– 1 –
كيف سنكتب عن الحب
نحن الذين فقدنا أطرافنا في حروب صغيرة!
نحن الذين تركنا الأشباح تلهو في غرفنا المعتمة
وجعلنا من النوم ملتقى لندامى الغياب!
كيف سنذهب إلى الحب بأقدامنا القصيرة
نحن الذين جلسنا طويلا خلف النوافذ
ثم ارتبكنا كطَرَقات على أبواب مخلعة.
كيف سنتذوق بكل هدوء
عسل كل هؤلاء الشعراء
نحن أبناء اللغة المُرّة ،
أصحاب الندوب الغائرة
حتى آخر الموت !
– 2 –
جرحٌ بسيطٌ أسفلَ الركبة
وآخرُ في القلب،
لا شيء يستدعي هذا الترنّح،
بينما يرندح الصامتون
أغنيةً حزينةً عن الهجران وعن الحرب.
الصامتون اللاذعون،
الغائرون في نُدبٍ قديمة،
الصاخبون كأصواتِ استغاثة،
النائمون في الصوت وفي همهماتِ القتلى،
يخافون أطيافَهم في ظلال الكلام
وأخاف من طيفيَ اللاهثَ في موكب أشباحهم.
لا شيء يستدعي هذا النصّ:
جرحٌ بسيطٌ في قلبِ اللغة،
ولعنةٌ عابرةٌ كصوت.
– 3 –
في الزاوية أجلس،
أستمتع برؤية النساء اللواتي خرجن مني إلى نزواتهن،
إلى حفلاتهن،
إلى الخيّاطة ككذبة مثيرة في فيلم مصري قديم.
في الزاوية،
بعطر بريّ، بأفكار خرافية،
بإيمان مطلق بالأشباح تلهو في الدار المسكونة فوق غرفتي،
بكحل كثيف فوق العين وفي القلب،
بشَعر أحمر وسحنة شاحبة،
أستمتع برؤية الرجال الذين خرجوا مني،
إلى نزواتهم، الى حفلاتهم ،
إلى أمهاتهم ككذبة عتيقة
في فيلم مصري قديم.
– 4 –
سنتوارث البيوتَ في قصص الجانّ،
تصير الغرفُ الموحشة أكثرَ أُلفة،
تسقط عن أجسادنا أحزان،
من أعيننا أحِبّة.
سيخيب ظنُّ الشعرِ بما ادّعى طويلًا،
يصير الغناءُ شاحبًا،
والرقصُ وجهةَ نظر.
ستلتئم الجروحُ والخيباتُ والأمزجة.
مع الوقتِ سنهدأ.
لا فرق بين ما كتبنا وما عشنا،
سوى ما تدلّى من أعلى الصراخ إلى صمتنا،
حين كانت حبالُنا الصوتيّةُ مشانق،
ونزيفُنا الحادُّ محبرة.
– 5 –
لم أخبئ للغيب ذهبا
لا ولدا ، لا عشقا.
صرفت ُ ما في الجيب على الألعاب النارية،
على الطائرات الورقية.
أنفقت قلبي في دكاكين الورد،
في محال الأغاني،
الشريط يدور
حياتي تدور
كنت الآه العالقة في حنجرة المغني،
كنت آخ الدامعين من هول الموسيقى،
لم أترك للغد بخشيشا
ولا سددت للتاريخ أقساط عمري.
– 6 –
وكنت أرتدي الأحمر كثيرا،
كان دمي عاريا،
كان جرحي فاضحا،
كان الثور المجنّح
يرقص طربا لموتي،
كانت الخرافات كِسوتي.
كنت كائنا ساخرا برأس
امرأة وجسد سفينة،
هكذا غرقتُ لم تعرفني موجة
ولا بكى لأجلي رجل.
فيوليت أبو الجلد *