في اللوحةِ أكثرُ من شرطيٍّ ضرير،
وأكثرُ من شاعرٍ يموت في حبرهْ.
في اللوحةِ نواحٌ هَرِمٌ يجلسُ على ركبتيهِ،
وخيالاتُ وردٍ ناعسٍ ملّ التأملَ في الوجوه.
……
في اللوحةِ توابيتٌ لنا، من دون مشيِّعينْ،
أسماؤنا وحدَها على الطرقات قناديلْ.
……
في اللوحةِ مطرٌ يحترقُ،
وسقوفٌ من ضحك الطفولةِ وملحِ البيوت.
……
في اللوحةِ أفواهٌ تتقنُ الغناءَ المرَّ،
تمشي في وحْل الأقدامِ مزهوةً بلغة الشهداء.
……
في اللوحةِ شرفاتٌ للحبِّ،
وعشّاقٌ تركوا في شقوق الصباح وردَهم،
وناموا في الكلام.
……
في اللوحةِ أمي تمضي في ترابها،
وأبي يسنّ نايَهُ في عراء المدن،
وأنا خانني الرصاص.
……
في اللوحةِ رؤوسٌ ينقرُها الطيرُ وأثداءٌ مجفّفةٌ،
وحمّالاتُ صدرٍ بأيدٍ تجتاح بطوناً نحاسيةً.
في اللوحةِ فراغاتُ أرواحٍ تتجوّلُ خفيةً،
وقنّاصونَ مدجّجونَ بالموت.
……
في اللوحةِ ماءٌ منسكبٌ في فم الشمس،
ماءٌ يتصاعد في صحراء الوحدةِ وأحلامِ التراب.
……
في اللوحةِ لا صوتٌ في جبة الوقت،
لا غناءٌ في انفجار القلبِ على منصة المواجع.
……
في اللوحةِ دخانٌ هاربٌ من رموش الأرض،
وأسفارٌ بأجنحة فراشاتٍ تجادل دهشة الأزهارِ.
……
في اللوحةِ عاطلونَ عن البهجةِ،
وأماكنُ مزدانةٌ بالعتمة والخيبات.
……
في اللوحةِ فزعٌ للأجساد،
تجاعيدٌ لصورٍ مطعونةٍ بالشّهقات.
……
في اللوحةِ ماءٌ كثيرٌ،
ومدنٌ تلهثُ في حقول الجفاف.
……
في اللوحةِ هتافاتٌ، شعاراتٌ، راياتٌ،
أوجهُ مصبوغةٌ بالأعلام،
وطلقاتُ جنودٍ تتقنُ صيّد الأجساد.
في اللوحةِ نعاسٌ دَبِقٌ،
يلامسُ فحيحَ العتمةِ،
والليلُ يفرد عباءتهُ،
مضاجعاً سريرَ الأحلام.
……
في اللوحةِ سلفادور دالي،
يتعكَّزُ على شاربيهِ،
ونساؤه عاريات يشربنّ ألوانهُ
بجماجم القردة.
في اللوحةِ شعراءٌ،
قاصونَ،
روائيونَ،
نقادٌ،
فنانونَ،
وكرّاسٌ يأكلها
الفراغ.
في اللوحةِ امرأةٌ،
تكنسُ ما عَلِقَ
من غبارٍ،
على صفحة العمر.
……
في اللوحةِ دمٌ ساخنٌ،
وأيدٍ كثيرةٌ
تصفّقُ
«دون
اتضاح».