يشكل عبدالله الطائي الشاعر الأديب والشخصية العامة ، ليس في عُمان أرض الولادة والأسلاف والنشأة ، وإنما في بلاد الخليج ببعده العربي عامة ، يشكّل حلقة مهمة في التجديد الأدبي والرؤية التنويرية النازعة إلى التحرر من مدار القوى الاستعمارية المهيمنة على كل مفاصل الحياة والقرار بتلك المرحلة المضطربة والموّارة بالأحلام والشعارات باتجاه مستقبل من الاستقلال والبناء والحرية .
حلقة مهمة وسيطة نحو حداثة بدأت طلائعها تترسخ في البلاد العربية شعراً سرداً وفكراً ، مفارقاً للسائد والمستتب كيقين نهائي لا يطاله سؤال المعرفة والشك منذ قرون من التكلس والظلام الجاثم على العقل واللغة.
جمع الطائي بين هذين الأقنومين ، الممارسة الاجتماعية والإدارية والسياسية كونه ساهم في تأسيس الكثير من المنابر والهيئات التربوية والثقافية في دول المنطقة ، كما يوضح الملف ، حتى عودته إلى عُمان التي هي هاجسه الأول والأخير، حين ألقى عصا الترحال الطويل الضارب في أماكن وأصقاع شتى. وشرع بالمساهمة في العطاء والبناء الوطنيين عبر خبرته الطويلة التي اكتسبها بدأب وجهد نادرين .
ريادة هذا العصامي الصلب ، في هذا المجال لا تقل عنها ريادتُه في مختلف مجالات المعرفة وتجلياتها ، شعراً ينحو نحو كلاسيكية محدثة ، قصة ، رواية ، مسرح ، بالإضافة إلى مقالاته في مختلف شؤون التاريخ والاجتماع .
عبدالله بن محمد الطائي حلقة أساسية بين تراث عظيم تراكمت إنجازاته وتحققاته عبر تاريخ طويل ، وبين حداثة تشرع أفقها على فضاء الاحتمال والطموح .
لعل مجلة نزوى بهذا الملف المتنوع معرفيا وجغرافيا ، ألقت بعض الضوء على هذه الشخصية العمانية الطليعية في جيلها المفعَم بالغربة والشقاء ، والتي لا تفتأ مضيئة في ذاكرة الثقافة والحياة .