روائي وأكاديمي من تونس .
1- تاريخُ القراءات.
ماذا بقي من الشابّي راهنا ؟ أو ما الّذي قضى استمرارَ قراءته إلى اليوم؟
يتضمّن السؤالان مَعًا استفسارًا حول الأسباب الكامنة وراء استمرار بقاء نصّ الشابّي حيّا متوهّجا إلى الآن رغم مُرور عُقود على الرومانسيّة العربيّة وظهور إبْدالات كبرى في مسارّ الكتابة الشعريّة منذ ثلاثينات القرن الماضي إلى هذا الزمان.
فيندرج استفْسارنا في مجال نظريّة القراءة الّتي تحيل بالضرورة على أسلوبيّة النصّ الشعريّ واشتغاله الدلاليّ وأبعاده التدلاليّة مِثلما تستقدم إليها سياق التواصُل أو سياقاته تبعا لِلحظات القراءة المتعدّدة واختلاف الذوات القارئة بمنظور الذائقة الأدبيّة والفنيّة والثقافيّة المُصاحِبة لها .
لقد سعينا في بحث سابق(1) إلى التوقّف عند قُرّاء الشّابي، وتحديدا في أُخريات حياته وعند الوفاة ، ثمّ منذ ثلاثينات القرن الماضي إلى التسعينات منه كي نخلص إلى مُحَصّل النتائج التالية:
أ- قراءات متزامنة مع الأعوام الأخيرة من حياته، كأنْ نُشير إلى ما ورد في رسائله المتبادَلة مع كُلّ من محمّد الحليوي ومحمّد البشروش، وما ذكره زين العابدين السنوسي في «العالم الأدبي» واستقبال «أبولو» المصريّة لبعض قصائده، وهي وُجهات نظر وردت على شاكلة فقرات وجُمل هًنا وهناك رأت في نصّ الشابّي الشعريّ مشروع كتابة مختلفة ، واكتفت بالإلماح إلى القيمة الإبداعيّة دون النفاذ إلى الدقائق والتفاصيل.
ب- قراءات متزامنة مع وفاته، كأنْ يُشارَ إلى ما تضمّنتْه «الأفكار» و«مكارم الأخلاق» و«العالم الأدبي» التّونسيّة و«أبولو» المصريّة من اهتمام بالشابّي ضمن مقالات يغلب عليها التفجّع نتيجة الفقدان. وقد ظلّ الاهتمام بالشابّي منذ 1936 إلى مُوفّى الأربعينات محدودًا كي يتحوّل الشاعر منذ بَدْء خمسينات القرن الماضي إلى علامة رمزيّة أسْهم في إنشائها وتكثير الإشارات الدالّة عليها النقّاد والأجهزة الإيديولوجيّة والسياسيّة والإعلاميّة في تونس خلال أعوام الكفاح التحريريّ في بدايات تأسيس الدولة الوطنيّة ضِمْن استخدام أسماء أخرى لِمُناضلين تحوّلوا إلى رموز وطنيّة، كمحمّد علي الحامّيّ وفرحات حشّاد…
ج- الشابّي رَمْزًا وطنيّا أو شاعِرًا قوميّا عربيّا، إذْ بدأ الشابّي- الرمز يتّخذُ لَهُ صفة التّمَوْقُع في الثقافة التونسيّة ليظهر التجاذُب التأويليّ على أشدّه بين إضفاء الصفة الوطنيّة على الشابّي بمفهوم المكان الّذي هو تونس تحديدًا، كالوارد في أحَدَ مقالات الشاذلي بُويَحْيَى الّذي نفى عنه أيّ تأثُّر(2) ليُواصل القول بهذا الرأي في مقالٍ ثانٍ (3) وبين الخروج بشعر الشابّي من الحدود الوطنيّة إلى مجالات أرحب، كحِرْص محمّد فريد غازي على تفتيح قراءة الشابّي على ما هو أبعد مِن تونس عند البحث في مفهوم الخيال الشِعريّ لدَيْه(4)، في حين سعى أبو القاسم محمّد كرّو إلى ربط الصلة بين ترجمة حياة الشاعر وشعره وبين تأثير الأدب المهجريّ فيه(5).
إنّ الباحث في قُرّاء الشابّي وجُلّ نصوصهم النقديّة منذ خمسينات القرن الماضي إلى مطلع السبعينات منه يُلاحظ ظاهرة التجاذُب الإيديولوجيّ في مرجعيّة القراءة بين الوطنيّة التونسيّة والقوميّة العربيّة، ليظلّ نصّ الشابّي الشعريّ في أغلب الأحيان شبه ذريعة للاستدلال بِهِ على هذا التأويل أوْ ذاك. وإذا استثنيْنا محمّد فريد غازي الّذي بَدَا حَريصًا على تحليل «الظّاهرة الشابّيّة» فإنّ جُلّ القراءات لا تنجو من مُسْبَق المعنى الإيديولوجيّ. وقد ارتبط ذلك في الداخل الوطنيّ التونسيّ آنذاك بمدى الحاجة إلى استثمار «الظاهرة الشابّيّة» إعْلاما ثقافيّا وسياسيّا في ذات الحين، بما يخدم إيديولوجيا الدولة الوطنيّة الناشئة كي تُخضع الشابّي لِمُسْتلزمات الظرف السياسيّ والاجتماعيّ الطارئ، فيتعالى الاهتمام به في أوقات ويتراجع هذا الاهتمام في أوقات أخرى إلى اليوم، عند الاحتفال بذكرى مرور عقد على وفاته أو اللواذ باسمه عند الأزمات الكبرى(6).
د- تحَوُّل الاهتمام بأدب الشابّي إلى مجال الدراسات الجامعيّة والبحوث النقديّة الحداثيّة(7)، لينشأ عن ذلك الاهتمام بالنصّ قبل الشخص قصد السعي إلى الخروج من فِخاخ المسبق الإيدولوجيّ وتحرير القراءة من التأويل المُجحِف وتكرار المعنى، وذلك عند الاستفادة من البحث الأكاديميّ وتَطوُّر المناهج النقديّة عند ظهور البنيويّة وما بعد البنيويّة.
إنّ المتتبّع لمسارّ القراءات الخاصّة بتجربة الشابّي الشعريّة يسْتنْتِج ما يلي:
– حَرَصت جُلّ القراءات منذ وفاة الشابّي إلى مطلع سبعينات القرن الماضي على الاحتفاء بالاسم أكثر من النصّ، وانتهاج مُسبق الفكرة غالبا.
– تَزَايَدَ الاهتمام بالشاعر في أعوام وتراجع في أعوام أُخرى بِما أمْكن تثبيته في خطاطة تُساعد على فهْم مسارّ هذه القراءات، كَأنْ يُشار إلى ارتفاع نسبة القراءات في 1934 و1952 و1966و1975 و1984 و1988 و1994 و2004 وعام(2009) ضمْن الاحتفال بمُرور مائة سنة على ميلاد الشاعر، في حين يتراجع الاهتمام بين 1937 و1948، ويتضاءل في الأعوام الأخرى مُقَارَنَة مع ذُرى الاهتمام الكبرى المذكورة.
– حَدَث الانتقال التدريجيّ عبر متراكم القراءات من الشخص إلى النصّ رغم سيادة النزعة التقديسيّة للاسم بدافع استثمار البُعد الرمزيّ له إلى اليوم بمقاصد مُختلفة، هي في صميم الأسباب الكبرى الحافزة على فرْط الاهتمام حينا وتراجُع هذا الاهتمام حينا آخر.
فكيف الاستمرار، إذن ، في نهج إعادة الشابّي إلى نَصِّه؟
لئن اسْتُنفِد الشابّي – الرمز، أو كَادَ ، عند استثمار الاسم طيلة عقود فإنّ نصّيته لم تُسْتنفد بَعْدُ، حسَب تقديرنا.
وبعيدًا عن أيّ مفهوم تقديسيّ أو تبخيسيّ مُبْطن اليوم للشابّي بتِعلّة تغطيته على شعراء تونس اللاّحِقين في ما سُمِّي «عباءة» الشابّي وطريقة التحرّر منها تعرض لنا التجربة الشعريّة الشابّيّة غير مُستنْفَدَة قِرائيّا عند الانزياح المفهوميّ والمنهجيّ عن الشخص إلى النصّ وتحويل سياق التجربة الشابيّة من الخارج إلى داخل هذا النصّ.
2- مراجع التجربة – تناصّ الكتابة.
تُحيل القصيدة الشابّيّة على سلالة، بل سلالات نصوص، عند الحفر في ذاكرة الكتابَة كما تمثُل في ذات النصّ لحْظَةَ قراءته، والنظر إليه على كوْنه واحدًا مُتعَدِّدًا، أَوْ وَاحِدًا مشروطا بِمُفرد السياق الكتابيّ الجامع لِفسيفساء نصوص صغرى فأصغر استنادًا إلى مُتناظِِم البنية النصّيّة وتماثُل الإيقاع تنغيمًا سَمْعيّا وترجيعا مُضْمَرًا بِفِعْل الإبطان صَوْتًا وصَمْتًا أو صَمْتًا لِصَوْت.
إنّ تناصّ التجربة الشعريّة الشابّيّة هو في الأساس والمرجع موضوع ذاكرة، ذلك أنّ النصّ المكتوب يُمثّل ،على حدّ عبارة رولان بارط (Roland Barthes)، «نسيجا حادثا لأقوال سالفة»(8) ، وهو «أسلوبيّة نُصوصيّة» عند التفكير في «إنتاج النصّ»، حسَب ميخائيل ريفاتير (Michael Riffatterre )، باعتبار «التناصّ» مَفْهُومًا قرائيّا(9) .
فلَحْظة قراءة القصيدة الشابّيّة يعرض لنا النصّ حالا شِعريّة مُفْردَة تُحيل على تجربة وثقافة شعريّتيْن تُكسِبان هذه القصيدة صفة النصّ المُنفتح الّذي يجعل القراءة إمْكانًا آخر للتحقُّق. وكُلّما ازداد مجال الثقافة القِرائيّة اتّساعا واختلفت مراجعها اتّضحت أبعاد أخرى للتعدُّد داخل البنية النصّيّة الواحدة كي يتعالق ضمن تناصّ القصيدة مدى الاقتدار على التذكّر حَدّ النسيان والاستباق، بالاسترجاع القِرَائيّ الّذي يقضي رَدّ الواحد إلى مُتعدِّد وتضمين سلسلة لا مُتناهية من الذوات القارئة الممكنة. وبهذا التعالُق المتين بين فاعليّة التذكّر حَدّ النسيان أو الإحالة عن قصد وغير قصد على النصوص الصغرى فالأصغر المُظهَرَة والمُضمَرَة وحَدْسيّة الاستباق الماثلة في نواة النصّ الوالدة (matrice) ومُختلف قواه التوليديّة تثبت صفة انفتاح القصيدة على قادم الأزمنة والسياقات بزمنيّة الكتابة وزمنيّة القراءة إلى اليوم، وفي المنظور المستقبليّ.
إنّ القول بالتعدّد النُصوصيّ استنادًا إلى ذاكرة الكتابة وحدْسِها الاستباقيّ مَنْهج بحثيّ مختلف يُراد به الخروج من دائرة الشخص المغلقة إلى عالم النصّ المُنفِتح بُغْيَةَ مُقاربة إنشائيّة المعنى عند البحث في تدلال التجربة الشعريّة ومختلف دلالاتها ودوالّها، ما يتناظم منها ويتكثّر ويتعدّد إلى آخر المدى، ما ينكشف ويحتجب في قراءةٍ، ويحتجب لينكشف في قراءةٍ أخرى،إنْ بحثنا في اللاّ-مُتناظِِم والمتعدّد والمختلِف والمُعْتَم الّذي يُمْكن إضاءته أوْ المُضاء الغارق في العتمة تبعا لِمراجع ثقافة القراءة ومَوْقِع الذات القارئة(10).
وبناءً على السابق المفهوميّ، التناصّيّ التأويليّ تحديدًا، أمْكن تنزيل قصائد الشابيّ في مجاليْن مُتعالِقيْن اتّساقا اطّراديّا: قصائد تُمثّل ظاهرة تراكُميّة في مسارّ تعاقُب التجربة، كأنْ يُكرّر بعضها البعض الآخر دلاَلَةً وإيقاعَا وتمثُّلاً للعالم والوجود، وقصائد مختلفة هي بمثابة الإبْدالات الكبرى في مسارّ التجربة الشعريّة العامّ. وقد مَثّلت حَسَبَ تقديرنا، مواطن الاختلاف والتفرُّد في منظوم مُجمل التجربة الشعريّة الشابّيّة.
وبِذا تعرض لنا أطوار ثلاثة كبرى في نسق اطّراد هذه التجربة الشعريّة:
أ- البدايات مُمَثَّلَةً في قصائد يغلب عليها التقليد، وقد ظهرت في المُدّة الفارقة بين 1923 و1925، وهي علامة التراكُم الكتابيّ الأولى الّتي أنتجت بَدْء الاختلاف مُمَثَّلا في «تونس الجميلة» (2 جوان 1925) و«شعري» (13 جوان 1925).
ب- قصائد الطور الثاني وهي الّتي تتردّد بين البنية العموديّة والمحافظة على البيت الشعريّ والقافية الواحدة كـ«تونس الجميلة» و«الصيحة» و«جمال الحياة» و«من حديث الشيوخ» و«الحياة» و«وغرفة من يَمّ» و«إلى الطاغية» و«السآمة» و«الدموع» و«أيّها الليل» و«المجد» و«الحُبّ» و«أغنية الشاعر»و»مناجاة عصفور» و«صوت تائه» و«قلت للشعر»…، وبين قصائد تتجاوز البيت إلى وحدة الاسترسال، كـ«نظرة في الحياة» و«أنشودة الرعد» و«يا شعر» و«جدول الحُبّ بين الأمس اليوم» و«سِرْ مع الدهر» و«الذكرى» و«الطفولة»…، وبين قصائد أخرى تذهب أشواطًا أبعد في تحديث البنية الشعريّة ، كتنويع القوافي واستخدام البناء المقطعيّ بتأثيرات شعريّة أندلسيّة قديمة ومهجريّة حداثيّة جُبرانيّة على وجه الخصوص عِوَضا عن البيت، وهي من العلامات البارزة التي تُساعِد على فهم بدايات الانتقال في مسارّ الشعر العربيّ المعاصر من القصيدة العموديّة إلى «الشعر الحُرّ»، كـ«مأتم الحُبّ» و«الكآبة المجهولة» و«شكوى اليتيم» و«أُغنية الأحزان»…
ج- مَثّلت «النبيّ المجهول»(21 جانفي 1930) بداية الطور الثالث، إذْ حملت هذه القصيدة البعض الكثير من روح التمرّد الجُبرانيّ وخصوصيّة وعي الشابيّ في تواصله المتين بواقع الحياة المجتمعيّة التونسيّة. وكما اتّصف الطوران السابقان بالتراكُم المُفضِي إلى قليل من الإبدال فقد اتّسم الطور الثالث بعديد القصائد المختلفة بناءً وإيقاعًا ومعنى ضمن الأعوام الأربعة الأخيرة من حياة الشاعر، كأنْ نذكر «قلت للشعر» و«الأبد الصغير» و«صلوات في هيكل الحُبّ» و«حديث المقبرة» و«في ظلّ واد الموت» و«الصباح الجديد» و«إرادة الحياة» و«نشيد الجبّار أو هكذا غنّى برومثيوس» و«قلب الشاعر» و«فلسفة الثعبان المُقدّس» .
فتتراكم النصوص عبر مسارّ الكتابة الشعريّة ليُسفر الاطّراد بين طور وآخر عن إبدالات كبرى، كـ«تونس الجميلة» تصل بين الطوريْن الأوّل والثّاني ، و«النبيّ المجهول» في خاتمة الطور الثاني ومطلع الطور الثالث الّذي يشهد تنامي تجربة الكتابة بِظُهور عدد من القصائد الّتي أشرنا إليها سابقا، وهي في صميم التفرّد الإبداعيّ الّذي وَسَم تجربة الكتابة الشعريّة لدى أبي القاسم الشابّي في الأعوام الأربعة الأخيرة من حياته.
ولئن دفع استقبال الشخص قبل النصّ إلى زخم هائل من القراءات الّتي ظلّت رهينة التكرار التأويليّ بِمُسْبق الفكرة وجاهزيّة المعنى فإنّ روح النصّ الشابيّ، لثراءِ مراجع الذاكرة المُبدعة وفيض استباقاته الممكنة لحظة النفاذ إلى سياقه المحايث لا الخارجيّ وتعدّده التناصّيّ لا اختصار بنيته في كثيف معناه الواحديّ أثبتت مدى انفتاحه الراهن على مستقبل القراءة، شأن النصوص – الصروح (Textes- monuments) في تاريخ الإبداع الأدبيّ الإنسانيّ يتّسع مجالها التناصّيّ وتتكثّر معانيها بِفاعليّة الداخل مُمَثّلا في اشتغال ذاكرة النصّ ومدى اتّساع مجال مَقروئيّته عند الإحالة على منظور هذا الداخل إمْكانا مُفترضا لِعَدَد لا محدود من القُرّاء خارج حُدود الزمان والمكان .
فما هي أبرز مراجع هذه الذاكرة النَصّيّة ؟ وما هي استباقاتها المُمْكنة بعد الّذي أُنْجِزَ من القراءات ؟
3- النصّ الشعريّ بين الاستذكار والاستباق.
لا انفصال بين مراجع ذاكرة النصّ الشعريّ لدى الشابّي واستباقاته الممكنة، بل إنّ هذه الاستباقات مدفوعة بالتُراثات الّتي تُحيل عليها الرؤيا الحداثيّة الشابّيّة، كأن نذكر تُراث القصيدة العربيّة المتعدّد بِمُختلف أسماء الشّعراء القُدَامى وتغايُر تجاربهم وتعالُقها أيضا عند ربط اللاّحق بالسابقو مختلف مراجع ثقافة النصّ الجُبْراني على وجه الخصوص الّتي انتقلت من ذاكرة هذا النصّ إلى حادث ذاكرة النصّ الشعريّ لأبي القاسم الشابّي، كالروح المتصوّفة الماثلة في «الكتاب المقدّس» ونزعة التمرّد وقد استحالت من العدميّة النيتشهيّة إلى الوُجوديّة الثائرة المُؤمنة وأداء الغنائيّة الرومنسيّة بنبراتها المختلفة عند الإحالة على تجارب شعراء أنجليز وألمان وفرنسيّين…
كذا يختزن النصّ الشابيّ « مكتبة « يتّسع مداها بتُراث القصيدة العربيّة عند تعقُّب آثارها المختلِفة وتنوُّع مراجعها الحداثيّة آنَ قراءة مختلف الآثار الجُبرانيّة .
لذا أمْكن الجزم بأنّ البحث في «مكتبة» النصّ الشعريّ لدى الشابيّ في صلة مراجعها باستباقات التجربة الشعريّة إمْكانات أُخْرى للاستقبال وجديد القراءة / القِراءات .
و لئن انفتحت ثقافة القصيدة الشابّيّة على مختلف حركات التحديث في العقود الثلاثة الأولى من القرن الماضي، كـ«الديوان» و«أبولّو» في مصر، وعلى كُلّ من محمّد الحليوي ومحمّد البشروش في تونس بمحصّل ثقافتهما العربيّة والفرنسيّة فإنّ للرابطة القلميّة، ولجبران ونعيمة تحديدًا، أكبر الأثر، كأن تتدخّل ثقافة الكتابة لديهما في نسيج النصّ الشعريّ والنقديّ أيضا بالقصد الكاتب واللاّ- قصد حينما يُخفي ظاهر التناصّ تناصّا آخر أبْعد غَوْرًا وأعمق صدى.
فحينما نقرأ «صلوات في هيكل الحُبّ»، على سبيل المثال ، يستوقفنا عديد كتابات المتصوّفة في الحُبّ و«نشيد الأنشاد» من «الكتاب المقدّس» (العهد القديم) على وجه الخصوص، باطّراد النسق الغِنائيّ وتكرار «اللاّزمة» (leitmotiv) الواحدة ترجيعًا، حتّى لكأنّنا أمام نشيدة شعريّة صيغت بأسلوب حواريّ في حين اعتمدت «صلوات في هيكل الحُبّ» الحوار في اتّجاه واحد. إلاّ أنّ بلاغة الإنشاء بالنداء ماثلة في النصّيْن مَعًا:
«عذبةٌ أنتِ كالطفولة كالأحلام كاللحن كالصباح الجديد» ( الشابّي)
«لشدّ ما أنتِ جميلةٌ يا حبيبتِي، لَشَدَّ ما أنتِ جميلةٌ(…) أنت جنّة مُغلقة يا أختِي العروس. أنْتِ عيْنٌ مُقْفلَة ويُنْبُوعٌ مَخْتُوم!»، كالوارد على لسان سليمان الحكيم في مخاطبة شولِمّيثَ الحبيبة (الكتاب المقدّس)، وكقول النبيّ في «النبيّ» لجُبران خليل جُبران : «كلّ هذا يفعله الحُبّ بكُمْ كي تعرفوا أسرار قلوبكم، وبهذه المعرفة تُصبحون فلذة في قلوب الوُجود»(11)، وكقول جبران في «العواصف»: «أنا غريب وفي الغربة وحدة قاسية ووحشة موجعَة» ترحل إلى إحدى مذكّرات الشابّي(12)، وإلى قصيدته «النبيّ المجهول»، تحديدًا.
إنّ الغربة، شأن الألم، ماثلة بكثافة في أدب جبران، كالوارد في «الأجنحة المتكسّرة» أيضا(13) ، ونراها تتحوّل إلى عديد قصائد الشابّي، ومراجعها لا تنحصر في جُبران، بل في من تأثّر بهم جبران وما أمْكن للشابّي قراءته مُترجَمًا إلى العربيّة في تقدير محمّد فريد غازي، كـ«رفائيل» للامَرْتين و«وُرْتر» لـ غوته الألمانيّ. فذهب غازي إلى أنّ جملة الشابّي: «إنّني طائر غريب بين قوم لا يفهمون كلمة واحدة من لغة نفسه الجميلة» هي الفكرة عينها الّتي تَغَنّى بها «شاعر الهاوية» شارل بودلير في قصيدته «القُطرس» (l’albatros)(14). مثلما تظهر آثار «المواكب» لجبران وماهية الشّعر لدى نعيمة، كقوله في «الغربال»: « الشعر هو غلبة النور على الظُلمة» في عديد قصائد الشابّي، إذْ يتعالق لديه الغناء والنور:
«يا ابنة النور إنّني وحدي من رأى فيك روعة المعبود» (صلوات في هيكل الحبّ).
كذا التنقُّل في أرضيّة التعدُّد النُصوصيّ لتجربة أبي القاسم الشابيّ الشعريّة هو في صميم مُحاولة استقراء «المكتبة» الدالّة على ذاكرة الكتابة بمختلف استرجاعاتها واستباقاتها المُمْكنة عند الاستقبال, ذلك أنّ تناصّ التجربة هو في الأساس والمرجع فِعل مُشترَك بين المكتوب والمقروء، بين ما يختزنه النصّ من نصوص صغرى وأخرى أصغر في أنساق متحرّكة بفعل القراءة / القراءات وما تُضفيه ثقافة القارئ على ذلك المُتعدِّد لحظَةَ التعالُق بين ما يُقْرَأ ومَن يَقْرَأ.
ولأنّ الذات الشاعرة تعي البعض من التَعدُّد النُصوصيّ ولا تعي البعض الآخر نتيجَةَ قيامه المرجعيّ في نصوص الآخرين فالقراءة التناصّيّة التأويليّة، هنا، حريصة على تعقُّب الآثار المُعلَنة والخفيّة الخارجة عن وعي الذات الشاعرة، شأن «الغُربة» يتجاوز بها محمّد فريد غازي جبران إلى بودلير مِثلما ينفتح النصّ الجُبرانيّ عند محاولة تفكيكه في هذا المجال على الشاعر الانجليزيّ جون كيتس (John keats ) (1795 – 1821) ، شاعر الألم والتغنّي بعذابات الإنسان في الوجود.
لقد مثّل الألم، بحُكم تجربة الحياة لدى الشابيّ وثقافة القصيدة، إحدى الدلالات الكبرى المرجعيّة في ديوان «أغاني الحياة»، بل هي الدلالة القائمة بذاتها والماثلة في مُجْمل الدلالات الأخرى عند ذكرها، وهي: ماهية الشعر والطفولة والوُجود والحريّة والحُبّ والجمال والموت وإرادة المُقاوَمة والحكمة والأمل(15).
فتتّسع ذاكرة الألم بما هو أبعد من كيتس لحظة تنزيل هذا الأخير ضمن موقع الكتابة الرومانسيّة الغربيّة عامّة حينما أخْصب شعرا إنشاديّا لا يخلو من فرح وأمل وانتشاء وتحليق في سماوات الرغبة والإنشاد والحبّ والجمال ومعانقة المجهول ومقاربة الغامض والمعتم والملغز والسرّيّ، كالرومنسيّة الألمانيّة مُمثّلةً في فريديريك فون شيلر(Friedrich Von Schiller) (1759 – 1805) وأوغست ويلهم فون شليغل (August Wilhelm Von Schlegel ) (1767 – 1845) وفريدريك هولدرلين (Friedrich H?lderlin ) (1770 – 1843) وفريدريك فون هردنبرغ نوفاليس (Friedrich Von Hardenberg Novalis ) (1772 –1801)، ولُدْويك تياك (Ludwing Tieck) (1773-1853)، دون التغافل عن الشاعر الأنجليزي صديق كيتس الّذي هو برسي بيسه شِلِّي (Percy Bysshe Shelly ) (1792 – 1822)…
وبهذا المنظور التناصّيّ التأويليّ تثبت القراءة قيمةً استكشافيّة مرجعيّة، خاصّةً إذا اتّجه الاهتمام البحثيّ إلى النصوص الشعريّة والأدبيّة عامّةً القائمة على طبقات كثيفة مُتراصّة من النصوص الصغرى فالأصغر غير المُعلَنة بحُكْم قَصْدِيّة الكتابة أو لا قصديّتها حينما يُسفر المرجع بفعل الكشف والاكتشاف عن مراجع أخرى.
وكما يستدعي النصّ الجُبرانيّ اليوم قراءةً تناصّيّة جديدة تستقدم إليها المراجع التراثيّة العربيّة الّتي تثقَّف بها جبران وتُراثات الرومانسيّة الغربيّة لفهم استباقات النصّ الرومانسيّ في عموم الآداب الغربيّة وفي أدبنا العربيّ فإنّ النصّ الشعريّ لأبي القاسم الشابّي هو بعضٌ هامّ من أدبيّة الحداثة الشعريّة العربيّة الّذي لم تُنجز قراءته بعد، حسب تقديرنا، ويُنتظَرُ فهْم أدقّ مراجع ثقافته المُظهَرَة والمضمَرَة، لما ساد طيلة عقود، كما أسلفْنا، من هيمنة قراءة الشخص على النصّ والأداء المقارنيّ التعميميّ الّذي ينتصر لمُطلق تاريخ الأدب على تاريخيّة النصّ في ذاته وبالإحالةِ على سياقه المُحايِث.
فيَتردّد العديد من أصداء المُتنبّي وأبي العلاء المعرّي وجُبران ونيتشه و«الكتاب المقدّس» وأدب المتصوّفة عبر ثقافة جُبران الشعريّة، مثلما يحضر كيتس وشيلي من خلال جبران وغيرهما من الشعراء الرومنسيّين الألمان المُجايلين لكيتس وشيلي الأنجليزييْن، دون التغافل عن لامرتين وبودلير الفرنسيّيْن، حسب قراءة محمّد فريد غازي المُقارنيّة كَمَا يتّسع المجال التناصّي بميخائيل نعيمة وإيليا أبي ماضِي في قصائد الوجود والموت والحكمة.
4- من قبيل الخاتمة: الموسيقى
بعدٌ جديدٌ آخر للقراءة.
إنّ للموسيقى حضورًا بارزا في هذا المتعدِّد النصوصيّ المُظهَر والمُضمَر حينما تندفع الذات الشاعرة الشابّيّة في أداء البعض من معاني ماهيّة الشعر والطفولة والحُبّ والأمل.
لقد أدرك الشابّي ، شأن جُبران وعديد الرومانسيّين الغربيّين أنّ الشعر موسيقى وأنّ الموسيقى شعر يتحوّل من ألفاظ إلى ألحان، بل إنّ مختلف الفنون، رغم اختلاف وسائلها التعبيريّة، هي صوت ومعنى، إيقاع وفكرة، ذلك ما أدركه أبو القاسم الشابّي عند تعريف كلّ من الفنّ والشعر في تقديم ديوان «اليُنبوع» لأحمد زكيّ أبي شادي: «[الفنّ] هو حياةٌ موسيقيّة مُصْطفاة سواء كان قطعة تُنْشد، أو لحْنا يُعْزَف، أو صورة تُرسم أو تمثالا يُنحت (…) إنّ الشعر الرفيع حياة موسيقيّة مختارة تُعبّر عن نفسها في فنّ من الكلام»(16)
«أعطني النايَ وغنّ»، هذه اللاّزمة المستعادة ترجيعا غنائيّا في «المواكب» لجبران خليل جبران (1919) تُحيلنا بالضرورة التناصّيّة المرجعيّة على جون كيتس الّذي آلف بين الشعر والموسيقى لاعتقاده الراسخ بأنّ رُوح الشعر ومختلف الفنون تكمن تحديدًا في الموسيقى(17)، وعلى شيلر الّذي أنشد الفرح وأوحى لبيتهوفن سمفونيّته التاسعَة، وهو الّذي أنصت بالقلب لإيقاع الحياة ليُدرك بعضا كثيرا من إيقاع الصمت:
1- « إنّ نظراتك، عندما تبتسم بالحُبّ
2- تكاد تبثّ الحياة في المرمر الصُلب
3- وتجعل النبض يدبّ في عروق الصخر»(18) «ألا يقترب هذا المعنى ممّا ورد في «صلوات في هيكل الحُبّ» حينما أنصتت الذات الشاعرة الشابّيّة بالقلب لما وراء الصوت، لإدراك الحركة في الجمود، ونبض الوجود في ما يتراءى عَدَمًا محضا:
«يالها رقّة تكاد يرفّ الورد منها في الصخرة الجلمود ! »
ذا فإنّ القول بالماهيّة الموسيقيّة للشعر يدعم فكرة القول بالإيقاع الظاهر والإيقاع الخفيّ، بالتماثُل الصوتيّ والتماثُل الدلاليّ، وبما يقضي النظر إلى الصورة ومجمل بناء القصيدة على كونهما في صميم هذا الإيقاع المُضمَر.
ونتيجة احتفاء الحال الرومانسيّة بالمعتَم والغامض والطيفيّ عند تغليبها وصف الإيحاء على وصف المُطابَقة فإنّ إنتاج المعنى في القصيدة الرومانسيّة عامَّةً لا يخْضع لحدود مسبقة بل يتضمّن في ذاته مشاريع الرؤى الواقعيّة والطبيعيّة والانطباعيّة والرمزيّة الّتي ستظهر لاحقا في الآداب الغربيّة ، وهي وسائل تعبيريّة تعالقت ضِمْن المشروع التحديثيّ الرومانسيّ ودفعت لاحقا إلى التغايُر بينها .
بهذا الثراء المرجعيّ الماثل في ذاكرة الكتابة الرومانسيّة وفاعليّة الحدس الاستباقيّ يتحدّى النصّ الشعريّ لدى الشابّي النسيان العاجل ، لمدى اتّساع مجاله التناصّيّ ورحابة وعيه الصوفيّ الوُجوديّ وثرائه الدلاليّ إظهارًا وإضمارًا وتنوّع وسائله الإيقاعيّة.
وكما ينفتح هذا النصّ اليوم على إمكانات عديدة للقراءة التناصّيّة التّأويلية لمزيد الكشف عن المُخبّإ فيه يستدعي نبضه الإيقاعيّ المختلفِ قراءة الاختصاص بعلم الموسيقى تحديدًا(19).
يكفي في خاتمة هذا القول أنْ نُدْرك اليوم مدى الحاجة المعرفيّة إلى استقراء ذاكرة النصّ الشابّيّ واستباقاته الممكنة ضمن مشروع نقديّ عامّ يهدف إلى تعقّب المراجع الأخرى الخفيّة للحداثة الشعريّة العربيّة منذ مطلع القرن الماضي إلى اليوم، مشروعٍ راهنيّ ومستقبليّ الإنجاز يستدعي جهودًا واختصاصات بحثيّة عديدة مختلفة.
الهوامش:
1-مصطفى الكيلاني، «أبو القاسم الشابّي ،وجع الكتابة – روح الحياة «، تونس: دار المعرف للنشر، ط1، 2004، ص 86-87.
2-الشاذلي بوحيى « الشابّي هو الشابّي ، لاجُبران وَلاَ لا َمَرْتين…»
مجلّة «الفكر»، السنة 5، العدد 3، ديسمبر 1959.
3-وقد واصل الشاذلي بويحيى القول بهذا الرأي في مقال ثانٍ . « أبو القاسم الشابّي والشاعريّة الحقّ»، مجلّة «الفكر»، السنة 5، العدد 8، ماي 1960،دَعَا فيه إلى ما أسْماه «البحث العلميّ الصحيح» لينفي العروبة عن الشابّي وعن شعراء آخرين من قُدامى ومحدثين، كقوله: «فلا هو[الشابّي] عنترة ولا امرؤ القيس ولا كبير شبه بينه وبين جرير أو المتنبّي، بَلْ قَلَّ أن تجد عنده ما لحافظ أو الرصافيّ في صدى نظيم العرب ، فلا معانيه معانيهم ولا سبيله سبيلهم ، وقد يلتقي بهم، لكنْ في عالم الإنسانيّة المُطلقة حيث لاهُمْ عرب ولاهو…»
4-انظر «أرابيكا»، الجزء 9، ماي 1962 ، المجلّد الثاني (بالفرنسيّة) وعديد المقالات الأخْرى الّتي نشرها حول الشابّي في «الإذاعة» و«الوزير» و«الفكر».
5-أبو القاسم محمّد كرّو، «الشابّي، حياته وآثاره»، ط1، 1952، الدار العربيّة للكتاب ، 1984.
كما يتّسع مجال هذه القراءات ذات النزوع القوميّ العربيّ في كتابات خليفة محمّد التلّيسي ،كـ«الشابّي وجبران»، ط، 1955، الدار العربيّة للكتاب، 1984.
نُشير أيضا إلى كتابات الدكتورة نعمات أحمد فُؤاد وعمر فرّوخ ومحمّد مصطفى هدّارة وإحسان عبّاس، على سبيل المثال لا الحصر.
6-يُحتفل بالشاعر في كلّ عقد تقريبا، ويُعتمد اسمه في الظروف التاريخيّة الصعبة الّتي يمرّ بها المجتمع والدولة في تونس، كأحداث أواخر الستّينات الدامية الّتي انتهت بفشل «التجربة التعاضديّة» وأحداث جانفي 1978 و1984 الدامية.
مثلما استمرّ الشابّي رمْزًا وطنيّا بعد 1987.
7-أنظر «دراسات عروضيّة لديوان الشابّي» للطاهر الهمّامي، بحث لنيل شهادة الكفاءة في البحث، نوقش في 26 أكتوبر1970، واللّغة الشعريّة عند الشابّي لـ«عبد الحفيظ الفضلاوي»، و«محاولة في ضبط مصادر الشابّي» لـ عمر الإمام، و«معنى النور في شعر الشابّي محاولة لتحديد عالمه الشعريّ» لنزيهة الجلاّلي و«الطبيعة في شعر الشابّي» لـ بنعلي قريش و«دلالة الوطنيّة في شعر الشابّي» لفؤاد الفخفاخ ، وهي بحوث لنيل شهادة الكفاءة في البحث من الجامعة التونسيّة ، مع الإشارة أيضا إلى «ملتقى أبي القاسم الشابّي: معاني التجاوز في شعر الشابّي (الخَمْسينيّة)، تأليف مجموعة باحثين ، الدار التونسيّة للنشر،1984، و«دراسات في الشعر: الشابّي نموذجا»، تونس: قرطاج، بيت الحكمة، 1988.
8- Roland Barthes, Encyclopoedia Universalis .
Thipaine Samoyault « L’intertextualité mémoire de la littérature », France :
9- Nathan, 2001, p 16,-
10-مصطفى الكيلاني، « إنشائيّة المعنى في « أغاني الحياة» لأبي القاسم الشابّي»، مجلّة « الحياة الثقافيّة، العدد 200، فيفري 2009».
11- جبران خليل جبران ، « النبيّ» ترجمة ثروت عكاشة، تونس: دار الجنوب، 1985، ص52.
12- مذكّرات الشابّي، الدار التونسيّة للنشر ط4، أوت 1985.
13- «للكآبة أيْدٍ حريريّة الملامس قويّة الأعصاب تفيض على القلوب وتُؤلمها بالوحدة. فالوحدة حليفة الكآبة، كما أنّها أليفة كلّ حركة روحيّة».
جبران خليل جبران، «الأجنحة المتكسّرة»، المجموعة الكاملة، قدّم لها وأشرف على تنسيقها ميخائيل نُعيمة، لبنان : دار صادر.
14-محمّد فريد غازي ، «الشابّي من خلال يوميّاته» ، الدار التونسيّة للنشر، ط3، 1987، ص48.
15-مصطفى الكيلاني ، «مقدّمة» أغاني الحياة» لأبي القاسم الشابّي، طبعة المائويّة، تونس: دار «نقوش عربيّة»،2009.
16-من مقدّمة أبي القاسم الشابّي لديوان «الينبوع» لأحمد زكيّ أبي شادي، الصادر بالقاهرة في طبعته الأولى، 1934.
17- «الموسيقى كالمصباح، تُطرد ظلمة النّفس، وتُنير القلب، فتُظهر أعماقه…»
جبران خليل جبران « الموسيقى»، المجموعة الكاملة.
18- الدكتور مصطفى ماهر، «شيللر، حياته وأعماله»، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1987، ص67.
19-محمّد الدريدي، «التجديد في الصباح الجديد لأبي القاسم الشابّي، مقارنة نغميّة شعريّة»، مجلّة الحياة الثقافيّة، العدد 200، فيفري 2009 .