إلى الحسين بن منصور
رماداً في النهر
وروحاً في السموات
المبتـــــــدأ
ليس ثمة ما أكتبه عنك
سوى عن وجهك المضاء
في الريح..
وأنت تقطع الطرقات بقلبك الغض
من معبر إلى آخر
كمثل ورقة
أينعت في بحيرة دم.
مستأنساً
كنت تباغت الفراشات
وهي تحوم على خصل شعرك الندي
بينما تهمس لك وردة الفجر:
أن يدك الغضة
ستندس في ضفاف نهر مجهول.
ومن هناك
من البقعة التي أرضعتك
شآبيب الغيم
خرجت متدثراً بحلة صغير
لتلتمس الخلاص
بأديم أرض مسيجة بالشوك.
تهجع الطيور عند ممشاك
ربما لأن حواصل إحداها
ستستقر دائمةً في مهدك الأعمق
لتبشر النازلين عتمةً
عند ضفة النهر
بدمعة وصلك المنسكبة
على صفحة الكون.
تفكر بالسماء
وبالريح .. إذ تمدد عويلها المنساب
عند الشجرة التي تسمعك
دون أن تنبس بكلمة
بينما الشمس ماثلة هي الأخرى
كمقصلة صغرى
هي من سرّع وقع خطواتك المندفعة
كقدمي طفل
لتُبتر من شدة اللهو.
تتراقص وراءك العقبان
منتشياً كنت
لاتلتفت إلى رفاقك في الوراء
إذ لم يكن ثمة من شيء
سوى ذلك المخدع
الذي يلفك بحنوه الملائكي
في الحياة وفي الممات..
حيث تصبح مضغة من جسدك المنثور
ومضة الباكين في الأعلى.
وما أن أسندت ظهرك
على جذع الموت
حتى أتوك يتقاطرون كأنهم شهب لامعة
ليلبسوك خرقة الخوف
هي الشاهدة على الفيض
وعلى المرارات التي أبسمت ثغرك
في مقام الله.
مرتمياً بين ضفتين
زهرة باكية تنصت لصوتك الأرضي
يريدون أن يبقونك بعيداً
أو ربما
على مقربة من أجسادهم
تلك التي تقطعت من فرط بكائهم الليلي
إذ لم يكن أمامك
سوى الرحيل إلى منائر الضوء
لترجع بعدها
مرتدياً بظل الليل
وموقناً أن الخلاص
غائر بعمق السموات.
وإذ تأخذك الخطى
ساعة تلمس الوجد
فلاتقع عيناك
سوى على أجساد العائدين
من قفر الموت
كأنهم الظل
معلقاً.. أعلى صفحة النهر
وحين تلهبهم الشمس بسياطها
فإنك لاترى
في مقام نومهم المزهر
سوى قطرات مياه لامعة
وأنين.
ومن هناك
من أعلى الفسحة الأجمل
حيث يرسل القمر ضوءه المكسور
أملت عنقك
مسدلاً كأنه الريح
رافعاً راحتيك الداميتين
كخشبةنحو مهجة في الطلق
بينما حط الباكون أقداح مياه
وشيئاً من خبز مقدس.
إذ أبصرك العابرون في هزيع الليل
شاخصاً
بعينيك الدامعتين
في لفة قماط.
وعند انبلاج عمرك
كزهرة نبتت في الظل
ارتحلت إلى بقعة الضوء
حيث مربع مضاء
إذ لم تكن الشمس
ولاالقطر الذي ينزل على جسدك
كمثل مسامير جارحة
إلا كتطواف فراشة
نبعت من عويل الريح.
تسكرك الظلمات
وسواد جبال مرقعة كامتداد الظل
وتلك الهاجرة التي أسقطت
نبل غضبها على جبهتك
متآكلةً من فرط الدنو
ومن أثر عرقك النازف كأنه الفيض
وأنت.. فى المدى الأوسع
لاتشبه
سوى قبّرة صارخة.
j مقطع من ديوان للشاعر بعنوان «المصطلم» .
عبدالله البلوشـي
شاعر من عُمان