منذ صدور مجلة ” أنفاس” عرف الأدب المغربي المكتوب باللغة الفرنسية تجديدا حقيقيا، سواء على مستوى الأشكال الجمالية، كما على مستوى الثيمات المعالجة .
لقد استعار هذا الأدب لغة الآخر بغية إثارة إشكاليات تتجاوز الإطار الضيق الإقليمي، الذي يقطع مع النزعة الفولكلورية والرّواسم. يعتبر عبد الكبير الخطيبي واحدا من الكتّاب الذين قلبوا الحقل الأدبي رأسا على عقب في المغرب، لأنّه استطاع بمساعدة مواصفاته كسوسيولوجي أن يجعل الكتابة الأدبية تنخرط في الحركات الجديدة التي كانت على اختلاف (أو نزاع) مع المعايير الكلاسيكيّة للكتابة . الرّواية ، الشّعر، المسرح، متوَجّهًا نحو محاولة لتشييد تأمّل مُبتكر عن الكائن، هويّته سيرورته وتحرّره من ربقة الاستعمار. إن مؤلف كتابه” المغرب العربي المتعدّد ” وهو يكتب في إطار سياق مابعد كولونيالي، يدعو الكتّاب العرب والمثقّفين إلى نقد مزدوج في الآن نفسه للمشرق والغرب .
لقد أتم إدخال الميطا – نص تدريجيا في الإنتاج الأدبي للمؤلِّف الذي أصبح ناقدا لحقبته، لهويّته، ولتمثّلاته ومساره. إنّ الكاتب النّاقد حسب الخطيبي عليه ” ّان يضع موضع السّؤال (بطريقة واضحة تقريبا جذرية واعية، عند البعض والآخرين) مكتسبا أدبيا وثقافيا لبعض العلاقات الضيّقة المغتربة أو المتجاوزة التي تورّط فيها منذ الاستقلال الأدب المكتوب سواء بالّلغة العربيّة أو الفرنسيّة” (1968 Khatibi : 2 )
إنّ عمل الخطيبي المتعدّد والمُضَاعف مسكون بالأسئلة التي رُسِمَتْ معالمها في كتاب الذاكرة الموشومة (1971): حيث الانقسامات الإيديولوجية التي تعارض بين الغرب والشرق، هُوِيَّةَ الكَائِنِ المُستعمر الذي يقع ضَحِيَّةَ المجتمع والتّاريخ. إنّ الذاكرة الموشومة أوّل رواية للخطيبي، تعي بقوّة جدلية الأنا والآخر. ينخرط المؤلف بكتاباته في تجاوز الصِّدامات الثّقافية، بخوضه نقدًا حقيقيا اتّجاه ثقافته المزدوجة :العربية والفرنسية.
إن هدف هذه المقالة هو إبراز بعض المظاهر والصّيغ المتعلّقة بكتابة هذا التجاوز والبرهنة على أنّ الخطيبي يطبع الأدب المغاربي بديناميّة جديدة ويستثمر الموضوعات التي تستحقّ كونيتها.. إنّ الأمر يتعلّق بسؤال الكتابة الذي يجعل منها مكانا للأسئلة المعاصرة .
فيما يتعلق بالهوية
لا يمكننا أنْ نتناول عمل الخطيبي دون إعطاء الاهتمام الخاص لفكره المرتبط بمفهومي الهويّة واللّغة . سيحظيان بمعالجة لايمكن فيها أن تكون معاصرا، في سياق موسوم بقوّة القبضة الحديدية بين الغرب والدّول الحاصلة على الاستقلال. بالفعل، تعتبر أحد الدلائل المشهود لها كونية فكر الخطيبي، هوأنّ مشروعه يقوم على تحرير الهوية من كل الخطابات التي تبحث عن أنْ تفرض نوعًا من اللّغوس (العقل) المُطيع (الخاضع) تيولوجيا وإيديولوجيا .
بالفعل للخطيبي الفضل في إدراج السؤال المعقّد للهويّة في نقاش الفلسفة، بتموقعه خارج التّغريب الذي يأتي مصدره من دائرتين ثقافيتين متعارضتين . في هذا الصّدد هي دائرة الشرق والغرب. إنّ مفهومه “النقد المزدوج ” يصبح في هذا الاتّجاه واحدا من الوسائط المستعملة بغرض تفكيك وإعادة التّفكير في هذين النّسقين المرجعيين . إنّ غائية تساؤل معين هو وضع الهويّة فوق الأبواب المغلقة والأحادية . إنّها كلّية في سيرورة دائمة، ومن ثم فمن اللاجدوى الاستمرار في الحفاظ على خطاب معين يبحث عن شرعنة الضّوابط الإثنية المتمركزة . يكمن الجوهري بالنّسبة للخطيبي، وهو المثقّف الذي يتعامل مع التّفكيرالحديث، في محاولة” التفكير المتعدّد” المنفصل عن جمود أسس الكائن .
بخلاف أسلافه الذين دافعوا عن وحدة التّاريخ والكائن المغاربي، تميّز الخطيبي بشكل جليّ بنزوع طبيعي واقعي، لما يمثّله تمزّق كل من الكائن وتاريخيته Historialité . هذه الأخيرة بخلاف مفهوم النّزعة التاريخية Historicisme عند عبدالله العروي، تريد أن تكون شكلا زمنيا يعطي الأفضلية لتَرَكّب الأزمنة المختلفة، تنطلق من الماضي إلى المستقبل . بمعنى أن الهويّة، عوض أن تكون ساكنة وكتلوية . هي «دائما متقلّبة و تحرّكها ظواهر التوتّر والصّراعية الداخلية والخارجية […] إنّ هويَّتنا تتشكّل من مزيج فوّار ومعقّد للّغة والثّقافات والذّاكرة حيث لا يمكن إهمال حصّة الأخر “(Tenkoul, 2002-, 139)
يبدو هذا الاستشهاد عبارة عن توْليف لفكر الخطيبي بخصوص سؤال الهويّة بالفعل، إن المؤلف المدافع عن التاريخية Historialité ينخرط في عمل كبير حول فكر الكينونة L’ETRE، هذه الأخيرة لا تكتفي بالعمل على الإحاطة بواقع معيّن، ولكن على العكس تنظر عن قرب إلى الحركة التي تنشّطها، وتستولد التمزّقات، ولا تمركُزْ الكائن العربي . بغية التصدّي للهويّة الحمقاء لوَحْدَتِه، إن الخطيبي يترافع لصالح الاختلاف والغيرية . من أجل هذا العمل، يقترح إستراتيجية « التّفكير – الآخر»، والذي يطابقه التّفكير المتعدّد، لتجديد الحضارة العربية . إنّه يبتعد من أجل هذا العمل عن رؤيات محدودة للموروث الغربي، والترات التيولوجي والإيديولوجي للمجتمع العربي والمغاربي . إن الفكر الأخر يعترف دون عُقْدَة بتنوّعه، وتَعَدُّدِ انزياحاته ،واختلافاته ولا يقينياته. إنّ المهمّة ليست سهلة لأنّها تحوي مخاطر:
«وحدها مُخَاطرة الفكر المتعدّد بإمكانها (بتعدُّدِ أقطابها الحضارية ولغاتها، وتطوّرها التقني والعلمي) كما يبدو لي، أنَّها تضمن لنا حدوث منعطف في هذا القرن على المشهد الكوكبي . لا أحد أُعْطِيَ له الاختيار. تحوّل العالم دون عوْدة إلى الوراء إلى أسسه الأنتروبية (حتمية التدهور)» (الخطيبي 1983: 14)
ذو اللّسانين
اعتبرت اللّغة الفرنسية منذ مدّة طويلة كغنيمة، شدّت انتباه الخطيبي وأصبحت موضوع استِثْمار بالنّسبة له. الخطيبي معاصر لأنّه يطمح إلى تجاوز العوائق التي تولدها وضعية الإزدواجية اللّغوية1 1 التي حكَمَ عليها عدد من مثقّفي مرحلته بالخُبْث لأنه يَرْهَن سيرورة المغرب العربي ويُغَرِّبْ هويّته. يتخلّص بواسطة اللّسان -المزدوج من ثقل الفكر الوحيد، منحرفا عن تبجيل قياس آخر للتّراث وإلزامات النّزعة السّلفية العَمياء. في مواجهة سؤال اللّسان Langue .يتبنّى المؤلّف وضعية متميّزة : بالنّسبة له، إن استعمال وعشق اللّسان الآخر ليس شكلين للامتلاك الهويّاتي . بل يراها بالأحرى تمرينا للهُجْنة الأكثَر خصوبة . « اللغة الأم هي من تستخدم في الّلغة الأجنبية من لغة إلى أخرى تشتغل ترجمة دائمة وحوار مرآوي (تقعيري) صعب للغاية الكشْف عنه … أين يرتسم عنف النصّ إلاّ في هذه المقابلة البديعية . هذا التّقاطع، إن صحّ القول غير القابل للمصالحة ؟ هل يجب العمل على ذلك في النصّ نفسه ؟ تحمل مسؤولية اللّغة الفرنسية، نعم لتسمية هذه الهوّة ومتعة الغريب هاته التي عليها باستمرار الاشتغال في الهامش، بمعنى لحسابها الخاص بشكل منعزل . (الخطيبي 1983: 179)
إنّ المعالجة المخصّصة للّغة في رأي العديد من النقّاد، هي معالجة متميّزة، بل معاصرة في اللّحظة التي يجَسّدُ فيها ما يسمّيه الخطيبي Langue bi- اللّسان – المزدوج حيث تتجلّى فيها بشكل مثالي الهجنة(2) التي يطبّقها المؤلف إراديا على الهويّة كما على اللّغة . بمعنى أنّ هذه الأخيرة هي المكان الذي يجري فيه اللّقاء بين كلّيتين مختلفتين . الذات والغريب، الهويّة والغيرية . إنّه لقاء وجب أن يكون في ضيافة شاملة . دون نزعة صِراعية . بعيدا عن بقايا الهويّة العَمْياء وفي مأمن عن الاختلاف المتوحّش .اللّغة المزدوجة هو مفهوم مضئ أجرى من خلاله الخطيبي تأمُّلا عميقا عن العلاقة المتعايشة بين الهويّة والكائن واللّغة . إنّه يبلور طريقة جديدة لرؤية وتمثيل اللّغة الأجنبية . إذا كانت أولى حلقات تأمّله عن اللّغة تقع في روايته الأولى السيرذاتية الذاكرة الموشومة . تأمّل يبرز ثنائيات الذّات النّاسخة Scripteur، وبالخصوص تلك التي تحيل إلى اللّغة . هذا لا يمنع من أن مفهوم ذي اللسانين Bi – Langue يجد نفسه مستثمرا بقوّة في” سيرته الذاكرة الموشومة (1983) إلى درجة كان فيها النّواة الصّلبة لحكيه. بالفعل، وبواسطة نصّه هذا أزاح الخطيبي عن المركز الكتابة المغاربية المكتوبة باللّغة الفرنسية، وأخرَجها من مجال التّرابي، وأزاح عنها المرجعيات القياسية . بعبارة أخرى، تصبح الرّواية مقالة بحثية. سؤالا أكثر كونية ومعاصرة لنقل لقاء اللّغات. بفكرالإنزياح، يُحَبّب الشّذْرة عوض المطالبة بوحدة معيّنة . لأنه حسب الخطيبي، على الفكر الآخر أن يكون لا مكتملا، مشْبَعًا بالثّنائيات الواعي بحدوده . مفجَّرٌ من الداخل بواسطة أسئلة منتظمة باستمرار . بهذا الشكل فقد يشارك بقوة في سيرورة نزع الاستعمار، وسيشيّد حصنًا منيعا ضدّ السّلطة في مختلف تمظهراتها البرّانية والهيمنة المحلّية كما الخارجية . بهذا المعنى . يعلن الخطيبي في كتاب” المغرب العربي المتعدّد. ” أنّ فكرا لا يعتبر أقلّية، هامشا، شذريا ولا مكتملا ،هو دائما يعتبر بمثابة فكر الإبادة الإثنية ” (الخطيبي 1983: 18) .
إنّ فكرة الآخر هو مفهوم يعطي للكتابة الخطيبية بعدها الكوني والمعاصر في نفس الوقت سيستعملها المُؤَلِّف لتجاوز الخطابات الصّنمية التي تتسابق لمغازلة الدوكسا والاكتمال الذاتي والهويّات العمياء . إنّ هذا الفكر الآخر مرتبط في جزئه بمفهوم Bi – Langue ذي اللسانين . كلاهما يوجدان في علاقة ضيّقة وثابتة مع النّقد المزدوج يأتي به الخطيبي في الجهة الظاهرة لثقافته وثقافة الآخر. في هذا المنظور يكمن اهتمام الخطيبي في إدراك العلامات والوقوف ضدّ الحدود، وكلّ ما يمكن أن يكون حاجزا ضدّ هذه الشّركة الضّخمة . يتقدّم في هذا الصّدد بقوله ما يلي :
«إنّ تفكيرا آخر(3) كمَا نتصوّره، هو تفكير باللّغات، عولمة مترجمة للشّفرات والأنساق ،وكوكبة علامات تدور في العالم وفوْقه» . (الخطيبي 1983: 60)
يستثمر الخطيبي بإيجاز مفهوم اللّسان المزدوج في كتابه الحب ذي اللسانين Amour Bilingue، نص صعب في تصنيفه حسب عدد من النّقاد .
تنتج هذه الصّعوبة من فعل أن هذا النصّ ذي الطّبيعة الرومانسية كرأي أوّلي يشمل في نفس الوقت حكاية، مادّة سردية وبعض الأجزاء الدّقيقة كما الكتابة نفسها. إنه انعكاسية تأمّلية مبدعة لأنّه يحاول أن يعالج بشكل مختلف التوتّرات المرتبطة بالسؤال الحارق للازدواجية اللّغوية . لهذا الغرض اقترح الخطيبي شخصيات متجذرة في المجهولية . إنّ هذا الاختيار تم رفضه في مدخل اللّعبة داخل الحكاية ” يقترب كلّ مرة من هذه البداية التي تطرده : حكاية دون شخصيات ،إذا كانت كذلك ستكون الحكاية نفسها .، لتسمعها تقول هذه الكلمة الواحدة : ابدأ من جديد . (الخطيبي b 1983: 12) بالفعل، يعتبراستعمال الضّمائر الشّخصية عوض أسمائهم هي ممارسة كتابية Scripturale لها الفضل في أن تموضع الحكي في أيّ دائرة فضائية، هوياتية وثقافية . من هذا الفعل، يتخلّص النصّ بشكل ظاهر من هوس البحث عن مرجعية، أرضية، وخلفية اجتماعية، بل من أساطير مؤسسة، في كتابه الجديد (الحب ذي اللّسانين) Amour Bilingue يخرج المؤلّف عن المسار المألوف في الوقت الذي يتناول فيه خِلْسة صراع اللّغات بتخييلها .فهذا المعنى يدقّق Mabrour مبرور في ما يلي بقوله :
“الخاصّية الأخرى لهذا النصّ هو انّه يريد أن يكون جوابا غير مباشر، «وجوابا إشكاليا تمّ تخييلُه»، يعالج «إشكالية ذات طبيعة مفهومية» عبر«سينوغرافيا شعريّة»بالنّسبة لكل من يتوقّف من المغرب كما المغرب العربي كذلك، عند اختيار لغة الكتابة: لماذا أو لمن نكتب (يكتبون) بالفرنسية، لغة سلطة المستعمِر القديمة القوية، أداة” الإقتلاع الثقافي”، وكذلك أيضا بعض التصنيفات التي تتم مصادفتها، هنا وهناك في الأدب النّقدي ؟ يثير الخطيبي عبارة«سينوغرافيا المضاعف » كي يعيّن عدة صور لها ارتباط (في ظاهرها الصّراعي) بالعلاقة المعارضة التي تجمع بين الأنا والآخر .( Mabrour مابرور 2003:107)
كما النص الما بعد الاستعماري يُدْرِجُ (الحبّ ذي اللّسانين) ، Amour Bilingue من خلال الأسئلة التي يثيرها الأدب المغاربي المكتوب باللّغة الفرنسية، في نوع من الكوْنية، وهذا فضلا عن ذلك يعتبر حقيقة تجعل القارئ، هنا وهناك معنيّ بشكل بما يؤكّده لقاء اللغات، وترجماتها كصراع، كعقبات التّواصل، واللّاقابلية للتّرجمة وتهديد لما هو غير قابل للتَّسمية . يقول حسن وهبي بهذا الصدد : « الحب ذو اللسانين ليست حكاية تريد أن تقول شيئا: « رغبة في القول » مستقلّة ومعتقدية، لكنّها حافز للاختبار الذاتي في فوضى العالم واللغة » (وهبي Wahbi 1996; 173). بالفعل، إنّ شخصيات هذا النصّ هي ببساطة محصورة في ” ظلال، صور، من خلال طبيعتها الحقيقية ككائنات لغوية “(Tadié 1994 : 219). إن الشّخصية الأساسية لهذه الحكاية هي بدون شك اللّغة .كلُّ شيء يدور حول الرّغبة المرصودة للّغة.رَغْبَةٌ بِبَصْمَة
الهذيان والإيروسية . يتعلَّقُ الأمْر برفقة عاشقة للغة، بعلامة ترقيم جيّدة لِلَذّة والإشباعات الخالصة إلى درجة تُصْبِحُ معها وعْدًا احتفاليا. تتمظهر رغبة اللّغة عبْر العلاقات التي تتشَكَّل و تتعاضد بين الشّخصيات الرئيسة. أكيد أن الإختلاف الثقافي الذي يفصل بين الشخصيات هو من حجم كبير . لكنه لا ينقصُه اكتساب بُعْدٍ إيجابي قويٍّ يُتَوَقَّعُ منه أن يؤدّي إلى ولادة وتعميد اللُّغَة المزدوجة ،هذه الأخيرة هي مُوَلِّدَة للعبْر- ثقافية وتقاطع السّينوغرافيات والمعارف وانفتاح طُرُقْ/ أَصْوَات الإبداع اللّفظي عند الخطيبي . بعبارة أخرى ،اللّغَة هي البنية التي يتحدّث عنها بإعجاب المنشد السارد .
“أنا في وسط بين لغتين : كلما تقدّمت إلى الأمام، كلّما ابتعدت عنها […] اللغة ذات اللّسانين؟ حظي، هاويتي الفردية، طاقتي الجميلة لفقد الذاكرة، دينامية لا أشعر بها .هذا مدْعاة للفضول، كنقص، ولكنّها ستكون أذنِي الثّالثة” .(الخطيبيb 1983 : 11)
ينتج عن هذا التأمّل بوضوح الموجود في مقدّمة كتابه (الحبّ ذي اللسانين) حيث الرّاوي المنشد يريد جملة، بالتعدّد والاستعداد، إقامة علاقات جديدة تماما مع الآخر (بالمناسبة اللغة والمرأة الأجنبية) .يبدو أن هذه الوضعية مُنْقِذة لأنّها في قِمّة لما يمكن أن يُشْعل اللّقاء بالآخر في جوّ للضيافة داخل اللّغات . يعطي الخطيبي للكتابة مهمّة المصالحة، المُزوّدَة بالفَهم والسَّلام . تضع صفحة الغلاف في المشهد لغتين، العربية والفرنسية في علاقة تجاور وليس في علاقة ثنائية ..ها هو رضا بنسمعيا يقول بأنّه: «مفكر متشكّك على الطّريقة الطّاوية. يرفض الخطيبي بالجملة الثّنائية، ليحاول التفكير بل حتى ليضع في المشهد حرفيا فضاء كان قد أصبح لا مفكّرا فيه .وهو بالضّبط الذي تكون فيه اللّغات حاضرة […] تلتقي لكي تختلط […] إشاراتها الخطية»(BensmaÏa 1987: 381).
فضلا عن ذلك، يُخْضِعُ المؤَلِّفُ الكتابة إلى تجريب حقيقي . بالفعل، ينغمس الكاتب منذ الافتتاحية في لعبة ثابتة أن يضع جنبا إلى جنب كلمتين من أصلين مختلفين “Mot” “كلمة” Kalima يتصاديان ويترجم أحدهما الآخر.وهذا يعطي طرسا وبيْنية بل حتّى لخلق صوت” الأذن الثالثة” (4).
إنّ هذا الطرس هو دون شك واحد من الإجراءات الكتابية والجمالية التي تسمح بترجمة الفكر الآخر ،تأتي بالكائن إلى الاكتمال والتموضع خارج التمثّلات التي يتمّ تقديرها لازمنية ،صلبة، ودوكسولوجية5 .في كتابه (الحب ذو اللسانين) تمتلك اللّغة سلطة قويّة جدّا على أبطال الحكاية، وحياتهم، ومتخيّلهم . إنّها تجرّهُم إلى وضعية المنفى . حالة هذه الغرابة في هذا الحساب معبِّرة : إنّ الإنسحاب الذي تنحشر فيه دون شك يعود سببه إلى اللّغة . الازدواجية اللّغوية Bi –lingue بالنّسبة لها تشملُ علاقة الأبطال بواسطة لا قابلية للتواصل الشّديدة والكارثية. الحاكي Le récitant المنشد يعرض هذه الواقعة كما يلي : «أنا الذي كنت مريضا بلغتي الأمّ . أصْبِحُ فيك هذا الألم لما لا يقال . كلّ يوم ينكتب الجُرح، كلّ يوم هناك ما لايمكن إصلاحه »(الخطيبي1983: 58)
هذا الذي لا يمكن إصلاحه ربّما قد يكون بالنسبة للأجنبي حُمْقا، بل فقدانا للذّاكرة شاملا،إلى درجة يفقد معها إشارات شجرة نسبه . تأثر الحاكي أيضا بواسطة الحمق الذي تسبّبه اللّغة « سأذهب إذن بسرعة قصوى، مأخوذا بحمق اللغة : اللغة تجعلنا حمقى»(الخطيبي B1983 : 26)
ما يهم الاحتفاظ به في المقام الأول في هذه الحكاية هو فعل أن اللّغة العربية تأتي للاندماج في الحكاية ،حسب لعبة الترجمة والتّراكب السينمائي. إنّ اللّغة الفرنسية تتحمّل المسؤولية منذ البداية، الحكاية، لكنّها تتقاطع فيها عدّة مرّات سلسلة من الكلمات العَربية . تبرِّرُ كلمة (Bifide) المنفلق إلى قسمين الغيرية التي تؤسس العلاقة داخل- لغوية في قَصْدية الخطيبي . يتمظهر وراء هذه اللّغات المتبارزة الضّمير “أنا” الذي يعلن اختلافه بالحفاظ على حالة من الانزياح والتقطّع . في هذا المعنى إن كلمتين “حنين” و”نوستالجيا” يقتسمان نفس الحبكة لكنهما يظلّان موسومين بنوْع من الصّراعية، المكَوِّن الأساسي للغيرية . إذا كان (العشق ذي اللسانين) هو في النهاية مشهد إخراجي لمفاهيم الهوّية، الاختلاف واللغة ذات اللّسانين ،إذا كانت هذه الحكاية بواسطة موضوعاتها، تضع في الواجهة مُمارسة كتابية جديدة في المغرب العربي تضمن المعاصرة والكونية، هذا لم يمنع من أن مفهوم الأجنبي extranéité الذي طوّره الخطيبي يعَزِّزُ بالأحرى مُعَاصرة عمله الخاص.
ما يتعلّق بالأجنبية
إذا كان التأمّل حول الازدواجية اللّغوية- واشتغالها تخييليا – قد تم إنجازه حسب تَشَاكُل التمزّق والإغواء، تُمَرِّر كتابة الخطيبي أيضًا العشْق عن ربطه بالضّيافة والرّغبة في الحبّ العاشق.إنّ الازدواجية اللّغوية تتطوّر برغْبة في الحبّ العاشق : حيث هي علامة على هوية في سيرورة ضد كل يقظة من الأصل الوحيد . لدينا شخصية في رواية ” صيف في ستكهولم” اسمها(6) جيرار نمير، تشيّدُ انتماء مضاعفًا، وهويّة مختلطة بواسطة هذا التأليف على مستوى اسمه .تمحو الشّخصية آثار أصْلها كي تعيش بامتلاء تجْربة الغيرية . مهنته كمترجم تمنح له وسائل العيش كأجنبي محترف، وَلِمُعَدِّي اللّغات خارج مُعَدِّي الهويّة . لأنّ فعل الترجمة ليس فقط فعلا لغويا، ولكنه كذلك حركة جيئة وذهاب مستمرّة بين الهوّيات والثّقافات المتنوعة، ينهض المرور من لغة إلى أخرى على تمرين بإمكانه أن يشجّع اللّقاء بالآخر وفي المقام الأول ما يسمّيه الخطيبي في كتابه ” صوره الأجنبي في الأدب الفرنسي” بـ” الأجنبية الداخلية” (الخطيبي 1987:ص 60) لسبب أنّه مدفوع إلى البرهنة على حيادية كبيرة، وأن يكون مصفاّة ضدّ تهديدات الإلتباس . يحرص جيرار نامير على ترجمته المتزامنة بطريقة تعيد بناء رسالة الخطباء (الفصحاء) على طريقة رحالة محترف مجهول متخفِّفٍ من حُمولة كلّ أصل، ومن كلّ نزوع طبيعي لاستعمال الروْسَم cliché. إنّ المترجمَ هو رحالة يطبّق شكلا من أشكال الرّحلة، حيث الطبيعة تُرْغِمُهُ على مساءلة خصوصية هويّته الفردية .
يؤدي هذا التّساؤل إلى الفرضية التالية : كل مفهوم للهويّة لن يكون مُدْرَكا كنتيجة لمبدأ ثابت جوهري مرتبط بجنسية وإخلاص للأرض مقيّدة بحدود، ولكن كسيرورة للتماهي
الدياسبوري، بطبيعته المُتجاوزة للحدود التي تمنع من الانفتاح على متخيلات أخرى ورؤى للعالم. بالارتكاز على كتاب المحترف الأجنبي. يقوم الخطيبي بنزْع أسيقية كتابته ومحاولة إخراجها من مغاربيتها ومحلّيتها، بُغْية أن يعيّن لها طرقا أخرى، وحركة جديدة تعلن كوْنيتها الأدبية التي لا يمكن إنكارها، ثم كذلك اختيار الفضاء لايمكن أن يكون اعتباطيا. بالفعل السويد كطيمة أدبية متكرّرة ،حيث تتطوّر الشخصية – السّارد، إذ تتميز هذه الطيمة عن البلدان الغربية بحياديتها السياسية .أثَّرَت هذه الحِيَادية على وضعية جيرار نمير ،المدعو أيضا إلى أن يعيش عن قرب تجربة الأحادية، على مستوى الترجمة التي يَضْمَنها خلال ندوة حول موضوع الحياديّة. إنّها تجربة مفيدة إسْرارية حقيقية أنطولوجية أدّت به إلى العبور بكل صفاء الحدود الاصطناعية المشيّدة بين اللغات والثقافات . عبور يُعادلُ مسارا معيّنا خارج الإنغلاق الهويّاتي .
يتعلق الأمر بالنّسبة للشخّصية بتطوير تشكّلات خارجية جديدة، وتمثّلات جديدة بالنسبة للهوّية التي تحدّدها عموما التعارضات بين الذات والآخر بين ما يقومُ على المركز وما يحيل على المحيط (الهامش). إنّ مهنةَ التّرجمة هي أفضل ما هو موجود من أجْل تحقيق متكافئ لمشروع التفاعل الثّقافي L’interculturalité المرادف للّاتجانس وتعايش مختلف رؤى العالم .تقترح علينا الترجمة أخلاقية العلاقة مع الآخر، بل طرقا جديدة لتأسيس هذه العلاقة على طرس لساني وثقافي . يعطي مسار شخصية جيرار نمير للمؤلّف إمكانية الإقامة بفضل اللّعب الحاذق للأجنبية، والمُضاعفة واتّخاذ المسافة من الذات اتجاه الذات . بسبب أنّ الشّخصية تتضمن خاصّيات السارد، المترجم، والأجنبي المُحترف فإنّها تنخرط في حَركة بين اللّغات والذّات والذّاكرة .وبالتّالي، فإنّ الهوية الثّابتة ستسمح باختراقها بواسطة دينامية تُوَلِّدُ انحرافا هويّاتيا. هذه الأخيرة هي مفيدة بقوّة في المعادلة التي تشكّل فيها أداة ضرورية للاستماع بتحميس (أو تحفيز) غيرية الآخر . إنّ فضاءَ مدينة ستكهولم المُجَسّد في هذا المعنى تجوالات (تيهان) الشّخصية في فضاء فيزيائي- هنا مدينة ستكهولم – هو فضاء رمزي تشكّله اللغات والثقافات المتنوّعة .إنّ هذه التعدّدية الثّقافية واللّسانية تشارك في إرادة المؤلف في أنْ يدفع بعيدا جدّا في مزاد الأنا. بعبارة أخرى إن جيرار نمير مثل الخطيبي انتهى إلى أن يصبح ليس فقط أجنبيا محترفا ولكنه كائنٌ متحوِّلٌ Mutant . بعيدا عن تدْقِيقات موضوع مهنة المترجم والحيادية المطلقة للفضاء موضوع السؤال، يريد النص أن يكون ميطا – رواية تدفع القارئ للتّأمل حول السّلام والتّعايش المشترك في عالم يدافع عن الحدود والانكفاء على الذات : (ألست أنا الأجنبي المحترف الذي يريد اختراق الحدود بروح المرونة ؟ مرونة لم تمنح لي دائما . في كل تغيير للجوّ، للبلد، ولّلغة، وكيف لي أن أقول ذلك في كل تقاطع للرّؤى والكلام) (الخطيبي 1990: 287).
إنّ “الرحّالة المُحْترف ” أقرب إلى حركة تمثّل L ‘exote7 متحرّكة دوما والباحثة عن مسافة متساوية بينه شخصيا وبين الآخر، مسافة محسوسة ومتحرّرة توجد بين خُصوصيتها وخُصوصية الآخر في هذا المعنى، أن يعتبر حسن وهبي أنّ المسألة تتعلّق بـ «إعادة كتابة الذات بفكْر السّفر (الرحلة) . وبذلك ،فإن رواية صيف في ستكهولم يمكن اعتبارها كمعالجة للفكر الرّحْلي الذي يعتمد على حكايات قصيرة وبقطع وصفية قصيرة، ونتف تأمّلية »( وهبي . 2000 . 205)
يعني هذا أن النصّ يصبح بشكل نهائي دعوة لعيش حياة عبر السّفر والتحرّك في فوضى العالم ،باعتباره موضوعا ما بعد الاستعماري متحلِّلا من صدماته وعقده.أيْ بمعنى يصبح موضوعا « يتحمّل انتماءاته المتعدّدة ويتفاوض من جديد على تجذّراته المتنوّعة بعيدا عن حكي مؤسّس. إنّ لاستعارة الأجنبي المحترف الفضْل في فتح انغلاق السّاحات الثّقافية بإبراز دينامية تهجين الكائنات المتحرّكة» (موستير 2013: 207)
خاتمة :
فيما يتعلّق بالمظاهر التي قمنا بعرضها هنا، من الملائم القول أنّ عمل الخطيبي يتضمّن بما فيه الكفاية أدلّة محسوسة على حداثته ومعاصرته . نقرأ في المقالات النقدية للمؤلّف وتخيّلاته محاولة إعْطاء للأدب المغاربي باللّغة الفرنسية أدوارا جديدة وغايات معيّنة . إنَّ الرؤيةَ التي تدور حول أسئلة الهويّة، التعدّد اللّغوي، اكتشاف أجنبية (برانية) مكافئة، بواسطة شخصيات بيْنية، هي مجموع عناصر تُدْرِج عمل الخطيبي في مشروع كتابي وفكري قلق في تجاوزه لهويّة متحجِّرة وللحدود الثّقافية، إنّ كتابةَ الخطيبي متعدِّيَة في هذه المعاني التي تقطف غلَّة التَفاعل الثّقافي، و تهاجم كلّ الحواجز، بل تذهب حتّى إلى نسْف العلاقة مع الآخر . إنّه عمل عالمي وكوني ،يكمنُ طُموحه في تحرير الذّات من كلّ ما يغذي التوتّر ويُدَعِّمُ التمايزات الثّقافية .
بيبليوغرافيا
Bibliograhie
ACHRAFI, Redouane(2011). Les Problématiques de l’identité et de l’écriture dans l’imaginaire Marocain et dans l’œuvre d’ Abdelkébir Khatibi, Publications de la Faculté des Lettres et de Sciences Humaines Saïs, Fes,Serie : « Thèses et Monographies» nº2.
BENSMAîA.Réda(1987) «Traduire ou « blanchir» la langue, Amour bilingue d’ Abdelkébir Khattabi» in Imaginaires de l’autre. Khatibi et la mémoire littérature, Paris : l’Harmattan.
KHATIBI, Abdelkébir (1983 a), Maghreb pluriel, Paris : Denoël.
KHATIBI, Abdelkébir (1983 b), Amour bilingue, Montpelier : Fata Morgana
KHATIBI, Abdelkébir (1987), Figures de l’étranger, Paris : Denoël(1987)
KHATIBI, Abdelkébir (1968), « Avant – propos » in Souffles nº10
« Situation. Littérature Maghrébine», 2e trimestre, Rabat:pp:4-5
KHATIBI, Abdelkébir (1981), Lettre préface au livre de Mac Gontard,
Violence du texte : étude sur la littérature marocaine de langue Française, Paris : Rabat l’Harmattan-SMER.
KHATIBI, Abdelkébir (1990), Un été à Stockholm, Paris.Flammarion.
KHATIBI, Abdelkébir (1990), La langue de l’autre. New York-Tunis:Les Mains Secrètes.
MABROUR , Abdelouahid(2003) , « Labi- langue ou l'(en) jeu de l’écriture bilingue chez KHATIBI, Abdelkébir » in linguistica antverpientsia,nº2 :104-115
MOURA, Jean- Marc (1999) , Littératures francophones et théorie
Postcoloniale , Paris :Presse Universitaires de France.
MOUSTIR , Hassan(2013) , «Pratique de l’extranéité dans l’écriture
d’Abdelkébir Khattabi» in çedille, Revista de Estudios Franases, série
«Monografias», nº3: 199- 209.
TADIE,Y (1994) ,Le Récit poétique, Paris :Gallimard.
TENKOUL , Abderrahman (2002) « Ecriture, identité et désir de vacuité »in
Mustapha Ben cheikh (éd), Désir d’identité désir de l’autre, publications de la Faculté des Lettres de Meknès.
WAHBI Hassan (1996), « Abdelkébir Khattabi» in Ch .Bonn,N.Khadda et
A .Mdaghri-Alaoui(éds), Littérature Maghrébine d’ expression Française,
Vanves :Edicef /Aupelf.
WAHBI Hassan(2000), « l’Art d’aimer son lointain. Réflexions à propos de la Question du voyage dans Un été à Stockholm de « Abdelkébir Khattabi» in Francofonia nº9 :205-216 .
المصدر:
Mohamed EL BOUAZZAOUI : Considérations sur quelques aspects de la contemporanéité de l’œuvre de khatibi .in
Arts plastiques et littérature francographe au ″Maroc″
– localité et mondialité-
Coordination : Hassan Moustir
Ijjou CHEIKH MOUSSA
Faculté des lettres et des sciences humaines de Rabat , 2017 ,pp :141-153
الهوامش
1 – ” …بالفعل، هذا الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية هو حكي ترجمي لا أقول إنه ليس إلا ترجمة . أدقّق أن الأمر يتعلق بحكي يتحدّث لغات معينة “عبد الكبير الخطيبي Dubilingnime : ضمن incipit Paris : Denoël 1985. P 171
2 – تجعل النظرية ما بعد استعمارية من الهجنة مفهوما أساسيا.نحيل القارئ على العمل التأليفي لجان مارك موراJean- MarcMaura المعنون: الأدب الفر نكفوني والنّظرية بعد الاستعمارية Littérature francophone et théorie postcoloniale, Presses Universitaires de France, Paris,1999 . كلّ المفاهيم المرتبطة بالهجنة و أدب العالم ،في المركز أو المحيط يتمّ عرضهما وتفسيرهما بطريقة بيداغوجية
3 – يشرح جاك حسون ” سيكون للتفكير – الآخر في مقابل هذه المحاولة لمحو ما يقدّم كمتقطّع. إنه يبلور قرارا[…] هذا القرار حدستموه : هو القبول بالدّخول في أزمة[…] هو القدرة على الإنصات إل الانزياح، التجميع أكثر منه تراكم (التكريس) للاختلافات ” جاك حسون Jacque Hassoun ,in
مقدمة ضمن كتاب:
Imaginaires de l’autre. khatibi et la mémoire littéraire Paris :L’Harmattan. 1987 p 16
4 – فيما يتعلق بتجربته الخطية، يؤكد الخطيبي ما يلي : « عندما أكتب بالفرنسية لغتي الأم تنسحب إلى الوراء : إنها تتحطّم وتدخل إلى الحريم. من يتكلّم إذن ؟ من يكتب ؟ لكنّها تعود (كما يقال) وأشتغل كي تعود عندما تُعْوِزُنِي»49 :
Prologue N 12 Répéres1978
5 – يقول أشرفي رضوان بهذا الصدد بأنّ« هذه الحكاية تقيم علاقة ممكنة بين لغات عدّة، وعلى الأقل اثنين : الفرنسية والعربية الحاملة . وعلى المستوى الفلسفي إبدال الخلاص، الانفتاح من أجل هويّة معذّبة بواسطة أحادية القيمة والمنطقة الواحدة » انظر أشرف رضوان إشكاليات الهويّة والكتابة في المتخيّل المغربي وعمل عبد الكبير الخطيبي . منشورات جامعة الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، سلسلة أطروحات ومونوغرافيات رقم 2، 2011 ،ص. 136
6 – في كتابه لغة الآخر يشرح الخطيبي أن اسم Namir تمّ تشييده على أساس ثلاثة سمات ثقافية : «فرنسية جيرار. وعربية وبربرية تامير» انظر لغة الآخر نيويورك – تونس .الأيادي الخفية 1990 ص: 49
7 – حركة لا إرادية تهدف إلى محاولة تمثل ما هو أجنبي كي تصل إلى نقطة تستطيع فيها فرديتنا بثقافتها وطابعها وهويّتها الخاصّة إلى أن تفرض مقاومة للتّمثُّلِ الشّامل . ففي هذه اللّحْظة نشعر بالإختلاف الجوهري مع موضوع حركتنا، وحيث يمكننا إدراكه بشكل جيد هذا الموضوع الذي يُخْرج كلّ ما هو مختلف عنَّا.وهذا يعني أنّ كل الكائنات والأشياء لايمكن أن يتمّ تمثّلها تماما حسب الآخر،ومن ثم، تبقى هناك نواة خاصّة بكلّ ثقافة. (من وضع المترجم)
محمد البعزاوي* ترجمة : سعيد بن الهاني **