النَّدَى يَحْتَكُّ بِالْوَرَقَةِ نَاعِمًا
حَتَّى الْغُبَارُ الْوَحْشِيُّ
يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ بِهُدُوءٍ.
مُعْظَمُ الثِّمَارِ تَنْضُجُ فِي الصَّيْفِ
ثَلاَثَةُ فُصُولٍ تُتْقِنُ تَعَبَهَا
لأَجْلِ ثَمَرَةٍ وَاحِدَةٍ.
«إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا
فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.»
وَإِنْ نَظَرَتْ هِيَ؟
تُرَاهَا تَضِجُّ بِأُنُوثَتِهَا
شَجَرَةُ الْخَوْخِ الْعَارِفَةُ
لِتَشْتَهِيَنِي؟
بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَأَخْضَرَ وَاحِدٍ وَشَمْسٍ وَاحِدَةٍ
تُرْوَى الثِّمَارُ كُلُّهُا
إِلاَّ ثَمَرَةُ الجَسَدِ؛ بِارْتِكَابِهِ.
عَلَى زُجَاجِ النَّافِذَةِ الرَّطْبِ
كَتَبْتُ: أُحِبُّكِ
رَغْمَ يَقِينِي بِجَفَافِ إِصْبَعِي.
زَغَبُ الطُّيُورِ ضَعْفُهَا
زَغَبُ وَرْدَتِهَا قُوَّتِي
بِهَا يَنْتَصِبُ دَمِي شَاعِرًا.
المَسَافَةُ بَيْنَ نَهْدَيِّ الْقَصِيدَةِ وَسَاقَيْهَا
أُضِيئُهَا بِانْبِهَارِي
كُلَّمَا اخْتَفَتْ أَعْمِدَةُ الطَّرِيقِ.
تُنْزِلُ لِي سِيَاجَ حَقْلِهَا
أَدُسُّ يَدِي تَحْتَ حَرِيرِ حُرِّهَا المُبَاحِ
ثَمَّةَ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ لِقِطَافِي.
بِحَائِهَا وَهَائِهَا
تُكْمِلُ أَبْجَدِيَّتِي الْتَرْتَجِفُ
وَشْوَشَةُ دَغْلِهَا الصَّغِيرِ.
إِذًا أَنَا هُنَا
عَصَافِيرُ الدَّرَجِ إِلَى الأُرْجُوحَةِ
غَيَّرَتْ حَنَاجِرَهَا إِذِ اسْتَعْذَبَتْنَا.
يَزْدَادُ ارْتِفَاعًا
عَمُودُ شَمْعَةِ الشَّهْوَةِ
كُلَّمَا هَبَّتْ عَلَيْهَا رِيحٌ عَانِسٌ.
حَتَّى الْقَمَرُ مَحَا الْغُيُومَ عَنْ وَجْهِهِ
بِحَرَكَةٍ مُرْتَبِكَةٍ
وَأَخْفَانَا تَحْتَ ضَوْئِهِ.
بِإِطْلالَةِ فَمِي
رَضَعْتُ رَحِيْقَ رَحْمِهَا
قَبْلَ أَنْ تَكْتَمِلَ وِلاَدَتَي مِنْهَا.
أَبْقَتْ زَغَبَ وَرْدَتِهَا
كَيْ أَمُرَّ نَهِمًا عَلَيْهِ إِلَيْهَا
بِلِسَانِي العَارِيِّ.
أَتْرَعُ نَهْدَيْهَا بِأَصَابِعَ وَجَعٍ
لأَوَّلِ مَرَّةٍ
تُعَرِّفُنِي الأَلَمَ الشَّهِيَّ.
مِنْ عَلَى شَفَا شَفَةِ الرَّحِيقِ
يَنْسَابُ لَحْنُ تُوَيْجِهَا
دَوِيَّ آهَةٍ شَرِسَةٍ.
فِي انْصِهَارِنَا
تَصَبَّبَتْ بِلَّوْرَاتُ عَرَقِي فَوْقَ عَيْنَيْهَا
لآلِئَ تَزِيدُهَا فِتْنَةً.
فِي بُحَيْرَةِ سَرِيرِهَا
أَتْقَنَتْنِي السِّبَاحَةُ مُهْتَزًّا
بِارْتِكَازِي الثَّابِتِ.
مَاءٌ عَلَى مَاءٍ
يَفُورَانِ مَعًا
غَلَيَانَ غِنَاءٍ غَرِيقٍ.
«دَعِ اسْتِرْخَاءَكَ يُطِيلُ إِقَامَتَهُ»
هكَذَا تَتَفَوَّهُ حِكْمَةُ النَّشْوَةِ
قَبْلَ أَنْ يَقْصُرَ النَّايُ فِي لَحْنِهَا.
أَنْهَضُ عَنْهَا بَعْدَ كُلِّ قَطْرِي
هِيَ تُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَ سَاقَيْهَا
إِذْ يَبْدَأُ ضَجِيجُ هَيَاجِهَا المُفْرَدِ مِنْ جَدِيدٍ.
ذَاتَ صَبَاحٍ خِلْتُهُ لِي
لَوْلاَ بُقْعَةٌ ضَرِيرَةٌ ضَلَّتْ مَسَارَ إِنَائِهَا
فَفَقَأَتْ حَنِينِي.
أَخْطِفُهَا مِنْ يَقْظَتِهِ الدَّوْرِيَّةِ عَلَيْهَا
بِاحْتِلاَمِ المَنَامِ
تِلْكَ الْيَمَامَةُ الْجَرِيحَةُ بِرَغْبَتِهَا.
لاَ يَغْسِلُ الْبَيَاضَ الَّذِي ضَجَّهَا
وَتَرَكَهَا جُثَّةً نَضِرَةً
خَبَبُ صَبَاحِ الْقَهْوَةِ عَلَى لِسَانِي.
سَيَقْطِفُكِ وَتَعُودِينَ لِي
سَتَعُودِينَ لَهُ وَأَقْطِفُكِ
لأَغْفِرَ لَكِ خَطِيئَتِي.
عِبَارَةٌ شِعْرِيَّةٌ لِغَزَالٍ جَرِيحٍ
وَخَاتَمٌ دُونَ إِصْبَعِهِ
فَرَوَاحٌ فَالِقٌ لِلرُّوحِ.
هَلْ تَصْلُحُ المَخَالِبُ المُنْتَصِبَةُ لِلطَّيْرِ
أَنْ تَكُونَ تَعْوِيضًا
عَنْ مَرَضِ الأَجْنِحَةِ؟
لأَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ إِعَادَةَ الْجَمَالِ
الَّذِي يَلْتَصِقُ عَلَى أَصَابِعِي
لاَ أَلمَسُ جَنَاحَيْ الْفَرَاشَةِ.
مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة
شاعر من فلسطين