مُذ صباي
تعلّق روحي
بشيءٍ من الكلمات التي
كتبتها يداكَ
على حائط الكون
ظلّت ترافقني
وتقود خطاي إلى الشعر
هذا الذي كنت أجهله
وأهاب الدخول إلى أرضهِ
الفاتنةْ .
سلامٌ عليك
سلامٌ على وطنٍ
كنتَ عنوانَهُ
صوتَهُ
وإليك تحدّق أشجارُه
وتمد يديها إليك عصافيرُه .
وهي تنطق اسمك ،
«طاغور»
حين تطيل التبتل
والرقص
تغسل قمصانَها
في حدائقك المثمراتْ .
كلما زرتُ بيتَكَ
في الحلم
ألفيت بوذا هناك
يصلي
ويقرأ من شعرك العذب
ما يجعل الناس يقتربون
من الله
ينسون أحزانَهم
يخلعون مواجعهم
ويزيدون حباً وعطفاً
ككل البشرْ
ذات حلمٍ
رأيتك تركض ياشاعري
حافيَ القدمين
تتابع أصداء أغنيةٍ
حملتها الرياح الأليفة
عن عزف نايٍ بعيدٍ
وكان تلاميذُك الواصلون
يسيرون خلفك منبهرين
وأعينهم للطريق تعدّ خطاكْ .
أنت طاغور
أم أنت بوذا ؟
كأنك أمثولةٌ منه
تعكس نبلَ اهتماماتهِ
حَبهُ للطبيعةِ
والفقراء
وإيمانَه بالذي خلق
الكائنات
وعلمّها كيف تدرك
كُنه الحياةْ .
أيها المتبتل
في معبد الكلمات
نقياً .
ولم تتلوث – وقد طفح القبح في الأرض-
روحُكَ
من أين يأتيك وردُ
الكلام ؟
ومن أي نجمٍ هبطتَ
فأنت غريبٌ إذا ما كتبت
غريبٌ إذا ما جلسْتَ
إلى الآخرينْ .
ليتني عشتُ في زمنٍ كنتَ فيهِ
وشاركتُ بعضَ تلاميذك
الواصلين
وهم يركضون وراءك
خلف الجبال
ووسط البراري ،
لكنه سوءُ حظي
تأخّر بي عن زمانك
باعَدَ ما بيننا .
بيد أني وجدتُك
جالستُ روحَكَ ،
تابعتُ ما خطّه عقلُك المستنيرْ .
في البدايات
كان الكلامُ على ألسِن الطير شعراً
وكان الحمام يموت إذا لم يتابع أغاريدَهُ ،
هكذا قال طاغور
ثم أضاف : أقول لكم
ليس بالخبز نحيا
ولكنّ بالشعر والحب
تخضّر أرواحُنا ،
بهما يستقيم عمود الحياة
وقال : كأنيَ بالكائنات الكبيرةِ
والكائنات الصغيرة
أكثر توقاً إلى الشعر
مني ومنكم
ومن كل هذا الأنام .
قال طاغور :
قد كنتَ من قبل أن تهبط
الأرض
أسطورةً وملاكاً
تطير
وتمشي على الماء ،
ما زلت يا صاحبي
قادراً أن تعود ملاكاً
إذا ما رجعت نقياً
شفيفاً
وحررتَ روحَكَ
من شبق اللحظة الفانية
ليس من يدلق الحبر
فوق بياض الورقْ .
شاعراً ،
قد يجيد السباحةَ
في بحر «طنجةَ» .
أو في بحور الخليل
ولكنه – قال طاغور-
سوف يظل بعيداً عن الشعر
مهما احترقْ .
عبدالعزيز المقالح