تتمتع عُمان بموقع جغرافي مهم؛ نظرا لموقعها في أقصى جنوب شرق الجزيرة العربية، حيث تطل على كل من خليج عُمان وبحر العرب المتصل بالمحيط الهندي، أما من الشمال فتتحكم عُمان في مضيق هرمز الذي يعتبر مدخلا للخليج العربي هذا فضلا عن كونه الممر المائي الوحيد الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، ويمكن القول بأن الموقع الجغرافي لعمان له دور كبير في تفوق عُمان البحري الأمر الذي جعل عُمان أهم قوة بحرية في المنطقة، وقد انعكست أهمية هذا الموقع على سير الأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة فعلى الرغم من وجود السلاسل الجبلية الموازية لسواحل عُمان التي تشكل نوعا من العزلة بين الساحل والداخل، إلا أن عُمان استطاعت أن تكون علاقات حضارية مع العالم الخارجي، كما استطاعت أن تكون أسطولا بحريا أصبحت عُمان بفضله سيدة البحار، الأمر الذي جعل من عُمان دولة بحرية لها دور تجاري وسياسي مهم في تاريخ الخليج العربي والعالم .
ونظراً لأهمية موقع عُمان فإنه يمكن القول بأن تاريخ عُمان يحتل مكانة كبيرة في تاريخ العالم بصفة عامة وتاريخ الخليج بصفة خاصة بسبب كثرة الحروب والصراعات في المنطقة، مما جعل عُمان محط أنظار العديد من القوى الاستعمارية الأمر الذي حتم على عُمان أن تكون دولة غير منعزلة،وتربطها العديد من الصلات بالقوى العربية والإسلامية والعالمية على اختلاف مراحلها التاريخية، وقد دفع هذا لإقامة علاقات مع الدولة العثمانية .
تناولت هذه الدراسة العلاقات التجاريةوالمؤثرات الحضارية بين عُمان والدولة العثمانية، وفيها استعراض لأهم الموانئ التي كانت تمثل محطات ترسو فيها السفن والطرق التجارية المتبعة بين البلدين واهم الصادرات والواردات المتبادلة بين البلدين، كما تناولت هذا الدراسة دراسة لأشهر الحمامات التركية داخل القصور العمانية، ونظام الحريم في القصور العثمانية ومقارنتها بقصور السيد سعيد في عُمان، وهو من النظم الاجتماعية الحديثةعلى المجتمع العماني آنذاك .
تناولت الدراسة أيضا أهم الألقاب المستخدمة والعملات الرائج تداولها بين البلدين .
وقد اعتمدت الدراسة على العديد من المصادر منها وثائق منشورة وغير منشورة وأخرى .
التجارة:
كان تدهور الأسطول الفارسي أيام نادر شاه وتقليص النفوذ البحري البرتغالي، أمرا فتح المجال والفرصة أمام العمانيين للاستثمارات التجارية والبحرية(١) .
ويمكن القول انه على الرغم من حالة الركود الاقتصادي التي سادت المناطق المجاورة لعمان في أواخر القرن 18 م إلا أن التجارة في مسقط بقيت مزدهرة (٢) .
وبالرغم من الاضطرابات السياسية التي عكرت صفو الدولة البوسعيدية إلا أن الاقتصاد العماني تميز بالازدهار والانتعاش، وهذا يرجع إلى عدة عوامل أهمها نشاط الملاحين العمانيين الذين كانت أساطيلهم تجوب البحار، وقد استفادوا من تدهور نشاط الموانئ الإيرانية لدعم ميناء مسقط باعتباره المركز الأول للتجارة في الخليج، كما كان لنجاح حكام مسقط في استغلال موارد الدولة لتنشيط الملاحة والتجارة مع الخليج أثر كبير في ازدهار التجارة العمانية(٣) . ونتيجة للمكانة التي وصلت لها مسقط في مضمار التجارة أعطى السيد سلطان بن أحمد نفسه الحق في حماية الملاحة في الخليج، وفرض على السفن التجارية أن تزور مسقط أولا قبل توجهها شمالاً نحو الخليج (٤) . ويمكن القول أن عُمان أصبحت في الربع الأخير من القرن الثامن عشر معبرا للتجارة
فأصبحت عام 1970م الموزع الوحيد للسكر في الخليج والمشرق العربي في نفس الوقت فقد كانت توزع نصف إنتاج اليمن من القهوة(٥) .
ونتيجة لذلك كان الازدهار التجاري والموقع الجغرافي لعمان حلقة اتصال بين كثير من مناطق العالم . فمن الأرجح أن هذه العوامل من أهم العوامل التي ساعدت عُمان بان ترتبط بعلاقات تجارية مع مجموعة من الدول ومن ضمنها الدولة العثمانية . ورغم ندرة الوثائق التي تناولت العلاقات التجارية بين عُمان والدولة العثمانية في فترة الدراسة فإننا سنحاول رصد بعض مظاهر العلاقات التجارية بين البلدين . فقد كانت هناك علاقة تجارية ملموسة بين البلدين، ففي عهد الإمام أحمد بن سعيد كانت معظم تجارة عُمان تتم مع العراق العثمانية(٦) . ولما كان للسيد سلطان بن احمد علاقات تجارية واسعة مع العراق العثمانية فقد تحتم لدعم الازدهار التجاري العماني في عهده عقد اتفاقية تجارية مع السلطات الحاكمة في البصرة بخصوص عملية التبادل التجاري لبضائع البلدين بضريبة استيراد مخفضة قدرها ٣٪ من ثمن التكلفة(٧) .
كما ارتبطت عُمان بعلاقات تجارية مع مصر العثمانية، ففي أثناء حملة نابليون على مصر رأى نابليون بنفسه السفن التجارية العمانية التي تعبر ميناء السويس عندما كان في زيارة لذلك الميناء(٨) . ولذلك أرسل نابليون إلى السيد سلطان بن احمد عام 1971م يخبره فيها بأن الطريق بين السويس والقاهرة أصبحت آمنة ومفتوحة، وباستطاعة التجار العمانيين أن يرسلوا بضائعهم إلى السويس ويتاجرون بها من دون خوف أو رهبة أو تردد ويحصلون مقابل ذلك على ما يشتهون من المواد والسلع(٩) . كما كان للسيد سعيد أسواق تجارية لمنتجات سلطنته في مصر العثمانية بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من تجار مصر العثمانية كانوا يمارسون أنشطة تجارية هائلة في مسقط(10) .
هذا فضلا عن علاقات عُمان التجارية مباشرة مع تركيا العثمانية، فقد لاحظ الرحالة الأمريكي لوكر Locker حين زار مسقط، بأن أسواق مسقط مقسمة إلى مجموعة من المخازن والأقسام . وقد رأى لوكر بأن سوق مسقط يوجد به مخزن كبير يديره شخص تركي، وكان هذا الشخص يرتدي ثوبا أنيقا فضفاضا وله أكمام عريضة وعلى رأسه طربوش أحمر لفت حوله قطعة قماش بيضاء مطرزة ووجد إلى جانبه شخص تركي آخر يبيع القماش، وكان يدخن الغليون ويعرض بضاعة تتمثل في أقمشة من الكتان والقطن وملابس أخرى صوفية وحريرية مصنوعة من المخمل وصوفية، وهي أقمشة غالية الثمن وقد أعجب لوكر بالتجار الأتراك في مسقط حيث انهم يعاملون زبائنهم بكل أدب واحترام(١١)، وهذا يدل بوضوح على العلاقات التجارية المباشرة بين عُمان وتركيا .
وارتبطت عُمان بعلاقات تجارية مع الحجاز العثمانية، فقد كانت القوات العثمانية الموجودة في الحجاز تستورد الغلال من جهة مسقط ومن ثم تنقلها إلى جده لتقوم ببيعها هناك، حيث ان الغلال التي كانت ترسل إلى الحجاز من القصيم في إقليم نجد كانت مكلفة جدا بالنسبة للعثمانيين . وكانت الغلال من مسقط تنقل من هناك إلى جدة ويتحمل العثمانيون كلفة النقل عن طريق السفن، ثم يتم نقلها من جدة إلى الجهات التي تتواجد فيها القوات العثمانية المتمثلة في قوات محمد علي باشا، حيث يقوم العثمانيون أيضا بدفع التكلفة، هذا فضلا عن التكاليف التي تقع أثناء عمليات النقل فهي عملية مكلفة جدا لهم . ولذلك وجدوا بأن نقلها عن طريق مسقط أقل تكلفة من المصاريف التي كانت تنقل عن طريق القصيم، كما أنها سهلة النقل وقد ذكر الجناب العالي عندما أرسل إلى أحمد باشا بأن جهات مسقط والبصرة لهم سفن تجارية كثيرة وأن أهلها رجال عمل يعرفون كيف يؤدون أعمالهم، وأمره أن يرسل كتابا إلى الإمام سعيد بن سلطان ليخبره بذلك من أجل تسهيل عمليات نقل الغلال من مسقط إلى الحجاز(12) .
ويمكن أن نستعرض أهم الموانئ الواقعة على الطرق التجارية التي تربط بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية :
أولا: ميناء مسقط
تقع مسقط على الساحل الشرقي لعمان، وتلتقي بسلاسل جبال الحجر التي تمتد من الجانب الشرقي للحجر عند البحر، ويحدها من الشمال سهل الباطنة، ويحيط بمسقط سلسلة من الجبال البركانية التي تعمل كسياج دفاعي لها(13) . وقد تميز هذا الميناء بموقعه الفريد على طريق الهند فالطريق إلى الهند خطان، الأول يمر برأس الرجاء الصالح عبر سواحل شرقي أفريقيا فعدن ثم الخليج العربي فالهند ومن هنا تبرز أهمية ميناء مسقط كمحطة تتوسط طرق التجارة(14) . وقد كانت مسقط تقوم بدور تجاري بارز حتى أصبحت عام ٥٧٧١م الميناء الرئيسي ومركزا لتجارة السلع الواردة من الهند وشرق أفريقيا وتوزيعها على البحر الأحمر والخليج العربي،وكان خمسة أثمان تجارة الخليج تأتي عبر ميناء مسقط(15) . ونظرا لوقوع مسقط على مفترق طرق التجارة بين البحر الأحمر والخليج العربي وإلى الهند وأفريقيا واعتبارها الميناء الوحيد الصالح في جنوب شرق آسيا، فقد أصبحت فيما بعد المستودع الرئيسي للتجارة في الجزيرة العربية(16) .
وقد استفاد ميناء مسقط بعد أن تحول النشاط التجاري البريطاني من بندر عباس إليها إثر الظروف السياسية التي حلت بإيران في تلك الفترة واضطرار الأوروبيون إلى هجر ميناء بندر عباس عام 1763م(17) . وقد ذكر سوفيوبوف فريرز في مذكراته بأن معظم الأوروبيين عندما رحلوا عن بندر عباس اتجهوا نحو مسقط، نظرا لأهمية موقعها ومرافئها الآمنة ووفرة إنتاجها، هذا فضلا عن الحرية الكاملة التي يمنحها حكامها للتجار لممارسة أعمالهم مما أدى إلى بروز مسقط كمحطة تجارية في شبه الجزيرة العربية وفارس(18) . وقد تميز ميناء مسقط وأسواقها بانتشار الأمان داخلها ؛ فيذكر نيبور أنه على الرغم من أن مسقط لا تكثر بها المستودعات إلا أن البضائع توضع على الشارع دون أن تتعرض للسرقة وميناؤها ملجأ آمن للسفن(١9) . وهذا دليل واضح على انتشار الأمن داخل هذا الميناء . وعندما زار فرنكين مسقط في عهد الإمام سعيد بن الإمام أحمد عام 1787م وجد البلاد في حالة سيئة من التخطيط، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها كانت تحتوي على أسواق جميلة وسلع وبضائع، كما لاحظ وجود الشرطة الذين كان لهم دور كبير في حفظ الأمن والنظام(20) . وقد كان لميناء مسقط أهمية كبيرة بالنسبة لحكام عُمان فقد أبدوا اهتماما كبيرا به، ففي عهد السيد سلطان بن احمد عين شخصين من كبار تجار الهنود وهم كل من Vishnudas & Mawje لإدارة ميناء مسقط وكان هذان الرجلان على علاقة جيدة بالشركة الهندية في بومباي(21) . كما تمتع الميناء بإدارة قوية على حفظ النظام والأمن وسلطة عادلة اتسمت بالتسامح ووفرت الحماية لجميع التجار دون تمييز(٢٢) .
والجدير بالذكر أن سلاطين وأئمة عُمان حرصوا على تخفيض الرسوم الجمركية في الميناء، فبحلول عام 1970م أصبحت الرسوم الجمركية للمسلمين 2.5٪ ولغير المسلمين ٥٪ (23) . فنتيجة لتلك المميزات التي يمتاز بها ميناء مسقط والتسامح الذي يتمتع به من الناحية التجارية واستقرار الأوضاع السياسية والأسلوب المتحضر الذي تعامل به العمانيون مع مختلف الأصناف من التجار الذين قدموا إليهم، هذا فضلا عن كثرة التجار والصرافين والملاحين المدربين والسفن داخل الميناء، نتيجة ذلك توافد التجار والمغتربون بشكل كبير إليه وخاصة من فارس والهند والدولة العثمانية وولاياتها مثل تركيا ومصر واليمن والعراق والحجاز، وأقاموا أنشطة تجارية هائلة في مسقط(24) .
ثانيا: ميناء صور:
صور مدينة من المدن العمانية، تقع على ساحل الحجر الشرقي لعمان وهي تتمتع بأهمية سياسية وتجارية عظيمة، وتقع على مسافة 17ميلا غرب رأس الحد اكثر 94 ميلا جنوب شرق مسقط(25) . ويمثل ميناء صور قلب المحيط الهندي وكان أي اتصال بين أجزاء المحيط الهندي وأقاليمه لا يتم إلا بعد المرور بالسواحل العمانية بشكل عام وميناء صور بشكل خاص(26) . وقد كان لميناء صور دور كبير في تجارة العبور فقد كان أهالي صور يملكون أسطولا تجارياً يتكون من 100 سفينة كبيرة عابرة للمحيطات . ولصور علاقات تجارية ضخمة مع الهند وجزر الهند الشرقية كما كانوا يملكون سفناً صغيرة ترتبط بعلاقات تجارية مع ساحل أفريقيا الشرقي وموانئ الخليج العربي(27) . كما كان لميناء صور وبحارته دور أساسي في تجارة البن ونقلها من اليمن إلى العراق عن طريق مسقط(28).
وقد زار الرحالة ولستد صور وميناءها، ووصف الميناء بأنه ميناء جيد تعمل به حوالي 300 بغلة من أحجام مختلفة وتعمل هذه البغلات على حمل التجارة بين سواحل الهند وموانئها وبين موانئ وسواحل الخليج العربي وأفريقيا وبحر العرب(29) .
ثالثا: ميناء جدة:
يقع على ساحل البحر الأحمر على خط طول 65 شرقا ودائرة عرض 21 شمالا، وتعد منفذ تجارة الحجاز بعد اختفاء أهمية كل من الشعيبة والجار(30)، وهو المنفذ البحري لمنطقة الحجاز واعتمدت جدة بصورة أساسية على تجارة عُمان لتأمين احتياجاتها من المحيط الهندي وإفريقيا(31) . وكانت ظفار هي أهم مركز لها على المحيط الهندي لتتزود منها السلع والخامات الهندية والأفريقية، وقد ارتبط ميناء جدة ببعض موانئ عُمان ليكون حلقة وصل بينها وبين الحجاز . فهو يرتبط بميناء صحار عبر طريقين: الأول بري عبر أودية حجر عُمان إلى الظاهرة فواحة ليوا ثم الاحساء فنجد ليتجه بعد ذلك إلى الحجاز، وقد نقلت عبر هذا الطريق الكثير من سلع صحار مثل المنسوجات والكماليات . فقد انتشرت منسوجات صحار في الحجاز منذ القدم، أما الطريق الثاني فكان عبر سواحل الجزيرة العربية الجنوبية ثم إلى البحر الأحمر وكانت تنقل عن طريقه العديد من المنتجات مثل القطن الذي يعاد تصديره لمناطق البحر الأحمر، والبحر المتوسط(32) .
رابعا : ميناءا الحديدة ومخا:
تقع هذه الموانئ على ساحل البحر الأحمر باليمن وهي مهمة جداً للتجارة مع عُمان، حيث ان السفن العمانية القادمة من موانئ الخليج العربي ومسقط تمر على مخا الواقعة على مدخل باب المندب قبل ذهابها إلى ميناء مسقط فينزل فيها التمر العماني والليمون ويحمل في سفنها البن اليماني، ثم يتجه إلى مسقط وتتوم إعادة تصدير البن مرة أخرى إلى المناطق العثمانية(٣٣) .
خامسا : ميناء البصرة:
تقع البصرة على مصب نهر الفرات في الخليج العربي وتبعد عن بغداد بحوالي 300 كيلومتر(34)، وقد كانت خاضعة من الوجهة الرسمية للباشا العثماني، وقد وصفها أحد الرحالة بأنها سوق مهمة لمنتجات الهند وفارس والقسطنطينية وحلب ودمشق ويمكن اعتبارها المستودع الأكبر لمنتجات الشرق(35) . وقد زادت أهمية ميناء البصرة تجاريا إثر تدهور ميناء بندر عباس(36) حتى أصبح ميناء البصرة يحتل المرتبة الثانية بين الموانئ بعد ميناء مسقط(37) . وقد فرضت السلطات العثمانية ضرائب على هذا الميناء، فقد كان الأوروبيون يدفعون رسوما جمركية قدرها ٣٪ على كل بضاعة تجلب من الهند أما باقي تجار الشرق من العربوالفرسواليهودوالهنود فقد كان يدفعون ٧٪ كرسوم جمركية(38) .
أما أهم الطرق التجارية المتبعة بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية فهي:
أولا : الطريق التجاري البحري
بين البصرة وجدة:
يعتبر طريق الخليج العربي أو ما يسمى بالطريق الوسيط هو أهم الطرق المتبعة في التجارة بل وأقدمها، فالسلع التجارية كانت تصل إلى الخليج ومن هناك يصل قسم منها إلى بلاد الشام، والقسم الأكبر من تلك البضائع كان يصل إلى بغداد، ثم تتجه القوافل في اتجاهات مختلفة وخاصة موانئ البحر المتوسط حيث تصل كميات كبيرة من السلع ثم يتم نقلها إلى أوروبا(39) . أما طريق البحر فهو عبر الخليج العربي الذي سلكه العمانيون في تجارتهم مع المناطق العثمانية، فقد كان خط سير الرحلة يبدأ بالموانئ العمانية ثم إلى البحر الأحمر واليمن والحجاز ومصر حيث تحمل السفن العمانية بعض البضائع وتأخذ هذه السفن في الإبحار بجانب سواحل شبه الجزيرة العربية حتى تصل إلى البحر الأحمر وينتهي عند ميناء جدة، وهناك تفرغ السفن بعض حمولتها ويتجه بعض الركاب إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج . وتبقى السفن راسية حتى ينتهي الحجاج من أداء مناسكهم، ثم تتجه السفن من جدة إلى مخا والحديدة وهناك يستبدلون السبائك الذهبية التي حصلوا عليها أجورا من الحجاج ثم يغادرون البحر الأحمر وتعود السفن مرة أخرى الى مسقط وهي محملة بالبضائع، ويعاد شحن الفائض في مراكب أصغر حجما تتجه إلى البصرة التي تعد بمثابة القناة التي تتدفق عبرها السلع العمانية، ثم يتم نقلها إلى سواحل الشام مباشرة(40) . ويعاد نقلها إلى القسطنطينية لسد احتياجات المناطق العثمانية مثل سوريا والقسم الأوروبي من الدولة العثمانية وشمال أوروبا(41) .
كما كانت بعض السفن العمانية تخرج من ميناء صور، وهذه الرحلة تخرج كل عام وتسمى محليا بموسم البصرة مع أواخر شهر يونيو وبداية شهر أغسطس . وبعد عبور مضيق هرمز تبدأ السفن خط سير بمحاذاة الساحل الفارسي، مرورا بجزيرة كفرود، وقيس، وهند اربي وجزيرة الشيخ، وتنحرف أحيانا إلى البر حيث إقليم لنجة، ثم يقوم الأسطول بتفريغ حمولته، ثم يتفرع منها مساران أحدهما للكويت والآخر للبصرة العثمانية، وأول معبر تعبره السفن العمانية في العراق هو ميناء الفاو، حيث تنزل السفن فيه حمولتها والسلع المراد بيعها، وبعد وصولها إلى البصرة تعود السفن العمانية في منتصف شهر سبتمبر وتأخذ فترة العودة مدة تتراوح بين الشهر والشهرين(42) .
ثانياً طريق شرق إفريقيا:
كانت السفن تبحر من ميناء مسقط مع بداية الرياح التجارية الموسمية الشمالية الشرقية متجهة إلى زنجبار، وتواصل إبحارها بمحاذاة الساحل حتى مدغشقر . وكانت الرحلة من مسقط إلى السواحل الإفريقية تستغرق حوالي ثلاثة إلى أربعة أسابيع حسب قرب الميناء وبعده(43)، وكانت السفن عندما تعود إلى مسقط بعد هذه الرحلة الطويلة تقوم بإعادة تصدير السلع التي جلبتها السفن العمانية من السواحل الإفريقية إلى العراق العثمانية(٤٤) .
كما كانت السفن تخرج أيضا من ميناء صور فتبدأ الرحلة مع الرياح الشمالية فتسلك طريقا إلى مرباط ثم إلى اليمن، ثم تأخذ السفن خط سير مباشراً باتجاه جزيرة سقطرى وعبد الكومف في بحر العرب، ومنها تسلك السفن خط سير محاذيا للبر الصومالي حيث تقوم بعملية التبادل التجاري في الموانئ الصومالية ثم تواصل السفن إبحارها بموانئ ماليندي وممباسا حيث تبحر السفن باتجاه زنجبار المركز الرئيسي لتجارة إفريقيا الشرقية . ثم تعود السفن الأخرى في شهر إبريل مع الرياح الجنوبية وتقوم بإعادة تصدير البن إلى العراق العثمانية(45) .
ويمكن أن نستعرض أهم الصادرات والواردات المتبادلة بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية فيما يلي:
أولا: الصادرات:
تعددت الصادرات التي كانت السفن العمانية تنقلها إلى مناطق الدولة العثمانية، إلا أن أشهر تلك الصادرات كان البن اليمني، وقد كان أسطول البن أهم حدث في تاريخ العراق التركي(46) . فقد كانت السفن العمانية ترتاد جميع الموانئ الواقعة بين ميناءي جدة والبصرة، فميناء البصرة وحده كان يستقبل من سفنهم الصغيرة المسماة بالترانكي حوالي 50 سفينة سنوياً(47) . وقد كانت السلطات العثمانية باسم السلطان العثماني تمنح أساطيل البن العماني بعض الامتيازات، فعندما أرسل الإمام أحمد بن سعيد أسطوله لمساعدة البصرة العثمانية والحصار المفروض عليها من قبل الفرس عام 1775م، أصدر السلطان العثماني فرمانًا يعطي الحق للتجار العمانيين بحرية التجارة مع العراق التركي ورفع الرسوم المفروضة على البن(48) .
وفي عام 1788م استطاع باشا بغداد أن يسدد ما عليه من ديون EIC 4، وسدد أيضا ما عليه من ضرائب للرسوم الجمركية الخاصة بتجارة البن، وهكذا فإن هذا ابعد اهتمام البريطانيين عن القهوة المستوردة من البصرة للعمانيين . وُيذكر بأن السيد طالب بن الإمام أحمد بن سعيد كان مسؤولاً عن تجارة القهوة والدخل الآتي من صور الذي يعتبر المركز الرئيسي والميناء الأساسي لاستجلاب القهوة(49) .
ويذكر في التقرير المقدم إلى شركة الهند الشرقية الإنجليزية عام 1970م من قبل صموئيل ماستي وهاررفرد جونز، والخاص بالتجارة بين الهند والخليج، بأن البن الذي يستورده العمانيون يقارب نصف الكمية المنتجة سنوياً في اليمن كلها(50)، كما أنه يكفي لسد احتياجات الطلب عليها من سوريا العثمانية والقسم الأوروبي من الدولة العثمانية والجزيرة العربية وأوروبا وغيرها من المناطق(51) . وشملت الصادرات العمانية إلى المناطق العثمانية الرقيق، فمن المعروف أن إفريقيا الشرقية تعتبر المصدر الرئيسي لتجارة الرقيق في الخليج العربي الذي تمر منه تلك التجارة إلى الأسواق الشرقية من شبه الجزيرة العربية والعراق وفارس والهند(52) .
ويشير Landen بأن مسقط كانت سوقاً رائجة لتجارة الرقيق في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وكانت تقوم بتصديرهم إلى مناطق الخليج والعراق العثمانية والبصرة بالتحديد(53) . وشملت الصادرات العمانية إلى المناطق العثمانية أيضا الصمغ والعقاقير العربية التي كانت تصل إلى البصرة العثمانية، وكان الصمغ والعقاقير العربية تحتكرها السفن العمانية،
وكانت العقاقير تجد طريقها إلى مصر العثمانية وخاصة ميناء الإسكندرية ثم يعاد تصديرها من جديد إلى مناطق أخرى(54) . كما قام العمانيون بتصدير السكر المستورد من بتافيا، فكان يصدر إلى أرمينيا والمناطق العثمانية كبلاد ما وراء النهرين والأناضول والجزيرة العربية(٥٥) .
ثانياً : الـــــواردات:
وقد استورد العمانيون من أنحاء الدولة العثمانية العديد من المنتجات فقد كانت أساطيلهم تجلب التمور من العراق ثم تعيد تصديرها من جديد(56) إلى موانئ البحر الأحمر وشرق إفريقيا، كما كانت تقوم باستيراد النحاس من العراق والعفص الجوزي والتبغ والآلات الوترية وأقلام القصب والخيول(57)، كما تشير السيدة سالمة إلى الأسلحة التركية التي كانت تُجلب إلى منازلهم وتعلق على جدرانها كنوع من أنواع الزينة(58) .
الحمامات:
ومن المؤثرات الحضارية التي سادت في المجتمعات العمانية هي الحمامات التركية:
يقول ابن خلدون: #الحمامات إنما توجد في الأمصار المستحضرة المستبحرة العمران لما يدعو إليه الترف والغنى من التنعم ولذلك لا تكون في المدن المتوسطة«(59) .
وتعتبر الحمامات من الأبنية العامة التي أقيمت في المدن الإسلامية منذ الأيام الأولى للفتح الإسلامي، ولم تظهر هذه الحمامات كدليل على الترف والغنى والحضارة، بل ظهرت لحاجه ضرورية أوجبتها فريضة الاغتسال في الإسلام(60)، وشملت الحمامات كلاً من الرجال والنساء دون تفريق، ولم يقتصر دور الحمَام على الخدمات الوظيفية بل تعداها ليحتل مركزاً رئيساً على الأصعدة الدينية والاجتماعية والفنية والأدبية . ولم تكن الحمامات أقل أهمية من المساجد والمكتبات والأسواق بل كانت مثلها أهمية(61) . وانتشرت هذه الحمامات في المدن الإسلامية ففي الفسطاط أقام عمرو بن العاص حماما اسمه حمام الفأر(62) .
كما كانت دمشق يوجد بها حوالي 52 حماماً في القرن الثاني عشر الميلادي، وفاس كان بها 100 حمام في القرن السادس عشر الميلادي(63) .
ويتكون الحمام من قسمين متلاصقين منفصلين استخداما واستعمالا ولكل منهما مدخله الخاص؛ أحد هذين القسمين هو الحمام نفسه وهو المكان الذي يأويه المستحمون، والثاني يستخدم للخدمات التقنية والتشغيل، وتوجد داخل الحمام المياه الباردة والحارة حيث تندفع منه لتتوزع داخل الحمام بواسطة سواق أو أقنيه فخارية أو رخامية أو رصاصية أو خشبية(64) .
ولما كانت الدولة العثمانية تمثل الخلافة الإسلامية فقد اهتمت بالعمارة والبناء واهتمت بالحمامات التي كانت امتدادا للدولة الإسلامية . فقد كان الولاة العثمانيون الذين تم تعيينهم من قبل الدولة ولهم السلطات الإدارية والمالية يهتمون بالبناء والتعمير، إلا أن ما شيدوه من مبانٍ دينية ومدنية كان مستواها أقل بدرجة واضحة من المستوى الذي كانت عليه العمائر في اسطنبول(65) . وازدهرت الحمامات التركية في اسطنبول في القرن الثامن عشر وكانت ذات طراز معماري هائل(٦٦) .
ونتيجة للعلاقات التجارية والسياسية والدبلوماسية التي كانت تربط بين عُمان والدولة العثمانية ظهرت المؤثرات الحضارية التي امتزجت وتداخلت بين البلدين ومن ضمنها وجود الحمام التركي داخل قصور السيد سعيد بن سلطان . فقد اهتم حكام عُمان أيضا ببناء العديد من الحمامات في قصورهم وخاصة في زنجبار، فقد كانت هذه الحمامات تمثل خدمة عامة ودعوة خاصة للاهتمام بالنظافة الشخصية، بالإضافة إلى أن هذه الحمامات تمثل قيمة تاريخية عظيمة بالنسبة لزنجبار . فهي تمثل حياة الترف التي عاشتها الأسرة الحاكمة نتيجة للازدهار الاقتصادي الذي شهدته الدولة في عهد السيد سعيد بن سلطان ٤٠٨١-٦٥٨١م . كما أنها تمثل في حد ذاتها تحفاً معمارية(67) . وقد أشارت السيدة سالمة في كتابها إلى وجود الحمام التركي داخل قصر والدها المسمى #بيت المتوني«، فتذكر أن هذا البيت مليء بالحمامات، وكان على طرف معزول من البيت يوجد حمام يسمى بالحمام الفارسي إلا أنه في الحقيقة هو ليس حماما فارسيا بل حمام بخار تركيا فريدا بني على الطراز الزنجباري(68) .
وقد أعطت السيدة سالمة وصفاً دقيقاً للحمام التركي الموجود في بيت المتوني حيث يوجد هذا الحمام على أحد أطراف ساحة القصر . ويتكون الجناح الخاص بالحمام التركي من 12 غرفة بنيت متجاورة بجانب بعضها البعض على خط مستقيم وكل منها يمثل بناءاً مستقلا، حيث أن كل حمام يتكون من غرفتين يقرب كل منهما من أربعة أمتار وعرضها 13 مترا . وكان عمق الماء يصل إلى صدر الشخص، ويحتوي كل حوض من الماء على درجتين من الحجر للنزول إلى القاع، والمغطس مغطى بسقف يتمثل في قبة زجاجية شفافة تسمح بدخول أشعة الشمس نهار اوضوء القمر ليلا .وكان الجميع يحب هذه الحمامات المريحة حيث يقضي أغلبهم عدة ساعات من اليوم داخل الحمام يصلون وينامون ويعملون ويقرأون ويكتبون ويشربون القهوة . وكانت الحركة داخله مستمرة من الرابعة صباحا وحتى منتصف الليل، وتوجد داخل هذه الحمامات دكتان للاستراحة إلى اليمين واليسار مفروشتان بحصر فاخرة ملونة يصلي المرء فوقها أو يستريح، وتخلو هذه الغرفة من السجاد وكل ما يعتبر بذخاً، وذلك من أجل استخدامه للصلاة وتنفصل حجرات الاستراحة عن أحواض الماء بممرات ذات أعمدة ثم يتجه جسران حجريان مقوسان بدرجات، صاعدة من الأحواض إلى غرف أخرى منفصلة عن الحوض(69) .
ومن الملاحظ بأن الحمام التركي الموجود في بيت المتوني قد صمم على نفس نمط الحمامات التركية المنتشرة في المناطق العثمانية، فعلى سبيل المثال نجد أن هذا الحمام شبيه جداً بحمام الماء الساخنة القديم الموجود في بورصة، حيث أن هذا الحمام تتخلله الأعمدة والعقود المستديرة كما يحتوي قبابا تغطيه، ويوجد في القبة نافذة تسمح بدخول الضوء ليلا ونهارا، كما هو الحال في الغطاء الزجاجي الموجود في حمامات بيت المتوني لنفس الغرض . كما يتميز حمام بيت المتوني بنظام الازدواجية لكونه يجمع خدمات كاملة لراحة الرجال وخدمات كاملة لراحة النساء، وهو نمط سائد في جميع الحمامات التركية، كما هو الحال في حمام محمود باشا الموجود في استانبول الذي بني خصيصاً ليكون حماماً مزدوجاً وهي لا تختلف عن الحمامات الإسلامية في طرازها، كما يخلو حمام بيت المتوني من الصور وذلك لاستخدم بعض غرف الحمام لأغراض الصلاة، وهو يتشابه مع الحمامات التركية التي تستبدل فيها الصور بالأشكال الهندسية(70) .
نظام الحريم فـي البلاط
السلطاني العثماني والعُماني ونفوذ المرأة:
أولاً- حريم السلطان:
الحريم اصطلاح تاريخي معروف منذ القدم في العالم الإسلامي وقد خصص قسم منه لإقامة النسوة وحدهن في السرايا، أو البيوت، وتسلسل مراتب الحريم داخل القصر، وكانت الأجنحة التي تقيم فيها الحريم عبارة عن مبان مستقلة تسمى دائرة، فهناك دائرة إقامة والدة السلطان وأخرى لزوجاته وثالثة للأمراء والأميرات والجواري، وكانت كل فئة تأخذ مكانها داخل الحريم ضمن ترتيب محدد، وتسمى أسرة السلطان بسيدات الفئة الأولى وهي تشمل كلاً من والدة السلطان وزوجاته وبناته، ثم بعد ذلك الجواري كما يوجد داخل الحريم السلطاني جناح للخدم(71) .
وكان السلاطين العثمانيون يكنون لأمهاتهم قدراً من التبجيل، وكان نفوذ والدة السلطان كبيراً يمتد إلى زوجاته وجواريه، وتعتبر من أكثر السيدات نفوذاً داخل قصور الحريم السلطاني يطلق عليها #سلطانة والدة«، وتصبح السلطانة منذ تولي ابنها السلطة أوسع السيدات نفوذاً داخل حرم السلطان . والغالب أن أمهات السلاطين كن يملكن أموالا وثروات طائلة تنفقهن على الأوقاف المختلفة في استانبول والحرمين الشريفين والقدس . تأتي في المرتبة الثانية من حيث النفوذ زوجات السلاطين حيث حظين بمكانة عالية داخل السرايا أو نظام الحريم، وقد تزوج السلاطين العثمانيون بنات حكام الدول المحيطة بهم من أجل تدعيم أسس الدولة العثمانية(72) .
و كثيراً ما كانت تدار الفتن والمؤامرات من قبل زوجات السلطان اللائي هن من أمهات أبنائه، حيث أن كل أم أنجبت ولداً تسعى أن يكون ابنها ولياً للعهد، كما يرجع لهذه الزوجات السبب الأكبر في وجود النزاع والخلاف والتآمر بين السلطان وبين أبنائه الذين أنجبهم من سيدة أخرى والذين حرموا من وراثة العرش(73) .
و نظام الحريم كما هو معروف عند العثمانيين عرف أيضا داخل قصور السيد سعيد بن سلطان في مسقط وفي زنجبار . وكان نظام الحريم داخل قصور السيد سعيد يضم والدة السلطان وزوجته وأبناءه وبناته والجواري والخدم، فعندما زارت نوستيز مسقط مع زوجها الدكتور هيلفر عام 1836م، أعطت وصفاً دقيقاً لقصر السلطان وما فيه، فقد ذكرت نوستيز أنها عند دخولها قصر السلطان سعيد بمسقط وجدت به عدداً كبيرًا من الجواري وزوجته ووالدة السلطان وبناته وأخواته .
وقد وصفت نوستيز والدة السيد سعيد وهي السيدة غنية بنت سيف بن محمد بن سيف بن محمد بن خلف البوسعيدي، بأنها تجلس معتدلة أثناء الجلسة في أحد المقاعد بعيدة عن باقي النسوة وفي وضع يوحي بأنها السيدة الآمرة عليهن . كما شاهدت السيدة والدة السلطان مشغولة في تطريز قطعة من القماش، وأخبرتها أنها تعلمت الخياطة والتطريز من السيدات الأوروبيات اللائي قمن بزيارتها(74) . وهذا دليل واضح نستنتجه بأن والدة السلطان كانت تقوم باستقبال زوجات الوفود الرسمية التي تفد إلى بلادها، مما يبرهن لنا عظم المكانة التي كانت تتمتع بها والدة السلطان داخل قصر الحريم .
كما شاهدت نوستينز دخول أحد الرقيق إلى قاعة والدة السلطان، وكان يحمل في يده رسالة فتقدم وانحنى بكل احترام ووضع الرسالة عند قدميها وهي عبارة عن رسالة من ابنها السيد سعيد بن سلطان(75)، ويمكن أن نستنتج من هذا المشهد المكانة التي كانت السيدة والدة السيد سعيد تحظى بها حيث أن الرسالة لم تسلم إلى زوجة السلطان التي كانت داخل الجلسة بل سلمت إلى والدة السيد سعيد . ويذكر وولستد بأن السيد سعيد بن سلطان كان يزور والدته كل يوم ليتحسس رغباتها ويستجيب لها بكل طاعة وخضوع(76) .
كما كانت زوجه السلطان سعيد وهي عزة بنت سيف بن الإمام أحمد البوسعيدي صاحبة النفوذ المطلق، داخل قصور السلطان فيذكر الفارسي بأن السيدة عزة بنت سيف كانت تقيم في بيت المتوني – القصر الخاص بالسيد سعيد بزنجبار – وكانت هي التي تقوم بإدارة هذا البيت، وكان لديها اعتزاز شديد بنفسها(٧٧) . وتذكر السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان بأن السيدة عزة بنت سيف زوجة والدها هي صاحبة الكلمة المطلقة في البيت، ولم يكن يجرؤ أحد على الاقتراب منها إن لم تشجعه بنفسها وكانت لا تسير دون حاشية وراءها . وكانت تتميز بمكانة عالية لدرجة أن جميع الأطفال والوصيفات يذهبون ليقدموا لها التحية كل صباح(78) . وقد تزوج السيد سعيد بأميرات فارسيات من أجل تدعيم علاقاته وتعزيزها مع ملوك فارس . وكانت إحدى زوجاته هي حفيدة شاه إيران فتح علي شاه، والأخرى شهرزاد ميرا بن محمد شاه، وكانت قد قدمت إلى زنجبار ومعها حاشية ضخمة مكونة من 150 شخصا ورفضت ارتداء الحجاب، وكانت مغرمة بالصيد وركوب الخيل، وكانت تعيش حياة فاخرة في قصر السيد سعيد، حيث طلبت من السيد سعيد أن يقيم لها منزلاً بحمامات فارسية واصطبلات للخيول، وقد لبى لها السيد سعيد طلبها ولم ينجب السيد سعيد من كلتا الأميرتين، ولم يستمر زواج السيد سعيد منهما لفترة طويلة فذهبت الأولى إلى موطنها ولم تعد، وأرسل السيد سعيد إلى الثانية ورقة طلاقها بعد أن سافرت لزيارة أهلها في فارس(75) .
كما أرسل السيد سعيد إلى جزيرة مدغشقر الشيخ خميس بن عثمان ليطلب له يد أميرة مدغشقر التي فقدت زوجها، لكنها رفضت واقترحت عليه الزواج بأي فتاة من بنات عائلتها(79) . ولم يكن السيد سعيد هو الحاكم الأول الذي قام بالزواج من أجل تدعيم علاقاته وسلطانه، بل حتى الإمام أحمد بن سعيد قد تزوج من أسرة اليعاربة ويذكر البعض أنها بنت الإمام سيف بن سلطان الثاني(80) وذلك من أجل عقد الصلح بينه وبين اليعاربة .
ولذلك نجد أن كلاً من أئمة وسلاطين عُمان والسلاطين العثمانيين تزوجوا من بنات وأميرات المناطق المجاورة وذلك لتدعيم علاقاتهم وتعزيزها .
ثانياً- الجواري:
المعروف بأن نظام الجواري هو نظام كان شائعاً في عدد كبير من الدول الإسلامية التي سبقت الدولة العثمانية كالدولة الأموية والعباسية والفاطمية . فقد كان الخلفاء العباسيون يكثرون من الجواري في قصورهم وخاصة في عهد هارون الرشيد فقد كان معظم أبنائه من أمهات هن جوارٍ في الأصل(81) .
ولذلك يمكن القول بأن نظام الجواري هو نظام معروف لم تستحدثه الدولة العثمانية داخل قصور سلاطينها ولا داخل قصور السيد سعيد بن سلطان، وإنما هو نظام عرُف في الإسلام منذ القدم . وقد أحل الإسلام نكاح الجواري وذلك في قوله تعالى في سورة النساء:
#ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات«(٢٨) .
ولا تختلف مصادر الحصول على الجواري في كلٍ من الدولة العثمانية عن الدولة العمانية فالدولة العثمانية كانت تحصل على الجواري إما عن طريق الشراء من تجار الرقيق الذين يحصلون على الفتيات والسيدات اللائي وقعن أسيرات في يد المتحاربين، وعن طريق الهدايا التي تبادلها السلاطين مع غيرهم . وكانت هذه الجواري على قدر كبير من الجمال يقدمهن كبار موظفي الدولة أو حكام بعض الدول الأوروبية إلى السلاطين العثمانيين . وقد تكون الجواري على قدر من التعليم واكتساب المهارات الاجتماعية بحيث لا يقل مستواهن عن الجواري اللائي قضين في قصور الحريم السلطاني فترة طويلة(83) . أما في عُمان فقد كان السلطان سعيد بن سلطان يحصل على الجواري عن طريق الشراء أيضاً، فتذكر السيدة سالمة أن والدها السيد سعيد قد حصل على الجواري عن طريق الشراء وقد بلغ عددهن عند وفاته حوالي ٧٧ جارية(84) .
وقد كانت الجواري تجلب إلى الدولة العثمانية من اليونان وجمهورية البندقية والبانيا والنمسا وبلاد القرم وروسيا، وبعد التحاقهن بالقصر يتم اعتناقهن الديانة الإسلامية ويصبحن ملك يمين السلطان(85) .
أما في قصور السيد سعيد بن سلطان فقد كانت هذه الجواري بعضهن شركسيات الأصل (86) وآشوريات وبعضهن من جورجيا(87) وحبشيات(89) وكانت أعدادهن كبيرة جدا، فعندما زارت نوستينز مسقط عام 1836م، شاهدت في قصر السلطان عدداً كبيراً من الغرف وهناك جمع غفير من النساء، وكانت الجواري خليطاً من مختلف الأعمار بلغ مجموع الحاضرات منهن في القصر عند زيارتها ما يزيد عن المائة وكلهن جوار للسيد سعيد(90) . وتتمتع الجارية ببعض الامتيازات بمجرد التحاقها ببلاط السلطان وهذا شيء مألوف لدى كل من بلاط السلاطين العثمانيين والبلاط السلطاني العماني . فعند التحاق الجواري بالقصر السلطاني ودخولهن في الإسلام كانت تعد لهن دراسات في الثقافة الإسلامية والثقافة العامة والسلوك الاجتماعي واللغة التركية، وإذا كان للجارية استعداد عقلي للمواد النظرية يتم تدريسها اللغتين العربية والفارسية والتاريخ الإسلامي والجغرافيا، وإذا لم يكن لديها أية قدرة على الدراسات النظرية يتم إعدادها لتتلقى دروساً خاصة في الخياطة والتطريز والحياكة والموسيقى والغناء والرقص وكلها يتم في نطاق التعاليم الإسلامية(91) . هذا فيما يتعلق بالدولة العثمانية، أما فيما يتعلق بعمان فتذكر السيدة سالمة بأن والدها السيد سعيد كان يملك في قصوره في كل من مسقط وزنجبار خزائن وكنوزا، وكانت الجارية تحصل عند وصولها مباشرة على هدية من الحلي الضرورية وكان رئيس الخدم يخصص لهن الخدم(92) . وكانت الجواري داخل قصور السيد سعيد تقدم لهن دروس خاصة في القراءة وهذا ما نستنتجه من حديث السيدة سالمة عن أمها الشركسية الأصل حيث أنها تلقت دروساً خاصة في القراءة وهي في سن مبكرة مع مجموعة من الأطفال الذين كانوا داخل قصور السلطان(93) .
ويجب على الجارية عند التحاقها بقصر السيد سعيد أن تستبدل الملابس التي جاءت بها وتلبس الثياب العربية المخصصة لها خلال ثلاثة أيام من وصولها فتذكر السيدة سالمة:
#وإذا جاءت امرأة شركسية بملابسها ذات التنورة العريضة والحبشية بزيها الرائع ذي القماش الملفوف عليه توجب عليها أن تخلع هذه الثياب وتلبس الثياب العربية المخصصة لها«(94) .
وأغلب أمهات السلاطين العثمانيين في الأصل هن من الجواري(95) فقد كانت الجارية، إما أن يتزوجها كبار موظفي الدولة المدنيين بعد أن تبلغ سن 52، وإما أن يتزوج بها السلطان ويعلو مركزها إلى مرتبة يقرب من مرتبة السلطانة، ويطلق عليها لقب #قادين« – اي السيدة التركية – في حالة إنجابها ولداً أو بنتا للسلطان، وبعدها يتم تحديد أوضاعها في البرتوكولات العثمانية(96) . ومن الملاحظ بأن أولاد السيد سعيد هم من أبناء الجواري، فالمعروف بأن السيدة عزة بنت سيف زوجة السيد سعيد لم تنجب، وقد كانت جواري السيد سعيد أمهات لأبنائه وبناته، فالسيد ماجد(97) والسيد حمدان والسيدة سالمة والسيدة شريفة والسيدة خديجة أمهم جارية شركسية(98)، أما السيدة نونو والسيدة ميا والسيدة زوان والسيد برغش كانت أمهاتهم جواري حبشيات(٩٩)، كما كانت أم السيد هلال آشورية وأم السيد خالد جورجية تسمى خورشيد(100) وعند وفاة السيد سعيد ذكر في وصيته أن كل جارية أنجبت له أطفالاً تحصل على مائة ريال شهرياً أما اللواتي لم ينجبن على الإطلاق فقد ترك لهن مقاطعته في شويني(١٠١) .
وقد كان زواج السلاطين العثمانيين من الجواري والأجنبيات من أهم أسباب ضعف الدولة العثمانية؛ فقد تسلطت هؤلاء الأجنبيات على عواطف أزواجهن وتصرفهم في سياسة بلادهن الأصلية وتحكمهم بمقدرات الدولة، فكم من سلاطين قتلوا أولاد إخوانهم بدسائس من زوجاتهم وارتكبوا أعمالاً تضر بمصلحتهم إرضاء لزوجاتهم(102) .
كما كانت الجواري في قصور عُمان لا تخلو من هذه الدسائس والمؤامرات، ففي عهد السيد سعيد حدث نزاع أسري بين السيد سعيد وابنه هلال فقد كان هلال هو أكبر أبناء السيد سعيد وقد ولد من أم آشورية الأصل عام 1815م واسم والدته نجم الصباح، وكانت هي المسؤولة عن بيت الساحل وقد لقي ابنها هلال من والده السلطان سعيد رعايته واهتمامه لأنه كان أكبر أبنائه وأذكاهم، وقد ولاه السيد سعيد على عُمان عندما كان متوجهاً إلى شرقي أفريقيا عام 1823م واستقر بها(103) .
إلا أنه قد وقع خلاف كبير بين السيد سعيد وابنه هلال تسبب في حرمانه من ان يخلفه في الحكم، وتختلف أسباب هذا الخلاف بين المؤيد والمعارض لهذا السبب إلا أن الأسباب العائلية هي كانت الأقوى لزيادة حدة هذا الخلاف، فقد كانت أم السيد خالد بن السيد سعيد والأخ الأصغر لهلال ذات حظوة ونفوذ لدى زوجها السيد سعيد فاستغلت منزلتها لتحصل لابنها على خلافة الحكم(104) . وكانت السيدة ام خالد من جورجيا وتسمى خورشيد وكان ابنها خالد ولداً جريئاً ذكياً مغرماً بالتجارة .
وتذكر السيدة سالمة أن خورشيد كانت تملك إرادة قوية وكانت ذات ذكاء شديد، فعندما أناب السيد خالد عن والده أثناء غيابه في فترة علاجه مع السيد هلال، أصبحت خورشيد هي التي تحكم البلاد دون ابنها، وابنها خالد لم يكن سوى أداة تحركه في يدها، ولم يكن السيد خالد نفسه على الرغم من جراءته وذكائه يستطيع أن يستغني عن مشورتها، وكانت الكثير من الأحداث تتوقف على قدراتها(105) .
ولذلك يمكن القول بأن للجواري وزوجات السلطان فيما بعد دورا كبيرا ونفوذا مطلقا داخل القصر بل كانت في الكثير من الأحيان السبب الرئيسي لحدوث مشاكل داخل العائلة المالكة كالخلافات التي أدت إلى حدوث الصراع السياسي كما حدث بين ابني السيد سعيد بن سلطان، ثويني وماجد في أعقاب وفاته وأدت في النهاية إلى تقسيم الإمبراطورية العمانية 1861م(106) .
الألــــقـــاب(107):
ظهرت مجموعة من الألقاب الدينية والسياسية في كلٍ من الدولة العثمانية والدولة العمانية، وقد كانت هذه الألقاب خاصة بالحكام وبعضها بعلماء الدين وبعضها بالوظائف الإدارية في الدولة، ويمكن أن نستعرض بعضاً من هذه الألقاب المستخدمة التي شاع تداولها في كل من الدولتين:-
١ . لقب سلطان(108):
تذكر بعض المصادر أن أور خان بن عثمان لقب نفسه بلقب السلطان وورثه من أبيه، وقد وجُد ذلك في نقوش في جامع بورصة الذي بناه أورخان بن عثمان عام 1334م حيث كتب على تلك النقوش #السلطان بن سلطان الغزاة«(109)، ويرى سلاطين آل عثمان بأن السلطنة لا تكون إلا لمن كان له آباء سلاطين فيقول سليم الأول لطوطمان باي حينما قبض عليه وقبل شنقه: #السلطنة لا تكون ولا تليق إلا برجل يكون آباؤه وأجداده من سلاطين وأنت وقتاباي الذي هو أعظمكم والغوري ما أسماء آبائكم ومن أين لكم السلطنة«(110) .
وقد اتخذ العثمانيون لأنفسهم لقب #سلطان البرين والبحرين« ويقصد بالبرين البر الآسيوي والأوروبي، أما البحرين فيقصد به البحر المتوسط والبحر الأسود(١١١) . وقد ظهرت بعض الألقاب المقترنة بلقب سلطان(112) . كما شاع استخدام لقب سلطان في عُمان أيضاً إلا أن العثمانيين حاولوا الاحتفاظ لأنفسهم بلقب سلطان، فخلال المراسلات المتبادلة بين السلاطين العثمانيين مع سلاطين وسادة عُمان نجد أن الأتراك العثمانيين فضلوا استخدام لقب إمام لحكام عُمان، لأنهم لا يعترفون بالسلطان وألقاب السلطان إلا لملوكهم من آل عثمان على الرغم من أن استخدام لقب سلطان في عُمان قد شاع في الأدبيات والكتابات والتقارير الأوروبية(113) .
فهناك العديد من الوثائق المتبادلة بين سلاطين العثمانيين وحكام عُمان التي امتنع فيها العثمانيون عن استخدام لقب سلطان لحكام عُمان، فتذكر بعض الوثائق #صاحب مسقط والبعض الآخر إمام مسقط« ومن الغريب أنهم استخدموا هذه الألقاب حتى في عهد السيد سعيد الذي شاع في عصره استخدام لقب سلطان رسمياً(114) . ويذكر الشيخ منصور الذي كان طبيبا للسيد سعيد وقائداً لجيوشه، أنه اعتاد دائماً أن يخاطب السيد سعيد بلقب سلطان فيقول:
#اعتدت دائماً أن أخاطب عاهل مسقط بلقب السلطان كما كانت تفعل غالبية رعيته وكانوا قد توقفوا عن استعمال لقب إمام«(115) .
وقد ذكر الشيخ السالمي في تحفته لقب سلطان على بعض حكام عُمان فأطلق على السيد سعيد بن الإمام أحمد لقب سلطان فيقول #ذكر ناصر بن أبي نبهان أن السلطان سعيد مال إلى شف الهناوية«، كما أطلق الشيخ السالمي في تحفته أيضاً على السيد سعيد بن سلطان لقب سلطان فيقول #وأعد له السلطان سعيد بن سلطان الرجال للقتال«(116) .
ويذكر Kelly بأن لقب سلطان ورد للمرة الأولى في المعاهدة المعقودة بين مسقط وإنجلترا عام ٩٣٨١م، وكان ذلك بناء على اقتراح بالمر ستون وبسؤال الكابتن روبرت توجان أحد ضباط الأسطول الهندي عن مدى صحة هذا اللقب، فقال في رده على وزير الخارجية البريطاني أن اللقب الصحيح هو السلطان سعيد بن سلطان إمام عُمان(117) .
وقد استخدم بعض المؤرخين في مؤلفاتهم لقب سلطان في ذكر حكام عُمان فاستخدم ويلسون في كتابه تاريخ الخليج لقب السلطان عندما تناول فترة السيد سلطان بن احمد فأطلق عليه لقب سلطان(118) . ومن الأرجح أن الأوروبيين وقع لديهم لبس بين سلطان كلقب وسلطان كإسم، ويمكن القول أن اسم سلطان هو الذي فجر هذا اللقب #سلطان« وجعله متداولا لدى بعض المؤرخين .
ويذكر صاحب كتاب التحفة النبهانية لقب سلطان فيقول #سلطان مسقط«(119) . وقد استخدم في عُمان لقب إمام فقد تلقب الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية بهذا اللقب بعد أن انتخب إماماً على عُمان (120)، ثم انتقل هذا اللقب لابنه الإمام سعيد الذي ظل محتفظاً بلقب إمام حتى وفاته في عهد السيد سعيد بن سلطان(١٢١)، وكان الإمام سعيد بن أحمد هو آخر من تلقب بلقب إمام في القرن ٨١م(122) .
٢-لقب الســيــد(123):
شاع استخدام لقب السيد لدى كل من عُمان والدولة العثمانية، إلا أن الاختلاف من حيث الفئة التي وجهت لها هذا اللقب في كلتا الدولتين . فقد اتخذ حمد بن سعيد بن الإمام أحمد لنفسه لقب سيد، بعد أن انتقل إلى مسقط وأصبح صاحب السلطة الشرعية في البلاد(124) . والجدير بالذكر أن السيد حمد هو أول من تلقب بلقب السيد لكونه حاكماً لمسقط نيابة عن والده الإمام سعيد بن الإمام احمد، وقد كان لاختيار السيد حمد لمسقط كمركز له أثر كبير في تسمية عُمان #مسقط وعُمان« وذلك لأن عاصمة والده الإمام كانت الرستاق بينما ظل السيد حمد حاكماً في مسقط(125)، كما شاع استخدام لقب السيد لدى الدولة العثمانية فلقب السيد هو من الألقاب السلطانية فيقال أن السلطان السيد الأجل(126) .
كما استخدم لقب السيدة للنساء في كل من عُمان والدولة العثمانية، فيذكر ابن رزيق هذا اللقب عندما أشار بقوله #السيدة بنت الإمام«(127) يقصد بها السيدة موزة بنت الإمام أحمد بن سعيد .
واستخدم أيضاً لدى العثمانيين فقد أطلق على عدد من النساء العثمانيات فمنها لقب #سيدة الخواتين«، وهذا اللقب كانت تخاطب به زوجات أو أمهات السلاطين وحكام وأكابر النساء في المشرق الإسلامي(129) . على الرغم من أن لقب السيد غالبا ما اقترن بالبيت الطاهر من العلويين من ولد علي بن ابي طالب إلا أنه شاع استخدامه عند حكام عُمان والخلفاء العثمانيين لتمييزهم عن أفراد عامة الناس والرعية .
٣- ألقاب أخرى:
كما استخدم سادة وسلاطين عُمان بعض الألقاب المركبة في رسائلهم المتبادلة مع رؤساء الدول المجاورة والدول الأوروبية، فمثلاً استخدم الإمام سعيد بن الإمام(130) أحمد بن سعيد بعض هذه الألقاب في مراسلاته مثل من المتوكل على الله إمام المسلمين سعيد بن الإمام كما استخدم السيد سعيد بن سلطان بعض الألقاب المركبة ؛ مثل #لقب المعتصم بالله والواثق به والمتوكل عليه سعيد بن سلطان بن الإمام« . وفي رسالة من السيد سعيد إلى معشوق باشا والي بغداد اختتم السيد سعيد رسالته باستخدام ألقاب التواضع مثل #هذا من المحب الواثق بالله سعيد بن سلطان(١٣١)، كما استخدمت بعض الألقاب مثل لقب #الحضرة«، ففي رسالة أرسلت من الإمام أحمد بن سعيد إلى السلطان العثماني عبد الحميد الأول استخدم فيها هذا اللقب بقولة #ومن تلك الحضرة نرتقب الإشارة مدة بعد مدة«(132) .
كما استخدمت في كل من الدولة العثمانية وعُمان بعض ألقاب التصوف، وأشهر هذه الألقاب التي شاع استخدامها هو لقب #قطب« وهو لقب من الألقاب الصوفية وأهل الصلاح، والقطب في أهل اللغة هو كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك(133)، واستخدم العثمانيون هذه اللقب بصورة مركبة مثل قطب الأقطاب أو قطب دائرة الأنام(134) .
وقد استخدم أئمة عُمان هذا اللقب في المراسلات المتبادلة بينهم وبين العثمانيين ففي رسالة أرسلها الإمام أحمد بن سعيد إلى السلطان العثماني، استخدم فيها هذا اللقب في رسالته بقوله #قطب دائرة أفلاك الخلافة الإسلامية«(135) .
ويمكن القول بأن عُمان تأثرت بألقاب الدولة العثمانية عن طريق المراسلات التي يتبادلها حكام عُمان مع سلاطين الدولة العثمانية، وعن طريق وجود جنسيات مختلفة داخل قصور حكام عُمان لا سيما في عهد السيد سعيد بن سلطان، هذا فضلاً عن أن هذه الألقاب دخلت إلى عُمان عن طريق التجار العمانيين الذين يتاجرون في الموانئ العثمانية او التجار الاتراك المقيمين في عُمان .
النقــود والعـمـــلات:
تعتبر النقود من النواحي الحضارية المهمة في تاريخ الدول الاقتصادي، فهي معيار ومقياس للأسعار وتشكل أساس عملية البيع والشراء والتبادل السلعي، لذا فقد كانت مسألة النقود وما يتصل بها من مسائل فرعية كرواج تداولها من عدمه والمضاربات في أسعارها والتلاعب بأوزانها وعيارها وتعرضها للتقليد والتزييف يؤثر تأثيراً سلبياً بالغاً في الحياة الاقتصادية لأي مجتمع من المجتمعات(136) .
فالنقود هي وسيلة للتعامل اليومي بين الأفراد والمحرك والدافع لاقتصاد الدول، فهي وثيقة اقتصادية وسياسية تستطيع من خلالها أن تتعرف على مدى ازدهار أو تدهور اقتصاد البلاد(137) .
ولو تناولنا النقود والعملات التي استخدمت في الدولة العثمانية سنجد أنها مرت بتغيرات كبيرة بين الصعود والهبوط، فنتيجة للحروب الطويلة التي خاضتها الدولة العثمانية مع كلٍ من النمسا وبولندا وروسيا، استنزفت تلك الحروب الكثير من الأموال، وقد كانت لتلك النقود دار ضرب في العاصمة استانبول، وفي عهد السلطان العثماني محمود الثاني 1808-1839م وصلت النقود العثمانية إلى مرحلة كبيرة من الفوضى بسبب تخفيض قيمة النقود لمرات عديدة بسبب الحروب(138) .
ونقود الدولة العثمانية بسيطة في شكلها تميزت بالطغراء وهو التوقيع الرسمي الخاص بالسلطان العثماني ويضم اسمه ولقبه واسم والده أحياناً، ولذلك نجد أن الدولة العثمانية استبدلت شهادة التوحيد والرسالة المحمدية والآيات القرآنية، ببعض الألقاب الفخرية للسلطان العثماني مثل #ضارب النصر، صاحب العز والنصر في البر والبحر، سلطان البرين وخاقان البحرين«(139) . وقد سك العثمانيون عملة باسم فندق عثماني في عهد السلطان محمود الأول بن مصطفى 1730-1745م(140)، وعملة رز محبوب وقد سكت كلتا العملتين في كل من استانبول وكذلك في القاهرة على حد سواء(١٤١) .
كما قام العثمانيون بإصدار نقودهم الفضية المساوية لحجم الدولار إلا أنها لم تحظ بإقبال عليها في الخارج لأن الفضة العثمانية لم تكن موثوقا بها(142) .
وقد سك العثمانيون دنانير ذهبية ودراهم فضية وفلوساً نحاسية، وقد أطلق على مسكوكاتهم تسميات مختلفة مثل حميدي نسبة إلى السلطان عبد الحميد، ومجيدي نسبة إلى السلطان عبد المجيد الأول (1839-1861)(143)، والمحمودي نسبة إلى السلطان محمود(144) .
وقد استخدمت عملات مختلفة ونقود في الإيلات العثمانية، فقد استخدمت في العراق عملة المحمدي والروبية والدوكا، وقد أشار إلى ذلك الرحالة نيبور أثناء زيارته للعراق(145)، كما أشار الرحالة الأمريكي جاكسون عندما زار العراق عام 1797م إلى استخدام عملة القرش(146)، والحقيقة أن عملة القرش لم تستخدم في العراق بل استخدمت في الولايات العثمانية المختلفة مثل سوريا، فقد كانت معظم إيرادات سوريا في العصر العثماني تحسب بالقرش (147) .
أما النقد في عُمان فإنه لا يختلف عن النقود والعملات الموجودة في الدولة العثمانية، فهناك تشابه كبير في العديد من العملات التي استخدمت في عُمان والدولة العثمانية . فقد تم استخدام الغازي ونصف الغازي في العراق؛ ونصف الغازي هو نقد تركي عراقي قيمته ٢٤ قرشا رائجا، ويطلق عليه محلياً في عُمان اسم #غوازي«، والغازي في عُمان يساوي ١/12 أته(148) .
إلا إننا لم نجد في المصادر العمانية وغير العمانية ما يدل على وجود عملة مسكوكة في عُمان خلال فترة الدراسة، بل أن أول عملة سكة أدخلت إلى عُمان كانت في عهد السيد برغش بن السيد سعيد بن سلطان؛ وهي عملة البيسة أما قبل ذلك فقد عرف في عُمان وزنجبار نظام المقايضة بالذرة وبالإضافة لبعض العملات التي كانت متداولة في ذلك الوقت مثل القرش والغازي والدراهم والريال النمساوي(149) .
إلا أنه يمكننا أن نجد من خلال كتابات المؤرخين العمانيين مثل ابن رزيق وغيره من المصادر إشارة إلى بعض العملات السائد تداولها في عُمان . فقد أشار ابن رزيق لعملة #القرش« وهو نفسه الدولار الأسباني والمكسيكي وكان يتم التعامل في زنجبار(150) بمعدل من ١ إلى ٦٪ (١٥١)، كما يشير لوريمر في مواضع عديدة لعملة الروبية، وهي عملة كانت سائدة في عُمان سواء كانت في عهد الإمام أحمد بن سعيد أو عهد السيد سلطان وابنه سعيد أيضاً(152) .
والروبية هي وحدة النقد المتداولة في الهند وقد جرى توحيدها في عام 1836م إلا أنها تتبدل بشكل كبير من وقت لآخر(153)، ومن الأرجح أن للعلاقات التجارية العمانية الهندية أثرا كبيرا في دخول هذه العملة إلى عُمان .
كما استخدم في عُمان الدولار الأسبانيودولار الماريا تريزا، والدوكاتية الهولندية، والدوكاتية البندقية(154) وهي من النقود التي شاع استخدمها في الخليج العربي في القرن ٨١م(155) .
كما استخدمت أيضاً بعض النقود العثمانية والفارسية والمغولية، وبما أن عُمان ترتبط بالخليج العربي من حيث الموقع الجغرافي والعلاقات(156) التجارية التي تربطها بالمناطق المجاورة، فقد شاع استخدام عملة المحمودي، ويذكر البعض بأن هذه العملة ترجع إلى سلاطين فارس إلا أنه من الأرجح بأن هذه العملة هي عملة عثمانية(157) وليست فارسية لأنها هي العملة المحلية، وقد انتشر هناك نوعان من المحمدي: نوع عثماني ونوع فارسي، وكانت النقود الفارسية تتداول في نطاق محدود في الموانئ العمانية(158)، ولأن النقود العثمانية شاع استخدامها في عديد من مناطق الخليج العربي .
ففي الكويت عُرفت بعض العملات العثمانية النقدية المحلية مثل ريال الحميدي نسبة إلى السلطان عبد الحميد والليرة ذهب النيرة العثمانية، وقد كان المصرف الوحيد فيها فرع من المصرف الإمبراطوري العثماني(159)، ومن المشوق بل والمثير أن نعلم نوع العملة التي دفعها السلطان العثماني للإمام أحمد بن سعيد والمعونات التي استمر العثمانيون تقديمها لعمان نظير مساندتهم أثناء غزو كريم خان الزند .
فيرى دارلي أن السلطان العثماني أصدر تعليمات إلى الوالي العثماني في بغداد بدفع وزن معين من الذهب والفضة، أو من العملات التي كان يحتفظ بها في خزائنه وذلك لعدم وجود دار ضرب عثمانية ثانية في الطرق في ذلك الوقت(160) .
ولو أخذنا بعين الاعتبار في ذلك الوقت ظروف النقد الموجودة في العراق في الستينيات من القرن الثامن عشر حيث ارتفاع سعر العملات النقدية الفضية، ولذلك فإن مشكلة العملة المتداولة جعلت وسيلة الدفع بين تجارة البصرة وشركة الهند على شكل حرير وصوف كرماني، وآنية البندقية وجواهر؛ أي اتباع نظام المقايضة، وكانت من أهم العملات العراقية هي الروبية وكانت قبل الستينات من القرن ٨١ تعادل ٤٠,٥ محمودي(١٦١)، فمن الأرجح بأن المعونة كانت مقدمة بالروبية نظراً لأن شركة الهند كانت لها مصالح في كلتا البلدين، ولأن هذه العملة كانت المأخوذ بها في عُمان والعراق العثمانية أيضا .
كما شاع استخدام الدراهم في عُمان، فقد أشار العالم أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي، في بعض أجوبته الفقهية في مسألة الزكاة إلى عملة الدراهم في أكثر من موضوع(162)، وهي عملة شاع استخدامها أيضا في المناطق العثمانية .
الخاتمة
تراوحت العلاقات العمانية العثمانية بين الود والتعاون واحترام كل طرف للطرف الآخر تارة وبين التوتر في العلاقات تارة أخرى، خاصة عندما توقفت الدولة العثمانية عن دفع المعونة التي كانت تدفع لعمان منذ عهد الإمام أحمد بن سعيد .
لعبت كثير من العوامل التي ساعدت على ربط العلاقات العمانية العثمانية ومن هذه العوامل المشكلات الداخلية والخارجية في الدولتين والتي كان لها الأثر الأكبر والمباشر في إضعاف قوة الدولتين، والأثر غير المباشر في تأثير هذه الظروف على العلاقات العمانية العثمانية . فقد كان للخطر الفارسي الذي جاء نتيجة لهجوم كريم خان الزند على البصرة أثر كبير في تقوية الروابط والعلاقات بين البلدين سواء كان في المجال العسكري والسياسي أو في المجال التجاري .
كما كان ظهور الخطر الوهابي في شبه الجزيرة العربية وهو الخطر الذي كان يهدد كلاً من الدولتين- سبب رئيسي في التعاون السياسي والعسكري القائم بين الدولتين للتخلص من العدو المشترك . كما أن تواجد قوات محمد علي باشا داخل أراضي الجزيرة العربية أمر مهم وساعد في قيام صلات وعلاقات مشتركة بين محمد علي باشا والسيد سعيد بن سلطان .
وللتنافس الأوروبي في المنطقة أثره الكبير في إكساب طابع العلاقات بالود أحيانا والتوتر أحيانا أخرى؛ فمثلا حاولت بريطانيا كسب ود المناطق الواقعة على طريق الهند وخاصة عُمان والعراق العثمانية لمنع أي تقدم أوروبي آخر غيرها، مما كان لها الأثر الأقوى في تشجيع العلاقات الودية بين عُمان والمناطق العثمانية، وعلى الوجه الآخر كان للتنافس الأوروبي أكبر الأثر في توتر العلاقات بين البلدين كما هو الحال في الصراع الفرنسي البريطاني على الشرق .
وخلال تتبع العلاقات بين البلدين خرجت الرسالة بنتائج جيدة كانت مبعثرة وغير واضحة للباحثين وأهم هذه النتائج:
١- في المجال العسكري فقد أوضحت الدراسة أن الحروب التي خاضتها كل دولة مع أعدائها جعلت كلاً منهما تستدعي مساعدة الدول الأوروبية لها، إلا أن التعاون العسكري بين عُمان والدولة العثمانية كان قائما ومتمثلاً في تبادل الأسلحة والمدافع وغيره من العتاد العسكري، ومحاولة استفادة كل دولة من أساطيل الدولة الأخرى . وقد كان كل من الجيش العماني والعثماني يتكون من خليط من العناصر المختلفة؛ فقد كانت الانكشارية وقوات من العرب والأتراك تمثل الجيش العثماني، أما الجيش العماني فكان يشمل عناصر من البلوش والزدجال والافارقة الذين كانت الدولتان تعتمد عليهما في حروبهما؛ وكان التعاون العسكري بين البلدين قائما ويتمثل في تبادل المدافع والأسلحة المختلفة .
٢- كشفت الدراسة ازدهار الأسطول في كل من الدولتين إلا أنه كان يستخدم في وقت السلم للأغراض التجارية وفي وقت الحرب أيضا، ويمكن القول بأن الحروب التي خاضتها كلتا الدولتين لها أكبر الأثر في إضعاف قوة الأسطول .
٣- وعلى الصعيد التجاري فقد بينت الدراسة ان الازدهار التجاري المتبادل بين الدولتين عزز العلاقات بين البلدين، ومن المعروف أن العلاقات التجارية بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية كانت راسخة منذ القدم، فقد كانت أساطيل البن العمانية تخرج من موانئ عُمان وتتجه إلى مختلف الموانئ العثمانية لتصدير البن، كما تعددت الصادرات والواردات بين عُمان ومناطق الدولة العثمانية .
٤- كشفت الدراسة أيضاً عن المؤثرات الحضارية والنظم الاجتماعية بين البلدين، فقد تباينت جوانب التأثير الحضاري بين الدولتين ويتضح لنا ذلك في التشابه الواضح في حياة قصور السلاطين العثمانيين وقصور السيد سعيد بن سلطان في الفترة 1804-1856م وما تضمنه من نظام الجواري والحريم المنتشرة في القصور العثمانية، كما اتضحت المؤثرات الحضارية بين الدولتين في ظهور الحمامات التركية داخل القصور العمانية، كما أدخلت مصطلحات وألقاب وكلمات لم تكن تستخدم في عُمان وأصبحت واسعة الانتشار، ويمكن القول بأن العلاقات التجارية والسياسية هي التي مهدت لقيام العلاقات الحضارية، وأن العلاقات العمانية العثمانية لم تقتصر فقط على المجالات السياسية والعسكرية بل امتدت إلى الحياة الاجتماعية والجوانب الحضارية الأخرى .
وأخيرا نرى انه لابد من مزيد من الدراسات حول هذا الموضوع والبحث عن الوثائق العثمانية التي تلقى الضوء على العلاقات العمانية العثمانية .
الهوامش
١- ريسو، باتر يشيا .عمان ومسقط تاريخ قديم وحديث . عرض عبدالجبار ناجي، مجلة الخليج العربي، م 19، 14، الكويت: 1987م، ص206-207 .
٢- أمين، عبد الأمير محمد . دور العمانيين في ازدهار التجارة الآسيوية 1500 -1800م . محاضرات المعهد الدبلوماسي، الدورة الخامسة عشرة، وزارة الخارجية، مسقط: 1996م، ص47 .
٣- Landen , op . cit., p . 6 1
٤- ابو العلاء، محمود . موانئ سلطنة عمان قديماً وحديثا . الكويت: 1985، ص24
٥- Wilkinson , J . The Imamate Tradition of Oman , Cambridge
University Press , London : 1987, p 53
٦- العقاد، صلاح .التيارات السياسية في الخليج . مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة: ب ت، ص١٥، الحسيني، فاضل . علاقات عمان الخارجية في عهد احمد بن سعيد . مجلة الوثيقة، العدد٨٢، البحرين: 1995م، ص107 .
٧- لوريمر، المصدر السابق، ج١، م٢ ص176 .
٨- العقاد، المرجع السابق، ص72 .
٩- نيكوليني، باتريشيا . جزيرة زنجبار التاريخ والإستراتيجية في المحيط الهندي 1799-1756م . ترجمه نزار أغرى، دار النهضة للنشر، بيروت:1998م، ط ١، ص٧٧ .
10- العيدروس، محمد حسن . السيد سعيد والعلاقات العربية الأفريقية . ط ١، دار المتنبي للطباعة والنشر، أبو طبي: ب . ت، ص٦٤ .
١١- Locker, With Star And Crescent , Philadelphia . p. 33.
12- دار الوثائق القومية بالقاهرة : رسالة من الجناب العالي إلى سر عسكر الأقطار الحجازية،رقم الوثيقة 64، رقم المجموعة ٣، تاريخ 10 رجب 1251هـ / 1835م .
13 – 13 Kelly , op. cit p
14- المعمري، احمد حمود . عودة التاريخ . ط ١، مسقط: 1980 م ص20 .
15 – أبو العلاء، المرجع السابق، ص23 ؛ Wilkinson , op. cit . p 51
16- – Kelly , op. cit . p.14 ؛ العابد، سياسة بريطانيا في الخليج، ص24 .
17 – Landen , op . cit . p61، ص56 ؛ لوريمر ؛ المصدر السابق، ج١، م٢، ص154 .
18 – بيد ويل، المرجع السابق، ص35 .
19 – Niebuhr , op . cit . p122
20- بيد ويل، المرجع السابق، ص36-37 .
21- RISSO , Patricia. Oman & Muscat an early Modern History ,
Great Britain : 1986,P192
چ with The Gulf 1600-1800 , Calcutta : 1908. p406 , Philip ,
Travels in Oman. Britain :1981 . pp3-8
23- Landen , op.cit . p.61 Kelly , op.cit.p14
Backer, M Reda . Trade & Empire in Muscat
and Zanzibar .Roots of British domination , first
Published , by Rout ledge , London :1992 , p. 64
24-، Backer , op.cit . p4. الربيعي، إسماعيل . نشاط عمان البحري خلال القرن الثامن عشر . مجلة الوثيقة، العدد 24، البحرين:1994م، ص82 .
25- لوريمر، المصدر السابق، ج٢ جغرافيا،، م٧، ص183 .
26- قرقش، محمد . صور ودورها الحضاري في عالم المحيط الهندي في فترة صدر الإسلام . حصاد الندوة التي أقامها المنتدى الأدبي صور عبر التاريخ، ط ١، وزارة التراث والثقافة، مسقط : 1421هـ /2000م، ص43 .
27- أبو العلا، المرجع السابق، ص24 .
28- لوريمر، المصدر السابق، ج ١، م٢، ص154 ؛ الحسيني، فاضل محمد . التجارة في عمان في عهد احمد بن سعيد 1749-1783م . مجلة الوثيقة، ع24، س13، البحرين: 1994م،ص91 .
29- ولستد، جيمس . تاريخ عمان . ترجمة عبد الغني عبد العزيز إبراهيم، ط١، دار الساقي، بيروت: ٢٠٠٢م، ص45 .
30- قرقش، محمد الشحان . صحار وتراثها البحري . حصاد ندوة المنتدى الأدبي صحار عبر التاريخ، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2000م، ص1081 .
31- قرقش، ظفار ومكانتها في التجارة العالمية . حصاد ندوة المنتدى الأدبي ظفار عبر التاريخ، ط١، وزارة التراث والثقافة، مسقط: 2000م، ص 159 .
32- قرقش، صحار وتراثها البحري، ص108 .
٣٣- Saldanh , OP. cit . p. 407
34- Kelly, op. cit . p. 3 6
35- أمين، القوى البحرية، ص٧٣ .
36- .Landen , op. cit . p.62 .
37- Kelly , op.cit .p.62 ؛ نيبور، المصدر السابق، ص45 .
38- المعاني، عبد الرزاق حمود . التجارة والملاحة في الخليج خلال القرن 17م . ط ١ دائرة الثقافة والإعلام، ابوظبي،:2000م، ص118 .
39- ولستد، المصدر السابق ص32- ٣٣ . 40- بيد ويل، المصدر السابق، ص٧٢ .
41- العريمي، مسلم بن جمعة . إطلالة على الملاحة البحرية عبر ميناء صور، حصاد ندوة الدراسات العمانية، ط ١، وزارة التراث والثقافة، مسقط : 2000 م، ص 23 .
42 – المعاني، المرجع السابق، ص139 .
43- عبدالرحمن، عبدالوهاب احمد . الخليج العربي والمحرمات البريطانية الثلاث 1778-1914م، مركز زايد للتراث والتاريخ، الامارات العربية المتحدة:2000م، ص95 .
٤٤- العريمي، الملاحة البحرية عبر ميناء صور، ص24-25
45- لوريمر، المصدر السابق، ج١، م٢، ص150 .
46- Niebuhr , op , cit .p 123 -237
47- الحسيني، علاقات عمان الخارجية في عهد الإمام احمد بن سعيد، ص107 .
48- Risso , Oman & Muscat , p99
49- اختصار لشركة الهند الشرقية البريطانية .
50-الحسيني، علاقات عمان الخارجية في عهد الإمام احمد بن سعيد، ص107؛
51- عبدالامير، دور العمانيين في ازدهار التجارة الآسيوية، ص48 .
52- Saldanh , op ,cit p407-6
53- Kelly,op.cit.p15
54- . Landen , op,cit ؛ نوريه، المرجع السابق، ص51 ؛ لمزيد من المعلومات حول هذه التجارة راجع عبدالرحمن، الخليج العربي والمحرمات البريطانية الثلاث، ص89- 130 .
٥٥- لوريمر، المصدر السابق،ج١، م٥، ص150.
56- عبد الأمير، دور العمانيين في ازدهار التجارة الآسيوية، ص84 ؛ الربيعي، نشاط عمان البحري خلال القرن الثامن عشر، ص84 .
57- لوريمر، المصدر السابق، ج ١، م٢، ص571 .
58 – هولي، المصدر السابق، ص238 .
59- سلطان، سالمة سعيد . مذكرات أميرة عربية . ترجمة سالمة صالح، ط١، منشورات الجمل، المانيا: ٢٠٠٢م، ص٣٣ .
60-ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد . المقدمة، مراجعة أبو عبدالله السعيد، ط٣، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان: ب .ت، ص 265، غالب، عبدالرحيم . موسوعة العمارة الإسلامية . ط١، المطبعة العربية، بيروت: 1988م، ص144 .
61 -غالب، المرجع السابق، ص 139 .
62- ابن خلدون، المقدمة، ص 265 ؛ غالب، المرجع السابق، ص 138 .
63- المقريزي، احمد على . كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزيه . مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة: 1987م، ج١، ص ٠٣٣ ؛ غالب، المرجع السابق، ص 138 .
64- غالب، المرجع السابق، ص 139 .
65- غالب، المرجع السابق، ص 140
٦٦- شافعي، فريد محمود . العمارة العربية الإسلامية ماضيهاوحاضرهاومستقبلها . ط ١، شركة الطباعة السعودية، الرياض: 1982م ص 146 .
67- غالب، المرجع السابق، ص 134- 144 .
68- عبد الله، حسن محمد . الحركة المعمارية في زنجبار 832- 198 . لمجمع الثقافي، أبو ظبي: 2001م ص 155 .
69- سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص 21 .
70- نفسه، ص 12- 13 ؛ عبدالله، الحركة المعمارية، ص ١٥١- 152 .
71- آبا، اوقطاى أصلان . فنون الترك وعمائرهم . ترجمة أحمد محمد عيسى، استانبول:1987م، ص230-231 .
72- أوغلوا، المرجع السابق، ص 154؛ الشناوي، المرجع السابق، ص 559 .
73- نفسه، ص 155- 156 ؛ نفسه، ص 594 .
74- الشناوي، المرجع السابق، ص593 .
75- روث، المصدر السابق، ص211-٢١٢ .
76- نفسه، ص 211- ٢١٢ .
٧٧- ولستد، المصدر السابق، ص٢٢ .
78- الفارسي، المصدر السابق، ص12 .
79- سلطان، مذكرات أميره عربية، ص18 -19 .
80 – الفارسي، المصدر السابق، ص 13 .
81- نفسه، ص14 .
82- جابر، المرجع السابق، ص٥٥ .
83- الطبري، محمد بن جرير .تاريخ الملوك، تحقيق محمد أبو الفضل، دائرة المعارف، القاهرة:1979م، ج٦، ص540 .
84- سورة النساء الآيتان 26 – 25 .
85- الشناوي، المرجع السابق، ج١، ص٥٨٥-586 .
86- سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص18 .
87- الشناوي، المرجع السابق، ص٥٨٥-586 .
٨٨- الفارسي، المصدر السابق، ص15 .
89 – نفسه،ص16-18 .
90- سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص٢٢ .
91- روث، المصدر السابق، ص122، روبين، المصدر السابق، ص62-63 .
92- الشناوي، المرجع السابق، ص586 .
93- سلطان، مذكرات أميرة عربية،ص٢٢ .
94 – نفسه، ص17 .
95 -سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص٢٢
96- وغلوا، المرجع السابق، ص156 .
97 – الشناوي، المرجع السابق ص .587 .
98- الفارسي،المصدر السابق، ص12 .
٩٩ نفسه، ص15 .
100- البلوشي، المرجع السابق، ص25 .
١٠١ – الفارسي، المصدر السابق، ص18 .
102- نفسه، ص14 .
103- المحامي، المرجع السابق، ص73 .
104- الفارسي، المصدر السابق، ص16 .
105 – الفارسي، المصدر السابق، ص16-17 .
106 – سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص49 .
107- القاسمي، سلطان بن محمد . تقسيم الإمبراطورية العمانية . ط٢، دبي: 1989م، ص 69-137
108 – أصل اللقب في اللغة النَّبَرُ بفتح الباء والنّبَرُ ما يخاطب به الرجل من ذكر عيوبه وما ستره عنده أحب إليه من كشفه وليس من باب الشتم والقذف وأما النعت فاصله في اللغة صفة يقال نعته ينعته نعتاً إذا وصفه، ولكن العامة استعملت اللقب في موضوع النعت الحسن وأوقعوه موقعة أكثر استعمالهم إياها حتى وقع الألقاب والاصطلاح على استعماله في التشريف والإجلال والتعظيم، القلقشندى، أحمد علي، صبح الأعشى، شرح خالد الخصيب، ط١، دار الكتب العلمية، بيروت: 1987/1407هـ، ج ٥، ص412 .
109 – أصل اللقب في اللغة الحجة بقوله تعالى #وما كان له عليهم من سلطان« يعنى من الحجة وسُمي السلطان بذلك لأنه حجة الرعية يجب عليهم الانقياد إليه، واختلف في اشتقاقه فقيل له مشتق من السّلاطة والتسلط وهو القهر والغلبة لقهره الرعية وانقياده لهم وقيل أنه مشتق من السليط وهو الشيخ في لغة أهل اليمين لأنه يستفاد به في خلاص الحقوق، والسلطان هو اسم خاص في العُرف العام بالملوك ويقال أن أول من تلقب به هو خالد بن برمك وزير آل الرشيد لقبه به الرشيد ثم استمر هذا اللقب إلى أيام بني بويه ثم إلى ملوك السلاجقة ثم انتقل إلى من العثمانيين وغيرهم، القلقشندى، المصدر السابق، ج٥، ص420-421 .
110 – بركات، المرجع السابق، ص35 .
١١١- نفسه، ص36 .
112 – الشناوي، المرجع السابق، ج١، ص344 .
113 – لمزيد من المعلومات عن الألقاب المقترنة بالسلطان أنظر: بركات، المرجع السابق، ص38-41 .
115 – البستاني، المرجع السابق، ص114 .
116 – الأرشيف العثماني باسطنبول، رقم الوثيقة3808، دفتر ٩، رسالة من السلطان العثماني الى احمد بن سعيد، تاريخ ٦جمادي الآخرة 1191هـ .
117-،op.cit.p1 Maurizi
118 السالمي، تحفة الاعبان في سيرة أهل عمان، ج٢، ص175-195 .
119 – . Kelly , op.cit. p 12
120- ويلسون، المرجع السابق، ص168-169 .
١٢١ – النبهاني، المصدر السابق، ص334-335 .
122 – . Kelly , op.cit., p. 10
123- Badger, op,cit.p ii iii
124 – روث، المصدر السابق، ص226 ؛ وتذكر السيدة سالمة بأن لقب الإمام هو لقب ديني ومن النادر أن يمنح لأي حاكم وان جدها الامام احمد بن سعيد هو الذي تلقب بهذا اللقب، سلطان، مذكرات أميرة عربية، ص 15 ؛ باوزير، سعيد عوض . معالم من تاريخ الجزيرة العربية . ط١، مطبعة دار الكتاب العربي، مصر: 1954م ص164 .
125- روث، المصدر السابق، ص226 .
126 – العقاد، التيارات، ص134-135 .
127 – المعمري، أحمد حمود . عودة التاريخ – سلطان عمان – . ط ١: 1980م، ص18 .
128 – القلقشندى، المصدر السابق، ج٦، ص15.
129 – بركات، المرجع السابق، ص213-215 .
130 – نفسه، ص213-215.
١٣١ – القاسمي، سلطان بن محمد . الوثائق العربية العمانية في مراكز الأرشيف الفرنسي . ط ١، رأس الخيمة: 1993، ص28 .
129 -القاسمي، الوثائق العربية العمانية في مراكز الأرشيف الفرنسي، ص32-36.
132 – الأرشيف العثماني باسطنبول، إدارة داخلية، رقم الوثيقة 46/146 بحرربة ٣ .
133 – بركات، المرجع السابق، ص20.
134- الأرشيف العثماني باسطنبول، وثيقة رقم 3816 تاريخ 20 شعبان 1139هـ رسالة عربية من إمام مسقط إلى السلطان العثماني .
135- البستاني، مهدي حبيب . أزمة النقود في ولاية بغداد ومحاولات معالجتها 1820- 1856م . المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية، العدد ٢٢و 12، منشورات زعفران، تونس: 1990م، ص 21-24.
136- فروه، محمود . النظام النقدي في تونس في القرنين 18-19 ومداخل الدراسة أحد مؤشرات اقتصاد الولايات التونسية 1740-1891. المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية، العدد ١، ٢، تونس: 1990م، ص215 .
137 – القيسي، ناهض عبد الرزاق . موسوعة النقود العربية والإسلامية . ط١، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمّان : 2001م، ص236-237.
138 – القزويني، حسين . العملة الإسلامية . شركة الربيعان، الكويت:1995م، ص15.
139- الصايغ، خالد . النقود الإسلامية . المجمع الثقافي، ابوظبي:٢٠٠٢م، ص168.
140 – دارلي، دوران . تاريخ النقود في سلطنة عمان . وزارة الإعلام والبنك المركزي، مسقط: 1990، ص61.
١٤١ – نفسه، ص61.
142 – بيطار، إلياس . تطور الكتابات والنقوش على النقوش العربية من الجاهلية حتى العصر الحديث . ص140.
143 – الكدملي، الأب انستاس . النقود العربية والإسلامية وعلم النميات . ط٢: 1987م، مكتبة الثقافة الدينية، ص253 .
144- نيبور، مشاهدات ص67,45، 51.
145 – جاكسون . مشاهدات بريطاني عن العراق 1797م . ترجمة خالد فاروق عمر، ط١، الدار العربية للموسوعات، بيروت: 2000م، ص17-41.
146 – عوض، عبدالعزيز محمد . الإدارة العثمانية في ولاية سوريا 1864-1914 . دار المعارف بمصر: 1969م: ص217.
147 – دارلي، المرجع السابق، ص64.
148- الفارسي، المصدر السابق، ص147.
149- ابن رزيق، المصدر السابق، ص411-٤١٤ .
150- نيكوليني، المرجع السابق،ص160.
١٥١- لوريمر، المصدر السابق، ج١، م٢، ص154-163-200.
152- نيكوليني، المرجع السابق، ص160153- دارلي، المرجع السابق، ص١٦ .
154- القيسي، المرجع السابق، ص221.
155- نفسه، ص١٢١ .
156- دارلي، المرجع السابق، ص60.
158 – نفسه، ص61.
159- المغنى، عادل محمد العبد . تاريخ العملة في الكويت . الكويت: 1992م، ص36 .
160- دارلي، المرجع السابق، ص61.
١٦١- أمين، المصالح البريطانية في الخليج، ص223-224-225.
162- من أجوبة الشيخ جاعد بن خميس الخروصي،مخطوط في المكتبة الرئيسية بجامعة السلطان قابوس، ص73-74.