سلطان محمد
شاعر سعودي
دَرَجي
أيتها السماءُ
اقتربي قليلًا؛ أنا لن أطيرَ؛ الله حكمَ بذلكَ؛ تنزّلي يا سماءُ إلينا
كما آيةٌ من القرآن
الأنبياءُ جميعهم في المنفى
وأنا لوحدي هنا:
هَنَةٌ من الإيقاع بينَ النرد والعازفينَ (كانوا في انتظاري)
الأنبياءُ مجتمعونَ حول مائدةٍ
والشعرَاءُ نُدَّلُهُمُ المغتربونَ
للمسيح معجزتُهُ ولي أن أمشي عليكِ يا سماءُ
آنَ أقولُ:
أيتها السماءُ
اقتربي قليلًا لأمشي نحوَ رؤيايَ
ثم تجيئينَ درَجًا من زُجاج
لكنكِ الآن لا تسمعينَ
لأنني بعدُ لم أصقُل صوتي تمامًا
سأصقلهُ
ثم بذلكَ الصراخ المصقول (بتلكَ القصيدة القصيرة
من إيقاع النرد ونشاز العازفينَ) سيتراصَفُ الزجاجُ
درجًا
عند خطوتي
يا سماءُ!
“تكبرُ أن تُصادا”
لا أرى العنقاءَ
أرى الأشلاءَ من حروب سوف تطولُنا ونصير نحن أشلاءً
أرى نساءً سُحبنَ من تحت الحجر الجاهليِّ
ووضعن في كأس من ماءٍ حسبنهُ البحرَ
أرى الشِّيبَ من الرجال لا يفهمون لغةَ الشبانِ
أرى الشبانَ منهم يتحدّثونَ لغةَ غدٍ أبكمَ
يظنونَ الذي يقولونَهُ لغةً
تظن اللغة أنهم شعراءُ
فتلتبسُ الأيامُ على بعضها
تتداخلُ التواريخُ على القيامةِ
نبقى في انتظارٍ
أراني -ولا أرى العنقاءَ- أراني رمادًا يتكوّمُ
أراني جذوةً تترمّدُ
سيجارةً بدون مدخّنٍ
الحربُ المكتوبةُ على هذه الأرض، متى؟
متى تجدُ القيامةُ تاريخها الصحيح؟
لو تكلّمَ الشبان لغةً يفهمها الشيبُ،
لو شربت النسوةُ كأس الماءِ
لو توحّدت الأشلاءُ
هل، آنئذٍ، أرى العنقاء؟
سينما تحت الجفنين
متأبطًا جنتّي أنامُ
قبلةٌ قبل عتبة اللاوعي
نعلان مخلوعان
غيمةٌ تمر من اليمين إلى اليسار؛ مِشرط يمر من اليسار إلى اليمين
فإذا هي عينٌ تُمطرُ سينما
ثم أرى بلادًا تدخل في الدوامةِ
والهاويةَ تنفكُّ عن أفواهٍ
اقتصاداتٍ تنهارُ؛ عُمُلاتٍ تصبح أوراقَ مراحيض
رقصَ الفقراءِ وهم يرِثُونَ العالمَ ويرْثُونَ لأيامهِ
أرى الأرضَ وقد رفعت ساقيها للقيامةِ
مراثٍ تتوالى كطيِّ السجلِّ
مراثٍ تضحكُ
وأنا أضحكُ: لقد أخبرتكم، فلسطينُ ليست إلا أوائلَ
العاقبةِ. حذرتكم، إن هارون الرشيد سيهوي بالتاريخ إلى البلّاعة لو تكرر مرتين. قلت لكم -في حفلة الخُرْس-:
الطوفانُ الأول بالماءِ
الطوفانُ الثاني بالنار
ها هي ذي التنانينُ
والإله يجلسُ على البيانو
يعزفُ والتنانينُ نار
يعزفُ والفُلكُ من دخان
يعزفُ وجنّتي تحتَ إبطي
يعزفُ ونضحكُ معًا
يعزفُ..
يعزفُ..
يعزفُ.. والأفعى تدور!
مشهد ختاميٌّ
سَوِّها
سَوِّ السماءَ رصيفًا
سَوِّ خُطوتي طيرًا
ساوِ أسنانَ المشط المكسور على بعضٍ
أو اكسرهُ تمامًا ولنُنْهِ هذا الشَّعرَ المنفوشَ على رأس العروس بالمُوس
سُنَّ لي سِكينتي لأذبحَ العريسَ على مائدة العشاءِ للمعازيم
سَمِّم لي دمي بالحقدِ؛
الشعراءُ خارجَ الساحةِ ينتظرونَ بقايا الطعامِ
المديرونَ وأصحابُ رؤوس الأموال يقرّرونَ نوع الطعام؛
سأرمي للشعراء بجُثّة العريسِ
ثم سأُدخلهم واحدًا واحدًا
اغتيالًا تلوَ اغتيالٍ للمديرينَ وأصحاب رؤوس الأموالِ
أما العروسُ الصلعاءُ؛ فبالتناوُبِ يا شبابُ
اثنينِ اثنينِ كحدٍّ أقصى..
وأنتَ، أيها الشِّعرُ
سَوِّ لي السماءَ رصيفًا
سَوِّ لي خطوتي طيرًا
ريثما انتهي من ترتيب هذه الفوضى بفوضى أشد؛
الحياةُ عرسٌ دُعينا إليه خُدّامًا وبوّابينَ
سأجعل منها عرسًا للقتل والاغتصاب
ثم عرسًا للذئاب
ثم عرسًا للذباب
ثم شراعًا من ضباب
آنَ تُسوَّى لي السماءُ
آن تستوي مع خُطوتي
آن أستوفي غبطةَ الغُراب