مُتسكِّعٌ في مَلكُوتِ الله
عَرّافٌ أحنى قلبهُ صحبٌ
مُتدثّرونَ بأرديةٍ ذات سَماواتٍ مَعطُوبة
غَريبٌ لم يغسلْ حُزنهُ المَاءُ الزُلال
ولا الغيمُ المُطعّمُ بالمطرِ والرذاذِ الباردِ
الكونُ بارودٌ يقيمُ في مَدافع
القلبُ صَحراءٌ هَجرتهُ الواحاتُ
النُجومُ أَيقوناتٌ بلا فَضاءٍ ولا مَجرّات
هو هكذا يتسكَّعُ في الهَزيعِ الأخِيرِ من الشَوقِ
الهَوى لعبةُ المَحرَّماتِ في شَهوةِ الليلِ
آهِ يا ليلُ …
يا حسراتِ الغُربةِ الكونيّةِ
من يتذكَّركَ الآنَ
روحكَ تتهاوى من عَلياءِ السَديمِ
لا أحدَ يَطرقُ هاتفكَ المُعلّق دَونَ حَبيبٍ
تهطلُ عليكَ العزلةُ من كل السَماواتِ الضَريرةِ
هل للمُعجزاتِ لغةٌ تُحاكِي جُوعَه الأبديَّ
أم أن القدرَ ليسَ سِوى نبوءاتٍ
يختلِقُها الجنُّ والأرواحُ الشريرة
هل هو مَسكونٌ بثعابينَ تَلدغُ أَحشاءَهُ من الدَاخلِ
أم إن جَسدهُ مَدينةٌ هجرَتْها الملائكةُ
واحترقت جدرانُها بِنارٍ من جبلِ الأولمب
فأطلقت الحسانُ والعاشقاتُ سيقانَها للريحِ
كيف يبرأُ قلبُهُ من المكانٍ
والزمانُ خرافةٌ
كيفَ يلتحفُ برداءٍ مزّقتهُ الريحُ
شَحَّاذٌ يمدُّ يديهِ للبحرِ
والبحرُ هجرتهُ سُفنُ العَاشقينَ
الهواءُ غُبارٌ وطيورٌ ميِّتةٌ
والمدَى يأسرهُ الحَنين
* * *
جَاءَ مُعتزلاً مثلَ نبيّ
مُرتدياً عباءةَ اللعناتِ المُتوّحشةِ
سَيمضي هَكذا مُعتزلاً كلَّ الآثامِ
وحيداً جداً وحدةً مُفرطةً
يسيرُ يودِّعه الغبارُ والريحُ والعَاصفة
ليسَ لليلِ قلبٌ
ولا للنهارِ ضَميرٌ
كلُّ الزَمانِ ليلٌ حتى السَمَاءُ
الكونُ مُعتِمٌ مثلَ قلوبِ القَتلةِ
يَجيءُ الفقراءُ وحيدينَ حَاملينَ أَكفَانَهم
كي لا تفتضحَ قُلوبُهم النقيّةُ
تحتَ سياطِ الُلصوصِ وسيوفِ الخَونةِ
أما زالتْ الشمسُ جَالسةً على عَرشِها
أم انَّهم أَخفَوها بأرديةٍ تُشبهُ القارَ
صَنعوا غَيثاً يَهطلُ كَحِنظلٍ مُستبِدٍّ
كَسروا سيوفَهُ
خَنقوا خيولَهُ الحالمةَ برذاذٍ لا يَنشِفُ
أَغلَقوا كلَّ المَساراتِ
من أمامهِ ومن خلفِهِ
أحالوا الجهاتِ فوضى
حتى المَسافةِ ما عادَت سِوى
رملٍ وكثبانٍ وسَراب
سيمضي الآنَ إلى حيثُ الصمتُ
شهيٌّ كالقنَدِ
يَهرعُ وحيداً إلى الوحدةِ غيرِ الخَائنةِ
معتزلاً ضَجيجَ الأصدقَاء
ليطلَّ عليهم من أعلى قمةٍ في القلبِ
ويغرقُ في الضحِكِ
على هذا العَبثِ السَرمديّ
عبدالحميدالقائد *