إن الحمامات العمومية أو الشعبية التي ندخلها أو نلاحظ استمرارها اليوم، ليست وليدة عصرنا الحالي، وإنما لها امتداد يغوص في أعماق التاريخ، كما أنها لم تكن حكرا على منطقة دون سواها أو على شعب دون آخر، فما السّر وراء هذا الانتشار الواسع؟ وما هي المآرب التي كانت وما زالت من وراء ارتيادها؟ وما هي الخطط و التصاميم التي خضعت لها في عملية بنائها؟ وما واقعها في البلاد العربية و الإسلامية ؟
1-المعنى اللغوي للفظة» الحمّام»:
ورد الكثير من الشّروح والتفسيرات لأصل كلمة «حمّام» في المعاجم العربية، فنجد الرازي بن محمد يعود بأصل الكلمة الى «الحمّة» بفتح الحاء وتشديد الميم، والتي يعرفها بأنّها العين الحارة التي يستشفي بها الأعلّاء والمرضى(1)، ولقد وردت الكلمة في عدة مواقع من كتب الجغرافيين والرحالة، فقد أورد لنا ياقوت الحموي مثالا عن حمّة الإسكندرية التي تشفي من البرص ومن جميع الأدواء(2)، ويرجع البعض الآخر أصلها الى كلمة «الحميم» والتي تعني الماء الحار، فنقول حمّ الماء، أي سخّنه، واستحمّ أي اغتسل بالحميم، و أحمّه أي غسله بالحميم، فيقول هذا هو الأصل، ثم صار كل اغتسال استحماما بأي ماء كان سواء كان باردا أو ساخنا (3)، كما سمي حماما كل مسبب للعرق(4).
وقد وردت كلمة الحمام مؤنّثة في بعض المواقع ومذكّرة في مواقع أخرى، فنجد زعم الجوهري حين يصف حماما في بيت له ينشد فيقول:
فإذا دخلت سمعت فيها رجة
لغط المعاول في بيوت هداد
ووردت مذكّرة لدى ابن سيده حين يقول «والحمام مشتق من الحميم مذكّر، تذكّره العرب، وهو أحد ما جاء من الأسماء على وزن فعال نحو القذاف والجبان، والجمع حمّامات». و قال سيبويه جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكرا حين لم يكسر جعلوا ذلك عوضا من التكسير»(5).
وعرف الحمام أيضا بـ«الدّيماس» بفتح وتشديد الدال، وهذا ما نجده في لسان العرب في قول ابن منظور» والدّيماس الحمام»(6) وقوله أيضا «والحمام، الدّيماس، مشتق من الحميم»(7)، فقد جاءت الكلمتان مترابطتان في الكثير من المواقع للتمييز، لان كلمة «ديماس» لها عدة معان أخرى في اللغة منها: السّرب أي القبر، فيقال دمسته في الأرض أي دفنته، كما تعني الكلمة أيضا الظلمة الحالكة ، ومن هنا نجد الحجاج بن يوسف الثقفي يسمي سجنه بهذا الاسم: أي الديماس نظرا لظلمته الشديدة (8)، وعرف الحمام لدى البعض بالبلاّن ،لأنه يبل داخله بمائه أو بعرقه (9).
2-بداية ظهور الحمامات الشعبية وتوسعها :
يؤكد الكثير من الرواة والمؤرخين القدامى أن أول من دخل الحمام هم الفراعنة ، لكن دون ذكر اسم هذا الفرعون(10)، وهناك إشارات أخرى الى أن النبي سليمان عليه السلام هو أول من صنع الحمام بمساعدة الجن(11).
وتشير أكثر المصادر الى أن إنشاء الحمامات الشعبية يعود الى العصر الروماني في ايطاليا أو في الولايات الرومانية، في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت الفكرة في إنشائها بسيطة للغاية، تقوم على مجموعة من الأحواض الصغيرة التي تحتوي على الماء البارد والساخن، وبعض دهانات المساج وبعض التدليك، وكانت مفتوحة أمام العامة صغارا وكبارا دون مقابل، وتواجدت حمّامات خاصة بالأباطرة مثل نيرون و دقلديانوس وغيرهم، اتسمت بضخامتها إذ ضمّت في جنباتها مكتبات وملاعب وحدائق، فكانت بذلك تقوم بدور ترفيهي استجمامي الى جانب دورها في عملية الاغتسال.
أما الحمامات الشعبية أو العامة في البلاد العربية الإسلامية، فظهرت مع بداية العصر الإسلامي وتحديدا
بمصر،إذ أنشأ عمرو بن العاص أول حمام بالفسطاط(12)، ويعتبر أول حمام عمومي في مصر أيضا، أما في العصر الفاطمي فيذكر المقريزي أن الخليفة العزيز بالله هو أوّل من بنى الحمامات بها -أي بمصر-، وازدادت ازدهارا وانتشارا بشكل خاص في العهد العثماني، ومن الحمامات المصرية التي لا تزال قائمة نذكر حمام الملاطيلي الواقع في حي باب الشعرية والذي يزيد تاريخ تشييده عن الخمسمائة وثمانين عاما، وحمام قلاوون وحمام السلطان أينال وحمام باب البحر،و باتساع رقعة الدولة الإسلامية وازدياد عدد المسلمين، ازدادت أعداد هذه الحمامات بشكل مذهل، فلقد اشتهرت بلاد الأندلس المفقود بحماماتها الكثيرة وخاصة مدينة قرطبة، التي تجاوز عدد الحمامات بها التسعمائة(13)، فكانت ملازمة لدور العبادة ، وتقرن دوما بكلمة المسجد،فنجد ابن حيان يروي قائلا» إن عدة المساجد عند تناهيها-أي قرطبة- في مدة ابن أبي عامر ألف وستمائة مسجد والحمامات تسعمائة حمام»(14).
ونفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لبلاد الشام، التي يقول عنها ابن بطوطة حين زيارته لها «وأكثر قرى دمشق فيها الحمامات والمساجد الجامعة(15)، وينطبق الأمر ذاته على فلسطين ولبنان، إذ نجد نفس هذا الرحالة ينبهر بما رآه بهما من حمامات حسان كحمام» القاضي القرمي» بطرابلس – الشرق-، وحمام «سمندور» نسبة الى أمير هذه المدينة(16)، أما ابن جبير فيذكر أنه كان بدمشق عند زيارته لها سنة 580هـ/1185م ما يقارب المائة حمام ونحو أربعين دارا للوضوء يجري بها الماء(17)، ومن أشهر هذه الحمامات حمام نور الدين في محلة البزورية الذي أنشئ في عهد نور الدين بن زنكي، الملك العادل و المتوفي سنة سبعين وخمسمائة،حسب صاحب البرق الشامي(18) والذي لايزال متواجدا، وقد رمّم وأصبح من المعالم السياحية السورية، هذا الى جانب حمام التّوريزي الذي يعود بناؤه الى العهد المملوكي، أمّا ما يعود منها الى العهد العثماني، فنجد حمام فتحي وحمام الرّفاعي، كما لم تغب هذه الحمامات عن مدينة حلب إذ انتشرت في معظم أحيائها، حتى بلغ عددها حسب بعض المؤرخين المائة وسبعة وسبعين حماما حسب ابن الشحنة في كتاب الدر المنتخب في تاريخ حلب وكامل الغزّي في كتابه نهر الذهب في تاريخ حلب(19)، ومن أشهر تلك الحمامات، حمام يلبغا الناصري الذي يعود بناؤه الى بداية العصر المملوكي في حلب في منتصف القرن الثامن الهجري، الذي أهمل منذ مجيء المغول حتى نيابة الأمير المملوكي سيف الدين يلبغا الناصري الذي قام بترميمه حوالي سنة 1417م ،فحمل اسمه منذ ذلك الوقت،ثم أعيدت عملية ترميمه سنة 1960م.
أما عن بغداد فقد ذكر الخطيب في تأريخه قائلا «أن الحمامات بلغ عددها ببغداد لعهد المأمون خمسة وستين ألف حمام، وكانت مشتملة على مدن وأمصار متلاصقة ومتقاربة تجاوز الأربعين»(20)، ومما تجدر الإشارة إليه أن بناء هذا النوع من الحمامات بدأ بها محتشما وخاصة بالبصرة، فكانت لا تبنى إلا بإذن من الولاة، ليصدر بيان منهم فيما بعد يسمح بتشييدها، فكثرت بذلك الحمامات وأصبحت أمرا عاديا(21). ويروي القحذمي وغيره أن أول حمام اتخذ بالبصرة هو حمام عبد الله بن عثمان ابن أبي العاص الثقفي، في موضع بستان سفيان بن معاوية الذي بالخريبة، أما الثاني فهو حمّام فيل مولى زياد، و الثالث حمام مسلم ابن أبي بكرة في بلال آباذ ، وهو الذي صار لعمرو بن مسلم الباهلي(22)، فيقول البلاذري «مكثت بالبصرة دهرا وليس بها إلا هذه الحمامات» وهذا ما يؤكد قولنا السابق بأن انطلاقتها كانت بطيئة أو محتشمة.
أما اليمن فيمكن أن نعتبر الحمامات الشعبية أحد أبرز معالمها، وخاصة بمدينة صنعاء القديمة(23)، حتى أنها أصبحت جزءا من طابعها الاجتماعي وتقاليد المنطقة التاريخية، اذ يعتبرها سكان المنطقة فضاء صحّيا للاسترخاء وتجديد النشاط والحيوية، ويعود إنشاء هذه الحمامات باليمن حسب الكثير من الاكتشافات، الى الدولة السبئية في الألف الأولى قبل الميلاد، لكن أكثرها تم تشييده في العهد العثماني الأول بالمنطقة، ولهذا أخذت اسم الحمامات التركية، ومن أشهر هذه الحمامات حمام الحميري وحمام الأبهر وحمام الجلاء وحمام القزالي وحمام القرعة وحمام سبأ وغيرها.
أما في بلاد المغرب الإسلامي فظهرت الكثير من الحمامات التي تأثرت في بناءها وشكلها بالطراز الأندلسي، ففي المغرب الأوسط(24) وتحديدا بعاصمة الدولة الزيانية- تلمسان-، نجد أحياء المدينة ودروبها تزخر بالحمامات الأنيقة، التي كانت تلحق بالبناءات الاجتماعية والدينية بما في ذلك بيوت الله(25)، والتي كان العاهل أبو تاشفين أكثر المهتمين ببنائها(26)، ومن تلك الحمامات «حمّام العالية» الذي يقع بالقرب من باب الحديد، والذي يصفه الرحالة العبدري بأنه أحسن وأنظف حمامات المدينة، وبذلك أكتسب شهرة فائقة ، فقل أن تجد له نظيرا في تلك الفترة (27).
أما حمّام الصبّاغين و الذي كان الشّيخ أحمد بن الحسن الغماري كثير التردد عليه، فيعد من أقدم حمامات تلمسان، ويقع بالزقاق الرابط بين شارع معسكر وخلدون، ويعود سبب هذه التسمية الى وقوعه بجوار سوق الصباغين بذلك الحي، ولا يزال موجودا الى اليوم (28)، كما نجد حمام الطّبول الذي ورد اسمه في وثيقة الأوقات التي أصدرها أبو حمو موسى الثاني والخاصة بالمدرسة اليعقوبية ،وحمام سيدي بومدين(29) بالعباد والذي لا يزال يقوم بوظيفته الى يومنا هذا في استقبال مريدي هذه الحمامات الشعبية،فكان لكل حي حمام خاص به تقريبا،كما وجدت حمامات خاصة في منازل الأغنياء وفي قصور السلاطين والأمراء والوزراء(30) تجنبا لمخالطة العوام بهذه الحمامات.
وبمدينة فاس المغربية وجدت أيضا الكثير من الحمامات والتي كانت حسب الحسن الوزان أوفر ماء من نظيرتها في المغرب الأوسط (31)، وتعود بداية بنائها الى عهد يحيى بن محمد بن إدريس في النصف الأول من القرن الثالث الهجري الذي أمر ببناء الحمامات والفنادق للتجار(32)، ثم ازدادت عددا في عهد المرابطين وتحديدا في عهد يوسف ابن تاشفين مؤسس دولة المرابطين، إذ بدخوله مدينة فاس، أمر بهدم الأسوار التي كانت فاصلة بين المدينتين عدوة القرويين وعدوة الأندلس وصيرهما مصرا واحدا، حصّنهما وأمر ببناء المساجد في شوارعها وأزقتها، وأي زقاق لم يجد فيه مسجدا عاقب أهله، وأمر ببناء الحمامات والأرحاء (33) فكان إنشاء الحمامات من أولويات هذا الأمير إذ ارتبطت أيمّا ارتباط ببيوت العبادة لان الدولة المرابطية، كانت دولة دينية وبالتالي فالطهارة هي إحدى أهم أسس الدين الإسلامي الذي قامت عليه.
نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لبلاد الأندلس، فقد ارتبطت الحمامات فيها بدور العبادة، فنجد المقري يذكر من حين لآخر ما كانت تزخر به مدن الأندلس بها كالمرية التي كان بها من الحمامات والفنادق نحو الألف، ناهيك عن ما كانت تحتويه أرباضها هي الأخرى من فنادق وحمامات وخنادق وصناعات، مستغلة في ذلك الأنهار المتصلة والدائمة الجريان كربض الوحض(34).
2- دور الحمامات في المجتمعات العربية والإسلامية:
لعبت الحمامات بأنواعها المختلفة دورا هاما في حياة الشعوب منذ آلاف السنين، حيث كانت وسيلة هامة للنظافة وتخفيف آلام الجسم والبحث عن الجمال أيضا، فالفراعنة استعملوا حمامات الطمي، وواروا أجسامهم في الرمال الساخنة، كما عرفوا فوائد الحمامات البخارية وطرق العلاج المائي، فكانت لهم في ذلك طقوس خاصة بهم، ولا تزال بعض آثارهم من تلك الحمّامات قائمة الى غاية اليوم، كحمام كيلوباترا بمحافظة قنا، وحمام فرعون بصحراء سيناء.
أما لاحقا وبانتشار هذه الحمامات وازدياد أعدادها، أصبحت فائدتها لا تخفى على أحد، فنجد صديق بن حسن القنوجي، الذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري يقول «والحمّام وضع صناعي مركب الكيفية للتدبير والاستفراغ في الداخل والخارج معا، وغايته جلب المنافع للبدن ودفع المضار عنه باعتبار حالة عناصر ذلك البدن، فيتبعها صحة أو فساد،والحاجة باعثة الى اتخاذه» (35) أي أن الاستحمام قد يساعد على التخلص من بعض الأمراض وقد يؤدي في نفس الوقت الى مضاعفتها أو الى عكس النتائج المرجوة منه وذلك حسب طبيعة المرض(36)، وقول ابن منظورٌ» الحمّة عين ماء فيها ماء حار يستشفى بالغسل منه»(37)، وما يدل على ذلك حمّة طبرية المشهورة التي ورد عنها في كتاب صبح الأعشى «وهي عين تنبع ماء شديد الحرارة يكاد يسلق البيضة، يقصدها المترددون للاستشفاء فيها بالاغتسال فيها»(38) وقد عوضت هذه العين الحمامات العامة إذ يقول فيها ابن الأثير «وليس فيها حمام- أي في منطقة طبرية- يوقد فيه النار إلاّ الحمّام الصّغير»(39) أي الحمامات الخاصة بالمنازل، وكذا الحمامات المعدنية الشعبية التي اشتهرت بها مدينة عكا، إذ كانت ساخنة من غير نار توقد لها، وتحافظ على حرارتها صيفا وشتاء،منها حمام الدّماقر وحمام اللؤلؤ وحمام المنجدة وعين موقعين وعين الشرق التي كان يقصدها الناس من جميع النواحي من أهل البلايا مقعدين ومفلجين ومرياحين وأصحاب القروح والجرب، فكانوا يقيمون بها في الماء ثلاثة أيام فيبرؤون من أسقامهم(40)، ورغم أن تلك العيون طبيعية أو معدنية بلغة عصرنا، إلاّ أننا أخذناها من باب أنها أصبحت شعبية ومفتوحة أمام الكل، ومن الأمراض التي تناقل الناس شفاءها بواسطة الحمامات الشعبية الأمراض الجلدية وأمراض العظام والمفاصل، رغم إنكار بعض الأطباء المعاصرين لهذا الاتجاه باعتبار أن سكون الألم يكون مؤقتا، وأن مياه هذه الحمامات ليست معدنية ولا تحتوي على كبريت قد يساعد على تسريع عملية الشفاء منها(41).
كما أشار القدماء الى ما تعطيه هذه الحمامات من نشاط لجسم الإنسان، وهذا مانستشفه مما ورد في أبجد العلوم «ينشأ النشاط عن الحمام والكسل عن الإعياء»(42) أي أنه بقدر ما يؤدي التعب والإجهاد الى تناقص نشاط الجسم ،فان الحمام يعمل على إعادته، ويرى الكثيرون وخاصة في الوسط النّسوي أن هذه الحمامات تعيد لهن نضارتهن وحيويتهن، ولذا كنّ أكثر المترددات عليها، ويرى البعض بأن دخول الحمام يعد رياضة فاضلة ومهنة نافعة لتفتيحه المسام وتطريقه وتلطيفه لما غلظ من الكيموسات(43) إذا استعمل بالترتيب الذي ينبغي(44)، وهناك من أنقذته هذه الحمامات من دفن خطا كاد ينهي حياته، إذ يروى في عيون الأنباء أنه مرّت ذات يوم جنازة بالطبيب ابن جميع وهو بفسطاط مصر، فذكر لأصحابها بأن صاحبهم لم يمت وأنهم إذا دفنوه فإنما يدفنوه حيا، فأشار بحمله الى الحمّام،ثم سكب عليه الماء الحار فأحمى بدنه، ونطله بنطولات(45)-أي سقاه جرعات من شراب من قوارير مختلفة- فرأوا به حركة خفيفة، فقال «أبشروا بعافيته»(46).
كما يروى عن أحد ملوك الروم ويدعى سليمان،أنه ظهر في جسمه برص، فعزمت الرعية ومقربوه على خلعه واستبداله لسقوط هيبته وتشوه مظهره بما لا يليق بشخص في مقامه فقال: أنظروني أمضي إلى حمّة الإسكندرية وأعود،فسار إليها في ألف مركب، وكان من شرط هذه الحمّة أن لا يمنع منها أحد يريد الاستشفاء بها،فلما سار إليها فتحوا له أبوابها الشّارعة إلى البحر، فدخلها واستحم في مائها أياما فشفي من دائه(47)ومن هنا نرى بأن الحمامات الشعبية ومنذ القدم مثلت وصفة للكثير من الأمراض والأسقام.
ولم تغب عن القدامى بعض الأضرار الناجمة عن هذه الحمامات، مثل العلامة ابن خلدون الذي أدرك أثر تغير درجة حرارة هواء الحمام عما يلائم رئتي المستحمّ، و الهواء اللازم للدورة الدموية، فيؤدي ذلك الى وفاته، فيقول «وهو أن المنغمس في الماء ولو كان في الصندوق، يضيق عليه الهواء للتنفس الطبيعي وتسخن روحه بسرعة لقلته،فيفقد صاحبه الهواء البارد المعدل لمزاج الرئة والرّوح القلبي، ويهلك مكانه وهذا هو السبب في هلاك أهل الحمامات»(48) وحذّر بعضهم الآخر من أمور يجب تفاديها عند دخول الحمامات، فقد ورد في كتاب الأبشيهي المتوفي سنة 850 للهجرة،أن دخول الحمّام على شبع يعد من المهلكات الخمس(49)،ونفس الشيء أوصى به الطبيب ابن جميع الحجاج ابن يوسف الثقفي،قائلا أربعة تهدم العمر وربما قتلت،منها دخول الحمام على بطنة، أما الطبيب تياذوق الذي عاش في العهد الأول للدولة الأموية ، فقد أوصى بالإكثار من دخولها أي بمعدل مرة واحدة في اليوم فقال«عليك بدخول الحمام في كل يوم مرة واحدة فأنه يخرج من جسدك ما لا يصل إليه الدواء»(50) لكنه حذّر في نفس الوقت من البقاء فيه لفترة طويلة بقوله: «خذ من الحمّام قبل أن يأخذ منك»(51).
وحقا فغالبا ما كانت تلك الحمامات تأتي بنتائج عكسية في بعض الأحيان، ففي سنة 566للهجرة وصف الحمّام للمنصور الفاطمي، وكان الطبيب سليمان الإسرائيلي قد أوصاه بعدم الإقدام على ذلك، فلم يأخذ برأيه وبدخوله الحمام زادت علته، فمات لفقده لحرارته الغريزية حسب ما استنتجه الطبيب سليمان(52)، ومن أمثلة من توفوا بالحمام أيضا، الأوزاعي الذي مات مختنقا بعد أن أغلقت عليه زوجته الباب ونسيته (53).
وهناك من الأطباء المسلمين الذين نهوا عن دخول الحمام بشكل نهائي باعتبار ذلك معفّنا للأجسام ومفسدا للأمزجة مثل أبو مروان ابن زهر الذي رحل إلى المشرق وتطبب به زمانا وتولى رياسة الطب ببغداد ثم بمصر ثم بالقيروان ليستوطن مدينة دانية فطار ذكره فيها إلى أقطار الأندلس والمغرب واشتهر بالتقدم في علم الطب حتى فاق أهل زمانه ومات في مدينة دانية(54) ورد عليه أطباء زمانه بخطأ ما ذهب إليه واعتبروا ما أورده من الآراء الشاذة في الطب، لأن رأيه يخالفه فيه الأوائل والأواخر ويشهد بخطئه الخواص والعوام(55).
والى جانب دور الاستشفاء الذي تقوم به الحمامات، فقد ارتبطت ظاهرة الاستحمام أيما ارتباط بالمدنية وتطور العمران وتوسعه، فأصبحت بذلك مظهرا من مظاهر الترف والتنعم المقتصر على فئة معينة من الناس، وهم الأغنياء،ولذا تواجدت تلك الحمامات بكبريات المدن، وقلما تواجدت بالقرى والمدن المتوسطة وان حدث، فيكون قد تكفّل بـها وبإنشائها بعض الملوك والرؤساء،لكنها سرعان ما كانت تهجر لعدم تلاؤمها مع مزاج أهل تلك القرى لقلة فائدتهم ومعاشهم منها على حد تعبير ابن خلدون(56)، وكأني به يريد القول أن لكل طبقة أو فئة من فئات المجتمع طريقة أو كيفية خاصة للترويح عن النفس وإسعادها، وهذا ما نجده انعكس تماما اليوم إذ أن أغلب من يرتاد هذه الحمامات هم الفقراء أو الطبقة المتوسطة وعامة الناس.
أما عند المسلمين القدامى فقد ارتبط اسم الحمامات بالطهارة كما أسلفنا الذكر، فكانت تغص بالناس أيام الأعياد، التي كانت أكثر أيام السنة إقبالا عليها، ولذلك فقد خضعت للرقابة الشديدة من المحتسب(57) أو صاحب الشرطة، ضمانا لنظافتها وإتباع القواعد الصحية بها واحتراما للآداب العامة والقواعد الأخلاقية ككشف العورات أمام الآخرين(58) أوكل من يتسبب في إزعاج الآخرين وإلحاق الضرر بهم كالدباغين خشية انتشار الرائحة الكريهة أو ذوي الأمراض المعدية كالبرص والجذام. ووجدت ببعض المناطق العربية بعض العيون الحارة التي يخرج مع مياهها القار فيقصده سكانها للاستحمام قصد التخلص من البثور وغيرها من الأدواء، ومن أمثلتها عين القار بالقرب من الموصل والتي تصب في نهر دجلة بالعراق(59) .
رغم أن الكثير من الناس لم يعد يشغلهم أمر هذه الحمامات الشعبية، إلا أن هناك الكثير من عشاقها الذين لا يزالون يتمسكون بما تبقّى منها، ويترددون عليها في مختلف أنحاء الوطن العربي، فهي تمثل لديهم مكانا أو منتدى يلتقي فيه الرجال والنسوة على حد سواء لقضاء لحظات ممتعة، فأهل الشام لا زالوا يعتبرونها «نعيم الدنيا» كما كانت لدى العرب القدامى، فيروى أن حبيب بن سلمة دخل الحمام العليا بحمص، فقال «هذا من نعيم ما ينعم به أهل الدنيا، لو مكثت فيه ساعة لهلكت، ما أنا بخارج حتى استغفر ألف مرّة»(60) ولا تزال تمثل عند أغلبهم موروثا شعبيا منذ أقدم العصور، وعنصرا رئيسيا يندرج ضمن تقاليد الزواج للفقراء والأغنياء على حد سواء، فتؤخذ العروس و العريس مع أقرب الناس إليهما بالإضافة الى الوصيفة والوصيف «الوزير» كما يسمى لدى بعض شعوب المغرب العربي لقضاء فترة من الزمن بداخلها تهيؤا لليلة الزفاف التي تمثل أبهى وأرقى مظاهر الفرح لديهم، ويقول إيّاد صاحب حمام الهناء الشعبي بالعراق «كانت الأعراس تبدأ من الحمامات حيث يأتي العريس وبصحبته مجموعة من أصدقائه المقربين وبعد أن يتم غسله وتشجيعه، يخرجون به الى الزّفة وطبعا مع اغتسال الجميع على نفقة المعرس»(61) .
والى جانب دور الاغتسال والتطهر والترفيه عن النفس، فقد لعبت هذه الحمامات دور الفندق، فاشتملت على أماكن خاصة لذلك يقصدها الغريب عن المدينة للمبيت(62) مقابل مبلغ من المال، ومازالت هذه العادة مستمرة في الكثير من مدن المغرب العربي كالجزائر والمغرب الأقصى، ومن العادات المرتبطة بالاستحمام، قول البعض للخارج منه طاب حميمك، أي استحمامك، لكن ابن منظور يرى بان كلمة حميمك هنا تعني عرقك، وتختلف هذه العبارة من بلد لآخر حسب اللهجة المحلية، فسكان بلاد الشام يقولون «نعيما» أما سكان منطقة المغرب العربي حاليا فيقولون «بصحتك» أي هنيئا لك كدلالة على جمال ونفع عملية الاستحمام.
3.تصميماتها وطرق عملها:
تعتبر الحمامات البغدادية حسب ابن بطوطة من أبدع وأبهى الحمامات التي زارها في البلاد التي طاف بها،سواء من حيث طريقة بنائها أو طريقة عملها وتنظيمها، حتى أن بغداد أخذت شهرتها من حماماتها التي فاق عددها الستين ألفا، وأحسن ما كانت في أيام الرشيد(63)، فإلى جانب عددها الكبير، فقد تميزت بطريقة خاصة في بنائها وإبراز مظهرها الخارجي للناس، إذ كانت تطلى بالقار فيتبادر الى ذهن الرائي أنه رخام أسود(64)، وهذا القار يجلب من عين بين الكوفة والبصرة، تنبع به ولا تنقطع حتى يصير في جوانبها كالصلصال، فيجرف منها ويجلب إلى بغداد.وحسب ما أورده بدر الدين الحسن بن زفير الإربلي في وصف أحد الحمامات البغدادية قائلا: رأيت ببغداد في دار الملك شرف الدين هارون ابن الوزير الصاحب شمس الدين محمد الجويني حماما متقن الصنعة حسن البناء كثير الأضواء قد احتفت به الأزهار والأشجار فأدخلني إليه سائسه وذلك بشفاعة الصاحب بهاء الدين بن الفخر عيسى المنشئ الإربلي وكان سائس هذا الحمام خادما حبشيا كبير السن والقدر، فطاف بي عليه وأبصرت مياهه وشباكيكه وأنابيبه المتخذ بعضها من فضة مطلية بالذهب وغير مطلية وبعضها على هيئة طائر إذا خرج منها الماء صوّت بأصوات طيبة، ومنها أحواض رخام بديعة الصنعة، والمياه تخرج من سائر الأنابيب إلى الأحواض ومن الأحواض إلى بركة حسنة الإتقان، ثم منها إلى البستان ثم أراني نحو عشر خلوات كل خلوة منها صنعتها أحسن من صنعة أختها، ثم انتهى بي إلى خلوة عليها باب مقفل بقفل حديد، ففتحه ودخل بي إلى دهليز طويل كله مرخّم بالرّخام الأبيض الساذج، وفي صدر الدهليز خلوة مربعة تسع بالتقريب نحو أربعة أنفس إذا كانوا قعودا، وتسع اثنين إذا كانوا نياما ورأيت من العجائب في هذه الخلوة أن حيطانها الأربعة مصقولة صقالا لا فرق بينه وبين صقال المرآة، يرى الإنسان سائر بشرته في أي حائط شاء منها، ورأيت أرضها مصورة بفصوص حمر وصفر وخضر ومذهبة وكلها متخذة من بلور مصبوغ بعضه أصفر وبعضه أحمر فأما الأخضر فيقال إنه حجارة تأتي من الروم وأما المذهب فزجاج ملبس بالذهب، وتلك الصورة في غاية الحسن والجمال على هيئات مختلفة في اللون وغيره(65) من هنا ندرك بأن الحمامات الشعبية العربية وخاصة ببغداد كانت على درجة عالية من الإتقان وإبراز الناحية الجمالية.وحسب ما روي أيضا عن بعض الحمامات البغدادية، أنه وجد في صدر إحدى الخلوات حوض رخام مضلع وعليه أنبوب مركب في صدره، وأنبوب آخر برسم الماء البارد والأنبوب الأول برسم الماء الفاتر، وعن يمين الحوض ويساره عمدان صغار منحوتة من البلور يوضع عليها مباخر الند والعود و قد أنفق عليها أموال كثيرة(66)من هنا تتجلى لنا التقنية الإسلامية في الحمامات في وقت كانت غائبة عن البلاد النصرانية التي كانت تئن تحت نير الجهل والظلام والاستعباد،فهم أي العرب أول من أنشأ شبكة مياه في مواسير من المعدن توصل الماء بانتظام الى الحمامات الشعبية والى البيوت أيضا .
أما في بلاد الشام فقد استعمل نوع من الآجر الخاص بالحمامات يعرف بالقرميد، وهذا ما نستشفه مما ورد في لسان العرب «القراميد في كلام أهل الشام آجر الحمامات»(67) نظرا لما لها من قوة وقدرة على تحمل حرارة النار المستعملة في تسخين المياه وحفظ حرارة الحمام.
كان في كل حمام من حمامات بغداد خلوات كثيرة، وكل خلوة منها تفرش بالقار، يطلي نصف حائطها مما يلي الأرض به، أما النصف الأعلى منه فيطلى بالجصّ الأبيض الناصع، فالضدان بها مجتمعان متقابل حسنهما حسب تعبير ابن بطوطة(68)، وكانت كل خلوة تحتوي على حوض من الرخام، فيه أنبوبان أحدهما يجري بالماء الحار والآخر بالماء البارد، فيدخل المستحم الخلوة منها منفردا لا يشاركه أحد إلا إذا أراد ذلك، وفي زاوية كل خلوة أيضا حوض آخر للاغتسال، فيه أيضا أنبوبان يجريان بالحار والبارد، وهذا ملا نجده في حمامات المغرب الأقصى التي كانت تتكون من خلوة واحدة حالت دون دخول البعض إليها(69).
وما يمكن قوله أن الحمامات الشعبية قد تميزت في تخطيطها وعناصرها بالاستقرار، لكن قد تختلف في التفاصيل والعناصر الأخرى ، ففي مصر كانت الحمامات إما مقتصرة على الرجال أو مزدوجة، أحدها للنساء والآخر للرجال على شكل متناظر يفصل بينهما حائل وهي تحت تصرف نفس العائلة كما هو الحال في حمامات طبرية التي ذكرها ابن بطوطة(70)، أو مختلطة، يدخلها الرجال ثم النساء، أو العكس وما زالت الكثير من الحمامات الشعبية وخاصة في بلاد المغرب العربي تتبع النظام الأخير. كما كانت تلحق في بعض الأحيان بمطاعم شعبية.
وما تشترك فيه الحمامات العامة هو تكوين الحمام، من حيث الحجرات واختلاف حرارتها، التي كانت قد أشار إليها بطليموس في قوله «تحتاج الأبدان الى تغير الفصول، فالشتاء للتجميد والصيف للتحليل والخريف للتدريج والربيع للتعديل» وعلى ذلك يقال أنّ أصل وضع الحمام أربعة بيوت بعضها دون بعض على التدريج ترتيبها على الفصول الأربعة (71)، إذ يمكن تجزئته الى ثلاثة أقسام هي البارد أو البرّاني حسب أهل بلاد الشام حيث نجد «المعلم» صاحب الحمام أو «المعلمة» أو شخصا ينوب عنه في تحصيل الرسوم ، وحيث يتخلص الناس من لباسهم مقابل ثمن يأخذه الحمّامي إذ توضع في دواليب أو رفوف، ثم يرتدون المآزر الخاصة بالعملية، ويقومون ببعض التمارين الجسمانية، وهي ظاهرة متوارثة من أيام الرومان، وتعرف هذه الحجرة أيضا بالمسلخ، وكثيرا ما كان المستحمّون يتبادلون الثياب فيما بينهم دون قصد، ومن بين ما تورده الكتب التاريخية،قصة إسحاق اللبّاني الذي قال: «رأيت مرّة في نفسي انه قد صفا لي حال من الذكر ،ثم أنى احتجت الى دخول الحمام فدخلته، وقضيت حاجتي فخرجت ولبست ثياب إنسان على بدني ولبست ثيابي فوق تلك الثياب وأنا لا اعلم، وخرجت ومشيت فإذا صائح يصيح بي،يا شيخ فالتفت، فإذا صاحب الحمام فقال لي: ثياب الرجل والرجل في الحمام عريان، فقلت له وأين ثياب الرجل، فقال: عليك، فنزع ثيابي ونزع ثياب الرجل، فصرت أعرف في ذلك الموضع بسارق الثياب من الحمامات»(72).
ثم يلي ذلك القسم الفاتر «الوسطاني»والذي يعتبر مرحلة انتقالية، حتى لا يصطدم جسم المستحمّ مباشرة بالساخن، وحجرة يستريح فيها المستحم إذا أتعبه الجو الحار للحمام أيضا،أما الجزء الأهم فهو الساخن «الجويني» أين تتم عملية الاستحمام و التعرّق وعمليات التدليك وغيرها،كما أن معظم هاته الحمامات تبتدئ بممر طويل يصل بين المدخل و المسلخ أو ما سبق أن أسميناه بالبارد هذه الصفة التي بدأت تندثر تدريجيا في الحمامات الشعبية العصرية إذ لم يعد هذا الممر من أساسياتها إذ اختصر في بعضها لمتر أو مترين.
وفي اليمن يتكون مبنى الحمام من ثلاث غرف أيضا تأخذ نفس الترتيب من حيث درجة الحرارة، وهي متلاصقة تبنى تحت الأرض، أما ما يظهر على السطح فهو قباب تشكل سطح تلك الغرف الثلاث، وتؤمن لها دخول الضوء عبر نوافذ زجاجية.
وقد تواجدت بعض الحمامات العثمانية التي تختلف في تصميمها العام نسبيا عن الحمامات الشعبية الأخرى، إذ تتكون من عدة غرف متدرجة من حيث سخونتها تنتهي بقاعة كبيرة توجد بمنتصفها نافورة للماء الساخن ينبعث منها البخار ، حيث تتم عملية الاسترخاء والتدليك من طرف مختصين.
كانت مياه الحمامات تسخن بالحطب ، وكان لكل نوع من الحطب درجة حرارة معينة تنعكس على لذاذة الحمام وعشق الناس له، وهذا ما ندركه من قول ياقوت الحموي «وفي المدينة من الحمامات ما لا يوجد مثله في مدينة أخرى لذاذة وطيبة لأن وقودها الآس، ومياهها تسعى سعيا بلا كلفة»(73) فحمامات بلاد الشام ومعظم بلاد المغرب الإسلامي توقد النار بها تحت أرض الصهريج المعد لتسخين الماء، ويعرف هذا المستوقد بالارّة(74) ليتم توزيعها في قساطل قرميدية أو إسمنتية داخل القسم السّاخن، كما استعملت في بعض الأحيان المخلفات الحيوانية الجافة في ذلك(75) وبقايا الزيتون المعصور في بعض بلدان المغرب العربي كالجزائر والمغرب الأقصى، أما حاليا فقد أصبحت طاقة الديزل والغاز هي البديل والمسيطر عليها، كما كان لنوعية المياه دور في جودة وشهرة الحمام، ففي مصر مثلا نجد أن الحمامات التي كانت تقع بالقرب من نهر النيل كانت جيدة لأن مياهها كانت تجلب من الآبار ذات المياه العذبة أو الحلوة على حد تعبير المقدسي(76) وكلما ابتعدنا عن هذا النهر كلما قلت جودة المياه فنجده يقول «وما بعد كريهة وأطيب الحمامات ما كان على الشط»(77).
وفي بعض البلاد العربية وضعت قوانين صارمة بخصوص المياه المستعملة التي تخرج من الحمامات إذ منع صرفها نحو الأنهار كنهر دجلة ، أو حتى جلب مياه الحمامات منها فألزم أربابها بحفر آبار للمياه(78)
وفي بلاد الأندلس كانت توضع في بهو بعض الحمامات بعض الصور الملفتة لانتباه العوام الذين يترددون عليها،فقد وجدت بأحد حمامات اشبيلية صورة جارية من مرمر معها صبي، تبين من خلال ملامح وجها وجسدها وكأن حية تريد ابنها بسوء ، فكانت حسب صاحب النفح لا تحاكى في إبداعها وإتقانها(79).
4.بعض عادات الاستحمام المتوارثة ولوازمه :
كان كل داخل الى الحمام يعطى ثلاث فوط، إحداها ينزل بها عند دخوله، والأخرى يأتزر بها عند خروجه، أما الثالثة فينشف بها الماء عن جسده(80) أما اليوم فأصبح قاصد هذه الحمامات يتزود مسبقا بفوط خاصة به، ثم يضع في رجليه قبقابا وهو النّعل المتخذة من خشب بلغة أهل اليمن كي تحميهما حرارة أرضية الحمام وبرودة أرضية المسلخ، فظهر أناس مختصون في صناعتها يعرفون بالقبقابجية، ولا تزال هذه الصناعة مستمرة وخاصة في بلاد الشام، لكنها آيلة الى الزوال لاستعاضة الناس عنها بنعال بلاستيكية حديثة الصنع، إضافة الى السّطل أو الطّست التي كان يوفرها لهم الحمّامي ويؤجر عليها (81) كما كان لكل حمام عمال خاصون، ذكرهم صاحب المنتظم، وهم خمسة: القيم أي الذي يقوم مقام صاحب الحمام،ومؤنثه القيمة، و الحمّامي ويأتي في المرتبة الثانية ويراقب كل أمور الحمام ، أو بعبارة أخرى منسق بين الأطراف الأربعة الأخرى، أمّا الزبال فهو القائم على نظافة الحمام بالتقاط الأوساخ منه، والوقاد الذي يعمل على توفير الحطب و إيقاد النار بالحجرة المخصصة لها،ثم السقاء وهو الذي يتكفل بملء الدلاء بالماء وسقي من يريد ماء وغسل المستحمين ويعرف في بلاد الشام بالآيم والأنثى بالآيمة(82). أما اليوم فنجد المعلم أو المعلمة اللذين يتوليان إدارة الحمام ، يساعدهما الأيم أو الآيمة حسب اللهجة الشامية، وهما يتوليان غسل المستحمين، ثم نجد الناطور أو الناطورة، التي تجلب المناشف والسترات للمستحمات إذا أردن الخروج من الساخن، وتضطلع بمهمة تنظيف الحمام بعد خروج المستحمات، وكثير من البلدان العربية كبلاد الشام مثلا، وعلى أساس أن بغداد كان بها في تلك الفترة ستون ألف حمام، فقد قدر صاحب المنتظم عددهم ثلاثمائة ألف رجل، وبالتالي فقد كانت تلعب دورا في إعالة الكثير من الأسر، وكانت بعض هذه الحمامات تحتوي على حلاقين للشعر .
وكان المستحم يتزود ببعض الضروريات ومنها نوع من الطين يستعمل في غسل الشعر(الغاسول)، ولا يزال استعماله مستمرا لدى نساء المناطق الريفية في بلدان المغرب العربي ومنها الجزائر والمغرب الأقصى، وكانت هناك مناطق معينة يستخرج منها هذا الطين كالنعمانية إحدى قرى مصر، فكان بها حسب صاحب المعجم «مقلع للطين تغسل به الرؤوس في الحمامات»(83)، كما كانت الّنسفة لازمة من لوازمه، وهي قطعة من حجارة تسمى الحرة وهي نخرة ذات نخاريب ينسف بها الوسخ عن الأقدام داخل الحمامات(84)، أما في الوقت الحاضر فقد حلت محلها وبشكل يكاد يكون كليا «الليفة»وهي قطعة من القماش الخشن التي تستعمل في إزالة الجلد والخلايا الميتة،مع استمرار استخدام بعض هذه الأدوات التقليدية في بعض البلاد العربية كمصر كقطع القماش الخشن والحجر الأحمر لحكّ جلد القدمين واليدين قصد إعطائهما النعومة اللازمة .
وعادة ما يجلس المستحم في الغرفة الساخنة حتى يتعرّق جسمه،ثم يتولى مختصون «الدلاّكون» عملية تنظيف جسمه مستخدمين الألياف الطبيعية والصابون ثم يعود ليغتسل بالماء أو يبقى في حال استرخاء لفترة من الزمن، ليقوم الحمّامي أو المدلك بعدها بتدليك جسمه،ومما تجدر الإشارة إليه هو أن العرب هم من أدخلوا على الحمامات الشعبية التدليك كنوع من العلاج الطبيعي، ونظرا لتراجع عدد العاملين في هذه الحمامات فقد أصبح الكثير من الناس يعتمدون على أنفسهم في تنظيف أجسامهم.
منذ ظهورها والصابون يعد إحدى ضرورياتها، فكان كل فرد في بغداد يحتاج في ليلة العيد لرطل من الصابون(85)، والذي استعمل لأول مرة من طرف النبي سليمان عليه السلام (86) وكانت له عدة مصادر باختلاف المنطقة، فقد صنع من نوى شجر «الفاريتي» الذي يشبه الليمون في حمله والكمثري في طعمه(87)، وصنع في مصر وتحديدا بمدينة قفط الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل من البقول التي كانت تجمع بذورها وتطحن لتستخرج منها أنواع عديدة من الصابون والادهان وتباع في كل أنحاء مصر وتصدر الى مناطق عدة لما عرف عناه من نظافة وطيبة(88) كما صنع من الزيتون، وكانت تتخذ منه عدة ألوان كاللون الآجري والأصفر الذي اختصت به مدينة سرمين(89 )وكان يعرف بالمطيب ويصدر نحو مصر وبلاد الشام(90) وقد وجدت دكاكين وأحياء خاصة لبيعه عرفت الأولى بوكالة الصابون،أما من يتكفل بعملية بيعها فيعرف بالصابونجي(91)وقد تواجد أيضا بداخل الحمامات كحمامات بغداد التي كان يباع فيها بدانقين وهي وحدة نقدية كانت متداولة آنذاك(92) أما مكان صنعه فيعرف بالمصبنة وفيه تتم عملية طبخه واعطائه شكله النهائي، وقد تواجدت هذه المصابن في عدة مناطق من الأقاليم الإسلامية كمصر وبلاد الشام(93).
5.المقدس والدين والحمامات الشعبية:
بقدر ما ارتبطت الحمامات الشعبية بالطهارة،وبقدر ما اقترنت ببيوت العبادة، فقد كان للدين الإسلامي رأي فيها، ولهذا ظل الكثير من المسلمين منذ العهود الأولى للإسلام والى يومنا هذا متحفظين أو ممتنعين عن دخولها ، سواء من قبل الرجال أو النساء، وذلك لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من أحاديث تحرّمها أو تضع حدودا وشروطا لدخولها، فنجد الموصلي يقول «ومما هو أشد نكيرا أمر الحمامات، فإن الناس قد أصروا بها على الإجهار وترك الاستتار والتهاون بأمر العورات، التي لصاحبها اللعنة وله سوء الدار، والنساء في هذا المقام أشد تهالكا من الرجال، وقد أخبر رسول الله بها فيما ورد عنه من الأخبار وجعل صاحبها معدودا من زمرة أصحاب النار(94)، وروى التّرمذي أن النبّي (ص) قال «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمّام» والمقصود بالحليلة الزوجة، وفي حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الرّجال والنّساء عن دخول الحمّامات، ثم رخّص للرجال أن يدخلوا وعليهم الأزر ولم يرخّص للنساء »(95) وقال الإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني في كتابه «وبل الغمام» أنها قد وردت في الحمامات روايات غالبها الضّعاف، فيها ما هو في رتبة الحسن، وحاصل ما دلت عليه تحريم دخوله على النساء مطلقا وعلى الرجال إلاّ في المآزر»(96)، كما يروى أن نسوة من أهل حمص دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت: «لعلّكن من اللواتي تدخلن الحمامات؟» فقلن: «أما إنا لنفعل ذلك» فقالت عائشة رضي الله عنها» أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ما بينها وبين الله عزّ وجل» هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عائشة لا أعلم عنه راويا غير يزيد بن أبي زياد (97)، كما يروى عن عمر بن الخطاب أنه أوصى قائلا«…ولا يحل لمؤمن أن يدخل الحمام إلا بمئزر ولا امرأة إلا من سقم» ورغم ذلك فقد كان أهل فاس العتيقة يختلطون في الحمامات، لأنها كانت ذات صحن واحد ولا خلاوى فيها،ولذلك كان غالب رؤساؤهم يتخذون الحمامات في بيوتهم فرارا من مخالطة العامة فيها(98)، وقد يكون ذلك من باب الترفّع عن العامة أو خشية افتضاح العورة والوقوع في الحرمة، ولعل أبو عبد الله الحسين أجاد حين وصف تلك الحالة –أي ظاهرة الاختلاط في الحمامات حين ردد في شعره قائلا:
ومنزل أقوام إذا ما التقوا بـه
تشابه فيه وغده ورئيســـه
يخالط فيه المرء غير خليطـه
ويضحي عدو المرء وهو جليسه
ينفس كربي أن تزيد كروبه
ويونس قلبي أن يقل أنســه (99)
لاتهمنا هنا صحة الأحاديث أو ضعفها، وإنما أثر الدين في ارتياد الناس لهذه الحمامات، والكيفية التي فرضها في ذلك حتى أصبحت عادة لصيقة بالكثير ممن يترددون على هذه الحمامات والى يومنا هذا، فنجد المقتدر بأمر الله يمنع الناس أن يدخلوا الحمام إلا بمئزر، كما منع اللّعب بها لئلا تنكشف العورات فيطّلع البعض على حرم البعض الآخر، ولهذا فغالبا ما نجد هذه الحمامات والى يومنا تحتوي على سترات أو مآزر لمن يريد ذلك، ويحكى أن أحدا دخل على أبي حنيفة الحمام من غير مئزر فلما رآه غمض عينيه فقال الرجل متى أعماك الله؟ فردّ «حين هتك سترك»(100)، لم يكن إلزام المستحم بالائتزار اعتباطيا بل نتيجة لما كان يحدث فيها من تجاوزات مخلة بالأخلاق والآداب العامة، إذ كثيرا ما تغنى البعض بأجساد الرجال أي من بني جنسه، ومن أمثلة ذلك ما ورد في كتاب نفح الطيب ، إذ ذكر ابن بسام أن الأديبان أبو جعفر بن هريرة التطيلي المعروف بالأعمى وأبو بقي دخلا الحمام، فتعاطيا العمل فيه، وراح كل منهما يصف الحمام بأجمل العبارات، فكان من بين ما قال الأعمى وقد نظر فيه إلى فتى صبيح البسيط:
هل استمالك جسم ابن الأمير وقد
سالت عليه من الحمام أنداء
كالغصن بأشر حر النار من كثب
فظل يقطر من أعطافه المـاء(101)
كما كان لبعض الأحاديث النبوية الشريفة دورا في إعطاء قدسية لهذه الحمامات وبالتالي نظافتها وطهارتها ومنها قول الرسول صلعم «لا يبولنّ أحدكم في مستحمّه»، والمستحم هو الموضع الذي يغتسل فيه، ويوضح ابن منظور ذلك قائلا «نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب منه البول، أو كان المكان صلبا فيوهم المغتسل أنه أصابه منه شيء فيحصل منه الوسواس»(102)، وهذا ما ينمّ أيضا عن مدى ارتباط المسلمين آنذاك بطهارة الجسم والمكان. كما كان للتمايز الديني دورا في ظهور بعض العادات داخل الحمامات أصبحت ملازمة لأهل الذمة من نصارى ويهود،وأدت الى ظهور حمامات خاصة بهم ،إذ يذكر لنا التاريخ أن الحاكم الفاطمي أمر اليهود والنصارى بلبس العمائم السود، وأن يحمل النصارى في أعناقهم من الصلبان ما يكون طوله ذراعا ووزنه خمسة أرطال، وأن يحمل اليهود في أعناقهم قرامي الخشب على وزن صلبان النصارى تمييزا لهم عن المسلمين، وأن يكون في أعناق النصارى إذا دخلوا الحمام الصّلبان وفي أعناق اليهود الجلاجل(103) ليتميزوا بها عن المسلمين، كما أفرد حمامات اليهود والنصارى عن حمامات المسلمين،ونهى عن الاجتماع مع المسلمين في الحمامات،وخط على حمامات النّصارى صور الصلبان وعلى حمامات اليهود صور القرامي (104)، كما منع دخول نسوة أهل الذمة أيضا الحمامات مع المسلمات، وأن تبنى لهن حمامات تخصهن يدخلنها عملا في ذلك بما رجحه علماء الشرع الشريف(105)، ودعا الشافعي غير المسلمين أن يلبسوا قلانس يميزونهم عن قلانس المسلمين، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ويكون في رقابهم خاتم من نحاس أو رصاص أو جرس يدخلون بها الحمام(106).
إن الحمّامات الشعبية مثّلت منذ ظهورها والى يومنا هذا مقصدا شعبيا له مزاياه الخاصة، يجد فيه قاصده ملاذا للتخلص من متاعبه الجسدية وضغوطاته النفسية ومكانا للاغتسال والتطهر، بل تعدت ذلك لتتحول الى مبنى أو مقّر استشفائي يقصده الأعلّاء رجاء الشفاء من الكثير من الأمراض والأسقام ،كما مثلث ناديا مصغرا يلتقي فيه الأحبّة لتجاذب أطراف الحديث والترفيه عن الذات، ومما يؤكد نجاحها هو استمرار وجودها وحفاظها على مظهرها وتصميمها حتى فيما يبنى منها حاليا رغم ظهور الحمامات المنزلية أو حمامات البخار العصرية التي يطلق عليها اسم «الساونا» التي صممت لتعوضها أو تقوم بنفس دورها،لكن يظل للحمامات الشعبية طعمها أو ذوقها الخاص إذ يحسّ الداخل إليها بعبق التاريخ والأصالة بما تستحضره لديه من عادات وتقاليد الأجداد.
قائمة المصادر والمراجع
k أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، القنوجي صديق بن حسن، تحقيق عبد الجبار زكار، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1978.
k أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم، ابن حماد أبو عبد الله محمد، تحقيق التهامي نقرة و عبد الحليم عويس، مصر، القاهرة، دار الصحوة،1401هـ.
k أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، المقدسي محمد بن أحمد، تحقيق غازي طليمات، سوريا، دمشق، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1980م.
k البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، لبنان، بيروت، مكتبة المعارف، بدون تاريخ.
k البرق الشامي، الأصفهاني عماد الدين، تحقيق فالح حسين، الأردن، عمان، مؤسسة عبد الحميد شومان، ط1،1987.
k تاريخ بغداد، البغدادي علي أبو بكر الخطيب، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية ، دون تاريخ.
k تاريخ واسط، الواسطي أسلم بن سهل، تحقيق كوركيس عواد، لبنان، بيروت، عالم الكتب، ط1،1406هـ.
k تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار،الجبرتي عبد الرحمن بن حسن، لبنان، بيروت، دار الجيل، بدون تاريخ.
k تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي أبو عبد الله، تحقيق علي المنتصر الكتاني ، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط4 ، 1405هـ.
k الآحاد و المثاني، ابن الضحاك أحمد بن عمرو، ط1، باسم فيصل أحمد الجوابر ، السعودية، الرياض، دار الراية ، 1411هـ – 1991م.
k حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، الاصبهاني أحمد بن عبد الله ، لبنان، بيروت، دار الكتاب العربي، ط4،1405هـ.
k رحلة ابن جبير،ابن جبير محمد بن أحمد الأندلسي،دار الكتاب اللبناني ، دار الكتاب المصري، بيروت – مصر.
k الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، الناصري أبو العباس أحمد، تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري،المغرب، الدار البيضاء، دار الكتاب ، ط1،1997.
k صبح الأعشى في صناعة الإنشا، القلقشندي أحمد بن علي، تحقيق يوسف علي طويل،سوريا،دمشق، دار الفكر،ط1،1987.
k طبقات الشافعية الكبرى،ابن قاضي شهبة، تحقيق الحافظ عبد العليم خان، لبنان، بيروت، عالم الكتب ط1،1407هـ.
k العبر في أخبار من غبر، الذهبي أحمد بن أحمد، تحقيق صلاح الدين المنجد، الكويت، مطبعة حكومة الكويت، ط2 ،1948م.
k عيون الأنباء في طبقات الأطباء،أبي العباس أحمد، ،تحقيق نزار رضا، لبنان، بيروت، دار مكتبة الحياة،بدون تاريخ.
k الفائق في غريب الحديث، الزّمخشري محمود بن عمر، تحقيق علي محمد البجاوي ، لبنان ، دار المعرفة، ط2،بدون تاريخ.
k فتوح البلدان، البلاذري أحمد بن يحيى بن جابر، تحقيق رضوان محمد رضوان، لبنان، بيروت،دار الكتب العلمية، 1403هـ.
k قرى الضيف،ابن قيس عبد الله بن محمد، تحقيق عبد الله بن حمد المنصور، السعودية، الرياض، أضواء السلف، ط1،1997م.
k الكامل في التاريخ ، الشيباني محمد بن عبد الواحد، تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2،1415هـ – 1995م.
k لسان العرب، ابن منظور محمد بن مكرم الأفريقي، لبنان، بيروت، دار صادر، ط1، بدون تاريخ.
k المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، الموصلي أبي الفتح ضياء الدين، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، لبنان ، بيروت، المكتبة العصرية ،1995.
k مختار الصحاح، الرازي (محمد بن أبي بكر بن عبد القادر )، تحقيق محمود خاطر، بيروت، لبنان ، مكتبة ناشرون، طبعة جديدة،1995.
k المدهش، الجوزي أبي الفرج جمال الدين، تحقيق مروان قباني، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط2،1985.
k المستطرف في كل فن مستظرف، الأبشيهي شهاب الدين محمد، تحقيق مفيد محمد قميحة ، لبنان، بيروت ، دار الكتب العلمية، ط2،1986م.
k معجم البلدان، الحموي ياقوت بن عبد الله، لبنان، بيروت، دار الفكر، بدون تاريخ.
k معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع،البكري عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي، تحقيق مصطفى السقا، لبنان، بيروت، عالم الكتب، ط3،1403هـ.
k المقدمة، ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد،لبنان، بيروت، دار القلم، ط5،1984.
k المنتظم في تاريخ الملوك والأمم،ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي، تحقيق محمد و مصطفى عبد القادر عطا، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية ،ط1،1412هـ – 1992م.
k نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، الإدريسي أبي عبد الله محمد، لبنان، بيروت، عالم الكتب،ط1، 1989م.
k نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري أحمد بن محمد التلمساني، تحقيق إحسان عباس، لبنان، بيروت، دار صادر1968م
المراجـــــــــــــــــــــع:
k تلمسان في العهد الزياني، فيلالي عبد العزيز، الجزائر،الرغاية، موفم للنشر والتوزيع،2002م.
k تلمسان عبر العصور، الطمار محمد بن عمرو،الجزائر،الجزائلر العاصمة، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1984م.
k الدولة الزيانية في عهد يغمراسن، دهينة عطا الله ، ضمن كتاب الجزائر في التاريخ، الجزائر، الجزائر العاصمة، المؤسسة الوطنية للكتاب،1982م.
الجرائد والمعلومات الالكترونية:
1.جريدة الشرق الأوسط،9/2/2008.العدد9935.
2.جريدة النجاح، 60/30/2008.
3.موقع الكتروني www.chatsouria.com
الهوامش
1 – مختار الصحاح، الرازي محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر ، تحقيق محمود خاطر، لبنان، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، طبعة جديدة، 1415 – 1995، ص66.
2 – معجم البلدان، الحموي ياقوت بن عبدالله ، لبنان، بيروت، دار الفكر، بدون تاريخ، ج4، ص268.
3- مختار الصحاح، الرازي، ص66.
4- لسان العرب، ابن منظور محمد بن مكرم الأفريقي، ط،1بيروت، دار صادر، بدون تاريخ،ج12،ص601.
5 – نفسه ، ج12، ص153.
6 – لسان العرب، ابن منظور، ج6،ص88.
7 – نفسه،ج12،ص154.انظر أيضا، أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، القنوجي صديق بن حسن، تحقيق عبد الجبار زكار، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1978،ج2 ،ص257.
8- لسان العرب، ابن منظور،ج6، ص88. انظر أيضا، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، البكري عبدالله بن عبد العزيز الأندلسي، لبنان، بيروت، عالم الكتب، ط3، 1403هـ، ج،2،ص607، انظر أيضا، مختار الصحاح، الرازي، ج1،ص88.
9 – الفائق في غريب الحديث، الزّمخشري محمود بن عمر، تحقيق علي محمد البجاوي ، تحقيق علي محمد البجاوي ، لبنان، دار المعرفة، ج1، ص129.
10 – المدهش ، الجوزي أبي الفرج جمال الدين، تحقيق مروان قباني، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية،ط2 ،1985، ص52.
11 – صبح الأعشى في صناعة الإنشا، القلقشندي أحمد بن علي، تحقيق يوسف علي طويل،سوريا، دمشق، دار الفكر، ط1، 1987، ج1،ص485.
12 – جمعها فساطيط، أما معناها فهو بيت من أدم أو شعر،انظر معجم البلدان،ج4،ص268، وهو الخيمة أيضا، انظر، البداية والنهاية، أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي،لبنان، بيروت، مكتبة المعارف، ج7،ص100.
13 – نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري أحمد بن محمد التلمساني، ،تحقيق إحسان عباس، لبنان، بيروت،دار صادر،1968،ج2، ص353.
14 – نفح الطيب ، المقري،ج2،ص335.
15 – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة محمد بن عبدالله بن محمد اللواتي أبو عبد الله ، تحقيق علي المنتصر الكتاني، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط4،1405هـ ، ج1،ص117.
16 – نفسه ،ص84.
17-رحلة ابن جبير، ابن جبير محمد بن أحمد الأندلسي، لبنان-مصر،دار الكتاب اللبناني، دار الكتاب المصري، بيروت -القاهرة، ص202.
18 – البرق الشامي، الأصفهاني عماد الدين، تحقيق فالح حسين، الأردن، عمان، مؤسسة عبد الحميد شومان، ،1987، ط1، ج3،ص153.
19- موقع الكتروني http://www.chatsouria.com.;
20 – ابن خلدون عبدالرحمن بن محمد، المقدمة، لبنان، بيروت، دار القلم، ط5،1984، ص343.
21 – معجم البلدان ، الحموي،ج1، ص435.
22- فتوح البلدان، البلاذري أحمد بن يحيى بن جابر، تحقيق رضوان محمد رضوان، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية،1403هـ، ص348.
23- جريدة الشرق الأوسط، عادل محمود، 9/2/2008.العدد9935 .
24 – أي المنطقة الممتدة من تخوم الجزائر العاصمة حاليا الى غاية نهر ملوية بالمغرب الأقصى حاليا وعاصمته تلمسان.
25- الدولة الزيانية في عهد يغمراسن، دهينة عطاالله، ضمن كتاب الجزائر في التاريخ، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1982،ص364.
26 – تلمسان عبر العصور، الطمار محمد بن عمرو ، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب،1984 ،ص218.
27 – تلمسان في العهد الزياني، فيلالي عبدالعزيز ، الجزائر، الرغاية،موفم للنشر والتوزيع، ج1،ص140.
28- تلمسان عبر العصور، الطمار محمد،ص206.
29- هو الولي الكبير سيد أبو مدين شعيب، الذي اشتهر بالعبادة حتى تبّرك الناس به فظهرت عليه بركته توفي رحمه الله تعالى في شوال سنة 624 وعاش نيفا وثمانين سنة وله ترجمة بالإحاطة انظر، نفح الطيب، المقري ،ج2،ص1092.
30 – تلمسان في العهد الزياني ، فيلالي عبد العزيز ،ج1 ،ص140.
31 – إن حدود الدولة الزيانية لم تعرف الاستقرار أبدا فكانت دوما في حالة مد وجزر، حتى أنها انحصرت في بعض الفترات داخل تلمسان المدينة القديمة فقط.
32 – الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، الناصري أبوالعباس أحمد، تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري، المغرب، الدار البيضاء، دار الكتاب، ط1،1997،ص231.
33 -نفسه ،ص29.
34 – نفح الطيب ، المقري،ج1،ص163.
35 – أبجد العلوم، القنوجي صديق ،ج2 ،ص257.
36 – نفسه، الصفحة ذاتها.
37- لسان العرب ، ابن منظور، ج 2، ص154.
38 .-صبح الأعشى، القلقشندي، ج4،ص75.
39 – نفسه، الصفحة ذاتها.
40- نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، الإدريسي أبي عبدالله محمد، لبنان، بيروت، عالم الكتب، 1989م، ط1، ص364.
41- جريدة الرياض، العدد13398،28فبراير 2005.
42- أبجد العلوم ، القنوجي صديق،ج2،ص155.
43 – الكيموسة حسب ما أورده ابن منظور، «هي الحاجة إلى الطعام والغذاء، أما الكيموس في عبارة الأطباء، فهو الطعام إذا انهضم في المعدة قبل أن ينصرف عنها ويصير دما، ويسمى أيضا الكيلوس» وهي كلمة يونانية دخيلة على القاموس العربي، انظرمعجم البلدان، الحموي ياقوت،ج6،ص197.
44 – عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أبي العباس أحمد، تحقيق نزار رضا ، لبنان، بيروت، دار مكتبة الحياة، بدون تاريخ،ص517.
45 – نطل أو انتطل أي صبّ الشيء اليسير من سائل أو جرعة من شراب، فيقال انتطل من الزّق نطلة إذا اصطبّ منه شيئا يسيرا، ومنه قيل للقدح الصغير الذي يري فيه الخمار النموذج ناطل. انظر، الفائق في غريب الحديث، الزمخشري،ج3،ص445.
46- عيون الأنباء في طبقات الأطباء ،أبي العباس،ص577.
47- معجم البلدان، الحموي،ج4،ص268.
48 – المقدمة، ابن خلدون،ص36.
49 – المستطرف في كل فن مستظرف، الأبشيهي شهاب الدين محمد، تحقيق مفيد محمد قميحة ، لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986م، ج2ص765.
50 – عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، أبي العباس،ص180.
51 – نفسه، ص 179.
52- الكامل في التاريخ ، الشيباني محمد بن عبد الواحد، تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي، لبنان، بيروت ، دار الكتب العلمية، ط2، 1415 – 1995م، ج7، ص242.
53 – العبر في أخبار من غبر، الذهبي أحمد بن أحمد ، تحقيق صلاح الدين المنجد، الكويت، مطبعة حكومة الكويت، ط2،1948م،ج1،ص277.
54 – نفح الطيب، المقري،ج2،ص723. انظر أيضا، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أبي العباس، ص517.
55 – عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أبي العباس، ص517.
56- المقدمة، ابن خلدون،ص377.
57 – البرق الشامي، الاصفهاني، ج5ص138.
58 -نفسه، الصفحة ذاتها.
59- معجم البلدان، الحموي،ج2،ص،529 .
60 – الآحاد و المثاني، ابن الضحاك أحمد بن عمرو، تحقيق باسم فيصل أحمد الجوابر، السعودية، الرياض، دار الراية، ط1 ، 1411 – 1991 ، ج2،ص129.
61 – جريدة النجاح،6/3/2008.
62 – تلمسان في العهد الزياني، الفيلالي عبد العزيز،ج1،ص140.
63 – المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، ابن الجوزي عبدالرحمن بن علي، ط1، تحقيق محمد و مصطفى عبد القادر عطا، لبنان، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط1،1412 – 1992،ج 8 ، ص 82.
64 – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة،ج1، ص241.
65 – نفح الطيب ، المقري،ج3،ص343
66 – نفسه،الصفحة ذاتها.
67 – لسان العرب ،ابن منظور،ج3،ص 352.
68 – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة،ج1، ص243.
69 -صبح الأعشى في صناعة الانشا، القلقشندي،ج5،ص151
70- تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة، ج1،ص82.
71 – صبح الأعشى في صناعة الانشا ، القلقشندي، ج2،ص429.
72 – تاريخ بغداد، البغدادي علي أبو بكر الخطيب، ج6،ص387.
73 – معجم البلدان ، الحموي، ج1،ص267.
74 – لسان العرب، ابن منظور،ج5،ص271.
75 – جريدة الشرق الأوسط، عادل محمود.
76 – أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، المقدسي محمد بن أحمد، تحقيق غازي طليمات، سوريا، دمشق، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1980م،ج1،ص194.
77 – نفسه، ص194.
78 – الكامل في التاريخ، الشيباني،ج8،ص494.
79- نفح الطيب ، المقري،ج1،ص158
80- تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة،ج1، ص241-242.
81- طبقات الشافعية الكبرى، ابن قاضي شهبة، تحقيق الحافظ عبدالعليم خان، لبنان، بيروت، عالم الكتب، ط1، 1407هـ،ج10،ص247.
82 – المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي عبد الرحمن، ج8،ص82.
83 – نفسه،ج5، ص294
84- معجم البلدان ، الحموي، ج9،ص329.
85 – المدهش، الجوزي، ج8،ص82.
86 – المنتظم ، ابن الجوزي ، المصدر نفسه ،ص52.
87 – صبح الأعشى في صناعة الإنشا ، القلقشندي،ج5،ص277.
88- نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، الأدريسي،ص128.
89 – مدينة من أعمال حلب وتسمى أيضا سدوم، إليها ينسب أبوالحسن السّرميني ، انظر معجم البلدان، الحموي،ج3،ص200.
90 – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة، ج1،ص86.
91 – تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، الجبرتي عبدالرحمن بن حسن ،لبنان، بيروت، دار الجيل، بدون تاريخ ج1، ص287.
92 – تاريخ بغداد، البغدادي، ج6ص31.
93 – تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ابن بطوطة، ج3،ص525.
94- المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، الموصلي أبي الفتح ضياء الدين، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، لبنان، بيروت، المكتبة العصرية،1995 ،ج2،ص142.
95 – تاريخ واسط، الو اسطي أسلم بن سهل، ط1، تحقيق كوركيس عواد، لبنان، بيروت، عالم الكتب، ط1، 1406هـ، ص72.
96 – ابجد العلوم، القنوجي، ج2،ص257.258
97- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، الأصبهاني أحمد بن عبد الله، لبنان، بيروت، دار الكتاب العربي، ط4، 1405هـ ، ج3،ص325.
98 – صبح الأعشى،القلقشندي،ج5، ص151.
99 – قرى الضيف، ابن قيس عبدالله بن محمد، ط1، تحقيق عبد الله بن حمد المنصور، السعودية، الرياض، أضواء السلف،ط1، 1997م،ج 5،ص 26.
100 – المستطرف، الأبشيهي،ج1،ص134-135.
101 – نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري،ج3،ص340.
102 – لسان العرب، ابن منظور،ج12، ص153.
103- مفردها الجلجل، وهو الجرس الصغير الذي يعلق في أعناق الدواب وغيرها، والجلجلة تحريك الجلجل، لسان العرب، ابن منظور،ج11، ص122.
104 – أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم، ابن حماد أبو عبدالله محمد، تحقيق التهامي نقرة و عبدالحليم عويس، مصر، القاهرة، دار الصحوة،1401هـ،ص99، انظر أيضا، صبح الأعشى ، القلقشندي،ج 13،ص358-359.
105- صبح الأعشى ، القلقشندي،ج 13،ص379.
106 – المستطرف، الأبشيهي،ج10، ص250.
ادريس بن مصطفى استاذ جامعي من الجزائر