(1)
هي أرواحنا التي خلّفها لنا الأجداد
ربما للزمن وسائله في صياغة نوتاتها
ولكن تبقى هي من ينثر
الضوء في وجه الكوارث.
لم يكن البحر سوى ملاذ
نائم يستيقظ عند النداء
ونحن نغمض اعيننا أمام شساعته
ونكتب في أنفسنا مرثية
الهجرة الدائمة
حين نضيع سكون العالم من حولنا.
(2)
كانت أناملها تشبه الأخطبوط
حيث تحرّك بأصابعها العشر
أسلاك القانون
عزفت فالسات عن الأمومة والحب
ومن ورائها الغيم
يبعث بلحن السماء الماطر
ترى أي طفل ستنجبه الليلة
من تلاقح موسيقى السماء والأرض.
(3)
بعد كل ليلة
يظل عواء الكوابيس في رأسي
أستنجد بموسيقى من بطن التلفاز
علّها تهدهد ذلك الصراخ
الذي أغرقني في محيطه
فرأسي لا يزال الطرق عليه
كما لو أنه القيامة
فتأتي الأغنيات القديمة
منسابة للروح وحنونة
لتجري في أوصال المكان
ثم تخرج للشارع المحاذي للبيت
وهناك تنتظره
قطة يتيمة مستظلة من الهجير
ترفع رأسها لألقي لها تحية الحياة
ليل التائه
صداع ينهش الرأس
في هذا الليل
والريح التي تعوي
في الغابة المحيطة بالكوخ
توزع سونيتات
تشتت ما علق بالذاكرة
العيون مفتوحة
كقمر
اكتمل بهاء الحزن
في وضوحه
لا أقوى على شيء
الصمت وحده من يسرد الواقع
وأنا أجدف بلا مصير
الجداجد في الخارج
تموسق الطنين كجوقة موسيقية
تحاول ضبط آلاتها
وتعد بروفات لحفلة بلا حضور
لأنعم بقليل من الوحشة.
معرضا من الصور
يمرّ على الحائط كشريط سينمائي
فيما أصغي إلى برق الذاكرة
ويلفني غطاء الحزن
بلا مبرر
كيف على الزمن أن يمتزج
في نصف اليقظة
وأفقد عنصر المكان؟
هل عليّ أن أتصفح
ظلال الجدران
أم أن أغتسل قليلا
وأبلل الوقت
ثم أكسر الضياع الرمادي
وحيث أنني
لم أقو على شيء
أسقط من يدي العطر
الذي أهدتني إياه نجمة
مساء الأمس
تناثرت رائحته كورق الريحان
في قيعان الأنف
ثم غفوت .. كأنني
بعد عام من السهاد.