احتفلت فرنسا طوال عام 2012 بمرور ثلاثين عاما على وفاة شاعرها لوي أراغون(1897-1982) الذي يعدّ واحدا من كبار شعراء العالم في القرون العشرين. وهو غزير الإنتاج شعرا ونثرا.وفي عام 1956، أي في فترة اكتمال توهّجه الشّعريّ الذي كان قد برز بجلاء في عمله الشّعري الرّائع «عينا إلزا»، أصدر لوي أراغون «الرواية غير المكتملة» وفيها يروي فصولا من سيرته الذّاتية مازجا الشّعر بالنّثر، وممارسا ألاعيب لغويّة، وفنيّة بمهارة وحذق.
هنا ترجمة لبعض من المقاطع:
جَمالُ الشّيطان :
أيّها الشبّان الزّمن أمامكم مثل
جَوَاد فارّ
الذي يمسكه من العُرْف بين فخذيه
والذي يروّضه
لن يسْمع بعد ذلك غيرَ صَليل حديد
الدّابّة التي يركبها
كثير على هذه المعركة الجديدة لكي
نفكّر في أقاصي المغامرة
أيها الشبان الزّمن أمامكم مثل
شهيّة مبكّرة
ونحن لا ندري ماذا نختار من فرْط
ما وَعدْنا به أنفسنا من الوليمة
وغطاء الخوان أبيض أبيض حتى
أننا نخاف من النّبيذ
ومن ميدان المعركة الشّنيع بعد مأدبة الزّفاف
الذي يعتقد أنه باستطاعته أن يقيس الزمن بالفصول
هو بات عجوزا عاجزا عن النّظر الى الوراء
ونحن نَضيعُ في هذه التحوّلات مثل العجلة والغبار
وأوراق الأشجار في كلّ ربيع تعود لتُخفي عنّا الأفق
كم الزّمن الذي أمامكم أيها الشبان شاسع وقصير
لكن ماذا ينفع أن نتلفّظ بتفاهة كهذه
آه خذوها إذن كما لو أنها لازمة لم تغنّ أبدا
كسماء لا يضايقها أيّ شيء كامرأة تقول «إلى الأبد»
طفولة ذات مساء أنتم تدفعون باب الحديقة
من العتبة ها أنتم تتّبعون توقيع السّنونات
أنتم تحسّون فجاءة في أياديكم أبعاد العالم
وقوّتكم وأنّ كلّ شيء ممكن بغتة
افتحوا أعينكم على اتّساعها ولا تتركوا دقيقة واحدة تضيعْ
أسمعُ ضحككم في المشهد المفتوح أسمعُ
في ضحككم وفي خطواتكم صدى خطى الماضي
ومرّة أخرى جلبة الألعاب التي تصبح صرخة المعارك
مرّة أخرى الاستمتاع الذي يبدأمرّة أخرى
تلك اللذّة للكتف الذي له صورة جسر يعبرأنهارا
ذلك الابتهاج بالجهد بعد الإختبار
واللّيل الذي يصبح أكثر عمقا بفعل حداثة الصوت
أنت لا تتعرّف على نفسك أبدا عند طلوح الصباح في المرايا
وقبل أن تبدأ الحياة حركتها انزلْ الى برودة الشوارع
ليس هناك غير ضبابة فيها يرتجف ماض ولّى
ريح خفيفة أطردت آخر أخبار المساء
إنها الساعة التي كلّ ما فيها من الضّوء يمنح لك وحدك
إنها السّاعة التي كل ّما يقال فيها يبدو في الحين وكأنه يحتلّ الفضاء كلّه
هي بالنسبة لك لها عينان من دون زينة لكلّ النساء اللاتي يمررن.
أنظرْ باتجاهك يأتي النهار عاشقا
أيها الضّوء الصّغير أقفزْ أقفزْ
في عيون الشبان
المدّ دائما أقصى
دائما الخطر مُستعجل
دائما السّعادة موضوع خلاف
دائما لعبة الحظّ
نحن لا نربح فيها غير وُرُود
وفيها نخسر فراشنا
دائما السّماء من ماء عكر
نجحنا!نجحنا !دائما أما الربح وأما الخسارة
ودائما دائما ليس كماينبغي
سوف لن يعرفوا إلاّ متاخّرا الثمن المؤقّت لهذه السّاعة
أتذكر مع ذلك تلك الرائحة التي لا تنفكّ عن التّلاشي
بآستطاعتي بالعينين المفتوحتين أن أعثر من جديد على قلبي المفتون
أتذكر شبابي فقط بمشهدهم
أتذكر
2:الجسور
لم يتبق على شفتيّ غير هذه الشّتيمة
والعمر والجفاء من التّحدّث عن الماضي
لم يتبق لقلبي غير أن يَعدَ بالوفاء إذا ما خسر الرّهان
وتاركا للكون أن يغزوني بأصواته
وأن أكون مرّة أخرى نوره البيّن الجليّ
لكي أقول ما أنا أراه
سَأضْفرُ جهنّم بأبيات دانتي
سأضفر الحرير القديم بمقاطع شعريّة ثلاثيّة
ومستعيدا خطوته وسَيْره الصّاعد
ليحترق ما كان بما أنا أعلم
سأضفر حياتي ومماتي قشّة قشّة
سأضفر السّماء بالبييت الشّعري الفرنسي ّ
أنا هذا الجسر الكبير في مساء المعركة
والذي ربّما لا يزال يتنفّس على الحقل
غير أن الهواء والعصافير يشاهدون أمْعاءه
لكي يُسْتمعُ اليّ ليس ّ هناك غير جنود مبقوريّ البطون
وعيناي وقد أمتلأت بالهامَات وبالذّباب
والليل يملأ جسدي المشوّه
وببطء سكن النّمل فمي
من فوهتي السّوداء التي غزاها البرد
هل باستطاعتي أن أهمس بقصة فظّة
لمن آخر الكلمات حيث نَفَسي ينقص ويهبط درجة بعد أخرى
وكلّ ما عشته وما استمتعت به وكلّ ما منه تألمت
ماذا إذن سأختار والألم يعْصُرني
ماذا ينفع في حين أننا نَسُبّه
من أعماق ذاته وأخيرا ماذا تعني
هذه الغرغرة المديدة التي أنا أفضّلها على أيّ أغنية
لحدقتي السّوداء المعتمة تكفي صورة واحدة
لحنجرتي شهيق وظلّ لذاكرتي
ولكل ّذكرياتي هذه الصّورة
هي صفراء هي شاحبة ولها مثل المخيّرات
أمّي تجلس فيها وصبيّ عند قدميها
وواحد نحن لانراه تُفْشي الخزانة بسرّه
القارورة على الطاولة وثقَالةُ ورق
لا أحد اليوم يعلم ماذا كان كلّ هذا
ولا ماذا كانت تلك الرواية يا أمّي التي كنت تنسخين
أنت كنت قد غيّرت للتوّ تسْريحة شعرك
وانا أراك جميلة وآخرون يقولون ذلك
نحن لا نرى شيئا من كلّ ذلك الزّمن غيّر لون الصّورة
هذا الامتحان سيئ وهم كانوا يحسدونك
لظلّ كتف في الحدّ المائل للمرآة
وكانت لك تلك النّظرة الحزينة التي كانت تعجبني
أتذكّر . لم أكن قد ذهبت الى المدرسة بعد
وكنت أنت ترسمين وبرصانة
وأنا أظل بجانبك أقرأ أطْلسي
وأنا أراك ترسمين وأمّي ترى ذلك
لم تكن تعنيك باقة الورد
وكنت أرغب في أن أقول ذلك غير أني لم أكن أعرف كيف أعبّر
الآن من باستطاعته أن يتذكّر لون
فستانك في يوم الأحد ذاك في «السان جارمان»
حتى أنت الذي همستُ لك أنت تبكي
باه !دع عنك هذا إذن لن أفكر فيه غدا
الدّموع التي نحْبسُها ثقيلة وصغيرة
انها تسّقط الواحدة بعد الأخرى على كفّي
لن أنسى أبدا الكلمات التي قلتها لي
في ما بعد في الترامواي
إنها ألماس ليس بإمكان أحد تقليدها
تلك كانت طريقتك للاعتراف لي
بكلّ أسرار لعبة يجهلها الأطفال
وفي ما بعد بدوري حذقت لعبة البكاء
ولكن ماذا لألماس ذلك الزّمن
والناس الذين كنّا نعرفهم ماذا أصبحوا
أنت له تعد تنطق باسم السيد «جور»
نحن التقينا به وأنا رأيت أنك رأيته
في الميترو في محطة «دوفين»
تركنا العربة وأبدا بعدئذ
كان عليّ أن أخفي حياتي في صدري
وألماس تلك الدّموع التي لا نقلّدها
حين يمطر دمي آخر الجيلاتين
فليفتحْ نْعيقُ الغربان وجبة الطعام
النّهّابون سيأتون ليبحثوا عنه في لحمي
أسمع تجاديفهم الصّمّاء مُحاوراتهم خُطواتهم
هيّا لا تخشوا شيئا أصابع أخرى لَمستْني
وعندما يؤلمونني أعرف كيف أتجنب الصّراخ
اجتثّوا وشتّتوا كل ما كان ثمينا بالنسبة لي
تنافسوا في ما بينكم على عينيّ التي آنفصلت كلّ واحدة منهما عن الأخرى
لديّ شهقات هل تريدونها نحن نسأل
وأنتم مكاني هل تأخذونها
هذه المجوهرات هذه التي لا نشمّ منها رائحة الخزامى
ولياليكم البيضاء وقرض قبضاتكم
وصرخاتكم صرخات الدّواب لمن تعتقدون بيعها
تنظيفها يسبّب فقط قلقا قذرا
وحتى وإن كانت خدعكم معدّة بمهارة
فالزبون كل هذا لا يلبّي حاجياته
كلّ هذا لا يمكن أن يحلّ محلّ مسكّن للآلام
التّأوّه تجاوزه الزّمن مثلما تجاوز الأغوال
نحن بحاجة الى التّجريد والى الميتافيزيقا
القرن يريد أن يحلم على عجلته
امنحوه حفل النّسيان بلا نبرات
أجعلوا ذكرياتكم تتعفّن في حفرة
أدير وجهي للصياح الأزرق للكرَوان
آه دعوني أتذوّق طعم الأرض
ولتكن نفسي مليئة والى الأبد
أنا الطّريح الذي لا شيىء يروي ظمأه
يا قطّاع الطرق اتركوا لي جداولي المعتمة
لكي أرتوي منها مرّة أخرى ثم أصمت
لكي أرى مرّة أخرى الأيام العديدة
من أجل سعادات طفيفة مرّة أخرى
ولكي أطلق هذا الصّدى الميّت الذي سيعيد الكلام معهم
اتّباع الحركة التي تطبعها القوافي
والتي تشبه الزّفرة الأخيرة على الصّليب
كم يشبه الاعتراف الجريمة
والإنسان فريسته
3
إذا ما أنا توقّفت عن أن أروي لكم تلك القصّة القديمة التي انطفأت
إذا ما أنا اعترفت بكل ّبساطة بما كان اليوم بالنسبة لي
إذا الذي لم يتمكّن من أن يمرّعبر فمي من خلال شكاواي
ليفتح لكم في لحظة ما باناروما ليلي
أحيانا لديّ حسرة الحرب برائحة الأبسنت
الحرب هي الحرب ولتسمّى بهذا الإسم أو بغير هذا الإسم
الحرب ولكن الحياة ألم تكن غير الحرب
القتل أقلّ من ما يحدث في الحرب أليس القاعدة في هذه الحياة أم لا
العنف العادي وفي النّهاية حفرة جماعيّة
قولوا أيّ قبّار يروق لكم أفضل للإنسان أو للمدفع
أتركوني كم أنا راغب في إنهاء هذه القصيدة
أنا مثل الحصان يُطرد بالسّوط خارج الطريق
ألوي قدميّ في الحصى وأتعثّر في كلّ المشاكل
أغرق في وَحَل مشاغل اليوم يائسا من الغد
والأسوأ أني أصطدم بكلّ ما أحب
اتركوني أعلم أنه ليس مهمّا جدّا
قصيدة أكثر أم أقل وهنا ينتهي النّشيد
أو هناك إذ أنه لا بدّ أن ينتهي مع ذلك كلّ واحد يجذبني من كمّي طالبا دقيقة ويعاملني
كما الذي يخلّ بواجبه عندما يرفض أن يمنحه قليلا من وقته
اتركوني لماذا ترمونني بالحجارة الواحد بعد الآخر
لماذا علينا أن نناقش كل ّشيء وأن نضعه مَوْضع السّؤال
هل عليّ ألأّ انعم بالسّلام إلاّ في القبر
هل سوف تلاحقونني حتى آخر مَعْقل
أليس باستطاعتي أن أجلس وحيدا في غباري
أن أستمع الى قلبي أن أترك ذهني للهواجس
أليس لي الحق ّوحيدا أن يكون لي ألمي في داخلي
أن أكون ساهيا غافلا بسببه وسط العالم المحظور
هل ممنوع عليّ وحيدا أ ن أنسى التّاريخ والسّاعة
وأن أترك أرْغَن البربريّة هذا يعزف في داخلي
لكن فجأة ما هذا ما هذا الغمّ
والوقت أوقف معا عقربي ساعة منتصف النّهار
ما هذا ما هذا التّوقّف الذي فوق قدرة البشر
هياّ تحرّكي أيّتها الآلة وانطلق أيّها النّغم?
4
آه البيت الشّعريّ بين يديّ العجوزتين المثقلتين المعقودتين بالعروق
يتكسّر والعاصفة المطريّة للنّثر التي يشقّها البَرَد والبروق تتهاطل غزيرة على القصيدة المطلقة
مثل كلب منفلت يركض يمينا ويسارا متشمّما وهو يدور حول نفسه بحثا عن الإيقاع
الواقع على الأرض وهذا يحدث كارثة جميلة كلّ بلّور فينيسيا المكسّر شظايا والدّابّة الهاربة تعوي من شدّة الألم والدّم يظهر عند قوائمها حدّ أنه لا يتبقى غير أن نترك أنفسنا للتّيّار يحملنا وللغة تْجرفنا ولا مَكبْح غير الألم والأنفاس المتقطّعة والقلب الخائر القوى والسّقوط والرّكبتان المجروحتان والعرق الذي يسيل عبر الجسد المرهق والمخرّب بوثبات مختلّة الإيقاع في قفص الصّدر الحرب كانت بالأمس لأن أربعين عاما تمرّ بسرعة على الهيكل العظمي تلك الحرب التي حدثت قبل أربعين عاما وتلك الأخرى التي جاءت في السنة الأربعين ألسنا كلّنا أطفال ذلك الوحش الذي ظننّا أنه مات وفي كلّ مرّة هو ينام فقط أليس لنا في جباهناوفي لحمنا وعلى قفانا ما هو مستعدّ ليحطّم من جديد علامة الوحش التي منها أخرجنا الحرب وأفواهنا الشّاحبة تتكلّم ضدّ البطن الذي حملنا والذي صنعنا على صورتها الشّنيعة ولا شيء أكثر سلاما من أن نسمع جنديّا ملطّخا بالدّم يصرخ أنه آنتهى كلّ شيء وإلى الأبد إلى الأبد لن يسيل دم آخرين حتى لو عزفوا له الموسيقى حتى ولو رووا له حكايات الأشباح وحتى لو أهدوه جزمتين بديعتين لإخفاء حزن القدمين المتعبتين
الحرب هي الحرب كنت أقول والنّثر آستجاب مثلما أستجاب الفقرللعالم البائس وباتّأكيد كلّ شيء يبدو لي بائسا وطفوليّاهذا الذي يتوّقف في بعض المقاطع مثل الذي يتمتم لكي يقول الخراب الهائل غير أن االنّثر هنا صدّقوني ليس عدم القدرة على تصوير الفظاعة هنا والتي تأتي به مُزْبدا مَقْطوعَ الأنفاس لاهثا حانقاحيوانا مطاردا ليست الحرب خارج السلّم والملتهمة دائما دائما ليست الحرب والذّاكرة وشبح ما كانت وقد رأيت «فويفر «بقبر مفتوح و»الشمبانيا «مسلوبة من اللّثّات من هزء الهيكل العظميّ وغابة «الآرغون»بفزع الدّوريّات الضّائعة والرّمال وخثّ»السوم»وعلى طول ظهر حمار متنازع عليه في «طريق السيّدات «ذلك الضّلع الحيّ للمجزرة ورأيت الفاصل الزّمنيّ الإسبانيّ ملقيا جثثه على الطّريق و»فالانس ليليّةزرقاء و»مدريد مليئة بطلقات الرّصاص وسَيْل الرّجال الذي يرتدّ في المواكب بدموع الطّفولة في «بولو»كلّ هذه العودة للبعث مجسّدا الألف جنْس للموت ودوراتها وحيلها وخدعها من «تيرلمون»إلى «أنغولام»أوه يا غرقى «دانكارك»مقبرة الجؤجؤ أوه الجموع المزدحمة على جسر نهر «اللوار»ووالفخّ المنصوب للفارّين القفل ثانية والذي تطوّقه الطّيور مهلّلة وتنقره وهذه هي ألعاب السّيرك وخطوة الحديد للدّبّابات تعفيني أخيرا من من أن أعدّ على أصابع يدي لْجلجة البحر الإسكندريّ لا ليست الحرب أقول لكم ليست الحرب
الحرب التي تسقط عليّ هذا المطر المدرار هذا التّدفّق الذي لا يعرف من أين جاء ولا الى أين يذهب والذي يجرفني ويحملني ويجرّني ويقذفني ثمّ يستعيدني ليهشّمني الى أجزاء ويكنسني ويهزّني ويرفعني الى أعلى موجته وأنا أسقط أسقط من إنسحابه ليس الحرب أقول لكم لكنّ الحياة الحياة حياتنا
ببساطة حياة كلّ الأيّام والتي لا تتوقّف عندما أكتب قصيدة نثر كلّ الأيّام كراهيّة كلّ الأيّام ليل كلّ الأيّام التّمزّق المعتاد الأذى العادي في كلّ تنفّس مكتشفا مجدّدا الألم الهائل بخسّة وماذا أقول
والأسوأ أني أصطدم في كلّ مرّة مع ما أحبّ
والأسوأ أن التّمزّق يمرّ عبر ما أحبّ وأن فيما أنا أحبّ أنا أتأوّه في ما أنا أحبّ أنا أنزف وفي ما أنا احبّ أضرب أسحق وويرخّص من شأني وأركّع وأهان وأطرح أرضا وأن أعامل كخائن وأن يجعل منّي ذلك المجنون ذلك الضّائع ذلك الصّخب االجنونيّ والأسوأ أن كلّ كلمة كلّ صرخة كلّ زفير مثل صدى يعود ليجرح من حيث خرج وذلك الخوف خوفي منه مثل مرتدّة لا إنسانيّة آتّبعوا منحناها في أعلى الهواء وآنظروا إذن كيف يعود القاتل بقوّة جسديّة عجيبة
كيف يعود ليضرب أوّلا ما أنا أرغب في حمايته وما أنا أبعده شفرته مسلكه القاتل وما لم يعد غاليا مثل لحمي وما في داخل فكري والذي هو بالنسبة لي وجود وجودي وبؤبؤ عيني ولطافتي وفرحتي العظمى وقلقي مرتعشا ونفسي وقلبي مثل عصفور سقط من العشّ وعقلي الأخرق وعيناي وبيتي ونوري الذي به أفهم السّماء الورقة الماء كل واحد من كلّ هذا منفصل عن الآخر والعادل وغير العادل منفصلا عن ضبابيّته والخير مثل قبلة فجر طيبة
اتركوني اتركوني لا أقدر أن أرى ما أنا أحبّ وأقول أشياء بلا رابط بينها مثل جراح مفتوحة وأضع البسيط على الحروق وأقترح أدوية لم تعد نافعة وأكرّر كلمات المعتقدات الباطلة ومن جديد أقوم بحركات المجبّرين وأضع عدم مهارة أصابعي حيث يتألّم هذا وهذه الرّيح التي تعبر شفتي مثير للسّخرية الغبيّ الذي يعتقد أنه يقول ما يفعل هذا فيّ عندما أبدّل اتجاه جبن عينيّ اتركوني لا قدرة لي أن أرى ما أحبّ يتألّم اعذّب ما أنا أحبّ وليس باستطاعتي أن أراه يتعذّب ليس بأستطاعتي ليس باستطاعتي وعلى ألأقل لأكن أنا الذي ألتهب أنا الذي أشوى وأعصر مزّقوني أرجوكم أنا وحدي اسلخوني أتركوني أتعذّب من أجل من أحب آعطني يدك آعطني يدك شرّك آعطني النّار التي تسكنك آعطني تلك النّار فلتغادرك ولتشرع في تغذيتك منّي فقط من عصبي من عضلاتي من أعصابي لأحمله بعيدا عنك ولأحمله آه اتركوني أدخله في يدي ّواضعه على بطني وأضمّه حتى ينتشر في أحشائي فليعضّني أنا ولا أحد آخر غيري محوّلا الى إشارة الى حريق الى مشعل الى رماد آه المطر الخانق للرّماد مطر حارق الذي أخيرا سيسقط مطر منّي أنا وحدي في النّهاية متلفا
اتركوني إعصار الجمل يطيّر قصاصات أوراق مخربشة أنواع من الفراشات سوداء بنّيّة آثار أمس كتابة ممزّقة
لا أحد يقدر أن يقرأ كلمات الحبر بعد اللّهب لا أحد وهذا الغبار الذي يسقط من جديد لم يكن غير رسالة حبّ واحدة غير مكتملة طويلة ولا نهاية لها؟
5
أغنّي لكي يمضي الوقت
قليل ما تبقّى لي من الحياة
كما لو أنّنا نرسم على الجليد
كما لو أنّنا نُسْعد القلب
برَمْي الحَصَى في المستنقع
أغنّي لكي يمضي الوقت.