شاعر من عُمان .
بدرية الوهيبي شاعرة من عُمان تعمل صحفية ومسؤولة القسم الثقافي بجريدة «الزمن» ولها تجربة مهمة في الشعر النسوي وهي من جيل التسعينيات التي أثبتت أن الشعر ليس شكلا فقط.
ترجمت قصصها وأشعارها مؤخرا الى لغات أخرى، ولها ديوان شعر بعنوان (سقوط مدو لريشة) أرادت منه التعبير عن الذات في تساقطها المدوي بسبب الخيبات والانكسارات التي تؤرق الكاتب والإنسان، ولها مشاركات خارجية كثيرة (الشارقة، القيروان، اسبانيا، عمّان، الدوحة، البحرين، القاهرة) وحصلت على العديد من الجوائز في الشعر والقصة، كان لنا معها هذا الحوار لنقترب من تجربتها أكثر ..
ll بعد ديوانك الأول (سقوط مدر لريشة) وبعد تبوئك مراكز شعرية وسردية متقدمة، وبعد اعاصير وعواصف واجهتك في منجزك الشعري، كيف ترين هذا المنجز وهل أنت راضية عنه؟
– ما زلت انتظر قصيدة لم أكتبها بعد، الكتابة بالنسبة لي تحول دائم باتجاه الحياة، لذا فان حتمية النظر الى ما تم مسبقا ليست واضحة، ولكن يبقى ما كُتب عزاء للأرواح المتأهبة للحظة شعرية خالصة من إثم الرتابة والتكرار. وبطبيعة الحال تشكل الكتابة الشعرية تجربة روحية ووجدانية لا نستطيع التخلص منها أو ردمها لأنها عائض لنا في حياة كهذه الحياة التي نعيشها الآن، أطمح الى تجربة أشد عمقاً تعبّر عن الذهاب الى مالا نستطيع التنبؤ به.. لا شيء غير الشعر كبديل لهذا الزخم من الاحتدامات والتصادمات الوجدانية، وحده الشعر يدخلنا عتمات الروح والجسد والعالم بمثالية وانسانية سابرة أغوار العتمات الجوانية والبعيدة،ومحاولة استقصائها من أقصى لحظات التوتر والاحتدام الوجودي، وهنا استعير ما قاله بودلير «من منا لم يحلم، في لحظات الطموح، بمعجزة شعرية بما يكفي ليتوافق مع الاختلاجات الغنائية للروح, وتموجات الأحلام, وقفزات الوعي المفاجئة» الطموح بمعجزة شعرية لا تتحقق سوى بالاستمرار في تغيير كل ما نحن عليه نوراً ولهباً. هذا الاحساس بالانعتاق من الرتم الدائر حول عنق القصيدة شكلا ومضمونا يجعلني أبحث عن لحظة شعرية اخرى وتجربة يكفي أنني حين كتبت الشعر تأكدت من الوجود وكم تستحق الحياة ان نعيشها رغم انها تسحقنا أحيانا..
ll عبورك باتجاه الشعر منذ بداياتك ومراحل التطور التي تسلقتها الشاعرة بدءا بالذات وانتهاء بالمجتمع، صفي هذا الذهاب الساحر وهل هو مشحونا بالقلق ؟
-تمر التجربة الشعرية في مراحلها التكوينية بما يمر به الجسد البشري، لوران غاسبار قال «علينا أن نلقي بأنفسنا وراء كل ما يصمد أمامنا لكي نتمكن من أن نعبر حدودنا».. هذا العبور الذي يمر بعوامل اعادة بناء وتكوين الطبيعة أشبه بمرور التجربة على مراحل صحية افترضتها الطبيعة الشعرية المقدسة، الجميل في التجربة انها لم تتوقف عند خط وتراوح عليه انما هذا التسلسل وانت تستعيد ذاكرة القصيدة تقف امام نص قديم وتشهق « هل كتبت هذا ؟» الكتابة الشعرية في بداياتها كانت أشبه بمحاولات تطفو على السطح لعدم التفرغ الكامل لبناء النص الشعري ولعلها تلك البدايات التي أخذت طابع الخواطر والنصوص التي لا مسمى أدبي لها سوى انها بوح من نوع ما.. تلك اللحظة سريعة الالتقاط ثم التحول حيث العناية التامة باللغة وتشظيها الذي يشبه تشظي الروح المنفلتة من عقال الزمن.
الآن أكتب القصيدة بوعي مغاير، ومن خلال القراءات المكثفة والتجربة الحياتية والتواصل الروحي بين التثقيف البصري والوعي الشعري اصبح الانعتاق من المفردةِ والتجلي اكثر صعوبة لذلكَ يحدث أحيانا ان أكتب نصا وأقلق من انفلات اللحظة الشعرية فاتوقف ويطول بي العمر لأستعيد تلك اللحظة وأكمل بناء القصيدة، هذا الاقتراب والنأي أشبه بأنثى تراود صحراء عن يباسها ونسيت ان تبلل أطرافها ببعض قبلات لأكونَ غارقة بسؤال اللغة أكثر.
القلق مرتبط بشكل عضوي بهاجس الكتابة لدي، لذا آخذ وقتا كبيرا لأنهي القصيدة واراجعها مرة ومرتين وثلاث.. اقول تغير الكثير واصبحت الآن معنية بالتناول والقارئ فالشعر هو الكائن الذي يأخذك الى الآخر الذي لا تعرفه، اصبحت معنية بالفكرة واللغة معا والتعاطي الشعري الذي لا يمكن الاستخفاف به أو تجاهله..
ll بدءا لماذا أنت مبتعدة عن الأمسيات الشعرية في الفترة الأخيرة ألا ترين انها اضافة في التجربة الشعرية ومحفز معنوي للكتابة ؟
ربما لأنه لا جديد، لا استطيع أن أظهر لأقرأ نصوصا مكررة، أنا أحترم القارئ وأحترم تجربتي التي لا يمكنني أن استنزفها لمجرد الظهور، أخذنا كفايتنا وحان الوقت الآن للاشتغال الحقيقي والفعلي على النص من خلال التأمل والقراءة المكثفة بعيدا عن الضجيج والاحتراق والحرق معا، كما إنني أسير على المثل القائل (عندما تتحول أحلامك إلى تراب فقد حان وقت الكنس)…
ll وهل تعتقدين ان المشاركات الخارجية سبب في النضج والانتشار فعلا ؟
-ربما بشكل غير مباشر اسهمت في تكويني الشعري (لن أقول نضجي المبكر)، فطالما ما زلت مأخوذة الى الاشتعال فهذا يعني انني لا زلت ( نيئة) وبحاجة الى النضج، قد تكون كثرة المشاركات تحرق الشاعر الا انه كائن نوراني وضوئي وبركاني فتراه يمشي الى احتراقه بوعي أو بدون وعي، في البداية كانت هذه المشاركات انتشارية ولكنها الآن اصبحت مشاركات اختيارية رغم اغراء الضوء ولكن آن الأوان ان اشتغل على النص بصمت بعيدا عن كل هذه الضوضاء، وحقيقة انها لم تساعد على انتشاري لأنه لا يعول عليها في نضج التجربة، أحافظ على الجلوس في هامشي الحميم، ففي حرية الهامش أكثر حرية كما قال حداد مرة.
ll هل العمل الصحفي يقتل الابداع كما يقولون، وهل أثرت لغة الصحافة في لغة الشاعرة ؟
– يبدو ذلك.. وأنا قلقة كثيرا رغم ان الصحافة بالنسبة لي اضافة، فتحت أمامي آفاقا جديدة، ولكن ما كنت أخشاه فعلا ان ينسحب تأثير العمل الصحفي الى اللغة، فبالنسبة لي اللغة تورط وانطلاق نحو عوالم داخلية وخارجية لا يمتلكها الا قلة فمجرد انك تكتشف ان لغتك التي اشتغلت عليها منذ نعومة أظافر القصيدة تتحول الى اللغة التقريرية والمباشرة فأنت أمام لحظة توقف مرعبة حول مصير شاعريتك، ولكن بعض المقربين يحاولون تهدئة روعي بأنها فترة وتنتهي ولكنني قلقة كأم تنتظر ابنها الضال وتساؤلات عودته هل يأتي كما هو جميلا أم مشوها؟ ترعبني فكرة ألا تعود قصيدتي كما أريدها واشتغلت عليها طوال تلك السنوات.ولا أخفيك اشعر بين الحين والآخر باللحظة للكتابة لكنني ما إن امسك تلابيبها حتى تهرب كمن يفر من قسورة، ولا اعرف السبب إلا أنني أعطيها وقتها وأمهلها المزيد من الانتظار لحين عودتها، فلدي نصوص مبتورة غير مكتملة ولا استطيع ولادتها مخدجة ما لم تعد اللحظة المجنونة والجميلة تلك، وأؤمن تماما» حين يكون البيت قوياً، تكون العاصفة ممتعة».
ll ما الذي تفتقده ساحتنا الشعرية والأدبية اليوم ؟
-يقول الطاهر بن جلون (وظيفة الأديب هي المشاغبة حتى تبقى الذاكرة يقظة ) ونحن فقدنا المشاغبة والفوضى الخاصة بنا التي كانت تنعكس في أعمالنا، وفقدنا الذاكرة اليقظة، وتركنا كل شيء للمؤسسة الثقافية والمدونات.
ll ولماذا من وجهة نظرك هذا التراخي والفتور في الحضور الشعري أكثر منه في اشكال أدبية أخرى ؟
-عمق وانكسار الإنسان الإشكالي مع نفسه، والتطبيل الفارغ لبعض السطحيين هو سبب كبير في تراجع الجيد من الشعر رغم أن الزبد يذهب هباء ولكن يبدو أنهم يريدون الزبد فليرجع البحر ودره المكنون، غير ذلك يعتقد الشاعر وهذا اسمعه دائما من بعض الشعراء ان لا فائدة لأنه لا يوجد تقدير وبالتالي كما قلت مسبقا هي الاحباطات والخيبات التي تكسر الشاعر سبب في تراجعه. والدليل الكم الكبير من الاصدارات السردية مقارنة بالشعرية.
ll كونك صحفية.. هل هناك قيود وخطوط حمراء لا يمكن للاعلامي تجاوزها في طرحه وتناوله ؟
-نعم لاتزال القيود موجودة ولكنها ليست بتلك القوة التي كانت سابقا خاصة في بعض المؤسسات الاعلامية الخاصة، مازلنا بحاجة الى كسر الرتابة والتضليل الإعلامي لنصل الى حقيقة دور الاعلام المغيّبة، وهذا يجعلنا جنودا نسير على خطة المسؤول الذي لا مازال يعيش في جلابيب أجداده ورواده، لماذا اعلامنا لا يوازي الجزيرة أو العربية أو البي بي سي، لماذا لايوجد صحفي بارز أو نجم يشار له بالبنان هنا وفي الخارج على العكس هناك بعض الصحفيين ينتظرون حكما قضائيا أو دعائيا بسبب ما تطرقوا إليه، وبما إننا نحترم الآخر والعادات المعروفة تكونت لدى بعضنا ما يسمى بالرقابة الداخلية وبالصحافة المسؤولة التي تكتب ما تشاء ولكن لا تتعدى حدود الإساءة إلى الاشخاص والأعراف، وأذكر ان شارل بودلير اعتبر العيش بجرأة يوميا -يمكن ان تكون غير معقولة – اذا ادركنا نتائج الجهل بالخطر لا يمكننا التمرد لمجرد التمرد انما ثمة حدود لكل شيء علينا ان نكون أكثر عقلانية ومسؤولية وفي نفس الوقت علينا ان نعري ونفضح الممارسات الخاطئة – ان وجدت- للمؤسسات والأفراد ولكن لنتحاشى الوقوع في القضايا فانه علينا ايضا بالمقابل ان تكون لدينا اثباتات وأدلة ضدها.
ll في فترة سابقة كان اسم بدرية يتكرر ضمن الفائزين في المسابقات والمهرجانات ثم توقفت. ما هو فوزك الأكبر في كل تلك الانتصارات؟ ولماذا توقفت عن المشاركة والخوض في المسابقات ؟
– شاركت لأول مرة بنص قصصي لم أكن اعرف انه قصة قصيرة وكانت الكتابة الأولى وحصل على المركز الثالث في مسابقة المنتدى الأدبي لعام 1998، لست افتخر به لأنها البداية الخالية من كل مخزون، لكن المركز الأول الذي حصلت عليه في مسابقة النادي الثقافي في الشعر الفصيح هو الانجاز الذي افتخر به كون اللجنة التي منحتني شرف الفوز هو الناقد الكبير د.محمد لطفي اليوسفي والشاعر الكبير زاهر الغافري.
وبالنسبة للشطر الثاني من سؤالك فالقناعات تتغير مع تغير التجربة فما كنا نسعى اليه فترة من الزمن ما عدنا نحتاجه الآن، ليس ترفعا أو تكبرا من شأن، انما الواقع يجعلنا نتردد ونحن ندرك بأن المسابقات يحكمها ويقيمها شعراء أو ساردون لا تقترب تجربتهم من تجربتك – لن أقول لا ترقى- فكل تجربة لها مسارها وثيماتها، سأقول (اكتفيت) وآن الأوان للاشتغال أكثر على النص من حيث القراءة والكتابة والنقد المثمر، آن الآوان لوضع التجربة في مسارها الذي تستحقه..
!وبصراحة لطالما أقول دائما كما قال نيكوس كزنتزاكيس (لا انتظر شيئاً، لا أخشى شيئاً، لا آمل في شيء، أنا حر).
ll اتجهت الكثير من القاصات والشاعرات أيضا الى الكتابة الروائية، هل تفكرين في هذا الاشتغال ؟
– نحن كائنات نزقة نتماهى في كُل شيء من حولنا وتفرضه علينا التجربة، بدأت شاعرة وأدين للشعر بدخولي في رهانات أخرى كالقصة والمقال، أما الرواية فما زال الوقت مبكرا ولا أظنني امتلك أدواتها الفنية، الكتابة الروائية لا تحتمل هذا الاستسهال والدخول اليها مغامرة كبيرة فان لم تكن تمتلك مخزونا واسعا وتجربة حياتية وابداعية فلا تستطيع كتابتها وانت تمتلك فقط نفسا سرديا طويلا يخدعك هذا الذهاب الى الدخول في مغامرة كهذه..شخصيا تجربتي تميل الى التكثيف والاختزال حتى في كتابة القصة القصيرة ولا أظنني سأنجح يوما في كتابة رواية.
ll في ديوانك (سقوط مدو لريشة)، قصيدة التفعيلة أطول من قصيدة النثر، ما الذي يتحكم في طول وقصر النص هل هو النفس الشعري أم شكله؟
– ليس شكل النص ما يحدد طوله وقصره انما التجربة ففي مرحلة سابقة لم تكن قضيتي التكثيف بقدر حاجتي البوحية ورغبتي في اجترار الصورة التي تضعني بين مشهدين مزدوجين، أما نصوصي الأخيرة فهي قصائد تشكلت بفعل التكثيف والاختزال الى ما يشبه (الومضة) سواء في التجربة النثرية أو التفعيلة وطبعا هذه المقدرة على اضاءة المعنى بأقل ممكن من كلمات والوصول الى النص بكل تفاصيله في بضع كلمات تأتي بفعل الخبرة والتجربة التي شكلت هذه المرحلة الأخيرة من شكل النص.
لا شك ان كتابة قصيدة داخل الوزن أو تفعيلة معينة لا تشبه كتابة نص نثري خارج الوزن والأطر وحتما لا يصنع الجمال سوى الخروج من الظلمة والقيود، النثر يجردني من كل شيء فتخرج انكساراتي وحيواتي وعشقي في أتم وأنقى صورها وشعورها.. لا جدوى من التدخل فيما تسنه القصيدة من قوانين، يقف المبدع حاجزا وحائلا بين ما تريده القصيده وبين ما يرده من منهجية ونمطية..
ll هل الشاعر معني بالضرورة ان يكتب لأجل قارىء يفضل الايقاع بدلا من النثر رغم تجاوزنا الحديث عن هذه الاشكالية ولكن لا تخفى علينا ان المتلقي العربي لم يتقبل القصيدة الحديثة ؟
– هذه ليست قضية المبدع خاصة المتورط في الشعر، لا يمكن لأي شاعر يؤمن بحقيقته وقصيدته ان يختلق عالما لا يناسبه في علم التهذيب وتربية الذائقة، لكنه يجب ألا يسمح لنفسه ان يسيئ لذهن المتلقي ويسيئ لقدرة وعي أي متلق لأن الكلام البسيط والسطحي والمبتذل يسيء بشكل أو بآخر للمتلقي،ان لم يكن لديك شعر فاصمت،يستطيع المبدع التعبير عن فكره وشعره والدفاع عنه –اذا تطلب الأمر- ولكن لا يستطيع ان يفرض القبح في المكان فكما تقبل المتلقي العربي قصيدة النثر- (الهجينة) كما يسميها البعض – شيئا فشيئا لأنها تلامس شغاف الروح وتلامس جراح نكأتها أصابع التسطيح والاستسهال فإن المتلقي قادر ومدرك لماهية الشعر الحقيقي وان كان هجينا ومدركا لكيفية التعامل مع كل ما هو دخيل وحديث ومدى تقبله له من عدمه.. الأمر كله للمتلقي كما القصيدة كلها للشاعر..
ll تواجه الشاعرة والكاتبة عموما تهمة جاهزة وهي اغراقها في الذاتية وابتعادها عن القضايا الانسانية الأخرى؟ هل تعتبرينها تهمة؟
– اعتبر في لحظة من اللحظات أنني معنية بما يحدث خارج الأنثى والكتابة، ومحاولاتي الكثيرة للخروج من جلدي تعيدني الى أناي فأكتب الأشياء «كأنا» بلا وعي، هل هي خطيئة؟
يهمني ان تحضر الشاعرة الإنسانة فهاتان المزدوجتان تفجران الشعر بشعرية وإنسانية ناهيك عن العذابات التي تشتغل عليها المرأة الأسطورة منذ الخليقة..
لا اتعمد الكتابة عن ذاتي مع ان القصيدة ذات ولا استطيع التحكم بكمية وثورة المشاعر التي تخرج –كوني أنثى-. باختصار القصيدة هي التي تكتبني وتختار شكلها بنفسها وتفاصيلها بنفسها، مهمتي تقف في استخراج المخزون الجمالي والمعرفي وهذا بلا وعي ايضا مع مرور التجربة يتداخل مع الكتابة الذاتية بشكل جميل وعميق..
ll تذهب بعض الكاتبات الى الرمزية والاختباء وراءها لتعبر عن مشاعرها بعيدا عن أعين المجتمع، هل ما زالت الكاتبة تعاني من هذا التضييق؟
-المرأة بحاجة إلى من ينظر إلى عقلها لا إلى جسدها،هذه النظرة الدونية والمنبثقة من عالم الذكورة ما زال الغرب يعاني منها ولم يستطع الرجل هناك تجاوزها فما بالك بمجتمع الخيم والعباءات السادة ؟!!
اللغة في الأصل أنثى، نحن من يحاول تقسيمها لتشتيتها وتضييقها، لست أبالي كثيرا بهذه السطوة التي لا تقلقني أثناء لحظة الكتابة الشعرية بالذات، ربما ان كانت كتابة سردية أو مقالية تستدعي استمرار الحكاية والتوقف للتساؤل في لحظة الوعي الخلاقة، أفكر في المحاذير أثناء كتابة مقال أو قصة، أفكر في الآخر أينما كان وماذا ؟ لذلك يخرج نصا مرتبكا أو نصا يتكأ على الرمزية ليصل الى مبتغاه بيسر.
ولست معنية كثيرا بأمر الآخر وسطوته في الكتابة الشعرية فهي لي ولا علاقة لأي كائن بما تحتويه ودلالاتها ولا أحملها عبء الرمزية طالما أردتها شفيفة كضوء النهار، ببساطة لا سطوة للرجل أو المجتمع في لحظة كتابتي الشعرية، لا سطوة حتى لإبليس وأعوانه الجميلين والأشد ضراوة من الخطوط الحمراء المتاحة وغير المتاحة، أكتب الشعر لأجل روحي لأجل سلامي الداخلي واستقراري، أكتب الشعر لأتنفس براثن خطيئة الجمال دون ان يشير احدهم بإصبعه نحوي، أكتب لأطلق أجنحتي النورانية وأطير بعيدا..