مايكل لوي-باحث فرنسي
ترجمة: عماد فؤاد-شاعر ومترجم مصري
في لوحة “ملاك التاريخ” لبول كلي مشهد لملاكٍ يبدو كأنه على وشك الابتعاد عن شيء ما كان يتأمّله بدقة، عيناه محدِّقتان وفمه مفتوح وجناحاه مفرودان، إنها الصورة المتخيَّلة عن ملاك التاريخ، وجهه ملتفت نحو الماضي، وبينما نرى نحن سلسلة من الأحداث، يرى هو كارثة واحدة لا تكفّ عن تكديس الحطام ملقية به أمام قدميه، يبدو كأنّه يتمنّى لو يبقى ويُقيم الموتى، ليُرمِّم كلّ ما حُطِّم. لكنْ تهبّ عاصفة من الجنّة، تثبِّت جناحيه بقوّة فلا يعود قادرًا على طيّهما، وبشكلٍ لا يُقاوم تدفع به العاصفة نحو المستقبل الذي يدير له ظهره فيما تتنامى كومة الأنقاض أمامه حتّى السماء، هذه العاصفة هي ما نسمِّيه التقدّم”.
فالتر بنيامين
“أطروحات حول مفهوم التاريخ”، 1940.
منذ إعادة اكتشافه في ستّينيات القرن الماضي، لم يختف الكاتب والناقد والمفكر الألماني فالتر بنيامين (1892 – 1940) عن ساحة الاهتمام الدولية لحظة واحدة، وفي السطور التالية، نترجم مقالًا لافتًا للناقد والباحث الفرنسي مايكل لوي(1) المتخصّص في أعمال فالتر بنيامين، يرصد فيه العلائق الفريدة التي ربطت بين المفكرة والناقدة الألمانية حنّه آرنت (1906 – 1975) وبنيامين في أربعينيات القرن العشرين، على المستويين الشخصي والفكري. شكّل المقال ركنًا مهمًا من كتاب مايكل لوي “اليهود غير الأرثوذكس: الرومانسية، المسيحانية، والمدينة الفاضلة”(2)، والصادر في باريس عام 2010، أما الترجمة التالية فقد تمّت عن الترجمة الهولندية للمقال، والتي قام بها جوني لينارتس:
يبدو أن حنّه آرنت وفالتر بنيامين كانا قد تعارفا بالفعل في برلين، (زوجها جونتر شتيرن كان ابن عم غيرشوم شولم(3))، ولكن في المنفى الباريسي تمكّن الهاربان من النازية من توطيد صداقتهما، إحدى الإشارات الأولى إلى لقائهما كانت في رسالة من بنيامين إلى شولم بتاريخ 25 أغسطس عام 1935: “قبل بضعة أسابيع رأيت حنّه شتيرن زوجة ابن عمك، والتي تساعد الأطفال حاليًا للمغادرة إلى فلسطين”(4).
في عام 1936، التقت حنّه آرنت بهاينريش بلوشر(5) (الذي سيصبح زوجها الثاني)، وبدأت في التردّد على الدوائر الماركسية، جرت مناقشات مشتركة في منزل فالتر بنيامين في 20 شارع دومباسل، والتي جمعت أصدقاءهم المشتركين حول أبخرة الشاي: آرنت وبلوشر والمحامي إريك كوهين بنديت والمحلّل النفسي فريتز فرانكل وغيرهم.
في صيف 1938، انتهت آرنت من كتابة الفصلين الأخيرين من كتابها عن “راحيل فارنهاغن”(6)، تحت ضغط ودّي من قبل كلٍّ مِن زوجها وصديقها: “انتهيت من الكتاب بغضب ما في صيف 1938، لأن هاينريش وبنيامين ظلّا يزعجاني بإلحاحهما كي أنتهي منه”(7)، كما كتبت لاحقًا في رسالة إلى كارل ياسبرز(8).
أحبّ بنيامين كتاب آرنت هذا بقوة، بفضل طبيعته غير الاعتيادية، وانفصاله عن أيديولوجية البرجوازية الليبرالية اليهودية. كتب في رسالة إلى شولم بتاريخ 20 فبراير 1939: “اقترحت على حنّه آرنت أن ترسل إليك مخطوطة كتابها عن راحيل فارنهاغن، سوف تصلك في أحد هذه الأيام، لقد ترك هذا الكتاب تأثيرًا كبيرًا عليّ، إنها تسبح بضربات قوية ضدّ تيّار اليهودية التنويرية والاعتذارية، وأنت تعلم – أكثر من أي شخص آخر – أن كلّ ما قرأناه حتى الآن عن “اليهود في الأدب الألماني” كان مدفوعًا بهذا التيار”(9).
من الصعب تحديد إلى أي مدى تأثّر أو لم يتأثّر عمل بنيامين بمخطوطة حنّه آرنت على مدار العامين اللاحقين (1940/1941). وبّما أن بحثه كان موجّهًا إلى مجال مختلف تمامًا (باريسيّة بودلير وتجواله الدائم)، فمن غير المرجّح أن يكون هذا الكتاب بمثابة مرجع مباشر لكتاباته، لكن لا يمكن أن نستبعد كذلك تأثيرًا أكبر على فهمه لا سيما فيما يخصّ مكانة اليهود في التاريخ الألماني والأوروبي، ومن الصعوبة كذلك التحقّق ممّا إذا كان الفصلان اللذان كتبتهما آرنت عام 1938 مدينين لكتابات (أو كلمات) بنيامين، وفقًا لكاتبة سيرة آرنت إليزابيث يونج برويل، فقد:«سمحت لها أممية بلوشر وبنيامين بالحصول على رؤية أوسع بكثير لمصير اليهود، من خلال اعتبار مصيرهم يحدّد بدقّة شديدة حالة العالم المنعكس، أي المجتمع ككل»(10).
نعلم أن الوضع المعيشي لبنيامين في فرنسا كان محفوفًا بالمخاطر، في أبريل 1939، وفي رسالة إلى شولم، أشار بنيامين إلى آرنت بالعبارات التالية: “هنا في باريس، التقيت بشخصية مهتمة بي للغاية، لدرجة أنها تريد مساعدتي، حنّه آرنت، ولكن ليس من المؤكّد بعد ما إذا كانت جهودها ستؤدّي إلى أي شيء”(11).
لم تسفر هذه الجهود عن شيء بالفعل، لكن تظلّ الرسالة شهادة مؤثّرة على تلك “الأخوّة بين المنبوذين” التي ستتحدّث عنها آرنت بعد سنوات، عندما تستحضر صورة بنيامين في رسالة إلى كارل ياسبرز، فتصفه فيها بأنه: “أفضل صديق لنا في باريس”(12).
خلال شتاء 1939-1940، أمضت آرنت وزوجها هاينريش بلوشر ساعات طويلة مع بنيامين في مناقشة كتابات شولم حول التصوّف اليهودي، والوضع السياسي الجديد الذي خلقته الحرب، وبهدف مغادرتهم المحتملة إلى الولايات المتحدة، قرّر الأصدقاء الثلاثة تعلم اللغة الإنجليزية معًا(13).
سيتمّ اعتقالهم من قبل السلطات الفرنسية (بصفتهم مواطنين ألمان) في معسكرات مختلفة (غورس Gurs، لو فيرنيه Le Vernet)، ورغم هذا، يتمكّن الثلاثة من الهروب؛ هرب آرنت مع بلوشر إلى مرسيليا، بينما يكتب لهما بنيامين، الذي انتهى به الحال في لورد(14)، رسائل (بفرنسية لا تشوبها شائبة)، تحمل ختم الفكاهة الغريبة السوداء.
في النهاية، سيجتمع الصديقان مرّة أخرى وأخيرة في مرسيليا، حيث يعهد بنيامين بمخطوطات قيّمة، ومن بينها مخطوطة كتابه “أطروحات حول مفهوم التاريخ”، إلى صديقته، مع رجاء أن تسلّمها بأسرع وقت ممكن إلى تيودور فيزنجروند أدورنو(15)، أمّا بقيّة القصة فمعروفة: يحاول بنيامين مع مجموعة صغيرة من اللاجئين عبور جبال البرانس سرًا إلى إسبانيا، فيتمّ القبض عليه في مدينة بورت بو(16) من قبل ضبّاط الجمارك الإسبان (أتباع فرانكو)، وتهديده بتسليمه إلى الجستابو، ويختار فالتر بنيامين الانتحار في 27 سبتمبر 1940، وحدث هذا، إذا استعرنا عبارة فيكتور سيرج(17): “في منتصف ليل القرن”.
سيعلم غيرشوم شولم بالنبأ من حنّه آرنت (التي كانت لا تزال في مرسيليا)، عبر رسالة مؤرّخة في 21 أكتوبر 1940. بعد بضعة أشهر، عندما عبرت بدورها الحدود، استطاعت آرنت مع بلوشر في لشبونة الصعود على متن سفينة متجهة إلى الولايات المتحدة، بحثت آرنت عبثًا عن قبر بنيامين قبل المغادرة، وفي رسالة إلى شولم قدّمت وصفًا مؤثرًا للمقبرة بعد أن عثرت عليها في “بورت بو”: “تطلّ المقبرة على خليج صغير على البحر الأبيض المتوسط؛ وهي مبنية بالحجر على شكل مصاطب رأسية، حيث يتم وضع توابيت الموتى في هذه الجدران الحجرية، إنّها إلى حدّ بعيد واحدة من أروع وأجمل الأماكن التي رأيتها في حياتي”(18).
تعكف آرنت وزوجها، أثناء انتظار سفينتهما في لشبونة، على قراءة مخطوطات بنيامين، وقد قرآها بالفعل على أسماع اللاجئين الذين كانوا يتردّدون عليهم آنذاك بصوت عالٍ، وناقشوا، مشحونين بالأمل اليائس، معنى النص المسيحاني(19) وفكرة المخلِّص.
بمجرّد وصولها إلى نيويورك في مايو 1941، قامت حنّه آرنت بتسليم المخطوطات إلى أدورنو، مستجيبة لوصية صديقها الأخيرة، ولكنها في السنوات التالية، اشتكت، عبر رسائلها إلى غيرشوم شولم، من أن معهد الدراسات الاجتماعية كان متباطئًا جدًا في نشر أعمال بنيامين، (وهو ما سيحدث عام 1955)(20).
في عام 1942، ينشر المعهد ذاته (بالمنفى في نيويورك) نسخة مطبوعة من مقالات فالتر بنيامين مخصّصة للتوزيع المحدود، وهي النسخة الأصلية نفسها التي تقتبسها حنّه آرنت في فصل مهم من كتابها الصادر في 1951 حول أصول الشمولية بعنوان “عناصر وأصول الهيمنة الكاملة: معاداة السامية، الإمبريالية، الشمولية(21)”، والتي تتناول فيه نظرية توماس هوبز(22) والمفهوم البرجوازي/الإمبريالي للسلطة، وتضمّن الفقرات التالية:
“إن عملية التراكم اللامتناهي للسلطة، والتي لا غنى عنها لحماية التراكم اللامتناهي لرأس المال، فجّرت أيديولوجية “التقدّم” في أواخر القرن التاسع عشر وتنبّأت بصعود الإمبريالية، ولست أقصد هنا الوهم الساذج بالنمو غير المحدود للثروة، بل الوعي الواضح بأن تعزيز السلطة وحده هو الذي يمكن أن يضمن استقرار ما يسمى بالقوانين الاقتصادية، هذا ما جعل التطوّر أمرًا لا يمكن إيقافه، إن مفهوم التقدّم في القرن الثامن عشر، كما تصوّرته فرنسا ما قبل الثورة، كان ينتقد الماضي فقط من أجل السيطرة بشكل أفضل على الحاضر وتوجيه المستقبل؛ وبلغ التقدّم ذروته في تحرير الإنسان، لكن هذا المفهوم ظلّ بعيدًا كلّ البعد عن التقدّم الذي لا نهاية له للمجتمع المدني، والذي لا يعارض حرية الإنسان واستقلاله فحسب، بل هو أيضًا على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل ما يسمى بالـ«قوانين التاريخية فوق الإنسانية»(23).
“إن ما نسمّيه التقدّم هو العاصفة التي تدفع “مَلَاك التاريخ” نحو المستقبل الذي يدير له ظهره فيما تتنامى كومة الأنقاض أمامه حتّى السماء، هذه العاصفة هي ما نسمّيه التقدّم(24). إن حلم ماركس بمجتمع لا طبقي هو وحده الذي سيحرّر البشرية من “كابوس التاريخ”، وفقًا لتعبير جيمس جويس، حيث لا يزال التأثير النهائي لمفهوم القرن الثامن عشر – وإن كان طوباويًا – متألِّقًا”(25).
يكشف هذا المقطع، ذو القوة النقدية المثيرة للإعجاب، عن عناصر التشابه بين النهج التاريخي لدى حنّه آرنت ومثيله عند فالتر بنيامين: انتقاد لا هوادة فيه للبرجوازية ورفض أوهام التقدم، ويتجلّى هذا أكثر وضوحًا في النسخة الإنجليزية والأولى للكتاب في نيويورك عام 1951، عنه في النسخة الألمانية والثانية لعام 1955 (نتاج تعديل من قبل آرنت نفسها)، حيث استبدلت الرابط بين تراكم رأس المال وتعزيز السلطة والمفهوم البرجوازي للتقدم، بحجة أضعف بكثير وهي: “عدم الاستقرار الضروري” (notwendige Unstabilität) للدولة، الأمر الذي يتطلّب “تعزيزًا دائمًا للسلطة” (einen dauernden Machtzuwachs). كذلك اختفت الإشارة إلى ماركس وإلى يوتوبيا المجتمع اللاطبقي في طبعة 1955. ومن ناحية أخرى، وعلى العكس من ذلك، نجد ملاحظة مثيرة للاهتمام في الطبعتين، مباشرة بعد اقتباسها لفقرة من فالتر بنيامين، تقول آرنت: “كان الإمبرياليون أنفسهم يدركون تمامًا عواقب مفهومهم للتقدم، وبحسب المؤلفة (الممثلة بالكامل هنا)، والعضو في الخدمة المدنية بالهند، والتي كتبت تحت الاسم المستعار أ. كارهيل: “يجب على المرء أن يشعر دائمًا ببعض الشفقة تجاه أولئك الذين تسحقهم عربة التقدم المنتصرة”(26).
ما توضّحه الفقرات السابقة، أن هناك بُعدًا فكريًّا مشتركًا بين الفيلسوفين: النية الصريحة لكتابة التاريخ من خلال وجهة نظر المهزومين. في كتاب آرنت عن ضحايا الإمبريالية والشمولية والعنصرية ومعاداة السامية، نجد أيضًا أن صورة التطور كـ”عربة منتصرة” تسحق عددًا لا يحصى من الضحايا، موجودة بالفعل في أطروحات فالتر بنيامين، وسوف تعود آرنت إلى هذا المفهوم عدّة مرّات في أعمالها اللاحقة، تقول على سبيل المثال في ملحق لكتاب “حياة العقل”(27) (1977): “حين نقارن العالم الحديث بعالم الماضي، فإن فقدان الخبرة الإنسانية المرتبطة بهذا التطور أمر لافت للنظر للغاية، ليس التأمل وحده، حتى ولو في المقام الأول، هو الذي يضمن مستقبل الإنسان. لأنه إذا لم يتم تطبيق أي اختبار آخر غير تجربة النشاط، أو معيار آخر غير درجة النشاط المحض، على الأنشطة المختلفة داخل الحياة الفعالة، فمن المحتمل أن الفكر في حد ذاته سوف يتجاوزها جميعًا. أي شخص لديه بعض خبرة في هذا الشأن سيعرف صواب كاتو(28) عندما قال: Numqwrm se plus agere quam nihil cum ageret, numquam minus so/um esse quam cum so/us esset، “لا ينشط أبدًا إلّا حين لا يفعل شيئًا، لا يكون أقلّ وحدة أبدًا إلّا حين يكون وحيدًا.”
لا شك إذن أن تحليلات فالتر بنيامين في كتابه “أطروحات حول مفهوم التاريخ” قدّمت مرجعًا مهمًا لحنّه آرنت عندما كتبت الكتاب الذي ربما يكون الأكثر تأثيرًا لها: “حياة العقل”(29)، وهذا لا يعني أنها شاركت كل آراء بنيامين في كتابها، لكنه أثار فيها درجة معينة من اليأس؛ وفي نسخة 1955 من الكتاب نجد، في التعليق ذاته المقتبس سابقًا، قبل الإشارة إلى اسم “أ. كارهيل”، هذا التعليق الموجز: “هذه البديهيات الأساسية، وغيرها، ترد في “أطروحات حول مفهوم التاريخ”، وهو طرح يصعب فهمه وإن كان قابلًا لتفسيرات مختلفة، لأنه شكل مجزأ عمدًا، طبع في نسخ محدودة من قبل معهد الدراسات الاجتماعية عام 1942، وأتيح فقط وسط دائرة صغيرة من أصدقاء بنيامين”(30).
على الرغم من اهتمامها بأعمال صديقها، لم تقرّر حنّه آرنت أن تكتب شيئًا أكثر جوهرية عن حياة وأعمال فالتر بنيامين إلّا بحلول عام 1968، وقد أتيحت الفرصة من خلال مقدّمة الطبعة الأمريكية لمقالات فالتر بنيامين “إضاءات” Illuminations (نيويورك، 1968)، وهو المقال الذي أعادت آرنت نشره في كتابها “الرجال في الأوقات المظلمة” والذي صدر في العام نفسه، وشكل مقدّمة مهمّة للتعريف باسم صديقها في الولايات المتحدة وألمانيا، ترسم آرنت صورة فالتر بنيامين كفرد مميّز لا يضاهى، يمتلك “موهبة نادرة للغاية” تتمثّل في “المنحة الإلهية النادرة.. التفكير الشِّعري”، ومن خلال هذه الصيغة الواضحة، والتي كثيرًا ما تتكرّر في مقالها، تلمس حنّه آرنت بحدس كبير بُعدًا أساسيًا في عمل فالتر بنيامين، خاصة حين تقارب بين انحيازاته الفكرية وتقاطعاتها مع عوالم كاتب آخر ممسوس هو فرانز كافكا الذي، وفقًا لها، شارك معه “نثرًا قريبًا من الواقع بطريقة سحرية”(31)، وهو بلا شك أحد أسباب الانبهار الكبير الذي يمارسه فالتر بنيامين على قرّائه حتى اليوم.
يفتقد مقال حنّه آرنت عدّة جوانب مهمة، فنحن من ناحية لا نجد أي إشارات شخصية تقريبًا إلى بنيامين وصداقاته، أو حتى إلى محادثاتهما أو آرائهما السياسية والفلسفية خلال المنفى الباريسي؛ بل وفي وصفه جسديًا، تعتمد حنّه آرنت على شهادة طرف ثالث هو ماكس ريشنر(32)، فهل يُعزى ذلك إلى خوف معيّن لديها، أم إلى رغبة واعية منها في الحفاظ على مسافة، حتى ولو كانت تكتب عن صديق؟
كذلك، لا يناقش المقال الموسّع آراء بنيامين الفلسفية حول التاريخ، لفهم هذه الثغرة الغريبة، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار الحجّة التالية التي عبّرت عنها آرنت: “فلسفة فالتر بنيامين! هذه كلمة لا تضيف شيئًا إلى عالم بنيامين، ربما يكون قد درس الفلسفة، لكنّه مثل غوته لا يبدي لها إلّا القليل من الاهتمام، قبل وقت قصير من كارثة هتلر كان بنيامين قد بدأ العمل على عدة كتب لم يكملها أبدًا؛ وصفها بأنها ستحتوى كل الكوارث التي حدثت، ومن بينها: “المقالات في الأدب” و”الرسائل” وكتاب “عن الحشيش”، ولا يمكن لنا وصف أي من هذه الكتب بأنه فلسفي أو نظري”، وتعود لتضيف في حاشية أخرى: “باستثناء بعض المحاولات المبكرة، تشكل الصفحات المعرفية في مقدمة “أصل المأساة الألمانية” (1928) النص الفلسفي الوحيد ذو الأهمية لدى فالتر بنيامين”(33).
يبدو من الصعب الدفاع عن هذا الادعاء دون اختزال الفلسفة في شكلها المنهجي “التقليدي” (من أرسطو إلى هيجل)؛ أسلوب بنيامين الفلسفي مبني على الشذرة، مثل أسلوب نيتشه وأدورنو، ليست الوحدة الوثيقة بين السحر الشِّعري، من ناحية، (والذي لاحظته آرنت جيدًا) والعمق النظري، من ناحية أخرى، هي فقط ما يميّز أسلوب بنيامين الفريد والغامض، خاصة في بعض تحليلات كتابه “أطروحات حول مفهوم التاريخ”، الذي يبقى بلا شكّ واحدًا من أهم النصوص الفلسفية في القرن العشرين.
الغياب الثالث الملحوظ: فكرة المخلِّص الطوباوية واليهودية في فكر بنيامين، والتي تظهر في خلفية أطروحاته الأولى، ولكن أيضًا في كتابات متأخّرة له، كان الأمل في حضارة إنسانية عادلة وحياة خالية من الدماء والرعب بالنسبة لبنيامين، كما كتب في رسالة عام 1935 نقلًا عن آرنت: “مشكوك فيه للغاية”، لكنها تضيف التعليق التالي: “لم يعبّر أحد عن ذلك بشكل أكثر وضوحًا من فالتر بنيامين في أطروحاته الفلسفية التاريخية”(34)، وهذا صحيح، ولكن إذا كانت الأطروحات تؤكّد على عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل، فإن ذلك يتم أيضًا للإشارة إلى وجهة النظر اليهودية للوقت: “كل ثانية هي البوابة الصغيرة التي يمكن للمخلِّص أن يرجع من خلالها”(35). لم تغص آرنت لاستكشاف هذا الجانب!
يعتبر الجزء الأول من مقال آرنت، والذي جاء بعنوان: “الأحدب”، هو قبل كل شيء سيرة ذاتية مؤثّرة لفالتر بنيامين، تحت قوسي المحنة والحماقة، التي يمثلها “الأحدب” بشكل مجازي في أغاني العد التنازلي الألمانية، والتي اقتبسها بنيامين في مقالته عن كافكا، لكنّنا نجد بالفعل عناصر معينة في تفسير العمل، خاصّة فيما يتعلّق بعلاقة الكاتب بالماركسية، تقول آرنت بسخرية وذكاء: “ربما كان فالتر بنيامين أكثر الماركسيين غرابة، ونحن نعرف عدد غريبي الأطوار الذين أنتجتهم هذه الحركة”، وتضيف: “رغم اعتقاده الراسخ في الماركسية، لم يتخلّ بنيامين على الإطلاق عن الآراء التي عبرّ عنها في كتابات شبابه الأولى، ومن ناحية أخرى، فإن الحجّة التالية تبدو لي أكثر إثارة للتساؤل: “إن مدى ضآلة علاقة دراساته اللاحقة بالماركسيّة أو الماديّة الجدليّة، واضح من شخصيته المركزيّة: المتجوّل”(36).
يتجاهل هذا الكلام حقيقة أنّ بنيامين حاول تفسير شخصية المتجوّل لدى بودلير من وجهة نظر ماركسية (والتي كانت جديدة وشديدة الخصوصية)، وهكذا، في الفصل الذي يحمل عنوان “المتجوّل” من مقاله “باريس الإمبراطورية الثانية لدى بودلير”، يقتبس بنيامين مقطعًا من “حالة الطبقة العاملة في إنجلترا” لفريدريك إنجلز، يقول: “اللامبالاة الصريحة والعزلة القاسية لكلّ فرد، ضمن مصالحه الخاصة، أكثر إثارة للاشمئزاز والعار مع مرور الوقت”. وبعد بضعة أسطر يضيف التعليق التالي: “كلّما زاد وعي الإنسان بهذا النمط من الوجود الذي فرضه على نفسه ضمن نظام الإنتاج، كلما زادت بروليتاريته، وتغلّبت عليه برودة الاقتصاد السلعي، وقلّ ميله إلى التماهى مع السلعة”(37).
ومن ناحية أخرى، إذا كان صحيحًا أن شخصية المتجوّل تحتلّ مكانًا مهمًا في النصوص المحيطة ببودلير وتشرّده الباريسي، فلا ينبغي بأيّ حال أن ننظر إليها باعتبارها المفتاح الأكثر أهمية في الاستعارات البنيامينية، كما تقترح حنّه آرنت على سبيل المثال من خلال تقديم “مَلَاك التاريخ” في البيان التاسع من كتاب “أطروحات حول مفهوم التاريخ” باعتباره “التحوّل النهائي” لهذا المتجوّل، إن نظرة السائر الذي يتحرّك بلا هدف عبر الحشود ونظرة الملاك الذي يفكّر بقلق في كارثة الماضي، متباعدتان بقوة، ويبدو لي أن التفسير المقترح من آرنت عام 1951 في كتابها عن الشمولية أكثر أهمية: “مَلاك التاريخ سيمثّل موقف المؤرّخ الذي يتماثل مع الضحايا، مع أولئك الذين كانت تقودهم “عربة التقدم المنتصرة” لتسحقهم عجلاتها”(38).
أما الجزء الثاني من المقال، والذي حمل عنوان “الأزمنة المظلمة”، وعلى عكس ما قد يعتقده المرء، فليس دراسة لبنيامين في السياق التاريخي للفاشية في ألمانيا وأوروبا، بل تحليلًا رائعًا لصراع الأجيال (قبل عام 1933) بين المثقفين اليهود في أوروبا الوسطى(39) (فالتر بنيامين، فرانز كافكا)، اللذين أنكرا حقيقة معاداة السامية، وبين آبائهما، أعضاء تلك البرجوازية اليهودية المندمجة. وفي سياق محدّد نجد هنا التمييز بين خطاب المنبوذين اليهود، وخطاب المجدّدين، الذي يشكّل أساس رؤية حنّه آرنت الأصليّة، والمدمر للسردية التاريخية اليهودية.
توضّح آرنت بطريقة جليّة أن الصهيونيّة والشيوعيّة كانتا الشكلين الوحيدين للتمرّد المتاح أمام المثقفين اليهود في ذلك الجيل، حالة بنيامين فريدة من نوعها لأنه: “أراد إبقاء الطريقين مفتوحتين: الطريق المؤدّية إلى موسكو، والطريق المؤدّية إلى القدس، فما كان يهمّه في كلتا الحالتين هو انتقاد الوضع القائم، ورفض أوهام ونفاق البرجوازية”(40).
ما الذي جذب بنيامين إلى الماركسية؟
إذا كانت آرنت قد قدّمت تفسيرًا محدودًا للغاية في الجزء الأول من المقال، قائلة: “إن الجانب النظري الذي أبهر بنيامين بالتأكيد هو عقيدة البنية الفوقية”(41)، فإنها تقدّم في الجزء الثاني تحليلًا أعمق بكثير وأكثر ذكاءً: “إن ما جذب بنيامين إلى الماركسية، خاصّة في شكلها الشيوعي الثوري، هو راديكالية النقد الذي لم يكتف بالتحليلات المعاصرة للعلاقات القائمة، بل أخذ في الاعتبار التقليد الروحي والسياسي برمّته”(42).
إن نقد “التقليد الثقافي والسياسي للمنتصرين” هو في الواقع مركزي في إعادة تفسير بنيامين للمادية التاريخية، والتي تتطلّب، من خلال حركة جدلية تكميلية، خلاص تقاليد المهزومين من ثورة العبيد، من سبارتاكوس إلى “رابطة سبارتاكوس”(43) الألمانية عام 1919، ومن قبل صدامات يونيو 1848، وكومونة باريس وشخصية “بلانكي”(44) الذي “هزّ صوته المعدني القرن التاسع عشر”(45).
أمّا الجزء الثالث “غواص اللؤلؤ”، فيتناول طريقة بنيامين وأسلوبه الجديد والأصلي في الكتابة: جمع الاقتباسات بدلًا من التفكير المتخفي Thinking Incognito، تصف حنّه آرنت هذا النهج باستخدام صورة جميلة لغواص اللؤلؤ الذي ينزل إلى قاع البحر لينقّب في الأعماق عن الثمين والنادر من قطع اللؤلؤ والمرجان فيستخرجها، يتعمّق بنيامين في هذا النهج أيضًا ليغوص في أعماق الماضي مسلّطًا الضوء على المقاطع و”الظواهر البدائية” Urphänomenen بالمعنى الذي طرحه غوته، وهو ما قام بنيامين بمراجعته وتصحيحه في كتابه “أصل المأساة الألمانية”(46).
إن التشابه الذي ترسمه آرنت بين هذه الطريقة وطريقة هيدغر، والتي تتمثّل في نقل أجزاء من الماضي إلى الحاضر من خلال “عنف التأويل”، أو “العصف المميت” للأفكار الجديدة، مثير للاهتمام، لكن الاستنتاج الذي تستخلصه من هذه المقارنة: “كان لدى بنيامين في الواقع الكثير من القواسم المشتركة مع طريقة هايدجر دون أن يدري، أكثر من الخفايا الجدلية لأصدقائه الماركسيين”، يبدو لي غير مقنع(47).
إن المقارنة بين الجزء المقتبس سابقًا من كتاب “أصل الشمولية” (1951)، ومقالها الطويل عن فالتر بنيامين والمكتوب في 1968، يشهدان على الانبهار الدائم الذي أصاب تفكير آرنت بالمخطوطات التي أعطاها إياها صديقها في مرسيليا عام 1940، حتى لو تغيّر تفسيرها للنص بشكل كبير خلال تلك الفترة، أليس مصير الكتابات التي تنشأ من “التفكير الشِّعري” أن تكون قابلة للقراءات والتفسيرات على أوجهٍ متعدّدة؟
تكشف حنّه آرنت وفالتر بنيامين، كلٌّ بطريقته -المختلفة بالضرورة-، عن عظمة الوعي المنبوذ لدى المثقّفين اليهود في أوروبا الوسطى، ومحنته أيضًا، امتلك كلاهما بدرجة كبيرة، تلك الصفات المنبوذة التي تحدّثت عنها آرنت فيما يتعلّق براحيل فارنهاغن في رسالة إلى كارل ياسبرز: “هنا تكمن أشياء إيجابية كثيرة، كلّ ما ألخّصه بمصطلح الصفات المنبوذة (paria-eigenschappen)، هو نفسه ما سمّته راحيل فارنهاغن: “الواقع الحقيقي للحياة، الحب، الأطفال، الأشجار، الموسيقى. كلّ هذا يجعلك هشًّا بشكل ما تجاه الظلم”(48).
الهوامش
مايكل لوي Micheal Löwy (مواليد 1938): سوسيولوجي وفيلسوف ماركسي فرنسي برازيلي، ولد لأبوين من يهود فيينا ويعيش في باريس منذ عام 1969، نشر عدّة كتب في علم اجتماع الدين والثقافة والأدب، لا سيّما عن فالتر بنيامين وكارل ماركس وفرانز كافكا، حصل على الميدالية الفضية من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (1994)، وجائزة فالتر بنيامين الأوروبية (2020).
Michael Löwy، Juifs hétérodoxes: Romantisme، messianisme، utopie، Éditions de l’éclat، Paris، 2010، p.160 .Vertaling: Johny Lenaerts.
غيرشوم شولم Gershom Scholem (1897 – 1982): فيلسوف ومؤرّخ إسرائيلي ألماني المولد، يعتبر مؤسّس الدراسة الأكاديمية الحديثة للكابالا، تمّ تعيينه كأوّل أستاذ للتّصوف اليهودي في الجامعة العبرية بالقدس، يُعرف شوليم بأنه الشخصية الأكثر أهمية في مجال دراسات التصوف اليهودي.
فالتر بنيامين، غيرشوم شولم، المراسلات (1933 – 1940)، Frankfurt am Main ، Suhrkamp 1980، ص. 205.
هاينريش فريدريش إرنست بلوشر Heinrich Friedrich Ernst Blücher (1899 – 1970): شاعر وفيلسوف ألماني.
«راحيل أنتوني فريدريكه فارنهاغن» Rahel Antonie Friederike Varnhagen (1771 – 1833): كاتبة ألمانية استضافت أحد أبرز الصالونات في أوروبا خلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، والكتاب المشار إليه هنا هو السيرة الذاتية والفكرية التي كتبتها حنّه آرنت بعنوان «راحيل فارنهاغن: حياة يهودية» (1957)، والتي اعتبرت فيها «فارنهاغن»: «أقرب صديقاتها، على الرغم من أنها ماتت منذ ما يقرب من مائة عام».
رسالة بتاريخ 7 سبتمبر 1952 إلى كارل تيودور ياسبرز، المراسلات (1926-1969) ميونيخ، Piper 1985، ص. 233.
كارل تيودور ياسبرز Karl Theodor Jaspers (1883 – 1969): طبيب نفسي وفيلسوف ألماني سويسري، كان له تأثير قوي على اللاهوت الحديث والطبّ النفسي والفلسفة، أثّر كتابه «علم النفس المرضي العام» (1913) على العديد من معايير التشخيص اللاحقة، ودافع عن التمييز بين الأوهام «الأوليّة» و»الثانويّة»، تحوّل ياسبرز من الطب النفسي إلى البحث الفلسفي وحاول اكتشاف نظام فلسفي مبتكر، غالبًا ما كان يُنظر إليه باعتباره أحد الدعاة الرئيسيين للوجودية في ألمانيا، على الرغم من أنه لم يقبل بهذه التسمية.
فالتر بنيامين، غيرشوم شولم، المراسلات (1933 – 1940)، Frankfurt am Main، Suhrkamp 1980، ص. 295.
إليزابيث يونغ برويل، حنّه آرنت، باريس، Anthropos، 1986، ص. 116-117.
فالتر بنيامين، غيرشوم شولم، المراسلات (1933 – 1940)، Frankfurt am Main ، Suhrkamp 1980، ص. 304.
فالتر بنيامين، رسائل، رسالة بتاريخ 30 مايو 1946، Frankfurt am Main، Suhrkamp، 1966، ص. 810، وفي: حنّه آرنت وكارل ياسبرز، المراسلات، o.c، ص. 77.
رسالة من فالتر بنيامين إلى غيرشوم شولم بتاريخ 11 يناير 1940، فالتر بنيامين، غيرشوم شولم، المراسلات (1933 – 1940)، Frankfurt am Main، Suhrkamp 1980، ص. 316.
لورد Lourdes: مدينة في سفوح جبال البيرينيه جنوب غرب فرنسا، وتشتهر كموقع حج كاثوليكي رئيسي، حيث يزور الملايين في كل عام كهفماسابييل (أو مغارة الظهورات)، حيث يقال إن مريم العذراء ظهرت عام 1858 لامرأة محلية.
تيودور فيزنجروند أدورنو Theodor Wiesengrund Adorno (1903 – 1969): فيلسوف وعالم موسيقى ومنظّر اجتماعي ألماني، كان عضوًا بارزًا في مدرسة فرانكفورت للنظرية النقدية، ارتبطت أعماله بمفكّرين مهمّين مثل إرنست بلوخ وفالتر بنيامين وإريك فروم وهربرت ماركوز.
Portbou: مدينة في مقاطعة ألت إمبوردا الكاتالونية في إسبانيا، تقع بالقرب من الحدود الفرنسية في منطقة كوستا برافا.
فيكتور سيرج Victor Serge (1890 – 1947): وُلد باسم «فيكتور لفوفيتش كيبالتشيش»، كاتب وشاعر ومؤرّخ روسي ماركسي.
غيرشوم شولم: «فالتر بنيامين، قصّة صداقة»، Frankfurt am Main، Suhrkamp، 1976، ص. 281.
Messianisme : المسيحانية هي أي رؤية للحياة يؤسس البطل فيها إمبراطورية طوباوية في المستقبل، العديد من الديانات الرئيسة الأخرى لديها مسيحها/مخلِّصها الخاص، فهو المسيح في المسيحية، والمهدي في الإسلام، والمايتريا في البوذية، والكالكين في الهندوسية، والساوشيانت في الزرادشتية. كذلك يتم استخدام مفهوم المسيحانية كإشارة إلى المفهوم العقائدي الكامن وراء بعض الحركات السياسية مثل الماركسية والصهيونية الدينية، والكلمة مأخوذة من اليهودية.
إليزابيث يونج برويل، حنّة آرنت، ص. 210-217. وفي أوراقها المحفوظة لدى مكتبة الكونجرس بواشنطن نسخة من مخطوطات بنيامين التي كانت آرنت قد احتفظت بها لديها.
H. Arendt، Elemente und Ursprünge totaler Herrschaft: Antisemitismus، Imperialismus، Totalitarismus، New York، 1951.
توماس هوبز Thomas Hobbes (1588 – 1679): فيلسوف إنجليزي اشتهر بكتابه «الطاغوت» (1651)، والذي يشرح فيه صياغة مؤثرة لنظرية العقد الاجتماعي، ويعتبر من مؤسّسي الفلسفة السياسية الحديثة.
بالألمانية في الأصل: Supra-humane historische wetten.
تقتبس حنّه آرنت الفقرة الأولى هنا من فالتر بنيامين كما وردت في كتابه «أطروحات حول مفهوم التاريخ»، 1940.
حنّه آرنت: عبء عصرنا The Burden of Our Time، لندن، Secker and Warburg، 1951، ص. 143.
حنّه آرنت، عناصر وأصول الهيمنة الكاملة Elemente und Ursprünge totaler Herrschaft، Frankfurt am Main، 1955. ودار النشر الأوروبية، 1962، ص. 223-224.
Hannah Arendt، The Life of the Mind، 2 vols. p. 277، p. 278، (1977–1978).
ماركوس بورسيوس كاتو Marcus Porcius Cato (234–149) قبل الميلاد، معروف أيضًا باسم كاتو الرقيب الأكبر والحكيم، كان جنديًا رومانيًا وعضوًا في مجلس الشيوخ ومؤرخًا معروفًا بنزعته وسياساته المحافظة.
«حياة العقل» كان المشروع الفكري الأخير في مشوار حنّه آرنت، والتي خططت له أن يصدر في ثلاثة أجزاء، عكفت في عامها الأخير على الكتابين الأولين، وفي الليلة التي رحلت فيها (4 ديسمبر 1975)، كانت الصفحة الأولى من الجزء الثالث في الآلة الكاتبة، قامت صديقتها الكاتبة الأمريكية ماري مكارثي بتحرير العمل غير المكتمل، والذي نشر في مجلدين في عامي 1977 و1978.
حنّه آرنت، تفكير، أمستردام، Arbeiderspers، 1980، ص. 243. (باللغة الهولندية)
حنّه آرنت، عناصر وأصول الهيمنة الكاملة، o.c.، ص. 224.
ماكس ريشنر Max Rychner (1897 – 1965): كاتب وصحفي ومترجم وناقد أدبي سويسري يكتب باللغة الألمانية، نشر سيرة ذاتية لفالتر بنيامين، ووصفته حنّه آرنت بأنه: «أحد أكثر الشخصيات علمًا ومهارة في الحياة الفكرية آنذاك».
حنّه آرنت، سوزان سونتاغ: فالتر بنيامين، في علامة زحل، أمستردام، Octavo، 2021، ص. 49. (باللغة الهولندية).
السابق، ص. 82.
فالتر بنيامين: ولكن عاصفة تهبّ من الجنّة، مقالات فلسفية عن اللغة والتاريخ،Nijmegen ، SUN، 1996، ص. 153. (باللغة الهولندية).
حنّه آرنت، سوزان سونتاغ: فالتر بنيامين، في علامة زحل، أمستردام، Octavo، 2021، ص. 43.
فالتر بنيامين، «باريس الإمبراطورية الثانية لبودلير»، وفالتر بنيامين، بودلير، أمستردام، Arbeiderspers، 1979، ص. 52. (باللغة الهولندية).
حنّه آرنت: عبء عصرنا The Burden of Our Time، لندن، Secker and Warburg، 1951.
أوروبا الوسطى Mitteleuropa: مصطلح ألماني لا يُستخدم أو يُفهم بنفس الطريقة في جميع مناطق أوروبا، قد يكون له دلالات سلبية تنسب إلى الإمبريالية الألمانية، وقد تم تعريفه بطرق مختلفة مع مرور الوقت، ويختلف مفهومه في النمسا والتشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا ورومانيا وكرواتيا وشمال إيطاليا، وخاصة في فريولي وتريستي، عن ذلك الموجود في ألمانيا: أوروبا الوسطى تعادل الدول التي تفتّتت عن ملكية هابسبورغ السابقة، فيما يُنظر إلى مناطق مثل البلطيق والسهول الألمانية البولندية الشمالية على أنها «شمال أوروبا»، وأجزاء أخرى من ألمانيا على أنها «أوروبا الغربية».
حنّه آرنت، سوزان سونتاغ: فالتر بنيامين، في علامة زحل، أمستردام، Octavo، 2021، ص. 80.
السابق، ص. 40.
السابق، ص. 81.
«رابطة سبارتاكوس»Spartakusbund : منظمة ألمانية يسارية راديكالية ذات توجّه شيوعي، تأسّست عام 1915، في البداية تحت اسم «المجموعة الدولية»، قبل أن تغيّر اسمها إلى «رابطة سبارتاكوس»، في إشارة إلى العبد سبارتاكوس الذي توفي عام 73 قبل الميلاد بعد أن تمرّد على الرومان. وتولّى رئاسة الرابطة عدد من المثقفين الألمان من بينهم: كارل ليبكنيشت وروزا لوكسمبورغ وفيلهلم بيك، عارضت الرابطة بشكل أساسي مشاركة ألمانيا في الحرب وما يسمّى بـ Burgfriedenspolitik للحزب الاشتراكي الديموقراطي (أي التعاون بعيد المدى بين الديموقراطيين الاشتراكيين والحكومة الإمبراطورية). تحولت «رابطة سبارتاكوس» إلى التطرف بقوة بعد ثورة أكتوبر الروسية التي أوصلت البلاشفة إلى السلطة عام 1917.
لويس أوغست بلانكي Louis Auguste Blanqui (1805 – 1881): اشتراكي وناشط سياسي فرنسي، عُرف بنظريّته الثورية التي اشتهرت منسوبة إلى اسمه لاحقًا.
فالتر بنيامين: ولكن عاصفة تهبّ من الجنّة، مقالات فلسفية عن اللغة والتاريخ،Nijmegen ، SUN، 1996، ص. 149.
حنّه آرنت، سوزان سونتاغ: فالتر بنيامين، في علامة زحل، أمستردام، Octavo، 2021، ص. 103.
السابق، ص. 97.
حنّه آرنت وكارل ياسبرز، المراسلات، o.c، ص. 236.