(1) هجوم المملوكي
* فرانسيس هيستينجز دويل
Francis Hastings Doyle (1888 – 1810) .
شاعر بريطاني، ولد في ننابلتن Nunappleton في مقاطعة يوركشير لعائلة عسكرية اشتهر منها مجموعة من الضباط البريطانيين. تلقى تعليمه في إيتن و أكسفورد. و لدراسته القانون، أصبح مؤهلا في سنة 1837 لممارسة المحاماة في المحاكم العليا البريطانية. صدرت له مجموعة دواوين منها قصائد متنوعة (1834)، و مصيران (1844)، و أوديب، ملك طيبة (1849)، و عودة الحرس الملكي (1866).
ألا ارْخُوا العِنانَ له وانظروا
جوادُ العُروبةِ لا يُقهَرُ
سيعدو جَمَوحًا يَطيشُ به
عَدوُّكمُ الصامتُ الماكرُ
وإنْ يَكُ ريشُهمُ ناصعًا
كثلجٍ على شامخٍ يُبصَرُ
ومِرْجَلُهمْ مِنْ حَديدٍ،
تَأجّجَ كالنَّارِ أشْعَلَها المُسْعِرُ
ومِدْفَعُهُمْ ليس غيرَ الهلاكِ
يَطوفُ بساحَاتِه يَهدِرُ
وزَهْوُهمُ وافتخارُهمُ
وبَطشُهمُ، قطّ لا يُنْكَرُ
سَيكْسِرُ شوكتَهمْ، أطلقوه
جَوَادُ العُروبةِ، لا يُقْهَرُ
جَوَادُ العُرُوبةِ حُرٌّ جَسَورٌ
وقَدْ عَتّقَتْ دَمَّه الأعْصُرُ
رَعَاه سُليمانُ في خَيْلِه
أصيلا فَريدًا؛ فلا يَكْثُرُ
حوى الحُسْنَ طُرًّا بأطرافِه
وإنْ شِئْتَ قُلتَ هو الثّائِرُ
فأرْخوا العِنَانَ له وانظروا
سَيَفْتَحُ ساحاتِهم أنْوَرُ
أكان رَصاصُهمُ هادرًا ؟
ستعلوه حَمْحَمَةٌ أهْدَرُ
وإنْ وَهَجُ الموتِ كان لَظىً
سَيُطْفِئُه العاصِفُ المَاطِرُ
سَيتْرُكُ قَتْلاهُمُ كَوْمَةً
فأرْخُوا العِنَانَ له وانْظروا
جَوَادُ العُروبة لا يَجْفُلُ
وإنْ أَمَّه الموتُ لا يَنفِرُ
جَوَادُ العُروبة لا يَجْفُلُ
أيَرْكَبُه فارِسٌ فاتِرُ؟!
وَرَبِّكَ لا…هاكَ أرواحَنا
يَطيرُ بها للوَغَى الطائِرُ
ونَحْنُ غَنيّونَ عَنْ مَظْهَرٍ
تَزيّى به للعِدَا العَسْكرُ
عَطاشَى إلى المَوْتِ لا نَرْتوي
بِغَيْر الدِّمَاءِ لَهُمْ تَنْفُرُ
فمن يُوقِفُ الزَّحْفَ؟ فُرْسانُنا
جِيَادَ العُروبة تَسْتَنْفِرُ
تَحَدَّوْا إنْ اسْطَعْتُمُ الرِّيحَ
والبَرْقَ يَحْدوهما الغضبُ الأحْمَرُ
وصُدّوا إنْ اسْطَعْتُمُ النارَ
يَقْذِفُها راعِدًا جَبَلٌ كاسِرُ
ولكنْ، رِجَالَ المَزامِيرِ، هذا
جَوَادُ العُروبةِ لا يُقْهَرُ
أتَاكُمْ يُزَلْزِلُ أسْوَارَكمْ
فلا عاصِمَ اليْومَ إنْ تُدْبِروا
ويا إخْوَتي أقْبِلوا؛ فالليالي
طوَاها – لَنَبْقَى- غَدٌ مُقْمِرُ
وقَبْل فَوَاتِ الأوَانِ اهْجُمُوا
فإنّ السَّوانِحَ لا تُهْدَرُ
كنِمْرٍ يَكِرُّ على شَادِنٍ
خُذُوهمْ على بَغْتَةٍ وَاظْفَروا
(2) طفولة محمد
* ريتشارد مونكتون ( اللورد هوتون)
Richard Monckton Houghton, (1885 – 1809)
من ديوانه «الأعمال الشعرية» (1876).
شاعر وأديب وسياسي إنجليزي. ولد في لندن، وتلقى تعليمه بكلية ترينيتي في كامبريدج سنة 1827. وهناك التحق بمجموعة أدبية تسمى «نادي الرسل»، وأصبح عضوا شهيرا بها. سافر إلى الخارج وقضى بعض الوقت في جامعة بون، ثم ذهب إلى إيطاليا و اليونان، ونشر في عام 1834 كتابا يصف رحلاته.
مِنَ الخَيْمةِ الغَرّاءِ جاءتْ به طِفْلا
إلى القَفـْرِ ترعاه مُربّيَةٌ فُضْلى
جَسُورٌ حَمتْها العُرْبُ ما خاف قلبُها
غَريبًا حَوتْه البِيدُ من صَخْرِها ليلا
إلى أنْ رأتْ مَنْ جاء للطفلِ فَجْأةً
مَلاكينِ، فارتاعتْ، يَصونِانِه نُبْلا
ثِيابُهما بيضاءُ كالشّمسِ أشْرَقتْ
ووجهاهُما الشِّعرى، سُهيلٌ إذا هَلّا
صَموتيْنِ قد جاءا إليها وإنْ رأتْ
بعيْنَيْهِما سِحْرًا يقولُ لها أهْلا
كما تَحْمِلُ الأمُّ الرَّؤومُ رَضِيعَها
حَوَاه مَلاكٌ فاحْتوى رِقّةً جَذْلَى
وشَقّ بسكّينٍ مِن التِّبـْرِ صَدْرَه
ولا ألَمٌ، لكنّه قلبَه جَلّى
فغَمْرَةُ دُنيانا تُصيبُ قلوبَنا
بداءٍ عُضَالٍ يأكل الجِسْمَ والعَقْلا
ومِنْ يَدِه البيضاءِ صَبَّ قرينُه
على قلبِه نُورًا به الشّرُّ قد وَلّى
وهذا شِفَاءٌ مُعْجِزٌ، آفَةُ الفَتَى
تَلاشَتْ به، والقلبُ أبْيضُ ما اعْتلّا
بِجِدِّ اهْتمامٍ أسْلَمَاه لِظِئْرِه
وقد ضمّدا جُرْحًا يُبارِكُه المَوْلى
على حاجِبيْه قَبّلاه، وقد أتَتْ
به قومَها لا تعرِفُ الخَتْمَ والأصْلا
كذلك نَقّى اللهُ قلبَ مُحَمّدٍ
مِنَ الإثْمِ، واسْتصفاه مِنْ خَلْقِه فَضْلا
(3) فارس الخُوذة الذهبية
* إيفلين دوغلاس Douglas Evelyn
(اسم مستعار لجون إيفلين بارلاس): [من قصائد غنائية ومسرحية (1884)].
جون إيفلين بارلاس John Evelyn Barlas (1860-1914)، كاتب مسرحي وشاعر وصحفي اسكتلندي. كان شخصية بارزة في الأوساط الأدبية الفيكتورية في أواخر القرن التاسع عشر. نشر بارلاس ثمانية مجلدات من الشعر والدراما الشعرية، إضافة إلى مساهمته بمقالات للمجلة الاشتراكية المؤثرة كومنويل Commonweal. ارتبط بارلاس شعريا بـ «مدرسة الشعراء الرمزيين» وهي حركة أدبية أعلت القيم الجمالية على القضايا الأخلاقية والمعنوية للحياة اليومية. ربطته صداقات وثيقة مع أوسكار وايلد ، وجون ديفيدسون ، وغيرهما من الكتاب المهمين في عصره .
أمْتَطي جوادًا عَربيًّا
يَعدو بعيدًا كالإعْصار؛
ورُمْحي الفضّيُّ يلمعُ كالبرقِ،
وسَيْفي كشهابٍ ثاقبٍ؛
وترْسي كالشّمس في رابعةِ النّهار،
و في لِفَاعِ خُوذتي غُصنٌ من الدَّرْدار
وتُسمعُ التهاليلُ حين يُنادي البشيرُ
هذا فارِسُ الخُوذة الذهبية.
لا أرتدي قُفّازًا ، ولا وِشَاحًا منسوجًا في بلادِ فارس؛
كي تعشَقَني النّساءُ،
لكنّهُنّ يَعْرِفْنَ حَدَّ سَيفي الفضيّ،
والذهبَ الخالِصَ على دِرْعي، و
والياقوتَ النفيسَ في تاجي،
حِينَ تُشعُّ كضوءِ القَمَر،
وحِينَ تتلهّفُ الجماهيرُ لرُؤيتي،
وأنا يَخِبُّ بي فرَسي الأغَرُّ،
وتَهْتِفُ:
«هذا فارسُ الخُوذةِ الذهبية».
أقِفُ على الحَلْبة مِثْلَ صَقْرٍ
أو طائرٍ كاسرٍ
ثُمّ فجأةَ أنقضُّ كنَيْزَكٍ
وأختَطِفُ الخصمَ بعيدًا؛
وحِينَ تتكسّرُ الرِّماحُ في المَهامِّ الخاطفة،
أغشى الوَغَى وأحْمِل على الأعداءِ،
وأسيادُ الميدان يتخلّونَ عن قِلاعِهم المُحَصّنة
لِفارسِ الخُوذة الذهبية.
أجتازُ العالَم مِثْلَ عاصفةٍ هوجاءَ
وأُجَنْدِلُ الطُّغاةَ؛
من أرضٍ إلى أرضٍ طلبتُ النِّزَالَ
وحَطّمتُ الصُّلْبانَ والتِّيجانَ،
وجُبْتُ الآفاقَ حاسِرًا مِنْ أيِّ قِناع صَفِيق
لا أحَدَ يَعْرِفُ اسمي،
ولكنّهم تُزلزلُهم شُهْرتي بـ»فارسِ الخُوذة الذهبية».
لا أحَدَ يَعْرِفُ صَوْتي،
ولا مِنْ أيِّ أرضٍ أتيتُ،
ولكنّي أحْمِلُ قضاءَ الله وقدَرَه
عنيدًا لا أعرِفُ الصّفْحَ؛
في عنفوانٍ صامتٍ كالجائحة،
أجتاحُ كُلَّ الدنيا،
كطاعونٍ مِنَ الجَبَروت،
أنا، فارسُ الخُوذة الذهبية.
إنما يتربّعُ على رأسي الدمُّ والبأس،
وسَيْفي لا يَعرفُ الغِمْدَ،
لكنْ تحت خُوذتي
وَجْهُ مَلاكٍ مُبتسم.
أُوَاصِلُ مَساري بقُوّةٍ غاشِمة،
وأُنْجِزُ رِسالتي المُعْلنة.
ولكنّ الحُبَّ له عَرْشٌ في قلبٍ مجهولٍ
لفارسِ الخُوذة الذهبية.
(4) هيرمايني
رالف والدو يمرسون Ralph Waldo Emerson، ( 1882 – 1803 ) [من قصائد [1904]].
شاعر وكاتب أمريكي قاد حركة «الفلسفة المتعالية» في منتصف القرن التاسع عشر. بل كان يعد بطلا للفلسفة «الفردية» وقد انتصر لها في شعره ومقالاته الصحفية ومحاضراته في الجامعات الأمريكية.
على رابيةٍ كان عَرَبيٌّ مُضْطَجِعًا،
يُغنّي التياعَه العَذْبَ
ويبوحُ بتمائمِه:
وكانتْ طيورُ الصّيفِ
تَستمعُ لأشجانِه
وعندما أطلق تنهيدةً عميقة،
غَمَر الأرضَ طائرُ السنونو الودود.
«إذا كانتْ، كما زعموا، ليستْ جميلةً،
فإنّ الجَمَالَ قبيحٌ عندي،
ولكنّها مُتوّجة بروحٍ مَهيبة
هذه هيرمايني
تشرّبتْ رونقَ اليابسةِ والمحيطاتِ،
التلالِ والجزرِ، الغيمِ والشجر،
في قَوَامِها وحَرَكتِها.
لا أريد شيئا من حُليِّها المُنَمْنَمَة
ولا قَصّةً من
جدائلِ شَعْرها الفارِهِ ذاتَ صَباح،
حيث تتضاءل الجِبَالُ والسهولُ السَّديميّة
أمامَ جَمالِ صورتِها الهائلة
بلْ هي طلائعُ رَوْعتِها،
المتشرّبةُ من سَجاياها
وقيانُها المُترنِّمة بصِيتِها
إنها السيدةُ وآلهةُ الشِّعْر».
«إلى الأعلى يا سُنُونُوَتي العزيزة
لا تُبالي بما أقولُ
آه، لا تكترثي لقُوّةِ الضعيف
فقط أخبريني هلْ كان مِنْ العَدْلِ،
أن أتخيّلَكِ وأن تثقي بي
أن أراكِ شآميّة؟»
«أنا من سلالةٍ
سريعة العشقِ
في مَدارسِ البصرة القديمةِ
كنتُ ناسِكًا منذورًا للكتُبِ والأسى،
ومُسَخَّرًا لخدمةِ العرسان الجَذْلى
ولكنّي انْعَتقتُ بلمستِكِ
ونظراتِكِ الخاطِفة،
لقد تحدّثنا كثيرًا عن مصيرِ الدنيا،
و مَسَحْنا كلَّ أثَر».
«كنتُ أعيشُ منعزِلا
ولكني الآن أحيا مع الجميع؛
مثلَ مِصْباحِ الراعي على أقصى التلال
يَلمحُه المُسافرُ،
بابًا في قلبِ الجَبَل،
وقد تراءيتِ لي أنتِ سَبيلا حُرّا
من وراءِ الصخور».
«والآن أنا الهائم بكِ على غير هُدى
في بلادِ غريبة ملعونة،
عشيرتي جاءتْ لتطمئنّ علي
وريحُ الجَنوب هي أقربُ أرحامي
تأتي عَبْرَ غابةٍ عَطِرةٍ،
خَدِرةٍ بتوابلَ من مناخٍ دافئ،
وفي كل فُسْحةٍ مُتلألئة،
وزاويةٍ غَسَقية،
تكشِفُ لي عن قَوَامِكِ.
وبعيدًا باتّجاه الغابة
تبعتُها البارحةَ
وعندما جلستُ جنبَ النهر،
أشاهِدُ تَلاشيَ النهار،
خَفَقَ قوامُكِ من الغدير».
«النهرُ، والمُنْحَنى، والطيورُ، والورودُ،
الغابةُ، والشمسُ، والليلُ البِكْر،
هي غوثي
هي سَلْوتي
تنُاديني:
اصمدْ! نحن أنصارُكَ،
واعلمْ،
أنّ وَشِيجةً تربط الكائناتِ مهما ابتعدتْ.
على حبيبتِك أنْ تَفعلَ فِعْلَكَ،
فوق إرادتِها.
وإنْ عانَدَتْكَ
افْزَعْ إلى الرِّيَاحِ والشّلالاتِ
وكرنفالاتِ الخريفِ المُشْمِسة،
إلى الموسيقى، وهواجسِها،
ارْتَطِمْ بها بشكلٍ لا خَلاصَ منه،
هناك ستجدك حبيبتُك.
لا تُلاحِقْ أجنحتَها المُحلّقة؛
تعالَ إلينا لتلتقيَ بها.»
ترجمة: هلال الحجري