نهر الجفاف
وكلّما أُمعن ُ في الطواف
فلا أرى سوى
نهر ٍمن الجفاف
حتى كأنّ الأفق من خشبْ..
وقد سرى الغبار
وهاهي الرمال
تسيل في قلبي
وتُطبق الضفاف، بالرماد
غابة
كأنما الخريف ُ والشتاء
خطوتا تعبْ
يحتذيان قلبَه
في غابة الحطبْ
ذاكرة الأرض
شاخت ِ الأرض ُ
يبستْ شرايينها
غير انّ ذاكرتها نُقعت بالدماء
ما يسرده الصدى
سُدىً. سُدىً. سُدى
يردّدُ الناقوس في الفضاء
ويسردُ الصدى
حكاية َ الإنسان ِ في ارتهانه ِ الطويل
للحظة ِ الميلاد ِ والردى
السراب
كأنني تحت مصبّ الشمس
مُنتهَك َ القلب ِ
وقفتُ في بابك
أسألُ كفيك ِ
برودة ً من كأس
قلت ِ:
اشرب ِ السراب
شرار
أنا قلقٌ مشرئب
شرارٌ
على حَطب الصمت،
دمٌ ساهرٌ طوالَ الألم
و ريحٌ تضِلّ الطريق.
برقٌ يُضيئُ الى ذاته ِ،
خطوةٌ واجمة في عيون ِ الذئاب
انتماء
أنتمي الى الدمعة تروي ندمَ آدمَ و غُصة الفردوس
أنتمي الى الأيدي، ممدودةً، في شتاء أبدي
أنتمي الى الريح لا جهةَ أو وجهة لها
أنتمي الى البراري لا تروعها صيحة الإنسان
أنتمي الى الحجَر يؤثر الصمتَ و النأي
أنتمي الى الناي ريحاً وحزناً
منصتاً للهواء
مثل نبي مطارَد
ومثل شعوب تتدارك زوارقها المثقلة باليأس
تعبر الذكريات في رأسه
على الجسر
منصتاً لهواء يدوّم عبر التواريخ،
عبر الوجوه التي تكادُ تعيد تمثيل الحكايةِ ذاتها
على الجسر
كأنه يحدّق في هاوية المصائر
ويقول..
ما أكثرَ الخطى ينخلها الزمن
ما أكثرَ الغبار..
و ما أقلّ ما يتبقّى من المدن
مشرّدٌ في نفسي
مشرّد منذ وطئ بكائي الأرض
مشرد منذ ان صافحت عيناي أول طريق
مشرّد منذ عبرتُ أول جسر
ومنذ ان ضجّت الشوارعُ فيّ
………
الغاباتُ كثيفة ٌ و قلبي أجرد
المرايا آهلة
والخريف ملء يدي
الخريف صائغُ الظلال
……….
مشرد لا حانات لدى شرودي
لا مقاهي ليديّ
لا أرصفة لخطاي
لا ضفاف لموجي
لا مراسيَ لأصابعي
…………
مشرّدٌ تأوي اليّ الطرق، البيوت، الحانات، الحفاة… المهجورون.
حديقة الكلمات
لا مكانَ له سوى الكلمات
لا تاريخَ له سوى الكلمات
ولا يدَين له من دون الكلمات
لا أرض له سوى الكلمات
لا سقف له سوى الكلمات
لا جدار له سوى الكلمات
لا حديقة لعينيه سوى الكلمات
وحتى مياهه تترقرق كلمات
حيرةُ آدم
هل الأرض حيرة آدم
حزنه؟
وبقية تفاحة تَسوَدّ
آدم الطريد،
الوافد، الذاهل
وهو يرى الأرض تدنو من قدميه؟
(أم قدماه يدنوان من الارض..)؟
آدم الذي أربعين يوما
لم يُطق شمّا
كانت الأرض تَمور
لم تتعطّر الأرض ليألفها آدم
بل آدم هو الذي اعتاد…
هل الأرض مهد جثة؟
مقبرة أحياء
كهف أصوات؟
أرض آدم التي ألفها على مضض
ليفارقها على مضض
كم هي الأرض تسيل
في دماء أبنائنا
لا ليرثونها
بل ليتوارثوا صفاتها
أصفاداً،
صفيراً في الدم
وسكيناً
مغمداً
لكن في… لحم آدم
باسم المرعبي
شاعر من العراق