عاشق… وحاكم… ودنيا…
تنام على راحتيها الأقاحي
وتصحو زهورٌ
وفي عنقٍ كالربيع تدلّت من الورد
سلسلةٌ وعقودُ
وعند تخوم الأعاصير في صدرها
يتكوّم ما قد جثا
من غمامٍ على ركبة المغرب الشتويِّ
وتنأى الحدودُ
وتروي ثنايا التلالِ حكايتَنا
في ليالي السهارى
ويحدو اليمام لنرجسةٍ تنزوي
في زوايا الجبالِ
وينتظر المنحنى لحن ساقيةٍ
دوزنته الجرودُ
أيا امرأةً يهدأ الليلُ
في مقلتيها
وتهرب سنبلةٌ من حصار البيادر
تحت مغيب الضفائر
يحلو لقاء الحبيب
ومن في البراري ينادي
أنا والنجوم شريدٌ
وحيدُ
أيا امرأةً، افتحي لي منافيك
كي يستريح جوادي المريض
فكم أنهكته المسافاتُ
وانتظريني على مقعد الموعد
المتهاوي أما وصل الصبحَ مني
بريدُ؟
أنا الملك المستهام المطارد
سيفي يعاندني في حروبي الطوال
وعن حِصن مملكتي وهيامي الأخير
تخلّى الجنودُ
وروحي تعاتب باكيةً جسدي
وجَناني يبوح بحلمٍ
يراودني من زمان الصحارى
عباءة جلدي ستخذلني ذات يومٍ
وأصبح وحدي طريح الندى
من شموس العراء أشيدُ
مغاني للفقراء ومن يولدون
بلا طلقةٍ أو مخاضِ
ومن يقهرون لأنهمُ
قد أحبوا بلادَهمُ
خلسةً أو بعيدا من السلطات
على كتفي كمشةٌ من خيامٍ
ممزّقة وصراخي شتيت الصدى
كعويل الرياح
على قسوة الصخر
متّكئٌ
رأسيَ المستباح
لسيدة القصرِ
لا قوت في جعبتي لا سلاح
ولا لنخيلي مدى وجريدُ
أنا نهدة الصبح غنوة طيرٍ
حكايا بطولات شعبٍ
رواها الجدودُ
فكيف يجردني حاكمٌ لا يعي غير قتلي
من الانتماء ويجعلني عاريا
في بلادي ويجعلني ساغبا
في بلاد الحقول وعند مجاري دموعي
يقام احتفالٌ وعيدُ
دمي في القصور يصيرُ وساما
لكرسيّه لعروش الجماجم
للنفط ينساب نخبا في قدحٍ في مواخيرَ
صارت حدودا بلا وطنٍ ودساتيرَ
ليت دمائي تصير حساما
وليت جناحي المهيض المصاب بروقٌ
وليت صراخي الحزين رعودُ
أيا امرأةً كم مشيتُ الى حلمي فوجدت
الخناجر عند حدود الرموش
أو الشوك في مشتل الغيم منزرعا
فتخاف لقائي السماءُ وتخشى الورودُ
ففي جسدي جدولٌ من صراخٍ يسامرني
وعلى جرحي السرمديّ تكاثر من يشمتون
كأنّ ذبابا يفتّش عن موسم قبل أن يدهم البرد خيمته
تلعق الريح أشرعتي قبل أن تشتهي المخر أو
أن يغادر فرضته مركبٌ متعبٌ
من رسوّ قديم
فملّ البقاء كفزّاعة الحقل لا
خوف منها ولا لهشاشتها
قيمةٌ ووجودُ
أيا امرأةً كيف فتّت قلبي وشظيت الروح
صارت مرايا مبعثرة أو شفاه رضيعٍ مصابٍ
بحرقة جوع كأنّ إناء الحليب استحال
بعيدا كغيمة صيفٍ
تفرّ من البحر حين أتاه الفِطام
وجفّ الوريدُ
شياطين ساومت آلهتها عند
تخوم صلاتي الحزينهْ
كأن خرائبَ روحي قصورٌ
مهشّمةٌ أو بقايا شوارعَ مهجورة
أو مدينهْ..
غديري يغادر ينبوعه مرغما
فيضيع ويبحث عن أمّه البحرِ
بين الوهاد يحنّ الى الخبز في
صدرها المترامي فيسمع صوتا غريبا
كوحيٍ ينادي من الغيم
أكمل مسيلا ولا تلتفتْ للوراءِ
لكي لا تصير مجسّمَ ملحٍ وكي لا
تصيرَ مثالا لمن كفروا يا صغيري الشريد
فمن راح ليس يعودُ
أنا المتفلّت من جسدي
أنكر الظلّ خطوي وأنكرني
من يصادقني كي تصيح الديوك
ويطلع فجرٌ جديدُ
على الأنبياء
أنا يا فتاة الليالي تسابقني الريحُ
نحو ذراعيك فاستقبليني…
لهاثي يفتّش عن نسمةٍ
بين نهديك كي أرسمَ الذكرياتِ
على صفحةٍ من سديم عتيق
تزور العنادل فيها الكروم
فبين طيوري وبين الكروم
عهودُ
وخلف الغيوم تفرّ سنيني
ويركض عمري وراء شموس
الطفولة يبني مراكبَ من ورقٍ
كي تقيني
وتحمي خريفَ العواصف
في بدني..أنحني لتجاعيدَ حطّت رحالا سريعا
على جبهتي فانكسرْتُ
أسير وعكّازة الليل تهدي خطاي
بلا أجرة وضجيج السكوت على ما مضى
من ليالٍ شهيدُ
أنا المتهاوي كراية حربٍ منكّسةٍ
فجيوشي فلولٌ ممزقةٌ
سنواتي هضابٌ مشرذمةٌ
أو قلاع تدلّت من الحزن فيها
البنودُ
سنيني تودّعني..سفني غيرُ هادئةٍ
يتلاعب نوّ خفيف بمجذافها
ما تبقّى ليومي سوى جرعةٍ
من حكايا مبعثرةٍ كمواويل نايٍ يتيمٍ
يحن الى قصبٍ عند ساقية من دموع
الوهاد فيبكي حداءً على تلة
وصداه بعيدُ
أموت وحيدا وأرحل سرًّا بلا كفنٍ
في سحابٍ سريعٍ
كأنّ خيوطا من الشمس تجمع فيّ
الشتاتَ كبحرٍ أجولُ وليس معي
غيرُ تنهيدة الموج حين يهاجر
يترك شيبا حزينا تبعثره الريحُ
بين أيادي الصخور وعند الرمال
تسيل دموع غروب ..وفي غسقٍ
كسرير من المستحيل
وسادته الشمسُ
أغفو كطفلٍ يخاف على لعبةٍ
أن تضيع
فلم يبقَ لي أو لدمعي مآقٍ
فأين الذي يدفع الشرَ عنّي
وأين الذي عن بقائي
يذودُ….