نهاد المعلاوي
شاعرة تونسية
سنبلة 1
كغيداء،
قانت صفار الأديم بحُمرته،
تشقّ حقول السّنابل عنها شقائق.
سنبلة 2
على ربوةٍ،
يحدّق جدّي إلى الهاوية،
فتصرف، من خزيها، عن مقلتيه النّظر…
يرتّل جدّي تراتيله في أناةٍ:
“أنا…
ابن إله المياه العظيم،
أقصّ لصُفر السّنابل أعناقَها،
وأبذر في ظلمة الأرض حبّاتها،
لتنبُتَ من بعد موتٍ سنابل،
أهش بصبري على لهفتي،
وأحذر أن تنفشَ في الزّرع أغنام قومٍ،
فتربو المجاعة…
سنبلة 3
في الجُرن،
على نورجٍ من خشب،
يفصّل جدّي حبوب السّنابل عن سوقها،
ويصلّي لربّ الطّحين،
الّذي علّم النّاس صنع الرّغيف بحُبّ
سنبلة 4
في ظلّ جمّيزةٍ يجلسان،
جدّي يغازل ربّته،
عمّا قريبٍ، ستورق فيها نطفته،
وتمنحه وارثًا للبيادر.
سنبلة 5
حفيد إله المياه العظيم،
يذرّي في الرّيح قمح السّنابل
وجدّي يباركه:
“التصق بالبيادر أكثر…
كن ماهرًا كأبيك وجدّك…
سنُطعم كلّ الجياع، وننجو من المسغبة.
سنبلة 6
ابن إله المياه العظيم مسجًّى،
على وجهه صفرةٌ باردة،
كقمح البيادر جفّ،
كجمّيزةٍ يابسة…
مات جدّي مريدًا،
فبكته السّماء:
“لقد كان في الأرض من يُحبل التّرب حَبًّا،
ويزرع نخلًا وعنبا،
فمن للنّبيد، ومن للرّغيف، ومن للعشاء الأخير”.
سنبلة 7
على قمّةٍ،
حفيد إله المياه العظيم
يجوّف جمّيزةً في اتّئاد،
ويزرع فيها الرّفات،
ويدعو السّماء لترسل ماء…
ها هو جدّي…
ابنُ إله المياه العظيم،
يَنبُتُ سنبلةً من رمادٍ،
وينضج،
تحت نعمة الشّمس،
حتّى الحُصاد…