هدى الهرمي
شاعرة تونسية
روح الأشياء السحيقة
تشتعل دون هوادة
كمنارات مضيئة تهزم اللّهب الكسول
وتطرق الباب الحجري!
فتنبجس فقاعات ماء
في الهواء الطلق
وتتدحرج فوق فمي
كنزق هارب..
أضحى الوقت آمنا
ومشدودا لآثار السُّلالة الأولى
كموسيقى الكون داخل الصدر
أو نهر ينبض بوداعة
ويتمطّى بين الجوارح
حين أفتح “بريد الليل”
وأتسكّع في شقوق الحلم
ومنافي الذاكرة..
أيّ حقيقة ناصعة
تلمع بين الصدغين؟
فتظهر أسماء المفقودين في بلّورة العين
ونسغ المرايا الجسورة
حين تعطّل الضوء..
لكنّ “قلبي الذي عرف البحر”
يطوف في السّماء
ثم يتراءى كنجمة قطبية
ترصدها العتمة الكثيفة
وظلال شاردة..
ولا شيء يُواري الألوان عنّي
حتى إن غُصت في هشاشة مستديمة
يغمرني الشُّعاع القديم
فتتبعني الآيائل الجامحة
إلى الأرض المنخفضة
فيما العالم مغمس بالقِفار..
مثل الآن تماما!
ثمّة هالة عتيقة تتلمّس طريق وجهي
وقطرات مطر
تنقر زجاج الروح
وتوقظ الجدران الباردة