على سبيل التوطئة:
ليس تسريد(2) المستقبل في الفن الروائي بالظاهرة الجديدة في فكرتها العامة، فقد شُغِل بها الروائيون منذ مدة ليست بالقصيرة، ولكنها أخذت تثير هواجسهم على نحو متصاعد في السنوات الأخيرة، وراحت تشحذ أخيلتهم موضوعيا وفنيا، عربا وأجانب على حد سواء، ففي السنوات الخمس الأخيرة صدرت عدة روايات عربية وعالمية عمدت إلى صناعة ذاكرة للمستقبل، بجعله حاضرا في اللحظة الراهنة (لحظة الكتابة) أو بتسريده حدثا ماضيا تجري استعادته في تداخل زمني يذيب الفواصل ويعيد بناءها من جديد.
ونشير إلى أننا لا نروم في هذا السياق رصد بدايات الجنوح إلى “تسريد المستقبل” في الجنس الروائي العربي، كما لا نروم تتبع الظاهرة على مدى تاريخ الفن الروائي عالميا أو عربيا، ولكننا نسعى إلى الوقوف على الظاهرة في بعديها الفني والموضوعي، في محاولة للخروج بسمات تميز هذا النوع من الفن (المستطلع) إلى ما وراء حجب المستقبل.
ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ما هي الأسباب التي تحمل الروائيين على تحويل المستقبل إلى نص سردي؟ وما هي آفاق التخييل التي تنطلق في أساسها على المحتمل والممكن لا على الحاصل والمنجز؟ هذا إذا ما افترضنا سلفا أن تسريد المستقبل ينهض برمته على الخيال المحض، لينسحب الواقع إلى أدنى مستوياته إن لم ينعدم تماما، الأمر الذي يجعل من التناول النقدي باعثا على الكشف عن ملامح جديدة للفن الروائي وإمكاناته التي ما انفكت تثبت على الدوام أنها غير محدودة.
وإلى ذلك فإن الشعور تجاه الزمن لم يتغير “على نحو جذري مثلما تغير في القرن العشرين، ولا اكتسب من الأهمية في أعيننا مثلما اكتسبه [ذلك] القرن”(3) بل إن حضارة اليوم باتت تنظر إلى العالم “كتاريخ تمييزا عن العالم كطبيعة، وبذلك أصبح لديها إحساس بمنطق الزمن إلى جانب منطق المكان”(4) بل إن “معنى وعي الاستمرارية التاريخية، إحدى السمات التي يتميز بها الإنسان المنتمي إلى الحضارة التي هي (أو كانت) حضارتنا. كل شيء يتّخذ مظهر تاريخ في نظرنا، ويتبدى تقريبا كتسلسل منطقي للأحداث والمواقف والأعمال”(5)
وقد بدا أن التسارع في وتيرة الأحداث في العالم على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعلمية هو الباعث الأساس على تشييد عوالم سردية قائمة على التوقع في زمن افتراضي آتٍ، بعدما أصبحت المعطيات المعيشة في واقع اليوم قادرة على ترتيب سيناريوهات مستقبلية تقوم مقام النتائج لأسباب الحاضر، “ومن ثم فإن حدود منظور المستقبل تتسع أمامنا باستمرار، وتنفتح أمام أعيننا المتلهفة آفاق أرحب وأرحب في تتابع سريع”(6)، أو كما عبر وايتهد: “في الماضي كانت الفترة الزمنية التي يستغرقها أي تغيير مهم أطول كثيرا من عمر الكائن البشري، ولذلك ربت الإنسانية نفسها على التكيف مع أوضاع ثابتة. أما اليوم فإن هذه الفترة الزمنية أصبحت أقصر كثيرا من عمر الفرد”(7). وإذا كانت صورة الحاضر متحولة عن الماضي كما تقتضيه ضرورة التعاقب والتراتبية الزمنية، وما دام بدَهيا أن يكون المستقبل نتاجا للماضي والحاضر، فإن العكس صحيح بالضرورة؛ فالماضي والحاضر هما من ضرورات المستقبل ومتطلباته: أي أن الحاضر نتيجة للمستقبل.
ومن الروايات العربية التي اشتغلت بهاجس المستقبل وعملت على (تسريده) بأكثر من مستوى في السنوات الخمس الأخيرة على سبيل المثال لا الحصر: رواية “فئران أمي حصة” للكويتي سعود السنعوسي التي صدرت في عام 2015م، ورواية “2084/ نهاية العالم” للجزائري بوعلام صنصال الصادرة في العام نفسه 2015، ورواية “حكاية العربي الأخير 2084” للجزائري واسيني الأعرج الصادرة في عام 2015 أيضا، ورواية “حرب الكلب الثانية” للفلسطيني إبراهيم نصر الله الصادرة في عام 2016م، الحائزة على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية في العام 2018م.
وفي العام 2018م صدرت مجموعة روايات عربية تحمل هاجس المستقبل بما يحتمله من نبوءات يغذّيها الواقع بأشكال عدة، منها على سبيل المثال: رواية “عام 3000” للعماني سالم آل تويّه، ورواية “تراب” للكويتي حسين المطوع، ورواية “حرب أمريكية” المكتوبة بالإنجليزية للمصري عمر العقاد ونقلها إلى العربية مجدي عبد المجيد خاطر، وغيرها من الروايات التي تقصر هذه السطور عن الإحاطة بها.
دون أن نغفل – كما تقدم – أنه قد سبقتْ هذه بزمن ليس بقصير الروايات العالمية المسرِّدة للمستقبل، منها على سبيل المثال: رواية “عالم جديد شجاع” للإنجليزي ألدوس هسكلي، وكتبها في عام 1931 ونشرت في عام 1932م، واعتبرها موقع ويكيبيديا بأنها أول رواية تكتب من هذا النوع(8)، على الرغم من صدور رواية “أخبار ليست من أي مكان” لويليام موريس قبلها بأربعين عاما، في عام 1890م(9).
ومن أعلام روايات المستقبل (أو الروايات المضادة لليوتوبيا) رواية “نحن” للروسي يفغيني زمياتين، التي كتبها في عام 1920م، ولم تظهر كاملة إلا في عام 1952م، قبل أن تصدر باللغة الروسية في عام 1988م. والإنجليزي جورج أورويل برواية “1984” التي صدرت في عام 1949م، ورواية “فهرنهايت 451” لراي برادبوري التي صدرت في عام 1953م، ورواية “الواهب” للأمريكية لويس لوري التي صدرت في عام 1993م، ومؤخرا رواية “استسلام” للفرنسي ميشال ويلبيك التي صدرت في عام 2015م في صبيحة حادثة شارلي إيبدو الشهيرة، لتضيف إلى جدليتها الموضوعية، مصادفة التوقيت التي ألقت بظلالها على فرنسا والعالم كله تحت ما بات يعرف بالإسلاموفوبيا(10)، وغيرها من الروايات، التي شكّلت عوالمُ بعضِها قاعدةً انطلقت منها رواياتٌ عربية عملت على سحب ظلالها السياسية على العالم العربي(11)، كما حدث مع الجزائريَيْن واسيني الأعرج وبوعلام صنصال، في استعارتهما لعوالم رواية جورج أورويل “1984”.
إذن، نحن أمام هاجس كبير هو المستقبل، يتجلى روائيا على نحو واضح، وازداد كثافة في السنوات الأخيرة، تناوله الروائيون بثيمات وصور مختلفة، وأعملوا فيه تقنيات متنوعة، وفي المقابل قلما وجدنا الدراسات النقدية معنية بنحو خاص بهذا النوع من التسريد المشغول بالمستقبل، وإذا ما دُرِس، فإن ذلك يكون ضمن دراسة الزمن على امتداد خط لحظاته الثلاث، أشهرهم كونديرا(12) وبول ريكور(13) ومندلاو(14) وكريستوف بوميان(15)، على سبيل المثال لا الحصر. فضلا عن وجود وحدات بحثية تحت ما يسمى بـ “تاريخ المستقبل” أو “علم المستقبليات” Future Studies في بعض الجامعات الغربية(16)، ولا يعدم الباحث العثور على دراسات علمية لا حصر لها تعنى بالمستقبل ونبوءاته على الصعُد العلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية(17). بيد أن “تسريد المستقبل” على مستوى الدراسات النقدية والأدبية في الجنس الروائي ما يزال بكرا كما أحسب خارج الدراسات المشغولة بالزمن – كما تقدم.
ولكن هل من فائدة خاصة في دراسة روايات المستقبل أو “تسريد المستقبل” مستقلا عن الدرس النقدي الروائي العام لمجرد أنها تعنى بزمن المستقبل؟ أليس في ذلك إشارة إلى أن هذا النوع من الروايات يتطلب تلقيا (خاصا)، مما يعني بالضرورة أننا أمام نصوص (خاصة)، تقودنا في النهاية إلى نتائج (خاصة) أو سمات تخص روايات المستقبل قد تختلف أو تشترك مع جنس الرواية بشكل عام؟ هذا ما نفترضه هنا، ونحاول مقاربته في السطور القادمة.
كسر قاعدة القواعد
أول ما يواجه هذا النوع من التسريد هو ما أسماه ميلان كونديرا بكسر قاعدة القواعد؛ لأن “الراوي يحكي ما جرى، لكنّ كل حدث صغير، بعد أن يمسي ماضيا، يفقد طابعه الملموس ويستحيل إلى صورة شبحية. السرد هو ذكرى، إذن اختصار وتبسيط وتجريد. والوجه الحقيقي للحياة، للغة النثر في الحياة، لا يوجد إلا في الزمن الحاضر، لكن كيف نروي أحداثا منصرمة ونعيدها إلى الزمن الحاضر الذي افتقدته؟”(18) فإذا كان الماضي المجرّب يفقد طابعه الملموس – حسب كونديرا – فكيف الحال إذن بالمستقبل غير المجرّب ولا طابعَ يُدرك له بعد، ولا ينتمي إلى الخبرة المسبقة للكاتب والقارئ خارج خيالهما المحض؟ وإذا كان القارئ يستحضر تجاربه المعيشة يستعين بها في تخيل عالم الرواية، فكيف يستحضر ما لم يخبر ويرَ في زمن افتراضي؟
وأمام تساؤلاتنا هذه يذهب كونديرا أبعد من ذلك عندما يقول: “عندما قام سحر الرواية على الاستحضار البصري والصوتي للمشاهد، أصبحت محاكاة الواقع قاعدة القواعد: الشرط اللازم (sine qua non) حتى يصدق القارئ ما يراه”(19)
وهكذا نعي أن الحديث عن تسريد المستقبل يصبح أمرا بالغ الصعوبة، ويستلزم من الكاتب جهدا أكبر لجعل القارئ يصدق ما يرى ويقرأ. ولكن هل تفي وسيلة استحضار الماضي – كما يقترحها كونديرا – في استحضار المستقبل؟ يقول: “نعثر في الرواية على الإجابة: عرض الماضي في مشاهد. المشهد، حتى المروي في زمن الماضي النحوي، هو أنطولوجيا الحاضر: نراه ونسمعه، يحدث أمامنا، هنا والآن”(20)
قياسا على ذلك، يصبح السبيل إلى استحضار المستقبل – إذا ما استعرنا إجابة كونديرا في استحضار الماضي – هو من خلال عرضه في مشاهد نراها ونسمعها، تحدث أمامنا، هنا والآن، رغم الاختلاف بين الماضي والمستقبل في كون الأخير لا يطابق الواقع كما حدث ويحدث، بل كما سيحدث – أو لا يحدث – ليصبح الكاتب أمام تحدٍ بجعل قارئه – رغم ذلك – يصدق ما يقرأ على نحو مضاعف.
ومثله يرى مندلاو بأن استحضار المستقبل في القصة الطوباوية ينطوي “على صعوبات من نوع خاص، فهي توحي ضمنا بأنها كتبت في وقت ما في المستقبل أبعد مما تصفه أحداثها، بحيث تقع الأحداث في الماضي النسبي للكاتب الوهمي وإن تكن في مستقبل القارئ. ومع أن القراء اعتادوا القيام بنقلة خيالية من الماضي الذي تكتب فيه الروايات جميعها إلى “حاضر تخيلي”، فإن نقل صيغة الماضي إلى المستقبل كرونولوجي يحس به الخيال كحاضر تخيلي يعتبر زائدا عن الحد، فالتخيل التام للمستقبل قلما يتم إيصاله”(21)، ولكنه يصل بنا في النهاية إلى أن عرض المستقبل في مشاهد – كما يقترح كونديرا – ليس وحده ما يقرب المستقبل من القارئ، بل إن “كثيرا من الروايات تبدأ من مشهد معاصر لتعود إليه في ذروة القصة”(22) لتتغلب به على صعوبة إيصال التخيل التام للمستقبل.
ويبقى أن إدراك الكاتب والمتلقي على حد سواء بأن الحدث متطور بالضرورة ومتحول إلى غيره متى ما توافرت الشروط الداخلية المؤدية إليه، يرسم المآلات القادمة في زمن النص، بناء على الصيرورة الطبيعية للأشياء، وعلى الصيرورة الداخلية في واقع النص الذي يشيّد عالمه الخاص ويحقق تماسكه وتجانسه الداخليين، لأن الواقع الراهن يشترك مع واقع النص، في أن الكاتب والقارئ يشكلان العنصرين المشتركين بينهما، كونهما الوسيط الذي يصل العالمين ببعضهما، في الجمع بين اللحظة الواقعية (الزمن الحقيقي)، واللحظة الوهمية (زمن النص)، فـ “هذه اللحظة التي نعرفها جميعا ونطلق عليها الحاضر هي النقطة التي تتوسط فعل النظر إلى الوراء وفعل النظر إلى الأمام”(23) ويشكل الأربعة معا: الزمن الحقيقي، القارئ، الكاتب، الزمن النصي/ الوهمي، جزءا من التغير الجوهري في وعينا بالزمن، لأنه عندما “أبصر القرن التاسع عشر النور إبان عقود من الانفجارات التي غيرت مرارا وكليا وجه أوروبا كلها: تغير شيء ما جوهري في وجود الإنسان حينئذ، وباستمرار: أصبح التاريخ تجربة كل شخص؛ وبدأ الإنسان يفهم أنه لن يموت في العالم ذاته الذي ولد فيه، وأخذت ساعة التاريخ الحائطية تعلن الزمن بصوت مرتفع، في كل مكان، حتى داخل الروايات التي احتسب زمنها على الفور وتحدد”(24) فأمكن مع وقع هذا التسارع رؤية القادم وتجسيده فنا يجعل من المستقبل أقرب مما كان في الدهور السحيقة التي كان الزمن يسير فيها ببطء، وتحولاته الصغرى – فضلا عن الكبرى – تستغرق وقتا أطول في إحداث تبدلاتها، حسب ما مر بنا من رأي وايتهد.
وقد يكون من المناسب تسجيل ملاحظتين مهمتين انطلاقا من رأي مندلاو الذي سقناه آنفا؛ أما أولاهما: فهي أن الكاتب الضمني في روايات المستقبل كاتب وهمي أبدا، موجود في زمن وهمي ويحكي أحداثا وهمية، ومحاولات القارئ لإجراء أية مطابقة بين الكاتب الحقيقي والكاتب الضمني لن تجدي نفعا بأي حال من الأحوال؛ لأن الإيهام بالواقع لا يتحقق إلا بتواطؤ كبير من القارئ، وبتنازل شديد منه، واقتناع متعمد بأن النص لا يقبل المطابقة مع الواقع، لأنه لا يطابق زمن الكاتب ولا زمن الكتابة، وإن طابق في زمن آخر زمنَ القارئ. وثانيتهما: إن قارئ روايات المستقبل يحتاج إلى استعداد خاص – كما افترضنا سابقا – وبدون هذا الاستعداد تتضاءل نسبة إيصال التخيل بالمستقبل أكثر مما هي ضئيلة حسب ما ذهب إليه مندلاو.
المستقبل والذاكرة
ما دمنا نتحدث عن المستقبل، فلماذا نستدعي الحديث عن الذاكرة بما هي ماض حسب تعبير أرسطو(25)؟ في الواقع، إن ربطا كهذا ليس مرده ما ذهب إليه بول ريكور من أنه “يجب علينا أن نمتلك إدراكا لمعنى الماضي لو أننا أردنا لخططنا المستقبلية ألا تتحول إلى مجرد “يوتوبيا” فارغة”(26) وحسب، وليس فقط لأن الماضي يفسر المستقبل حسب هيدجر: “إننا نكتسب هوية ما من خلال محاولة إضفاء نظام على ماضينا بواسطة إعادة سرده وإعادة تفسير ما حدث. وليس هذان التوجهان صوب المستقبل من جانب وصوب الماضي من جانب آخر بمتضاربين”(27) ولكن الأمر متعلق كذلك بأن كليهما: الماضي والمستقبل معا يعتمدان على الاستحضار في اللحظة الراهنة/ الحاضر، باستدعائهما من زمنهما البعيد إلى الآن، سواء بسردهما في مشاهد تقربهما من سمع القارئ ونظره – حسب كونديرا – أو بجعل المستقبل ينطلق من نقطة ما في الماضي يعود إليها مع تقدم ذروة القصة – حسب مندلاو.
نقول إن ربطنا بين المستقبل والذاكرة ليس بسبب ما تقدم من آراء ريكور ومندلاو وحسب، ولكن لأن الأمر متصل بمرجعية يتفق عليها الكاتب والقارئ معا، تكون بمثابة المنارة التي تهدي سفينة السرد السابحة في لجة المستقبل المجهول، أو بمثابة الوميض الذي يرشد الخيال المحلّق ليعرف موضعه من السماء برؤية الأرض تحته.
وخلاف ذلك، فإن تسريد المستقبل يجعل من الذاكرة مادة وموقفا، وليس قيمة وحسب، وهذا ما سنعمد إلى معاينته من خلال مقاربة ثلاث روايات عربية عنيت بتسريد المستقبل على ثلاثة مستويات، والروايات هي: رواية “فئران أمي حصة” لسعود السنعوسي(28)، ورواية “تراب” لحسين المطوع(29)، ورواية “عام 3000” لسالم آل تويّه(30). وسبب هذا الاختيار ليس انتماءها إلى جغرافية واحدة وحسب، ولكن لأنها ترسم صورة للمستقبل وفقا لثلاث رؤى سردية متمايزة عن بعضها تمايزا واضحا، مما يتيح تنوعا على مستوى الرؤية والحدث والثيمة؛ فإذا كانت الأولى تذهب في تسريدها إلى المستقبل القريب، عام 2020، لتؤثث صورة ديستوبية للكويت على مرمى خمس سنوات فقط من تاريخ صدورها، فإن رواية “تراب” تسرّد مستقبلا ارتداديا، مستقبلا رجعيا، يذهب في الزمن إلى الأمام، ولكنه على مستوى الحدث يرتكس إلى زمن مظلم يعيد تكرار الماضي. أما رواية عام 3000 فإنها رواية خيال علمي تصور عالما لا يشبه عالم اليوم وإن كان امتدادا له.
فإذن تضعنا الروايات الثلاث أمام ثلاثة أشكال من المستقبل ليس على صعيد التوجه العام/ سياسي اجتماعي علمي وحسب، ولكن على المسار الزمني أيضا ما بين قادم قريب، وقادم بعيد، وقادم يشبه الأمس السحيق. وسنحاول مقاربة هذه الروايات من خلال الإجابة على سؤالين اثنين:
– ما هي صور المستقبل وثيماته التي جسدتها الروايات الثلاث في تضاعيفها؟ وكيف تحددت علاقة ذلك كله بزمنها الافتراضي؟
– كيف تحددت علاقة المستقبل بالذاكرة بما هي ماضٍ؟ وما أشكال الحضور الموازي للذاكرة إلى جوار المستقبل؟
وتجدر الإشارة إلى أن الحديث عن تسريد المستقبل يستدعي الاعتناء بنقطتين مركزيتين:
أولاهما: أن الحديث عن (المستقبل) إنما هو حديث عن (الممكن والمحتمل) على مستوى الحدث، مما يعني أن مادة سرد المستقبل هي الخيال، وهو ما يفتح بابا واسعا تدخل ضمن حقله روايات التخييل العلمي – كما تقدم – بما أنها جميعا مشغولة بهاجس المستقبل. رغم أن مصطلح “روايات التخييل العلمي” أكثر شيوعا من مصطلح “روايات المستقبل” في الدرس النقدي، غير أننا لم نجد مبررا للفصل بينهما ما دام الأساس الذي نعنى به هو زمن المستقبل وتسريده في النص الروائي – مع ضرورة التنبّه إلى أن الفارق بين (روايات المستقبل) و(روايات التخييل العلمي) يمثُل في أن الأولى تحوك أحداثها من واقع مأزوم تصدر عنه، وتتشوّف إمكان ما يصير إليه، والثانية مرتبطة بإمكان التطوّر العلمي، وما يُمكن أن ينجزه. وهذان المصطلحان (روايات المستقبل، وروايات التخييل العلمي) يستدعيان بالضرورة إلى جوارهما مصطلحين آخرين – لدى الحديث عن تسريد المستقبل – هما: اليوتوبيا والديستوبيا، بما أنهما عالمان لا واقعيين، وأنسب موضع لهما هو الخيال الذي يسكن المستقبل بصوره المختلفة.
ثانيهما: أنه في التعاطي مع نصوص تسريد المستقبل يكتسب (زمن الكتابة/ زمن النشر) أهمية اعتبارية؛ فالمستقبل في الرواية ليس مستقبلا إلا بالقياس إلى (الحاضر/ لحظة التسريد)، لذلك فإن قارئ رواية 1984 لأورويل – مثلا – في هذه اللحظة الراهنة من العام الحالي 2018م، ستغيب عنه قيمتها (التنبؤية الجمالية) إذا ما غابت عنه معرفة زمن الكتابة، وقد أصبح المستقبل – الذي كان (مستقبلا) في لحظة الكتابة – ماضيا في لحظة القراءة، دون أن نعني ذلك حتمية تحقق النبوءة أو الرؤية المستقبلية لهذه الرواية أو تلك، فليس بالضرورة أن يتحول المستقبل إلى حقيقة كما ارتأتها الرواية – رغم أن بعض الروايات تحققت توقعاتها كما هو الشأن مع رواية “من الأرض إلى القمر” للفرنسي جول فيرن التي كتبها في عام 1865م، و”تدور أحداثها في القرن التاسع عشر حول مجموعة من أعضاء نادي المدفع قامت برحلة إلى القمر في طلقة مدفع قد صمم خصيصا لهذا الغرض. وكان قد ألفها قبل 100 عام تقريبا من إطلاق أول صاروخ إلى القمر”(31)
نقول إنه ليس من الضرورة أن يتحول المستقبل إلى حقيقة كما ارتأتها الرواية، فذلك مما لا يُطلب من الفن أساسا، فكيف إذا كان هذا الفن يشيّد عالمه (التخييلي) في زمن (افتراضي)، ليجمع بذلك بين (التخييل) من جهة، و(عدم المطابقة الزمنية) من جهة أخرى؟ ولكن ما نعنيه بالتنبؤية الجمالية هي عبقرية الرؤية التي تخترق الزمن لترى عبره قادما لم يأتِ بعد – وقد لا يأتي أبدا – ولكنها تستشعره استشرافا، أو رغبة، أو خوفا، أو تحذيرا، أو خيالا لا يستجيب له الواقع فأوجدت له في زمن افتراضي حيزا يستوعبه ويستوعب شروطه المفارِقة للمحسوس والمعلوم.
ورغم ذلك يستطيع الفن الروائي (غالبا) التقليل من هذه الأهمية؛ أهمية معرفة زمن الكتابة/ زمن النشر، وذلك عندما يصبح المستقبل (حدثا) سرديا (مضادا) لقوانين التقدم الزمني، ليس بمعناه الإيجابي وحسب، وإنما باحتمالاته السلبية أيضا. عندما يصبح المستقبل مفارقا أبدا لمنطق الصيرورة التي يجب أن يؤول إليها تراتبيا على مستوى الواقع، ومفارقا أبدا لمنطق الحدث الذي لا يصدق إلا في الخيال وحده.
ثيمات المستقبل: مرايا الذاكرة
لدى معاينة صور المستقبل في الروايات الثلاث التي حددناها آنفا، وهي: رواية “فئران أمي حصة”، و”تراب”، و”عام 3000″، نلحظ أن الذاكرة تمثل مرآة للمستقبل، لا بالمعنى الفيزيائي البسيط، ولكن بما يعكس مسافة القرب والبعد بينهما، فكلما كان المستقبل يقف قريبا من مرآة الحاضر، أخذ الماضي حجما ومساحة أكبر، وكلما أوغل المستقبل في البعيد القادم، صغرت صورة الماضي وتباعد، وتحوّل من كونه أحداثا تستعاد إلى مادة ثابتة.
فئران سعود السنعوسي: الذاكرة سلاح مقاومة لديستوبيا المستقبل
في رواية “فئران أمي حصة” يختار سعود السنعوسي الاقتتال الطائفي في الكويت موضوعا يبني عليه مستقبل المشهد العام في الكويت في عام 2020، وهو إلى جانب هذا الخط الزمني المحدد باثنتي عشرة ساعة، تدور فيها أحداث نصف يوم من عام 2020، يرسم خطا زمنيا موازيا لأحداث تبدأ من ثمانينيات القرن العشرين، وترافق جيلا كاملا، حتى عام 2017 (كتبت الرواية في عام 2015) وهي فترة زمنية ضمّنها السنعوسي الجزء الذي أسماه “إرث النار”، جاعلا منها رواية داخلية يكتبها الكتكوت – الشخصية الرئيسة في الرواية – تتناوب فصولها مع الفصول التي تسرّد المستقبل، الذي يتم استحضاره تحت عنوان: يحدث الآن.
وفي إرث النار يمعن السنعوسي في سرد الذاكرة: الذاكرة الخاصة لشخصيات الرواية/ الرئيسة منها تحديدا، والذاكرة الجمعية للكويت عبر رصد أهم محطاتها وتحولاتها، مقدما أرشيفا سرديا يتقاطع مع التاريخ الكويتي. وما بين “إرث النار: الماضي”، و”يحدث الآن: المستقبل حاضرا” يقدم السنعوسي زمنين، خبَرنا أحدهما وعرفناه، وآخر ينبني على الأول نتيجةً ومآلاً.
يختار السنعوسي إذن المستقبل القريب، الذي لا يبعد أكثر من خمسة أعوام من تاريخ نشر روايته “فئران أمي حصة”، عام 2020م. خمس سنوات تتسارع فيها الأحداث، وتتعمق الاصطفافات الطائفية التي تنتهي بالكويت بلدا يحترق على مرأى فريقين يتخاصمان لأسباب تمتد جذورها إلى الماضي السحيق وتغذيها عوامل الماضي القريب(32).
في استحضاره للمستقبل، يعمد السنعوسي إلى الاعتناء بالماضي بتفاصيله الدقيقة التي شكلت المكان والإنسان الكويتي، فيرصد أدق التحولات الصغيرة منها قبل الكبيرة، فالوصف – حسب تعبير كونديرا – “إشفاق على العابر؛ إنقاذ للزائل”(33)، وكأنما المستقبل ممحاة كبيرة لا بد من مقاومتها بتشغيل أقصى ممكنات الذاكرة، لأن هذه الأخيرة لم تكن سوى سلاح مقاومة ضد المحو، وضد الطمس، الذي بات يمارسه الإنسان – الذي نسي أن غريم اليوم كان رفيق الأمس رغم اختلاف المذاهب – وتمارسه السلطة – بتعمدها تغيير ذاكرة الأمكنة وإحلال ذاكرة جديدة عبر تغيير أسماء الشوارع والمرافق والمدارس.
وأمام هذا المحو الممعن في تنكّره للماضي، يختار السنعوسي مقاومته فنيا، عبر سرد لا يترك شاردة ولا واردة ترتبط بذاكرة جيل كتكوت ورفاقه أمام عالم المستقبل، محاولا تأكيد الماضي “كعالم آخر، عالم مثالي وراسخ، لكل تفصيل فيه أهميته ومعناه وكل ما يوجد فيه، كل كلمة، كل جملة، تستحق ألا تنسى وأن تُفهم كما هي”(34) على سبيل المراجعة والتمحيص.
يذكرنا السنعوسي برواية جورج أورويل 1984 من جديد، ولكن هذه المرة من خلال العلاقة بين المستقبل والذاكرة/ التاريخ. في رواية جورج أورويل يتم تزييف التاريخ والذاكرة تحت مسمى وزارة الحقيقة، ونجد الأمر مشابها في “فئران أمي حصة” بشكل أو بآخر، ليقابل السنعوسي المحو والتزييف بإثبات تفاصيل التفاصيل، وكأنما الذهاب إلى المستقبل غير آمن ما لم يتم تحصين الذاكرة، التي يشكل حفظها ضمانا لمستقبل آمن: ذاكرة الفطرة، ذاكرة الوفاق، ذاكرة الوطن المشترك، ذاكرة الهوية وهوية الذاكرة، وبضياعها يضيع المستقبل.
وعودا إلى مرآة الذاكرة/ أو ذاكرة المرآة في تسريد المستقبل، نجد أن السنعوسي يقابل الصورة الديستوبية التي اتخذها المستقبل في “فئران أمي حصة” بالذاكرة الفنية للكويت، التي يكرسها السنعوسي ليجعل منها وسيلة حفر في الوجدان الكويتي، وحفر في ذاكرة الأجيال المعنية بصورة المستقبل غير المرغوب؛ فيوازي ضمنيا بين صوت الانفجارات وصوت عبدالكريم عبدالقادر وهو يغني “وطن النهار”، وبين أحداث المواجهات الطائفية، والمهرجانات الغنائية الوطنية في ثمانينيات القرن الماضي التي شكلت ذاكرة جيل كامل، وبين شعارات العداء والشقاق باسم الدين والمذهب، وبين كلمات أوبريت بطولة الصداقة والسلام، ويوازي بين فئران فؤادة شخصية المسلسل الكويتي “على الدنيا السلام” في ثمانينيات القرن العشرين، وبين الفئران البشرية في مستقبل قادم تقرض البلاد والعباد. يقف المستقبل في “فئران أمي حصة” قريبا من زمن الكتابة، فجاء المستقبل على مقاس الذاكرة كمًا ونتيجة، مثلما يقف جسم ما أمام مرآة، فينعكس حجمه الطبيعي على وجهها. وقد تقاسم المستقبل والذاكرة معا صفحات الرواية التي تناوبت فصولها عليهما، رغم الامتداد الزمني الطويل للماضي مستغرقا الثمانينيات وحتى عام 2017م، في حين لم يأخذ المدى الزمني الذي شغله المستقبل أكثر من اثنتي عشرة ساعة فقط من نهار في عام 2020م.
تراب حسين المطوع: الذاكرة وخز ضمير فات أوان إيقاظه
أما في رواية “تراب” لحسين المطوع، فنجدنا أمام مستقبل من نوع مختلف، مستقبل على المستوى الزمني وحسب، أما صورته فليست سوى انعكاس مرآة حرفية لحنين ساذج، واستعادة لزمن قديم ظن أهله أنهم كانوا فيه أفضل حالا، وأصدق طويّة، فطفقوا بعد زلزال أصاب المنطقة يشيدون سورا عظيما يفصلهم عن العالم الحاضر ليعيشوا داخل أسوار حياتهم القديمة التي ظنوا فيها خيرهم الذي سلبتهم إياها المدنية والحضارة فلوثتاه، مانعين عن أنفسهم نسائم الخارج وعلومه وتقدمه وتقنياته، بعدما تخلوا عن مكتسباته التي تنعّموا بها ردحا من الزمن لتصبح جزءا من خبرة الأجداد وحسب وتجهلها الأجيال اللاحقة، لأنها لا تنتمي إلى الماضي البعيد الذي ينشدون الحياة تحت أفيائه، ويريدون العيش فيه دون زوائد الحضارة التي كانت سببا في فساد القلوب والنفوس.
المستقبل الذي يصوره حسين المطوع بناء على ذلك لم يكن إلا مقبرة بالمعنيين المجازي والفيزيائي. مستقبل تدور كل أحداثه بين جنبات مقبرة وبقايا بنايات هدّم الزلزال أركانها، وتركها محض أطلال لا علاقة لها بصورتها التي كانت عليها قبله.
ورغم ما قد يلاحظه القارئ من جريان سريع للزمن في رواية “تراب”، تسيل فيه الأحداث من بين قبضة سردية غير محكمة، إذ يمر الزمن وتتعاقب الأيام سريعا لا يتناسب مع بطء الأحداث، ولكنه يبقى زمنا غير محدد بأكثر من كونه مستقبلا، لا هو بالبعيد ولا بالقريب، بيد أنه مستقبل أبدا، مقترن بالفكرة لا بالحدث، بفكرة الحنين عندما يكون ساذجا لا يحفل بمنطق التاريخ الذي لا يكرر نفسه على علاته؛ وبذلك فهي من الروايات التي سبق أن أشرنا إلى أن تاريخ نشرها لا يشكل قيمة اعتبارية، لأنها رواية المستقبل الذي لا يأتي، معتمدة مفارقة المنطق الزمني، ومنطق التحول الطبيعي في تاريخ الأفكار والأشياء، لتصبح المفارقة كامنة في أن زمن الأجداد خير من زمن الأحفاد، لا على سبيل الفكرة الحلمية المستعادة، بل على سبيل التراجع المادي والحضاري الذي يشهده المستقبل في رواية “تراب”.
وشأن ما تقدم، يقف المستقبل على النقيض من الذاكرة؛ فقد أضاعت القرية داخل أسوار السور ذاكرتها، أو ألقت بها خارجه، عندما أقامته سدا بينها وبين ماضيها الذي كان أفضل من حاضرها. وإذا كانت الذاكرة في رواية السنعوسي سلاح مقاومة ضد المحو، فإن الذاكرة في رواية حسين المطوع ليست سوى صوت الخطأ الذي ما انفك يخز حامليه بجسامة ما اقترفوه بتشييد السور وقبولهم بالعيش معزولين داخل محيطه. وحتى تستمر الحياة التي لا مجال للتراجع عن التورط بها، كان لابد من وأد الذاكرة والامتناع عن تذكر ما كان قبل السور، لذلك بقيت الأجيال الجديدة لا تعرف شيئا عن البلاد قبل السور، ولا تعرف عن الماضي الذي كان أفضل من الحاضر/ المستقبل الذي تصوره الرواية.
ونرى ضرورة عدم إغفال ملاحظة قد تبدو طريفة لدى الحديث عن زمنية رواية “تراب”، وهي أنها في سيرها نحو المستقبل الذي وصفناه بالرجعية، تضع أمام القارئ احتمالا آخر لا تستبعده العلوم القائمة على التنبؤ بالمستقبل، والعلوم المعنية بدراسة الزمن عموما، وهو احتمالية عدم خطية الزمن من الماضي إلى المستقبل مرورا بالحاضر؛ بمعنى: لمَ لا يكون المستقبل في رواية “تراب” ليس إلا الماضي نفسه، وليس المستقبل في الامتداد الخطي للزمن، لا سيما عندما نعثر على مقولة تعضد هذه الفكرة لكولن ويلسون في كتابه “فكرة الزمان عبر التاريخ” إذ يقول: “لا يبدو أن قوانين الطبيعة تحول دون إمكانية أن يسير الزمان القهقرى، والسبب الذي يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الزمان ينبغي أن ينساب في اتجاه واحد فحسب ليس جليا بحال من الأحوال، والحق أن مفهوم انسياب الزمان يبدو كله بعيدا عن الإرضاء”35 وفي رواية “تراب” ما يجعل ذلك ممكنا، أو قابلا للتفكير فيه وفقا لمعطياتها، وإن خالفت فرضيات العلم الثابتة إلى الآن على الأقل36.
عام 3000: الذاكرة نذير من العالم الآخر
في رواية “عام 3000” لسالم آل تويّه، يذهب بنا الزمن بعيدا إلى الألفية الرابعة، في عوالم من التخييل العلمي الذي يصور بونا شاسعا بين عالمين يفصل بينهما الموت. ففي عام 3000 يتمكن العلم الحديث عبر المعمل العابر للزمان والمكان من إعادة بعث ميت إلى الحياة، وبينما كانت الأبحاث العلمية تسعى إلى إعادة الحياة إلى الإسكندر المقدوني من أجل أطماع توسعية يُظن أن المقدوني هو الأجدر بتنفيذها، يتم عن طريق الخطأ بعث شيخ عجوز بسيط من بلدة “سداب” بمسقط في سلطنة عمان، كان قد مات في عام 2015م (ونذكّر بأن الرواية صدرت في عام 2018) أي قبل 985 عاما من تاريخ بعثه إلى الحياة من جديد.
تعد عملية بعث المواطن العماني “نذير راحل عبد الرحيم” تجربة الإحياء الثانية التي يقوم بها المعمل العابر للزمان والمكان، بعد تجربة سابقة بإحياء هتلر، واستنساخ 3000 نسخة منه، تقوم بمحاربة بعضها ضمن جيوش في عرض كبير يحضره الملايين من سكان إمبراطوريات الأرض في ذلك الزمان، يقودها هتلر الأصلي الذي بموجب عقد وقعه مع المعمل تنحصر مهمته (البعثية) في تقديم عروض ترفيهية دموية تتقاتل فيها نُسَخه فيما بينهما دون أن يعرف أحد أي فريق يقاتل من، فيما كلها تحت إمرة هتلر الأصلي.
رواية سالم آل تويّه تصور عالما يبلغ فيه التقدم البشري مبلغا يفوق تصور إنسان بسيط عاش حتى منتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة. ولكن إذا كان من الطبيعي لحياة كهذه – تقوم فيها التقنية مقام الأعمال اليدوية، ويقوم الإنسان الآلي مقام الإنسان الطبيعي – أن تكون محط توق، وأن تثير فضولا استكشافيا، فإن الأكثر طبيعية أن يعجز إنسان من هذا الزمان عن الحياة في مستقبل لا يشبه عالمُه العالمَ الذي كان فيه، ولا يساوره فضول لاكتشافه أكثر من فضوله لمعرفة ما حل ببلدته سداب بعد ما يقارب 1000 عام على عهده بها قبل موته.
في عام 3000 عمد المعمل العابر للزمان والمكان إلى استئصال ذاكرة نذير راحل عبد الرحيم بزراعة جهاز “تكرار” في خلايا دماغه، ليحجب عنه حياته الدنيوية الأولى وحياته بعد موته، لأن الذاكرة تعاكس تكيّف الإنسان المعاد إلى الحياة مع حياته الجديدة، لاسيما أن التقارير المخبرية كشفت عن مقاومة نذير راحل عبد الرحيم – هكذا يصرّ سالم آل تويّه على إيراد الاسم كاملا طوال خط الرواية –لمغادرة موته إلى الحياة، وحتى يتم تثبيط مقاومته عمدوا إلى استئصال ذاكرته، التي عادت إليه بعد تخليصه من جهاز “تكرار”. وبعودتها استعاد خط زمنه الخاص، الذي يسير به إلى موته من جديد.
فالذاكرة شكلت طريق العودة لنذير راحل عبد الرحيم إلى العالم الذي جاء منه، ولم يكن استئصالها سوى فعل معاكس لقانون الطبيعة الذي انتزعه من موته إلى الحياة، وباستعادتها استعاد البوصلة التي قادته خلال ساعات تأمله إلى “هناك” الكلمة التي كان يرددها، ليصبح مع الوقت يراها أمامه قبل أن يلتقي بها أخيرا وله من العمر 81 عاما، عاش ثمانين منها حتى عام 2015، وعاش عاما آخر في العام 3000م.
رواية “عام 3000” – وربما كثير من روايات التخييل العلمي – تضعنا أمام صورة العلم الذي يتجاوز الأخلاق، العلم الذي يصنع الدمار، ولكنه رغم ذلك، وهنا المفارقة، يجعل الكون قابلا للتمدد، والإنسان قابلا للحياة قرونا من الزمان، وهذا يذكرنا بمقولة كانط بأنه “على الرغم من كل ضروب الدمار التي تنتجها الشيخوخة بطريقة لا تتوقف، فإن امتداد الكون سيزداد مع ذلك بطريقة عامة”(37)
نقطة فـي آخر السطر
تكشف صور المستقبل المتبدية في الروايات الثلاث عن آفاق من التخييل تفتح نوافذ لا نهائية لارتياد قادم لم يأتِ بعد، وقد بدت المغامرة عبر الزمن دافعا لا يستهان به لتسريد المستقبل، متخذة سبيلها إلى ذلك منعرجات تكفي لأن نعتقد بأننا أمام (مستقبَلات) لا مستقبل واحد، وليس مهمًا بعد ذلك أي منها سيصدُق. وقد بدا أن تجربة الحياة في الزمن القادم لا تقل غبطة عن تجربة العيش في “أكثر من حياة” – كما يقترحها العقاد – على نحو عام، فضلا عن أن “الطبيعة الإنسانية” التي تمنح الرواية سبب وجودها، وتعطيها معناها وأهميتها – حسب ميلان كونديرا(38) – تخلق همّ المستقبل في لحظة سابقة بالضرورة.
وحتى نخلص من هذا كله، تضعنا مقاربة روايات المستقبل أمام معطيات تشكّل ما يمكن أن نعده سمات تسم هذا النوع من الروايات، وهي:
– اقتران تسريد المستقبل بقضية، تسافر عبر الزمن انطلاقا من هاجس يسكن الحاضر، فلا يكون السرد المشغول بالمستقبل عاديا أو محتفيا باليومي والتافه، لأن التفكير في المستقبل – قبل تسريده – إنما هو تجاوز لليومي والمعيش إلى ما سيعاش على نحو نتوقعه أفضل أو أسوأ، ومعيار الأفضلية هذا أو السوء يرتكز إلى بؤرة يحتكم إليها، تلك هي القضية/ الموضوع. لذا فإن تسريد المستقبل يناقض سرد اليومي والمألوف، حتى وإن بدا كذلك، غير أنه مألوف في زمن مُفارِق للحظة الكتابة، وإن طابق زمن القراءة في زمن آخر.
– الماضي يأتي من المستقبل: مثلما أن العكس بدَهي على الدوام، فإن الماضي صنيعة المستقبل بالضرورة، والعلاقة بينهما أكثر من كونها تراتبية، وإنما تبادلية أيضا. رواية “عام 3000” تقول لنا شيئا من هذا القبيل؛ شخصية “معالج” تسأل نذير راحل عبد الرحيم: “قبل إعادة خلقك، ألم يحدث لك شيء غريب ينبئك بذلك، علامة، صوت، رائحة، أو أي شيء غير معتاد؟”(39) ورغم أن ذلك قد حدث، ولكن إدراك نذير راحل عبد الرحيم يعجز عن التقاط الإشارة، لأنه مشغول بلحظته الراهنة التي تصرفه عن التفكير في رسائل المستقبل، لذلك فإن الإجابة الأولى لنذير راحل عبد الرحيم كانت: “كيف لي معرفة ذلك وكل ما كنت فيه نعيم مطلق؟” قبل أن يستدرك بعد صفحة ونصف، ليقول: “لكن انتظر أخي معالج، لعلك محق، فذات يوم طرقت باب بيتنا فتاة ناولتني باقة ورد لها شذى خلاب وسألتني قائلة: ألا تعرفني؟ أجبتها نافيا، وكان ذلك غريبا فعلا إذ كانت الألفة ديدننا جميعا في ذلك العالم الأبدي…”(40)، كما قد يحدث أن يكون الإنسان مدركا لرسائل المستقبل، ويعرف أنه مسوق إلى مآل لا مفر له منه.(41)
– الموت يسكن المستقبل، أو كما يعبر هيدجر: “أن توجد يعني أن توجد باتجاه الموت، ذلك الوجود الذي يتوقف عنده المستقبل بفعل الموت”(42) وهو ما يدعوه هيدجر بالزمن الخاص بإزاء “الزمن العام [الذي] هو زمن اللغة نفسه الذي يستمر بعد وفاة الفرد. وبذلك يصبح العيش في الزمن الإنساني يعني أن نحيا بين زمن موتنا الخاص وزمن اللغة العام”(43). فروايات المستقبل التي مرت بنا يشكل الموت نهايتها المحتومة، وإن بدا الزمن متمددا في رواية “عام 3000” مع تعاظم وهم إنسان الألفية الرابعة بأنه إنسان متفوق لا يموت، ولكن الموت ينتظره هناك في النهاية، رغم اختلاف موت نذير راحل عبد الرحيم المنتَظر، الذي لا يشبه موتا آخر في عام 3000. فالموت يسكن المستقبل الذي يمثل تمام الأشياء واكتمالها ونهايتها، وليس الاكتمال بمعناه الإيجابي بالضرورة، ولكنه الحد الذي لا شيء بعده. المجهول الذي لا يُتصور مجهول آخر يتلوه، وإن لم يحدث حرفيا في نهاية الرواية.
– تنزاح الذاكرة من مجرد أحداث ماضية تتم استعادتها في الزمن الحاضر، لتصبح – إلى جانب ذلك – مادة؛ ففي رواية “فئران أمي حصة” شكلت ذاكرة الكويت الفنية مادة يتم بواسطتها حفظ الماضي المنفلت والقبض عليه ليسهل استحضاره. وفي رواية “تراب” يبقى الماضي مجهولا، يمتنع الآباء عن نقله إلى الأبناء، لتدل عليه طائرة تحلّق من خلف عالم السور وتعبر صفحة السماء وتثير دهشة الأبناء، أو في قوانين وأنظمة بادت يهمس بها العارفون في كلامهم المكتوم، أو في عملة نقدية يرتاب الناس من تداولها لأنها من علامات الماضي البائد. فالماضي ليس حدثا صريحا دائما، ولكنه مادة محسوسة تدل عليه. أما في رواية “عام 3000” فليست الذاكرة أكثر من شريحة أو شفرة يتم استئصالها وتعطيلها، ثم تتم استعادتها بتعطيل المعطِل. كل شيء في عام 3000 عبارة عن قطعة غيار، بما في ذلك الذاكرة.
– غياب الحاضر/ زمن الكتابة: في الروايات الثلاث يغيب زمن الكتابة، أو لحظة التسريد: ففي رواية “فئران أمي حصة” يغيب زمن كتابة الرواية –عام 2015 – الذي يمثل حاضر الكاتب، الذي يتم تجاوزه لنجدنا في عام 2017 – الزمن الذي تنتهي فيه أحداث الرواية الداخلية (إرث النار) التي ابتدأت في الثمانينيات، ثم هناك في المقابل الزمن الموازي عام 2020 الذي يمثل المستقبل. وفي رواية “تراب” يبدو الحاضر غير قابل للتحديد، وإذا ما تعيّن علينا أن نبحث عن اللحظة الفاصلة بين الماضي والمستقبل بما يمكن أن نعده حاضرا، فلا نجد إلا حادثة الزلزال الذي ضرب المنطقة، وأنشأ الناس من بعده سورهم العظيم الذي قام سدا بين ما كان وبين ما أتى. تلك اللحظة الفاصلة بين زمنين تشكل جزءا من الماضي بدورها، ليبقى الحاضر غائبا. أما في رواية “عام 3000” يختار آل تويّه أن يجعل من حاضره، أي زمن التسريد في عام 2018، زمنا هلاميا/ ما بعد موت نذير راحل عبد الرحيم في يناير من عام 2015، وبذلك يكون الحاضر جزءا من الزمن المنسي غير المحدد. هذا كله يؤدي بنا إلى أن الزمن في خط سيره من الماضي إلى المستقبل لا يقف على الحاضر، وإنما يتجاوزه لكونه زمنا غير مرئي، زمنا بلا مسافة تتيح رؤية الأشياء؛ لأن الحاضر هو نقطة تلاقي الزمان والمكان معا، هنا والآن. وفي هذه الحال يقصر مدى النظر إلى أدنى مستوياته، فلا يعود الحاضر صالحا إلا لاستحضار غائبين أحدهما ماض وانقضى، والآخر قادم لم يحن أوانه بعد. الحاضر نقطة استدعاء وتخيّل، وإلا تحوّل السرد عنه – ومنه – إلى توثيق على شفا التقريرية.
وعلى سبيل الختام، نعيد سؤالا تكرر طرحه: هل باستطاعة الرواية أن تصنع التغيير؟ وفي ظننا أن رواية المستقبل إذ تروم في (بعض) وجوهها استباق المستقبل عبر فتح زاوية نظر تصدر من واقع أليم، فإنها تفعل ذلك لتحريك اللحظة الراهنة نحو وعيّ يَحول دون مستقبل أكثر تأزّما.
المصادر والمراجع:
1. الروايات النماذج:
– حسين المطوع: تراب، دار مسكلياني، تونس، 2018
– سالم آل تويّه: عام 3000، دار سؤال، بيروت، 2018
– سعود السنعوسي: فئران أمي حصة، منشورات ضفاف، بيروت، 2015
2. المراجع:
– إبراهيم نصر الله: حرب الكلب الثانية، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2016
– إسحاق الخنجري: الزمن في الشعر الإماراتي الحديث: دراسة غير منشورة، الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، يناير 2018
– بول ريكور: الزمان والسرد، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2006
– بول ريكور: الذاكرة والسرد، ترجمة سمير مندي، دار كنوز المعرفة، عمّان، 2016
– بول ريكور: الذاكرة التاريخ النسيان، ترجمة جورج عيتاني، دار الكتاب الجديد المتحدة، فرنسا، 2009
– بوعلام صنصال: 2084 نهاية العالم، دار غاليمار، فرنسا، 2015
– جون تايلور: عقول المستقبل، ترجمة لطفي فطيم، عالم المعرفة، الكويت، أغسطس1985
– راي برادبوري: فهرنهايت 451، ترجمة سعيد العظم، دار الساقي، بيروت، 2014
– عبد الحسن صالح: التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان، عالم المعرفة، الكويت، ديسمبر1981
– عمر العقاد: حرب أمريكية، ترجمة مجدي عبد المجيد خاطر، إصدارات روايات، الشارقة، 2018
– كريستوف بوميان: نظام الزمان، ترجمة بدر الدين عرودكي، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009
– كولن ويلسون: فكرة الزمان عبر التاريخ، ترجمة فؤاد كامل، عالم المعرفة، الكويت، 1992
– محمد القاضي وآخرون: معجم السرديات، الفارابي، بيروت، 2010
– مندلاو: الزمن والرواية، ترجمة بكر عباس، دار الشروق، بيروت، 1997
– ميشيل ويلبيك: استسلام، ترجمة شكير نصر الدين، منشورات الجمل، بيروت، 2017
– ميلان كونديرا: الستارة، ترجمة معن عقل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2015
– ميلان كونديرا: فن الرواية، ترجمة أحمد عمر شاهين، دار شرقيات، القاهرة، 1999
– واسيني الأعرج: 2084 حكاية العربي الأخير، دار الآداب، بيروت، 2015
3. المقالات:
– زهور كرام: “الرواية والمعركة السياسية”، القدس العربي، 20 يونيو 2015:
http://www.alquds.co.uk/?p=282221
– جورج جحا: “واسيني الأعرج يسحب رواية جورج أورويل (1984) على العالم العربي، رويترز، 10 مارس 2016:
https://ara.reuters.com/article/entertainmentNews/idARAKCN0WC0WM
– ضياء الكعبي: “سرد المستقبليات .. الخارطة التنبؤية للقادم”، 24ae، 29 ديسمبر 2016: http://24.ae/article/309548
4. المواقع:
– ويكيبديا: “من الأرض إلى القمر” الموسوعة الحرة:
https://ar.wikipedia.org/wiki
– ويكيبيديا: “عالم جديد شجاع”، الموسوعة الحرة:
ar.m.wikipedia.org
الهوامش:
1 – ورقة قدمت في ملتقى الشارقة الـ15 للسرد: الرباط (18 – 20) سبتمبر 2018م.
2 – Narrativization “يُستخدَم هذا المصطلح بالمعنى الذي يفيد إضفاء صبغة سردية على نمط من الخطاب ليس في الأصل كذلك، ومنه الخطابُ المُسرَّد أو المرويّ وهو الذي تتحوّل فيه أقوال الشخصيّة إلى حدث أو عمل يعرضه الراوي” (محمد القاضي وآخرون: معجم السرديات، الفارابي، بيروت، 2010، ص 90).
3 – مندلاو: الزمن والرواية، ترجمة بكر عباس، دار الشروق، بيروت، 1997، ص7
4 – نفسه، ص7
5 – ميلان كونديرا، الستارة، ترجمة معن عقل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2015، ص7
6 – الزمن والرواية، مرجع سابق، ص14
7 – نفسه، ص15
8 – ويكيبيديا: عالم جديد شجاع، الموسوعة الحرة: ar.m.wikipedia.org
9 – راجع الزمن والرواية، مرجع سابق، ص111
10 – انظر مقال زهور كرام: “الرواية والمعركة السياسية”، القدس العربي، 20 يونيو 2015: http://www.alquds.co.uk/?p=282221
11 – انظر مقال جورج جحا: “واسيني الأعرج يسحب رواية جورج أورويل (1984) على العالم العربي” رويترز، 10 مارس 2016:
https://ara.reuters.com/article/entertainmentNews/idARAKCN0WC0WM
12 – ينظر في كتابيه:
– الستارة، ترجمة معن عقل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2015
– فن الرواية، ترجمة أحمد عمر شاهين، دار شرقيات، القاهرة، 1999.
13 – ينظر في كتبه:
– الزمان والسرد، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2006
– والذاكرة والسرد، ترجمة سمير مندي، دار كنوز المعرفة، عمّان، 2016
– والذاكرة التاريخ النسيان، ترجمة جورج عيتاني، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2009.
14 – ينظر في كتابه: الزمن والرواية، ترجمة بكر عباس، دار الشروق، بيروت، 1997.
15 – ينظر في كتابه: نظام الزمان، ترجمة بدر الدين عرودكي، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009
16 – راجع مقال ضياء الكعبي: “سرد المستقبليات .. الخارطة التنبؤية للقادم”، 24ae، 29 ديسمبر 2016:
http://24.ae/article/309548
17 – راجع مثلا:
– عبد الحسن صالح: التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان، عالم المعرفة، الكويت، ديسمبر1981
– جون تايلور: عقول المستقبل، ترجمة لطفي فطيم، عالم المعرفة، الكويت، أغسطس 1985
18 – الستارة، مرجع سابق، ص17
19 – نفسه، ص18
20 – نفسه، ص17
21 – الزمن والرواية، مرجع سابق، ص113
22 – نفسه، ص113
23 – بول ريكور: الزمن والسرد، دار كنوز المعرفة، عمان، 2016، ص19
24 – الستارة، مرجع سابق، ص18
25 – انظر: بول ريكور، الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج عيتاني، دار الكتاب الجديد المتحدة، فرنسا، 2009، ص47
26 – الذاكرة والسرد، مرجع سابق، ص65 – 66
27 – نفسه، ص66
28 – صدرت عن منشورات ضفاف، بيروت، 2015
29 – صدرت عن دار مسكلياني، تونس، 2018
30 – صدرت عن دار سؤال، بيروت، 2018
31 – ويكيبديا: “من الأرض إلى القمر، الموسوعة الحرة:
https://ar.wikipedia.org/wiki
32 – جدير بالذكر أنه وقعت أحداث تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت بعد صدور رواية “فئران أمي حصة” بأشهر قليلة في 26 يونيو 2015م.
33 – الستارة، مرجع سابق، ص19
34 – نفسه، ص153
35 – كولن ويلسون: فكرة الزمان عبر التاريخ، ترجمة فؤاد كامل، عالم المعرفة، الكويت، 1992، ص157
36 – في أطروحته التي حملت عنوان “الزمن في الشعر الإماراتي الحديث: دراسة وصفية سيميائية” يؤكد الباحث العماني إسحاق الخنجري: “إن ظواهر الزمان في الكون تشير إلى أن سهم الزمان يسير في خط مستقيم أو في اتجاه واحد نحو المستقبل متمثلا في مظاهر مختلفة أهمها التطور البيولوجي الذي يبدو بلا رجعة؛ لأن الزمان لا يرجع للوراء، بل يشكل اندفاعا حثيثا للأمام للوقوع في حدث المستقبل الآتي بقوة، وعلى هذا يكون الصراع محتدما بين ماض فائت، وحاضر متأجج بالأحداث وقادم مكتظ بالظواهر الجديدة” دراسة غير منشورة، الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، يناير 2018، ص11 – 12
37 – كريستوف بوميان: نظام الزمان، ترجمة بدر الدين عرودكي، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص432
38 – الستارة، مرجع سابق، ص11
39 – عام 3000، ص257
40 – نفسه، ص259
41 – يورد كونديرا عبارة في كتابه الستارة دالة على هذا النحو، عندما يقول: “عندما يعلم أوديب حقيقة هويته المرعبة، وعندما يرى جوكاستا مشنوقة، يفقأ عينيه؛ قادته منذ ولادته ضرورة سببية، بيقين رياضي، نحو هذه الخاتمة التراجيدية”، الستارة، مرجع سابق، ص26
42 – الذاكرة والسرد، مرجع سابق، ص64
43 – نفسه، ص64
منى بنت حبراس السليمية *