رؤوف مسعد اسم لروائي مصري كبير قرر أن يعيش خارج مصر بعد أن ذاق مرارة السجن بها ومعه القاص
عبدالحكيم قاسم والروائي صنع اللـه إبراهيم بسبب اشتراكه في احد التنظيمات الشيوعية، وداخل السجن تفجرت طاقاته الإبداعية فاخرج عمله المسرحي الأول داخل السجن ومن ثم توالت أعماله التي أنهاها بروايته الرائعة (غواية الوصال). هو ابن لقسيس بروتستانتي ولكنه تمرد على مذهب أبيه وأصبح لا ديني. وحينما ضاق عليه الخناق بعد خروجه من السجن حزم حقائبه وغادر إلى بولندا لدراسة الإخراج المسرحي.
ومن بولندا بدأت رحلته في العواصم العربية والأفريقية التي امتدت بين بغداد والقاهرة إلى أن استقر به المطاف في أمستردام. له عدة روايات قيمة أشهرها: بيضة النعامة، مزاج التماسيح وعن الثقافة العربية وثورات الربيع العربي كان لنا معه هذا الحوار:
الواقع والمتخيل هو صلب «بيضة النعامة» وهي أيضا رواية البحث عن الذات.. فهل مازال مأزق الثقافة العربية ماثلا في فخ الواقع والمتخيل؟
اعتقد ان «مأزق» الثقافة العربية هو اعمق من ذلك بكثير فالثقافة اية ثقافة هي نتاج ديناميكة المجتمع وخبراته الجمعية ؛ كما انها في الوقت ذاته محرك ديناميكي باتجاه «التقدم» حتى لو كان ذلك التقدم الذي يطلق عليه ابن خلدون «التقدم العمراني» وهو بالطبع يعني ما نشير اليه هنا في ايامنا المعاصرة «بالمجتمع المدني» ، ان تعبير civil society هوتعبير مضاد للمجتمع «الريفي» وكلمة citien المشتقة من City تؤكد ان «المواطن» له علاقة «بالمدنية» اي ان اصطلاح مواطنة هو اصطلاح حضاري بالدرجة الأولى قبل ان يكون سياسيا..
ولكن ما هو مأزق الثقافة العربية تحديدا؟
هنا مكمن المأزق الثقافي العربي، الذي تمتد جذوره الى ما أطلق عليه الاسلام «الجاهلية» وما كان طه حسين يريد ان يعيد تعريف صياغته.. وحدث له ما حدث من «تكفير».. لأن التقسيم الثقافي الذي احدثه الاسلام «جاهلي» واسلامي؛ تحول الى يقين ديني لايمكن المساس به.. مثلما تحولت «اللغة العربية» من وسيلة تعبير؛ إلى «اداة مقدسة» باعتبار ان اقدس كتاب عربي ، كُتب بها.
والثقافة اية ثقافة هي رؤية جماعة بشرية محددة للكون.. للطبيعة وما وراء الطبيعة.. للواقع وللغيبيات.. للحياة والموت وما بعد الموت.. والتي «تعبرّ» عن نفسها بالدين وطقوسه ، وبالإبداع البشري المتنوع من تجريد (موسيقى) ورسم وتماثيل تريد تقريب وانسنة ما وراء الطبيعة الى العقل البشري ، والقص بانواعه باستخدام اللغة لتأسيس التواصل البشري والخبرة الانسانية ومحاولة شرح العلاقة الملتبسة بين «الآلهة والبشر» كما في التراجيديات اليونانية حيث يتواصل الصراع بين ما هو مقدس وما هو دينيوي .
وكيف تتطور الثقافة من هذا المنظور الذي طرحته؟
بالتطور الجدلي ديناميكي المتواصل للعلاقات الاجتماعية ، تتطور الثقافة في حركة متواصلة، مثل حركات المد والجذر ومثل تحركات مجاري الانهار.. ولم تأت هذه الثقافة وتطوراتها – من فراغ بل من تراكم الخبرة الجمعية والذاكرة الجمعية لهذه الجماعة.. تكون «اللغة» هي الاداة الرئيسية للتعبير عن هذه الثقافة..
ومثلما تصعد الإمبراطوريات وتنهار.. تصعد الجماعات البشرية.. وتنهار ايضا ويكون صعودها وانهيارها «ثقافيا» مثل ما حدث للإمبراطورية الرومانية وما سبقها وما لحقها من امبراطوريات..
لكن ثمة ثقافات تستطيع ان تجدد نفسها مثل «العنقاء» وهذا ما حدث للثقافة اللاتينية الغربية وبدأ التجديد عبر اللغة؛ ثم عبر الدين ثم فك الارتباط بين المقدس والدينيوي.. وبالتالي فتح العقل امام قبول الاكتشفات العلمية مثل ان الارض ليست هي مركز الكون كما كانت «الكنيسة» تؤمن وتبشر بذلك وتعاقب من يخالف ذلك، وان الأرض بالتالي ، والبشر الذين يقطنون عليها.. مجرد جزء صغير في حركة كونية دائبة ومتواصة لا نملك لانفسنا فيها خيارا!!
ذلك يجرنا للسؤال عن مدى نجاح أو فشل الثقافة العربية والمصرية في هذا؟
الثقافة العربية والمصرية تحديدا ، لم تستطع ان تقطع «الحبل السري» بين المقدس وبين الدينيوي بل اعلنت عبر «المقدس» اي عبر فقيه ديني هو الامام الشافعي «اغلاق باب الاجتهاد» حيث كان الاجتهاد الديني هو الاساس المعرفي المتواصل الحي للتفسير والتأويل.. اي إعمال العقل لا النقل كما كان الدارسون يقولون ويبشرون !
لقد مرت الثقافة الغربية بفترات «ظلامية» ايضا وتحريمية.. حيث حرمّت عبر المقدس اي الكنيسة والكهنة التفكير في العلاقة الملتبسة بين انسنة المسيح وتأليهه.. وقامت حروب بسبب ذلك: حروب دينية تريد الاطراف المتقاتلة اثبات مقولاتها بحد السيف (!) ولم تنج الثقافة الغربية من مأزقها هذا.. الا بتصاعد انجازات البحوث العلمية والتي كان معظمها مصدره الأديرة والرهبان انفسهم ومدارسهم وكتبهم والترجمات التي حصلوا عليها من العصر العباسي حول الفلسفة اليونانية وحول علوم الحساب والرياضيات التي برع فيها مواطنو الثقافة الاسلامية؛ التي كانت آنذاك تسمح بل وترعى التعددية الثقافية من مجوسية وتوحيدية وعبرانية ونصرانية.. الخ
في خضم كل ماطرحته أين يوجد الكاتب رؤوف مسعد؟
اعتبر نفسي من مدرسة تؤمن بترابط كل الاشياء بشكل جدلي , وهي مدرسة اسسها هيجل ثم طورها ماركس.. هي ليست ماركسية كما يظن بعض التبسيطيين.. بل ان اساسها المقولة الاغريقية الشهيرة «انت لا تنزل النهر الواحد مرتين»!
فانا لا استطيع ان افصل ما بين التدهور الاخلاقي مثلا- لجزء من المصريين الذكور الذين يتحرشون علانية بالإناث جنسيا باللفظ والفعل، عن الرؤية الاجتماعية المتدنية للفرد بشكل عام والأنثى بشكل خاص، تلك التي تفرزها الثقافات الشمولية الديكتاتورية وتؤيدها بعض التفسيرات والتبريرات الدينية غير النزيهة والمغرضة.. لا استطيع ان أفصل بين ما ذكرت وبين تزايد قوة اليمين السياسي الديني في مجتمعاتنا العربية- الاسلامية؛ الذي يزيد الفقراء فقرا والاغنياء فحشا.. فكل الاشياء مترابطة !
هل يمكن لنا القول بأن الروائي رؤوف مسعد يغوص فى فلسفة اللامنتمي؟ وماذا تعنى لك إبداعيا تلك الفلسفة؟
على العكس تماما انا منتم الى اقصى درجات الانتماء.. لكن بدون تعصب.. انا منتم اساسا إلى «ذاتي» فإذا كنت قد بلغت الآن نهاية الخامسة والسبعين من عمري عبر حياة «نشطة» سياسيا إلى حد ما منذ ان كنت في حوالي الثامنة عشرة من عمري، وانضممت الى تنظيم ماركسي مصري سري ، ثم المحكمة العسكرية والسجن.. الخ.. ثم الدراسة والتجوال داخل ما كنا نطلق عليه «المعسكر الاشتراكي» ثم العمل في عراق البكر وصدام حسين في اطار ما كنا نطلق عليه ايضا الجبهة الوطنية او مسميات مشابهة ثم بيروت.. وغيرها من بلاد تشيل وبلاد تحط.. وتعاملت صحفيا مع قادة وزعماء نبلاء وآخرين معتوهين مثل منجستو هيللا ماريام.. لأتأكد دائما ان اختياراتي السياسية المبدئية اي الاشتراكية والايمان بما نطلق عليه حركة الجماهير هو مبدئي الذي لم أحد عنه حتى الآن(!) بالرغم من مراجعاتي الشخصية لما رأيته وعشته فعليا في «المعسكر الاشتراكي» بان الحرية والخبز لا يمكن فصلهما تحت اية دعاوى اوحجج تقول ان «الاعداء» يقفون متربصين وعلينا ان نبني جدارا بيننا وبينهم (جدار برلين) وتكون النتيجة معروفة بعد ذلك للجميع..
لا تنسى ايضا انني انتمي الى «الاقلية الدينية» في العالم العربي الاسلامي وداخل هذه الاقلية انتمي ايضا الى اقلية مذهبية هي «البروتستنية» وهي اقلية تطهرية صارمة.. لكنها «تعمل بالسياسة» باعتبار ان الكنيسة جزء من حركة المجتمع (كما تلاحظ ذلك في موقف كنيسة قصر الدوبارة البروتستنتية من ثورة خمسة وعشرين يناير)
انتمائي الديني هو بالأساس «ثقافي» لأن تربيتي الدينية جاءت من والدي القسيس البروتستنتي الذي كان يسمح لي ان اقرا من كتبه الأخرى «اللادينية» مثل جزيرة الكنز وروبنسن كروزو ومجلة المختار من ريدرز دايجيست (ايامها) ثم خالاتي اللاتي كشفن لي كنوز الف ليلة وليلة في حكاياتهن التي كن يحكينها لي قبل النوم.. فالشاطر حسن كان بالنسبة لي ايام الصبا مثل القديسين المسيحيين الذين كانوا يجوبون الارض يبشرون ويتعرضون للعنت بسبب ذلك..
ذلك يستدرجنا الى الحديث عن كتاباتك الأولى؟
كتاباتي الاولى كانت عن السد العالي ؛ صحفيا وابداعيا مسرحيا.. لكني كنت وما ازال ذ اب اقامة جسر بين «الآن «والماوراء هذا الآن.. فجزء اساسي من ثقافتي هو فرعوني يربط بين الآن والماوراء.. مثل اسطورة ايزيس وبحثها عن جسد اوزير الممزق مستعينة بالسحر لتبث الروح فيه مرة اخرى..
الفرعونية كثقافة وديانة تثير فيّ اهتماما بالغا بهذه البقعة من الأرض (مصر) وبناسها.. فانا ايضا انتمى الى صعيد مصر وهو موطن اسلافي من الوالدين.. والصعيد هو «خلاصة» مصر.. يقودك الى خلاصة اخرى هي النيل، الذي يقودك الى منابعه اذا ابحرت عكس التيار.. كما فعلت انا في صباي وشبابي.. حيث كانت الاسرة تقيم في السودان حيث وُلدت.. ثم قضيت سنوات مراهقتي في مدرسة دينية علمانية هي «كلية اسيوط الامريكية» في قسمها الداخلي، اصعد في النيل كل صيف لاقضي العطلة مع اهلي في السودان، ثم اهبط فيه راجعا لأتعلم في مصر.. لذا اصبح السودان بالنسبة لي في تلك المرحلة من العمر موطني الاصلي.. اتكلم كما يتحدث ابناؤه.. وحينما استقر بنا الأمر في مصر لم احبب البلد الذي كان اهله يسخرون من طريقة كلامي (خاصة اني كنت مُصابا بالتهتة والتمتمة) لكني اكتشفت ان مصر ليست «ناسها» فقط الذين يقطنونها الآن بل هي مكان خاص وعبقري (كما يقول جمال حمدان) وان جزءا هاما من تاريخي الشخصي وتاريخ اسلافي وديانتي هو جزء ايضا من مصر (!)
وتجد في كل اعمالي شخصيات لها علاقة بالسودان ولها علاقة ايضا بالمسيحية.. «انتماءاتي» متعددة.. فأنا نتاج الفرعونية والمسيحية المصرية والهلينية المتمصرة والاسلام المصري والحضارة الافريقية التي تجولت فعليا في ربوعها الواسعة.. وتجد هذا في رؤيتي للكون.. ايضا .
بحكم إقامتك الدائمة خارج مصر هل أصبح الآخر معكوسا بمعنى هل أصبح الواقع المصري/ العربي هو الآخر.. أم مازال الآخر هو الغربي، وإذا كان فكيف تراه الآن؟
هذا سؤال ملتبس ومحير وصعب وقد قرأت لأمين معلوف مؤخرا حوارا مع عبده وازن يناقش فيه «الخارج والداخل» فمعلوف يفكر ويكتب بالفرنسية.. بينما انا لا استطيع التفكير والكتابة الا بالعربية.. ليس تعصبا مني لكن عن قلة حيلة (!) ففي الغرب يوجد كتاّب قدموا من الشرقين الاقصى والادني يكتبون في الأغلب بلغة الدولة الغربية التي استوطنوا فيها.. لكني لم استطع ذلك وحقيقة لم اهتم كثيرا بذلك ايضا.. لأني اكتب اساسا للاستمتاع بانجاز شيء ما لأني كنت أعاني دائما من الاحساس بعدم الاكتمال ان جاز التعبير فانا أعيش بين نقيضين : رغبتي في الاكتمال، وإحساسي بعدم امكانية تحقيق ذلك لنقص في أنا شخصيا (قد يكون ذلك نتاج البروتستنتية التي لا تؤمن بجدوى الافعال الطيبة بقدر ايمانها بتحقيق هذه الافعال مهما كانت النائج)
بالتالي استقر الأمر بي ان اعيش حياتين متلازمتين مثل التوائم السيامية.. فانا احيانا «احلم» في مناماتي بلغات متعددة منها البولندية التي تعلمتها لأدرس المسرح هناك.. استيقظ في وسط النوم حائرا «اين انا الان؟»..
ولما اجد ان الاجابة على سؤالك صعبة ان اردتُ ان اكون دقيقا فسوف اقول بصدق اني لا أعرف !
فقد أشار كاتب صديق لي مصري بأني خلال كل هذه السنوات لم اكتب رواية «عن الغرب» واشارته صحيحة ايضا.. اما السبب فقد حاولت ان اعرفه وان اصل اليه لكن..
حينما سألت زوجتي الهولندية عن تفسيرها لذلك اجابت بجدية» لأنك غير مهتم الا بما تشعر به وليس بما هو مفترض ان تشعر به» واكتفيت راضيا بهذه الاجابة من شخص خبير بدواخيلي!!
أعمالك نرى بها بشكل واضح- كسر المألوف والتابوهات.. فكيف كنت ترى تلك التابوهات ؟
لعلها البروتستنتية ايضا التي تأسست على كسر التابوهات : فهي «اهانت «البابوية والفاتيكان.. وبالتالي الطقوس والتابوهات التي تعتبر «البابا» خليفة المسيح على الارض.. تنكر البروتستنتية شفاعة القديسين وبالتالي لا تأبه للايقونات.. ليست بها رهبنة ولا أديرة ولا عزلة عن العالم.. الخ
ولعلها ايضا فكرتي الخاصة عن الكتابة بان اكتب ما هو ليس مألوفا حتى تتميز كتاباتي عن غيرها..
لقد بدأت الكتابة مع اقراني الستينيين.. لكني توقفت اكثر من عشر سنوات من السبعينيات حتى الثمانينات لفقدان الثقة في ما اريد كتابته وهل هو ضروري ومفيد؟ واكتفيت بالقراءات والسفر وساعدتني معرفتي بالانجليزية ان اقرأ اعمالا غربية عظيمة ولاتينية مترجمة.. كما ان رحيلي وترحالي افاداني كثيرا بعدم الاحساس بالارتباط بمكان معين او اشخاص معينين ولا حتى ايديولوجية محددة فاضفت الى الماركسية اشياء انسانية اكثر مما بها ونزعت منها «ديكتاتورية لبروليتاريا»(!) واضفت الى «ثقافتي الدينية» ثقافات اخرى.. اي اعدت تشكيل روحي ونفسي اعدتُ خلقي من جديد.. وبالتالي شعرتُ ان اشياء مثل تابوهات وتقاليد وسياسة وسياسيين.. الخ لا تستحق احتراما وتقديسا مني في الكتابة (طالما لا يسبب ذلك ازعاجا دينيا لاخرين).
مزاج التماسيح والبحث عن الهوية القبطية.. ونحن الآن بـ 2013 وفى ظل حكم الإخوان المسلمين كيف ترى تلك الهوية؟
اعتقد ان بيضة النعامة كانت هي البحث عن الهوية المسيحية المصرية «المهاجرة» مثل سنوحي.. وقد بدأت هجراتي (بصيغة الجمع) مبكرا.. هجرت طبقتي الى التنظيم الماركسي ،وهجرت الكنيسة كمؤسسة دينية وتقبلتها كتيار ثقافي متحرك ، هجرت السودان الى مصر وهجرت مصر الى الغرب والى العالم.. ومن هنا فقد كان اهتمامي هو البحث عن «الهوية» وعلاقتها بالمكان (اي الوطن) ثم علاقتها بالدين (اليهودية والمواطنة) ثم علاقتها بالصراع العرقي الذي قد يكون واضحا بلا اقنعة مثلما كان في جنوب افريقيا قبل تحررها من سيطرة «العرق الأبيض» او متخفيا خلف اقنعة القومية واقنعة الوطنية واقنعة الدينية..
لكن مزاج التماسيح كانت وستظل «عن صراع الهويات» في مصر: مسيحية واسلامية.. وقد نشرتها في اواخر التسعينيات.. ساعتها سألني كتاّب اصدقاء من مصر» هل تتوقع حربا اهلية؟ «فقلت اني اتوقع صراعا لا يصل الى مرحلة الحرب الأهلية ، مثل الحروب الدينية الأهلية في لبنان او افريقيا ويوغسلافيا سابقا ، او حتى ايرلندا.. ليست حربا بالمعنى التقليدي لكنها «حافة هاوية» كما كان وزير الخارجية الامريكي الاسبق يقول عن الوضع النووي بين امريكا والاتحاد السوفييتي .
اصبح الامر الان اكثر تعقيدا وخطورة بعد استيلاء التيارات الدينية الاسلامية بانواعها على مقاليد الدولة المصرية، نجد ان هذه التيارات تمثل تماهيا مع اليمين السياسي الديني في الغرب.. وهي تيارات يمينية سياسية لها خبرات سابقة ولاحقة في الحكم والسياسة وتستولى على الحكم ابان الازمات الاقتصادية (مثلما يحدث الآن في اوروبا واستراليا عدا اثتثناءات قليلة مثل فرنسا)..
ماذا عن كتابك حوارات مع نصر حامد أبو زيد الذى سيصدر بهولندا؟
الكتاب لم يصدر في هولندا لاختلافي مع المترجم والناشر.. وصدر في طبعته الاولى في المغرب منذ سنوات وصدر عام 2012 في مصر عن دار الثقافة الجديدة، وهو كتاب جدلي، وقد اضفت اليه الهوامش بعد صعود الاسلام السياسي في تونس ومصر الى الحكم، وقد نفدت الطبعتان المغربية والمصرية
الروائي رؤوف مسعد كيف ترى الوضع الثقافي الراهن؟
صعب تقييمه لانه في حالة مخاض عسير وولادة اصعب وسيبقى هكذا لفترة طويلة.. خاصة نحن في عصر الفيسبوك وثقافة الفيسبوك المتعجلة وتويتر التي تعتمد على التغريدات القصيرة.. مصر كلها والشرق الاوسط في مخاض عسير سياسي وطبقي وديني وطائفي، وهذا يؤثر بدون شك سلبا على الثقافة بشكل اكبر من الايجابيات
مصر ما زالت في مرحلة الربيع العربي أم دخلت الخريف الإسلامى الدائم؟
الروائي الكبير رؤوف مسعد هل تابعت ما كتب إبداعيا عن الثورة المصرية أو الربيع العربي عامة؟ وهل أنت مع الكتابة الإبداعية عن الثورات الآن؟
ليس ربيعا وليس خريفا لكنه «شتاء سخطنا» كما قال شتانبيك في روايته الاشهر «عناقيد الغضب» عن صراع الأخوين..
هذا يرجعنا، مرة اخرى الى «الثقافة العربية» التي تحجرت بعد اغلاق باب الاجتهاد وهذا سوف يفسر لك حالة شتاء السخط التي نعيشها من المحيط الى الخليج.. وبدون الدخول في نظرية المؤامرة اي «نعيب زماننا والعيب فينا» فإن ما حدث ويحدث الآن هو نتاج طبيعي لتواجد ثقافة شائهة، ومريضة تأسست على قرون من القهر والمداهنة والتماهي مع السجان : تعلن ان الضرب في الميت حرام وان كان لك عند الكلب حاجة قول له ياسيدي.. الخ
تأمل الانجازات المعمارية في الاندلس الاسلامية مثلا- انها انجازات تعتمد على مبدأ فلسفي ومعماري هام وهو اكتشاف ثيمة زخرفية ومعمارية لا تتنافى مع روح الإسلام الذي يرفض التصاوير والتماثيل فأسسوا ثقافة فن «التكرار» فيتحول الحرف من «مادة» الى فكرة.. ثم «فكرة مجردة» حتى وصلوا الى الكمال كما في قصر الحمراء مثلا..
لم اقرأ حتى الآن ذ ذ .. مبكرا؟.. الامريكون كتبوا عن فيتنام والحرب الكثير ، لكن بضعة روايات وافلام قليلة هي التي حازت اهتماما عاما.. لأن «وقت» الكتابة هو غير وقت الفعل (الثورة او الحرب) انا اطلق عليه «اوان الكتابة» مثل اوان الزرع واون الحصاد.. لعل اوان الكتابة عندي عن الثورة اسرع من غيري لاسباب شخصية مثلا.. ..
لعله لإحساسي بتقدمي في العمر ولعلها رغبتي في «انجاز» شيء ما عن الثورة قبل الوفاة ؟!
او لتواجد «مخزون» من خبرات سياسية وكتابية آن له الآوان ان يظهر ؟!
وبالمناسبة فانا شخص غير متواضع فيما يخص أعمالي !!