شهدت جامعة السلطان قابوس في شهر يناير الماضي مناقشة رسالة ماجستير (حول الصحافة الثقافية في سلطنة عُمان مجلة نزوى نموذجاً) بقسم الاعلام في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية قدمها الباحث/ خليفة بن حمود التوبي، حيث تعتبر هذه الرسالة هي الأولى بالنسبة لمجلة نزوى بالجامعة.
وكانت مجلة نزوى قد قدمت حولها دراسات وبحوث وأخذت منها دراسات لنماذج لدراسة الماجستير والدكتوراة في عُمان وخارجها ولكن بالنسبة لهذه الرسالة هي الأولى حسب ما يقول الباحث المتقدم بها الى الجامعة. واختياره لمجلة نزوى يأتي كونها تمثل نموذجاً للصحافة الثقافية في سلطنة عُمان.
وقد تكونت لجنة الاشراف على الرسالة من د. محمد نجيب الصرايرة المشرف الرئيس، ود. حسني محمد نصر ود. عبدالمنعم بن منصور الحسني.
كما أشرف على الرسالة د. عبدالرحمن صوفي عثمان رئيس اللجنة ود. محمد نجيب الصرايرة ود. عبدالله بن خميس الكندي ود. تيسير أحمد أبوعرجة ممتحن خارجي بكلية الاعلام – جامعة البتراء- الأردن.
أهمية الدراسة
يقول الباحث في تقديمه لرسالته: انه رغم أهمية هذه المجلة (مجلة نزوى) وما ساهمت به في الارتقاء بالصحافة الثقافية في سلطنة عمان، فإنه وفي حدود علمي لم يتناولها أحد من الباحثين بالدراسة العلمية باستثناء الدراسة الأولية التي أجراها عبدالله الكندي (2001). ونظراً لعدم وجود دراسات علمية سابقة حول الصحافة الثقافية في سلطنة عمان، فإن الأمر يتطلب القيام بالبحث حول هذا النوع من الصحافة المتخصصة إضافةً إلا أن المجلات الثقافية في سلطنة عمان لم تخضع للدراسة العلمية، ولم تنل نصيبها من البحث المطلوب في جوانب الشكل والمضمون، لذلك فإنني سوف أخذ مجلة نزوى نموذجاً لدراستي من حيث النشأة، وعلى صعيد خصائص المضمون، إلى جانب التحديات التي تواجهها الصحافة الثقافية العمانية.
وبالتالي فإن دراستنا ستسد فراغاً في مجال الدراسات الإعلامية العمانية، حيث إنها تؤرخ لنشأة مجلة نزوى وتطورها، كما تحلل خصائص المضمون والفنون الصحفية فيها. وقد ساعدت الدراسات السابقة في تطوير أسئلة هذه الدراسة، وتحديد منهجيتها، إلى جانب رسم إطارها ومجالها، بحيث أضافت إلى دراسة خصائص المضمون متغيرات لم تتعرض له الدراسات السابقة، فضلا عن تناولها متغيرات شملت النشأة وتحليل خصائص المضمون إلى جانب التحديات؛ الأمر الذي لم تتعرض له أي من الدراسات السابقة بهذه الشمولية.
ويضيف الباحث في درساته ان مجلة نزوى قد واجهت منذ اصدار العدد الأول عدة عقبات يمكن اجمالها فيما يلي:
1 – البيروقراطية التي لا تساعد القائمين على المجلة في اقتراح السبل الكفيلة بتطويرها والوصول بها إلى العالمية.
2 – مشاكل الوعي الثقافي التي لا تساعد على إنشاء منبر طليعي يجمع بين تعدد الأصوات الثقافية ويحاول أن يلتمس ديمقراطية ما، ويجمع المتناقضات والاختلافات الثقافية في بوتقة واحدة لتعبر وتثري الجو الثقافي عمانيًا وعربيًا.
3 – عدم وجود موازنة خاصة بالمجلة، الأمر الذي لا يتيح لها مجالاً لمنافسة نظيراتها خليجياً وعربياً على صعيد الشكل والمضمون. وقد حاولت المجلة إصدار كتاب نزوى مع كل عدد إلا أنها لم تتمكن بسبب ضعف الميزانية.
4 -عدم وجود منافذ للتوزيع يضمن القائمون على المجلة من خلالها الوصول إلى القارئ المثقف، ليس فقط على المستوى المحلي والخليجي والعربي، وإنما على المستوى العالمي أيضًا.
التحديات التي تواجهها الصحافة
الثقافية في سلطنة عمان
تواجه الصحافة بشكل عام تحدياً كبيراً في عصر الانفتاح المعلوماتي عبر ما توفره التقنية العالية الجودة في مجال الإعلام والاتصال في العصر الحديث، وهذا التحدي ينصب حول آلية فهم القائمين على الإعلام الثقافي بالسلطنة للمتغيرات والتطورات الحاصلة في المجالين المعرفي والتقني.
وفي هذا الإطار أظهرت الدراسة الاستطلاعية التي قام بها الباحث على القائمين والمهتمين بالصحافة الثقافية، وجود جملة من التحديات التي تواجهها الصحافة الثقافية في سلطنة عمان، ويمكننا استعراضها فيما يأتي:
1- عدم وجود إصدارات ثقافية متخصصة بالمعنى الدقيق في سلطنة عمان، عدا مجلة نزوى الفصلية المعروفة، ورغم وجود الملاحق الثقافية الأسبوعية في الصحف الثلاث (عمان والوطن والشبيبة) وأبواب محدودة في جريدة الزمن وفي المجلات الأسبوعية، إلا أن هذه الملاحق الثقافية منغلقة، وتحـصر الثقافة في مفهـوم ضيق اقتصـر علـى جوانب الشعر والنقد والقصة، دون إدراك أن الثقافة تعني في مفهومها الواسع الجوانب الإبداعية في المجالات العلمية، وخلق طريق يقرّب وجهات النظر بين الحضارات الإنسانية المختلفة، والعمل على سد فجوة المعرفة بينهما.
2- معظم الصحف والمجلات حكومية، حتى تلك التي تسمى خاصة كالوطن والشبيبة وما شابهها هي صحافة حكومية من حيث تأثرها بالتوجهات العامة للدولة، وبالتالي لا تنوع ولا تجدد في خطابها الثقافي، ولكن مع الألفية الجديدة أخذت الأمور منحى إيجابياً نحو انفتاح يبشر بالخير.
3- قلة الكادر الصحفي المؤهل الذي يحمل لواء الصحافة، مكللاً بوهج المشروع الثقافي الهادف، فالكادر العامل في الصحافة الثقافية العمانية إما أن يكون موظفاً حكوميًا يعمل حسب الفرصة والمزاج، أو هاويًا للصحافة يعمل بالقطعة، وهؤلاء جميعاً ليسوا متفرغين حقيقة للعمل الثقافي بعينه، وإن وجُد في الصحف الثلاث بعض من هم ممسكون بالشأن الثقافي، إلا أنهم يعملون في مجالات أخرى، لذا تتذبذب الرؤية الثقافية في بعض الصحف الثقافية، بل قد تغيب في كثير من الصحف الصادرة، فتصبح المجلات أو الجرائد حاملة لعنوان الثقافة، وهي في حقيقة الأمر عكس ذلك، أي إنها دعائية فقط.
4- صعوبة انتقال الصحف والمجلات، والاقتصار على البقع والأمكنة الأكثر نفعاً على المستوى التجاري، فكثير من الصحف الثقافية والمجلات لا تصل إلى أيدي المتلقين خارج المدن الكبرى، وكأن المثقف يقع في دائرة المدن والحواضر دون غيرها، ويرجع السبب في ذلك إلى :
* سبب مادي يتمثل في أن بعض الصحف والمجلات التي لا تباع منها إلا نسخ محدودة، يمكن أن تتكبد خسارة مادية إذا وزعت أعدادها في بلدان عربية غير البلد التي تصدر فيه، لأن قيمة مبيعاتها في هذه البلدان لا يمكن أن تغطي تكاليف نقلها وتوزيعه.
* سبب سياسي يتعلق باختلاف النظم السياسية السائدة في البلاد العربية والصراع بين تياراتها المتخاصمة، وهو الصراع الذي كثيراً ما يتخذ شكلاً إعلامياً.
5- حاجة الصحافة الثقافية إلى الدعم المالي من مستثمرين وأصحاب مشاريع ثقافية، وما ينقص الساحة الثقافية في السلطنة هو وجود المستثمر الذي يستطيع أن يقدم دعماً مالياً سخياً للعمل الثقافي المنشور في الصحافة الثقافية.
6- السلطة الاجتماعية أقوى من السلطة الرقابية، حيث ترد إلى الجريدة رسائل واتصالات تستنكر نشر مادة أدبية أو مقالة أو نصاً أدبياً استناداً إلى أحكام اجتماعية، وفي هذا الشأن فإن بعض الكتّاب تعرضوا للمساءلة القانونية.
7- تعاني الصحافة الثقافية من قيود رقابية، حيث تخضع مجلة نزوى إلى المراقبة من لجنة المطبوعات والنشر قبل صدورها، وهذا أمر قد يضيق على أفق الإبداع الذي تتبناه المجلة.
8- تداخل عدة عوامل في إيقاف نشر الصفحات الثقافية، أو تأخيرها، أو تقليل المساحة الممنوحة لها، وذلك بسبب طغيان مادة إخبارية ترى الصحيفة أهميتها وتقدمها على الصفحات الثقافية، حيث تأتى هذه الصفحات في مرتبة تالية للأخبار المحلية والسياسية والرياضية من حيث الأهمية. ومن جهة أخرى فإن حدود النشر والحرية التي تمنحها الصحيفة تكون حسب تفسيرها لقانون المطبوعات والنشر، وحسب رؤية المحرر الثقافي لحدود المسموح والممنوع، وهذا قد يجعل الكثير من الكتاب يحجمون عن التواصل مع الصفحات الثقافية، باعتبار أن الكثير منهم لا يسمح بتغيير أو شطب عباراته واختصار مقالاته، ولذلك نجده – الكاتب – في بحث دائم عن المكان الأكثر حرية للتحليق فيه والتواصل معه.
9- إحجام الكثير من الكتّاب العمانيين البارزين عن التواصل مع الصفحات الثقافية، لعدم قناعتهم أو اختلافهم في الأسلوب والمجال الإبداعي، ورفضهم لمبدأ الشللية، أو زهد الشخصية العمانية في الظهور في وسائل الإعلام، والبعض يرفض نشر صورته، ويعتذر الكثيرون عن إجراء حوار، وما إلى ذلك من أمور، كل هذا يضعف الصفحات الثقافية ويجعلها معتمدة على أسماء معينة، تتكرر كل حين، فى حين يتساءل القارئ عن غياب باقي الأسماء، مع عدم وجود إجابة مقنعة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن غياب الفعل الثقافي، وضعف النشاط الإبداعي في السلطنة مثلا أثر سلباً على مستوى الصفحات الثقافية ومكانتها، وجعل المادة الخبرية المنشورة فيها تعتمد على الفعاليات والأحداث البسيطة، أو الفعاليات والمناشط الخارجية التي تتكرر في الغالب في صحف ومجلات ومطبوعات تعنى بالثقافة خارج السلطنة.
10- عدم تقييم الأعمال التي تنشر في الصحافة الثقافية العمانية من حيث مكافآتها المادية بالشكل المطلوب والمتوازن والمستمر، وإن انخفاض أجور الكتّاب، وقلة المردود المادي للعمل الفكري الكتابي، وهو العمل الذي يتطلب توافر مؤهلات ومهارات كثيرة، يقل بدرجة ملحوظة عن مردود كثير من الأعمال الأخرى البسيطة التي لا يتطلب أداؤها توافر كفاءات خاصة، ولهذا التدني في أجور الأدباء والصحافيين انعكاسات سيئة على العمل الصحافي والحركة الأدبية.
11- اضمحلال المشروع الإيديولوجي المؤسس لخطاب الثقافة، وهذا يعود إلى رسوخ الموقف السياسي الواحد، ولعلنا ندرك أن التزام السلطنة في مواقفها السياسية بالطابع الهادئ وغير المتسرع حيال مختلف القضايا العالمية والدولية، يجعل خطاب الثقافة موازيًا لخطاب السياسة، وهذا الأمر لا يمثل تحديًا أو إعاقة، وإنما يجعل من الصحف الثقافية مشروعًا متوازنًا وراسخًا.
12- وجود الصحافة الإلكترونية وحضورها المكثف وسط الثورة التقنية الهائلة فى العالم.
13- ضعف المشاريع الثقافية، حيث إن العمل الثقافي مقتصر على النشر فقط، ولم نلاحظ أن صحيفة ما تقوم بطباعة كتاب ثقافي بصورة شهرية، حيث اقتصر عملها على النشر الصحفي اليومي فقط.
14- عدم الميل إلى القراءة، فالطبقات المثقفة تشغلها الآن عوامل خارجة عن الثقافة ذات علاقة بالمستوى الإقتصادي والوظيفي وأحيانا المعيشي.
15- عدم استكتاب الصحف العمانية للأقلام العربية المعروفة لإثراء الملاحق الثقافية بحضورهم وأفكارهم، كما نرى في الملاحق الثقافية الخليجية، فيضطر المشرف على الملحق إلى استجداء المواد بدون مقابل عن طريق العلاقات الشخصية مع الأدباء العرب.
16- ضعف الإخراج الفني للملاحق الثقافية على الرغم من الإمكانيات الطباعية الجيدة المتوافرة.
17- تأخر النشر، ويرجع السبب في ذلك إلى أن المجلة يصلها من المواد الصالحة للنشر كمية كبيرة جدًا تفوق ما تستطيع استيعابه، الأمر الذي يجعل بعض الأعمال الكتابية تنتظر دورها في النشر شهورًا طويلة مهما كانت هذه الأعمال قيّمة وكتاّبها مشهورين.
18- مشكلة السرقات الصحفية، ليس في الوطن العربي كله للأسف مؤسسة واحدة مسؤولة عن رصد السرقات الصحفية، الأمر الذي يؤدى إلى تشجيع بعض أدعياء الكتابة ولصوص مقالات منشورة سابقاً بأسماء كتّاب آخرين، وإعادة نشرها بأسمائهم، الأمر الذي يجعل كثيراً من المجلات والصحف تتردد في نشر مقالات جيدة لكتّاب غير معروفين بالنسبة لها خوفًا من أن تكون مسروقة ومنشورة سابقًا، وهذا يقود إلى الإضرار بمصلحة الكاتب والمجلة والقرّاء في آن واحد.
19- بعض الصحف والمجلات تكثر من النشر لبعض الأسماء الصغيرة غير الكفؤة وتبرز أسماءها إبرازاً مصطنعاً على حساب الأسماء الأدبية العريقة بغية دفع أصحابها، ولغايات خاصة، في طريق الشهرة السريعة.
20- محاربة الكفاءات الأدبية الجديدة ، فما ان يبدأ أحد الكتّاب في البروز وارتقاء سلم الشهرة والنجاح في المجال الأدبي، حتى تأخذ بعض الجماعات في شن حملة شعواء ضده ورشقه بالتهم وقذفه بالشائعات. كما ينبري بعض الأفراد لنسج الأباطيل وحبك الأقاويل ضده، وكذلك تناول إنتاجه بالنقد الأدبي المغرض البعيد عن الموضوعية. وتشتد الحملة كلما حقق هذا قفزة جديدة، وخطا خطوة جديدة نحو القمة، ولا ريب أن ظاهرة محاربة الكفاءات الجديدة لا تدل على الأنانية فحسب، وإنما تدل على عدم الوعي أيضا، فانبثاق مواهب أو مشاريع أدبية جديدة ناجحة إنما يحقق مصلحة الوطن ككل، ويشكل إضافة جديدة في المجتمع الثقافي العماني، فالصحافة الثقافية في عمان بكل هذه التحديات على المستوى الإيجابي أو السلبي تنهض على مرتكزات هي في حقيقتها جزء من مرتكزات الصحافة الثقافية في العالم ككل، وبالتالي ما يطرأ عليها من تحديات هي من صميم العملية الثقافية قاطبة، ولا يمكن فصلها لشدة الارتباط، وندرة الخصوصية فالعالم غدا قرية صغيرة تطالها كل الأيادي، كما تسعها كل الألسن إذ كانت الصحافة ـ وما تزال ـ لسان حال الأمم الراقية، أو هكذا يجب أن تكون.هذه التحديات التي تمت الإشارة إليها لا تمثل حكراً على الصحافة الثقافية في سلطنة عمان، وإنما يمكن النظر إليها كظاهرة تشترك فيها معظم الدول العربية ودول العلم النامي.
الاستنتاجات والتوصيات
تحيل قراءتنا السابقة لمجلة «نزوى» باعتبارها مشروعاً ثقافياً متحققاً، له دوره الثقافي والنقدي، إضافة ً إلى التحديات التي تواجه الصحافة الثقافية في سلطنة عمان إلى عدد من الاستنتاجات والتوصيات نجملها فيما يأتي:
أولاً: الاستنتاجات
1- انعدام التوازن في مضامين مجلة نزوى؛ فثلاثة أرباع المجلة تحوي مضامين أدبية، والربع الأخير يتوزع بين المضامين الفنية والثقافية العامة.
2- سيادة الشعر على الموضوعات الأدبية المنشورة في مجلة نزوى، يليه النقد والقصة القصيرة؛ حيث احتلت هذه الموضوعات الثلاثة أربعة أخماس الموضوعات الأدبية، والخمس الأخير توزعت فيه باقي الموضوعات الأدبية. وهذا يتفق مع ما توصلت إليه دراسة عبدالله الكندي حول «الخطاب الثقافي لمجلة نزوى العمانية: قراءة تحليلية» مسقط 2001. فالنقد الأدبي الذي أولته المجلة بعنايتها يندرج في إطار النقد الحديث الذي يقوم على أطر المنهج، بما يتناسب والتيار التجديدي فيه.
3- انتماء أغلب النصوص الشعرية المنشورة في المجلة إلى قالب الشعر الحديث، وعزوفها عن سواه، خاصةً ذلك المنتمي إلى قالب الوزن والقافية، وربما يعود ذلك في تقديرنا إلى تفكير القائمين عليها واتجاههم.
4- استحوذ الفن التشكيلي على الموضوعات الفنية المنشورة في مجلة نزوى، فحوالي نصف الموضوعات الفنية المنشورة كانت تتعلق بالفن التشكيلي، والنصف الآخر تتوزع فيه باقي الموضوعات الفنية. وهذا يتفق مع ما توصلت إليه دراسة عبدالله الكندي حول «الخطاب الثقافي لمجلة نزوى العمانية: قراءة تحليلية» مسقط 2001. ومن جانب آخر يعود ذلك في تقديرنا إلى أنه اتجاه يؤطر الاهتمام بالفن التشكيلي كنوع من أنواع الإبداع، أو أنه حضور جمالي يهدف إلى التخفيف من كثافة المادة المنشورة في المجلة.
5- اهتمام مجلة نزوى بشكل كبير بالموضوعات المتعلقة بالقضايا الفلسفية، والآثار والتاريخ، حيث شغلت نصف مساحة الموضوعات الثقافية العامة، وكان هذا الاهتمام على حساب موضوعات الحرف اليدوية، والاجتماع وعلم النفس.
6- هيمنة نمط الدراسات، والمقالات على أنماط النشر الأخرى في مجلة نزوى، فحوالي ثلثي أنماط النشر كانت الدراسات والمقالات، وانحسار الخبر والتقرير، والتحقيق الصحفي، وعروض الكتب.
7- احتل الإطار العربي نصف الأطر الجغرافية في مجلة نزوى، يليه الإطار الدولي، فالمحلي، وضعف الإطار الخليجي.
8- تصدُّر الكُتّاب العرب المرتبة الأولى، كونهم أكثر من نصف عدد الكُتّاب في مجلة نزوى، يليهم في ذلك الكُتّاب العُمانيون، فالأجانب، وقلة من الكُتّاب الخليجيين. وهذا يتفق مع ما توصلت إليه دراسة عبدالله الكندي حول «الخطاب الثقافي لمجلة نزوى العمانية: قراءة تحليلية» مسقط 2001.
9- طغيان الوظيفة النقدية للمجلة؛ فثلثا المادة المنشورة لها وظيفة نقدية، والثلث الباقي تتقاسمه باقي الوظائف. مع ملاحظة انحسار واضح للوظيفة الجمالية، والإعلامية، والتسلية والإمتاع، والاستشرافية، وأكثر من وظيفة.
10- انعدام وجود إصدارات ثقافية متخصصة بالمعنى الدقيق في سلطنة عمان عدا مجلة نزوى الفصلية المعروفة.
11- قلة الكادر الصحافي المؤهل للعمل في مجال الصحافة الثقافية وعدم التفرغ الكامل لهذا المجال.
12- صعوبة انتقال الصحف والمجلات الثقافية والاقتصار على البقع والأمكنة الأكثر نفعاً على المستوى التجاري لأسباب مادية وسياسية.
13- معاناة الصحافة الثقافية من القيود الرقابية المفروضة من لجنة المطبوعات والنشر الأمر الذي يحجّم من أفق الإبداع.
14- طغيان المادة الإخبارية على المواد الثقافية، حيث تأتي أهميتها في الصحف بعد الأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية.
15- اقتصار الكتابة في الصفحات الثقافية على أسماء بعينها، وإحجام الآخرين لأسباب ثقافية ومالية.
ثانياً: التوصيات
1- دعوة القائمين على مجلة نزوى إلى أهمية ـ بل ضرورة ـ مراجعة سياسة المجلة، لإضفاء نوع من التوازن بين مضامينها الأدبية والفنية والثقافية العامة. حيث أوضحت الدراسة عدم وجود توازن بين مضامين المجلة، فقد طغت المضامين الأدبية على بقية المضامين الفنية والثقافية العامة. ويوصي الباحث بإعادة النظر حول تشكيل هيئة تحرير المجلة، بحيث تستوعب مختلف أطياف الأدب والفن والثقافة العامة.
2- إيجاد منافذ لتوزيع المجلة، بحيث يضمن وصولها إلى القارئ إقليمياً وعربياً ودولياً من خلال التعاقد مع مؤسسات توزيع معروفة على مستوى الوطن العربي، تتولى توزيع نسخ المجلة على المستوى العربي والدولي.
3- تخصيص موازنة مستقلة للمجلة تستطيع من خلالها تطوير نفسها من ناحية، ومنافسة نظيراتها من ناحية المضمون والشكل عن طريق إدخال وسائل تكنولوجية أكثر تطوراً، واستكتاب أسماء معروفة على مستوى الوطن العربي، وحتى على المستوى الدولي؛ لإثراء المجلة بالمقالات والدراسات العلمية والأدبية والثقافية العامة الرصينة، وبذلك يمكن الوصول بالمجلة إلى المستوى العالمي. ويوصي الباحث بأن تخصص الحكومة موازنة مستقلة للمجلة، حتى تستطيع القيام بدورها الثقافي على أكمل وجه. إضافة إلى سعي القائمين على المجلة إلى إيجاد مصادر تمويل أخرى لدعمها من خلال المؤسسات أو الشركات المهتمة بالشأن الثقافي.
4- استقلال مجلة نزوى عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، كي يكون لها كيانها الاعتباري المستقل؛ الأمر الذي سيمكنها من التقليل من البيروقراطية التي قد لا تساعد القائمين على المجلة من تطويرها والوصول بها إلى العالمية، وذلك أسوة بالمجلات الثقافية المعروفة كالهلال المصرية، والعربي الكويتية.
5- تعيين صحفيين مؤهلين للعمل بشكل دائم، حتى يتاح لهم الوقت الكافي لأداء مهامهم بشكل فعّال، وإنتاج مادة ثقافية ذات قيمة فنية ملموسة؛ نظراً لقلة الكادر الصحفي المؤهل والمتفرغ بشكل دائم في الصحف والمجلات الثقافية.
6- إعادة النظر في صياغة قانون المطبوعات والنشر لإعطاء مساحة من المرونة للكتابة الثقافية والحرية الفكرية؛ انطلاقاً من القيود الرقابية المفروضة على الصحافة الثقافية.
7- تخصيص جزء من ميزانية الصحف أو المجلة لمكافأة الكُتّاب والأدباء، تشجيعًا منها لهم، ودفعًا بهم إلى الكتابة المستمرة، ويأتي ذلك نظراً لإحجام الكثيرين عن الكتابة في الصفحات والمجلات الثقافية المماثلة.
8- قيام المؤسسات الثقافية في سلطنة عمان بالسعي لإعادة التوازن لمفهوم الثقافة في السلطنة، وأن تكون هناك رؤية طموحة لتفعيل الواقع الثقافي الذي حُجّم في مهرجانات الشعر والقصة والنقد والرواية وغيرها من الجوانب الأدبية فقط.
9- إعادة النظر في كتابة تعريف للثقافة مستوحى من الخصوصية العمانية، وتقديمه للعالم بصورة حضارية، تنم عن وعي لتكامل الثقافات العالمية في ثقافة إنسانية واحدة تهتم بالإنسان ونتاجه الفكري شكلاً ومضموناً.
10- استحداث أقسام خاصة رسمية في المؤسسات الثقافية العربية، تكون بمثابة محاكم فكر دائمة تتولى مراقبة إنتاج الكتاب، ورصد السرقات الصحفية، وإعداد قوائم سوداء بأسماء لصوص الكتابة والترجمة؛ لمعاقبتهم وحرمانهم من حق النشر؛ نظراً لانتشار السرقات الصحفية للأعمال الثقافية والأدبية في مختلف الصحف والمجلات في الوطن العربي.
11- قيام المختصين بالصحافة الثقافية في السلطنة بالبحث عن الوسائل الكفيلة والمشجعة لاستقطاب رموز وأقلام خليجية بارزة، للإسهام بالكتابة في الصحافة الثقافية في السلطنة، للاستفادة من إبداعاتهم وخبراتهم في إثراء الخطاب الثقافي العماني؛ نظراً لقلة مساهمة الكتّاب الخليجيين في الصحافة الثقافية العمانية.