جون إيف تادييه
ترجمة: لحسن أحمامة *
المغامرة جوهر التخييل، فهي حاضرة، منذ الروايات الإغريقية إلى الروايات المعاصرة؛ والتحليل السيكولوجي لا يمكنه أن يستنكف عن المغامرة الغرامية، كما أن الوثيقة الواقعية تحول الإضراب، أو افتتاح محل تجاري كبير، إلى حدث مذهل، لكن في النصوص الأكثر تجريدا في القرن العشرين، تصير الكتابة مغامرة. وحتى الفلسفة لا يمكن لها أن تتفادى ذلك: كتب آلن مغامرات القلب، وميرلو بونتي مغامرات الديالكتيك، وجيلسن تصاريف صوفي؛ واقترح هيغل في فينوميلوجيا الروح رواية مغامرات ميتافيزيقية: أوديسا الوعي، و روى أفلاطون الأتلانتيد في كرتياس، قبل رايدر هاغارد (هي) وبيير بينوا. بل حتى النصوص المقدسة تروي مغامرات الإله المؤسس: الإنجيل، ومغامرات المسيج.
على أن رواية المغامرة لا تتضمن مغامرات وحسب؛ إنها محكي هدفه الأول سرد مغامرات، ووجوده لا يتحقق إلا بها. فالمغامرة هي طغيان الصدفة، أو القدر في الحياة اليومية، حيث تقدم اختلالا يجعل الموت ممكنا، أو محتملا، أو حاضرا إلى أن يأتي حل العقدة الذي ينتصر عندما لا ينتصر الموت. شيء ما يحدث لأحد ما: تلك هي طبيعة الحدث الذي حينما يروى، يصير رواية لكن بحيث يعتمد “أحد ما” على “شيء ما”، وليس العكس، يفضي إلى رواية سيكولوجية. تستعيد بنية رواية المغامرة بينة الرواية في عصرها. في العصر الوسيط، تستعيد بينة الأخبار؛ وتتسلسل الأحداث، وتنضاف الواحدة إلى الأخرى بحرية بدون علاقة لا تكون دائما ضرورية. تحافظ الرواية الإسبانية الشطارية، ثم الإنجليزية، على هذه الحرية التي تنتظر من قلب رهيف النهاية السعيدة، غير أنه في القرن التاسع عشر ستكرس رواية المغامرة نفسها لمغامرة كبرى. في جزيرة الكنوز، يقوم جيم هوكينز برحلة واحدة؛ ويتعرض ماك وير إلى عاصفة رهيبة، و هذه هي التي تروى لنا؛ جور، وانتقام، هي رواية لو كونت دو مونت-كريستو وماتياس ساندورف. تنظم هذه المغامرة الوحيدة رواية المغامرات في القرن التاسع عشر بدقة ظلت مجهولة حتى ذلك الوقت. وبوسعها أن تتحول إلى حلقات طويلة (مثل ما في الفرسان الثلاثة)، أو إلى وقائع شتى، أو إلى أحداث، وهو نظام فرض شيئا فشيئا مع ذلك، انطلاقا من والتر سكوت إلى الأجناس الأكثر فنتازية.
=هكذا وجد هذا الجنس الأدبي، بحسب الوسائل الأدبية في عصره، موضوعه إلى الأبد. وإلى هذا الجنس كرس جانكلفيتش ( في المغامرة، والضجر، والجاد، أوبيي، 1963) أروع الصفحات التي أهداها إليه فيلسوف. حيث شدد على الكيفية التي ارتبطت بها المغامرة بالمستقبل1 : ” أعرف أن، و لا أعرف ماذا”؛ أنها أثارت انجذابا ونفورا: ” يلتهب الإنسان لفعل ما يرتاع منه أكثر “؛ وأن في النهاية يكون الموت الرهان الضمني وغير المحدد، مادمنا لا نعرف أين ، و لا متى ستحدث. وإذا كان العديد من روايات المغامرة تمر من ” المغامرة القاتلة” إلى “المغامرة الجمالية”، إذا ما رواها بطل منتصر (جزيرة الكنوز، ومنزل من بخار، محكيات مارلو عند كونراد)، فلأن المغامرة لا تكتسب خاصية الجمال، أو حتى ببساطة دلالة، ما لم يتم تأملها من الخارج، و (أو) في ما بعد.
هنا يجد القارئ (القارئة) مكافأته وإحباطه. في عيش المغامرة، نعرف بشكل خاص الخوف، وأحيانا القلق؛ تختفي المتعة سريعا ولا تظهر ثانية إلا في النهاية، وعند المهنيين، “المغامرين”، لا تكون المغامرة سوى مهنة كباقي المهن الأخرى: ينتج المغامر المغامرة مثلما ينتج الجزار القديد. لكن في قراءة المغامرة، نعرف بشكل خاص المتعة، ولا يعدو الخوف كونه لعبة. نخضع للصدمة القلقة للحدث، مدركين بأنها لم تحصل لنا. لكن هل ستقع لنا؟ في روايات المغامرة الأكثر جدية وروعة، في تحت أعين الغرب أو نوسترومو، يكون الشك ممكنا، ولا يكون التماهي لعبيا و حسب وإنما حقيقيا؛ إذ تطرح أسئلةً، لكن ليس بغاية اللعب، وإنما تتوجه إلينا مثل معنى الحياة.
تكمن فينومنولوجيا القراءة إذا في قلب دراسة الجنس الأدبي. كل شيء، في السرد، منظم بحسب القارئ. والشيء المثالي هو وجوب قراءة الرواية بدون تتوقف، بحيث لا يمكننا ترك الرواية تستريح على الطاولة؛ وحول بعض هذه الروايات تدور أساطير : عند نشر ذات اللباس الأبيض لويلكي كولينز، يلغي غلادستون، الوزير الأول، سهرة بالمسرح ويظل تاكري يقظا إلى الفجر لمواصلة القراءة. وحين يظهر الكونت دو مونتي كريستو في السلسلة ضمن يوميات النقاشات، يكتب قراء من أجل معرفة نهاية الرواية مسبقا2 .ما يفرض على انتباه القراء لدرجة أنهم لا يستطيعون بسهولة إيقاف قراءتهم، إنه التشويق3. بمعنى إجراء السرد الذي يجعلنا ننتظر ونرغب في جواب عن سؤال مطروح. هذا الإجراء ليس مخصوصا بالرواية: نجده في المسرح، وبشكل خاص في التراجيديا؛ وفي السينما؛ فقارئ تذكارات، و أوراق الخريف يتربص بالبيت الأخير؛ وحتى مقالة تجعلنا نتوقع4 التتمة وخاتمة تفكير، وتلعب، وإن كان ذلك في حيز ضيق مثل حيز “حوار” آلن، لجعل خاتمتها منتظرة. تنظم راوية المغامرة تشويقها بحيث لا يحمل أي حدث في ذاته دلالة آنية، ويكون الحل ( في ما يتعلق بالحياة أو الموت) كما التفسير ( في ما يتعلق بالحقيقة أو الخطأ) مرجأين دائما. وبما أن ليس ثمة توتر بدون ارتخاء، فالاستراحة والسعادة الظاهرتان لا يرويان، ولا يستعمل الهزلي إلا للاستعداد للفظيع، وإلا لأن الرعب المتواصل يصير غير مكترث؛ بالمثل يُطَعَّم القلق بفواصل هادئة. وتكون قوة التشويق التي ليست، في ذاتها، ذات طبيعة جمالية، إنما هي دعم جميع المضامين، التي يجرفها جريانها القاهر معه: بهذه الطريقة امتص جول فيرن التوصيفات، ومونوغرافيات الابتذال العلمي، والملفوظات الأيديولوجية، مثلما امتص والتر سكوت التحضيرات الطويلة التاريخية-الواقعية. في الواقع، في طبيعة رواية المغامرة لا وجود لسؤال بدون جواب، ولا لمشكلة من غير حل، ولا لانتظار بدون حدث؛ قد يكون العكس غير محتمل بالنسبة لروح القارئ5 ( من هنا، على سبيل المثال، الرغبة في إنهاء الروايات غير المكتملة: سانت أيف لستفسن، التي أنهاها كييه كوش، وإدوين درود، لديكنز، التي أنهاها آخرون كثر)؛ وبشكل متبادل لا وجود لجواب بدون سؤال جديد، ولا لحل من غير مشكلة، لا لأحداث بدون انتظار إلى انغلاق المحكي.
ها نحن نلامس ” ملكة الانفعال هذه” التي هي، إذا جاز التعبير، المتعة الجسدية للروح”6 إن علاقة رواية المغامرة بالتاريخ مشوشة: يلزمها الاختلاف، الذي يحمله الزمن الماضي، مثل الأسفار. ذلك أن وصف الماضي، أو البلدان الإكزوتيكية ليس هو هدفها، وإنما وسيلة. متى نحدد موقع رواية القرصنة إن لم يكن في القرن الثامن عشر؟ لكن لا ستفنسن ولا ماك أورلان يلتبسان مع القبطان جونسن، الاسم المستعار لدانييل ديفو، مؤلف مصدرهما المشترك، حياة قراصنة مشهورين. تدور الكونت دو مونتي كريستو، وتحت أعين الغرب في حقبة معاصرة لروائيهما، مثل روايات جوزيف كيسل، وغرهام غرين. إذ ما يهم ليس إعادة إنتاج أحداث واقعية، تاريخية، وإنما أحداث الانفعالات البشرية الأولية، الخوف، الشجاعة، إرادة القوة، التضحية، غريزة الموت، الحب. في إعادة إنتاجها، يتم إنتاجها عند القارئ ( القارئة).
الوسيلة الثانية، القوية مثل التشويق، لشد القارئ هي الدعوة إلى التماهي. فالشعر يعيش ذلك، لأننا جميعنا نلج هذا الأنا المجهول الذي يتكلم من خلاله هوجو، وبودلير، ومالارميه؛ ومع ذلك بوسعنا في الجنس الروائي أن نعجب بـ مدام بوفاري، أو الأبله، بدون التمثل في شخصية واحدة: لا تعتمد ميزة الكاتب ولا حياته البتة على نمط القراءة. في المقابل، لا وجود لرواية المغامرة بدون بطل معد من أجلنا. حرفيا، في بداية الأمر: تكون بساطة السمات كافية كيلا يأخذ مساحتها أي ظلام. وسيكولوجيا، بوسعنا أيضا أن نكتشف في هذه الشخصيات أبا وأُما فرويديين، يقومان بحماية و مواجهة المخاطر في محلنا. وأخيرا، في القرن العشرين، كما تمت الإشارة، يمكن للشباب أن يكونوا بحاجة إلى التماهي بأبطال: ” نتصور أنفسنا أكثر فأكثر مثل كائنات وحيدة، مقدر عليها أن تغزو سعادتنا في وجه كون لن يكون في حجمنا. ونفهم أن تصور البطل قد حصل، من وجهة النظر هذه، مصلحة خاصة”7. انتقام كورني، لو كان كورني روائيا؛ للأسف، في الرواية، رودريغ يسمى لاغاردير.
لهذا السبب تشكل القناعة بأنْ لن يحدث ما هو كارثي وقاتل للبطل الرئيسي، وللأبطال المتعاطفين، جزء، من الجانب الآخر للخوف، من قواعد الجنس. قاعدة برغم ذلك منتهكة في سيد بلانتري، وفي العديد من روايات كونراد؛ ومن قبل دُوما أيضا، ولكن في براجيلون، بعد آلاف الصفحات: موت بروتوس التي هي من الروعة والتأثير بحيث ما كان على بروتوس أن يموت. هذه الاستثناءات تمنع قناعة القارئ بكون كل شيء سينتهي نهاية سعيدة، وأن يكون مطلقا، ولكن لا يوجد. إلا أن حل النهاية السعيدة في بعض التراجيديات ( سينا، أطالي، إيرين) لا تمنع، بالعكس، من انتظار الأسوأ دائما. في الحالتين، يستخرج المزاج السعيد أو البئيس من القواعد الشكلية، ويلزم احترامه من قبل المؤلف كما يلزم توقعه من الجمهور. هنا تلتحق رواية المغامرة بحكايات الجنيات8، أدب الطفل، والرواية العاطفية.
مع ذلك، وعكس الخرافة، لا يكون بطل رواية المغامرة دائما ثابتا. إذ يختبر الألم الأخلاقي، والتقدم أو السقوط ( سيد بلانتري)، والشيخوخة. أفضل هذه الروايات هي روايات التكوين: بين الشاب آرغاتون الذي يحل بباريس في مستهل الفرسان الثلاثة وبين الماريشال المقتول بماستريخت، كم من سنوات وتحولات ! كثير من محكيات كونراد تصادف موت الشباب ( شباب، قلب الظلام، خط الظل)، تجلي الشيخوخة ( أخو الساحل). بل حتى عند جول فيرن، الذي مخلوقاته الأكثر تراصا، بين نيمو في عشرين ألف مكان تحت البحار وبين الذي له قبر نوتيلوس في الجزيرة الغامضة، لقد أجرى الزمن مسخه؛ يتم الانتقام من ماتياس ساندروف، ويكون فوغ وستروغوف المتزوجان نفسهما مختلفين، عند عودتهما من الرحلة؛ يشكل الزواج وسيلة أولية للاعتقاد بأن الشخصيتين قد تغيرتا؛ لكن عند ستاندال، لا وجود للزواج.
هذا النمو الذي تحدثه المغامرة يفصل الرواية عن الخرافة. فالتقسيمات البسيطة التي تكمن في هذه الأخيرة تميز الشخصيات: آباء وأبناء، شيوخ وشباب، أقوياء وضعفاء، أو حتى موضوع البحث، الشيء المحبوب، المساعدون، الخصوم، كل ذلك يلائم محكيا خطيا وموجزا. وبوسعنا العثور عليها في الجنس الذي نقوم بدراسته، هذه الأصناف هي من الشساعة والالتباس بحيث ينفلت كل شيء ما لم نقرأ في شخصياتنا الروائية سوى وظيفتها. يمكننا صياغة توصيف رواية المغامرة، ومنحها مظهرا علميا: على حساب غناها، وعلى حساب الجودة التي تميز كل مؤلف، وكل عمل أدبي، وكل المؤلفين الآخرين. القواعد، أجل، الثوابت، التي لا تأتي، بلا شك، من البسيط كي تفرض على المعقد؛ بل العكس.
نحاول هنا اقتفاء أثر مارت روبرت- بعد فرويد- واستعادة الرواية العائلية، الإكراه الوحيد للرواية التي لها، بحسبها، “مضمون معترف به وشكل غير محدد”9. إذ تميز اللقيط، الذي يجابه العالم ( إنه روبنسن)، والطفل المستعاد الذي يهرب منه ( إنه دون كيشوت). في الصنف الأول، قد يسهل وضع الأبطال المناضلين عند دوما، وجول فيرن، وستفنسن؛ وفي الصنف الثاني، الشاب المتخفى في وحدته في فاير هيرميستن، أخ سيد بلانتري، وكثير من أبطال كونراد لكن ليس جميعهم: رازموف هو الأهم بين هذه الشخصيات ( تحت أعين الغرب). لأن الرواية تمدد دائما “رغبات لاواعية لسيناريو أسري” وتفتن، ذلك أن استهامات الشخصيات هي استهاماتنا. غير أن تقسيم كل روايات العالم إلى قسمين، زد على ذلك الإقرار بأن اللقيط والطفل المستعاد بالإمكان إيجادهما معا في نفس الكتاب، وبأن هذا الذي نفسه هو ما يصنع أكبر الروائع الأدبية، لهو تقريبا عدم التصنيف: كيف ما كانت دقة تحليل دون كيشوت وروبنسن من قبل مارت روبرت، فإن ذلك، فوق غابة رواية المغامرة، برق، وبعد ذلك الليل حيث يرتفع النشيد الأبدي الذي يردده أوديب الأعمى.
إن المغامرة دليل على البطل: يتفادى الروائيون الممتازون الصورة النمطية، ويميز دوما، في مواجهة الحدث، بين مواقف فرسانه الأربعة، وبين خصومهم الرئيسيين الثلاثة، ريشليو، وروشفور، وميلادي. فالمغامرة حوار الموت والحرية؛ باستثناء أن رواية المغامرة ليست تراجيدية: في مواجهة التحدي القاتل، يجد الرجال منفذا. على أن ضحايا كافكا المهزومين ليسوا أبطال رواية المغامرة. إذ أمام تعدد العوائق في طريق الأبطال، وأمام الانتصار المؤقت للخصوم، والأشرار، والمجرمين، أو ببساطة الآخرين، نميل إلى استحضار القدر؛ يتعلق بالأحرى الأمر بمخططين يتعارضان، مثلما في جولة لعبة الشطرنج ( اللعبة التي فتنت الروائيين من بو إلى سفايج وإلى نابوكوف). وإذا كانت المقاومة مقاومة ضد العناصر الطبيعية بالصدفة، كما عنون ريتشرد هيوز واحدة من أروع رواياته، المستعادة من تيفون بعد نصف قرن، فإن الصدفة شكل حديث للقدر: نستعيد اللعب، مثل سيد بلانتري، الذي يسحب من الرهان قراراته الأكثر أهمية.
رواية المغامرة و الروايات الأخرى
ولدت رواية المغامرة تنويعات كثيرة، أي أنواع أو أجناس فرعية مستخلصة الآن من التاريخ، تنافسها؛ ومن ثمة يلزم التمييز بينها. بدء، كان مفهوم الرومانس10 في إنجلترا. جاءت الكلمة من اللغة الفرنسية، وأخذت تدل على نفس الشيء الذي تدل عليه روايتنا الأولى المكتوبة شعرا، ثم نثرا؛ لكن من مضمون هذه المؤلفات الأولى، احتفظت الكلمة دائما على الإحالة على المتخيل، وعلى القطيعة مع اليومي، في الزمن كما في الفضاء، وعلى اللغز في النهاية. في معجمه، يقابل صمويل جونسن الرومانس، الرواية القروسطية، التي تروي مغامرات غرامية وفروسية، بـ الرواية، قصة غرامية، مهذبة ومتحضرة؛ بعد ذلك ببضع سنوات، ستتعارض الرواية السوداء أو القوطية برواية الأخلاق، وإبان الحقبة الفيكتورية، الرومانس بالرواية الواقعية: في حين أن بعض الفنانين النوابغ، من أمثال ديكنز، يوفقون بين الصنفين. يشمل جنس الرواية الحالمة، والرومانسية، والرواية الغرامية أيضا، ويتجاوز رواية المغامرة: تنهض أعمال ولتر سكوت، وإيملي برونتي، وفكتور هوغو من الصنف الأول و ليس من الثاني.
نستبعد أيضا الفانتستيك: عدل تدَخلُ ما فوق الواقعي في المحكي، منذ الملحمة إلى قصص الأشباح، الطبيعة. بتتبع الحقب، تُوظف أعاجيب العصر الوسيط وألف ليلة و ليلة، والأشباح ورعب الرواية القوطية والفيكتورية (كولينز، ولو فانو، وجيمس)، والآلات، وسكان خارج الأرض في التخييل العلمي المعاصر بحسب قواعد محدودة أكثر منها في رواية المغامرة، وتسعى إلى إحداث أثر أكثر دقة على القارئ.
في القرن التاسع عشر، انفصلت أيضا الرواية البوليسية عن رواية المغامرة. بدءا أوضح بو ، وغابوريو، وويلكي كولينز ( حجر القمر) الجنس. وشيئا فشيئا تشكلت قوانين الرواية البوليسية ذات اللغز: بداية لم يكن البطل هو المجرم، وإنما الشُّرطي ( م. لوكوك)، ولم يكن الأمر يتعلق بالقتل ( في روايات أخرى، نهاية القصة)، المقترف، من جهة أخرى، منذ البداية بقدر ما تعلق بالدوافع والمؤلف. من ثمة تُرد المغامرة إلى نوع معين من المغامرة: الجريمة( التي يمكن ألا تكون، عند لوبلون، سوى سرقة) والحبكة، بحثا عن شروط إمكانيتها. من ثمة كان الظهور الفكري لهذا النوع من المحكي الغريب تماما عن رواية المغامرة؛ ومن ثمة تخصص الشخصيات؛ فضلا عن الشرطي، أو المحقق الخصوصي، و ( أو) الضحية، ولا وجود سوى للشهود والمشتبه فيهم؛ يهيمن على التقصي الاستنطاقات، والتحليل الذي ينتج عنها، وأحيانا، عن جرائم قتل جديدة، إلى التفسير النهائي للغز. أخيرا، نادرا ما يكون ديكور سير الأحداث غرائبيا، ويحدث في الحقبة المعاصرة ( تكون محاولات مثل محاولات فان غوليك، حيث تجري الروايات البوليسية في صين القرون الوسطى، نادرة). وعندما ظهرت روايات مختلفة من الرواية البوليسية، ابتداء من 1930، مع سيمنون من جهة، والكتاب الأمريكيين الكبار، هاميت، وشاندلر من جهة أخرى، اختفى اللغز، لكن لفسح المجال لرسم المكان، والجو، والأحاسيس التي تحوط هالتها المعتمة والمزفتة بشخصية المحقق أو بعميد الشرطة. باختصار، مغامرات أقل مما في راوية المغامرة.
ثمة هنا تأمل أولي: إنه البطل الذي يمنح علامته إلى الرواية. إذ لا وجود لرواية على رواية بدون شخصية الفنان؛ ولا وجود لرواية تاريخية بدون رجال عظام؛ أحد ما يلعب دائما دور الشرطي في الرواية البوليسية، أو الجاسوس في رواية الجاسوسية؛ وثمة مغامرون في رواية المغامرة. إنه شرط ضروري، غير كاف: لا يجعل حضور جافير من البؤساء رواية بوليسية؛ فكما أن هناك عاشقين عند كونان دويل، الذي لا يؤلف روايات غرامية. يلزم كذلك أن تكون هذه الشخصيات، الحاملة للعلامة الأجناسية للرواية في المستوى الأول، وأن تختزل الحبكة في أفعالهم. ثمة في الأخير الأسلوب، نوع الكتابة الخاصة بكل جنس فرعي: تكون كتابة الرواية البوليسية محايدة على نحو طوعي ( ولو أن كونان دويل يميل أحيانا نحو الرعب، و لوبلون نحو الهزل).
إن رواية الجاسوسية وليدة الرواية البوليسية ( هناك جواسيس أدبيون أكثر قدما: يتجسس عوليس على معسكر الطرواديين؛ وليس هناك رواية عن الجاسوسية قبل القرن العشرين). الرواية الأولى ذات القيمة الأدبية هي لغز الرمال11(1903) لإرسكين شايلدرز، متبوعة بـ العميل السري لكونراد (1907)، والخطوات التسع و الثلاثين لـ جون بوشان (1915) وقصص أسهاندن، لسومرست موم (1928). في الثلاثينيات، كان غرين و آمبلر. لكن لا وجود لروائي فرنسي يعادل هؤلاء الكتاب؛ والأسوأ أن في فرنسا لم يكن هناك أي مؤلف للروايات الجاسوسية كاتبا؛ اليوم، نجد لُو كاري من جهة، وجيرار دو فيلييه من جهة أخرى. ويجب طرح التساؤل عن السبب.
إن رواية الجاسوسية أقرب جدا لرواية المغامرة منها إلى الرواية البوليسية، لكونها أولا تروي مغامرات…. غير أن لجميعها تخصصا يمتثل لقواعد. فالمعطى الأولي لهذا النوع من القصص سياسي، ويكمن في التهديد بكون ثمة قوة غربية تتشكل ضد الأمن القومي. يتخذ هذا التهديد، في زمن السلم ( أو في زمن الحرب الباردة) شكل الجاسوس، أو شكل العميل المزدوج. وكما في “لعب كبير”، لكل بلد، أو لكل معسكر سره الذي يسعى العملاء لسرقته. تستعير رواية الجاسوسية من الرواية البوليسية الجريمة؛ ويكون خط سيرها مزروعا بالجثث؛ ويجمع البحث، لأن العميل ” الخيِّر”، ذلك الذي يدعى القارئ للتماهي معه12، المؤشرات لإماطة اللثام عن الخصم؛ وأخيرا حل العقدة المنتصر، ذلك المنتظَر والمؤجل باستمرار، الذي يمنح معنى للمحكي، بينما يجعله غير قابل للقراءة، “غير قابل لإعادة القراءة” ( ماعدا سهوا). ومثل رواية المغامرة، تستخدم رواية الجاسوسية التشويق؛ لهذا السبب نتكلم في الإنجليزية عن الرعب الجاسوسي ( spy thriller )13 تتكدس الأحداث، وكذا المعلومات كلما تقدم المحكي، و “تتجمع في بنية بحيث، بدون أي من بينها، لا يكون الفعل غير قابل للفهم”14 على العكس من ذلك، تظهر رواية الجاسوسية، بصفتها حلقة تابعة، في رواية المغامرة: يشكل روشفور وميلادي، في الفرسان الثلاثة، عميلين سريين لريشليو؛ ويؤخذ ماتياس ساندورف على حين غرة، ويتم اعتقاله بفضل تقنيات دوائر الاستخبارات، ويظل ميشال ستراغوف، خلال مهمته في سيبريا، مراقبا باستمرار من قبل العدو. وغالبا ما يكون جول فيرن، من الجانبين، سياسيا؛ أما كونراد فأحيانا؛ ودوما بالأولى تاريخيا ( يعني أن المواجهات التي يقوم بتوصيفها، ماعدا في مونت كريستو، متعلقة بالماضي)؛ في حين أن ستفنسن لاسياسي، مثل رواية المغامرة ذاتها: لا الشرط السياسي، ولا طبعا ( رغم المظاهر، لأن ثمة مغامرا خارج القانون، لكنه يدعم القانون) الشرط الاجتماعي، و إنما الشرط الإنساني الذي هو في خطر. هذه الحرية، وهذا اللا التزام، يبعدان رواية المغامرة عن رواية الجاسوسية، ولكن ذلك ليس بدون نتائج أدبية؛ هذا الجنس الثاني، كما أوضح أمبرتو إيكو، زائد: الغولف، والسيارات، والسيجارة، والإغواء، والوجبات في المطاعم؛ مادة جاهزة مستعملة في نظام متوقع. على عكس ذلك، فرواية المغامرة حرة في مادتها، وفي أحداثها، وفي مهنة أبطالها، وفي التزاماتهم، وفي معركة النضال السياسي؛ أما حل العقدة، فغالبا ما يكون جزؤها الأقل أهمية: فيه ينظم المتأخرون، وتصفى الحسابات، إنما الجوهري، كما في جزيرة الكنز، أو سيد بلانتري، أو تيفون، أو ميشال ستروغوف، فقد حدث من قبل.
لا ريب أن رؤية الاختلاف بين رواية المغامرة والرواية المسلسلة صعبة. ثمة بالطبع روايات مغامرة نشرت مسلسلة؛ ورواية العانس لبلزاك هي أيضا ( والأولى، سنة 1836). لم تكن الرواية المسلسلة سوى حلقة في تاريخ الصحافة، ولاحقة على الجنس الأدبي الذي نحن بصدد دراسته، وأفلت ( أزاحتها القصص المصورة في حلقات) قبلها. بيد أن ما حمل إلى رواية المغامرة كان هو البناء الخاص بنمط ظهورها، وهو ما وصفه بيير لاروس بشكل ممتاز: ” ككلمة أخيرة عن الفن، تم إطراء هذا الجنس من حيث معرفته بتقطيع مؤلف إلى شذرات جذابة بالتساوي، وفي نقل المحكي كل يوم إلى أعلى درجة ممكنة من الأهمية، وفي إيقافه في اللحظة التي يكون فيها الفضول مستثارا بحيوية، بحيث تكون الرغبة متلهفة على العدد القادم”15. على هذا النحو نشر دوما، وفيرن، وحتى ستفنسن، العديد من رواياتهم: قد يكون من السهل تبيان كيف أن نمط النشر قد عدل تقنية المحكي.
بشكل خاص استعملت الرواية المسلسلة من قبل الرواية الشعبية: خفايا باريس، اليهودي المتشرد، خفايا لندن، من بين العديد من الروايات الأخرى. هذا الجنس16 يشبه رواية المغامرة بدون الالتباس بها. و إذا ما قسمت الأبطال إلى فئتين: الأخيار والأشرار (الذين ليسوا بالتحديد أصدقاء وأعداء رواية المغامرة)، وإذا كان المحكي يسعى إلى التشويق، والمفاجآت، والأحداث المذهلة، فإن للرواية الشعبية مع ذلك- وبغرابة- طموحات كبيرة جدا: رسم الأماكن الشعبية، والطبقات الفقيرة والشغيلة المرهوبة من قبل ” كبار الأسياد الأشرار”، في المدينة الكبيرة، باريس ولندن: “ينقل الأدب الشعبي طوال تاريخه رغبات الصعود للهيمنة على المجتمع، وعلى الهوية الاجتماعية، وعلى الطبقات المقصية من المجتمع: الشعب (…)، لكن أيضا البرجوازيين الصغار نصف الكادحين، والحرفيين، ومن هم في وضع قانوني مضطرب أو غير عادل (المتسولون، المعدومون، الأمهات العازبات، المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة، ضحايا الأخطاء القضائية أو الاعتقال التعسفي، والأطفال الطبيعيون، إلخ)”17. إن الرواية الشعبية عند سو وفيفال هي الكوميديا الإنسانية؛ ورواية المغامرة رواية الفرد. لكن بما أن الوسائل الأدبية في الأولى ليست في مستوى مقاصدها ( حتى ولو كانت كذلك، فإن مؤلفيها قد فقدوا جزءا من جمهورهم- كي يصبحوا في مستوى بلزاك، أو هوغو، أو دوستيفسكي)، فرواية المغامرة التي ليست بالتأكيد دائما أدبية، تجد، في أصالتها، وغيابها عن القانون أو عن قضية لتدافع عنها، فرصة أسلوب.
ولئن بدا عمله دوما مسلسلا، فإن في أروع رواياته، تلك التي نحن بصدد دراستها هنا، لا وجود أبدا لإحساس بنقائص الكتابة التي تشوه أعمال سو وفيفال. عند هذين الأخيرين، كل شيء يحدث وكأن عالما مانويا، وشخصيات نمطية، كلها أخيار أو كلها أشرار، والتعدد الملتبس لحبكات ذات أدراج، وقلق إمتاع الجمهور الأكثر اتساعا قدر الإمكان، كل ذلك يتنافس لإفراغ الجملة من كل ميزة فنية. ومع ذلك فأعمال سو في شبابه( خصوصا رواياته عن البحر)، وبعض الصفحات عند فيفال ( مستهل خفايا لندن) كافية للإشارة الى موت صفة الكاتب فيهم.
أحيانا تستلهم الروايةُ الشعبية الروايةَ التاريخية ( تجري أحداث لوتريامون، لسو، تحت حكم لويس الرابع عشر، والأحدب في عهد وصاية دوق أورليان)، وكذلك رواية المغامرة. لكن إذا قارننا القرن الثامن عشر الأسكتلندي في ويفرلي وفي المختطَف !، نلاحظ حالا الاختلاف الجوهري بين تاريخ الرواية التاريخية وتاريخ رواية المغامرة، وبين سكوت وستفنسن. التاريخ عند الأول هو الموضوع ذاته للكتاب: كيف أن اسكتلندا كانت ممزقة بين ماض عتيق، وقبلي، وبين الحداثة؛ في حين أنه عند الثاني ديكور، معاد إنتاجه بإخلاص، بحب، وبشعر بالتأكيد، لكن يظل دائما في المستوى الخلفي، مع بعض التفاصيل الموحية به. وليس قراصنة ماك أورلون أقل تاريخية من قراصنة ستفنسن؛ ما يلزم بالضبط كيما لا يتم التأكيد على الزمن الماضي من خلال صورتنا أكثر مما على معرفتنا. يكفي القليل: أشرعة تصطفق، وفانوس أصم، وأغنية قديمة، وسيفان يلمعان تحت القمر، و الحلم راسخ في عمق زمن آخر.
تاريخ رواية المغامرة جنس لا زمني تقريبا- لكن عبر الزمن، و حاضر لما أصاب المسرح الإغريقي الوهن، وكأنما لجني إرثه، في بواكير الحضارة الغربية؛ وهو إرث الملحمة أيضا، والسير، والحكاية: تشكل الرواية الإغريقية الرومانية مجال التقاء جميع الأجناس الأدبية. حيث تضع روائعها- ماعدا الساتريكون- القصة الغرامية في المستوى الأول، وكل ما يعارض هواها المشترك هو المغامرة. في روايات المغامرة الكبرى في القرن التاسع عشر، على العكس من ذلك، يـأتي الشعور مكملا، أو ينتفي. لكننا نجد في رواية المغامرة الإغريقية عددا من خصائص رواية المغامرة الحديثة18.
كتبت Les Ethiopiques، أو قصة تياجين وشاريكلي العزيزة على قلب راسين في القرن الثالث من حقبتنا، وتجري أحداثها في القرن الخامس قبل الميلاد، أي بفارق ستة قرون، على الأقل، بين الفعل والتدوين. يبدأ الفعل في مصر. هاكم منذ الانطلاقة، فارق مزدوج، مكاني وزماني، غالبا ما سيبحث عنه الجنس الأدبي، وقبله الملحمة. يحضر أيضا التشويق، وبشكل أدبي واصف، مادام، أن المحكي يصير محكي المحكيات، عندما تصل بغثة شخصية جديدة تروي قصتها، وتتوقف في غمرة الليل، ويلح الأبطال عليها بأن تواصل حكيها: ” يقول تياجين: لكنك لا تزيد إلا في تعذيبنا. إذا تركت، في محكيك، ديمينيتي بدون عقاب”19. سنجد في ألف ليلة وليلة هذه الاستحالة للتوقف عن الحكي قبل الصباح. في ما يخص المغامرات، فثُتبِّت، منذ الكتاب الأول، نموذجا بدئيا: فضلا عن ثيمة السفر بما أن سفينة إغريقية ترسو على الضفاف النائية لمصر، فإن ثيمة هجوم اللصوص ( مزدوجة حيث إن هناك هجوم عصابة ثانية على العصابة الأولى)، واختطاف أبطال، والسفينة في قدر غريب، التي، مثل ما في جزيرة الكنز، يتقاتل فيها الطاقم، عن مغارة الكنز. وستوجد تقنية السرد ذي الأدراج، محكيات داخل المحكي، في الرواية الغربية، في ما وراء العصر الوسيط، في الحقبة الكلاسيكية، و إلى ولتر سكوت. و في السرعة التي تتداخل فيها المغامرات ( بمعنى كمية الأحداث الجديدة في كل صفحة)، ثمة براعة نادرة التماثل، ولكن أيضا ذلك الخوف من الفراغ، الفضاء والزمان المحايدان، الذي يميز جميع البدائيين الذين ليسوا ببدائيين: يلزم أن تكون هناك مهارة عالية لسرد قليل من المغامرات في رواية المغامرات.20
هذه إذا هي “رواية المغامرة والمحن”، الفئة الأولى من الرواية الإغريقية التي، بحسب باختين، تنماز عن “رواية المغامرة والأخلاق” ( بيترون ، و أبيلي). في واحدة منها، يكون الزمن تجاورا، و الأبطال لا يتطورون؛ والمغامرات تتعاقب في سلسلة لامتناهية، تحكمها الصدفة والآلهة القادمة من الملحمة لتأخذ عطلتها في الرواية؛ وتكون الشخصيات منفعلة، وموضوعات القصة. أما في الأخرى، فيكون الإنسان مسخا؛ و لن تكون سلسلة الأحداث محدودة: ” لا تعتمد الحلقة الأولى والأخيرة في سلسلة الأحداث على الصدفة، ما يعدل خاصية كل السلسلة. بحيث تصير فعالة و تحول كلا من البطل ومصيره. وتنتهي مغامراته (…) إلى تشييد صورة جديدة: صورة بطل مطهَّر ومتجدد”21. نميز في سلف هذه الفئة مونت كريستو، حيث يتعاقب الظلم، والتحرر، والانتقام، والصفح، والصفاء، بحسب سلسلة ذات أثر لا يقاوم.
في رواية القرون الوسطى، تأخذ المغامرة معنى جديدا في عالم الخوارق، والسيوف المنبعثة من بركة على بعد ذراع، والمراكب الجنائزية، والغابات المسحورة، يكون البطل على محك التجربة، ولن يتحقق له النصر ما لم تكن له رعاية. عندئذ تكون رواية المغامرة أيضا رواية دينية ورواية غرامية؛ سنرى، في تحت أعين الغرب ونوسترومو، لكونراد، كيف يدان البطل الآثم، مثل لونسلو في الهزيمة الأخيرة. وفي البحث عن الكأس المقدسة، حيث لكل حدث معنى رمزي، فإن الحياة نفسها هي التي تكون مغامرة: نفس الأمر في شباب وقلب الظلام. والبلغاء هم الروائيون في تقنية المحكي: من هنا كان قلق التأليف شديدا، وقلق التوازنات، وقلق التركيبات المتوازية. كما كانت لهم فلسفة ( على الأقل في الدورة الآرثرية)، تنظم نسق المغامرات. صدفة أو قدر؟ وفي موت آرتو، التي تروي سقوط مملكة آرثر، تهمين “عجلة القدر” على الأحداث الزمنية؛ وتنتمي الأرواح إلى حرية الإله22. إنها كذلك الكلمة الأخيرة، العبارة الأخيرة لـ فيكونت براجيلون. وباعتبارها وريثة الرواية الإغريقية كأساطير سلتية وحكايات شرقية، فقد منحت رواية الفروسية لجنس رواية المغامرة شكلا ومعنى جديدين. فالأحداث المحتومة، والاختطافات، والمبارزات الفردية، والمعارك، والأحلام، الأشباح، والموتى، كل ذلك إنما هو خدع القدر، و كلما منحت رواية المغامرة نفسها، في القرون القادمة، لفلسفة ما، أو التمست القدر، فإنها ستستحضر ظل لونسلو، وغالاد، و ترستان.
كل عصر يمنح الحكايات (القرن السادس عشر) و الروايات التي هو بحاجة إليها؛ وبالأجدر روايات المغامرة. وتأفل معه وأحيانا بشكل أسرع من النجاح الكبير الذي خلفته. فالروايات السابقة على النجمة، التي قام فيها غوستاف رينيه بجرد23، والتي تشمل فضلا عن ذلك، نسخ جديدة من الروايات القروسطية ( لونسلو، 1533) لم تدم طويلا في القصص الأدبية. كما شكل القرن السادس عشر ، في أسبانيا، حقبة كبيرة للكتابة الشطارية ( التي مثلها شارل سوريل في فرنسا منعطف القرن): تسمى المحكيات المفتوحة شطارية وتقريبا بدون نهاية، يقوم فيها أبطال متحدرون من طبقات شعبية برحلات طويلة الأمد؛ ويعبرون بيئات اجتماعية عديدة، متدبرين أمورهم بفضل ذكائهم وحيلهم24. هذا الجنس، الذي يعود إلى الظهور في الرواية الإنجليزية25 (ستيرن، فولتير، ديدرو، ماريفو، ريستيف) في القرن الثامن عشر، يتميز بجلاء عن رواية المغامرة من حيث أن بنيته المفتوحة، ومضمونه الاجتماعي، وخاصية أبطاله الفارقة، تجعل منه روايات لا تكون فيها المغامرة الهدف الأول.
والواقع أنه لزم انتظار القرن التاسع عشر كيما تحصل رواية المغامرة على استقلاليتها المعترف بها- تم احتقارها وتخصيصها للأطفال- لجنس منفصل وفي الوقت نفسه البقاء على قيد الحياة: نقرأ، ونعيد أيضا طبع كوبر أو دوما، وفيرن أو ستفنسن. فالتأثير المركب للرواية السوداء أو القوطية، وللنبوغ التاريخي لولتر سكوت، وللأبطال البيرونيين الجذابين يمنح للجنس، في اللحظة التي نقرأه، حماسا جديدا. و عندما ينطفئ الشهاب الناري الذي ينطلق من دوما إلى كونراد، تضيء بعض الأنوار مع ذلك الطريق، في القرن العشرين: ماك أورلان، كيسل، لويز ميسن ومالرو؛ في الولايات المتحدة الأمريكية ( التي اكتشف فيها مرة أخرى روائيين القرن التاسع عشر الكبار ،بالنسبة لـ آرثر غوردن بيم، ميلفيل)، و همنغواي و فوكنر ( الدخيل، النخيل البري)؛ وفي إنجلترا، غرهام غرين. ثم الرواية الشعبية الخالدة، التي بدلت خزانة الأساطير: بيير بينوا26 أو بيير-جان ريمي، أو س. إس. فوريستر أو جورج ماكدونالد فريزر؛ هناك في المكتبات البريطانية جناح مخصص للرومانسات.
هكذا، فلرواية المغامرة تاريخ، وليس لها تاريخ: ما المسافة التي تفصل بين دون كيشوت وروبنسن كروزو؟ قرن وعشر سنوات؟ مع ذلك تؤكد مارت روبرت أن رواية ثربانتس أتت بعد رواية ديفو، ” من حيث أنه اهتم كثيرا بتمويه فكره، ومن ثمة بكثير من الغموض و كثير من الفن”27. فالقصة الداخلية للجنس الروائي ” لا تتبع بالضرورة تواريخ التاريخ بلا زيادة”. وهذا أيضا أكثر صحة في رواية المغامرة، التي تتغير فيها البنيات العميقة قليلا: سيكون بيير بينوا عما قليل صعب القراءة، ويتم نسيانه كما هيليودور؛ فقد كتب Les Ethiopiques في النصف الأول من القرن العشرين، مثل ب. ج. ريمي في باندورا، و شبح الأوبرا من تلك التي كان قد نسيها غاستون لوغو.
حدود الأدب
لا تجري الحدود الحقيقية بين حقبتين، وإنما بين ما هو أدبي وما هو غيره. و لئن تكلمنا قليلا عن دون كيشوت وروبنسن، النموذجان الأصليان للرواية ( أي رواية المغامرة)، فلأن انتماءهما إلى مجال الأدب لا نقاش فيه- ليس أكثر من انتماء الملك أوديب. نميل إلى التحدث عن الأدب عن ما قاله سانت أوغسطين بخصوص الزمن: أعرف ما هو عندما لا أفكره فيه، و لا أعرف ما هو عندما أفكر فيه. ما الذي يفصل كونراد عن كيبلين؟ وكونراد وكيبلين عن لو غوج؟ هل ثلاثتهم مجتمعون في خزانة المحطات؟ والنص المحرر من القصص المصورة (ليس من المؤكد فضلا عن ذلك وجود قصة مصورة جيدة لا تكون ذات قيمة أكثر من محكي رديء الكتابة)؟
لا ريب أنه يلزم الانطلاق من التجربة. إذا اخترنا، في هذه المقالة، دوما، وفيرن، وكونراد، وستفنسن، فلأن كل العالم موافق على اعتبارهم كتابا. ثمة، عاجلا أو آجلا (متأخرا قليلا فقليلا) إجماع حول الخاصية الأدبية لعمل أدبي- بنفس طريقة متحف، يوما ما أو دائما، يقصي القشور. وأن لا يحب المرء كونراد، فذلك يعني الاعتراف به ككاتب؛ كما أن عدم محبة جيرار دو فيليي، أو غي دي كار، فذلك يعنى، ضمن مجال التسلية، إنكار اسمهم كمسليين. مع كل الاستثناءات، والحالات المحدودة، والمواقف الجدالية التي يبتغيها المرء، ثمة، في لغة معطاة، تجربة للأدب. فالنجاحات الرائعة لموسيقى الروك لا تنتمي إلى نفس العالم مثل بيليا و ميليساند: فقد أنجزت مهمة لم تكن جمالية. على العكس من ذلك، رام ستفنسن أن يكون أولا كاتبا. ذلك أن الأسلوب بالنسبة له يتميز بالكثافة، والوضوح، والذكاء وقوة التوليف: نسيج، قماش يشبك خيوطا مختلفة، شهوانية ومنطقية، وأنيقة ومفعمة في الآن معا28. يقدم كونراد نفسه في التوطئة الشهيرة في زنجي نرسيس، كحرفي في النثر، يقوم بنحت شكل عباراته، بحثا عن الليونة، واللون، والإيحاء الشاعري؛ وحده الأسلوب الذي بإمكانه أن يجعلنا نسمع، ونحس، وبشكل خاص نرى أنه من خلال عطفته الجلية يسع القارئ أن يجد ” التشجيع، و السلوى، والخوف، والروعة” كل ما التمسه من الرواية، وربما، “هذا الوميض للحقيقة الذي نسي المطالبة به”. إن كونراد أحد حواريي فلوبير وليس ديفو.
تبدأ رواية المغامرة الأدبية بأسلوب. فالصفحة الأولى من إحدى روايات دوما ( إن كان نفسه ألفها)، أو ستفنسن، أو كونراد، أو ماك أورلان تتنفس قبل ذلك عشق الكلمات، والإيقاع، وتبادل الأصوات. في عمق كل واحدة من هذه الروايات، ثمة شيء يغَني معروف ومع ذلك مختلف عن الأشياء الأخرى، تحت الوصف المطابق على ما يبدو للمغامرات، كما، على نفس كلمات فيرلين، في موسيقى فوري وديبوسي، مثلما على مسرح فكتور هوغو، في أوبرات فيردي، ودونيزيتي. إنها بالتأكيد موسيقى أكثر صمتا من الموسيقى الحقيقية، إذ لإدراكها يلزم أذنا لا تميز هواة التسلية، ولا اللسانيين بل حتى النقاد المزودين بمنهج علمي، بقدر ما تميز عشاق الأدب المخلصين- عشاق الشعر. فلا وجود لعشق أسلوب بدون عشق قمته الذي هو الشعر.
في المقابل، ليست البنية المركبة للرواية، العزيزة على الشكلانيين الروس، دائما معيار الأدبية. فمنذ الرواية الإغريقية، ومنذ القرون الوسطى، وبشكل خاص مع الروايات المسلسلة الكبرى لأوجين سو وفيفال، اعتدنا على المحكيات ذات الأدراج، وذات حبكات متوازية، وتعدد الشخصيات. عكس ذلك، يستخلص ستفنسن من فاير هيرميستن، نتائج مثيرة من حضور الشخصيات الرئيسية الثلاث في أرض إسكتلندية. وليس التعقيد البنائي دائما علامة على الجودة؛ وكذلك التعقيد البنائي للجملة. عكس ذلك ينبغي الاحتفاظ بالتعقيدات البنائية لمستويات المعنى التي يضطلع بها المؤلف عن وعي: يؤكد الثراء الرمزي، وصعوبة منح معنى وحيد إلى الفعل، وإلى خاتمة المحكي السمة الأدبية لـ تحت أعين الغرب أو لـ سيد بلانتري. ولئن قلنا عن وعي، فلأن الوعي، بما هو معلِّق، يتحمل ذلك دائما، ويكشف الكنوز في بائعة الخبز.
في نفس الوقت، يُخفى تعدد دلالات النصوص الكبرى ( بخلاف روائع متحدرة من الروايات المسلسلة)؛ ويكون المؤلف قد ” احتفظ بالترجمة”، كما قال رامبو. في رواية سو، يتم إفشاء طبع الشخصيات، أخيارا أو أشرارا، مباشرة، وتتم الإشارة إلى نغمة المشهد قبل أن يتوفر لنا الوقت للإحساس بها، بل حتى الانفعالات ذاتها تملى علينا. العكس يوجد في المشاهد الكبرى عند كونراد، وستفنسن: يشارك القارئ في الخلق، بدلا من أن يفرض عليه شيء محدد. و لا شيء قد بلى سوى تحليلات اليهودي المتشرد، فيما احتفظت تحليلات نوسترومو بسرها. ويختفي النص غير الأدبي في الوقت نفسه مع الجمهور الذي ألف من أجله، والذي عبر فيه عن القيم وتكلم اللغة29 مؤقتا. فالمقبرة الهائلة للروايات الناجحة وللمؤلفين الأكثر بهجة تمتد إلى ضفاف اليونان القديمة حتى أرصفة باعة الكتب سنة 1980، من هيليودور إلى غي دي كار، إلى فورسايت. حيث يوجد ستفنسن في دافوس أو صاموا، وكونراد في غرفته بلندن أو في منزله بكانت، فلمن كانوا يكتبون؟ بل حتى جول فيرن كان يكتب للأطفال حالما بجمهور راشد سيتحقق له، بعد مائة عام، في سيرسي بدلا من آميان.
ومع ذلك، ثمة أسرة من مؤلفي روايات المغامرة لا يميزهم لا الأسلوب، و لا تعدد الدلالات، ولا الصعوبة، وإنما تميزهم قوة الخيال. يلزم، على إثر السريالية( التي تمنح امتيازا للصورة إزاء الإيقاع، و الانسجام اللذين رغب فيهما الرمزيون قبلها) الاعتراف بنوعية فنية في الابتكار الاستثنائي . إنها أصالة الاستيهامات التي أنجت غوستاف لو غوج. ولا تلبث رواية كورنليوس الدكتور الغامض30 طويلا في سطحية الرواية المسلسلة أو البوليسية دون أن تحلق نحو اللامتوقع، واللاعقلاني، والجنون. فحول الدكتور، الملقب بـ” نحات الجسد البشري”، الذي أجرى استبدالا جسمانيا بين أخوين، واحد خير، والآخر، شرير، يثار عدد وافر من الشخصيات الثانوية، في حلقات ذات صفة إيحائية: “لغز كريك العنيف”، و “القصر الألماسي”، و ” نحات الجسد البشري”. إن ثالوث المجرم، والضحية، والمخلص31، باعتباره مكانا غريبا، واتفاقا رهيبا، مخطط يلخص كل قسم من الرواية الضخمة. ثمة إشراقات متناظرة تضع في حافات الأدب ( و لكن على قمة الرواية المسلسلة) غاستون لو غو، و مؤلف هذا الفن الشاعري: … ” هذا المغامرة الغريبة، التي مهما كانت غير مكترثة بتطورها القضائي القصير، ولكنها مجمعة في الزمان، والمكان، ومشحونة بعلم النفس، و مزعجة من خلال عرض الغرائز الغامضة، ومنطقية من خلال تسلسل الوقائع، وتشوش عليها نزوات الصدفة،فإنها منكشفة هنا للمرة الأولى، في بساطتها، ورعبها. وما هو أكثر تراجيدية في الحياة، ليست هي المآسي التي تنشأ عن أخطائنا الوحيدة، و عن أهوائنا الوحيدة، ولكن تلم المآسي التي يبدو أن القدر أضافها عبثا، و بسوء نية، حصته غير الإنسانية من الشطط، و الجنون، و القدرية”32
ليس هذا تاريخا لرواية المغامرة33. إذ يتناول الجنس الأدبي في الوقت الذي ينفصل فيه هذا الأخير عن الرواية: فكما ذكر بذلك تي. إس. إليوت في مقالة له عن كولينز و ديكنز34، خلال قرون لم يتم عزل الميولدراما عن الرواية: فالحاجة إلى الميلودراما خالدة وفي إنجلترا على الأقل، إلى ديكنز كانت الروايات الرائعة “خافقة”. في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى انطلاقا من 1840، و هي الفترة التي توطدت سيطرة الرواية المسلسلة، تم رسم الحدود بين الرواية النبيلة أو الواقعية، أو السيكولوجية، وبين رواية المغامرة، وحتى الأدبية. وما يهمنا هو جمالية الجنس؛ ليس تكرار الصيغ، والصور النمطية، التي تركيبها للمحكي يصيغ الجرد بسهولة، تبعا لبروب، وتودوروف وجنيت؛ وإنما توصيف الثيمات والوسائل، والرموز و الأشكال كما يتجسد في أعمال الفنانين الأربعة الكبار: دوما، وفيرن، وستفنسن، وكونراد؛ المغامرة الكلاسيكية، والمغامرة الحديثة، والمغامرة الشعرية، والمغامرة الميتافيزيقية….. وبدون إغفال فائدة توصيف تقني تفترضه هذه الصفحات أو تسمح به، فهذه الصفحات، مثل قوارير الغواص، تروم إغلاق وتحرير أكسجين المغامرة و روايته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع:
Jean-Ives Tadié, Le roman d’aventures, tel gallimard, Editions Gallimard, 2013
1 و إذا في البداية، كما قالت مادام دو ستايل من قبل في مقالة عن التخييلات: ” ليست على هذه الأرض سوى البدايات” ( Œuvre, Paris, Ed. Lefèvre, 1838, t. I, p. 128)
2 عند نشر الفرسان في مسلسل،” تم تعليق الحياة العامة، و الشؤون و حتى إلى المتع و آلام الأسر، عند التحول المفاجئ لفصل” ( HATIN, cité par P. LAROUSSE, Grand Dictionnaire du XIXe siècle, art. feuilleton)
3 نفضل هذه الكلمة على الكلمة الإنجليزية suspense، المشتقة منها.
4 لهذين الفعلين “رغب”، و “توقع” في الكلام الشعبي، معنى الانتظار. في المقابل، يحتمل فعل انتظر أيضا مفهوما مجيبا.
5 إن لم يكن بالنسبة للمؤلف، الذي يسعه بإحكام ترك اللغز بدون حل، و الرواية بدون حل العقدة فقد يكون عن طريق الموت. و مع ذلك، فالجمهور يخيب أمله بدون شك بكون شوبير قد ترك سمفونية “غير مكتملة” لأسباب غير الموت.
6 مادام دو ستايل، op. cit., p. 146.
7 M. SORIANO, Guide de la littérature enfantine, p. 324.
8 M. ROBERT, Roman des origines…, p. 82: ” تختزل الحكاية إلى روسم صورة نمطية، حيث جميع العناصر تتضافر بهدف نهاية سعيدة بالضرورة.”
9 Roman des origines, p. 62. نعتقد بعكس ذلك أن بالارتهان إلى الصنف، و بالجنس الفرعي الذي تنتمي إليه، فللرواية شكل محدد.
10 أنظر G. BERR, The Romance, Londres, Methuen, 1970.
11 L’Enigme des sables, Voir J. SYMONS, Bloody murder, Londres, Faber & Faber, 1972
12 التعارض بين الأخيار و الأشرار أقل وضوحا في الروايات بسبب الكتاب الكبار: غرين، كونراد، لو كاري: ” هذا هو الإزعاج. كل شيء رمادي. أنصاف آلهتي يناضلون ضد أنصاف الأبالسة. و لا أحد يعرف أين يوجد خط الحدود” ( J. Le CARRE, Les Gens de Smiley, Paris, Laffont, 1980, p. 201 )
13 B. MERRY, Anatomy of the spy thriller.
14 نفسه.، صص. 70-71. يوجد هذا القانون من قبل في فن الشعر لأرسطو؛ يكون ذلك في تقابل مع الرواية الشطارية، و رواية توم جونز أو راوية القدري.
15 Grand Dictionnaire du XIXe siècle, art. Feuilleton.
16 أنظر Y. OLIVIER-MARTIN, Histoire du roman populaire en France, 1980.
17 نفسه.، ص. 15. على هذا النحو تتضمن اليهودي المتشرد مونوغرافيات عن حياة عاملة، و حرفي، و مدبرة فقيرة تحت فترة الإصلاح؛ لا أحد من مؤلفي روايات المغامرة، بل حتى جول فيرن، يقدم هذه المعلومات. لكن بما أن هذا التوثيق موصول بالوعض، فإن هذا الأخير قتل الأسلوب: إنها الوقائع التي يلزم أن تكون لها الفصاحة و ليس المضمون” ( P. FEVAL, cité par OLIVIER-MARTIN, op. cit., p. 64)
18 أنظر P. GRIMAL, Ed. des Romans grecs et latins, Bibl. de la Pléiade, Gallimard, 1958 ; The Novel before the novel, The University of Chicago Press, 1977, et M. BAKHTINE, Esthétique et théorie du roman, trad. fr., Gallimard, 1978.
19 Romans…، ص. 528.
20 في بارابانياكو أو الدسيسة، للويس غييو (1954)، كل شيء انتظار و تأسي، الحدث لا يحتل صفحة واحدة.
21 BAKHTINE, op. cit., p. 267
22 أنظرJ. FRAPPIER, Etude sur la mort du roi Artu, Droz, 1936, chap. IV. « La roue de fortune »
23 Le Roman sentimental avant l’ Astrée, A. Collin, 1908.
24 أنظر R. BJORNSON, The picaresque hero in European fiction, University of Wisconsin Press
25 في الواقع أن الرواية الإنجليزية الشطارية الأولى هي المسافر البائس لناشي (1594)، حيث نجد مغامرات في الخارج، و الدم المراق، و الغراميات المعاكسة، و المشاهد الدرامية ( أعيد طبعها في Shorter Novels : Elisabethan, Den, 1972)
26 J. DAISNE, Pierre Benoit ou l’éloge du Roman romanesque, A. Michel, 1964.
27 Roman des origines…, p. 132
28 STEVENSON, On some technical elements of style in Literature ( The Art of Writing)
29 أنظر Q. D. Leavis, Fiction and the reading public (1932), London, rééd. Penguin Books, 1979
30 Réédité par F. LACASSIN, coll. « 10/18 », UGE, 5 vol
31 سنحتفظ بشخصية ميلور بامبوش، ” الباحث عن الأحاسيس النادرة” ، و مبتكر النقانق ذات المائة متر ( t. II, chap. 1)؛ المجتمع السري ( ” المنزل الأحمر”)؛ الجزيرة، مأوى قطاع الطرق؛ ثيمات حاضرة في العديد من روايات المغامرة، و عند جول فيرن، الذي كرمه لو غوج في Le Sous-marin Jules Verne.
32 Maurice LEBLANC, Les Clefs mystérieuses (1932), Grenoble, rééd. J. Glénat, 1976
33 لم نتمكن من معالجة الرواية الأمريكية، من كوبر إلى بو و إلى ملفيل. فقد كان تأثير كوبر على الأدب الفرنسي قويا. ( أنظر مقالة سانت بوف، Premiers lundis, Pléiade, Gallimard, p. 284-287) كان ملفيل غير معروف في القرن التاسع عشر، و قد قلد فيرن Les Aventures d’Arthur Gordon Pym و واصلها في Le Sphinx des glaces.
34 Selected Essays, London, Faber, 1963, p. 460-470
—————
—————————————-
—————
—————————————-
18