لم تكن عُمان مجهولة في عيون الشعر العربي القديم كما هي مجهولة الآن لدى بعض المثقفين العرب. منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، يتردد اسم عمان في قصائد مشاهير الشعراء العرب مثل الجاهليين: الأعشى، والمثقب العبدي، والمخضرمين: عبدة بن الطبيب، والنجاشي الحارثي، والثالوث الأموي: جرير والفرزدق والأخطل، وكذلك السيد الحميري، وكعب بن معدان الأشقري، وأشهر شعراء العصر العباسي: أبي نواس، وقطبي عصر النهضة: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
الصورة التي ترسمها هذه الأشعار لعمان صورة متعددة الأبعاد. ورغم أن فكرة النأي أو البعد هي المهيمنة على خطاب هذه الصورة، فإن جوانب أخرى للصورة حاضرة في ثنايا هذا الخطاب الشعري؛ منها مثلا: كرامة الأصل، وطيب المنبت، والشجاعة، وحسن الملاذ، وطيب العيش، ووفرة الرزق، والثراء.
إذن، تهدف هذه الورقة إلى استقصاء أبعاد الصورة التي تشكلت عن عمان في الشعر العربي منذ الجاهلية إلى العصر الحديث.
صورة البعد أو النأي
إن موقع عمان في أقصى جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، جعلها مضرب المثل في البعد والنأي. وهذه الصورة تمتد على خارطة الشعر العربي منذ الجاهلية إلى العصر الحديث. ولم يكن الشعر وحده الذي كرس صورة النأي هذه وإنما النص الديني أيضا ساهم في تعزيزها. ولعل أشهر النصوص الدينية التي ربطت عمان بالنأي ما رواه ياقوت الحموي في معجم البلدان «عن الحسن بن عادية قال: لقيت ابن عمر فقال من أي بلد أنت قلت من عمان قال أفلا أحدثك حديثاً سمعته من رسول اللَه صلى الله عليه وسلم قلت: بلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم أرضاً من أرض العرب يقال لها عمان على شاطىء البحر الحجة منها أفضلُ أو خير من حجتين من غيرها وعن الحسن: «يأتين من كل فج عميق» الحج: 27، قال: عمان».
أما في الشعر فمنذ العصر الجاهلي إلى الآن نجد صورة البعد أو النأي تتردد عند كثير من الشعراء العرب. منهم مثلا عمرو بن قميئة. يقول منكرا على قومه حقدهم وجورهم عليه وإضمارهم عداوته؛ حتى أن أهل عمان، على بعدهم، صاروا أقرب إليه منهم:
أُولَئِكَ قَـومـي آلُ سَعدِ بنِ مالِكٍ
فَـمـالوا عَـلى ضِـغْـنٍ عَـلَيَّ وَإِلغـافِ
أَكَنَّوا خُطوباً قَد بَدَت صَفَحاتُها
وَأَفـــئِدَةً لَيـــسَـــت عَـــلَيَّ بِــأَرآفِ
وَكُـلُّ أُنـاسٍ أَقـرَبُ اليَـومَ مِنهمُ
إِلَيَّ وَإِن كانوا عُمانَ أُولي الغافِ
وفي عصر صدر الإسلام، نجد أبابكر الصديق، يدعو إلى الدين الجديد بقوله:
هلمّوا إلى دين النبي محمدٍ
و لو كان في أقصى جبال عُمانِ
و ممن تمثل ببعد عمان، القَتّال الكِلابي (70 هـ/ 689م)، وهو شاعر فتاك، بدوي، من الفرسان، أدرك أواخر الجاهلية، وعاش في الإسلام إلى أيام عبد الملك بن مروان. يقول القتّال في قصيد له يشير فيها إلى ما جاء في الأثر من أن حجة من عمان أفضل من غيرها:
حَلَفتُ بِحَجٍّ مِن عُمانَ تَحَلَّلوا
بِبِئرَين بِالبَطحاءِ مُلقىً رِحالَها
يَسوقونَ أَنضاءً بِهِنَّ عَشِيَّةً
وَصَهباءَ مَشقوقاً عَلَيها جِلالُها
بِها ظِعنَةٌ مِن ناسِكٍ مُتَعَبِّدٍ
يَمورُ عَلى مَتنِ الحَنيفِ بِلالَها
لَئِن جَعفَرٌ فاءَت عَلَينا صُدورُها
بِخَيرٍ وَلَم يُردَد عَلَينا خَيالَها
فَشِئتُ وَشاءَ اللَهُ ذاكَ لِأُعنِبَن
إِلى اللَهِ مَأدى خَلفَةٍ وَمُصالَها
و تعززت هذه الصورة عن بعد عمان في العصور اللاحقة، حتى أن الشاعر الأموي الشهير جرير حين أراد أن يهجو جشع قوم في الأكل لم يجد لهم مكانا أقصى من عُمان. يقول:
لو يسمعون بأكلة أو شربة
ٍ بعُمَانَ أصبح جَمْعُهمْ بعُمَانِ
وترد صورة نأي عمان في ديوان جرير أيضا ضمن قصيدة لامية يجيب فيها الفرزدق على نقيضة من نقائضه. يقول:
فـي لَيـلَتَـيـنِ إِذا حَـدَوتُ قَـصيدَةً
بَـلَغَـت عُـمـانَ وَطَـيِّئ الأَجبالِ
ويقول الشاعر الأموي عبد الله بن عبيد الله بن أحمد ابن الدمينة ( 130 هـ / 747 م) ، مجسدا أيضا بعد عمان:
ولَو أَنَّ أُمَّ الغَمرِ أمسَت مُقيمةً
بِتَثليثَ أَو بالخَطّ خَطّ عُمانِ
تَمَنَيَّتُ اَنَّ اللهَ جامعُ بَينِنا
بما شَاءَ فى الدُّنيَا فَمُلتَقِيَانِ
وفي العصر العباسي عبر أبو نواس أيضا عن بعد عمان، فنراه في إحدى خمرياته يصف الخمرة بأن لها نورا مشعا يكفي لإنارة الدرب من العراق إلى عمان، يقول:
وَخَمّارٍ طَرَقتُ بِلا دَليلٍ
سِوى ريحِ العَتيقِ الخَسرَواني
فَقامَ إِلَيَّ مَذعوراً يُلَبّي
وَجَونُ اللَيلِ مِثلُ الطَيلَسانِ
فَلَمّا أَن رَأى زِقّي أَمامي
تَكَلَّمَ غَيرَ مَذعورِ الجَنانِ
وَقالَ أَمِن تَميمٍ قُلتُ كَلّا
وَلَكِنّي مِنَ الحَيِّ اليَماني
فَقامَ بِمِبزَلٍ فَأَجافَ دَنّاً
كَمِثلِ سَماوَةِ الجَمَلِ الهِجانِ
فَسَيَّلَ بِالبِزالِ لَها شِهاباً
أَضاءَ لَهُ الفُراتُ إِلى عُمانِ
وممن أشار إلى بعد عمان الشاعر الأندلسي ابن شبرين الجذامي ( 674 – 747 هـ / 1275 – 1346 م) وهو قاض ومؤرخ وأديب بارع، من أهل سبتة في الأندلس.
يقول مادحا أحد الأمراء:
ذكرُهُ قَد شاعَ في الأرض
إِلى أَقصى عُمانِ
لا تَراه الدَهرَ إِلّا
حِلفَ سَرج أَو عِنانِ
ومن الشعراء الذين عبروا عن بعد عمان ومشقتها أيضا الأديب الأندلسي أبو رجال بن غَلبون توفي سنة (589هـ / 1193م)، وهو كاتب من أهل مرسية، وكان أديباً متظرفاً بليغاً متصرفاً يَنظم وينثر. يقول متغزلا:
أَستَودِعُ اللَّهَ أَو رِضاهُ
شامِيَّةً تَستَبِي يَماني
وَإِن رَمَت بي النَّوَى عُماناً
تَكُن لي زاداً إِلى عُمانِ
وَفي ضَمانِ اللَّيالي مِنها
ما قَد تَعَالى عَنِ الضَّمانِ
ومن الشعراء الذين تمثلوا ببعد عمان أيضا أحمد بن عبد الله بن هريرة القبيسي المعروف بـ«الأعمى التطيلي» (1092 – 1131 م) وهو شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. وقد رثى فتى من فتيان اشبيلية قتل غيلة، ولم يعلم قاتله، وكان جواداً معروفاً بالكرم ومكارم الأخلاق وعيناً من أعيان البلد، فجزع عليه جزعاً شديداً، وقال يرثيه بهذه القصيدة، التي يتمثل فيها بالنأي المهلك من وراء عمان:
وأيَّامُ حرب لا يُنادي وَليدُها
أهابَ بها في الحيِّ يومُ رهان
فهاب ربيعٌ والكلابُ تَهُرُّهُ
ولا مثلَ مُودٍ مِنْ وراءِ عُمانِ
وفي النصف الأول من القارن الثالث عشر الميلادي، نجد علي بن المقرب العيوني، وهو شاعر هاجر من الأحساء إلى عمان وتوفي في طيوي من المنطقة الشرقية، يكرس صورة النأي هذه بقوله:
عَـلى مَ وَفـي مَ ظُلماً تَلحَياني
ذَرانـي لا أَبـا لَكُـمـا ذَراني
وَحَـسـبُـكُـمـا فَـمـا سَـمعي بِمُصغٍ
وَلا واعٍ لِمــا تَــتَــحَــدَّثــانِ
فَـلي هِـمَـمٌ إِذا جاشَت أَرَتني
قُـرى عَـمّـان مِـيـلاً مِـن عُـمـانِ
و في العصر الحديث نجد الشاعر الموريتاني محمد ولد ابن ولد أحميدا الشقروي (1897 – 1943 م) يجسد صورة نأي عمان حين يمدح قصائده ويرى بأنها ما إن ينشدها حتى تتلقفها الركبان من فاس في المغرب العربي إلى عمان في المشرق.
يقول:
إِذَا رُمتُ قَطفَ الشِّعرِ أدنَى قُطُوفَهُ
إِليَّ فَـأَجِـني مِنهُ مَا أنَا جَانِ
فَـقَـاصِـيـهِ دَانٍ لِي وعَاصِيهِ دائنٌ
وأعــيــنُــهُ شَــوقـاً إليَّ رَوَانِ
ولَم أكُ فــي أخــذِي لَهُ مُـتَـكَـلِّفـاً
فَـمَـا هُـو إلاَّ مُـخـتَـفٍ بِلِسَاني
تَـنَـاشَـدَهُ الرُّكـبَـانُ فـي كُلِّ مَوكِب
وَتَـقـذِفُـهُ فَـاسٌ لأرضِ عُـمَـانِ
وفي العصر الحديث أيضا نجد أمير الشعراء أحمد شوقي يكرس الصورة نفسها حين يعبر عن وحدة الألم التي تجمع العرب من المغرب إلى المشرق. يقول في قصيدة له:
قَـد قَـضى اللَهُ أَن يُؤَلِّفَنا الجُر
حُ وَأَن نَـلتَـقـي عَـلى أَشـجـانِه
كُــلَمــا أَنَّ بِــالعِـراقِ جَـريـحٌ
لَمَسَ الشَرقُ جَنبَهُ في عُمانِه
صورة الملاذ الآمنر، بما لبعدها ونأيها عن نفوذ السلطات المستبدة خاصة في العصرين الأموي والعباسي، كانت عمان ملاذا آمنا لبعض الشعراء العرب الذين فروا إليها خوفا من البطش والظلم. ولعل أول شاعر هاجر إلى عمان حقنا للدماء وطلبا للأمن هو قيس بن زهير العبسي الذي هاجر إلى عمان بعد حرب داحس والغبراء في الجاهلية.
ذكر هجرته هذه ابن منظور في لسان العرب، حيث يقول: « وشاعَكم السلامُ كما تقول عليكم السلامُ، وهذا إِنما يقوله الرجل لأَصحابه إذا أَراد أَن يفارقهم كما قال قيس بن زهير لما اصطلح القوم: يا بني عبس شاعكم السلامُ فلا نظرْتُ في وجهِ ذُبْيانية قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وسار إِلى ناحية عُمان وهناك اليوم عقِبُه وولده». ويؤكد هجرة قيس أيضا ابن الأثير في كتابه «الكامل في التاريخ» ولكن بتفصيل آخر. يقول:
«وقيل: إن قيس بن زهير لم يسر مع عبس إلى ذبيان وقال: لا تراني غطفانيةٌ أبداً وقد قتلت أخاها أو زوجها أو ولدها أو ابن عمها، ولكني سأتوب إلى ربي، فتنصر وساح في الأرض حتى انتهى إلى عمان فترهب بها زماناً، فلقيه حوج بن مالك العبدي فعرفه فقتله وقال: لا رحمني الله إن رحمتك» .
وفي العصر الأموي كثر الشعراء الذين فروا من بطش الحجاج بن يوسف وغيره من ولاة بني أمية، فكان الملاذ الآمن لهم في الغالب عمان وإن طالتهم أيدي الحجاج أحيانا. من هؤلاء الشعراء عمران بن حطان، وهو شاعر كما ذكر أبو الفرج الأصبهاني في أغانيه خرج من العراق «فنزل بعُمان بقوم يكثرون ذكر أبي بلال مرداس بن أدية ويثنون عليه ويذكرون فضله فأظهر فضله ويسر أمره عندهم وبلغ الحجاج مكانه فطلبه فهرب فنزل في روذميسان طسّوج من طساسيج السواد إلى جانب الكوفة – فلم يزل به حتى مات وقد كان نازلاً هناك على رجل من الأزد فقال في ذلك:
نزلت بحمد الله في خير أسرةٍ
أسر بما فيهم من الإنس والخفرْ
نزلت بقومٍ يجمع الله شملهم
وما لهم عودٌ سوى المجد يعتصر
من الأزد، إن الأزد أكرمُ أسرةٍ
يمانيةٍ قربوا إذا نُسب البـشـر
وأصبحت فيهم آمناً لا كمعشرٍ
بدوني فقالوا من ربيعة أو مضر
أو الحيِّ قحطانٍ وتلك سفاهةٌ
كما قال لي روحٌ وصاحبه زفر
وما منهم إلا يُسرُّ بنسبةٍ
تقربني منـهـم وإن كـان ذا نـفـر
فنحن بنو الإسلام والله واحدٌ
وأولى عباد الله بالله مـن شـكـر .
و منهم سَوّار بن المِضَرَّب السعدي من بني سعد بن زيد مناه بن تميم. عارض الحكم الأموي أيام الحجاج بن يوسف الثقفي في الكوفة , فطلبه الحجاج ليقتله , فاستطاع أن يهرب وينجو منه إلى عمان كما يؤكد ذلك المبرد في كتابه الكامل. وهو يقول في ذلك:
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي
وقـــومـي تـمــيمٌ والـــفـــلاة ورائيا
وقد أورد الأخفش الأصغر في «كتاب الاختيارين» لسوار بن المضرب هذه القصيدة التي يحن فيها إلى المواطن التي وجد فيها السكن والأمن في عمان:
ألم تَـرَنـي وَإِن أَنـبَـأتُ أَنّي
طَوَيتُ الكَشحَ عَن طَلَبِ الغَواني
أُحِـبُّ عُـمـانَ مِـن حُـبّـي سُلَيمى
وَمــا طِـبي بِـحُـبِّ قُـرى عُـمـانِ
عَـلاقَـةَ عـاشِـقٍ وَهَـوىً مُـتاحاً
فَـمـا أَنـا وَالهَـوى مُتَدانِيانِ
تَـذَكَـرُّ مـا تَـذَكَّرـ مِـن سُلَيمى
وَلَكِــنَّ المَــزارَ بِــهــا نَـآنـي
فَـلا أَنـسى لَيالِيَ بِالكَلَندى
فَـنـيـنَ وَكُـلُّ هَـذا العَـيشِ فانِ
وَيَـومـاً بِـالمَـجازَةِ يَوم صِدقٍ
وَيَـومـاً بَـيـنَ ضَـنـكَ وَصَـومَـحانِ
أَلا يَـا سَـلمَ سَيِّدَةَ الغَواني
أَمـا يُـفـدى بِـأَرضِـكِ تِـلكَ عانِ
وَما عَانيكِ يا اِبنَةَ آلِ قَيس
بِــمَـفـحـوشٍ عَـلَيـهِ وَلا مُـهـانِ
أَمِن أَهلِ النَقا طَرَقَت سُلَيمى
طَـريـداً بَـيـنَ شُـنـظُبَ وَالثَمانِ
سَـرى مِـن لَيـلِهِ حَـتّى إِذا ما
تَـدَلّى النَـجمُ كَالأُدمِ الهِجانِ
رَمـى بَـلَدٌ بِـهِ بَـلَداً فَأَضحى
بِـظَـمأى الريحِ خاشِعَة القِنانِ
ومن هؤلاء الشعراء الذين هربوا إلى عمان ساعة المحنة والخوف على النفس كعب بن معدان الأشقري. قال أبو الفرج في أغانيه: ونسخت من كتاب النضر بن حديد لمّا عُزِل يزيدُ بن المهلب عن خراسان ووليها قتيبة بن مسلم مدحه كعب الأشقري ونال من يزيد وثلبه ثم بلغته ولاية يزيد على خراسان فهرب إلى عمان على طريق الطبسين وقال:
وإنِّي تاركٌ مَرْواً ورائي
إلى الطَّبَسَيْنِ معتامٌ عُمانا
لآوِي معقِلاً فيها وحِرْزاً
فَكُنَّا أهلَ ثروتها زمانا
ومنهم أيضا السَمهَري العُكلي. شاعر لص كانت له غارات على القوافل، وقبض عليه وسجن أكثر من مرة وانتهى أمره بالقتل، له شعر في أشعار اللصوص وأخبارهم. يقول في أبيات يمتدح فيها حاجب بن المفضل بن المهلب بن أبي صفرة عامل عمان لعمر بن عبد العزيز، حيث ضاقت به الدنيا فلم يجد متسعا يفر فيه من ملاحقة الشرطة له:
أَقولُ لأَدنَـى صاحِبَـيَّ نَصيحَـةً
وَلِلأَسْمَـرِ المِغـوارِ مَـا تَـرَيـانِ
فَقالَ الَّذِي أَبدَى لِي النُّصحَ مِنهُمَـا
أَرَى الرَّأيَ أَن تَجتازَ نَحـوَ عُمـانِ
فَإِن لا تَكُن فِي حاجِـبٍ وَبِـلادِهِ
نَجاةٌ فَقَد زَلَّـت بِـكَ القَدَمـانِ
فَتَى مِن بَنِي الخَطَّابِ يَهتَـزُّ لِلنَّـدى
كَما اهتَزَّ عَصبُ الشَّفرَتَيـنِ يَمـانِ
هُوَ السَّيفُ إِن لا يَنَتـهُ لانَ مَسُّـهُ
وَغَـربـاهُ إِن خَاشَنتَـهُ خَشِنـانِ
صورة الرزق وطيب العيش
ثمة حديث متداول في مصادر التراث العربي وهو «من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان» . ونجد في ديوان الشعر العربي أمثلة عديدة تؤكد أن بعض الشعراء العرب جاء إلى عمان طلبا للرزق ونشدانا للحياة الكريمة. ولعل الشاعر الجاهلي أعشى قيس كان أول الشعراء العرب الذين فاؤوا إلى عمان طلبا للرزق والحياة الكريمة؛ فقصائده تثبت أنه زار الجلندى بن كركر ملك عمان أواخر الجاهلية ومدحه طلبا في كرمه وعطاياه. وهذا ليس بمستبعد لأن الجلندى كان أيضا شاعرا وملكا مشهورا شأنه شأن المناذرة في العراق والمنذر بن ساوى في البحرين، وكانت سيطرته على سوقي دبا وصحار، وهما من أسواق العرب الشهيرة آنذاك، فكان يعشر التجار فيهما، ولا يَبيع الناس في هاتين السوقين حتىّ يبيع الجلندى ما لديه من بضاعة. يقول الأعشى:
وَصَـحِـبـنـا مِـن آلِ جَـفنَةَ أَملاكا
ً كِراماً بِالشامِ ذاتِ الرَفيفِ
وَبَني المُنذِرِ الأَشاهِبِ بِالحيرَةِ
يَــمــشـونَ غُـدوَةً كَـالسُـيـوفِ
وَجُـلُنـداءَ فـي عُـمـانَ مُـقـيـماً
ثُـمَّ قَـيـسـاً في حَضرَمَوتَ المُنيفِ
وفي قصيدة ميمية من بحر المتقارب يمدح بها قيسَ بن معدي كرب، يدور هذا الحوار بين الأعشى وابنته:
تَقولُ اِبنَتي حينَ جَدَّ الرَحيل
ُ أَرانـا سَـواءً وَمَن قَد يَتِم
أَبـانـا فَـلا رِمـتَ مِن عِندِنا
فَـإِنّـا بِـخَـيرٍ إِذا لَم تَرِم
وَيـا أَبَـتـا لا تَـزَل عِـنـدَنا
فَـإِنّـا نَـخـافُ بِـأَن تُـختَرَم
أَرانـا إِذا أَضـمَـرَتـكَ البِلا
دُ نُجفى وَتُقطَعُ مِنّا الرَحِم
أَفـي الطَـوفِ خِفتِ عَلَيَّ الرَدى
وَكَـم مِـن رَدٍ أَهلَهُ لَم يَرِم
وَقَــد طُــفــتُ لِلمـالِ آفـاقَـهُ
عُـمـانَ فَـحِـمـصَ فَـأوريـشَـلِم
و في عهد البويهيين الذين حكموا عمان خلال النصف الأول من القرن العاشر الميلادي وبداية القرن الحادي عشر، نجد أهم شاعرين وصفا رخاء العيش وطيبه، وإن كان مقتصرا في ظننا على بلاط بني مُكْرَم، وهما أبزون العماني ومهيار الديلمي. يقول أبزون معبرا عن هناء عيشه في عمان تحت ظل السلطان أبي القاسم مؤيد الدولة:
هـا إنّ أرضَ عـمـانَ أنـفَـسُ بـقعَةٍ
ومـؤيَّدـُ السـلطـان أكـرم صـاحبِ
مـا زال إمّـا فـي صـدور مـجـالس
ٍ يـبـني العُلاء وفي قلوب مواكبِ
والى أيـاديـه صـرفـتُ مـطـامـعـي
وعـلى مَـعـاليـه وقـفـتُ مطالبي
و كان مهيار الديلمي أكثر وضوحا في وصف هذا الرخاء الذي اتسم به بلاط بني مكرم في عمان. ومن قصائده الرائعة التي مدحهم بها هذه البائية:
وحبُكَ من وفيّ العهدِ باقٍ
على بعدٍ يُحيلُ أو اقترابِ
هوىً لكَ في جبالِ أبانَ ثاوٍ
وأنتَ على جبالِ عُمانَ صابي
و كان المجدُ أعودَ حين يهوي
عليكَ من المهفهفة الكعابِ
و إن وراء بحر عمانَ ملكاً
رطيبَ الظلّ فضفاضَ الرحابِ
رقيقٌ عيشهُ عطرٌ ثراهُ
بطرّاقِ الفضائلِ غيرُ نابي
متى تنزلْ به تنزلْ بوادٍ
من المعروفِ مرعيّ الجنابِ
يقول ليَ الغنى ورأى قعودي
عن السعي المُموِّلِ والطلابِ
أما لكَ في بحارِ عُمانَ مالٌ
يسدُّ مفاقرَ الحاجِ الصعابِ
و يقول مهيار في موضع آخر يمدح به أبا القاسم مؤيد الدولة:
ورأت عُـمـانُ وأهلُها بك ما
أغنى الفقيرَ وأمّنَ المثري
صـارت بـجـودك وهـي موحشةٌ
أُنـسَ الوفـودِ وقِبلةَ السَّفْرِ
وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر نجد شاعرا عراقيا اسمه جعفر القزويني ( 1265 هـ/ 1848 م)، واسمه السيد جعفر بن باقر بن أحمد بن محمد الحسيني القزويني. من مشاهير شعراء وأدباء عصره. ولد بالنجف ونشأ بها، وأخذ العلم على مشاهير عصره في العلم والأدب، وأقبل على مجالس الشعر والأدب، ولكن تكالبت عليه الدنيا فأثقل بالديون، فرحل إلى مسقط مادحاً سلطانها السيد سعيد بن سلطان، فأدركته منيته فيها. يقول معبرا عن الدين الذي أثقل كاهله، ودعاه إلى عمان مادحا سلطانها:
لما رماني الدهر بالنوب
الشدائد والهزاهز
وألان صعدتي التي
صلبت وما لانت لغامز
ودعاني الزمن الخؤون
بأهله هل من مبارز
قالت لي الآراء والف
كر الثواقب في الغرائز
شرق وسل عن ماجد
يعطي الجواهر بالجوائز
فإذا بلغت إلى سعيد
في عمان فلا تجاوز
واعلم بأن أبا هلال
عن مرادك غير عاجز
يوليك ما ترجو ولا
يثنيه عنه غمز غامز
فتعود مقضي الديون
إلى العراق وأنت فائز
ويجيز ما ترجو ببذل
صادق الدفعات ناجز
ومن الشعراء الذين جاءوا إلى عمان نشدانا للحياة الكريمة أيضا الشاعر العراقي عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب، الملقب بالأخرس لعقدة في لسانه، ( 1810 – 1873 م) . وهو شاعر مجيد، كان معاصرا للبارودي، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة. له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس) مطبوع في أستنبول سنة 1887. يظهر من هذا الديوان أن الأخرس عاش في كنف السلطان سالم بن ثويني الذي دام حكمه سنتين فقط خلال الفترة (1866-1868). ومن المحتمل أيضا أنه التقى بالسيد سالم في الهند التي آوى إليها بعد الانقلاب الذي قام به عزان بن قيس والشيخ سعيد بن خلفان الخليلي عليه؛ إذ نجد في سيرة الأخرس أيضا أن داود باشا والي بغداد أرسله إلى الهند لعلاج الخرس الذي أصابه، وإن كنا نرجح الاحتمال الأول وهو عيشه في كنف السيد سالم أثناء حكمه؛ لما توحي به القصيدتان من معايشة الشاعر الأخرس للأحداث السياسية في عمان آنذاك. يمدح عبد الغفار الأخرس السلطان سالم ويدافع عنه، منكرا على أعدائه أنه قتل أباه السيد ثويني. يقول في القصيدة الأولى:
انْظُر إلى الأَشراف كيف تسود
ُ وإلى أُباة الضَّيم كيف تريدُ
إذ يدَّعي بالملك من هو أهله
والحزم يقضي والسيوف شهود
يوم ثوى فيه ثويني في الثرى
يوم بسالم للبريَّة عيد
ما للذي عبد الصخور من الَّذي
عَبد الإِله ودينُه التوحيد
قل للذي ذمَّ الإِمام بشعره
قد فاتك المطلوب والمقصود
ولقد عميتَ عن الهُدى فيمن له
نظرٌ بغايات الأُمور حديد
السَّيّد السند الرفيع مقامه
ومقامه الممدوح والمحمود
أنَّى تحقّر بالفهاهة سيِّداً
من حقّه التعظيم والتمجيد
سخط الحسود بما به من سالم
رضي الإِله الواحد المعبود
من لام سالم في أبيه فلومه
حُمْقٌ لعمري ما عليه مزيد
ما عَقَّ والِدَه ولا صدق الَّذي
نَسَبَ العقوقَ إليه وهو جحود
وافى ثويني في الفراشِ حمامُه
وأتى عليه يومُه الموعود
هذا قضاء الله جلَّ جلاله
لا والدٌ يبقى ولا مولود
رأي رأى فيه الإِصابة سالمٌ
بالله أُقسِمُ إنَّه لسديد
فله يصحّ الاجتهاد بعلمه
في شأنه ولغيره التقليد
لما تيقَّظ عزمه من غفلةٍ
فيها عقول الجاهلين رقود
وأرابه أمرٌ يعمُّ وبالُه
وعلى عمان بما يسوء يعود
وَليَ الأُمور بنفسه فتصَرَّمَتْ
تلك الحوادث والخطوب السود
وأقرَّ هاتيك الممالك بعدما
كادت تمور بأهلها وتميد
ولقد حماها بالصوارم والقنا
فعمان غيل والرجال أُسُود
لا خير في ملك إذا لم يحمه
بأس يذوب له الحديد شديد
ترد الطغاة الحتفَ من صمصامه
هذا ومنهل جوده مورود
مه يا عذول مفنّداً من جهله
ماذا يفيد العذل والتفنيد
ولقد قضى نحباً أبُوه وقد مضى
ما لامرئٍ في الكائنات خلود
خير من المفقود عند وفاته
هذا الإِمام السالم الموجود
أبقى له الذكرَ الحميدَ فصيته
قد يخلق الأَعمار وهو جديد
سفهاً لهنديّ أراد بنصحه
غِشًّا وكلّ مقاله مردود
نظم القريض ليستميل قلوبنا
عنه وذاك من المريد بعيد
خَفِيَتْ على فهم البغيّ مقاصد
فيها وما عرف المرامَ بليد
متوعد الإِسلام من أعدائه
ما ضمنه التقريع والتهديد
ليكيد فيها المسلمين بخدعة
لا يعرف الشيطان كيف يكيد
ليست عمان ولا صحار ومسقط
هنداً ولا العرب الكرام هنود
لو تقرب الأَعداءُ منها لاصطلت
ناراً لها في الملحدين وقود
وإمام مسقط لا يروع جنابَه
عند اللّقاء بوارقٌ ووعود
قد بايعته على عمان رجاله
أكْرِمْ بهم فهمُ الرجال الصيد
ويقول عبد الغفار الأخرس في قصيدة ميمية، مادحا فيها السيد سالم بن ثويني ومنتصرا له ضد عمه السيد تركي بن سعيد الذي كان معارضا لحكمه:
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
وهوَّنَ الله أمراً كان قد عظما
أمست عمان وأنت الشهم سيدها
لا يُستباح لها في الحادثات حمى
مدت إليها يد الجاني فما ظفرت
إلاَّ بما أعقب الخسران والندما
من بعد ما هاج شراً من مكانته
وكاد يوقد في أطرافها ضرما
تمسكاً بجبال الشمس من طمع
ومورداً من سراب لا يبلّ ظما
فلم يوفَّقْ إلى نجح يؤمِّله
والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما
لم يهده الرأي إلاّ للضلال ولا
يزيده عدم التوفيق غير عمى
أضلَّ مسعاه تركي في غوايته
كأنه اختار عن وجدانه العدما
نصحته وبذلتَ النصح تنذره
مستعملاً بالنذير السيف والقلما
فما ارعوى لك عن وهم توهمه
كأنَّ في أذنه عن ناصح صمما
أراد في زعمه أنْ يستطيل على
عمان قهراً فلم يظفر بما زعما
وكان غايته الحرمان يومئذٍ
ولو أطاعك واسترضاك ما حرما
خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم
ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما
وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له
فقيل خصمان في إرث العلى اختصما
حتى ذا كان لا يصغي إلى حكم
حكمتما الصارم الهندي بينكما
قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى
فيا له حكمٌ عدلٌ إذا حكما
وما تجاوزت الإنصاف شفرته
وما أضلَّ بمظلوم وإن ظلما
وقالت الناس باديها وحاضرها
ما جار سالم قفي حكم ولا ظلما
أنزلته من منيعات الحصون ولو
تركت تركي رهين الحصن مات ظما
أراد مستعصماً فيه ومعتصماً
وما رأى في منيع الحصن معتصما
ولم يجد سلَّما يرقى السماء به
ولو رمى نفسه في البحر لالتقما
وإنَّه قبلَ إعطاء الأمان له
ما استشعر الموت حتى استشعر الندما
وغرَّه مَن دعاه في خيانته
فجاءها عقبات الموت واقتحما
أذقته العفو حلواً عن جنايته
وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما
عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ
والعفو أقرب للتقوى كما علما
وما هتكت وأيم الله حرمته
وكان عندك حتى زال محترما
وربما لامك اللّوام عن سفهٍ
وقد يلومك بين الناس من لؤما
أما وربِّك لو أربى طغى وبغى
وما عفا مثلما تعفو بل انتقما
رحمته ولو استولى عليك لما
أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما
أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته
ليظهر الفضل والتمييز بينكما
والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها
لو نال من سالمٍ تركي لما سلما
لا زال يولي جميلاً من صنائعه
وهكذا كرم الشهم الذي كرما
من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نهى
ً رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما
تبارك الله ما أبهى سناه فتىً
كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما
الثابت الجأش في سِلْم ومعترك
في موطن الفخر قد أرسى له قدما
الباسم الثغر والهيجاء عابسة
والسيف يقطر من هام الكماة دما
فمن صدور العوالي ما يرى وصباً
ومن نفوس المعالي ما شفى سقما
تساهما هو والجد السعيد بما
حازاه من كرم الأخلاق واقتسما
ويا له ولد أعنيه من ولدٍ
أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما
تحفُّه من عمان سادةٌ نجبٌ
تسمو لهم في سماوات العلاء سما
يحمون سيّدهم من كلّ نازلة
بفيصل يغلق الهامات والقمما
ولم يكن غيره الحامي لحوزتها
إذا أدلهمّ من الأخطار ما دهما
تبيت لا كملوك الهند تكلأها
ندعو من الله فيها فاغرين فما
لولا وجودك هذا الداء ما حسما
وذلك الصدع لولا أنت ما التأما
لطف من الله فيك أظهره
من بعد ما كان سر اللطف مكتتما
وافت إلينا فوافت بالسرور كما
ندعو من الله فاغرين فما
سرّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت
منها النفوس وأنف الصند قد رغما
بشارة عمَّت الدنيا مسّرتها
واهتز منها العلى والمجد وابتسما
قد يسَّرَ الله أمراً أنت فعله
وإن لله في تقديره حِكَما
لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً
كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى
فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً
ومن عطاياك ما قد يخجل الديما
ولم أزل كلماتي فيك أنظمها
كما تتابع قطر المزن وانسجما
صورة جواهر بحر عمان
يعود التنويه بلآللئ عمان وجواهرها في متون التراث العربي إلى العصر العباسي حين فتح الجاحظ بابا بعنوان «باب ما يعتبر من الجواهر النفيسة ومعرفتها وقيمتها» في رسالته «التبصرة بالتجارة»، وينوه الجاحظ فيها باللؤلؤ العماني. يقول:
«وخير اللؤلؤ الصافي العماني المستوي الجسد الشديد التدحرج والاستواء وإذا كانت حبتان متساويتين في الشكل والصورة واللون والوزن كان أرفع لثمنهما والعماني أنفس وأرفع من القلزمي لأن العماني عذب نقي صاف والقلزمي فيه ملوحة مع عيب كثير» .
و لعل أقدم الصور التي استعانت باللؤلؤ العماني في الشعر العربي تعود إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي، حيث نجد الشاعر الدمشقي درويش محمد بن أحمد الطالوي الأرتقي أبا المعالي (1543-1605) يقول واصفا قصائد مديحه ومشبها إياها بجواهر عمان:
قَــلَّدتَــهــا دُرَّ المَــدائِحِ لُؤلُؤاً
رَطـبـا يَـكـاد يَفوقُ دُرَّ عُمانِهِ
وَكَـسَـوتَـهـا وَشـيَ الثَـناءِ مُحبَّرا
بُرداً يَفوحُ المسك مِن أَردانِهِ
وفي القرن التاسع عشر تبرز صورة جواهر بحر عمان أكثر جلاء في قصائد بعض الشعراء العرب، ومنها قول محمد بن اسماعيل المكي (1795-1857) المعروف بشهاب الدين. أديب ولد بمكة، وانتقل إلى مصر، فنشأ بالقاهرة، وأولع بالأغاني وألحانها. وساعد في تحرير جريدة (الوقائع المصرية) وتولى تصحيح ما يطبع من الكتب في مطبعة بولاق. يقول مادحا إبراهيم باشا:
يَمّم اليمَّ ورِدْ ما تشتهي
و على الموردِ يا صاحِ الضمانْ
لم يكنْ في كلِّ بحرٍ لؤلؤٌ
إنمــا اللــؤلــؤُ في بحــرِ عُمـَـانْ
و يقول مقرظا كتاب «روح البيان»:
فديـتُ بروحيَ روحَ البيـان
ْ ففي طيِّه نشرُ روحِ الجِنانْ
هو البحرُ تخرج منه اللآلي
و كم لؤلؤٍ قد أتى من عُمَانْ
وفي النصف الأول من القرن العشرين نجد بعض الشعراء العرب يتخذ من لآلئ بحر عمان صورة للنفيس من الأشعار والأفكار. يقول حافظ إبراهيم (1872- 1932) مثلا واصفا قصائده:
أغريتُ بالغوص أقلامي فما تركتْ
في لـُجّةِ البحرِ من دُرٍّ ومَرْجــانِ
شكـا عُمـَانُ وضـجّ الغائصـون به
على اللآلي وضجّ الحاسدُ الشاني
و يقول أيضا راثيا الشاعر إبراهيم صبري:
ليهدأ عُمـانُ فغوّاصُه
أصيب وأمسى رهينَ الحُفـَرْ
فقد كان يعتاده دائمـا
بكـورا رؤوحـا لنَهْـبِ الدُّرَرْ
و يقول راثيا جورجي زيدان سنة 1914:
ويا قبرَ زيدانٍ طويتَ مؤرخا
تجلـّى له ما أضمـر الفتـَيــَانِ
وعقـلا وَلُوعـا بالكنـوزِ فإنه
على الدُّرِّ غوّاصٌ ببحر عُمَانِ
ويقول الشاعر المصري علي الجارم (1881-1946) في مديح أحمد شوقي:
ينثر الدُّرَّ عبقريـا عجيبــا
ليس من مسْقطٍ ولا من عُمَانِ
أنا بالدُّرِّ أخبرُ الناسِ لكنْ
ذلك النــوعُ نـَـدّ عن إمكــانـي
ومن الشعراء المحدثين الذين أشاروا إلى جواهر بحر عمان أيضا الشاعر اللبناني أبو الفضل الوليد 1886 – 1941 م، وهو شاعر من أدباء المهجر الأميركي، ولد بقرنة الحمراء في المتن بلبنان، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت، وهاجر إلى أميركا
الجنوبية 1908 فأصدر جريدة الحمراء بالبرازيل، واتخذ لنفسه اسم أبي الفضل الوليد سنة 1916، بينما اسمه الحقيقي إلياس عبد الله طعمة. عاد إلى وطنه سنة 1922، وقام برحلات في الأقطار العربية وغيرها. يقول متغزلا:
جمانةُ لاقَتني بسمطِ جمانِ
وفي ثغرِها منهُ عَددت ثماني
فقالت تُرى أيُّ الجمانِ مفضَّلٌ
فقلتُ جمانُ الثَّغرِ خيرُ جمانِ
عرفتُ من الدرّ الثمينِ صنوفَهُ
وما كنتُ غوّاصاً ببحرِ عُمَان
سميّةُ ما في ثَغرها ونظامها
شآميّةٌ زهراءُ أختُ يمان
صورة أزد عمان
تترد في الشعر العربي أيضا صورة أزد عمان؛ إذ كانوا مثالا للعز ومنبت الكرامة، ويفرق الشعراء بينهم وبين أزد شنوءة في العراق. ومن أوائل الأشعار التي نجد فيها هذه الصورة، قول الشاعر النجاشي الحارثي، الذي اشتهر بهجائه في الجاهلية والإسلام:
وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلِ سَوِيَّةٍ
وَرِجلٍ بهَا رَيْبٌ مِنَ الْحَدَثَانِ
فَأمَّا الَّتِي شلَّتْ فَأزْدُ شَنُوءَةٍ
وَأَمَا التِي صَحًّتْ فأزْدُ عُمَانِ
و من الأشعار التي تمجد أزد عمان أبيات للشاعر إسماعيل بن محمد بن يزيد الحميري، المعروف بلقب «السيد الحميري». يقول فيها:
إن تسأليني بقومي تـسـألـي رجـلاً
في ذُرْوة العز من أحـياء ذي يمـن
حولي بها ذو كَلاعٍ في مـنـازلـهـا
وذو رَعـينٍ وهـمـــدانٌ وذو يزنِ
والأزد أزدُ عُـمـانَ الأكـرمـون إذا
عُدتْ مآثرُهم في سالـف الـزمـن
و يقول أبو نواس مادحا ندماءه من أزد عمان:
طربتُ إلى خمرٍ وقصفِ الدساكرِ
ومنـزلِ دُهقـانٍ بها غيـر دائــرِ
بفتيانِ صدقٍ من سَراة ابن مـالـكٍ
وأزدِ عُمان ذي العُلى والمفاخرِ
وفي النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي نجد أيضا ابن المقرّب العيوني 572 – 629 هـ / 1176 – 1231 م، يقول مادحا أزد عمان:
فَالأَزدُ أَجلوا قَبلَكُم عَن مَأرِبٍ
وَهُمُ جِبالُ العِزِّ مِن كَهلانِ
فَبَقُوا مُلُوكاً بِالعِراقِ وَيَثرِبٍ
وَالشامِ وَاِنفَرَدُوا بِمُلكِ عُمانِ
صورة الجِمال العمانية الأصيلة
في الشعر العربي تترد أيضا صورة النوق العمانية العربية الأصيلة التي تفنن في وصفها كبار الشعراء من أمثال ذي الرمة، وجرير.
الشاعر الأموي ذو الرمة، وهو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر، من فحول الطبقة الثانية في عصره، وقد قال عنه أبو عمرو بن العلاء: فُتِح الشعر بامرئ القيس وخُتِم بذي الرمة. يقول ذو الرمة في وصف ناقته:
عُــمــانِــيَّةــٌ مَــهــرِيَّةــٌ دَوسَــرِيَّةــٌ
عَلى ظَهرِها لِلحِلسِ وَالكورِ مِحمَلُ
مُــفَــرَّجَــةٌ حَــمـراءُ عَـيـسـاءُ جَـونَـةٌ
صُـهـابِـيَّةـُ العُثنونِ دَهماءُ صَندَلُ
تَـراهـا أَمـامَ الرَكـبِ فـي كَـلِّ مَـنـزِلٍ
وَلَو طـالَ إيـجـاف بِـهـا وَتَرَحُّلُ
تَرى الخِمسَ بَعدَ الخِمسِ لا يَفتِلانِها
وَلَو فارَ لِلشِعرى مِنَ الحَرِّ مِرجَلُ
تُــقَــطِّعــُ أَعــنــاقَ الرِكـابِ وَلا تَـرى
عَلى السَيرِ إِلاّ صِلدِماً ما تُزَيِّلُ
تَــرى أَثَــرَ الأَنــسـاعِ فـيـهـا كَـأَنَّهـُ
عَـلى ظَـهـرِ عـادِيٍّ يُـعـاليهِ جَندَلُ
وَلَو جُـعِـلَ الكـورُ العِـلافِـيُّ فَـوقَـهـا
وَراكِـبُـهُ أَعـيَـت بِـهِ مـا تُـحَـلحِلُ
يَـرى المَـوتَ إِن قـامَـت وَإِن بَرَكَت بِهِ
يَـرى مَـوتَهُ عَن ظَهرِها حينَ يَنزِلُ
تُــرى وَلَهــا ظَــهـرٌ وَبَـطـنـٌ وَذُروَةٌ
وَتَـشـرَبُ مِـن بَـردِ الشَرابِ وَتَأكُلُ
ويقول ابن المقرب العيوني واصفا نوقه التي ارتحلت به من موطنه في الأحساء إلى عمان:
وَجـازَت قُـرى البَحرَينِ عِيسي وَأَصبَحَت
عُـمـانِـيَّةـً وَاِسـتَـبـهـلَتـهـا سَـواحِـلُه
وَأًصـبَـحَ فـي الحَـيِّ اليَـمـانيّ رَحلُها
وَحَـــفَّت بِــهِ أَقــيــالُهُ وَمَــقــاوِلُه
وفي العصر الحديث نجد عبد الجليل الطبطبائي (1776-1853)، واسمه عبد الجليل بن ياسين بن إبراهيم بن طه بن خليل الطبا طبائي الحسني البصري. شاعر، من أهل البصرة، ولد بها، ورحل إلى (الزبارة) في قطر، فسكنها إلى أن استولى عليها آل سعود، فانتقل إلى البحرين، وظل فيها إلى سنة 1259هـ، ثم استوطن (الكويت) وتوفي بها. يقول:
أَتَـيـتُكَ أَطوي البيدِ وَالقَصدُ زورَة
وَأَزكــي تَــحِــيّــات أَبــلِغــهــا تَــتــرى
فَلَمّا حَطَّطنا الرحل في دارِكَ الَّتي
عَـلى ربـعِها المَأهولِ سَحبُ الرِضى دَرا
جَــرى قَــدرُ الرَحــمــنِ أن مـطـيّتـي
تَـكـونُ لَهـا البَـطحاءُ يا سالِماً قَبرا
وَمــا هِــيَ إِلّا فِــرعُ كُــلّ نَـجـيـبَـة
عــمــانــيــة قَــوداءَ مُــهــريــة شَـقـرا
أَلا فَـلتَـهـبْ لي يـا حَـبـيبَي مِطيَة
يَـلَذُ بِـهـا عَـيشي لَدى السَيرِ وَالمُسرا
عُـمـانـيـة تَـسـوي المَـثـينَ سَنامُها
بَــعـيـد عَـلى مَـن رامَ ذَروَتَـهـا حَـمـرا
وَحاشاكَ تَرضى أَن أَرى دونَ رِفقَتي
عَــلى نــاقَــةٍ سَـوداءَ جَـربـاءَ أَو دَبـرا
وفي الشعر العربي لا تتردد الناقة العمانية الأصيلة فحسب، وإنما الجمل العماني أيضا كان مرغوبا فيه ومفضلا في شبه الجزيرة العربية منذ القدم. فهذا الشاعر الأموي جرير يصف جمله:
أَلا طَـرَقَـت شَـعـثـاءُ وَاللَيـلُ مُظلِمٌ
أَحَــمَّ عُــمــانِــيّــاً وَأَشــعَــثَ مــاضِـيـا
لَدى قَـــطَـــرِيّــاتٍ إِذا مــا تَــغَــوَّلَت
بِنا البيدُ غاوَلنَ الحُزونَ الفيافيا
تَـخَـطّـى إِلَيـنـا مِـن بَـعـيـدٍ خَـيالُها
يَــخــوضُ خُـدارِيّـاً مِـنَ اللَيـلِ داجِـيـا
* * * *
الهوامش
– ألقي هذا البحث في ندوة «من ملامح الثقافة العمانية» التي أقامتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء على هامش اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في مسقط، 25 نوفمبر، 2013.
– الحموي، ياقوت. معجم البلدان، د.ت، ج4 (بيروت: دار صادر، 1993) ص 150.
– شاعر جاهلي مقدم، نشأ يتيماً وأقام في الحيرة مدة وصحب حجراً أبا امرئ القيس الشاعر، وخرج مع امرئ القيس في توجهه إلى قيصر فمات في الطريق فلقب بالضائع. وهو الذي عناه امرؤ القيس بقوله «بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه***و أيقن أنا لاحقان بقيصرا».
– الضُّبَعي، عمرو بن قَمِيئة. ديوان عمرو بن قميئة، تحقيق: الصيرفي، حسن كامل (القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 1965)، ص 70.
– أبو بكر، عبد الله بن أبي قحافة. ديوان أبي بكر الصديق، تحقيق : راجي الأسمر (بيروت: دار صادر،
2007)، ص 49.
– الكلابي، القتّال. ديوان القتّال الكلابي، تحقيق: إحسان عباس (بيروت: دار الثقافة، 1989)، ص 79-80.
– الصاوي، محمد إسماعيل. شرح ديوان جرير، ط 1 (القاهرة: مطبعة الصاوي) ص. 581.
المصدر السابق، ص 466.
– ابن الدمينة، عبدالله. ديوان ابن الدّمينة، تحقيق: أحمد راتب النفاخ (القاهرة: مكتبة دار العروبة، 1959) ص30.
– الحكمي، الحسن بن هانئ، ديوان أبي نواس الحسن بن هانئ الحكمي، تحقيق إيفالد فاغنر، ط 1، ج 3 (بيروت: دار صادر، 1988)، ص 319.
– الطائیة، م. م. سعد هاشم. شعر ابن شبرین الجذامي الأندلسي جمع ودراسة وتحقیق، مجلة كلية التربية، واسط، العدد 13 (نيسان، 2013)، ص 160.
انظر موقع «الديوان العربي» على شبكة الإنترنت:
http://www.aldiwanalarabi.com/poemPage.do;jsessionid=BSkg6O98+w4vnsI2oYpo44y5.undefined?p
oemId=554575
– باقر، محمد. ديوان أبي العباس الأعمى التطيلي (بيروت: مكتبة الرائد العلمية، 2004)، ص81.
– العيوني، علي بن المقرب. ديوان جمال الدين أبي عبد الله علي بن المقرب العيوني (بومبي: مطبعة دير ساد، 1892)، ص 535.
– الشقروي، محمد ولد ابن ولد أحميدا. ديوان الشاعر الموريتاني محمد ولد ابن ولد أحميدا. رسالة مادستير غير منشورة، تحقيق:
– أحمد ولد حبيب الله (القاهرة: كلية دار العلوم، 1988)، ص 865.
شوقي، أحمد. الشوقيات، الجزء الثاني (بيروت: دار العودة، 1988)، ص 193.
انظر: ابن منظور. لسان العرب. مادة «شيع».
– ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي، ج1 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1987)، 462.
– الأصبهاني، أبو الفرج. كتاب الأغاني، تحقيق: إحسان عباس وإبراهيم السعافين وبكر عباس، ج18 (بيروت: دار صادر، 2008)،
ص 82-83.
– المبرد، أبو العباس. الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، ج2 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1999)، ص 130.
الأخفش الأصغر، كتاب الاختيارين، تحقيق: فخر الدين قباوة (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1984)، ص 105.
– أبو الفرج الأصبهاني، كتاب الأغاني، ج14، ص 185.
– الحديث رواه الطبراني في الكبير عن شرحبيل الجعفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعذرت عليه الصنعة، فعليه
بعمان». وجاء بروايات مختلفة منها الرزق، ومنها التجارة.
– الأعشى، ميمون بن قيس. ديوان الأعشى الكبير، تحقيق: محمود الرضواني، ج2 (قطر: وزارة الثقافة والفنون والتراث، 2010)، ص 200.
المصدر السابق، ج1، ص 179.
– أبزون. ديوان أبزون العماني، تحقيق: هلال ناجي، حولية كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، جامعة قطر، عدد7، 1984، ص 119.
– الديلمي، مهيار، ديوان مهيار الديلمي، تحقيق أحمد نسيم، ط 1، ج 1 (القاهرة: دار الكتب المصرية، 1925)، ص 36-37.
المصدر السابق، ص 373.
– شُبّر، جواد. أدب الطف: شعراء الحسين عليه السلام، ج7 (بيروت: دار المرتضى، 1988) ص39-41.
– الأخرس، عبد الوهاب. الطراز الأنفس في شعر الأخرس (إستنبول: مطبعة الشركة المرتبية، 1887)، ص 129.
المرجع السابق، ص 374.
– الجاحظ، عمرو بن بحر. التبصرة بالتجارة، تحقيق: حسن حسني عبد الوهاب (القاهرة: المطبعة الرحمانية، 1935)، ص 12.
– الطالوي، درويش محمد بن أحمد. سانحات دمى القصر في مطارحات بني العصر، تحقيق: محمد مرسي الخولي، ج1 (بيروت: عالم الكتب، 1983)، ص 317.
– المكي، محمد بن إسماعيل، ديوان محمد شهاب الدين (القاهرة: مطبعة محمد جاهين، 1866)، ص 36.
المرجع السابق، ص 284.
– إبراهيم، حافظ ، ديوان حافظ إبراهيم، ط 3 (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987)، ص 28
المرجع السابق، ص 523.
المرجع السابق، ص 499.
– الجارم، علي. ديوان علي الجارم (القاهرة: دار الشروق، 1990)، 355.
– طعمة، إلياس عبدالله. ديوان أبي الفضل الوليد (بيروت: دار الثقافة للطباعة والنشر)، 435.
– الحارثي، النجاشي، ديوان النجاشي الحارثي، تحقيق صالح البكار وآخرين (بيروت: مؤسسة المواهب، 1999)، ص 64.
– الأصبهاني، أبو الفرج. الأغاني، تحقيق سمير جابر، ط 2 ، ج 7، (بيروت: دار الفكر، )، ص. 284.
– الحكمي، الحسن بن هانئ، ديوان أبي نواس الحسن بن هانئ الحكمي، تحقيق إيفالد فاغنر، ط 1، ج 3 (بيروت: دار صادر، 1988)، ص 148.
– العيوني، علي بن المقرب. ديوان جمال الدين أبي عبد الله علي بن المقرب العيوني، ص 554.
– ذو الرمة، ديوان ذي الرمة، تحقيق: عبد الرحمن المصطاوي (بيروت: دار المعرفة، 2006)، ص 208.
– العيوني، علي بن المقرب. ديوان جمال الدين أبي عبد الله علي بن المقرب العيوني، ص 361.
– الطبطبائي، عبد الجليل. روض الخل والخليل ديوان السيد عبد الجليل، تحقيق: ياسين الشريف (دمشق: منشورات المكتب الإسلامي، 1964)، ص 125.
– الصاوي، محمد إسماعيل. شرح ديوان جرير، ط 1 (القاهرة: مطبعة الصاوي) ص 603.
هلال الحجري / شاعر وباحث من عُمان