المنظر:
شخصيات المسرحية:
– الجد (أعمى).
– الأب (بول).
– العم ( أو لفر).
– الأخوات الثلاث (أورسولا، و جينيفيف، و جيرترود).
-الممرضة.
الخادمة.
* غرفة خافتة الاضاءة في بيت ريفي قديم. باب على اليمين. باب على اليسار، وباب خفي صغير في أحد الأركان. وفي الخلف. نوافذ زجاجية مبقعة يغلب عليها اللون الأخضر، وباب صغير ينفذ الى شرفة. ساعة هولندية طويلة في أحد الأركان. مصباح مضاء.
**
البنات الثلاث: تعال هنا يا جدنا لكي تجلس تحت المصباح.
الجد: لا يبدوان ضوءا كثيرا ها هنا.
الأب: أنذهب الى الشرفة أم نجلس في هذه الغرفة؟
العم: أليس من الأفضل ان نجلس هنا؟
فالأمطار مستمرة طوال الأسبوع، والليالي رطبة وباردة.
البنت الكبرى: ومع ذلك فان النجوم تلمع.
العم: آه النجوم -ما هذا بشيء
الجد: من الأفضل ان نجلس هنا، فلا أحد يعلم ما الذي قد يحدث.
الأب: لا يجب أن نقلق أكثر، فلقد زالت مرحلة الخطر، وتم انقاذها…
الجد: أنا على يقين بأنها ليست على ما يرام…
الأب: وما أدراك؟
الجد: لقد سمعت صوتها.
الأب: ولكن الأطباء أكدوا لنا بأنه لا داعي لأن نقلق ولذا…
العم: أنت تعلم جيدا أن نسيبك يحب أن يقلقنا بدون أقي سبب.
الجد: أنا لا أرى الأمور كما تراها أنت.
العم: ولهذا فعليك ان تعتمد على من يرى، فقد كانت تبدو بصحة جيدة عصر اليوم، وهي تنام الآن في هدوء ولا نود أر، نفسد أول ليلة سعيدة جاد لنا الحفل بها… وأعتقد أن لنا الحق ان نرتاح بل وان نضحك قليلا هذه الليلة دون أن نشعر بخوف.
الأب: أنت على حق، فهذه أول مرة أشعر فيها بأنني في بيتي ومع عائلتي بعد تلك الولادة الشاقة.
العم: ما أن يدخل المرض منزلا حتى يشعر الانسان بأن هناك شخصا غريبا في العائلة.
الأب: وكذلك ترى عندئذ انه لا يمكنك ان تعتمد على أي انسان من خارج العائلة.
العم: كلامك صحيح تماما.
الجد: لماذا لم استطع أن أرى ابنتي المسكينة هذا اليوم؟
العم: أنت تعلم جيدا ان هذا ممنوع بأمر من الطبيب.
الجد: لا أدري بم أفكر…
العم: لا داعي للقلق،
الجد: (مشيرا إلى الباب الذي في الجهة أن تسمعنا؟ اليسرى) إنها لا تستطيع
الأب: لن نتحدث بصوت مرتفع، فضلا عن ان الباب سميك جدا، والممرضة موجودة معها وستنبهنا ان اصدرنا أي صوت مزعج.
الجد: (مشيرا الى الباب الذي في الجهة اليمنى) وهو، الا يستطيع أن يسمعنا؟
الأب: لا، لا.
الجد: هل هو نائم؟
الأب: أظن ذلك.
الجد: يجب أن يذهب أحد ويرى.
العم: أنا قلق على الطفل أكثر من قلقي على زوجتك، فقد مرت أسابيع عديدة على ولأدته وهو لا يستطيع ان يتحرك، ولم يبك طوال هذه المدة ولا حتى مرة واحدة، وكانه دمية من الشمع.
الجد: أظن انه سيكون أصما – وقد يكون أبكما كذلك، وهذه هى الثمرة الطبيعية للزواج بين أبناء الأعمام…
(صمت استنكاري)
الأب: إنني مغتاظ منه بسبب الآلام التي لاقتها أمه بسببه.
العم: يجب ان نكون منطقيين، فهي ليست غلطة الصغير المسكين، هل هو بمفرده في الغرفة؟.
الأب: نعم، فالطبيب لا يريده أن يبقى في غرفة أمه بعد الآن.
العم: ولكن أليست معه الممرضة؟
الأب: لا فقد ذهبت لترتاح قليلا، انها تستحق ذلك في الأيام القليلة الماضية، اذهبي أورسولا وانظري ما اذا كان ينام بهدوء.
البنت الكبرى: سأذهب يا أبي (تنهض البنات الثلاث ويدخلن الغرفة التي
في جهة اليمين متشابكات الأيدي)
الأب: متى ستأتي أختنا؟
العم: أظن انها ستصل في حوالي التاسعة.
الأب: لقد تجاوزت التاسعة، أتمنى أن تصل هذا المساء، فزوجتي متلهفة لرؤيتها.
العم: انها واثقة بأنها ستأتي، فهذه أول مرة تزور فيها المكان، أليس كذلك؟
الأب: انها لم تقم بزيارة هذا البيت مطلقا.
العم: سوف يكون من الصعب عليها مغادرة ديرها.
الأب: وهل ستكون بمفردها؟
العم: أظن بأن احدى الراهبات ستقوم بمرافقتها، لأنها لا تستطيع مغادرة الدير بمفردها.
الأب: ولكنها رئيسة الدير.
العم: ولكن القانون يسري على الجميع.
الجد: هل انزاح القلق عنكما؟
العم: ولماذا تريدنا أن نقلق؟ ما فائدة العزف عل هذا الوتر دائما؟ ليس هنالك شيء نخافه.
الجد: أليست أختك أكبر سنا منك؟
العم: انها أكبرنا جميعا.
الجد: لست أدري ما الذي قد أصابني، انني أشعر بشيء من الخوف، كم أتمنى لو كانت أختك هنا.
العم: سوف تاتي، لقد وعدتني بذلك.
الجد: أتمنى لو ان هذا المساء قد ولى.
(تدخل الأخوات الثلاث ثانية)
الأب: هل هو نائم؟
البنت الكبرى: نعم يا أبي، انه نائم ملء جفنيه.
العم: ماذا سنفعل ونحن ننتظر؟
الجد: ننتظر ماذا؟.
العم: ننتظر أختنا.
الأب: ألا ترين أحدا قادما يا أورسولا؟.
البنت الكبرى: (على النافذة): لا يا أبي.
الأب: ألا يوجد أحد في الشارع؟ هل تستطيعين رؤية الشارع؟
البنت: نعم يا أبي، فالقمر مضيء وأستطيع ان أرى الشارع وحتى أشجار
السرو.
الجد: ولا ترين أحدا؟
البنت: لا أحد يا جدي.
العم: كيف الجو في الخارج؟
البنت: بديع، ألا يمكنك سماع العنادل؟
العم: بلى، بلى.
البنت: ريح خفيفة تهب في الشارع.
الجد: ريح خفيفة في الشارع،
البنت: نعم، والأشجار تهتز قليلا.
العم: إنني مندهش لأن أختي لم تصل حتى الآن.
الجد: لم أعد أسمع أصوات العنادل.
البنت: يبدو أن شخصا ما قد دخل الى الحديقة يا جدي.
الجد: من هو؟
البنت: لست أدري، لا أستطيع رؤية أحد.
العم: لأنه لا أحد هنالك.
البنت: من المؤكد أن أحدا ما في الحديقة، فلقد توقف غناء العنادل فجأة،
الجد: ولكني لا استطيع سماع أي أحد يمشي.
البنت: لا بد أن هناك شخصا ما يمر بجنب البركة لأن طيور الأوز جافلة.
بنت أخرى: وعاصت كل أسماك البركة فجأة.
الأب: ألا يمكنك رؤية أحد؟
البنت: لا أحد يا أبي.
الأب: ولكن لأن البركة تحت ضوء القمر….
البنت: أجل فبإمكانى رؤية طيور الأوز خائفة.
العم: أنا متاكد ان اختى هي التي أفزعت طيور الأوز، لا بد انها قد دخلت من البوابة الصغيرة.
الأب: لا أدرى لماذا لا تنبح الكلاب.
البنت: أستطيع رؤية كلب الحراسه في مؤخرة "وجاره"، أما الأوز فانها تعبر نحو الضفة الثانية!…
العم: انها خائفة من أختى، سوف أذهب وأرى (ينادي) أختي، أختى، هل هذه أنت؟… لا أحد هناك.
البنت: أنا متأكدة بأن أحدا ما قد دخل الحديقة، وسوف ترون.
العم: ولكنها كانت سترد عل لو كانت أختي!
الجد: هل بدأت العنادل تغني مرة ثانية ياأورسولا؟
البنت. لا أستطيع سماع حتى عندليب واحد في كل الأنحاء.
الجد. ومع ذلك فليس هناك أي حركة.
الأب: انه سكون الموت.
الجد: لا بد أن شخصا غريبا هو قد أخافها، فما كانت لتصمت لو كان الشخص من داخل البيت.
العم: هل ستتحدثون الآن عن العنادل؟
الجد: هل كل النوافذ مفتوحة يا أورسولا؟
البنت: الباب الزجاجي هو المفتوح يا جدي
الجد: أشعر أن البرد يزحف لداخل الغرفة.
البنت: هناك ريح خفيفة في الحديقة، وأوراق الورد تتساقط يا جدي.
الأب: فلتغلقي الباب اذن فالوقت متأخر.
البنت: سأفعل يا أبي – لا أستطيع إغلاق الباب.
البنتان الأخريان: لا نستطيع إغلاقه.
الجد: لماذا، ما الذى حدث للباب يا أطفالي؟
العم: لا داعي لأن ترفع صوتك هكذا، سأذهب وأساعدهن.
البنت الكبرى: لا نستطيع اغلاقه كاملا.
العم: الرطوبة هي السبب، هيا ندفعه جميعا، لا بد ان هناك شيئا ما يمنعه من الانغلاق.
الأب: سيصلحه النجار غدا؟
الجد: وهل سيأتي النجار غدا؟
البنت: نعم يا جدي، سيأتي ليجري بعضى الاصلاحات في القبو.
الجد: سيسبب ازعاجا في البيت!
البنت: ساخبره بان ينجز عمله بهدوء.
(فجأة، يسمع صوت منجل يشحذ في الخارج)
الجد: ( مرتعدا) آه!
العم: ما هذا؟
البنت: لا أدري بالضبط، اعتقد أنه البستاني، لا أستطيع رؤيته تماما فهو في الظلمة.
الأب. أنه البستاني في طريقه ليجز الحشائش.
العم: يجزها في الليل؟
الأب: أو ليس غدا الأحد؟ بلى – لقد لاحظت ان الحشائش طويلة جدا حول المنزل.
الجد: يبدو لي ان منجله يصدر صوتا عاليا…
البنت: انه يجز مول المنزل.
الجد: هل تستطيعين رؤيته يا أورسولا،
البنت: لا ياجدي فهو في الظلمة.
الجد: أخشى أن يوقظ ابنتي.
العم: ليس في الامكان سماع صوته.
الجد: يخيل اقي انه يجز داخل المنزل.
العم: لا يمكن ان يسمعه انسان مريض، ولهذا فليس هناك خطورة.
الأب: يبدو لي ان المصباح لا يضيء جيدا هذا الليلة.
العم: ينقصه الزيت.
الأب: لقد رأيته مملوءا بالزيت صباح اليوم، بدأت اضاءته تخفت حينما أغلقت النافذ ة.
العم: أظن أن زجاجته متسخة.
الأب: سيضيء بصورة أفضل بعد قليل.
البنت: لقد نام جدي، انه لم ينم طيلة ثلاث ليال
الأب: انه قلق جدا.
العم: ما أكثر ما يشعر بالقلق الشديد، انه لا ينصت لصوت العقل في بعض الأحيان.
الأب: هذا شيء عادي لمن هو في مثل عمره.
العم: الله وحده يعلم كيف سيكون حالنا حينما نكون في مثل عمره.
الأب: انه في الثمانين تقريبا.
العم: فهو معذور اذن على تخريفه.
الأب: انه كسائر فاقدي البصر.
العم: انهم يستغرقون في التفكير
العميق بعض الشيء.
الأب: لديهم وقت فراغ كبير.
العم: لأنهم لا يقومون بأي شيء آخر.
الأب: وأيضا فليس لديهم أي شيء يسلون به أنفسهم.
العم: لا بد ان حالتهم فظيعة.
الأب: من الواضح انهم يتعودون على ذلك.
العم: لا أستطيع أن أتخيل ذلك.
الأب: انهم بكل تأكيد يستحقون الشفقة.
العم: لا تعرف أين أنت، ولا تعرف من أين أتيت، ولا تعرف الى أين ذاهب، ولا تستطيع ان تميز الظهيرة من منتصف الليل، أو الصيف من الشتاء – ظلمة دائمة، دائمة، إنني أفضل أن أموت على حال كهذا، الا يمكن الشفاء منه على الإطلاق؟
الأب: هذا واضح كل الوضوح.
العم: لكنه ليس مصابا بعمى تام؟
الأب: انه يستطيع تمييز الإضاءة القوية.
العم: علينا أن نهتم بعيوننا المسكينة وأن نرعاها.
الأب: تراوده عادة أفكار غريبة.
العم: ولكنه يكون جادا في بعض الأوقات.
الأب: انه يقول ما يجول في خاطره تماما.
العم: ولكنه لم يكن على هذه الحال دائما؟
الأب: لا بكل تأكيد، كان في وقت ما عاديا مثلنا، لم يتفوه بأي شيء يحيد عن الصواب، صحيا ان أورسولا تشجعه أكثر من اللازم، فهي تجيب على كل استفساراته…
العم: من الأفضل ان لا تجيب عليها، هذا معروف لا يساعده (تدق الساعة العاشرة)
الجد: (مستيقظا) هل أنام أمام الباب الزجاجي؟
البنت: لقد استغرقت في نومه عميقة، أليس كذلك يا جدي!
الجد: هل أنام أمام الباب الزجاجي؟
البنت: نعم يا جدي.
الجد: أليس هناك أى شخص على الباب الزجاجي؟
البنت: لا أحد يا جدي، لا أرى أي انسان.
الجد: ظننت بأن هناك أحدا ينتظر على الباب، ألم يأت أحد؟
البنت: لا أحد يا جذي.
الجد: (مخاطبا العم والأب): وأختكما ألم تأت،
العم: الوقت متأخر جدا ولن تأتي بعد الآن، إنه ليس أمرا طيبا منها ألا تأتي.
الأب: بدأت أشعر بالقلق بشأنها
(صوت، وكأن أحدا ما يدخل المنزل)
العم: لقد أتت ا ألم تسمع الصوت؟
الأب: بلى، لقد دخل شخص ما عبر القبو.
العم: لا بد انها أختنا، لقد عرفت خطوتها.
الجد: انني سمعت خطوات بطيئة.
الأب: لقد دخلت بهدوء شديد.
العم: انها تعلم بوجود شخص مريض هنا
الجد: انني لا أسمع الآن أي شيء.
العم: ستصعد الى هنا في الحال، سيخبروها بأننا هنا.
الأب: انني سعيد لمجيئها.
العم: كنت متأكدا انها ستأتي الليلة.
الجد: كما هي بطيئة في صعودها!
العم: لا بد أن تكون هي رغم بطء مشيتها.
الأب: اننا لا ننتظر قدوم أي زوار آخرين.
الجد: لا أسمع أي صوت في القبو.
الأب: سأنادي على الخادمة، وسنرى ما الذي يجري هنا
(يسحب حبل الجرس)
الجد: انني أسمع صوتا ما على السلم.
الأب: انها الخادمة صاعدة الى هنا.
الجد: يخيل افي انها ليست بمفردها.
الأب: انها تصعد ببطء…
الجد: أسمع وقع أقدام أختك!
الأب: انني أسمع الخادمة فقط.
الجد: انها اختك، انها اختك!
(طرقة على الباب الصغير)
العم انها تطرق باب السلالم الخلفية.
الأب: سأذهب وأفتح الباب بنفسي، فهذا الباب الصغير يصدر صريرا مزعجا، اننا لا نستخدمه الا حينما نريد الصعود خفية دون أن يرانا أحد (ينفتح الباب قليلا، تظل الخادمة في فتحة الباب بالخارج) أين أنت؟
الخادمة: هنا يا سيدي.
الجد: هل أختك على الباب؟
العم: لا أرى إلا الخادمة.
الأب: الخادمة فقط (للخادمة) من الذي دخل البيت؟
الخادمة: دخل البيت!
الأب: نعم، ألم يدخل أي أحد منذ لحظات؟
الخادمة: لم يدخل أحد يا سيدي.
الجد: من الذي يتنهد هكذا؟
العم: انها الخادمة، لقد انقطع نفسها.
الجد: هي تبكي؟
العم: لا، لماذا تبكي؟
الأب: ألم يدخل أحد منذ لحظات؟
الخادمة: لا يا سيدي.
الأب: ولكننا سمعنا انفتاح الباب.
الخادمة: كنت أنا، أغلق الباب.
الأب: وهل كان الباب مفتوحا؟
الخادمة: نعم يا سيدي.
الأب: ولماذا كان مفتوحا في هذا الوقت المتأخر من الليل؟
الخادمة: لا أدري يا سيدي، كنت قد أغلقته.
الأب: من الذي فتحه إذن؟
الخادمة: لا أدري، لا بد أن أحدا خرج بعد أن أغلقته يا سيدي…
الأب: عليك أن تنتبهي، ولكن لا تدفعي الباب، أنت تعلمين ما يسببه من ازعاج!
الخادمة: ولكنني لم ألمس الباب يا سيدي.
الأب: أنت أيضا! انك تدفعينه وكأنك تحاولين الدخول للغرفة!
الخادمة: ولكني على بعد ثلاث خطوات من الباب يا سيدي.
الأب: لا تتحدثي بصوت عال.
الجد: هل اطفأوا المصباح.
البنت الكبرى: لا يا جدي.
الجد: يبدو لي وكأن الظلمة قد حلت فجأة.
الأب (للخادمة): تستطيعين النزول الآن، ولكن لا تصدري أي صوت آخر على السلم.
الخادمة: ولكني لم أصدر أي صوت!
الأب. أقول انك أصدرت صوتا، انزلي بهدوء فقد توقظين سيدتك، وإذا جاء أي انسان أخبريه بأننا لسنا هنا.
العم: نعم اخبريه بأننا لسنا هنا.
الجد (مرتجفا): ما كان يجب أن تقولوا ذلك!
الأب:… ما عدا لأختي وللطبيب.
العم: متى سيأتي الطبيب؟
الأب: لا يستطيع ان يأتي قبل منتصف الليل
(يغلق الباب. الساعة تدق معلنة الحادية عشرة).
الجد: هل دخلت؟
الأب: من؟
الجد: الخادمة.
الأب: لا، فلقد نزلت الى الطابق السفلي.
الجد: ظننت بانها جالسة على الطاولة.
العم: الخادمة؟
الجد: نعم.
العم: هذا هو كل ما ينقصنا!
الجد: ألم يدخل أحد الغرفة؟
الأب: كلا، لم يدخل أي مخلوق.
الجد: وأختكم، أليست هنا؟
العم: أختنا لم تأت.
الجد: إنكم تحاولون ان تخدعوني ة
العم: نخدعك؟
الجد: اخبرينى يا أورسولا بالحقيقة،
من اجل الله!
البنت الكبرى: جدي! ما الذى جرى لك؟
الجد: شيء ما قد حدث! انني على يقين
بان المرض قد اشتد بابنتي!…
العم: هل أنت تحلم؟
الجد: لا تريدون اخباري!… أستطيع التيقن بأن هناك شيئا ما…
العم: في هذه الحالة بإمكانك ان ترى أفضل منا.
الجد: اخبريني الحقيقة يا أورسولا!
البنت: ولكنا قد أخبرناك الحقيقة يا جدي!
الجد: إنك لا تتحدثين بصوتك المألوف.
الأب: لأنك تخيفها.
الجد: وصوتك أنت مختلف أيضا.
الأب: إنك في الطريق الى الجنون!
(يتبادل هو والعم اشارات تدل على فقدان الجد عقله)
الجد: بإمكاني ان أسمع بوضوح انكما خائفان.
الأب: ولكن مم يجب علينا ان نخاف؟
الجد: لماذا تريدون خداعي؟
العم: من الذي يفكر في خداعك؟
الجد: لماذا أطفأتم النور؟
العم: لم يطفيء أحد النور، انه مضاء كما كان قبلا.
الجد: يبدو لي وكأن المصباح قد خفت.
الأب: انني أرى بوضوح كما كنت.
الجد: عيناي مثقلتان بالأعياء! اخبرني ايتها البنات عما يحدث هنا، اخبروني لأجل الله أيها المبصرون، انني هنا وحدي في ظلمة أبدية! لا أدري من الجالس بجانبي! لا أدري ما الذي يحدث على بعد خطوتين مني!… لماذا كنت تتهامسون توا؟
الأب: لم يتهامس أحد.
الجد: كنتم تتحدثون بصوت منخفض على الباب.
الأب: لقد سمعت كل ما قلته.
الجد: ألم تحضروا شخصا ما الى الغرفة؟
الأب: لقد أخبرتك بانه لم يدخل أحد!
الجد: أهي أختك أم القس؟ لا تحاولوا خداعي – أورسولا، من الذي دخل؟
البنت: لا أحد يا جدى.
الجد: لا تحاولوا خداعي، دعوني أعرف ما أعرف! كم عددنا هنا؟
البنت: ستة منا هنا حول الطاولة يا جدي.
الجد: وهل أنتم جميعا حول الطاولة؟
البنت: نعم يا جدي.
الجد: هل أنت هنا يا بول؟
ا لأب: نعم.
الجد: وهل أنت هنا يا أولفر؟
العم: بالطبع، بالطبع أنا هنا في مكاني المعتاد، هذا ليس إنذارا أليس كذلك؟
الجد: وهل أنت هنا يا جنيفيف؟
احدى البنات: نعم يا جدي.
الجد: وأنت يا جيرترود، هل أنت هنا؟
بنت أخرى: نعم يا جدي.
الجد: وهل أنت هنا يا أورسولا؟
البنت الكبرى: نعم يا جدي، بجنبك.
الجد: ومن الجالس هناك؟
البنت: أين تقصد يا جدي؟ لا يوجد أي شخص آخر.
الجد: هناك، هناك -في وسطنا!
البنت: ولكن لا يوجد أحد يا جدى!
الجد: ولكنكم لا ترون – كلكم؟
العم: ماذا، هل أنت تمزح؟
الجد: أؤكد لكم انني لا اريد أن أمزح.
العم: فلتثق اذن في كل البصرين.
الجد (مترددا): اعتقدت بوجود شخص آخر… قي الا أعيش لفترة أطول…
العم: لماذا نخدعك؟ ما الفائدة من ذلك؟
الأب: يجب علينا بكل تأكيد أن نخبرك بالحقيقة.
العم: ما الفائدة في أن يخدع كل منا الآخر؟
الأب: انت تعلم هذا بنفسك.
الجد (محاولا النهوض): أود اختراق هذه الظلمة!…
الأب: الى أين تريد أن تذهب؟
الجد: الى هناك…
الأب: لا تكثر من قلقك…
العم: كم أنت غريب هذه الليلة.
الجد: بل انتم كلكم، الذين تبدون غريبين بالنسبة لي.
الأب: عم تبحث؟…
الجد: لست أدري ما الأمر!
البنت الكبرى: جدي، جدي، ماذا تريد يا جدي!
الجد: ناولنني أيديكن الصغيرة يا بناتي
البنات الثلاث: نعم يا جدنا.
الجد: لماذا ترتجفن ثلاثتكن يا بناتي؟
البنت الكبرى: الوقت متأخر يا جدي، ونحن متعبات.
الاب: عليكن بالذهاب للنوم، وسينام جدكن أيضا ليرتاح قليلا.
الجد: لا أستطيع النوم هذه الليلة!
العم: سننتظر الطبيب.
الجد: انكم تهيئونني لسماع الحقيقة.
العم: ولكن لا توجد أي حقيقة!.
الجد: لا أدري اذن ماذا هناك!
العم: انني أخبرك بأنه لا يوجد شيء بالمرة!
الجد: كم أود رؤية ابنتي المسكينة؟
الأب: ولكنك تعلم أن هذا غير ممكن، لا يجب أن نوقظها بدون سبب.
العم: ستراها غدا.
الجد: لا يمكن سماع أي صوت في غرفتها.
العم: سيساورني القلق لو كنت قد سمعت أي صوت هناك.
الجد: لقد مر زمن طويل منذ ان رأيت ابنتي!… مسكت يديها مساء أمس ولكنني لم أرها!… لا أدري ما الذي قد تبقى منها… لا أدري كيف هي الآن… لم أعد أعرف كيف يبدو وجهها… لا بد أنها قد تغيرت في الأسابيع الماضية ث… شعرت بعظام خدها الصغير في يدي… لاشيء غير الظلمة بيني وبينها وبينكم!… لا أستطيع الاستمرار في هذا العيش… فهذه ليست بحياة!… تجلسون هناك كلكم تنظرون بعيون مفتوحة وليس في قلب أي واحد منكم مثقال ذرة من الشفقة!… لست أدري ما الذي جرى لكم… لا أحد يقول الكلام الذي يجب أن يقال… وكل شيء فظيع حينما تتخيلونه.. ولكن لماذا لا تتحدثون؟
العم: ماذا نقول اذا كنت لن تصدقنا؟
الجد: أنتم خائفون من خداع انفسكم
الأب: لتكن عاقلا، هيا.
الجد: إنكم تخفون عني شيئا لفترة
طويلة!…لقد حدث شيء ما في البيت، ولكني بدأت الآن ادرك ما حدث… لقد انخدعت لفترة طويلة هل تعتقدون بأني لن أعرف شيئا للأبد، هناك لحظات أكون فيها أقل عمى منكم، هل تفهمون؟… ألم أسمعكم تتهامسون – لأيام وأيام – وكأنكم في بيت شخص مصلوب؟ لا أجرؤ على التفوه بما علمته هذه الليلة… ولكني سأعلم الحقيقة!… سأنتظركم كي تخبرونني الحقيقة ولكني قد عرفتها منذ زمن طويل رغم انفكم والآن فإني أعلم أنكم جميعا أكثر شحوبا من الأموات!.
البنات الثلاث: جدنا، يا جدنا، ما الذي أصابك يا جدنا؟
الجد: أنا لا أتحدث عنكن يا بناتي، أنا لا اتحدث عنكن… أنا متأكد بانكن
ستخبرنني بالحقيقة -إذا لم يكونا حولكن!… وأيضا فاني على يقين بأنهما يخدعانكن مثلي… سترين يا بناتي – سترين!… ألست أسمع صوت انتحابكن؟.
الأب: هل زوجتي في حالة خطرة حقيقة؟
الجد: لم يعد من الخير أن تخدعوني، لا فائدة من ذلك الآن فأنا أعرف الحقيقة أفضل منكم!…
العم: ولكنا حقيقة لسنا بصدد العمى الآن!
الأب: أتود الذهاب الى غرفة ابنتك؟ هنالك سوء فهم هنا ولا يجب أن يطول، فهل تود الذهاب؟
الجد (مترددا فجأة): لا، لا، ليس الآن… لم يحن الوقت..،
العم: أرأيت، إنك قد فقدت عقلك!
الجد: لا يستطيع الانسان ان يعرف كل ما لم يستطع أحد قوله طوال حياته!.. من الذي أصدر هذا الصوت؟.
البنت الكبرى: انه المصباح يتذبذب في الاضاءة يا جدي.
الجد: انه يبدو مضطربا جدا… شديد الاضطراب.
البنت: الريح الباردة هي التي تأرجحه…
العم: لا توجد أي ريح باردة فالنوافذ مغلقة.
البنت: أظن أنه ينطفيء
الأب: لقد انتهى الزيت.
البنت: لقد انطفأ تماما.
الأب: لا يمكننا البقاء في الظلام هكذا.
العم: ولم لا؟ فقد تعودتم على هذا الوضع من قبل.
الأب: هنالك ضوء في غرفة زوجتي.
العم: سنذهب إلى هنالك لاحقا بعد أن يصل الطبيب.
الأب: الحقيقة اننا نستطيع أن نرى بما فيه الكفاية هنا، فهناك ضوء في الخارج
الجد: أهناك ضوء في الخارج؟
الأب: أكثر إضاءة من هنا
العم: بالنسبة لي فإني سأتحدث في الظلام
الأب: وكذلك أنا (صمت).
الجد: يخل افي ان الساعة تصدر صوتا عاليا!…
البنت الكبرى: ذلك بأننا لم نعد نتحدث يا جدي.
الجد: ولكن لم انتم صامتون؟
العم: عم تريدوننا ان نتحدث؟ إن تصرفاتكم غرر منطقية هذه الليلة.
الجد: هل الظلام كثيف في هذه الغرفة؟
العم: انها ليست مضيئة جدا (صمت).
الجد: إنني لا أشعر بصحة طيبة، افتحي النافذة قليلا يا أورسولا.
الأب: اجل يا ابنتي، افتحي النافذة قليلا، انني بنفسي بحاجة إلى قدر من الهواء (تفتح البنت النافذة)
العم: أعتقد، حقيقة، أننا مكثنا في الغرفة لفترة طويلة.
الجد: هل النافذة مفتوحة،
البنت: نعم يا جدي انها مفتوحة على عرضها.
الجد: أمر لا يمكن تخيله، فلا يوجد في الخارج أي صوت.
البنت: لا يا جدي، فلا يمكن سماع حتى أخفت الأصوات.
الأب: هذا الصمت غير عادي.
البنت: بامكانك سماع ملاك يتجول.
العم: لهذا السبب أنا لا أحب الريف
الجد: اتمنى سماع صوت ما، كم الساعة يا أورسولا؟
البنت: منتصف الليل تقريبا يا جدي
(يبدأ العم في ذرع الغرفة جيئة وذهابا)
الجد: من الذي يمشي حولنا هكذا،
العم: انه أنا ا انه أنا ة لا تخف، فيجب أن أمشي قليلا (صمت) – ولكني سأجلس ثانية، لا أ ادري الى أين أمضي (صمت).
الجد: كم اتمنى لو كنت في مكان آخر غير هذا!
البنت: الى أين تود الذهاب يا جدي؟
الجد: لست أدري – الى غرفة أخرى، ولا يهم أين! لا يهم أين.
الأب: إلى أين يمكننا أن نمضي.،
العم: الوقت متأخر للذهاب الى اي مكان آخر
(صمت، يجلسون جامدين حول الطاولة)
الجد: ما الذي أسمعه يا أورسولا.،
البنت: لا شيء يا جدي، الأوراق تتساقط، نعم أنها الأوراق تتساقط على
الشرفة.
الجد: اذهبي واغلقي النافذة يا اورسولا.
البنت: له سأذهب يا جدي
(تغلق النافذة، تعود وتجلس)
الجد: اشعر بالبرد (صمت، البنات الثلاث يقبلن بعضهن بعضا) ما الذي
أسمعه الآن؟
الأب: انهن الأخوات يقبلن بعضهن بعضا.
العم: يبدو لي أنهن شاحبات الوجه جدا هذه الليلة
(صمت)
الجد: وما الذي أسمعه الآن؟
البنت: لا شيء يا جدي،إنه صوت
التقاء يدي ببعضهما(صمت)
الجد: وذلك؟…
البنت: لا أدري يا جدي… قد تكون أختاي ترتجفان قليلا؟…
الجد: وأنا خائف كذلك يا بناتي
(حزمة من أشعة القمر تدخل الغرفة من خلال زاوية الزجاج المبقع، وتنشر ومضات غريبة هنا وهناك داخل الغرفة، الساعة تعلن الثانية عشرة، وفي الدقة الأخيرة يسمع صوت غريب وكانه صوت من ينهض على عجلة من أمره)
الجد (مرتجفا بخوف غير طبيعي): من الذي قام؟
العم: لم يقم أحد!
الأب: لم أقم!
البنات الثلاث: ولا أنا! ولا أنا! ولا أنا!
الجد: لقد قام أحد! الطاولة! أشعل المصباح!…
(فجأة تسمع صرخة خوف من غرفة الطفل في الجانب الأيمن، تستمر هذه الصرخة وبرعب متزايد حتى نهاية المشهد).
الأب: اسمع! الوليد!
العم: انه لم يصرخ من قبل!
الأب: لنذهب ونرى!
العم: النور! النور!
(وفي هذه اللحظة تسمع خطوات سريعة وثقيلة في الجانب الأيسر، بعدها، صمت دال على الموت، ينصتون في رعب أخرس حتى ينفتح باب الغرفة ببطء، ضوؤها يتدفق إلى داخل الغرفة التي يجلسون فيها، وتظهر الممرضة ذات الرداء الأسود على عتبة الباب وتنحني راسمة رمز الصليب معلنة وفاة الزوجة، يستوعبون ذلك، وبعد لحظة من الحيرة والخوف يدخلون بصمت الى غرفة الميتة، على العتبة يبتعد العم قليلا على نحو مهذب ليدع البنات الثلاث يمررن، الأعمى متروك وحده، يقوم ويتحسس طريقه في حالة هياج حول الطاولة في الظلمة)
الجد: إلى أين تذهبون! الى اين تذهبون لقد خلفوني وحيدا!