ليس المكان مجرّد خلفية لأحداث الرواية بل يعتبر عنصرا أساسيا في تقديم الحدث الروائي ونحت شخوص الرواية، بل يعتبر المكان من الشروط التي لا يمكن أن تستغني عنها الرواية بغض النظر عن المجال النظري التي تتنزل فيه سواء كانت رواية كلاسيكية أو تجريبية أو غير ذلك ذلك أن عنصر المكان يعتبر ضروريا فلا شخصية تنشأ خارج المكان ولا حدث يتحرّك خارجه.. فالمكان هو الحيّز الذي توجد فيه الشخصيات الروائية وتتطوّر الأحداث وتنمو بل ان العلاقة بين المكان والشخوص هامة من منطلق أن هناك علاقة تأثير وتأثّر وهذا يساهم في تفاعل الأحداث ويدفع بها بشكل أو بآخر..
ولعلّ هذا التفاعل الشديد بين الانسان والمكان يبدو من خلال قدرة المكان على التأثير في الشخصية وملامسة الذات في عمقها النفسي وفي بنيتها الذهنية على اعتبار التأثيرات التي تحدثها تضاريس المكان من سهول وجبال وصحاري وبحار غيرها على نفسية الانسان وتفكيره فابن المناطق الساحلية غير ابن المناطق الجبلية.. هذا فضلا على أن المكان هو ليس مجرد طوبوغرافيا أي تضاريس ومناخ فقط بل هو تشريط ثقافي ومجموعة من القيم الأخلاقية والضوابط السلوكية ومن ثمة فان التفاعل مع المكان هو تفاعل ثقافي وقيمي فالانسان يسكن المكان ويشحنه بدلالات مختلفة ومتعددة ولذلك يكون المكان غير محايد بالنسبة للانسان لذلك يتخذ منه مواقف مختلفة قد تبدو في التعلق به أو النفور منه..
في الأدب وتحديدا في الرواية يعتبر المكان عنصرا مهمّا لا يمكن الاستغناء عنه كلّيا فهو مع الزمان يعتبران شرطين ضروريين ولذلك نتحدث عن الزمكان في الرواية وهذا الادغام بينهما يعبّر على انهما ثابتان في كل نص روائي لدورهما في نحت الشخوص وقدرتهما على التأثير في الأحداث، من ذلك ان النقّاد قد اهتموا كثيرا بالمكان ونحتوا له مفاهيم عدة فنتحدث عن المكان الروائي والفضاء الجغرافي والمكان بوصفه منظورا.
ملخّص الرواية :
تنطلق الرواية في الصحراء حيث وُلد شومان لامرأة تركته ورحلت مع قبيلتها ليجده أناس يهتمون به ويقومون برعايته الى ان عثرت عليه امه فعادت تعيش معه في خيمة في الصحراء ثم حدث منعطف هام في شخصية شومان عندما التقى بابن فضل وقد كان تائها في الصحراء فساعده على العودة الى دياره ومن ثمة نشأت قصة صداقة قوية قرّر أثناءها شومان الاقامة في المدينة حيث تزوج وانجب ابناءه من ضمنهم علي .
يبدأ الجزء الثاني من الرواية مع علي الذي نشأ مع شريف ابن فضل ودرس عند ابو ليلى الفلسطيني الذي هرب من فلسطين اثر الهزيمة واستقر به المقام في الكويت واكتشف منذ طفولته الاولى انه من البدون الشريحة الاجتماعية التي لا تملك هوية وطنية وهذا ما يجعلها مهمّشة.. في شبابه نشأت علاقة خاصة بين علي ابن شومان وريما احدى بنات الفلسطيني ابو ليلى . أثناء الدراسة الجامعية تعرّف علي ابن شومان على ليال وهي فتاة من البدون عاشت الفقر والاهمال وتعرضت لتجربة اغتصاب قاسية من زوج أمها وتنشأ معها علاقة قوية ربما لأنها مثله من البدون، تهاجر مع علي وتستقرّ في كندا، اثناء غزو العراق للكويت تعود ليال الى وطنها الكويت وتنتمي الى مجموعة من الثوار ينتقمون من الغزاة العراقيين وكانت فرصتها سانحة لتقتص من قيس الذي كان صاحب العمل الذي تشتغل به وسبق له ان تحرّش بها يقود التحقيق في الجريمة اليها ومن ثمة تسجن ولكنها تقرر أن تنهي حياتها بالانتحار وتركت مخطوطا تتحدث فيه عن تجربتها في الحياة وتوصي به الى علي ابن شومان
لذلك يقدم ناصر الظفيري روايته من خلال سارد عليم مرة وعلى لسان علي ابن شومان مرة أخرى ومن خلال مخطوط ليال مرة ثالثة.. كانت فيه تقنية الفلاش باك هي الطاغية على تقنية الرواية .
دلالة المكان في «الصهد»
1 – لعنة المكان :
لعل أشدّ ما لفت انتباهي في رواية «الصهد» للروائي الكويتي ناصر الظفيري هو أهمّية المكان وقدرته على التأثير في شخوص الرواية وطبعها بشكل عميق بل اني اجد المكان يأخذ شكل قوة ميتافيزيقية ويصبح بمثابة القَدَر الذي يتحكّم في الشخوص اذ المكان هو الذي يشكّل الشخصيات ويضبط مصيرها ويحدّد البنية النفسية والذهنية ومن ثمة يحركّها ويصنع تفاعلها مع كل ما يحيط بها..
تبدو الفكرة الرئيسية التي يقدمها الروائي الظفيري في هذه الرواية هي قضية البدون وهم شريحة من الناس تعيش في الكويت دون أوراق ثبوتية وبالتالي لا يملكون الاعتراف الرسمي بكويتيهم وهذا ما يعيقهم في كل مراحل حياتهم من التعليم الى الشغل ويفقدهم الوجاهة الاجتماعية والامكانيات المادية في بلاد تعتبر من أهم دول الخليج وأكثرها تحضّرا وثراء..
في هذه الرواية يبدو ان الظفيري يحمّل المكان المسؤولية في قضية البدون، فجذور علي ابن شومان تعود الى والده الذي نشأ في الصحراء وكان فيها مهمّشا، قَدَرُهُ أن يولد في قبيلة متنقلة وتتلقفه الصحراء وليس مسؤولا عن قدره، لم يختر هذا الفضاء اللامحدود ولكنه وُجد فيه ويبدو ان وجوده في الصحراء ستتحوّل الى لعنة تصاحبه حتى عندما يسكن الكويت ويؤسس فيها عائلة اذ يبدو انه ظل لصيقا بالمكان الأول الذي نشأ فيه والذي تحوّل الى نذير شؤم، الى حظ سيئ، الى وصمة تلطّخ ماضيه وتشوّش عليه حاضره وتسرق مستقبله.. لذلك نجد الروائي الظفيري يستهلّ روايته على الطريقة السينمائية بمشهد عام للصحراء يختار ان يقدمها معتمدا على الوصف فيقول ( ص 11) :
« الحكاية التي نسجها الضجر لباسا لملل طويل من الانتظار اللانهائي لسكّان هذه الصحراء التي تعبث بمصائرهم وأرزاقهم، الحكاية التي صاغتها الريح لتتخلّل مسامات بيوت شَعَر الماعز المثبتعة في الأرض على عجل ليسهل اقتلاعها متى حانت ساعة رحيل مباغت بعد وصول نذير الماء».
يؤثث الروائي الظفيري سرده بمفردات بعينها ليصف المكان هي : الانتظار، الضجر، الرحيل ويضيف الخيال، الصبّر، الخرافة، الحزن، الأوهام، القيظ، البرودة، الشكّ….
ولعل من خلال مفردات الوصف نلاحظ ان الصحراء تصبح مرادفة للتيه والفراغ والضياع وتحيل على التلاشي ففي هذه الصحراء لا تستقر الحياة ولا يتأسس كيان ولا تثبت هوية، ولعل المفارقة الشديدة ان المكان عادة ثابت ولكن هذه الصحراء تبدو متحوّلة فلا تثبت على حال فتضاريسها تحتمل التغيّر ومناخها لا يستقرّ.. وهذا ما يجعل سكانها في تنقل مستمر وترحال لا ينتهي وينعكس هذا على مشاعرهم تجاه المكان فتكون ايضا متقلّبة، فهم يتعلقون بها مرة وينفرون منها أخرى وبالتالي لا تثبت تلك العلاقة الخاصة التي يربطها الانسان بالمكان.. بهذا المعنى تأخذ الصحراء المسؤولية كاملة في أن تنقض كل اتفاق ضمني بالتواصل والاستمرار والبقاء وبالتالي تفشل في تثبيت علاقة دائمة بها يقول الناقد شرحبيل المحاسنة « اذا وصفت المكان فقد وصفت الشخصية.. » (1) والروائي ناصر الظفيري في روايته « الصهد « لا يتعامل مع المكان بوصفه معطى جغرافيا فقط بل يوظفه للتعبير عن فكرة في ذهنه وهذا ما يجعله يتعامل مع المكان لا بوصفه تضاريس ومناخ بل بما هو وعاء ثقافي يحمل تعابير قيمية مختلفة بهذا الشكل يجعل المكان من ابداعه اي يحوّله من معطى طوبوغرافي الى معطى خيالي ومن ثمة الى معطى أدبي.
بطل الرواية شومان وضع حدا لتيهه في الصحراء لعزلته، لم يعد كائنا صغيرا في صحراء كبيرة جدا ومترامية الأطراف واختار أن يكون من سكان مدينة الجهراء ( في الكويت) وبذلك يضع حدا لسلطة الصحراء القاسية عليه ويؤسّس انتماء جديدا له بل ويتجذّر في هذا المكان الجديد فينجب أولاده ويدخلهم المدارس ويلقي بهم في جهات المدينة من أجل ضمان البقاء.. ولكن المدينة لا تقبله اذ يهدّم بيته بقرار حكومي لأنه لا يملك مستندات ملكية ولكنه لن يعود الى الصحراء التي لم تعد تعني له شيئا ويجد نفسه في تجربة قاسية يكتشف من خلالها انه وعائلته بلا وطن، بلا هوية، بلا انتماء يمثّل هدم البيت إهانة لكبرياء العائلة وجرحا في وجدانها تطبع العائلة بالانكسار والسلبية والعجز عن المواجهة فتستسلم وتكتفي بالتنقل الى أطراف المدينة..
هذا التحوّل من الصحراء الى المدينة هو تحوّل دلالي مهم جدا :
الصحراء : الامتداد، الوحشة، الفراغ، الصمت، الضياع، الضجر، الكآبة، القحط..
شومان : فقير، منعزل، متروك، = شعور باللاانتماء
**
المدينة : الألفة، السكينة، الهدوء، التحضّر.. .
شومان : زوج وأب، يعمل، له اصدقاء = شعور بالانتماء
== الانتقال من فضاء لامحدود الى فضاء محدود : تحوّل من اللا انتماء الى الانتماء.
يقدم الروائي ناصر الظفيري علي أحد أبناء شومان علي كنموذج لأحد أبناء البدون الذي يبدو انه سيرث عن أبيه وزر اسمه ( شومان من الشؤم) وسيحمل مثله لعنة المكان فيعيش الاقصاء والتهميش ويشتد لديه الشعور بالانبتات فيعيش الغربة في وطنه وتستبدّ به مشاعر الضياع النفسي والتيه فاذا به يفقد تدرجيا علاقته بالمكان ويهاجر الى الشمال، الى الغرب بحثا عن انتماء في بلاد اخرى.
2 – أزمة المكان :
تأخذنا رواية « الصهد « في جزء كبير من سردها الى البطل الرئيسي وهو علي ابن شومان الذي يتحوّل الى سارد ينقل لنا أفكاره ورؤاه ومشاعره ونكتشف اننا أمام شخصية مركّبة وقلقة ومتذبذبة فهي رهيفة وصلبة، حالمة وواقعية… وأجده هنا نتاج للأمكنة التي تداولت عليه وخلّفت فيها أثره. تركيبة شخصية علي ابن شومان هي نتيجة لمكانين مختلفين : الصحراء التي لم يعش فيها ولكن يحمل لعنتها لأن قَدَرُه ان يكون ابن شومان الذي حُكم عليه انه من البدون والمدينة التي وُلد فيها وأحبّها ولكن عاش قسوتها عندما لم تعترف به ولعلّ غربة علي عن المكان سواء كان الصحراء او الجهراء تجعله يعيش أزمة المكان وتحيله الى تجربة اللاانتماء مرتين فهو لا ينتمي الى الصحراء هذه القاسية والمتقلّبة التي لم يعش فيها ولا ينتمي الى المدينة التي رفضته بكل قسوة وعنف ولم يعد يستطيع العيش فيها .
أزمة المكان التي تعني العجز على التواصل مع الفضاء الجغرافي بوصفه منظورا تتمثل بعض تجلّياتها في الشعور بغربة تجاه المكان تولّد الشعور باللا انتماء وهي تجربة قاسية جدا تشعر صاحبها بالاغتراب وهذا أشدّ شعورا من الغُربة فاذا كانت الغُربة تعني الانفصال عن الوطن فان الاغتراب يتجاوز ذلك ليصبح الانفصال عن الذات نفسها حيث لا يشعر الانسان أنه سيّد نفسه وعندما تنفصل الذات عن ذاتها تولّد الاحساس بالاحباط والضياع وتنمّي الشعور بالقلق والتوتر.. وربما لذلك كان علي على قلق يتوق الى الّرحيل، ولم يكن وحده بل صاحبه في الشعور بالاغتراب الفتاة ليال التي تعدّ أيضا من البدون.
أجد الروائي الظفيري هنا من خلال شخصيتي علي وليال يتحدّث عن البدون في جانبه الذكوري وجانبه الأنوثي فالاقصاء الذي يمارسه الوطن على أبنائه وتعمّد إهمالهم وتهميشهم يزرع في الشخصية المقصيّة سواء كانت ذكرا أم أنثى نفس مشاعر الاحساس بالظلم والغبن والقهر ونفس الشعوربالاغتراب.
و لذلك نجد لدى علي وليال هذه الرغبة الشديدة في الرحيل من الكويت والهجرة الى الشمال وتحديدا الى كندا وان كنت ألاحظ ان رواية « الصهّد « من أشد الروايات تعرّضا للأمكنة بمعنى ان هناك اشارة الى عدد كبير جدا من المدن والعواصم العربية والأجنبية في مناسبات شتى مثل اليونان والسعودية والعراق والسودان وفرنسا ولندن والبحرين وكندا والولايات المتحدة الامريكية وامستردام والهند واليمن ومسقط الخ.. . ولعل كثرة الاشارة الى بلدان أخرى تفسّر الضيق الشديد والتوتر الكبير الذي يشعر به البدون فتطيح به في دوّامة الأمكنة فاغترابه في وطنه الأم يولّد لديه الشعور بالغبن واحساسه بالمرارة والرغبة الجامحة في ايجاد مكان آخر يسع رؤاه وأحلامه، ولكن الأزمة التي يعيشها البدون ادراكه ان لا وطن آخر يمكنه أن يحلّ محل الوطن الأم على اعتبار أن الاحساس بالانتماء الى وطن لا يمكن نقله وزرعه في أي مكان آخر وهذا ما يجعل من شخصية البدون منطوية وقلقة تتقن كبت مشاعرها مرّة وتتقن تفجيرها أخرى بامكانها ان تكون محافظة وفي استطاعتها أن تكون في ذروة المجون، تحنّ الى الاستقرار ويدميها الرحيل، يبدو أن علي وليال قد اختارا الهجرة وفي الحقيقة أجدها فُرضت عليهما فسافرا الى كندا بحثا عن الشعور بالاستقرار وإنتماء جديد.
انها هجرة من الجنوب الى الشمال من جنوب جاف وقاس وأرعن وجاهل لا يقدّر أبنائه الى شمال يحضن الغرباء ويقبل الاختلاف ويعترف بالانسان وكأن موسم هذه الهجرة التي تحدث عنها الروائي السودني الكبير الطيب صالح لم يتوقف نزيفها بعد،
لكن اذا كان الأب شومان هاجر الصحراء الواسعة والموحشة ليستقرّ بالمدينة الصغيرة فان الابن علي يقوم بهجرة عكسية فيرحل من المدينة الصغيرة الى بلاد واسعة وغريبة..
فكأن علي يعود الى صحراء أخرى ولكنها تقع في شمال القارّة الأمريكية كثبانها ثلجية ومناخها صقيع.
أ – أزمة البطل :
ثمّة من النقاد من اعتبروا ان مصطفي سعيد بطل رواية الطيب صالح «موسم الهجرة الى الشمال» جعلت هو « مزيج غريب من القوة والضعف» بمعنى تركيبة لعقل وقلب، ولعل شخصية العربي اصبحت أكثر تأزما بتواصل الفجوة بين الشرق والغرب لذا أجد الوضع كارثيا عندما تشتد الفجوة في الوطن الأم بين شرائحه الاجتماعية ان كان على مستوى عرقي أو ديني أو جهوي وان كان مصطفي سعيد في رائعة الطيب صالح يمثّل بشكل ما نقطة وصل بين الغرب والشرق فاني أجد من علي وليال في رواية «الصهّد» نقطة فصل بين الوطن وأبنائه.. ولعل هذه الأزمة الحادة التي يصنعها المكان يجعل من قضية البدون هاجسا يؤرق المبدعون في الكويت فتعرّض لها العديد منهم مثل اسماعيل فهد اسماعيل وسعود السنعوسي وغيرهما..
مع البدون نحن لا نتحدث فقط عن شريحة تعيش التهميش والاقصاء الاجتماعي وتفكر في الهجرة الى الضفة الأخرى بحثا عن اقامة أفضل في الحياة بل نحن نتحدث بالاضافة الى ذلك عن شريحة لا إنتماء لها، لا هويّة لها، لا اعتراف بها من طرف الوطن الأم وهذا ما يجعل من شخصية البدون أشد تفكّكا ويحوّل أزمتها من أزمة اجتماعية يمثّلها الفقر والخصاصة الى أزمة نفسية يمثلها الشعور بالغُبن والانسحاق بل الى أزمة وجودية تشكّل سؤالا قاسيا يصعب الاجابة عنه يتعلق بالهوية « من أنا «.. انها نوع من اللقاطة التي يعيشها البدون وترمي بهم في أزمة حادة ولذلك نجد شخصية علي مرتبكة وقلقة وفوضوية ومتهوّرة وسلبية ومغامرة وجريئة ومحبطة.. ولأن الآفاق مسدودة كليّا والبلاد أصبحت تضيق به أصبح الرّحيل هو الحلّ الوحيد .
ب – تناقض البطل :
اذا كان مصطفي سعيد في الغرب قد بدا غازيا لنسائها فبدا « كثور هائج لا يملّ من الطراد « وكأنها طريقته للانتقام من الغرب فان علي تبدو أزمته أشدّ اذ لن يستعرض فحولته على نساء الغرب بل سيظل مكتفيا بليال يعيش معها الجسد بشغف وجنون.. انه في الغرب وكأنه ليس في الغرب لا يأخذ من قيمهم وعاداتاهم ونسائهم شيئا، بحيث اذا اعتبرنا كل من علي وليال شخص واحد يعيش أزمة فان تمظهرات هذه الأزمة ستظهر في تناقضها، فان الجانب الانثوي في شخصية البدون هي التي بدت أكثر عاطفية واشد انفعالا واكثر رغبة في التحرّر فكأننا نتحدث عن صراع بين عقل وقلب وان كان علي يحافظ على تماسكه الظاهري فيبدو رصينا هادئا فان ليال بدت انفعالية وأشد شبقية ولعل تلك طبيعة العقل الذي يميل الى التريث وطبيعة القلب الذي يتجه الى الاندفاع.
و لكن هذا العقل الذي يبدو رصينا في الظاهر انما يعيش تناقضاته المؤلمة خصوصا عندما نعلم ان علي يعاني جروحا في ذاكرته ووجدانه ويتألم من كونه بدون.. اذن فان هذا العقل الذي يمثله علي يتقن ايهامنا بالرصانة والتعقل والتريث ولكنه في الحقيقة عقلا هشّا منكسرا وسيجعل منه ذلك شخصية سلبية وضعيفة من ذلك مثلا انه حين كان الحديث يدور بين علي وصديقيه عن ريما الفلسطينية التي يحبها علي يقول قيس بوقاحة :
– وماذا ستفعل فلسطينية بشاب بدون جنسية. (ص 238)
رغم انه سبق لعلي ان قام بمقارنة مؤلمة بين البدون وبين الفلسطينيين على اعتبار ان كليهما بلا وطن يعترف به وبلا شعور بالانماء يقوّيه الا ان هذا الردّ القاسي جدا من قيس اذ لا يمكن حتى للبدون أن يكون أهلا بفلسطينية وكأن المسألة تتعدّى الشعور بالاقصاء الذي يعيشه كل من البدون والفلسطينيين الى مسألة تمسّ بالرجولة وهذا الردّ يوجع علي كثيرا ولكنه اكتفي بالانسحاب من المجلس يقول :
« غادرت المجلس وفي نفسي مرارة معلّقة فوق طرف لساني « ( ص 238)..
اذن هذه السلبية تطغى كثيرا على شخصية علي وان كان يراوغنا أحيانا ويوهمنا بالتعقّل ولكنه تعقّلا وهميا لذلك نرى علي ينقاد دائما الى مصيره ويخضع باستمرار الى رغبات ليال ويبدو مستسلما أمام ريما.
(البقية بموقع المجلة بالانترنت)
أما ليال وان كانت تشير الى القلب وتبدو مندفعة في مشاعرها، مجنونة في شبقيتها، فانها لا تقوم بذلك من منطلق أنها منسجمة مع ذاتها بل تلك طريقتها في التعبير عن انبتاتها، انها تحاول أن تجد معنى لحياتها التي لم تجده في وطنها، انها تحاول أن تتحرّر من عُقدها التي غرستها فيها سياسة المكان فجعلتها كائنا دونيا غير مرغوب فيه وقد أوجعها قيس وأهانها عندما صفعها أمام جمع من الاصدقاء وصرخ في وجهها :
« انها بدون حقيرة.. » ( ص 333)
لذلك بدت ليال وكأنها تريد أن ترمّم معنوياتها وتستعيد تقديرها لذاتها كانسانة من خلال لعبة الأنوثة التي تحاول أن تديرها باتقان فكانت تطلب الحياة بكل قوة، شبقية الى أبعد حد، متمرّدة الى أقصى الحدود. لذلك أجد ليال تعوّض بدُونِيَتِهَا بهذا الانتماء الى الرغبات الحسّية ربما تجد نفسها، ولعلّ الروائي ناصر الظفيري أراد من خلال الشخصية الأنثوية ليال أن يحقق الكثير من التمرّد والجموح والتعنّت وكأنها طريقته في التخفّي خلف هذه الشخصية حتى لا يتحمّل مسؤولية الاشارة الى انه يكتب ذاته من خلال شخصية علي ابن شومان على اعتبار ان الروائي ناصر الظفيري نفسه من بدون الكويت بمعنى انه استغل شخصية ليال ليعبّر من خلالها عن جرعة زائدة في الجرأة والشبقية والتحرّر الكلي من روابط المجتمع.
3- سلطة المكان :
المكان في الرواية عموما ليس مجرد فضاء جغرافي بل يمثّل ثقافة اجتماعية وبيئة نفسية تشكّل كل من ينتمي اليه لذلك كان المكان دائما له سلطة على سكانه ومن ثمّة مثّل المكان جرحا بالنسبة للبدون كما للفلسطينيين ولكل من يشعر بقسوة المكان الأم عليه، ومن هذا المنطلق يمكن أن نتحدث عن سلطة المكان في رواية « الصهد « على مستويين :
أ- ثقافة المكان :
يولد الانسان في مكان هو تضاريس ومناخ تؤثر حتما في تشكيل شخصية الفرد ( والمجموعة) فابن المناطق الباردة تختلف طبيعته عن ابن المناطق الحارة وابن المدينة غير ابن الريف.. مثلا الذي يسكن الفضاءات المفتوحة مثل السهول يميل عادة الى العفوية والانفتاح في حين ان الذي يسكن الفضاءات المغلقة مثل العمارات يميل اكثر الى الانغلاق والتحفظ (2) ومن هذا المنطلق يمكن ان نلاحظ ان تأثير المكان على الانسان يكون نفسيا وذهنيا وذوقيا.. وفي رواية « الصهّد « يحترم الروائي ناصر الظفيري هذه المعطيات بل يستغلها ليبرز تجذّر شخصياته في المكان والتحامهم به الى حد انه يصبح أحد أهم الأدوار الفاعلة في الأحداث يقول الظفيري على لسان علي :
« المكان يا صديقي هو من يصنع صاحبه « ( ص 324) .
من ذلك نفهم ان ثقافة المكان قد نمذجت شخوص الرواية ويبدو تأثير المكان قويا منذ مفتتح الرواية مع شومان الذي كان يسكن الصحراء ويتّسم بالتلقائية والعفوية وهو ما يجعله أقرب الى الفطرة فهو كريم رغم فقره، وخدوم رغم ضعفه، وطيّب رغم قساوة الضروف عليه، عزم أن يذبح جمله الوحيد لاكرام ابن فضل الذي تاه في الصحراء ولم يتوجّس من صحبته وهو الغريب عنه وغامر بصحبته في الفيافي المقفرة لأيام عديدة..
ب – سياسة المكان :
من جهة أخرى المكان ليس ثقافة فقط، ليس مجموعة من الضوابط الاجتماعية والقيم الأخلاقية والقواعد السلوكية التي تشكّل لدى ساكنيه الوعي واللاوعي وانما هو عَقْد اجتماعي تخضع له المجموعة لتنظم حسن تعايشها المشترك والتي تديره السلطة السياسية من خلال مجموعة من القوانين.. ومن هذا المنطلق نتحدث عن سياسة المكان التي تخضع لها المجموعة وفي حالة البدون تبدو هذه السياسة غير معترفة بهم وبالتالي لا تقحمهم ضمن منظومة الحقوق الواجبات التي تكفّل لهم المواطنة ولذلك نجد المكان يمارس نوع من العنف يتسرّب من خلال أشكال مختلفة للميكرو سلطة حسب تعبير ميشال فوكو نجد تمظهره المادي عندما هُدّم منزل عائلة علي ابن شومان لأنه بدون اثبات ملكية وتمظهره الرمزي من خلال شعوره بالدونية وما تخلّف لديه من احساس بالغُبن عندما لم يستطع الالتحاق بالجامعة التي يريدها
اذن نستنتج أن سياسة المكان بما تمارسه من أشكال العنف المختلفة من العنف المادي والرمزي تخلّف حسب تعبير فرويد جرحا في كبرياء شخصية علي.
لكن رد فعل شخصية البدون تجاه سياسة المكان ستكون مختلفة بل نموذجية فعدم اعتراف الوطن لابنائه لن يمسّ أبدا من حبهما للوطن ويبدو هذا عندما تعرّض الكويت للغزو العراقي فقد عادت ليال الى وطنها الكويت وانضمت الى احدى الجمعيات الشبابية الثورية وحملت السلاح في وجه الاحتلال بل قامت بعملية عسكرية ثأرت فيها لنفسها ولعدو وطنها .
4 – المكان.. بطل رئيسي في الرواية :
من خلال الأدوار المختلفة التي يقوم بها المكان وتأثيره الشديد في بناء شخصيات الرواية وأحداثها يمكن أن ننتهي الى أن المكان في رواية « الصهّد « قد تحوّل الى بطل رئيسي فيها، فهو ككل شخوص العمل الروائي له خصائص نفسية ( العزلة والانفتاح) وأيضا تمثّلاته القيمية ( المحافظة والتحرّر) وانفعالاته المختلفة ( الليونة والتصلّب).. .
ان كانت كل رواية تقدم تقنية الوصف للمكان تريد بذلك أن توهم قارئها بواقعية الأحداث حتى تعمل على خلق نوع من التعايش مع النص للتفاعل معه، فان ناصر الظفيري في روايته الصهد يعتمد أيضا تقنية الوصف التي تقدم المكان كشخصية رئيسية فاعلة ومؤثرة وتتغيّر بدورها بفعل تراكم الاحداث.
في مستهلّ الرواية يصف لنا الظفيري الصحراء الشاسعة ويختار مفردات بعينها ليعبّر عن البيئة النفسية للمكان مثل التلال الموحشة وبيوت الشعر التي قدّت على عجل ليسهل اقتلاعها والتبغ المهرّب وحكايات الخرافة المترنّحة بين الخيال ونقيضه والضجر الساكن أعماقها والانتظار اللانهائي الذي يفتّت الأعصاب والجفاف الذي يهدّد المكان… كل هذا يجعلنا أمام شخصية مهيبة للمكان نشعر بجبروته وقدرته على البطش..
ثم ان تقنية الوصف من مهماتها انها تضيئ لنا جوانب دلالية في شخصية المكان لذلك عندما يستهل الظفيري روايته « الصهد « بمشهد عام عن الصحراء يوحي لنا بالامتداد والرحابة فكأنه يريد ان يشير الى ان المكان فسيحا يوحي بالانطلاق والتلقائية والعفوية بحيث انه مستعد لاحتضان كل الشخوص والاحداث والتجارب الانسانية..
بحيث تبدو شخصية المكان قوية ومستبدة وايضا تلقائية وعفوية وهذا التضاد يكسبه نوع من الهيبة والتوجّس في التعامل معه..
لكن شخصية المكان ستشهد تغيّرا في طبيعتها فعندما تنتقل أحداث الرواية الى المدينة أي من العام الى الخاص تتغيّر مواصفات المكان لم يعد رحبا وانما أصبح محددا وهذا سينعكس على مستوى حركة الاحداث التي لم تعد تتسم بالانفتاح والعفوية والتلقائية بل اصبحت محكومة أكثر بضوابط اجتماعية وسياسية ومن ثمة تصبح شخصية المكان مقيّدة أكثر وهذا سيؤثر على حركة بقية شخوص الرواية مثل شومان وابنه علي..
ستشهد شخصية المكان تحديدا اكثر عندما تنتقل أحداث الرواية من المدينة الى البيوت والغرف ومن ثمة ينتقل المكان من العام الى الخاص الى الأخص وكأن الروائي يتوغل أكثر في شخصية المكان ويغوص في أعماقه اكثر ليقدم لنا معطيات دلالية جديدة ونلاحظ ان البيوت والغرف تبدو مغلقة فعلى امتداد الرواية التي تضم قرابة اربعمائة صفحة لم ألاحظ مرة ان شباكا مفتوحا او بابا مشرّعا وكأن المكان أصبح أكثر انطوائية على نفسه وأشد توقعا على ذاته ربما ان ثقافة الاقصاء والتهميش التي تهيمن على الأمكنة قد جعلته يشعر بدوره بالاحباط واليأس، ونلاحظ ان الروائي ناصر الظفيري يهمل في المجمل وصف الأمكنة الداخلية ولعله أراد أن يهتم أكثر بالفكرة التي هو بصددها وهو طرح قضية البدون وتفكيكها ومن ثمة يرتقي بها الى مستوى ذهني فيصبح طرح اشكالية « الهوية الانسانية» التي يعيشها الانسان وتشتد زمن العولمة حيث تذوب ثقافات وتهيمن أخرى..
نلاحظ اذن ان شخصية المكان قد تدرّجت من العام الى الخاص الى الأخص وفي كل ذلك تبدو شخصية تضيق تدريجيا وتنغلق على نفسها لتوحي لنا باحباطها وضيقها وقلقها، ولعل شخصيات المكان في هذا تتماهى مع طبيعة الشخصيات الأساسية أيضا فشومان مثلا كان في بداية الرواية منفتحا على الآخر كريما رغم فقره، خدوما رغم ظروفه القاسية، ثم في المدينة سيبدأ بالانغلاق على نفسه عندما يشعر بالاحباط من العلاقات الانسانية التي تحكمها المصلحة والأنانية يشهد أثناءها تأزما في صداقته بابن فضل ويشتد الاحباط عندما يهدم بيته فتكتسب شخصيته نوعا من السلبية مع ما في ذلك من احساس بالمرارة والقهر، ثم ستزداد شخصيته انغلاقا عندما ينتهي به الحال الى ملازمة غرفته وقد أنهكته الحياة يصارع المرض ويشرف على الموت في كل حين..
و نفس الأمر بالنسبة الى شخصية علي أيضا الذي ينطلق في مستهلّ حياته نحو الحياة بقلب منفتح وعقل متيقظ فنجده متميّزا في دراسته ولكنه سرعان ما سيرتدّ الى ذاته عندما يتأكد في الجامعة انه ليس بمستطاعه ان يواصل دراسته لانه يعدّ ضمن البدون وغير معترف به اجتماعيا ومن ثمة يبدأ في الانكماش حول نفسه وتضيق دائرة علاقاته تدريجيا الى حين أن يصبح وحيدا في غربته يتماهى مع ذاته المنكسرة .
لكن نلاحظ ايضا الشعرية التي يصف بها ناصر الظفيري الصحراء والتي قد تعبّر بشكل ما عن جمالية هذا المكان الموحش والقاسي ستخفت تدريجيا وكأن قبح الواقع وبؤس الحقيقة لم تعد تسمح بجمالية ما، وتخلي الروائي عن اعتماد تعابير شعرية تبالغ في الوصف عندما يتعلق الأمر بحديثه عن المدينة قد يعبّر ذلك عن احباطه من واقع يعتمد على الاقصاء والتهميش.
ومن ثمة تتماهى شخصية المكان مع شخوص بقية الرواية مثل شومان الأب وابنه علي وليال والفلسطيني أبو ليلى..
شخصنة المكان تبرز قدرة الروائي على توظيف كل عناصر الرواية من أجل خدمة موضوعه الأدبي .
ملاحظات..على سبيل الخاتمة :
تعتبر رواية الصهد من الروايات الطويلة اذ تمتد على قرابة الأربعمائة صفحة ولا أحسب ان الروائي ناصر الظفيري يريد الانخراط في موجة الروايات الطويلة التي بدت تنتشر كموضة أدبية بل أفسر ذلك برغبة الروائي في أن يقول كل شيء في موضوع يعتبر هاجسا بالنسبة اليه والى عدد من المبدعين الكويتيين خاصة ممن ينتمون الى شريحة البدون.. وله الحق أن يقدم هذا الموضوع الذي يؤرقه بالشكل الذي يراه مناسبا ولكن من حقي كقارئة أيضا أن أتفاعل مع هذه الرواية على طريقتي، فأنا أجد الرواية تسهب في الأحداث وتطنب في التفاصيل فتميل الى الترهّل وتبدو أحيانا مملّة فالاطالة تسقط الروائي أحيانا في سرد منبسط يفتقد النتوءات الضرورية التي تصنع متعة القراءة وربما كان بالامكان اختزال الكثير من الأحداث دون ان يمس ذلك من خصوصية الموضوع، والاقتصاد في جهد الروائي لا يقلّص من موهبته بل قد يؤكدها..
ايضا ألاحظ ان الروائي ناصر الظفيري يكتب روايته وربما يعود الى قراءة ما يكتب بعين الروائي وليس بعين القارئ فمرات كثيرة ينطلق الفصل ليتحدث عن شخصية علي مثلا وهو يتحاور مع امرأة لا أتبين انا كقارئة من هي، هل يقصد ليال أو ريما أو امرأة أخرى وأحتاج أن أقرأ ثلاثا أو أربع صفحات وأنا لا أدري من هي التي تتحدث مع علي، وربما كان على الظفيري أن يراجع هذه المقاطع بعين القارئ حتى يمنع تسرّب الملل عن القارئ ويتفادى نفوره من مواصلة القراءة وهذه الملاحظة تنسحب ايضا على المقاطع الحوارية التي تبدو أحيانا غير واضحة ولا نتمثّل جيدا مَن يشارك الحوار مع علي ومن تدخل ومن وجب على الظفيري أن يخضع تقنية الحوار الى روح تصويرية تجعله أكثر حيوية .
حاول الظفيري أن يقدم روايته من خلال سارد هو علي ابن شومان وايضا على لسان شخصية ليال من خلال مخطوط كتاب تسرد فيه حياتها مع ما في ذلك من تقاطع مع محطات حياتية عاشها علي..
و أجد في هذه المراوحة بين علي وليال غير واضحة وهذا ربما يجعل القارئ يقع في لُبس ولا يتبيّن بسهولة خيوط السرد الروائي وربما اعادة التوزيع البصري لهذه الفصول قد يساهم في تمثّل جيدا لمناطق السرد الروائي..
تبقى هذه الملاحظات التي قد لا يوافقني فيها غيري من القرّاء شخصية، ولا تنقص من أهمية هذا العمل الروائي الذي شاء حظي أن تكون أول رواية كويتية أهدتها لي الأديبة الكويتية الكبيرة ليلى العثمان وتصادف عندي اشتغالها على موضوع البدون الذي لم أكن أدرك أنا التي تسكن بلادا بعيدة كم ان هذا الموضوع يمثّل قضية اجتماعية وأزمة سياسية تجعل منه هاجسا لدى شريحة من المبدعين في الكويت يحوّلونه من موضوع اجتماعي الى تيمة أدبية وبالتالي تجعل من الابداع نبض واقعه.
انتهى
رواية « الصهّد « لصاحبها ناصر الظفيري عن دار مسعى للنشر/ الطبعة الأولى 2013
الاحالات
(1) و(2) مقالة : « المكان الروائي ودلالته « لصاحبه شرحبيل المحاسنة .
~ 1 ~
فاطمة بن محمود / ناقدة من تونس