء ، فيلمح امرأة مكتسية بالسواد تخرج منه ، تتغير الموسيقى ببطء لتتعالى بشيء من الفرح ينظر الشاعر للمرأة ويتمتم) .
– هل هذه هي مرآة الليل؟ كحل الطرقات المتيمة من الحنين، أميرة الظلمة الهاربة من جراح الضوء ،زنبقتي السوداء التي سيكتحل من عطرها القلب (يتقدم إليها محاولا أن يمسك يديها، وكأنه يريدها أن تقطع شارعا ما، فتصرخ بقوة) ..
-حلمك يافتنة الغموض ولذة الغياب التي تقتد روحي من سماواتها الزرقاء، لتهبها حلكة الوهم، وسواد الظلمة العاشقة، حلمك، لست شيطانا، بل ظامئ للجمال والفرح، فقليلا من المطر، فأنا بكلي صحراء تحلم بالقطرات وتصلى للسقيا.
المرأة(2) : أيها الشيطان السفلي، أعوذ برب العفة منك.
الشاعر :على رسل حسنك سيدتي، لست من نسل النار سيدة الماء، ربما لا أعرف لغة السماوات جيدا، لذا أغني بلغة الأرض، وربما يلفني الغياب في عباءة أشد قتامة من سوادك المغري هذا، لكنني عار من الخبث كيوم ولدتني أمي، فقط هي روحي الخضراء، الهائمة في مباهج البحث عن الخلود، وهذا القلب العاري من اللون والذي أثقله الرماد، يحتاج تأشيرة إقامة للحياة تمنحه إياها آلهة كأنت! فهل تكوني آلهتي ريث حلم، وهل تكوني عمر الفتنة في هذا القفر القارص الذي يربي الموت والذبول بين يديه، هل تكون حارسة الكلام في صحراء التلعثم، وأميرة التيه في عمر الظلال.
المرأة : ماكل هذا الكلام الغريب؟ لست سوى جسد محرم الفتنة، ورحم ينجب الغيث، لست آلهة أيها الزنديق.
الشاعر : أنا لست زنديقا غانية الحلكة، لست سوى مجرد إنسان أثقله التيه، واستلذ قافية الريح، وغنى لأعاصير الموت فتقاسمت حزنه الأقدار، وأهدته قفازات الجزع والفجيعة كلما قرر المثول بين يدي حلم، أنا يا سيدتي شطر قافية يحلم بشقه الأجمل فقط، فهل تكوني حلمي سيدة العفاف؟ سأدغدغ عشق المواني بين يديك، وأسرف في بث طيور الفرح بين جفونك، سأهدهد الأحلام كي تتخذك قلبك عشا، وسأجعل جسدك قافية للبهجة والنور، سأبثك عشقي سواق من خمر حلال، وأهبك جنوني شراعا نبحر به معا للذة .
المرأة : أيها الساحر، لقد أوجعتني كلماتك التي لم أسمع يوما مثلها، ومن ذا يقول؟ إنهم يحصدون ثمارنا حتى قبل نضجها، لقد تسرب عشقك لفؤادي أي ساحر أنت؟ وأي لغة تملك؟ لم اسمع يوما شيئا يشبه هذا، ألم أقل لك إنك شيطان؟ ولكنك شيطان لذيذ على مايبدو .
الشاعر : (يقترب منها ويأخذ يدها ويقبلها) يا ملكة العتمة والسحر، إن كنت شيطانا فأنت ساحرة، وها أنا بين يديك نايا يغني سطوة حزنك، ومفتاحا لكل مزاليج الفرح والجنون، سأجعلك سيدة الجن والأنس وآلهة المحبين، وسأنثر قبلات الشمس على جبينك، وأجعلك غانية الضوء، فهل تكوني لي؟
المرأة : ( وقد بدأت تترنح عشقا) نعم، فخذني بين يديك منذ الآن، أطعمني كلماتك الحلوة التي لم أذق يوما لها مثيل، غني لي لأهرب من مستنقعات القسوة والصمت، غازلني بدفء عمر من الحنين مضى عطِشا جافا ميتا، واجعل الليل جنتنا التي لاتعرف الشمس ( تخلع غطاء الرأس، والثوب الأسود، فيظهر تحته فستان مكشوف غاية في الإغراء، وتقترب منه بشدة)
الشاعر : (قد تملكته الدهشة) سيدة العفاف، رفقا بهذا الحياء المنتحر على ضفة رغبة، رفقا بهذا الحسن الذي كسرتِ عنقه الآن بين يدي، وكان بهيا كالصلاة، أيتها الكائن المقدس الأسهل من كلمة حب عابرة، لست ملاكي ذو المنقار الخشبي، لا أبحث عن خرقة تداري خرقة، ولا عن رغبة جاهزة،أو جسد منذور لحالة حب، لا أبحث عن دمية أبعثر كلماتي على حسها الميت، فأمضي عليك رضاء السموات والأرض (يلملم ثيابها السوداء ويقدمها في يديها ويعرض وجهه عنها)..
المرأة : عليك اللعنة يا إبليس البشر، لقد كشفت ستري، وقتلت أمنية بالفرح الجميل الذي لم أتذوقه أبدا، تريد الآن أن توهمني أنك ملاك متعفف، وأنت كلب أجرب يزحف وراء عظام السكك واللحوم المعروضة على الأرصفة ككل الكلاب والذئاب الآدمية ..عليك اللعنة، عليك اللعنة (تتمتم بالشتائم واللعنات وتسير قليلا ثن تتجه للقبر وتغوص فيه).
(يظهر الشاعر وهو يتحرك بهستيرية والموسيقى تتصاعد حزنا ،، كأنها تنبعث من رأسه)
– آآآه لا لست أنت هذه، ولا تلك يا ضلعي الأعوج، روحي تحن لشواطئ يديك، وغناؤك يغلي بحنجرتي، وصوتك يخترق رأسي كنصل، أعرف صدى الخلخال المتقطع على عتبات الوجد، أعرف يقينية الماء المتسرب من شقوق المسافة وجنون الريب، أعرف صدى الرائحة المزدحمة بالغناء، أعرف براءة الفتنة في النظرة العجلى، وأهداب الماء،وأعرف علو الهامة في شرايين الضحكة المتألهة .. فأين أنت؟؟
(ببطء تتغير الأضواء لأضواء وردية فاتحة وموسيقى راقصة، ويسلط الضوء على القبر الثالث، فيتجه الشاعر له، فتخرج امرأة غاية في الحسن والجمال والرقة، تمشي في اتجاه مضاد للشاعر وتسحب كلبا في يدها يظهر عليها الترف، فيتقدم منها الشاعر وهو يصفر ويشرق وجهه فرحا)
الشاعر : (يخاطب نفسه بفرح ودهشة) إذن هذه هي! فهنا سكب الحسن مداه، وهنا أشرقت المعاني على ضفاف الحسن الإلهي المبجل، هنا استباحت الأغنيات خصور النايات، وهنا فتح البهاء يديه لعناق الكون!! يا لهذا القدر الأعدل.. يا لهذا القدر الأعدل ..
(يقترب منها ويقدم بين يديها التحية بانحناءة ومثول) أميرة الكون عمي جمالا وبهاء..
المرأة (3): (بتذمر وتعال وهي تنظر لهندامه غير المرتب من أعلى إلى أسفل وتتمتم) أففف من هذا الآن؟ لعله من أولئك الذين يسفحون أمواه وجوههم على أرصفة التسوّل، سأعطيه شيئا يسد به رمق الحاجة، ويكفيني رؤية منظره الذي يخدش قلبي (تمد له يدها بمبلغ من المال)..
الشاعر ( وقد اشتعل واحّمر غضبا، بعد أن صفعه مافعلت حتى فقد القدرة على الكلام) يا سليلة الكلاب الضالة واللصوص، يا حفيدة المرتشين والمقامرين، لست متسولا، هنا يا حثالة الجسد البض والقلب الذي تنعق فيه البوم، قلب مضمخ بالرؤى والحنين، قلب يبحث كشراع سامق عن صارية يعلّق عليها فوضاه وجنونه، هنا قلب شاعر كان يحلم أن يركع بين يدي فتنتك الآسرة، وكان قبل أن يكتحل برمد نظرتك الساخرة ينتظر أميرة تتفهمه وتشمله بحنان الروح، وتؤويه من حر الوحدة وبرد الفراغ، أميرة يجمع لها فراشات الكون لتدغدغ عروقها بالفرح، ويحجز لها منسوب أشعة الشمس لتشعل ضفائرها بلون الذهب ، كلما هم الليل بالاقتراب!!
( يواصل وصوته مجروح ويتحشرج بالدمع والغصة) هنا شاعر مجنون، وليس متسولا، أيتها التافهة الخرقاء، هنا آخر سلالة الشرفاء والبسطاء والطيبين، هنا لثغة على دروب النهار المستطيلة التي صادرتم شموسها ونسيمها، واحتكرتم حريتها ورائحتها الطبيعية، وهندستم وراثيا زهورها وفواكهها الحية والحقيقية، وعلبتم الحسن في علب الماكياج، وصدرتم العفاف في قوالب الثلج .
المرأة: ( تضحك برقة تامة وكأنها حتى غير قادرة على الضحك، وهي متعجبة من حالته وكلماته، وتنظر إلى شكله وهندامه بازدراء واحتقار) يا إلهي يقول كلاما غير مفهوم، عفوا ولكن!! مثلا!! هل كنت تحلم بمثلي أيها الصعلوك القذر( تنتبه لنفسها وتعدّل من أسلوب حوارها قليلا) أو لم لا ؟ يمكنك أن تحلم، فليس لي أن أصادر أحلامك أيها الكائن المعتوه، فالحلم منحة القدر لكم، لكن حين تحلم أرجو أن تغمض عينيك!! كي لاتجرحني بنظراتك القاسية، وحينما تفيق ستدرك أنه حتى في الحلم لا يمكن أن تنظر امرأة مثلي إلى رجل مثلك.
(موسيقى حزينة جدا يتخللها صوت مطر ينهمر بغزارة )
الشاعر 🙁 بحزن عميق لما قالت وهو يحاول إصلاح هندامه ) يا سيدة العطر المسرف في البوح، والألوان الراقصة على بوابات الليل، والعفة المسفوحة على أسرة الصفقات الليلية، يا آلهة المادة والجسد، لم يكن لتجرحني بنفسجة ذابلة على ضفة النهر، فأنا البحر بوابل امتداده وبهاء فتنته المالحة، أغربي عن حزني، عودي لسادة الوسائد المحشوة بالنعام والمكر، عودي لتجار الأجساد، وعفونة الكائنات السفلية .
المرأة : (تنظر له بعلو وتداعب كلبها بحنان ) مغرور أجرب .
الشاعر : مغرور نعم، مغرور بي، بمبادئي ومقدساتي، بأحلامي وأفكاري، بلغتي وخيالي، بإنسانيتي وشرفي، مغرور وأرفضك، فلست أنت التي كنت سأشكلها نزفا مريعا لشرايين السماء، فهيهات أن تلتحم القطرات بين ماء ونار، يا فتنة البهاء المشترى بالمال، اذهبي لسيدك الذي تتوقين لتمرئي ذاتك في عينيه الفاتنتين، لكن ثقي أنه لن يمكث طويلا عند روافد مائك / مالك، ربما سيعبرك بين الفينة والأخرى ليتوضأ من لعابك، ويغترف من رضابك ليغدو أجمل، أما أنا فأبحث عن امرأة لأجثو عند بابها عابدا، حارسا أمينا له، كي لا تخترقه حشود النمل، وسأبقى معلقا كسراج يقرأ أصابع الصابئين الذين يعبرون مضائق بحورها لأنظّم نبضها، أبحث عنها لاختزلها داخلي وأفيق كل صباح على مقايضة الليل لذاكرتي وهي تسبح باسمها.
اذهبي لعلك تجدين واحدا أو أكثر من سدنة الجسد الذين يتقنون بعثرة الرغبات للأسفل، ولا يجيدون النظر أعلى من ذلك .
(تسحب كلبها وهي تتأفف تمشي قليلا ثم تغوص في القبر )
تطفأ كافة الأضواء دون الشاعر الذي يجلس على سريره، وقد وضع رأسه بين يديه، وهو يائس تماما وحزين، مع ذات الموسيقى المتصاعدة في جنائزيتها»
– لا أظنك موجودة أصلا يا سليلة الفرح، وياخارطة البدايات، لا فجر ينشق عن ضوئك، ولاماء يشفعك في وضوئه الأخير، ياخرافة النور، وبهجة الحنين المنسرب من كفوف الموتى..
( يسلط الضوء على القبر الرابع، فيذهب إليه ببطء، واليأس يتخلله بعمق ، فتظهر امرأة في مظهر قليل الحشمة، تحمل كأسا، وتدخن مع تعالي الصخب خلفها، وظلال متداخلة كأجساد عارية، يقف الشاعر وهو ينظر إليها، فتتقدم نحوه مادة يدها إليه، وهي تترنح وتتكلم بثقل مما يدل على كونها سكرانة)
المرأة (4): يااااا أنت( وتقهقه بمجون) لماذا تسمرت في مكانك، صامتا؟ هههههههه هل خفت مني؟ لابد أنك من نساك هذا العصر!! إذن هيا تعال هنا لتمارس تنسكك مع قلبي الفارغ والمشتعل بالوحدة، تعالي علمني صلواتك الخضراء، وأعلمك صلواتي الحمراء هيا تعال..
الشاعر : ( بحزم ممزوج بالسخرية) لست ناسكا، بل قد أكون عربيدا، ولكن سراب الحصاد لا يغري بقطف السنابل يااا سيدتي ، وأنا مجرد كائن يعبر برأس مثخن بالأغنيات، و قلب مؤجج بخنادق العابرين وفوضاهم، ولاطاقة لي على زراعة الوهم في أجساد مثقلة بالشهوة ..
المرأة : (تقهقه) هل أنا في حضرة نبي، أو قديس؟
الشاعر : لا ياسيدة الهوى، بل في حضرة شاعر لايملك سوى قلب مؤثث بالرؤى، وهنا كل شيء معتم فلا رؤى ولا رؤية .
المرأة : شاعر؟! مرحى، إذن تعال لتغني العشق والجسد والحنين، تعال فهذا مكانك، هيا (تحاول أن تسحبه من يديه) تعال معي لتمرح وترقص، وتتخير بين موائد الفتنة ما يغريك، فهنا الجمال والفتنة التي تحب، هنا أنا كل خرائط العشاق بمقلتي، وكل لذة الشعر بأهدابي.
الشاعر : هذا الجمال قبلة للسائرين نحو مستنقعات اللذة فقط، أما أنا فداخلي نهر يتدفق بكاء صامتا، وطفلا متلعثما أمام فوضى الأجساد المنحازة لظلها، داخلي شاعر يبحث عن لغة مبهرة يتهجي سكرها ليذوب في فمه، وحلما يشهر خنجره في وجه فرح صادره الحزن باختبائه خلف الأفق.
المرأة : ياااااااااااااه ما أجمل لغتك ياشاعري الجميل، هيا هيااااا تعال واسكرني بلغتك هذه، تعال لاتكن سمجا، نادمني منادمة الحبيب للحبيب.
الشاعر : ياسيدتي، اللغة طاهرة خارج سياقات الفضيلة، اللغة محض حلم، وهنا توأد كل الأحلام.
المرأة : ( وهي تحاول أن ترتمي عليه) أنت تعجبني حقا. هل تصدق؟؟ كلامك الغريب، صوتك الحنون، وجهك هذا ( وهي تتحسس وجهه وعنقه)
الشاعر : ( ينتفض من بين يديها) لا لا أصدق ، فلاشيء يجمع هذا الرأس المحمل بالحلم مع رأسك المثقل بالشهوة، ابتعدي عني ابحثي لك عن جثة، لاتراك أكثر من جثة .
المرأة : لاتكابر أنت الآن لا تحتاج أكثر من امرأة فقط وها أنا!!
الشاعر : (وقد ضاق ذرعا بها) اففففففف اتركيني يا شيطانة الليالي، سأغادر هذه الضجة المفتعلة، فأنا أوهن من ان أضع رأسي على صدر الرماد الذي خلفته أعاصير الشهوة ونيران العبث في رأسك(ينظر لها باحتقار، ويذهب ) وداعا سيدتي .
المرأة : غبييييييييييي حمار مجنون ( يخفت الضوء وتسير ببطء إلى قبرها ..)
يعود الشاعر لسريره يائسا تماما عائدا للنوم ، يستلقي مع موسيقى حزينة جدااا..) آآآآآآه ياأنا، من أنا؟ ولم أنا محض أنا، بؤرة ضوء تمد أذرعها لتحتضن الكون، فيهديه العالم مدى وطعنات، ودمىً متقوسة تتقاطر عليه من كل حدب وصوب، ما أشقاني!!، أبحث عن لذة الفرح، فيهبني القدر خنجرا مسموما يسافر في كبدي، أبحث عن صارية للإبحار، فيهديني مستنقعات من الوحل، وكأن النور، وانبثاق الرؤيا، وخرافة الفرح التي أبحث عنها كلها من مستحيلات العمر الآزف، والممعن في السفر نحو غائيته الأخيرة، مقبرة الجرح أوسع من مقبرة الذاكرة، ومقبرة القلب أوسع من كل مقابر الدنيا، ولا دنان للقلب ليسكر من ثمالة العشق، ولاحبال للأمنيات كي نرصّ على متونها ضحكات الغواني العذاب.
لا جدوى ! لأغادر هذا الحلم الآن.
لأخرج من خارطته التي كنت أتوق للملمة ماعلق على مسامها من شهقات الحنين وعلائق العشق، لاعشبة للخلوووووووود ياجلجامش إنه الوهم فقط
( يذهب الشاعر إلى فراشه، ويخلد للنوم، تسلط الضوء على القبر الخامس، تظهر القبر مفتوحا، و على صخرة إلى جوار القبر، تجلس شابه ناحلة سمراء ترتدي ثوبا واسعا وتضع على رأسها غطاء غير محكم وفي يدها عصا وفي الأخرى نايا، والمنظر خلفها صورة لمرعى أخضر ترعى به الأغنام، تبدأ في العزف على الناي، فيتململ الشاعر في نومه، وهو يسمع العزف فينهض شبه نائم ويتتبع الصوت، ويقوم باتجاهه باحثا، يقترب فيلمح المرأة تعزف، فينصت لها حتى تنتهي)..
الشاعر : الموسيقى لغة من شغب تشطر أرواحنا فتتناسل فيوضا من الحزن والفرح والعشق الممتزج الدهشة، وتزرع لها أجنحة كي تسافر فينا ارتفاعا نحو الحياة.
المرأة (5): أهلا بك أيها الشاعر، هل اللحن قاطع طريقك، أم قطع غيابك المتصاعد نحو اللغة؟
الشاعر: كيف عرفتني؟ من أنت ؟
المرأة: امرأة ترعى الغنم، هجرت أعشاش النميمة وطرقات البشر المزدحمة الأروقة بالشر، وجلست هنا تذرع الغابات وتنادم الينابيع، وتعزف العشق، وتغزل صوف الروح صدارات لهذا الليل الممتد من أول لغتك حتى آخر لحني، جنية تعرف كل عشاق الليل والحزن والوحدة.
الشاعر : رائع، هذه هجرة الصعاليك والشعراء والمجانين، فهل أنت منهم ؟
المرأة : ما كان جدي شيطانا ليورثني الشعر، ولست عرافة، أنا عابرة سبيل فقط، أدس يدي في جيبي وأهدي العابرين نجوما وفرحا وشيئا من غناء .
الشاعر : رائعة إذن أنت ،أما أنا فلا أملك أن أهديهم إلا بوصلة للموت أو جرحا من كلمات.
المرأة : بل أنت طائر الدوري الذي يملك مساحات البحر والسماء، ويزرع غناءه في أحشاء الكون لينجب الحرية.
الشاعر : لكن روحي ممتلئة برائحة دخان الكلمات المثقوبة، والمساء يرجع كل ليلة حافيا مني، ويبكيني حين يلمح ظل السراج الباهت في عيني، ووحيدا أبحث عن أغنية تسكرني، هل تكوني أغنيتي؟
المرأة : أنا لا أصلح لك، فأنت غيمة مثقلة بالنبيذ والبحر، وقافية مشغولة بالتيه، أنت شواطيء من شعر يطرب، وفاكهة من حنين لاُيشبع، وأنا امرأة بسيطة كسنابل القمح، وحنين الخبز للفجر، لا أقوى على لملمة فوضى الأحلام، فأسند فجيعتي لجدران الواقع.
الشاعر : علميني إذن كيف أنتمي للحياة برائحة الطين والقهوة والصغار المنتشرين حول الموقد، فالفوضى حرمتني لذة العيش على حشائش الأرض، هبيني مدخلا لها، أو حلّقي معي في السماء .
المرأة : أيها الشاعر إن لروحك أجنحة لاتلملمها المسافات، ولاتقضمها المدن، وحذافيرك مكتظة برائحة قطار ليلي، ومدججة بشهوة السراب، وهيهات لأصابعك أن تلتصق بالعشب.
الشاعر :لكنني أشتهي السنابل بلا مناجل الحصاد، فهبيني ضوءك؟!
المرأة : بل سأهبك وضوئي، وسأقلب لك التاريخ على ظهره، وأجعل شهرزاد تنصت لحكايات شهريار، لنصرخ معا جدباء هذه السماء التي تولينا روحها، سأزرع روحك عند ضفاف الأمنيات لتنبت أحلاما وقصائد وأطفالا من رؤى، فلا قيد بحجم روحك المنفلتة من قضبان السماء والمشتعلة بجحيم الأرض.
الشاعر: يا طفلة الينابيع، فتنتني عزلة الرهبان، وأغرتني العاصفة بدوار البحر، وأحتاج يديك، لتبعثري الشمس في عيني لأصحو من ظلمتي.
المرأة : ياشاعري الحنون، الصواب ضد الحرية، وصوتك مزدحم بالوهم الذي لا تقوى الريح على مطاولته، أنت لا تحتاج تمثالا من شمع أحمر، ولاتحتاج الحياة فحنينك مفتاح الموت .
الشاعر : آآآآآآآه موجعة أنت كدمي المخضل بالسراب، كوجه أمي المشرئب داخلي بجنون الفجيعة، إذن فقط دعيني أرمم قناديلي بين يديك قبل أن ينتعلني الغياب مجددا .
المرأة : أنت لاتملك إقامة في الحياة المحملة بتفاصيل الملح والعرق، فاذهب!!
الشاعر : دعيني أذهب بك / معك .
المرأة : أصابع الريح الزرقاء لن تترك قلبك لأحد، أنت قطعة مقدودة من رحم العاصفة، فقط اذكرني عند حرفك، وأنا سأذكرك عند كل الأشياء.
الشاعر : يا جنية المراعي رفقا بقلب لايملك إلا بوصلة للمجهول، وشغب المسافات، فلا تعلني ساعة وأدي .
المرأة : ياشاعري الطيب، قلبك موجة لعوب يغريها الضوء بمخاصرته، وأنا مجرد حبة رمل غابت في اليم، فحاصرتها المحارات فأسندت وهنها لجدر المرجان الملونة واستلفت ضوء قوس قزح.
الشاعر : وأنا الآن نهر من نار يحلم أن يغتسل بين يديك ،وأن يستبقيك كالفرح .
المرأة :لا لست ليلاك !! وكيف بعدك -وأنت لاشك مغادر!- ألملم خطوتي لأعبر بساق ثقيلة بالحزن نحوك؟! كيف إذ أعود منك مشطورة بالتأويلات والرؤى كأسطورة قديمة؟!، كيف ألملم خيوطي وأرحل كشمس في ظهيرة كسوف؟! وروحي لا تملك قفازات للتلويح، ويداي مفقودة كالمعجزات، وقلوب الشعراء منافى باردة؟؟!! لنفترق علّ السماء ذات وجع تباغتنا بأن تسوي بين يدينا الحقائق، وترفع بين يدينا اللغات.
الشاعر: آه أيها العمر الذي ما فتئ يتدحرج نحو الهاوية كصخرة سيزيف، أه ياجنية المراعي! أشفقي على سكاكين دمي، سأحبك قيض انقضاء الفصول، وسأهذي بكل لغات السنابل أن جروف السماء خبأت أحلامنا في يديها، وأنا افترقنا، وسأبقى أحبك مثل سم جرى في دمي، كحمى النهارات تباغت المتعبين، وسأحلم أن أكون فجرا يخاصر ظلمتك، على ربوة عمر يظلله المطر.
المرأة: ، ياسيد الموت الضليل، اذهب ولا توجعني بسياط الوداع، فلست إلا غيمة تعبر حياتك القائظة بالوجوه، لست إلا محطة في قطار عمرك السريع، وردة تحلم الآن أن تقطفها لتشمها ثم تلقيها على قارعة الوحدة. أيها الشاعر الذي جعلته السماوات كما أرادت عمرا من الفقد، تحبني الآن ! ولكن أقل مما تحب ذاتك بحقب ومسافات ضوئية، ويوما ستهرب مني حين تشعر بقلبي يحاصرك بالحب، وحين أكون لا أملك خيارا أكثر من أن أحبك أكثر.
الشاعر: أحبك قطارا للعمر القادم، ومنديلا للحزن، فلا تمدي يد الريب إلا باليقين.
المرأة : كيف لا أجاهرك بالريب وهو فعل الحقيقة في شرايين العمر المثقوبة بالحنين، وكأنني ألمح في دفاتر الغيب وجوها تستبق وجهي في قوائم العمر القادم، قد ترغب الآن في هامش تعلقه تحت متنك، لكنك يوما تحولني كائنا لايشبهني، وتحجر على وجعي وأحلامي، ويوما بعد انقضاء الحنين تسرق ليلي لتهبه لنادلة البار، أوقرقعة الكاسات، وجلبة الأصدقاء .
الشاعر : يا أغنيتي الخضراء: أجملي فيّ النحيب، فقد بدأ المطر ينهمر داخلي بقسوة،لا أعرف ماذا أقول لك، فأنا لا أعرف حرفة الأوطان، فربما حقا لا أوطان للشعراء، لكنني أحبك!
المرأة: وأنا أخشاك ! فهل تدرك كم أنا شقية ؟؟
الشاعر : يا فقدي الأجمل، كنت أحلم أننا لن نقامر بعصافير قلوبنا كي لا تسقط في فخ التفاصيل المملة، أقسم بكل الأيمان أنني الآن عاشق يحلم .
المرأة: والغد ؟
الشاعر : لا أملك سطوة التنبؤ وتقليص أوردة المستقبل في قبضة وعد .
المرأة : لاجدوى! سأنتعل المسافات، من قال إننا مخيرون، الموت اختارنا وأسند جثثنا الحقيرة للوقت، وأوهمنا بالاختيار.
الشاعر : وأنا سأنتعل المفازات.. ننتهي من حيث بدأنا إذن..
المرأة : بل نبدأ من حيث انتهينا ..
(تتعالى الموسيقى الحزينة مع أصوات همهمات متداخلة مع أصوات مطر وبكاءات متصاعدة، يتجه الشاعر نحو القبر الذي إلى جوارها ويغوص فيه، فتجلس المرأة على صخرتها تعزف على الناي، يسلط الضوء على ( الجسد الآخر الذي في السرير) فيظهر على سريره متململا كأنه كان يحلم بكابوس، وينهض فجأة فزعا، تستمر المرأة في العزف والإضاءة عليها وعلى القبر الذي دخل فيه الشاعر، كما تسلط على الجسد الآخر للشاعر في سريره وهو على هيئة المستيقظ من حلم مرعب)
إظـــ يغلق الستار رويداا رويدااا ــــــلام
فاطمة الشيدي كاتبة وشاعرة من عُمان