سلاما، أيتها الفاتنة
فأنت لم يغادرك الشقاء
مذ أن كنت عذراء
فاجأت البحر بلطمة طفل مشاغب ،
وقلت :اعترف
أدار وجهه المتصدع ،
رمقتني بنظرة عتاب عاشقة مأهولة،
وانحدرت من عينيه دمعتان ،
سالتا حمما في أودية الذاكرة،
حتى غدا مثل كتاب محت الشمس حروفه ،
وأجاب : إنها العذراء…
بعينين شرهتين ، كنت ألتهم الساحل الصغير الذي يبدو وكأنه أدار ظهره للبحر ، أبحث عن فتاة اقسمت أن تلقاني هنا في يوم من الأيام .
وهناك ، أمام البحر، جبال مقعية حتى تكاد أظافرها الطويلة، تجرح وجنة البحر في مساء يتيم ، والبحر يتلعثم
برطانة من داهمه الموت على حيى غرة.
بين ثنايا الجبال الممتدة بطول الساحل ، تتنامى إلى البصر خلوات التوحد المهددة بالانقراض ، توحد العشاق ، طبعا، بلحظة الدمار مع محبوبات مغامرات ، مهووسات بالخطبئة كأنهم الأرواح القائمة في صلواتها الحمراء مثل نشيج العواصف المر." هذا معنى أن تكون سائحا" .
قال البحر/ ألم تسمع عن فتيات ألقين بمواليدهن هنا ورحلن بلا ذاكرة تعيدهن ، فتبناهم القدر زغبا لأهواله الملحمية ويحكي أيضا/ ذات مرة، من عصور البداية، حدث أن جاء إلى هنا حوت ضخم ، استدار نحو الجبال وقذف من بين أسنانه مخلوقا بشريا لقب ـ فيما بعد – بالعاشق. كان مشوها بعض الشىء ،ابرص اللون ، أمرد الجسد وقد نمت عليه فطريات زمن معدوم .
وكانت تسكن كهوف الجبل الذي قذف عنده الرجل نساء توهمن أن لهن أزواجا سافروا إلى جزر الأفق البعيد، ليجلب كل منهم لؤلؤة بزنة جسد زوجته .
وكانت إحداهن قد بنت لها عريشا نائيا تجر اليه عشاق شهواتها وتختفي . رأت الرجل – ذات ليلة قمراء – عريا وقد شل الاعياء غرائزه " لاحت له في منامه كحورية تهبط من المساء هامسة كيف يقوى الرجل على النوم بلا خليلة؟ "لما فانتفض إلرجل وقد سال لعابه ، فرأى امرأة ناصعة البياض . حاول ستر عينيه عن بريقها بيديه ، لكن وهجها كان يعبر الجسد إلى روحه وكأنها عاصفة هزت قامة رجل أشيب تمنى أن يعود إلى صباه . حين دنت منه ، قضمت اصبحها حتى سال الدم خمرا صافيا، وسقته بكفها منه حتى الثمالة.
قالت له . أترضي عاشقا لي !
– ماذا يعجبك في رجل سليل ظلمة الحيتان ؟؟. ، ألا ترين ميادين اليأس وتجارب العزلة والغربة على جسدي ؟
– أتشك في قدراتي وخوارقي ؟ أنا الوطن ، أنا عوالم الحياة. انظر إلى جسدك وسترى !!! تأمل العاشق جسده المستعصي على البقاء، فرأى ندى الشبق الطفولي يغسل العذابات وحرقة الأسئلة. صاح بغبطة التفاؤل الأول / رضيت بك خليلة، معشوقة، موظنا، زوجة، عاصفة بي . ثم عاشا كما تشتهي السحب أن تحلق في الفضاء السماوي بلا اسم أو عنوان وقد أنجبا أطفالا من عواصف تائهة، تحمل الضياع الأبدي ، لا جسد لهم ولاخيال .
هي / لازالت عذراء رغم أطفالها الذين لبسوا هيئة النوارس . شاخت لا تقوي على السباحة عادت الى حيث الكهوف تؤى الصمت ، اعتزلت فجأة .
هو لازال يرتاد الساحل ويبحث عن عريش وجد فيه نفسه . فلا يجد غير الأبواب الموصدة عليها مائة قفل ، كل قفل فيه مائة ثقب تندثر المفاتيح في متاهاته .
وعندما أفاق من غيبوبته ، تذكر وطنه ، فبكى . .
هكذا كان
تائها . . . . واأ سفي
يحذر الزائر والزائرة
من تجربة مريرة، من حلم مرير
لا تتمادوا في اللهو، فليس هناك فعل يمكن أن يصبح بريئا. عودوا إلى حظائر الظلام المخدرة، ناموا حتى لا ينتبه أحد إلى استيقاظ أحدكم فتقوم القيامة، وإن لم تنعس الجفون ، عبوا ثم عبوا من الأقداح الروحانية المسموح بها واقرأوا التحذير المكتوب عليها، عبوا حتى تصطفق الأجفان مثل بوابة سجن مأهول – بني للذكرى – عندما يدخله ضيف جديد.
أيتها الشمس الغاربة/ تيهي قليلا حتى يستكمل السياح مشاريعهم وحتى نعلم أننا قادرون على مسابقة الزمن .
انهضي ، أيتها الفاتنة
فالعالم يضج من حولنا.
بلا اكتراث ، كانت تنشج ضحكا
قالت ، بكلمات تتحطم حين تتفوه بها
أي رعب آت تبشرني به
جعجعة خريف أرواحنا المبعثرة ألا يكفي الظلام المسيطر على مخادعنا.
استيقظت العذراء في الذاكرة بوجه مجعد فقد الحياة. خطفت الرياح شبابها ممرغة اياه في الوحل ، تحاول ذلك رغم مقاومة العذراء التي لا تركع للاغراء ات التي تتساقط أمامها من شرفات الاباطرة، التجار وتجار الكلمة، قادة الحروب وجنرالات التجويع ، مصاصي الذهب ومبشري النفط وسط الجماهير االغفيرة، كانت تسير منكسة الرأس ، تغطيها قطع من أردية سوداء، تخفي حزنها لأناس يرجون ويقذفونها بالمعتوهة، هي التي حفظت بكارتها لفتية تتوسم فيهم الرجولة والشجاعة عندما تطلب منهم أن يخوضوا معركة أحراش جسدها الملتهب ، يتوافدون ، كل منهم يقدم لها شيئا من أمنياتها الجميلة ، يحرقون ، يد مرون ، يثورون ، يجنون ويبتهجون بانتصاراتهم الطفولية.
هكذا كانت ، وهكذا كانت الجموع السائدة ترمي لها العظام المسمومة بالخزي وهى تنظر إلى بكارتها وتبكي ، تحاول نزع الوشم السري من فخذيها بجلاميد مدببة بعد أن تأجج بالنار الحمراء، تنتزع الحب الذي كان ولم يكن من قلبها الذي أصبح كنجم هوى فالتهمته الصحراء واندفن .
تتضخم الوجوه التي ترتاد الساحل ، تقصفني بالرعب الدائم ، تتجه صوب البحر، تقف قليلا ربما بسخرية أو بخوف منه ، وترجع على اعقابها بلهاء كما جاءت .
وأرى ما تساقط منها، خيالات مخبرين تتحسس مواطىء الأقدام كيلا يغتسلوا بالبحر، لئلا يتآمروا بالهمس ، حتى لا تلتقي الخيالات بالخيالات ، وتظل الخيالات تحتسي نشوة اكتشافاتها المعرفية التي ستضاف إلى كتب تراثية يعد لها الان .
وتأتي الخاتمة/ اطمئنان ، سلام ، أمن ، استقرار في عصر ذهبي لم يسبق لأمة أن ذلت حتى تعيشه .وجوه أخرى تمضي بصمت ، تتوارى نتوءات جبلية، تمارس طلاسم الحب السرية .
– أشم رائحة شواء دم بشري !!
– تلك هي رائحة الرعشة العظمي .
بعدها بفترة، كاستراحة محارب ، تخرج الوجوه من مخبئها تقهقه ، مبتهجة ابتهاجا سريا، مبللة بالماء وبشهوة الحلم ، ربما،كانت تحلم ، لكن البحر كان يطمس ملامح النشوة حين تقرر الوجوه الاغتسال . لماذا الاغتسال إذن ؟ لم الخزي؟ فتبقى رائحة الحلم دون اغتسال وليبقى البحر بحر المغامرة للمجهول الأسود الذي يحجب الأفق المريض . الحلم حلم والبحر بحر ولكل شهوته .
تلك العذراء، عندما حاولت ذات مرة أن تركب البحر، سألها البحر: إلى أين سترحلين ؟ أجابته إلى جزيرة خضراء زرعها اجدادي لأجيالي .
قال لها. عودي فالجزر الجميلة احترقت والطريق الذي يوصل إليها تلاشى تحت سنابك الخيول الممهورة بالحرب خدعة. انظري إلى ذاك الافق ، إنه معتم بدخان الحرائق التي لن تزول ، وتتلون كل يوم بهالات مغرية من الموضات والنفاق. هناك ، انكسرت واستمر القبح يندمل من بكارتها.
هكذا، إذن ، أيتها العذراء الأبدية تتأبطين الحلم واليقظة، تنتفين الزغب فيسقط الحلم مشاريع صغيرة غير منظورة سرعان ما تكبر في الاحشاء الدافئة حتى تصير أفقا يلامس بحرا من نوارس لا تنام إلا محلقة في الفضاء. لكنك حين تنتفضين ، تتساقط اليقظة معلنة حربها السوداء، تحاصر أحشاءك وأحشاءنا كيلا تصحو الغريزة فيها، كيلا نبث الروح في زغبك الهائل .
وكان البيان الآتي / من عاداتنا أن تبقى الفتاة عذراء حتى لا يداخلها الظن ثم تتمرد. لا تتزوجي إلا من مخلوق فقد أعضاءه التناسلية، ابقى عذراء هكذا كيلا تنجبي ، كي يطل رأسك البراق بلا ذاكرة.
من تحت حجر قرب النتوءات الجبلية تنسل جحافل النمل المهووسة بالغيبة والنميمة وتنتشر في أعينها صورة قاتمة للعذراء التي أبت أن تهتك بكارتها في ساحات المزايدة، لها هيئات بشر متجهمة، بطونها منتفخة، أردافها متورمة وألسنتها ترفل الوشايات والرصاص ، تسترق السمع وتسجل الشهيق وا لزفير .
أتذكر الآن مشهدا من هذا القبيل الفتى الذي يسير بجواري في سوق شعبي مهووس . لمح فتاة ذات اثداء بلورية ينز اللبن منها فلمعت فى رأسه فكرة عانق الفتاة بايحاء منها ومد شفتيه ليمتص رحيق اوهامه من اثداء هللت لمغامرة تنتظرها فجأة انطلقت رصاصة من مسدس حارس السوق شجت جبين الفتى وسقط صريع الوهم الذى ظنه افكارا اما انا فقد عدت من طريق غير الذى جئت منه .
جئت من اقصى الحلم لأرى وجه الحلم الذى كان محكوما عليه غيابيا بالاخصاء.
يختطف البحر وجهى ويهرب وأظل بلا قبلة اتخبط وأقع فى حفرة زغب الوطن الذى نسيته بعد ذلك .
هذا ما استطيع تخيله فى زمن العزلة ربما لان انكسارا دهسنى وانا فى مسبح الاحلام الملونة بأطياف الغابات العذرية وربما لان خفر عذراء اسقط التوهج فى نفسى واستشهدت وانا اردد "لا فائدة لا فائدة من الحلم بالعذاري " الحلم كان نفسى ونفسى كانت الوطن والوطن هو الحلم العذري طفولي ساحر تتيه الاحداق الى هلاكها مثل عذرائى التى مازالت الرماح تمزق خيالاتها ا لمفزعة عقابا لها.
فى هذا المكان فى هذه الساعة كنت اتطلع الى لقاء وجهك المجبول بالفتنة – كالعادة – تتدحرجين الى من طريق سري خلف الجبال وعندما تصلين الساحل تنتصب قامتك شامخة فوق الضباب تكشفين عن فخذيك البضين فأقرأ كلمة السر الموشومة على كل فخذ كلمة، عندها انهض للقائك لكنك لم تأت انتظرت اكثر ولم تأت وبقيت فى مكانى تتسربل العزلة الى روحى فأضيع فى مهب الرياح .
فى ذلك اليوم قيل لي ذاكرتك العذراء رحلت تبحث عن غيابها، عن صمتها، عن عودتها فى ثوب يليق بتاج مملكتها ا لعذراء .
انتظرت اكثر واكثر علك تعودين كبيرة تجرين وراءك مخاضات غربة ولدها الغياب الاجباري لكنى كنت اخشى ان تخونك الذاكرة ان يدب الانتقام الى روحك يوما ما فلا تفرقين بين العاشق والخائن .
كل المشاهد الاحتفالية كل الصور الرائعة كل الاحلام الهائلة هباء تطايرت مندحرة تهاوت صريعة تلاشت فى زمن صعب بلا ماض ولا مستقبل .
كل ساعة فيه يبتكر العالم خديعة جديدة مجزرة براقة شعاره شهوة القتل وفض الشرف ولقاء مع شراسة موعودة .
تائه كنت مثلي كغريب عن نفسه تحملين طوفان اللامعقول لتلبسيه شهوة اللقاء، ذلك العشق الدائم الذى لايموت يبقى لتتناقله الاجيال عبر الاحلام الخيالات عبر ذاكرة منجرحة.
عين ،
تنحدر منها سلالة الحبيبة
ا لعذراء
انا وانت ،
هكذا دائما اللغو المباح
معا بلا خطيئة
ولن تكون
فى سبيل المتصوفين
سنظل
نمضى بعشقنا الوئيد
نحتضن الجراحات التى لاتنتهى
ننحت انفسنا بصمت وننزف
حتى لايقال اننا جبناء
مثل جوهرة مفقودة تكللت عليها التواريخ الغابرة يطل وجهك من مساء يزحف مثل جيش عرمرم اصابته لوثة اثر طنين ذبابة مشبوهة تحوم حول خيمة القائد.
رأيت كهدهد يرنق منخل الايام الضائعة يبحث عنها فى مشروعه الحالم ثقبا ثقبا جزيرة جزيرة سماء سماء وقبل ان ينتهى من رتق ثقب صغير واحد انتقع لونه ثم مات دون ان يتفوه بكلمة واحدة ومضيت فى حال سبيلي المتعثر انا الذى كنت اتطلع الى بسمة الانتصار.
ورأيتك لاهية مع صائد العصافير حيث يختلط الدم عنده برائحة البارود وانا اشم رائحة الدم ا لممزوج با لمطر، دم صبيحة ليلة العرس ، ذلك لم يكن هوس الاعراس لم يفارقنى لكنى ابتعد عنه مسافة عشق كبير.
عصفور اهداك ذلك الصيد انقلب فى يدك الى تنين بحجم الظلام الساخن ركضت خوفا متوسلة سبيلا غير سبيلي
فضعت اطلق الصياد المنية على ظهرك فانكشف القميص عن فردوس جسدى تتباري اليه اودية الشبق اخذ يتسلى ببصره وانت تجرين ، سقط القميص الطويل عن سر الجسد، غنيمة الصيد السادي ارتياح النفس انبلاج الاحداق عن ارداف وجيعة زمن نقش اسماءه عليه .
الجسد الذى عرف حب التراب ، تلوث بدمائه ساعة الولادة وتشبعت اعضاؤه بملح الأرض، صار الحب يشب معه يكبر شيئا فشيئا حتى غدا دمارا، عذابا، سرطانا، لابد ان يستأصل استؤصل بالامس ساعة اشتياقه للخدر والحج اليه من بعيد لكنهم يتحدثون عنه وكأنه سيستأصل غدا.
لكنى رأيتك اكثر مثل قمر يحتجب خلف غيمة كانت تبتسم تارة وتنوح تارة اخرى.
وحين تنهمر الغيمة ويدعونى صوتها مثل مرزاب بيت عتيق يهدر بالسيول ، وعلى مرأى من الناس كنت افض بكارة البحر الهائج وكان الحلم يساعدنى على نصب فخذيه عاليا، انبثقت اسارير الناس كأنها قيح دمل مزمن ، وراحوا يفكرون فى احلامهم .
لكنى جائع . قلت
قلت . لك ان تختار بين ان يكون جائعا وحرا، او ان تكون متخما وعبدا، ها آنذا سأحلق بين دهاليز الفضاء المظلمة وسأكون النجمة التى تهدهد اعضاءك ان تبعتنى.
انا جائع . قلت .
قلت اية وليمة تشبعك ؟
قلت . رأيت الدم الاحمر عندما ينقلب الى لون الجعلان الاسود، ورأيت الهامات تسقط ، رأيت الزمن ينكسر، ورأيت الاطفال المخدرة تحفر قبور مستقبلها، ورأيت الروث البشري يحفظ فى اكياس بلاستيكية ويودع فى الثلاجات الهائلة حتى لاتصيبه الشعارات بالاوبئة المستعصية، انا جائع .
ارضى بطعام الاستسلام ، وليمة التنازل .
قالت وانا ايضا…
فى مساءات الربيع المنسى، أنسل الحلم من رأسى خفية ومضى يبحث عن توائمه فى الشوارع ، فى الحانات ، فى البيوت ، فى الجامعات ، فى النوادى والمسارح والى الآن لم يعد، او ربما عاد لكنى لم اعرفه ، تغيرت سحنته او انه اصبح مخلوقا أخر لم يكن من نسيج جسدى يوما ما.
مشى فى الشوارع يعبر الارصفة المسترخية ببلادة على بطنها محاولا ايقاظها لكنهما تتمادى فى النوم ، وعندما يحاول سؤالها عن توائم مرت من هنا، يرتفع شخيرها الى ان تغلق ابواب السؤال .
يتركها وبمضى باحثا فى واجهات المتاجر عله يجد ثوبها، رائحتها، طيفها، او شيئا يدل عليها ، لكنه رأى التوائم نفسها تعرض داخل زجاجات عطرية بتوقيع احدى ممثلات الاغراء الحنونة .
ورأى – وقبل ان يدخل احد البيوت – الخادمات ينفضن المكانس الكهربائية مما علق بها من توائم ، والبيوت ناصعة ببياض الولاء، تقطر من شرفاتها دماء السهرات الليلية الحمراء.
طاف بالجامعات والنوادى والمسارح وكانت كلها صامتة، نوافذها مغلقة، ستائرها مسدلة ابوابها مرتجة بإحكام وثقوب مفاتيحها سدت بالشمع الاحمر حتى لا ينفذ منها غبار عاصفة توقعوها هوجاء لو هب عليهم بغتة مثل هجمة عساكر يشبهون الريح السوداء لانراهم إلا بأقنعة مطاطية.
اراد ان يلتقط انفاسه عندما دلف الى احدى الحانات التى كانت تعج بمخلوقات بشرية تشبه توائمه لولا ظهورهم
المحدودبة على اقداح فارغة يتآفلون خرابها القادم ويتباكون على الذاكرة التى فقدوها فى فيغان الاقداح ، لكنه خرج مسرعا يغمره الاحساس الثقيل بالعزلة، يبحث عن طرق العودة الى رأسى وكان قد ضيعها.
هكذا، بعد ذلك رأيتني وسط صحراء قاحلة كأننى على موعد مع الموت ، مكبلة امام الحشد الصحراوى بأصفاده
الغامضة الافق المخضب بالغروب ، الكثبان اشباح تطوقنى، تخفى وراء طياتها هوام سامة فى حالة تحفز دائما، العواء الذى تتناقله الجهات كالاشارات السرية، الرمال التى تندفن فيها الاقدام الطرية، الاحساس بالخوف وبأن العالم والحياة بعيدة عنك ، حيث الرغبة فى الاستسلام بعد ان تتهاوى الاحلام تحت قدميك مثل نوارس سممتها مخلفات الناقلات النفطية .
عندما أموت ،
افتحوا جمجمتى برفق ،
فلسوف تسيل منها اودية
النبيذ المعتق ، دافئا
املأوا الكؤوس
وارفعوها عاليا ما استطعتم ،
فى صحتى….
فى صحة زمن لا رفيق له
محمد القرمطي (قاص عماني)