مقدمة
رجل وصبي، أب وابنه «كل منهما يشكل كلياً عالم الآخر».
يسير كلاهما في طريق يخترق «رماد العالم المنقضي». وبصورة مذهلة يغادر مكارثي عمله السابق «ليس وطناً للشيخوخة 2003»، ينتقل إلى تصوير سيناريو ما بعد القيامة. البيوت قد هُدمت، النباتات والحيوانات ماتت، بقي عدد ضئيل من البشر. الشمس يحجبها الرماد والفصل شتاء. وباختفاء اي أثر للطعام يتجه معظم البشر ليتحولو إلى اكلة لحوم بعضهم البعض. يمضي الرجل والصبي باتجاه البحر. الرجل يتذكر العالم السابق، ومع موات ذكرياته يموت ذلك العالم. الولد أبصر النور بعد أن تغيّر كل شيء. والرجل الذي يقترب من الموت يحمل في ثناياه حباً أبوياً حاداً وإرادة على البقاء ومع ذلك يحتفظ برصاصتيه الأخيرتين لنفسه ولولده.
* تضيء نثر مكارثي رقة غير عادية. فهو بسيط ومع ذلك غامض. فـ «الطريق» لا تعطينا فرصة للهرب أو الراحة.
إن حكمتها الجسورة تبقى في الذاكرة اكثر من أي تأكيد مفترض.
«نيويورك تايمز»
استطاع كاتب السيناريو أن يتعمق في الحوار بين الرجل والصبي اكثر مما في الرواية بينما تميّزت الرواية بلغتها الخارقة للعادة والتي لا تسمح للقارئ بالتوقف أو الراحة.
الطريق (2009)
المخرج: جون هيلكوت
رواية: كورماك ماكرثي
سيناريو: جوينهول
تمثيل: فيجو مورتنسن
شارليز ثيرون
كودي سميث مكفي
خارجي – حقل ذرة – نهاراً
الأزيز المكثف لحشرات الصيف وأغنية من أغاني عصافير الغناء.
مشهد من منظور طائر* لأراضٍ رعوية في منتصف الغرب حيث مساحات مزروعة، حقل ذرة، سماء زرقاء، شمس ساطعة، فلاح يحرث حقلاً قريباً بآلة الحفر، مستودع زرع وأكوام من القش. رجل مع حصان. منزل خشبي وبقربه حقل فراولة، يد امرأة تلتقط حبات الفراولة، امرأة مستلقية على العشب متكاسلة.
يبدأ ظهور العاملين في الفيلم…
داخلي. غرفة سفرة/ منزل – ليلاً
بالقرب من أرفف الكتب وبيانو عليه أوراق نوتات موسيقية لشوبان، هنالك ايضاً مائدة غرفة طعام وعليها بقايا من وجبة مهجورة – فراولة وكريمة.
داخلي. غرفة نوم – ليلاً
بعد مرور شهر – ليلة دافئة، الرجل نائم مع نفس المرأة وهي الآن في حالة حمل لا أغطية على السرير. الرجل مضطرب ويصحو. دمدمة بعيدة غير واضحة – يدير الرجل أقدامه بعيداً عن السرير ويذهب نحو الشباك. متحمساً.
داخلي. حمام – ليلاً
الرجل في بنطاله القصير يعرق، واضعاً سدادة في الحمام وفاتحاً الصنابير إلى أبعد مدى. تظهر المرأة في الممر تلبس فستان نوم وتنحني متكئة إلى الباب تراقب، بنظر كليل مهدهدة بطنها الحامل.
السيدة: لماذا تأخذ حماماً؟
الرجل: أنا لا أفعل.
تخلع المرأة ثوب النوم وتذهب إلى الحمام.
السيدة: سوف تنام بشكل أفضل.
ينظر إليها مندهشاً كونها اساءت فهمه.
الرجل: انا لن أفعل! ارتدي ملابسك ثانية.
*ترى انه ينظر خارج الشباك الآن. هنالك توهج اثيري وردي اللون لنار بعيدة يظهر عبر الزجاج – ونداءات وصراخ بعيد.
المرأة: ما هذا؟ ما الذي يحدث؟
نهاية العودة إلى الوراء
العنوان «الطريق»
خارجي. موقع مخيم – فجراً
رجل في الأربعين وصبي في العاشرة نائمان. إنهما يعسكران على فراش من المشمع تحت إفريز صخري، يمتد تحتهما شق اسود لوادٍ محروق. إنه نفس الرجل الذي رأيناه سابقاً ولكنه الآن اكبر بعشر سنوات، اكثر نحولاً، سيء التغذية وبذقن كثيفة الشعر. كلاهما نحيلان ومتعبان. وجهاهما ويداهما مغطاة بالقذارة والشحبار بسبب الأراضي المحروقة السوداء، من حولهم يسقط الرماد على غطاء الأرضية النايلون الأزرق البراق، اللون الوحيد المرئي.
لقد ايقظ شيء ما الأب فقام بشكل عفوي ليمسك بالولد، فيضع يده على صدره ويرتفع وينخفض مع كل نفس يأخذه الصبي..
هنالك دمدمة منخفضة، الأرض تبدأ بالاهتزاز ويستيقظ الصبي.
الصبي: بابا؟ (لا جواب) بابا؟
الرجل: شـ شـ ش. لا بأس.
الصبي: ما هذا، يا والدي؟
الرجل: إنها هزة أرضية.
خارجي. الطريق – نهاراً
في الأراضي المحروقة الجدباء، عبر دوامات من الرماد الناعم والهواء المليء بالدخان يظهر الرجل بثوبه الفضفاض القذر القديم رافعاً ثوبه وعلى ظهره حقيبة ظهر. يدفع عربة تسوّق صدئه وعليها مرآة دراجة معلقة على اليد ويغطي القماش النايلون الأزرق حمولتهما. الصبي يلبس على شاكلة والده حاملاً حقيبة ظهر فيمشي متثاقلاً والرماد على جانبه مثل طاسة المتشردين في عصر الركود.
هنالك ضوء يسطع فوق رأسه وأكثر من ذلك ولكن ليس هنالك رعد.
الرجل (صوت خارجي)
الساعات توقفت عند الواحدة والسبع عشرة دقيقة.
ذات صباح. كان هنالك لمعان ضوء براق وسلسلة من الإهتزازات.
خارجي. جانب الجبل / ارض متشققة – نهاراً
اسفلت مكسّر. احدثت الهزة الأرضية شرخا كبيرا فتح جانب الطريق مرة واحدة. فأخذ الرجل والصبي الحافة بالقرب من الشجيرات الكثيفة المحروقة.
الرجل (صوت خارجي): اشتعلت النيران خلال عام واحد على التلال فشوشت أصوات الغناء بأصوات صرخات الضحايا. وفي النهار ترى المقتولين معلقين على خوازيق طوال الطريق.
خارجي. بحيرة – نهاراً
كانا يسيران مجهدان عبر بحيرة واسعة مليئة بالاشجار الميتة…
الرجل (صوت خارجي): أعتقد انه اكتوبر ولكنني لست متأكداً. لم اضع روزنامة للزمن منذ خمس سنوات.
خارجي. جانب الجبل – نهاراً
يتابعان جر عربتهما عبر الضباب، على جانبيهما أشباح اشكال الأشجار الميتة وفي خلفيتهما اشكال الجبال الجرداء.
الرجل (صوت خارجي): كل يوم اكثر رمادية من اليوم الذي قبله. كل ليلة اكثر قتامة من القتامة. العالم يصبح اكثر ضعفاً أسبوعاً بعد أسبوع بينما يموت الكوكب ببطء. لم يبق اي حيوان على قيد الحياة. وكل المحاصيل لم تعد موجودة.
خارجي. حافة الغابات – نهاراً
تسقط شجرة خلفهم كالأنفجار فيقفزان.
الرجل (صوت خارجي): في احد الأيام ستكون جميع الأشجار في العالم قد سقطت.
خارجي. محطة غاز – نهاراً
يبحث الرجل عن البترول فيتفحص فتحات المضخات ويفتش في علب الزيت الفارغة يفتح نهاية وعاء بحثاً عن زجاجات الزيت الفارغة.
يلتقط الصبي هاتفاً معلقاً على الحائط ويستمع إلى السماعة الميتة.
الرجل ( صوت خارجي): تزدحم الطرقات باللاجئين الذين يجرون العربات وقطاع الطرق الذين يحملون السلاح، يبحثون عن المحروقات والطعام.
خارجي. طريق طويل – نهاراً
يتجهان إلى طريق مستقيم طويل نحو نفق مظلم خطر .. استدارة حادة.
الرجل (صوت خارجي): كان هنالك آكل للحوم البشر والخوف الكبير هو من هذه الممارسة.
خارجي. مدينة – نهاراً
يخرجون من امام مشهد لمركز مدينة مهجورة.
خارجي. مبنى تجاري – نهاراً
يأخذون في البحث في سوق تجاري مهجور…
هياكل عظمية وعظام آدميين هنا وهناك.
الرجل (صوت خارجي): اكثر ما يقلقني الطعام. دائماً الطعام. الطعام واحذيتنا.
(لقطة مقربة) يتفحص الصبي رأس أبل كبيرا معلقا على الحائط في مخزن سيرز لأدوات الصيد.
الرجل (صوت خارجي) متابعاً: أحياناً اتلو على الصبي قصصاً قديمة عن الشجاعة والعدل يصعب على الأنسان تذكرها. كل ما أعرفه ان الصبي هو ضمانتي وان لم يكن كلمة الرب فالرب لم يتكلم أبداً..
نهاية هبوط الأسماء على الشاشة / موسيقى
خارجي. تلة / منظر مخيم – (مخيم 2) – مساءً
خيما على تلة عالية من جانب الجبل. هنالك نار المخيم وبقربها ثياب مبللة معلقة لتنشف على اعواد بالقرب من النار.
يرفع الرجل القماش على وتر معلق بين عصاتين معلقتين في الأرض.
يجلس الصبي وقد اضاء قنديلاً مستخدماً الزيت المتجمع داخل الكوخ المركب. ظله بكامله يظهر مواجهاً للقماش المضيء.
الصبي: الآن بإمكانك قراءة قصة لي.
يخرج كتاباً وينظر إلى الصور على ضوء القنديل.
يقرأ الرجل له قصة…
خارجي. تلة / منظر المخيم – (المخيم 2) – ليلاً
استيقظ الرجل وقد سبح في ضوء ناري وكأن الشمس قد اشرقت هنالك ثلج شاحب حوله من كل جانب مصحوب بارتجافات برتقالية مضيئة. ينهض ليتفحص الموضوع. ينظر إلى خط الأشجار فوق التلة حيث تحترق نيران الغابة تطقطق من بعيد. يقف محدقاً في النار، الدفء والضوء يحركان مشاعره فترتفع بدلا من أن يخاف نهائياً. ينهض الصبي ويظهر بالقرب منه، متثائباً. ينظر نحو السماء إلى نطفة ثلج تنزل ببطء.
الصبي: إنها تثلج.
الرجل: إنها كما كانت تكون عندما تشرق الشمس.
يلتقط الصبي نطفة الثلج بيده، مندهشاً.
خارجي. الطريق / السهل – نهاراً
يسافران على الطريق عبر دخان الغابة المتساقط والدخان الذي ينسكب من على الأرض كالضباب. والأشجار السوداء الرفيعة التي تحترق كالشمعات على التلة المغطاة بالثلج.
يصلان إلى نقطة حيث تقطع النيران الطريق فتذيب الاسفلت، تلتصق اقدامهما في الاسفلت المذاب فيدخل في مسام احذيتهما فيتوقفان. يشاهدان مباشرة امامهما مجموعة من آثار أقدام في الاسفلت فيقومان بتفحصها..
الصبي: من هؤلاء؟
الرجل: لا أدري.
ينظر الرجل في منظار ثنائي فيرى شكلاً منحنياً أمامه، رجل ينازع ويجر ساقاً واحدة قليلاً وهو يعرج. يتوقف ويقف غير متأكداً ثم يتابع. يراه الصبي أيضاً.
الصبي: ماذا علينا أن نفعل يا بابا؟
الرجل: نحن بخير. دعنا فقط نتابع ونراقب.
الصبي: القي نظرة.
الرجل: نعم. القي نظرة.
خارجي. طريق / تلة – بعد ظهر متأخر.
يبطء الرجل الذي ينازع تدريجياً وهما يتسلقان منحنى. يسير وراءهما إلى أن يتوقف في النهاية ويجلس ببساطة على الطريق. يمسك الصبي بمعطف الرجل متحفزاً اثناء اقترابهما.
من منظور الصبي – الرجل الذي ينازع يحترق، ثيابه تشيط وجلده اسود من السخام. احدى عينيه محروقة ومقفلة وشعره عبارة عن باروكة من الرماد. حذاؤه محاط بالأسلاك ومغطى بإسفلت الطريق.
وهما يمران أمام الرجل الذي ينازع ينظران إلى أسفل، ويحيدان عنه.
الصبي: بابا، ما بال هذا الرجل؟
الرجل: لقد صعقه البرق.
الصبي: ألا نستطيع مساعدته؟ بابا؟
الرجل: كلا. لا نستطيع مساعدته.
يتابعان السير بعيداً ويتمسك الصبي بمعطف الرجل.
الصبي: بابا؟
الرجل: توقف عن هذا.
الصبي: الا نستطيع مساعدته. بابا؟
الرجل: كلا، لا نستطيع. لا نستطيع ان نفعل شيئاً له.
خارجي. الجسر – (المخيم 3) – مساء
لقد خيما تحت الجسر، الرماد والشوائب تسرح عائمة على النهر، يتوهج ضوء كبريتي اللون خامد من النيران مقابل السماء. يجلس الصبي بهدوء وظهره نحو الرجل.
الرجل: لم يكن هنالك ما كان ممكناً أن نفعله، (لا جواب)، سوف يموت. لا نستطيع المشاركة بما لدينا وإلا فسوف نموت نحن أيضاً.
الصبي: أعرف.
الرجل: إذاً متى ستعاود الكلام معي ثانية.
الصبي: انا اتكلم الآن.
الرجل: هل أنت متأكد؟
الصبي: نعم
خارجي. مخزن غلال – نهاراً
يصلان إلى مخزن غلال بجانب الطريق. ينظران إلى بعضهما البعض.
الرجل: دعنا نلقي نظرة.
يلتقط الرجل المسدس ويدخلان بحذر.
داخلي. مخزن غلال – نهاراً
ثلاثة أزواج من الأقدام يلبسون احذية مختلفة – حذاء رجل، حذاء امرأة وحذاء طفل من القماش – معلقين فوق ثلاثة كراسي موضوعة بعناية.
الرجل: لا تنظر.
ينظر الصبي إلى الأرض.
الرجل: (يتابع): لست بحاجة لرؤية هذا.
يأخذ الصبي بضع خطوات، مستكشفاً، ينظر إلى كومة القش الخالية ولكنه يتجنب النظر إلى الاجساد المعلقة.
الصبي: ممكن ان يكون هنالك شيء هنا.
ممكن ان يكون هنالك شيء من الذرة أو أي شيء.
الرجل: كلا، لقد نفد الطعام لديهم.
الصبي: ربما بإمكاننا العثور على بذور القش في كومة القش؟.
والآن يذهب الرجل نحو الجثامين المتأرجحة، مندهشاً بشكل غريب.
الصبي: ماذا يعني هذا؟
الرجل: هل تعلم ماذا يعني هذا؟
يخرج الرجل بينما يفكر الصبي بها لبرهة من الزمن.
خارجي. بوابة المزرعة – نهاراً
يسيران مبتعدين عن المزرعة الهادئة هدوءً موحشاً يتوقفان عند جرار زراعي مهجور. وصندوق بريد منزوع الدهان.
الرجل: تعال إلى هنا
يأتي الصبي نحوه ويأخذ الرجل مسدسه ويفتح مخزن الرصاص ويريه رصاصتين في المخزن.
الرجل (متابعاً) هل ترى ذلك؟ اثنتان باقيتان. واحدة لك والأخرى لي.
يضع اصبع الصبي على الزناد ويرفع المسدس متأهباً للتصويب
يدير إبهام الصبي حول الزناد.
الرجل (يتابع) تضعه في فمك وترفعه إلى اعلى. هكذا. تماماً مثلما شرحت لك.
يضع برميل المسدس في فمه حتى يطأطئ الصبي رأسه فاتحاً عينيه على وسعها. يخرج المسدس من فمه ويغلق الزناد.
الرجل (يتابع) هل استوعبتها؟
الصبي: اعتقد ذلك.
الرجل: هل هذا مفهوم؟
الصبي: مفهوم.
يضع الرجل المسدس جانباً ويحتضن الصبي إلى صدره، ثم يعاودان الانطلاق.
داخلي – منزل خشبي – نهاراً
عودة إلى الوراء– تجلس المرأة امام النافذة. تحدق في الحديقة التي تبدو جدباء الآن. السماء رمادية يخترقها بريق ناري شاهدناه سابقاً. طبقة شفافة من الرماد الأشهب تغطي المرج الميت والشجيرات وداخل اللوحات الملونة متجهماً لا لون له الآن.
معظم الفرش اختفى. كومة من الفرش المكسر وقطع من البيانو مكومة بجانب المدفأة. وفي المدفأة بقايا مفاتيح بيانو شاطت وتحول بعضها إلى رماد. المرأة الآن في اكثر اشهر الحمل ثقلاً. يضع الرجل اطباقاً قديمة مقطعة الأطراف وملاعق، ويسكب من الوعاء بالملعقة ويجلس ليأكل.
وبينما تبدأ السيدة بالطعام تنتفض وترتجف من البرد الشديد وفي عينيها نظرة رعب بينما الملعقة في منتصف طريقها إلى فمها. تنظر إلى اسفل وترى:
من منظور المرأة – ماء ودم ينساب إلى أسفل ساقيها.
المرأة: أوه كلا. أوه كلا.
الرجل: لا بأس في ذلك .. سأساعدك. تماماً كما قلنا.
المرأة: كلا كلا كلا.
الرجل: سأسخن الماء. نستطيع ان نقوم بها.
وبينما يخرج هو تأخذ المرأة بالأنين يائسة.
داخلي – مطبخ / المنزل الخشبي – نهاراً
يركض الرجل إلى الداخل ويفتح درجاً في الدولاب الجانبي الذي يحتوي على مقص جز للمطبخ بدلاً من سكاكين المطبخ وزجاجة مطهر، مناشف قديمة ولكن نظيفة وزوج من للكفوف الكاوتشوكية النظيفة البالية، جميعها جاهزة للاستعمال.
تظهر المرأة عند الباب والدم يسيل من على ساقيها.
المرأة: نحن غير مضطرين.
الرجل: حسناً، اعتقد أننا ربما نكون مضطرين.
المرأة: اي نوع من الحياة هذه؟
الرجل: إنها الحياة. انها الشيء الوحيد الباقي.
يأخذ المرأة ثانية إلى الغرفة الأخرى.
داخلي. غرفة الطعام / المنزل الخشبي – نهاراً
صريخ رهيب. تستلقي المرأة على مائدة غرفة الطعام، تصرخ وهي تتعرض لطلقها الأول. يلبس الرجل كفوف الكاوتشوكية، إحدى يديه المغطاة بالكف موضوعة على ساق المرأة وهو يولد طفله، يمسح حاجبه تاركاً عليه لطخ الدم بينما يستمر الصريخ.
السيدة: لا استطيع.
الرجل: أنه سيخرج.
داخلي. منزل مقطور – (مخيم 4) – مساءً.
في داخل منزل مقطور مخرّب تخريباً شديداً، احد الحيطان نصف ساقط بعيداً، هنالك حلة من الماء تغلي على نار ضئيلة. يجلس الصبي يرتجف تحت حراماته الصوفية وهو يأكل الفاصولياء من علبة تنك، يبحث بها ليلتقط آخر حبة او اثنتين.
يفتح الرجل كيسه بالقرب من النار ويخرج علبة من الكاكاو.
يجهز فنجاناً من الكاكاو للصبي، يناول الصبي فنجان الكاكاو وبينما ينظر الصبي اليه ويشربه يسكب الرجل لنفسه كوباً من الماء ويجلس ينفخ به. يدرك الصبي ان الرجل ترك له كل الكاكاو.
الصبي: وعدتني ان لا تفعل ذلك.
الرجل: لماذا؟
الصبي: هل تعلم ماذا. بابا. عليّ أن أراقبك طوال الوقت.
الرجل: أعرف أنا آسف.
الصبي: إذا لم تراع وعودك الصغيرة فلسوف تنقد وعودك الكبيرة. هذا ما قلته لنا.
يرق قلب الرجل ويعيد الماء الساخن إلى مكانه في الحلة ويأخذ شيئاً من الكاكاو التي سكبها للصبي ويسكبها في كأسه. يمسح الصبي إصبعه في حلة الفاصولياء الفارغة ويأخذ في مصّه.
الرجل: راقب اصبعك.
الصبي: انت دائماً تقول هذا.
الرجل: هذا بسبب تكرارك لهذا التحذير.
يفرش الرجل قطعاً من خارطة طريق ممزقة على اللوحة ويأخذ في دراستها.
الصبي: ماذا تفعل؟
الرجل: علينا أن نتابع التحرك. علينا أن نذهب إلى الجنوب نحو الشاطئ.
الصبي: لماذا؟
الرجل: سيكون الأمر أفضل عند الشاطئ.
الصبي: لماذا؟
الرجل: لأننا سوف نتجمّد هنا.
يلتقط أجزاء الخريطة بحذر.
خارجي. طريق رئيسية- صباحاً
يجر الرجل والصبي عربتهما على المرتفع الأسود. عند قمة التلة يمران امام لوحات أعلانات جرداء تعلن عن موتيلات، فيتوقفان. يلاحظ الصبي وجود علامة من على بعد، عليها كلمات مدهونة فوق اعلانات جرداء اللون، غريبة، مليئة بالهراء، عبارات نورانية متشعبة حول «العظام» و«الأموات». يتبع الرجل تحديق الصبي ويقرأ: «انظرو إلى وادي الذبح – ارميا6 : 19»
الرجل: هل تتذكر احرف الهجاء التي تعلمتها؟
الصبي: نعم
الرجل: هل تستطيع قراءة ذلك؟
الصبي (يتفحصها بدقة) كلا.
الرجل: جيد. دعنا نذهب.
يتناول الرجل مسدسا كبيرا، يجهزه للانطلاق ويضعه على المشمع وهما يتحركان. ينظر الصبي نحو الرجل بعصبية، ينظر إلى المسدس ويتابعان المسير.
خارجي. طريق رئيسية، نفق قريب – نهاراً
يمشيان بتثاقل عند الطريق الرئيسية باتجاه فتحة نفق عميق أسود اللون، فجأة يتوقف الصبي، وتزداد مخاوفه، غير قادر على مواجهة الفم المتثائب للنفق.
الصبي: لا استطيع، مجرد انني لا أستطيع ..
الرجل: ليس هنالك طريق آخر.
الصبي: باستطاعتنا السير فوقه.
الرجل: لا نستطيع اخذ العربة فوقه.
الصبي: لا نعرف ما الذي في داخله.
الرجل: لا يوجد شيء هناك. انه مماثل تماماً لما هو هنا. موافق؟
الصبي: (لحظة توقف. مجبر على ذلك) موافق.
يلتصق الصبي إلى جانب الرجل. يحمل الرجل الآن المسدس في حزامه وسترته الرياضية مفتوحة جاهزة وهما يسيران باتجاه فم النفق.
داخلي. نفق – نهاراً
يضع الرجل ذراعه حول الصبي وهما يدفعان العربة بحذر إلى الأمام.
واعين لكل ما حولهم. يمرون بآثار اقدام في الوحل الجاف على الأرض، رماد وقش تذروه الرياح وبضعة لاجئين موتى تحولت اجسادهم إلى مومياءات يظهرن على جانبي النفق يجلسون أو يستلقون على حمالات المخيمات. نهبت شنطهم ومؤونتهم منذ مدة. اجسادهم منكمشة وقد سحبوا كالعاجزين بلا أحذية، رجلان وامرأة وطفل صغير وكلب. يحدق الرجل في هذه المجموعة.
أما الصبي فيحدق في الطفل الصغير ثم في الكلب الذي تحول إلى مومياء. وقد تسمر نظره، يمد الرجل يده للصبي ليمسك بها – يأخذ الصبي يده فيشده الرجل ليتابع السير.
الرجل: تذكر ان الاشياء التي وضعتها في رأسك هي للأبد.
الصبي: ولكنك تنسى بعض الاشياء اليس كذلك؟
الرجل: تنسى ما تريد ان تتذكره وتتذكر ما تريد ان تنساه.
خارجي. مخرج النفق والطريق الرئيسية (مخيم 5)- الصباح الباكر
ينام الرجل والصبي داخل سيارة مهجورة بين صف من الآليات المهجورة الأخرى التي تملأ الطريق الرئيسية.
داخلي. السيارة المهجورة – (مخيم 5) – الصباح الباكر
تستريح يد الصبي على صدر الرجل وهو نائم. يتنفس الرجل بقوة مرسلاً بعض الشخير ويد الصبي الصغيرة ترتفع وتنخفض على صدره.
يستيقظ الرجل فجأة ويتدحرج إلى جانبه، مستمعاً، المسدس بجانبه. يزلق يده نحو المسدس ويرفع رأسه ببطء. ينظر حوله لا شيء سوى صوت محرك ديزل بعيد. ينظر نحو الصبي الذي ينام نوماً عميقاً. وعندما يعاود النظر نحو النفق يرى رؤيا كابوسية.
من منظور الرجل – تخرج من النفق وتمشي متثاقلة بين الرماد مجموعة من الرجال الذين يرتدون الأغطية، بعضهم يلبس قناعاً للغاز وثياب حماية قذرة يمشون بتكاسل يسعلون يديرون رؤوسهم من جهة إلى أخرى ويهزون هراواتهم وبعضا من قطع المواسير – عصابة طريق. يستمع الرجل إلى صوت شاحنة الديزل خلف العصابة.
الرجل: بسرعة. اسرع…
يقفز الصبي مستيقظاً بينما يضع الرجل مسدسه في حزامه، يمسك بالصبي بيده. ينزلقان خارج السيارة ويقرفصان على الأرض، الصبي متجمداً من الخوف.
الرجل: (متابعاً) لا بأس في ذلك. لا بأس في ذلك ولكن علينا أن نركض. لا تنظر إلى الخلف أسرع.
تركا شنطهم خلف السيارة…
الرجل: (متابعاً) اركض… أركض…
تتقدم على مرأى من النظر الشاحنة ذات الخلفية المفتوحة. يقف رجال من العصابة على الخلفية المفتوحة ينظرون حول المكان بعضهم يحمل بنادق. يسقط الصبي ويشده الرجل ليقف على قدميه بقوة كبيرة بحيث انه رفعه كليًّا عن الأرض وكان عليه ان يعيده إلى الأرض ثانية.
الرجل: (متابعاً) هل أنت بخير؟ لا بأس في ذلك… تعالى… يركضان إلى الأسفل نحو الأشجار على جانب الطريق الرئيسية.
خارجي. الممر السفلي عند الطريق الرئيسية – نهاراً.
يركضان عبر الغابة. يسمع صوت الشاحنة في الخلفية. يتوقف المحرك ثم يفرقع ويخرج حلقات من دخان الديزل الأسود تلف عبر الغابة، يموت المحرك بعد خشخشة مفاجئة تتحول إلى سكون.
يريض الرجل والصبي بسكون متجمّدين. والشاحنة المتوقفة الآن على الممر القريب تتعرض بخطورة لمنظر العصابة. يسمعان العصابة تتكلم وترفع غطاء الشاحنة. يضع الرجل ذراعه حول الصبي ويشد مسدسه عندما يريان الشاحنة تبدأ في التحرك، والعصابة تدفعها… ولكنها تكح وتتوقف مرة ثانية.
يرى الرجل احد رجال العصابة ينزل نحو الضفة وهو يفك حزامه. يلبس بنطلوناً فضفاضاً ازرق اللون وسخاً وقبعة من قبعات شركة الغاز، وله ذقن طويلة مقصوصة على شكل مربع من الأسفل وله وشم طائر سيء الرسم على رقبته. لا يتوقف ويتابع تقدمه، أقرب وأقرب حتى يصبح على بعد أقدام تقريباً فوقهما. يفتح سحاب بنطاله، ويبدأ في التبول، وبينما هو يتبول تدور عينيه حوله – وفي اية لحظة باستطاعته النظر إلى الجانب ورؤيتهما مقرفصين هناك.
عينا الرجل مفتوحتان على وسعهما والمسدس جاهز. عينا رجل العصابة متجهة نحو الصبي. يلف رجل العصابة أكتافه ويحرك رقبته… ينظر إلى اسفل ويحدق في البخار الذي يصعد من بوله بهدوء يوجه الرجل مسدسه إلى رأس عضو العصابة الذي، ربما بالسليقة، يلف رأسه في اتجاهه وينظر مباشرة إليه.
الرجل: اتركه ينساب.
يرى عضو العصابة المسدس ويتوقف عن التبول، ينظر إلى الخلف باتجاه الشاحنة. ويقفل سحاب سرواله.
الرجل (متابعاً): لا تنظر إليه. انظر إليهم. اذا ما ناديتهم فأنت ميت. من اين انت؟
عضو العصابة: هل هذا مهم؟ من اين انت؟
الرجل: ما الوقود الذي تسير عليها الشاحنة؟
عضو العصابة: وقود المازوت.
الرجل: من اين تأتون بهذا؟
عضو العصابه: لا أدري.
الرجل: انت لا تدري، هه؟
يحدق عضو العصابة دون ان يجيب.
الرجل: لديكم ذخيرة لهذه البنادق؟
ينظر عضو العصابة باتجاه الشاحنة.
الرجل (متابعاً) قلت لك ان لا تنظر إلى الخلف إلى هناك.
من اين تأتون بكل هذه الأشياء؟
عضو العصابة: وجدناها.
الرجل: ماذا تأكلون؟
رجل العصابه: كل ما نجده.
الرجل: كل ما تجدونه، هه؟
رجل العصابه: نعم…
والآن ينظر رجل العصابة إلى الصبي دافعاً الرجل ليرفع المسدس ويجهزه.
من وجهة نظر عضو العصابة – ينظر إلى أسفل ماسورة البندقية عند مخزن الذخيرة فيراه فراغاً.
عضو العصابة (متابعاً) لن تطلق النار. ليس لديك سوى رصاصتين. وربما واحده فقط. ولسوف يسمعون صوت الطلقة.
وعلى الممر الفوقي تنظر عصابة الطريق حول المكان، تتمتم وهي واحدا من افرادها مفقوداً.
الرجل: ربما. ولكنك لن تفعل، سوف يدخل في جمجمتك وداخل مخك قبل أن تسمعها. يخطو الرجل مقترباً ويصوب البندقية نحو جبهة الرجل، ويشدها إلى الخلف، جاهزاً.
الرجل: حتى تسمعها ستحتاج إلى فص جبهي أمامي واشياء اخرى لها اسماء مثل فص امامي وتلافيف المخ الصدغي ولن يكونا لديك بتاتاً لأنهما سيصبحان شورباء.
عضو العصابة: هل انت طبيب؟
الرجل: لم أعد اي شيء بتاتاً.
عضو العصابة: لدينا رجل مصاب. سيستحق هذا تعبك.
يصوب الرجل نظره باتجاه عصابة الطريق، ثم نحو عضو العصابة الذي ما زال ينظر نحو الصبي. يجلس الصبي ويداه فوق رأسه، يسترق النظر عبر ذراعيه خائفاً بينما يزداد التوتر.
الرجل: إذا نظرت إليه ثانية فلسوف اطلق النار على رأسك.
عضو العصابة: اشارطك أن هذا الصبي جائعاً. لماذا لا تأتون إلى الشاحنة وتتناولون شيئاً تأكلونه. لا داعي لأن تتصرف كحمار عنيد.
الرجل: ليس لديك اي شيء نأكله. دعنا نذهب.
عضو العصابة: لست ذاهباً لأي مكان.
الرجل: تعتقد انني لن اقتلك ولكنك مخطئ في ذلك.
عضو العصابة: هل تعرف ما أفكر به؟ أعتقد انك إنسان جبان. لم تقتل رجلاً في حياتك. يسقط حزامه أرضاً محدثاً قعقعةً. فنرى مخزن طعام ومحفظة جيش معلقين به. ينظر الرجل إلى محفظة الجيش وينظر إلى العصابة على الطريق – ويلاحظ للمرة الأولى ان بعضاً منهم يلبسون نفس محفظة الجيش عينها.
احد الرجال يضرب بعصاه على جانب الشاحنة لينادي على العضو الضائع. يشتت هذا افكار الرجل وعندما ينظر إلى اعلى يأخذ عضو العصابة خطوتين ساكنتين ويقف بينه وبين الصبي، يحمل سكينا.
الرجل: ماذا تعتقد انك ستفعل بهذا؟
وبدون ان ينطق بكلمة يمسك عضو العصابة الصبي يتدحرج ويقف على قدميه حاملاً الصبي إلى صدره والسكين موجهة إلى رقبته.
تبعاً لذلك يسقط الرجل على ركبتيه. يجهز المسدس ويطلقه عن بعد ستة أقدام فتصيب الرصاصة عضو العصابة في جبهته. يسقط إلى الخلف ويرتمي والدم يفور من الجرح وعيناه مفتوحتان والصبي مستلقياً بين يديه في حالة صدمه، أطرش، غير قادر على التعبير مليء بالدماء المتخثرة وأخرس كالحجر.
تسمع العصابة صوت الطلقة العالية فتتجمد، ويبدأ افرادها بالنظر حولهم بأسرع من ذي قبل. يمسك الرجل الصبي الدائخ بيده ويصرخ ولكن الصبي في حالة الصمم التي اصابته يسمع فقط خليطا من الكلمات الصامتة.
الرجل (وقد خرس) تحرك! دعنا نذهب!
يعيد الرجل المسدس إلى حزامه ويرفع الصبي على أكتافه وينطلق نحو الطريق راكضاً.
خارجي. غابات – نهاراً
ينطلقا بين الغابات، الرجل يسعى لإبقاء الصبي عالياً وفي نفس الوقت يحاول إيجاد ممر بين الأشجار – الصبي يتمسك برأس الرجل بيديه الاثنتين.
هنالك سقطة مكتومة ويسقط الرجل، يطير الصبي بعيداً وهو يصرخ.
يناضل الرجل ليستجمع نفسه غير متأكد إذا ما كان قد هوجم من رجل آخر.
الرجل (اخرس) تعال، انهض، انهض بسرعة!
يلف الرجل الصبي، ويضعه على كتفه ثانية ويركض.
خارجي. غابات/طريق رئيسية – نهاراً
يتمايل الرجل والصبي عبر الأشجار ويسقط الرجل على ركبه، تاركاً الصبي على الأرض. لقد عادا نحو الطريق الرئيسية ثانية، يستمعان ويراقبان وقد اخذ منهما التعب مأخذه فلم يعودا قادرين على التنفس، الرجل يصفر والصبي إلى جانبه، يمسك يده، يحملق وما زال تحت تأثير الصدمة.
الرجل: ش ش. لا بأس في ذلك الآن. سوف تتحسن.
من منظور الصبي:- ما زال الصبي لا يسمع شيئاً، أطرش بشكل مؤقت.
ولكنه يرى الرجل وهو يتكلم وينظر حوله عبر 360 درجة. محاولاً أن يكتشف من أين سيجد خروجاً آمناً.
الرجل (متابعاً): تعال.
يمسك بيد الصبي وينطلقان مرة ثانية.
خارجي. غابات – مساءً
يخرج الرجل اغطية صوفية من حقيبته، يجلس الصبي محملقاً، مذهولاً بينما يحاول مسح الدم والدم المتخثر عن وجهه ولكنه كثيف وقاسٍ الآن. يداه ترتجفان وهو يحاول ان يلتقطه من شعر الصبي.
الرجل: لا باس في ذلك… لا بأس في ذلك الآن…
خائف من خرس الصبي يحاول ان يلفه بحزام ثم يفتح سترته الرياضية ويحمله قريباً إلى صدره تحت السترة. يلتقط الرجل مسدسه، يتفحص مخزنه، رصاصة واحدة باقية. ينظر إلى الظلال التي تتدحرج بعيداً ثم ينظر إلى الصبي ويقوم بحسابات دقيقة للمسافة.
ويمايز المسافة بين عصابة الطريق والصبي. يرفع المسدس إلى أعلى ويجهزه للإنطلاق.
الرجل (صوت خارجي) (متابعاً) احاول ان اظهر مثل اي قاتل عادي مسافر ولكن قلبي يضرب بشدة.
وعندما نصل لموضوع الصبي فلدي سؤال واحد فقط: هل باستطاعتك ان تقوم بذلك؟ عندما يأتي الوقت؟
ليس هنالك قمر، ولكن ليس بعيداً جداً، ربما 30 ياردة، شعلة نارية تشق طريقها عبر الغابات. وعلى بعد 50 ياردة من تلك شعله اخرى تستخدم للتفتيش… ظلال تتأرجح منذرة بالشؤم. أصوات الغصينات المتساقطة تخشخش تحت الأقدام وأغصان تتكسر بينما تبحث عصابة الطريق دون ان تتفوه بكلمة مجرد تنفس ثقيل من خلال اقنعة وذقون.
يمسك الرجل بالصبي أشد من ذي قبل ويسعل سعالاً مخنوقاً. ويبقيا على حالهما مجمدين غير قادرين على التزحزح.
خارجي. سد – فجراً
وصلا إلى جدول خفيف الماء سام لونه أحمر مجنزر وعلى حافتيه ثلج قليل ورغوة رمادية. ينحني الرجل ويزيح الثلج بعيداً ويملأ كفه ماءً رمادياً. ويسكبه على شعر الصبي بسرعة وفظاظة وشعور بالألم وهو يحاول بلا جدوى أن يغسل اكوام من اللحم الآدمي والدم. يبكي الصبي بصمت ويرتجف من البرد الشديد بينما يلتقط الرجل الدم المتخثر ويغسل الشعر ليصبح نظيفاً.
الرجل: لا فائدة من البكاء. عليك ان تكلمني. يأخذ الحرام ويجفف شعر الصبي وهو يتكلم.
الرجل (متابعاً) لن اترك أي شيء يحدث لك… سوف أعتني بك.. سوف أحاول دائماً أن أكون هنا من أجلك.. ولسوف اقتل اي إنسان يلمسك.
يسوّي شعر الصبي إلى أسفل بأصابع مرتجفة، محاولاً بغباء ان يفرشه بعيداً تحت عينيه، بغريزة أبوية ليجعل الصبي يبدو نظيفاً.
الرجل (متابعاً): لأن هذه هي مهمتي. هل تفهم؟
عندما ينتهي يرفع الرجل ذراعي الصبي، ويضع سترة فوق رأسه، ثم كنزة صوفية ممزقة، ثم يطوي الصبي داخل سترته الرياضية ويقفل سحابها حتى العنق ويقبله على أعلى رأسه.
يمسك الرجل حقيبته القماشية ويقلبها ويبحث داخلها فيجدها فارغة.
الرجل (متابعاً) تعالى، علينا ان نستعيد العربة.
خارجي. سد عند مخرج النفق – نهاراً.
يمشي الرجل بعد أن وصل إلى السد بسرعة وحذر وكأنه مقيد يستمع إلى السكون مركزاً على سمعه وهو يشعر بأنه مراقب، يتدحرج الصبي خلفه بطيئاً تعباً مما يثير اهتمام الرجل، يترك الرجل الصبي مختبئاً.
الرجل (مرشوشاً) (يتابع) كلا انا اريدك ان تنتظر، سوف اسمعك لو ندهتني. سوف اكون بعيداً قليلاً وأكون قادراً على سماع صوتك إذا ما كنت خائفاً فتندهني فأحضر تواً.
يمشي بعيداً ولكنه يسمع.. خطوات الصبي الصغير وهو يركض خلفه مرة ثانية – يستدير نحوه.
الرجل: قلت انتظر.
يتجعد وجه الصبي وتتدحرج دمعة إلى أسفل خده.
الرجل (متابعاً) توقف. اريدك ان تفعل ما أقوله. خذ البندقية.
يتجمد الصبي رافضاً تناول البندقية.
الرجل (متابعاً) خذها فقط هل لك ان تفعل ذلك؟
يهز الصبي رأسه
الرجل (متابعاً) ليس لدينا وقت لمثل هذا. نحن بحاجة إلى طعامنا.
ما تبقى منه. يدفع الرجل البندقية إلى يد الصبي.
الرجل (متابعاً): لا تناقش.
يزحف نحو الجسر. يحملق الصبي في المسدس.
خارجي. طريق رئيسي – نهاراً
يبحث الرجل عن العربة. يصل إلى المكان الذي تركاها به بين السيارات المهجورة.
حقائبهم مفتوحة على الأرض بالقرب من العربة ومحتوياتها مبعثرة على جانبها.
وغالبيتها مسروقة. وما تبقى هو فقط بعض كتب الأطفال والألعاب ومقالي مطبخ، احذية وألبسة مهلهلة.
وبالقرب من ذلك بقايا نار المخيم الكبيرة في منتصف الطريق الرئيسية.
يجمع الرجل ما تبقى من ممتلكات ويضعها في حقائب الظهر.
من منظور الرجل – يرى قطع خشب محروقة، رمادو .. عظام عضو العصابة الذي اطلق عليه النار. وبالقرب منها بركة من دماءه واحشائه ما زالت ترسل بخاراً والرأس مقطوعة متدحرجة تحت سيارة. يضرب العظام بإصبع حذائه الكبير.
خارجي. سد على الطريق الرئيسية – نهاراً
وفي الأسفل تحت الجسر ينتظر الصبي مع البندقيةمطيعاً.
يعود الرجل رأساً نحو الصبي محاولاً التفكير بما سيقول له، يعيد الصبي البندقية ويمسك بيد الرجل ويسيران معاً نحو الغابة وقد أعاد الرجل البندقية إلى حزامه.
الرجل: دعنا نخرج من هنا. الطريق الحر خطر جداً. لنجد الطرق الخلفية.
الصبي: حسناً.
داخلي: منزل خشبي – ليلاً
عودة إلى الوراء:-
المنزل الآن في حالة واضحة من عدم الإصلاح، فلا فرش، الألواح المحيطة تتساقط، شقوق كبيرة في الحيطان، زخارف السقف واماكن اللمبات مقتلعة من مكانها، بقع مائية من المطر والنوافذ ممتلئة بصفائح الحديد المعوجة، يجلس الرجل والمرأة متقابلين حيث يوجد ضوء يخفف الظلام. تلتقط المرأة البندقية وتفتح مخزن الذخيرة.
هنالك رصاصتان تأخذهما إلى الخارج وتضعهما على المائدة، واحدة تلو الأخرى.
المرأة: هذا كل ما تبقى. كان علي ان اقوم بالفعل عندما كان هنالك المزيد من الرصاص في البندقية.
يغلق الرجل عينيه.، غير قادر على التحمل، في الزاوية يقف الصبي في الخلفية يرسم على الحائط.
المرأة (متابعة) عاجلاً ام آجلاً – لا نسمع – سوف يصلوا الينا ويقتلوننا. سوف يغتصبونني.
الرجل: كلا.
المرأة: ويغتصبونه.
الرجل: ارجوك لا – فقط – لا.
المرأة: سوف يغتصبوننا ويقتلوننا ويأكلوننا ولن تواجه ذلك. انك تفضل ان تنتظر حدوثها.
الرجل: من فضلك.
المرأة: توقف.
الرجل: سأفعل أي شيء.
المرأة: مثل ماذا؟ تلتقط المسدس وتضع الرصاصتين في المخزن.
المرأة (متابعة) فكرت في أن لا أقول لك. فقط اقوم بها سأفرغ كل رصاصة في دماغي ولا أترك لك شيئاً.
الرجل: لا تقولي هذا. لا تتكلمي بهذه الطريقة.
المرأة: لم يعد هنالك ما نتكلم عنه… لقد انتزع قلبي من جسدي ليلة ولادته.
الرجل: أرجوك لا تفعلي هذا. لن أدع أي شيء يحصل سوف نحيا.
المرأة: لا أريد ان أحيا! سآخذه معي لو لم يكن الأمر متعلقاً بك.
تعرف انني أفعل ذلك. لماذا لا تستطيع مواجهة الأمر؟
الرجل: هل لك ان تسمعي؟ انت تتكلمين بجنون.
المرأة: ليس جنوناً وأنت تعرفه. إنه الشيء الصحيح الذي يجب أن نفعله. يحدقون في الصبي.
المرأة (متابعة) العائلات الأخرى تفعله. تذهب نحو الصبي تداعب شعره، تقبله وتقوم بتجسيد ما تعني الأمومة.
المرأة (متابعة) حان وقت النوم. هاك صبي طيب. تلتقطه نحو ذراعيها وتحمله نحو السرير.
نهاية العودة إلى الوراء
خارجي. وهد / شلال – نهاراً
يرعد الشلال ويختفي النهر في الفضاء. يقف الصبي والرجل محدقين في الشلال الذي يرتفع 80 قدما فوقهم مزنراً بالضباب الرمادي. طيف ملون يرتفع من الشلال مثل قوس قزح.
يتجمد الصبي ممسكاً بذراع الرجل طلباً للأمان.
الصبي: ما هذا؟
ينظر الرجل إلى الصبي متفاجئاً بأنه يتكلم مرة ثانية.
الرجل: انه شلال.
الصبي: انظر، الوان.
الرجل: كانت توجد الألوان في كل مكان. انت لا تذكر ذلك.
كان هذا قبل ولادتك. كان يوجد هناك اشياء عديدة.
يقترب الصبي من حافة ماء ضحلة وصافية وفي اعماقها يتلألأ الحصى والبلور الصخري. يغرف قليلاً من الماء ويفاجئ انها تبدو نظيفة.
الصبي: انظر. إنها صافيه.
الرجل: هل ترغب في الدخول إليها؟
الصبي: لا أدري.
الرجل: حتماً تريد ذلك.
الصبي: لا بأس في ذلك؟
الرجل: المهم ان لا تبلع منها.
يفتح الرجل سترته فتنزلق نحو الأرض. ينظر الصبي إلى الرجل، مندهشاً. ثم يقوم بنفس الشيء.
خارجي. النهر / الشلال – نهاراً
يمرح الصبي في رذاذ الشلال عارياً، شاحباً، وسخاً إلى درجة القرف، ويرتجف من البرد. يراقبه الرجل وهو يستمتع بالشلال يمسك بأكتافه يقفز إلى اعلى وإلى اسفل، فينضم إليه.
خارجي. وهاد/واجهة صخرية (المخيم 6) – مساءً
يربط الرجل المشمع بوجه الصخرة ليكون مأوى. ويقوم ببراعة بتنقية ماء عبر قطعة قماش وضعها على طنجرة. يمكننا سماع صوت الشلال في الخلفية. لون الصبي وجهه باقلام التلوين راسماً أنياباً غريبة ودم ينقط من فمه.
يدرس الرجل وجه الصبي المرسوم لبضع دقائق.
الرجل: اسمع. ذلك الرجل هناك…
لم يعد هنالك الكثير من الناس الطيبين، هذا كل شيء
علينا أن نراقب الناس السيئين؛ (اكثر).
الرجل متابعاً: وعلينا أن نتكلم. دائماً علينا فقط.. كما تعلم.. تبقى حاملا الشعلة…
الصبي: أية شعلة؟
الرجل: الشعلة الموجودة في داخلك.
يأخذ الصبي بالتفكير لدقيقة من الزمن، ثم:
الصبي: هل ما زلنا نحن الرجال الطيبين؟؟
الرجل: نعم. نحن ما زلنا الرجال الطيبين.
الصبي: وسنبقى كذلك مهما كانت الظروف؟
ينظر إلى الصبي نظرة تعبّر عن عدم قدرته على أن يعده بذلك.
الرجل: سنبقى دائماً. نعم.
يعود الرجل إلى ربط الغطاء.
خارجي. النهر / الوادي – صباحاً
يمشي الرجل والصبي بتثاقل إلى الأمام بعيداً عن شلال الماء.
الرجل: علينا أن نتابع السير. ينجذب اناس آخرون إلى الشلال كما فعلنا نحن. لم نكن نسمع قدومهم. يخطوان لينظرا إلى البحيرة المحاطة بالضباب في أسفل الوادي.
الصبي: هل تعتقد أن هنالك سمكا في البحيرة؟
الرجل: كلا. ليس هنالك شيء في البحيرة.
يتابعان السير.
خارجي. الطريق الخلفي – نهاراً
يأتيان إلى التفاف في الطريق وفجأة يسمعان زئير النهر المتسارع. واعلى ذلك بعيداً نرى جسراً عليه شاحنة رافعة.
خارجي. جسراً – نهاراً
يسيران نحو الجسر فوق مياه مكسوة بالزبد ويراقبان الشاحنة. الإطارات متساوية مع الأرض والسيارة محشورة في قضبان السكة الحديد. ونهاية المقطورة لفت إلى جانب الطريق آخذة في طريقها القضبان مستقرة بما تبقى منها ومعلقة على جانب الجسر، مقفلة الجسر بشكل تام.
خارجي. شاحنة مهجورة – نهاراً
يتسلق الرجل إلى شاحنة الغاز، يمسح الزجاج وينظر إلى السيارة، يلوي الباب فيفتحه ويتسلق إلى الداخل، ويغلق الباب خلفه.
داخلي. شاحنة / سيارة – نهاراً
ينظر حول المكان إلى المخلفات غير اللازمة، مجلات قديمة وزبالة.
وفي الخارج، يتساقط الثلج حول المكان، هادئاً، يغطي الشاحنة والجسر فيغيران شكله، كلاهما ما زال صاحياً، غير قادر على النوم، يحدقان في العالم المتغيّر، والمغطى ببساط من الثلج.
الصبي: انا جائع.
الرجل: أعرف. فأنا ايضاً كذلك.
الصبي: هل استطيع ان أسألك شيئاً؟
الرجل: حتماً.
الصبي: هل سنموت؟
الرجل: كلا. في وقت ما. ليس الآن.
الصبي: وما زلنا ذاهبين إلى الجنوب؟
الرجل: نعم.
الصبي: إذن سنشعر أكثر بالدفء؟
الرجل: نعم.
الصبي: وقد يكون هنالك طعام؟
الرجل: كل شيء يتوقف على وصولنا إلى الشاطئ.
الصبي: حسناً.
يضع الرجال حراماً حوله ويقبله قبلة المساء، اصبح المكان اسوداً غامقاً الآن.
الرجل: إذهب إلى النوم.
الصبي: يا ليتني كنت مع والدتي.
يصمتان برهة من الزمن حتى:
الرجل: هل تعني انك تتمنى لو كنت ميتاً.
الصبي: نعم.
الرجل: لا يجوز ان تقول هذا. إنه شيء سيء مثل هذا القول.
الصبي: لا استطيع منع نفسي من قوله.
الرجل: اعرف ذلك ولكن عليك ان تفعل ذلك. عليك أن تتوقف عن التفكير بها. كلانا يجب أن نفعل ذلك.
الصبي: كيف افعل هذا؟
يصمت الرجل وقد غرق في تفكيره.
خارجي. شاحنة/ سيارة – (مخيم 7) في الساعات الباكرة.
ينزل الرجل من السيارة ويسير بضعة اقدام في الظلمة والثلج. يسعل قليلاً، ويستنشق قليلاً من الهواء ويسير بعيداً عن الشاحنة، مختفياً في الضباب.
خارجي. مخيم / الطريق – (مخيم 7) – الساعات الباكرة
الرجل وحده الآن في الطريق. يتناول محفظته ويعاينها: دراهم، بطاقات قديمة – شهادة سائق وصورة له وللمرأة يوم زفافها، هذه الصورة التي ينظر إليها برهة من الزمن بحزن.
الرجل (صوت خارجي). ذهبت، وكانت برودة الحدث هديتها الأخيرة…
ماتت في مكان ما في الظلمة… وليس هنالك شيء آخر ليروى.
يضع كل شيء على الأرض الرمادية المغطاة ببقايا الثلج الموحل، ثم يرمي المحفظة نحو النهر ويسير عائداً إلى المخيم، تاركا الصورة والبطاقات تطير بعيداً.
خارجي. المنزل الخشبي / الباحة – ليلاً
عودة إلى الوراء:–
المرأة تقبل الرجل.
الرجل: هل ستقولين له وداعاً؟
المرأة: كلا. لن أفعل. لا أستطيع.
الرجل: هل تستطيعي الانتظار على الأقل حتى الصباح؟
ابقي معي خلال الليل.
المرأة: كلا. عليّ أن اذهب الآن. يقبلان بعضهما ثانية، تستدير وتسير بعيداً خارج الساحة.
الرجل: ماذا سأقول له؟ ماذا سنفعل من غيرك؟
المرأة: يجب ان تتحركا نحو الجنوب. لن تبقيا على قيد الحياة لشتاء آخر هنا.
يتبعها الرجل لبضع خطوات فتتوقف وتستدير نحوه.
الرجل: لماذا لا تساعديني؟
المرأة: لا استطيع مساعدتك، ألا تفهم؟ هكذا انا أساعدك.
الرجل: إلى أين انت ذاهبة؟ ليس بإمكانك أن تري.
المرأة: لست محتاجة لأن أرى.
الرجل: اتوسل إليك.
المرأة: ارجوك الا تفعل. أرجوك.
يحدق الرجل. تذهب هي، مختفية في الظلام.
(نهاية العودة إلى الوراء)
خارجي. حدود المدينة – الغسق.
يحدّق الرجل. أمامه عن بعد مدينة ميتة.
خارجي. ممر فوقي/ حدود المدينة – مساءً
يصل الرجل والصبي إلى حافة المدينة.. امامهم تجمّع من ثلاثة مبان طويلة، اثنتي عشرة طبقه من البناء والزجاج. في واحدة منها الطوابق العليا مضاءة بنيران الشموع المتلالئة في الداخل. يتوقف الرجل ويحدّق النظر فيتبعه الصبي بنظرة مترقبة.
في احد الشبابيك المضاءة، شكل ظلي يحدّق نحوهم، واحد في المبنى، وفي شباك آخر شكل ظلي آخر يحدق بلا حراك.
قد يكونون لاجئين أو أكلة لحوم البشر او مومياءات ميتة كما قد يهيئ لنا.
الصبي: من هم. يا بابا؟
الرجل: لا أدري.
الصبي: ماذا سيكون الحال إذا ما كانوا مزيداً من الرجال السيئين؟
الرجل: لن يكونوا مزيداً من الرجال السيئين. لا تضطرب. ابق بقربي.
يتناول البندقية ويسيران في اتجاه آخر الآن. محاولين تجنب الاماكن المرتفعة.
الرجل (متابعاً) ابقى منخفضاً. وسنكون بخير.
عندما يصلان إلى نهاية المقطع يتوقفان ويدقق الرجل حول الزاوية قبل أن يقطعان الشارع. يظهر امامهم ثلاثة رجال. سقيمي البنية يتحركون ببطء. يخطون إلى الأمام يتوقفون ويراقبوا الصبي والرجل.
خارجي. الضواحي/ المدينة – نهاراً
يحمل الرجل الآن المسدس ويتجه الصبي نحو خط سكة حديد، يتجه بعيداً عن المدينة.
خارجي. خط سكة حديد أرياف. نهاراً
في الريف، على جانب السكة الحديد، يشاهدا طريقاً صغيرة تقود إلى منزل يقع على تلة كان راقياً يوماً ما. منزل عالٍ فخم أمامه اربعة اعمدة وممر مغطى بالحصى ينحني من الطريق عبر حقل من العشب الميت البالغ طوله قدماً. يقفان هناك يحدقان به. وما زال الصبي يمسك بيد الرجل. ينصت الرجل – لا شيء سوى الريح في نبات السرخس الميت. صليل باب أو خشخشة درفة.
الرجل: أعتقد ان علينا إلقاء نظرة.
الصبي: انا خائف.
الرجل: ليس هنالك ما يخيف.
خارجي. طريق سيارات/منزل فخم.
ينطلق الرجل على الطريق. يقف ويواجه الصبي الذي تجذر في البقعة.
الرجل: هل تريد ان تبقى هنا؟
الصبي: كلا.
يلحق الصبي به وينطلقان ببطء نحو الطريق عبر بقع من الثلج الذائب
هنالك حاجز طويل ميت عليه عش عصفور مهجور.
خارجي. رواق/ منزل فخم – نهاراً
يصعدان الدرج نحو الرواق والصبي معلق بيد الرجل. يلاحظان شباكاً مفتوحاً جزئياً. يذهب الرجل نحوه، يفتح الشباك على مصراعيه
يفتح الشباك على اتساعه وينظر إلى الداخل.
داخلي. ردهة/ منزل فخم – نهاراً
يصعدان عبر النافذة إلى اسطح من الرخام الأسود والأبيض
يغلق الرجل الشباك بعناية بحيث يصبح كما وجده. ينظران إلى الغرفة
منظار موضوع على حامل ثلاثي موضوع بالقرب من كرسي بذراعين.
سلم انيق أمامهم، وورق حائط من نوع وليم موريس لطخته المياه وقوسته، الدهان تعفّن وزخارف الأسقف متساقطة.
يقطعون نحو الناحية الثانية حيث قاعة كبيرة لغرفة استقبال بأسقف عالية ومدفأة كبيرة محاطة بالأجر الحي، حيث كان يوضع الخشب. كومة من ثياب الطقس الدافئ جزم عالية وحقائب ظهر على الأرض بالقرب من المدفأة.
الصبي: بابا؟
الرجل: ش ش
داخلي. مطبخ/ منزل فخم – نهاراً
يزحفان إلى الداخل فيجدان أوعية مسودة ومقالي وجرسا للخدم، زبالة مكومة على الأرض ومرايل للعمل، بالوعة صدئة مغطاة بالعفن، خزن عارية. وفي الأرضية فتحة لها قفل مثبت على طبق من الفولاذ. يقوم الرجل بتفحصها بينما يجذب الصبي بعنف ذراعه خائفاً.
الصبي: بابا، دعنا نذهب.
الرجل: هنالك سبب لإقفالها.
يقفز الصبي حول المكان مرتعباً تكاد دموعه تنساب على خديه.
الصبي: لا تفتحها. لا تفعل!
الرجل: احتاج إلى اداة افتحها بها.
الصبي: كلا!
يخرج الرجل بشكل مفاجئ ويتبعه الصبي يعصر يديه من الخوف.
خارجي. الحديقة الخلفية/ منزل فخم – نهاراً
يخرج الرجل من الباب الخلفي وقد اشهر مسدسه، ينظر حوله ويرى قاطرة قديمة بإطارات مفرغة ترقد ميتة على العشب، بجانبها وعاء يسع 40 جالونا يستقر على بقايا نيران سوداء.
هنالك أيضاً بيت خشبي يتعالى منه الدخان الضعيف. يدرس الرجل وضعه بعصبية ويشم الهواء، ثم يذهب نحو كوخ الأدوات ويبدأ في تفحصها. يجد رفشاً طويل الذراع فيرفعه بيديه.
داخلي. المطبخ/ منزل فاخر – نهاراً
يدخل الرفش في الخشب المحيط بالقفل المثبت على الفتحة.
يشد الرجل بعيداً ثم ينزع القفل والفتحة بكاملها فتظهر له فجوة من الظلام.
الصبي: بابا.
الرجل استمع لي. اوقف هذا. نحن نموت جوعاً. هل تفهم ذلك؟
علي ان افعل ذلك. ليس لدي اي خيار.
يفتح الرجل الباب كاملاً ويضعه على الأرض.
الرجل (متابعاً) انتظرني هنا.
الصبي: أنا ذاهب معك.
الرجل: حسناً. أبقى فقط قريباً مني. لن يحدث شيء.
ينزلان على السلم الخشبي القاسي.
داخلي. قبو/منزل فاخر – نهاراً
هنالك رائحة نتنه رهيبة وعليهما ان يغطيا افواههم وأنوفهم بستراتهم. يخرج الرجل قداحته، يشعلها ويحاول أن يضيء الطريق.
من منظور الرجل – سواد شامل ما عدا مساحة قليلة مضاءة بالقداحة المشتعلة بينما الرجل يبحث: جزء من حائط حجري، ثم ارضية من الجص، فرشة قديمة عليها بقع غامقة اللون. وهج الشعلة يزحف عبر الأرضية نحو زاوية بينما يخطو الرجل مقترباً.
ثم تلعب الشعلة وهو يبتعد عن الزاوية ليظهر!
رجال ونساء يربضون إلى الحائط جميعهم يحاولون الاختباء مغطين عيونهم المشعة من الضوء. ضعاف وكأنهم هياكل عظمية وكأنهم أفراد في مخيم للموت. يقفز الصبي مصدوماً والرجل مجمداً، يحدق وقد أصيب بالخرس بسبب: على فرشة على الأرض ملقى رجل عار سيقانه ذهبت نحو أوراكه، بقايا قطعهم اسودت واحترقت. مكوية. يغطي الصبي عينيه.
الرجل: يا يسوع.
يدور الرجل الملقى على الفراش نحوهم ويوشوش بهمهمة منخفضة غير واضحة في البداية.
الرجل الملقى على الفراش: ساعدونا.. أرجوك ساعدنا..
الرجل: يا مسيح… آه يا مسيح.
يشارك الآخرون ي كورس من الهمس الخفي «ساعدونا .. ارجوك ساعدنا…»
يستدير الرجل ويمسك بالصبي ويركض نحو الدرج.
الرجل (متابعاً): أسرع… اذهب.. تحرك!
يسقط الرجل القداحة وهو يحاول دفع الصبي إلى أعلى الدرج، ومن لا مكان يظهر رجل ملتح في أسفل الدرج، يطرف بعينيه.
وجه ملتح: رجاءً… سيأخذوننا إلى منزل الدخان.
يحاول الرجل الملتحي التقاط ذراع الرجل ولكن الرجل يتحرر منه
ويركز على دفع الصبي ليصعد الدرج ويلحق به برعب اعمى وهو يتعثّر بين الدرجة والأخرى..
الرجل: اسرع. اسرع
يسرعون قافزين على الدرج باتجاه نور الفتحة بينما يحاول الرجل الملتحي الإمساك للمرة الأخيرة بقدم الرجل الذي يلبطه متحرراً من سطوته.
داخلي. مطبخ/ منزل فاخر – نهاراً
يسرع الرجل إلى الخارج يصفق الباب فيغلقه ويضع مائدة صلبة فوقه. ينظر حوله بحثاً عن الصبي.
الرجل: يا يسوع. اركض!
الصبي بالقرب من النافذة يرقص من الرعب مشيراً خلف النافذة إلى:
خارجي. حقول – نهاراً
اربعة رجال ملتحين وامرأتان آتون من الممر نحو المنزل. جميعهم اصحاء المظهر حسنا التغذية. احد الرجال يمسك بيد أحد النساء. وكأنهما عائدان من نزهة قبل العشاء.
داخلي. مطبخ / منزل فاخر – نهاراً
يحدق الرجل برهة من الزمن وقد تثلج من الرعب، ثم يمسك الصبي بيده ويشده بعيداً.
الرجل: اركض. اركض!
داخلي. ردهة/ منزل فاخر – نهاراً
يدخلون عنوة نحو الباب الأمامي، يجاهد الرجل ليفتحه ولكنه مغلق بقفل قوي. يحدق من الشباك الملاصق للباب فيرى:
(من منظور الرجل) – يصعد الأناس الموفورو الغذاء نحو الردهة. يمسك الرجل بالصبي ويركضان نحو المطبخ.
داخلي. مطبخ / منزل فاخر – نهاراً
في المطبخ رفع القفل من الأسفل ورفعت المائدة بضعة إنشات.
يركضان عائدان إلى الخارج.
داخلي. الردهة / منزل فاخر – نهاراً
عندما يصلان إلى السلالم، يدار مفتاح في القفل ويمسك الرجل الصبي بين ذراعيه ويدخلان إلى باب تحت السلالم. وبعد أن يدخلا من الباب يفتح الباب الأمامي فيدخل الأناس الموفورو الغذاء إلى الداخل.
داخلي. غرفة الراحة – نهاراً
إنهما داخل غرفة راحة صغيرة تحت السلم، مجرد مرحاض ومغسلة.
وجه الصبي على نفس مستوى المغسلة وبينما يمسك الرجل الباب ليبقيه مغلقاً يصبح الصبي على مواجهة محتويات الحوض.
من منظور الصبي: في المصبنة ملابس ملطخة بالدم غارقة في مياه مليئة بالدم والشحم.
وحول المصبنة آثار أيد ملطخة بالدم على البورسلين الأبيض.
(من منظور الرجل): عبر شق رفيع يرى الاناس الموفورو الغذاء والجانب البعيد من الردهة، يتحدثون بعفوية. هو ليس قريبا بشكل كافٍ ليسمع ما يقولونه كله، ولكنه قريب بشكل كافٍ ليرى ان ذقون الرجال مشذبة ويلبسون ملابس مهندمة.
امرأة موفورة الغذاء: سوف اقوم بانعاش نفسي.
رجل ملتح: انا بحاجة إلى مشروب.
إمرأة موفورة الغذاء (2) : سأصعد لأبدل ثيابي.
نسمع واحدة من النساء تضرب باقدامها على خشب الأرضية وثم على السلالم إلى اعلى لتقوم بتبديل ثيابها بينما تأخذ المرأة الأخرى خطوات قليلة باتجاه غرفة الراحة، ثم تستدير عائدة باتجاه الشباك بينما تتابع حديثها.
الرجل الملتحي 2: من الذي ترك هذا الشباك مفتوحاً؟
المرأة الموفورة الغذاء: اتركه مفتوحاً بسبب الرائحة.
الرجل الملتحي 2: اية رائحة؟
المرأة الموفورة الغذاء: لم تعد تشمه إطلاقاً.
الرجل الملتحي: من يريد كأساً من المشروب؟
يسمعون صوت الشباك وقد اغلق واقفل. اثناء هذا يصاب الرجل بالصقيع، عيناه مفتوحتان على اتساعهما من الخوف. يزلق المسدس من حزامه، يفتحه ويقرفص على وركه ليصبح قريباً من الصبي، فاقداً الأمل، لا يستطيع أخذ قرار فيما سيفعله، غير قادر على التفكير السليم بسبب الخوف. يحدق الصبي من الباب بالمسدس بالمغسلة المليئة بالدم وكأنه منوم مغناطيسي من الصدمة. يتكلم كالمعتوه.
الصبي ( يكلم نفسه): اشخاص اشرار … رجال اشرار.
الرجل: ش ش . ش ش..
هنالك وقع اقدام خارج الباب بينما يقترب الناس الموفورو الغذاء ثم ينطلقون بعيداً. يبدأ الرجل بالسعال ولكنه يمسك المسدس بيد والصبي باليد الأخرى. يحاول الرجل ان يخفي سعاله ولكنه لا يستطيع، يلاحظ الصبي ذلك فيحمل يده الصغيرة ويضعها على فم الرجل.
محاولاً إخفاء سعاله بينما يستمر الكلام في الخارج:
المرأة الموفورة الغذاء: هل تساعدني في الأطباق الوسخة.
الرجل الملتحي 2: انا جائع.
بينما يتوقف السعال قليلاً. يأخذ الرجل يد الصبي من على فمه ويدفع بالمسدس إليه.
الرجل: خذه.
يحاول الصبي المقاومة، هازاً رأسه، خائفاً، أخرس.
الرجل (يوشوش) (متابعاً): خذه.
يضع الرجل ذراعه اليسار حول كتف الصبي الصغير، الرفيع ويمسكه عن قرب.
الرجل (يوشوش) (متابعاً) لا تخف. اذا ما أمسكوك، فعليك أن تفعل ذلك مثل أي شخص آخر، هل تفهم؟ ش ش. لا بكاء .. هل تسمعني؟
تستدير المرأة من على النافذة ويقوم أحد الرجال الملتحين بسكب الويسكي ويناولها واحداً.
يبكي الولد ويهز رأسه بينما يريه الرجل ما الذي عليه ان يفعله بالمسدس.
الرجل (موشوشاً) توقف عن البكاء. عليك ان تكون صبياً شجاعاً.
وانت تعرف كيف تفعل ذلك.
الولد (يوشوش) اعتقد كذلك.
الرجل (يوشوش) قل «نعم سأفعل يا والدي».
يحدّق في الصبي الصغير الذي يحمل البندقية بضعف … فيدرك ان الصبي لن يستعمله. بعد لحظات من التأمل المعذب يأخذ الرجل بلطف البندقية من يد الصبي ويجلس الصبي يائساً، يحدق في يديه، خائفاً من ان ينظر إلى الرجل الآن. وعندما ينظر الصبي إلى أعلى مرة ثانية ينظر محدقاً في ماسورة المسدس، فالرجل يوجه المسدس الكبير إلى جبهة الصبي.
الصبي: ماذا تفعل؟
تهتز يد الرجل، وابهامه يرتجف على زناد، المسدس وهو يدكه…
الصبي (متابعاً) بابا؟
الرجل: انا آسف. انا آسف جداً
الصبي: هل سأراك ثانية؟ متى سأراك؟
يرتجف اصبع الرجل على الزند وهو يشده … في تلك اللحظة تسمع ضجة من المطبخ ويتوقف الناس الموفورو الغذاء ويسمعون، ثم يهرعون نحو المطبخ، وفجأة يسود الاضطراب وهم يرون حالة الفتحة المغطاة بالمائدة.
الرجل الملتحي 2: ماذا تعتقدين انك تفعلين بحق الجحيم؟ هه؟ ماذا تعتقدين انك تفعلين بحق الجحيم ….؟
المرأة الموفورة الغذاء: لا تنظر إلى هكذا .. ماذا تفعلين؟
يستجمع الرجل حنكته ويشق الباب.
الرجل: اتبعني، خذ بيدي، لا تتركني.
داخلي . الردهة / منزل فاخر / نهاراً
يخرج الرجل بسرعة شديدة من بيت الراحة مصطحباً الصبي وينطلقان حيث الشباك المفتوح. يضع بندقيته في حزامه ويتصارع مع الشباك الذي يلتصق بشدة مثل الشبابيك ذات الطراز القديم.
يسمعون من خلف الباب اصوات متنوعة مكتومة حتى يلوي الرجل الشباك فيفتحه ويضع الصبي عبره ويتبعه.
خارجي. ردهة/ منزل – نهاراً
يلتقط الرجل الصبي إلى اعلى وينزلان ركضاً على السلالم.
خارجي. طريق السيارات/ منزل فاخر – نهاراً
يركضان إلى الاسفل حيث طريق السيارات ويشد الرجل الصبي عبر فجوة في سياج المنزل الميت نحو الطريق.
خارجي. طريق – نهاراً
يترددان برهة من الزمن على الطريق ليقررا.
الرجل: تعالى، تابع الركض!
يسرعان عبر الطريق نحو الغابة على الجانب الآخر، الصبي في الأمام بينما الرجل يراقب خلفيتهم. ينظر الرجل نحو المنزل فهنالك اثنان من الناس الموفوري الغذاء خرجا ينظران حول المكان بريبة.
يضرب الارض ويأخذ الصبي معه فيستلقيان على الأرض على حافة الغابة والطريق. فاقدا القدرة على التنفس بشراسة وصدريهما يرتفعان وينخفضان، والرجل يسعل.
الرجل (متابعاً) ابق راسك إلى أسفل.
(من منظور الرجل): يسير الناس الموفورو الغذاء بضع خطوات في طريق السيارات وينظر رجل ملتحي عبر المنظار نحو الطريق والغابات، ولكن ليس مباشرة نحو الرجل والصبي المختبئين. يبدأ الناس الموفورو الغذاء في النظر حول جانب المنزل. يسيرون بعيداً. ينهض الرجل والصبي يندفعان عبر خط الأشجار ويختفيان في الغابات.
خارجي. غابات – ليلاً
قمر شاحب مختبئ في السماء الرمادية وخطوط الأشجار بينما هما الآن ينطلقان عبر الغابات ناعسان يتعثران كالسكارى. يسمعان صرخة مخيفة عن بعد، تأتي من ناحية المنزل. يتوقفان، يسمعان صرخة اخرى ورجل يصرخ. يمسك الرجل بالصبي عن قرب ويحاول تغطية اذنيه وهما يحدقان وينتظران ان تمر الأحداث.
الرجل: سنكون سريعاً بأمان.
الصبي: سوف يأكلون هؤلاء الناس اليس كذلك، يا بابا؟
لا يجيب الرجل.
خارجي. محلات سيرز/ مجمع شراء- ليلاً
عادا إلى المدينة يمشيان عبر حديقة مجمع شراء ضخم، تماماً خارج ما كان يسمى محلات سيرز. قمر شاحب مختبئ في السماء الرمادية يضيء واجهة المحلات المهدّمة بينما ينظر الرجل إلى أعلى حيث المحلات ويأخذ بالتفكير. يحدق الصبي في الفضاء وما زال في حالة صدمة.
داخلي. محلات سيرز – (معسكر 8) – ليلاً
يقوم الأب والصبي بإنشاء مخيم في داخل المحلات، خارج مدخل سيرز. الرجل يبني ناراً كبيرة. يحدق الصبي عبر الزجاج في المحل الضخم القريب منه. عبر المدخل دراهم ورقية ومعدنية ملقاة اكواماً ولفات… ينظر الصبي عن قرب ويجد أنواعاً من المجوهرات ما زالت في علبها، مأخذوة من المحل وملقاة هنا وهناك.
يجلس الصبي، يبدو وكأنه استسلم، وثم:
الصبي: بابا؟ بابا، لن نأكل أحداً مهما كان الأمر اليس كذلك؟
الرجل: كلا. حتماً لا.
الصبي: مهما كنا جائعين. وحتى لو متنا من الجوع؟
الرجل: نحن ميتان من الجوع الآن.
الصبي: لأننا، لأننا الناس الطيبون؟
الرجل: نعم.
الصبي: ونحن نحمل النار.
الرجل: نعم.
يأخذ الرجل الصبي بين ذراعيه، وبعد برهة يبدأ الصبي بترميش عينيه ناعساً، ثم يسقط نائماً. يمسد الرجل شعر الصبي النائم ويقبله في جبينه.
خارجي. مخزن تموين/مرآب – نهاراً
يسيران عبر المرآب حتى يصلان إلى مخزن تموين حول الناحية الأخرى، قليل من السيارات في مرآب مملوءة بالزبالة. يتجه الرجل عبر الأبواب الأتوماتيكية غير المتحركة.
الرجل: تعال. ليس هنالك أي أحد هنا.
داخلي. مخزن تموين – نهاراً.
تجول الرجل والصبي بين الممرات الفارغة التي لم يتبق منها سوى ركام، اوراق التغليف التي كانت يوماً ما براقة مرمية حول المكان، ومحتوياتهما مسروقة منذ زمن.
وفي قسم الأسلحة الفارغ هنالك رأس غزال معلق على أعلى الحائط. يتوقف الصبي ويحدق حوله مشدوهاً، بينما يفتش الرجل الأرفف الفارغة يبحث عن ما يفيد فلا يجد سوى صناديق فارغة.
يلوح للرجل وجه امرأة تحدق بإكتئاب من أحد الممرات، يراقبها طائر من اكلة الجيف مسمر مكانه مأخوذاً بهما، وعند ظهورهما يختفي بسرعة.
وفي طريقهما إلى الخارج يصلان إلى زوج من آلات بيع المشاريب مقلوبين ومسروقين بكل محتوياتها من صودا وعملات معدنية مبعثرة على الرماد. يجلس الرجل بالقرب من واحدة ويبحث بيده داخلها فيجد بالصدفة علبة غير مفتوحة من الكوكاكولا.
الصبي (متحمساً) ما هذه يا بابا؟
الرجل: انها شيء لذيذ لك. هنا. اجلس.
يساعد الصبي في وضع حقيبة الكتب جانباً ويجلسه ويفتح علبة الكوكاكولا باحتفالية، ينظر الصبي مندهشاً ويشم العلبة ذات الرغوة وكأنها أغرب ما رآه في حياته.
الرجل (متابعاً) استمر.
يأخذ الصبي العلبة.
الصبي: إنها مليئة بالرغوة.
الرجل: إستمر. إشربها.
يأخذ الصبي رشفة ويزن الأمر.
الصبي انها فعلاً جيدة. خذ قليلاً، يا بابا.
الرجل: كلا. اريدك ان تشربها.
الصبي: ولكنني أريدك ان تأخذ بعضاً منها.
يأخذ الرجل بتردد العلبة ويشرب رشفة صغيرة، ثم يعيدها إلى الصبي اليقظ.
الصبي (متابعاً) هذا لأنني لن اتمكن من شرب واحدة أخرى، اليس كذلك؟
لا يعرف الرجل ما يقول.
خارجي. مجمع شراء/ مرآب – بعد ظهر متأخر
يتجهان الآن خارج المجمع باتجاه الطريق، اضواء لا حياة فيها عند التقاطع، بيوت بالية وابنية شقق على الجانب الآخر من الطريق. يتوقف الصبي ليسمع، يحدّق حوله فجأة يتحمس واقفاً على أصابع قدميه.
الرجل: ما بالك؟
الصبي: ما هذا؟
الرجل: لم أسمع شيئاً.
الصبي: أنصت.
الرجل: انا لا أسمع شيئاً.
يستمعون أكثر إلى أن نسمع صوتاً ضعيفاً لكلب ينبح عن بعد. يستدير الصبي حول نفسه 180 درجة ليستمع، متحمساً بتوقع.
الرجل (متابعاً) انه كلب.
الصبي (متحمساً) كلباً! من اين جاء؟
الرجل: لا أدري. تعالى.
يقطع الرجل الطريق ماراً بالشقق يتبعه الصبي يتمخطر متحمساً الآن.
الصبي: لن نقتله اليس كذلك؟ يا بابا
الرجل: لماذا؟ كلا، لن نقتله. لماذا قلت هذا؟
الصبي: ما زال لديك رصاصة باقية.
الرجل: لن نأذي الكلب. اعدك بذلك. لن نقتله ولن نأكله ايضاً.
الصبي (متحمساً إلى درجة كبيرة، غير خائف) ربما سيأكُلنا هو.
الرجل: اشك في ذلك إلى درجة كبيرة.
الصبي: هل يمكننا البحث عنه؟
الرجل: لقد اختفى، هل سترتاح؟
خارجي. شارع في الضواحي – نهاراً
يسيران عبر شارع في الضواحي كان يوما ما غني بالأشجار على جانبيه إلا أنه الآن بات ضحلاً مجدباً وبدلاً من الحقول الأمامية المزروعة وصناديق البريد وأسيجة الأوتاد والشرفات والأرصفة المجنونة، بدلا من كل هذا رماد وغبار.
يقف الأب خارج بيت من بيوت الضواحي النموذجية بباحة ميتة مشققة حيث كان المرج قائماً وعامود علم خالٍ. ينظر الصبي نحو الرجل متسائلاً.
الصبي: ما هذا المكان، يا بابا؟
الرجل: إنه المنزل الذي نشأت به.
يصعدان نحو المنزل. – ألواح من الخشب أخذت تتحول إلى حطب للنيران تاركة عضادات وتمديدات عارية. يتوقف الصبي ممتنعاً عن الاستمرار فيأخذ الرجل بضع خطوات ثم يستدير ليطمئن عليه.
الرجل: انت، آت؟
الصبي: لا أريد ذلك.
الرجل: الا تريد ان ترى اين نشأت؟
الصبي: ربما يكون هنالك أحد هناك.
الرجل: ليس هنالك أحد الآن.
يأخذ الرجل يد الصبي ويقتربان من عامود كرة سلة امام المرآب. تغلب الرجل العواطف عندما يتذكر التفاصيل. ولكنها لا تعني شيئاً للصبي.
بعد برهة من الزمن يصعد الرجل السلم – خائفاً، ولكنه متابع بشكل رهيب. يتبعه الصبي متعصباً.
الصبي: انا خائف.
الرجل: لابد من أن نجد شيئاً نأكله.
الصبي: انا لست جائعاً. انا لست كذلك.
يتناول الرجل مسدسه من حزامه ويقترب من الباب الأمامي، فيدفعه بحذر ليفتحه.
الرجل: سنكون بخير. تعالى.
يدخل عبر الباب الأمامي – يبقى الصبي حيث هو، متجمداً من الخوف. يلاحظ الصبي وهو يحدق بالحديقة حيث تأخذه حشريته وجود كلب لعبة في النافذة، يدخل الصبي إلى الداخل بحذر.
داخلي. غرفة طعام/منزل – مساءً
تمزقت الواح خشب الصنوبر الموجودة على الجدران. هنالك بعض الفرش المكسور ولكن الكثير منه أخذ كحطب لإشعال النار. يذهبان باتجاه المدفأة ويتفحصها الرجل. يمرر أصابعه على السطح حيث كانت هنالك زخارف قديمة ما زالت معلقة بالخشب. يأخذه الحنين إلى الماضي فيسيطر على خوفه.
الرجل: هنا كنا نحتفل بعيد الميلاد عندما كنت صبياً. ونعلق جواربنا هنا بالضبط. يتفحص الرجل المحيط ذو اللون الأصفر.
يراقبه الصبي وكأنه قد أصيب بمس من الجنون.
الرجل: كانت والدتي تحف هذا يومياً.
ما زال خالياً من البقع.
قطع العديد من الأعمال الخشبية وألواح الأرضية ليستخدم كخشب لإشعال النار – هنالك فجوات حفر. وبالقرب من المدفأة كومة صغيرة من العظام .. و… في الشبكة هنالك المزيد من العظام المحروقة وجمجمه لقطة العائلة. تتحول الصورة في نفس الرجل إلى حزن ولكن الصبي لا يتأثر.
الرجل: هل تريد ان تنتظر في الخارج؟
يهز الصبي رأسه بحماس.
الرجل: حسناً.
يمسك الصبي بيده ويقوده إلى الخارج.
خارجي. شرفة/منزل – نهاراً
يدخلان إلى الشرفة.
الرجل: اجلس هنا على الحافة ولا تذهب.
يجلس الصبي بهدوء ويعود الرجل إلى الداخل. بعد برهة من الزمن يبدأ في البحث داخل حقيبة الكتف الخاصة به، وقد بات أقل خوفاً من ذي قبل.
داخلي. منزل قديم – نهاراً
الواح الأرضية تطقطق بشكل مرعب، والخزن خلعت وجوهها.
يزحف نحو غرفة المعيشة. تمزقت الأغطية الخشبية من على الحيطان. وعلى رف في الشباك أوعية فاكهة محفوظة مليئة بالغبار. يتناول برطمانا ويتمكن من فتح الغطاء فيجد طبقه مزيتة من المخاط الأسود عائمة على السطح. مثل نقاط عش الغراب. يشمّها ليتفحصها ويرفعها نحو الضوء.
وفي الضوء يرى بقع تشبه سنارة السمك السوداء على سطح البرطمان تتحرك نحو القاع. يعيد الغطاء إلى مكانه مرعوباً.
خارجي. ردهة/منزل قديم – نهاراً
يجلس الصبي على درجات الردهة يرسم بأقلام التلوين على صحيفة كانت في حقيبته. وعبر الشارع كان هنالك منزل كبير قديم آخر، معظم ألواح الخشب مفقودة. ملفوفة في عليقة ميتة – ينظر الصبي فجأة إلى أعلى ويحدق بها مشتّت الأفكار.
خارجي. الساحة الخلفية – نهاراً
يأتي الرجل إلى الخارج ويشاهد الساحة الميتة، وادوات الحديقة: مجرفة ورفش وبعض شجرات التفاح الميتة. يتجه إلى المكان حيث يتفحص الأرض المليئة بالرماد فيحفر حول المكان ليخرج بضع تفاحات صغيرة، لونها بني غامق مدفونة بين الواحدة والأخرى بضع اقدام. ينحني ويلتقط واحدة؛ يتفحصها، ويشمها. يجمع التفاح الغريب ويضعه في جيوبه.
خارجي. ردهة/منزل قديم – نهاراً
ما زال الصبي يحدق في المنزل على الناحية الأخرى من الطريق فيلاحظ وجود وجه شبحي، ثابت تماماً في شباك.
يسقط الصبي صفيحة الرسم واقلام التلوين ويقف، متفاجئاً، غير مصدق عينيه – إنه وجه طفل صغير تقريباً من نفس عمره، يختفي تقريباً بشكل مباشر متراجعاً نحو الظلمة مثل شبح.
داخلي غرفة المؤونة/ منزل خشبي – نهاراً
الرجل في غرفة المؤونة المخفية يجد بضع حبات زبيب مخبأة وقعت واختفت في خلفية الرف. يضعها في منديل يلفه ويضعه في جيبه يسمع:
الصبي (يصرخ) توقف – توقف!
يتجمد الرجل، ثم ينطلق خارجاً.
خارجي. ردهة/منزل خشبي – نهاراً
يركض الرجل إلى الخارج ويحدق خائفاً باحثاً عن ابنه – لقد اختفى.
خارجي. منزل مقابل – نهاراً
ركض الصبي عبر الطريق نحو منزل آخر.
من منظور الصبي – يتلصص على جانب المنزل فيجد صبياً صغيراً آخر، نفس عمره، ويشبهه بالكآبة والسقم، يلبس سترة صوفية.
يختفي الصبي الصغير الآخر أسفل الجانب ويركض الصبي خلفه.
الصبي: انتظر! ارجع! لن أوذيك!
خارجي. ساحة خلفية – نهاراً
يركض الصبي نحو اسفل الساحة حيث هنالك العديد من بقايا حدائق الضواحي، قاطع عشب مغبر، خيوط ثياب، خيمة صغيرة، دراجة بلا أطر.
الصبي: اين انت؟
يقفز الرجل آتيا من جانب البيت ويمسك بذراعه.
الرجل: ماذا تفعل؟ بحق الجحيم ماذا تفعل؟
الصبي: هنالك صبي صغير، يا بابا، رأيت صبياً صغيراً.
الرجل: ليس هنالك ولد صغير. ما بالك؟
الصبي: نعم هنالك! لقد رأيته! صبي تماماً مثلي.
يأخذ الرجل الصبي من ذراعه ويجره إلى الخلف عبر الساحة، فوق جانب المنزل، الصبي يقاوم وهو يصرخ وينظر إلى الخلف كل الطريق.
الصبي (متابعاً) لماذا؟ لماذا لا استطيع الذهاب لرؤيته؟
خارجي. منزل – نهاراً
يحفر الصبي بقدميه امام المنزل متشبثاً بينما يجره الرجل ليتحرك وقد امتلأت قدماه بالقاذورات.
الصبي: انا محتاج لرؤيته! انا محتاج لذلك!
الرجل: لماذا؟
الصبي: انا يجب ان أفعل!
يتخشب الصبي وهو يبكي بمرارة مقاوماً الانتقال.
يستسلم الرجل ويقرفص بالقرب من الولد المتأوه.
الرجل: حسناً، انا آسف. أنا أفهم.
يمسك به، يمسح دموعه من على خديه.
خارجي. شارع في بلده / ممر فوقي – مساءً
تحت الضوء الخافت يصادفان سيارة شيفروليه موديل قديم مهجورة تحت الممر.
الصبي: بابا؟ هل سيكون هنالك اولاد آخرون مثلي عند الشاطئ؟
الرجل: آمل ذلك.
يذهب الرجل نحو السيارة يمسح الغبار الكثيف على الزجاج ويختلس النظر إلى الداخل – إنها خالية.
داخلي. سيارة الشيفروليه – (مخيم 9) – ليلاً
يحاولان الاسترخاء على المقاعد الجلدية وقد فرش الرجل الغطاء الصوفي عليها ويحمل الصبي إلى الداخل. يهدآن برهة من الزمن وهما يراقبان الظلام وقد بدأ يهبط.
ثم:
الرجل: احضرت لك شيئاً.
يخرج الرجل من جيبه واحدة من التفاحات القاسيات الصغيرات البنيات اللون ويحملها إلى أعلى حيث بقية من نور.
الصبي: ما هذه؟
الرجل: انها تفاحة.
يناولها للصبي الذي يتفحصها باهتمام. يأخذ الرجل سكين جيب ويستعيد التفاحة، يقطعها نصفين ليظهر الداخل الخشبي البني.
ينظران إلى التفاحة الخشبية بريبة، يأخذ الرجل قضمة بصعوبة.
يقضم الصبي نصفه وعلى وجهه علامة إزدراء.
الرجل (متابعاً) مصّها قليلاً وستصبح أكثر طراوة. يجلسان ويأخذان في مص ومضغ التفاحة القديمة.
الصبي: هل صدف وكان لك أصدقاء؟
ينظر الرجل نحو الصبي – مستغرباً من السؤال المفاجئ.
الرجل: نعم كان لي.
الصبي: العديد منهم؟
الرجل: نعم..
الصبي: هل تتذكرهم.
الرجل: نعم. أتذكرهم جميعاً..
الصبي: ماذا حدث لهم؟
الرجل: ماتوا.
لاصبي: كلهم؟
الرجل: نعم. كلهم.
خارجي. محيط مديني (صور مركبّه) نهاراً
يأخذ الرجل والصبي طريقهما خارج المدينة المهدمة.
الرجل (صوت خارجي) إنه يتوق لأصدقائه ويتخيل كيف ستكون الاشياء مختلفة عند الشاطئ – وانه سيكون هنالك صبيان آخرون هناك .. وعندما لا أجد نفسي أملك شيئاً آخر، أحاول ان أحلم أحلام تخيلات الطفل…
خارجي. طريق منعزلة – نهاراً
يسير الرجل والصبي فوق طريق منعزل كان يوماً أرضاً زراعية ما زال يقف بها مخزن علف الحيوانات الضخم.
الصبي: هل تعرف اين نحن يا بابا؟
الرجل: اعتقد اننا على بعد 300 ميل من الشاطئ. كما يطير الغراب.
الصبي: «كما يطير الغراب»؟
الرجل: هذا يعني. التحرك على خط مستقيم.
(من منظور الرجل) – في الخلفية شيء يلفت نظره.
فيركز عليه: إفريز من الرؤوس البشرية مجففة بتكشيرة فم مشدوده وعيون متقلّصه، مستقرة على خوابير خشبية بعضها موشوم بأهداف وشعارات. والبعض الآخر منزوع الجلد، وعليه علامات وكلمات موضوعة مدموغة في الحبر داخلها. احدهم له علامات خياطة جرح محفورة عليها طبعة زرقاء تدعو لاجتماع.
الصبي: لا يوجد اي غربان اليس كذلك؟
مجرد في الكتب.
الرجل: نعم، مجرد في الكتب…
يحدق الرجل في الرؤوس بينما يتابع الصبي محادثته، مشوّشاً فلا يرى الرؤوس.
الصبي: هل تعتقد انه يمكن وجود غربان في مكان ما؟
الرجل: لا أدري…
الصبي: ولكن ماذا تعتقد؟
الرجل: اعتقد انه من المستبعد…
يتابعان السير والكلام، الرجل متجهم الوجه ولكن الولد مركز حول ما ينتظره.
الصبي: هل يمكن ان يطيروا إلى مارس أو أي مكان آخر؟
الرجل: كلا، لا يستطيعوا الطيران لمارس.
الصبي: لأنه بعيد جداً؟
الرجل: نعم
يسرِّع الرجل بلباقة الصبي بيد موجهة نحو الغابات وبعيداً عن الطريق.
الصبي: ماذا إذا حاولو و – و – و – وصلوا إلى منتصف الطريق او شيء كهذا ثم تعبوا جداً؟ فهل سيسقطون إلى الأسفل؟
خارجي. حافة الغابة – مساءً
عند حافة الغابة يتوقف الرجل والصبي ليتفحصا آثار الأقدام في الثلج.
ينصت الرجل ويسمع: الضربات المنخفضة لطبول الثيران عن بعد. ينظر نحو الصبي المرهق لحظة.
الرجل: لا نستطيع العودة على الطريق.
الصبي: لماذا، يا بابا؟
الرجل: اعتقد ان احدهم قادم.
يحدّق الصبي في الآثار. يحدق الرجل في كلتا الإتجاهين، متفحصاً الطريق عن بعد. يتحرك بضع خطوات فيلاحظ وجود لفاح رقبة احمر رفيع مربوط إلى شجيرة صغيرة. يخطو بضع خطوات ومن خلال فجوة بين الاشجار يرى ارضاً مقطوعة الشجر – ثلج وبقعة دم واثار اقدام حمراء، الثلج المجمد ملطخ بالدم مثل الشراب. ارض قاتلة.
الصبي: هل سيرون آثار اقدامنا؟
الرجل: سنغطيها.
يبعد الرجل الصبي ويلبط الثلج فيغطي آثارهم. ثم يفرد ثلجاً جديداً يأخذ اتجاهات شتى. يقلده الصبي تاركا آثاره في متاهة محيّرة، يركضان بعيداً ويبقيان على تواز مع الطريق ولكن بعيداً عنها.
خارجي. ارض مرتفعة – مساءً
يصل رجلان على الطريق يبحثان خلسة عن ما حولهما. انهما ملتزمان بنوع من انواع الجيوش. يلبسان نفس رباط العنق الأحمر ويحملان نفس السلاح. يفتشان عن ما ينهبانه.
برؤية أوسع – نرى على بعد 30 قدماً، الرجل والصبي مختبئين بين الأشجار وهما مقرفصان داخل غطاء صوفي، يراقبان.
يتوقف الملتزمان وينظران حولهما، وكأنهما يحسان بوجود الصبي والرجل – اللذان تجمدا، خائفان من التنفس. الرجلان الملتزمان يتنشقان الهواء بعنف كمن يهدد الآخرين.
أحدهما يسير نحو حجر على جانب الطريق، ينحني ويبدأ في شحذ رمحه الذي صنعه من رفاص سيارة قام بتجليسه لهذا الغرض. يراقب الرجل والصبي بعيون مفتوحة.
وفيما بعد يسير الملتزمان نحو الطريق.
الصبي: ماذا ستفعل؟
لا جواب
خارجي. في عمق الغابة – (المخيم 10) – مساءً
هنالك بساط كثيف من الثلج الرمادي. يضع الرجل مشمعاً على الأرض وحرامات صوفية فوقه.
ويسقط مزيد من الثلج الرمادي من السماء المعكرة. وصوت فجائي يقلق الرجل، انه صوت تقطيع خشب – هذه المرة قريب جداً.
ينظر حوله عندما يرى:
خارج من لا مكان غصن شجرة يبحر إلى اسفلها، بالكاد يخطئهما ويستقر على الأرض بصوت قوي على بعد بضعة أقدام.
الرجل: تحرك بسرعة!
يحاول أن يوقف الصبي على قدميه ولكنها مشلولة وهو يحدق حوله ضائعاً تعباً.
يسمعان صوت صدمة ثم قصف الخشب وهو يصفع الأرض وتبدأ الشجرات بالانحناء من حولهما. يمسك الرجل بالصبي ويركض بأسرع ما يمكن عبر الثلج والأشجار المتساقطة. لقد تركا حراماتهما والشمع وحقائب الظهر.
الصبي: ماذا يحدث؟
الرجل: تابع التحرك، اركض يركضان عبر الغابة ويتساقط المزيد من الأشجار واحدة بعد الأخرى، وومب، وومب، وومب، احمال ضخمة من الثلوج تتساقط من الفروع نحو الأرض محدثة صوتاً. قوياً يجعل الغابة ترتجف. يغمر الثلج الصبي فيحاول الرجل أن يخرجه ويختبئان تحت شجرة ساقطة كثيفة ليحصنا نفسيهما.
خارجي. أنبوب مجرور / سد، ثلج جاز، (معسكر 11) ليلاً
يختبئان داخل انبوب مجاري. الصبي ملفوف داخل معطف الرجل، مبلولاً يرتجف، وعيناه مفتوحتان واعصابه مشدودة متحفزاً إلى درجة كبيرة لا تسمح له بالإسترخاء والنوم.
يغلي الرجل الماء في قطعة سيارة. يتناول من جيبه المنديل المملوء بحبات الزبيب ويقدمها..
الصبي: هذا كل ما هو موجود، اليس كذلك؟
الرجل: نعم.
الصبي: لم يعد هنالك اي شيء في اي مكان.
الرجل: كلا.. يجلسان ليأكلا الزبيب، لا ينطقان بكلمة حتى ينتهيان.
الصبي: هل بإمكاني سؤالك عن امر ما؟
الرجل: طبعاً.
الصبي: هل سنموت الآن؟
ينظر الرجل نحو الصبي ثم ينظر بعيداً.
الرجل: ماذا تعتقد سيحدث؟ سوف نسقط فجأة ونموت؟
الموت جوعاً يتطلب وقتًا طويلاً. اهم ما في الأمر الماء ليوقف الجفاف.
ونحن لدينا ماء. سنكون بخير.
خارجي. ضواحي البلدة – صباحاً
اراض زراعية مليئة بالثلج صف من ابراج الكهرباء. ذات التوتر العالي متساقطة وملتوية. أمام الرجل والصبي بلدة بعيدة. الصبي اصيب بحدبه في ظهره بسبب نوبة من الجوع. كلاهما مبلل يرتجف. ينظر الرجل للصبي بحماس.
خارجي. ردهة / منزل بلده – نهاراً
يقف الرجل في الردهة الخلفية لمنزل على حافة البلده والصبي إلى جانبه وحقوق ممتده امامهما. الأرض مسطحة وميتة، سياج محطم يحيط بالمكان وفي الساحة بضع شجرات ميتة، سياج، كوخ صغير من المعدن، مشواة قديمة على الردهة مصنوعة، إسطوانة 44 جالون. يفتح الرجل باب الردهة ويسترق النظر إلى الداخل بتحفز.
داخلي. غرفة نوم/ منزل بلده – نهاراً
الرجل في غرفة النوم ينظر حولها بحثاً عن شيء مفيد. لقد جردت الغرفة، وخلع الإطار الخشبي من على النافذة، المكتب خلع وتقطع – لم يبق سوى فستان صيفي معلق خلف الباب. ينظر إلى أدراج فارغة على الأرض وخزانة قبل أن ينتبه إلى السرير.
يرف بعينيه ويتمايل برهة من الزمن يحاول ان يركز على:
من منظور الرجل – تحت الحرامات القذرة، المغبرة يبرز راس مجفف وقد رفعت الحرامات حتى الذقن وعلى المخدة خصل طويلة من الشعر المعفن.
الرجل (صوت خارجي)
كل يوم كذبة، ولكنني الآن اموت ببطء. وهذا ليس كذبة.
انا أحاول ان اجهزه لليوم الذي سأغادر به.
يمسك بالجانب الاسفل من الحرام وينفضه من على السرير تظهر جثة مجففة، يتجاهلها ويهز الحرام ويطويه تحت ذراعه. يلاحظ الولد الذي على جانبه وهو يراقبه بعيون واسعة.
الرجل (متابعاً)
لا شيء لم تره من قبل. يخرجان.
داخلي. مطبخ/ منزل بلدة – نهاراً
يفتح الرجل ويغلق خزائن خالية، صافقاً الأبواب وقد تزايدت خيبته وكاد ان يدمع من خيبة امله الآن. وكنتيجة لذلك فهو يشعر بالدوخه وعليه ان يجلس على الأرض. يجلس هناك وحده على بلاط المطبخ يفتح ويقفل قبضته ورأسه في يديه، عندما يسمع:
الصبي (منادياً) بابا!
يخرج الرجل مسدسه ويخرج، مهتاجاً ثانية
داخلي. منزل بلدة – نهاراً
يحدّق الصبي إلى نفسه في مرآة مغبرة مكسرة طويلة. وعندما يدخل الرجل يرى انعكاس الصبي وانعكاس صورته هو فيقفز.
الصبي: أنه نحن.
ينظر الصبي إلى انعكاس صورته – يبدو وكأنه رجل غريب نحيفاً بعيون عملاقة محملقة على أرجل مرتجفة.
الصبي: نحن ضعاف.
يضع الرجل الحرام على كتف الصبي.. يلاحظ وجود بيانو مغطى بالرماد والغبار. يحملق الصبي وهو يذهب نحوه، يرفع الغطاء ويعزف وتراً. تضيء عيون الصبي، وقد نوّم مغناطيسياً وحضر فوراً منتظراً سماع الوتر الثاني. يعزف الرجل وتراً آخر.
الصبي: ما هذا؟
الرجل: انه بيانو.
الصبي: لماذا يستعمل؟
الرجل: ليصنع موسيقى. هذا.. (يعزف) موسيقى. والدتك كانت تعزف جيداً.
الصبي: انا لا أذكر ذلك.
الرجل: قبل ان تولد. كان لدينا واحد مثله. كان جميلاً.
الصبي: ما الذي حدث له؟
الرجل: قطعناه لنصنع منه خشب مدفأة.
يحدّق في الفضاء. يغيب فجأة، وقد غمرته العواطف وهو يتذكر.
داخلي. المنزل الخشبي – نهاراً
عودة إلى الوراء:–
الرجل والمرأة الحامل فقط لوحدهم في المنزل، مباشرة قبل ان يولد الصبي تكسر شيء في الأثاث ليستخدم للتدفئة – هنالك قطع متكسرة عند النار وفأس كبير معلق عند جانب المدفأة.
تقف السيدة عند البيانو وتحاول ان تعزف. تعزف برهة من الزمن ويضحك الرجل ضحكة نادرة – البيانو بحاجة إلى شد فتتوقف هي عن العزف، تعزف زيادة قليلاً ولكنها سرعان ما تبدأ في ضرب المفاتيح بلا هدف تعبيراً عن يأسها. يحاول الرجل أن يجعلها تتابع ذلك حتى تتعب.
المرأة: كنت اضطرب لخوفي مما سيحدث لو كان هنالك ناراً. على ماذا سأحافظ؟ ما الذي سأتحمل فقدانه؟ كانت هنالك اشياء كثيرة، اشياء كثيرة جميلة. اشياء صنعها الناس. اشياء صنعتها الطبيعة. من كان يدري إننا سوف نخسرها كلها؟
الرجل: سوف انزع الواح خشب الأرضية.
المرأة: لا تستطيع ان تعيش بلا أرضية.
الرجل: لا تستطيعين العيش بلا بيانو. تبدأ في كشف غطاء البيانو، تفتح الغطاء، وتنزعه عن مفاصله، انه ثقيل تسلمه الغطاء الثقيل ويضعه متردداً على الأرضية.
المرأة: انه البيانو الخاص بي.
الرجل: انا اشتريته لك.
المرأة: بحاجه إلى دوزنه. من الذي سيدوزنه؟ هل تستطيع أنت ان تفعل ذلك؟
ينظران إلى بعضهما البعض بحزن. يأخذان القطعة الأمامية بعيداً ويتركانها. تلتقط المرأة الفأس وتناوله إياه. فيرفعه ويضرب اللوح.
(نهاية العودة إلى الوراء)
خارجي. ساحة – نهاراً
يسير الرجل نحو الخيمة الصفيح متجاوزاً العشب الميت.
يتوقف فجأة. ينصت لما حوله قليلا. يتابع نحو الكوخ. بالقرب من الكوخ عربة حديقة صناعية مركونة. يعاود الرجل الظهور والرفش في يده.. يحفر بالرفش العشب الميت فيسمع صوته يصل إلى ما هو خشبي. يحفر اكثر بحماس، ويتعب متزايداً حتى يظهر له باب في القاذورات.
كان مستغرقاً إلى درجة كبيرة بحيث لم يلاحظ وجود الصبي واقفاً على بعد بضع خطوات يراقبه بعيون مفتوحة خائفة.
الصبي: لا تفتحه يا والدي.
الرجل: سيكون الأمر بسيطاً.
الصبي: رجاء يا بابا، رجاءً.
الرجل: لا بأس.
الصبي: كلا إنه ليس كذلك! ماذا لو كان هنالك اناس مختبئين في الأسفل؟
يتجاهله الرجل، مركزاً على قطع الخشب حول القفل، يحضر المجرفة من احد الزوايا ويرفع الباب ليفتحه. يضع الصبي قبضته على صدره مضطرباً يهتز إلى أعلى واسفل من الخوف.
ينزل الرجل على سلم خشبيٍ مصنوع باليد نحو المخزن.
يتناول من جيبه ولاعة رخيصة اخرى ويقبل الصبي في جبينه ثم يختفي إلى داخل المخزن، تاركا الصبي مضطرباً يحملق وراءه. ينظر الصبي حوله في الساحة المهجورة بينما يحل المساء وهو يزداد خوفاً عن ذي قبل.
الرجل (يصرخ) يا إلهي … يا إلهي!
الصبي: ماذا هنالك، يا بابا؟
الرجل (يصرخ) إنزل. يا إلهي إنزل.
ينزل الصبي إلى الحفرة وعلى السلم كالبرق.
داخلي. المخزن – (المخيم 12- مساءً
يحدث الصبي جلبة وهو يهبط السلم. ينهمك الرجل في إضاءة الشمع.
الصبي: بابا؟ ماذا وجدت؟
الرجل: كل شيء. وجدت كل شيء.
في داخل المستودع خزين من الأقفاص المتراصة فوق بعضها وفي داخلها بضائعً معلّبة: طماطم، دراق، فاصوليا، مشمش، لحم خنزير معلب، لحم بقر معلب. مئات الجالونات من الماء في علب صفيح ومناشف ورقية في صناديق، ورق حمامات وأكياس زبالة مكدسة مع حرامات. يأخذ رجل يد الصبي ويساعده على النزول ثم يعاود الصعود إلى أعلى السلم ويغلق الباب ويدخل زوج من الكماشات المعدنية في المشبك الداخلي الثقيل ليمنع فتح الباب. يعاود النزول على السلم نحو الصبي ويمسك شمعة لينير الأرفف.
الرجل: هل بإمكانك أن ترى؟
الصبي: ما كل هذه الأصناف؟
الرجل: انها طعام! هل تستطيع قراءة العناوين؟
يحدّق الصبي بالتغليف ذي الألوان البراقة، لم ير في حياته شيئا مثلها من قبل. يناول الرجل الصبي علبة صفيح.
الصبي: «أجاص» هذا ما هو مكتوب «أجاص»
الرجل: نعم! انها كذلك! آه نعم انها كذلك! اجاص!
يقومان بتفتيش الأرفف: فلفل حار، ذره، يخنة، شورباء، مرقة السباجيتي، عيون الصبي مفتوحة كالأطباق.
الصبي: هل هذا حقيقي؟
الرجل: آه نعم، انها حقيقية تماماً.
يشد الرجل علبة ولاعات غاز من على الرف ويجرب واحدة فلا تشتعل. يأخذ واحدة أخرى ويجربها فتشتعل، وشعلتها كبيرة – يستخدمها في قراءة العناوين.
الصبي: لماذا هي هنا؟
الرجل: لأن أحدهم ظن أنه سيحتاج إليها.
الصبي: ولكنهم ماتوا.
الرجل: نعم. ماذا تحب أن تتناول كأفطار.
الصبي (مفكراً) أجاص.
الرجل: أجاص سيكون.
يفتح الرجل صندوقاً ويخرج منه صفيحة أجاص. يتناول أوعية كرتونية من علبتها وشوكا بلاستيكية وملاعق يضعها جميعها. يجد مصباح مخيمات. يضع به عبوة غاز ويشعله. يجد فتاحة علب ويفتح الأجاص بينما يراقبه الصبي بهدوء وهو يلف نفسه بحزام ويجلس على سرير مبيت ناعم.
الصبي: هل مسموح لنا أن نأخذه؟
الرجل: هم يريدوننا ان نفعل ذلك.
يملأ الرجل طبقين من الأجاص ويجلسان جنباً إلى جنب على السرير مع الملاعق والاجاص.
الرجل: ستكون هذه افضل اجاصات تناولتها في حياتك.
الأفضل.. انتظر فقط.
يأكلان بصمت يلحسان الملاعق ويشربان العصير من السلطانيات. يتحسس الرجل داخل فمه بأصابعه – فالسكر يحرك الم السن الملتهب.
الرجل: (متابعاً) حلو جداً.
يبتسم الصبي، جزلاً، ويفتح الرجل علبة أخرى.
داخلي. مستودع – (مخيم 12) – مساءً
لحم خنزير وبودرة بيض تقلى في مقلاة على بوتاغاز المخيم.
ابريق الماء الساخن يغلي على عين اخرى من عيون البوتاغاز.
الصبي لا يفعل سوى التحديق في الطعام المغلي بينما يقوم الرجل بالطبخ. وبالقرب من هذا وضعت مائدة افطار على كدسة من الصناديق وكأنها بار افطار: بسكويت طبق من الزبدة، حليب مركز، ملح وبهار وأدوات أخرى.
يتناول الرجل المقلاة ويأخذ بالشوكة كمية من لحم الخنزير ويضعها على الأطباق ثم يضع ملاعق مليئة بالبيض المخفوق من مقلاة أخرى، ثم فاصوليا مخبوزة بالفرن من حلة صغيرة.
يأخذ الصبي بالحملقة وكأنه مخدر، غير مستوعباً موضوع الطعام المنهمر عليه.
الرجل: ابدأ. لا تدعه يبرد.
الصبي: ماذا آكل اولاً؟
الرجل: اي شيء تحبه. يأكل الصبي لحم الخنزير بينما يقوم الرجل بسكب القهوة.
الصبي: هل هذه قهوة؟
الرجل: هذا صحيح. انتبه إنها ساخنة. يناوله قهوة.
الصبي: نحن انجزنا شيئاً جيداً. اليس كذلك يا بابا؟
الرجل: نعم. نحن قمنا بفعل جيد.
داخلي. المستودع – (المخيم 12) – ليلاً
يضع الرجل الصبي في سرير المبيت ويملس شعره الأشعث برقة، مبتسماً باسترخاء، إلى ان يغلق الصبي عينيه وينام. يغطي الصبي بحرام ويقبله. يجلس فقط مراقباً الصبي النائم، وقد شعر فجأة انه على وشك البكاء.
داخلي. مستودع – (مخيم 13) – ليلاً
يطوي الرجل ملابس الصبي الصغيرة الحجم ويلاحظ امتلاء جيوب بنطاله. يقوم بتفريغها، فيجد كومة صغيرة من المجموعات التي احبها: حجر ناعم، رخامة، مفتاح منزل قديم، اغطية زجاجات، رأس سهم هندي صناعة يدويه ناعمة مصنوع من الحجر، اخيراً قطعة مكسورة من مشط امرأة محلى باللؤلؤ.
وعند مكان مبيت الصبي يفتح رسماً بالألوان كان يعمل عليه فيتفحصه، ويتأثر كثيراً.
من منظور الرجل – رسم طفولي غريب لأمرأة، رفيعة كالعصا ولكن، ما لا يمكن تفسيره، وجه مشرق مبتسم وعينان كبيرتان ضاحكتان وعنوان بسيط «امي» بخط عنكبوتي.
تتلاشى تدريجياً الموسيقى الكلاسيكية وندخل إلى:
داخلي. مسرح – مساءً
عودة إلى الوراء:–
لقطه مقربة على ساقين تلبسان كلسات طويلة، فستان صيفي، يدا امرأة يمسكان يدي رجل في حضنها. يتلمس الرجل اعلى الكلسات بأصابعه.
لقطة موسعة – الرجل والمرأة في حفلة موسيقية في المسرح.
تلبس المرأة مشط الشعر المحلي باللؤلؤ. المقاعد مخملية والصناديق موشاة بالخيوط الذهبية، عالم مضيء غني.
نهاية العودة إلى الوراء
داخلي. مستودع – (مخيم 12) – صباحاً
يستيقظ الصبي بعيون دامعة وفوراً يلاحظ بعثرة مجموعته حول السرير.
يلبس الرجل ملابسه بقربه بينما يبدأ الصبي في تجميع مجموعته غاضباً أو ربما هو خجلاً ويحاول خاصة حماية رأس الرمح الهندي. ينظران إلى بعضهما البعض.
الرجل: ماذا؟
الصبي (يراوغه مستاءً) لا تمسك أغراضي.
خارجي. حقل – فجراً
يفتح الغطاء ويظهر وجه الرجل، وهو ينظر حوله، فتح الغطاء اكثر ويصعد إلى الخارج حاملاً صفيحتين مملوءتين بالماء، الساحة هادئة. بعد ذلك، يظهر وجه الصبي ينظر حول المكان. يخرج حاملاً وعاءً كبيراً وموقد مخيمات.
داخلي. حمام، منزل بلده – فجراً
يفرغان المياه في الوعاء الكبير ويشعلان الموقد ويضعان الوعاء عليه لتسخين المياه.
داخلي. حمام، منزل البلده – فجراً
الصبي داخل الحمام قذراً يرتجف بينما يقوم الرجل بغسله، يحفه بالصابون ويخرج طبقه من الوسخ المزيت عن رقبته الوسخة ليظهر جلداً نظيفاً باهت اللون تحتها.
الرجل: ماذا تعتقد؟
الصبي: شيء لطيف ودافئ.
يغسل شعر الصبي ويسكب الماء عليه بالوعاء. تخطر له فكرة مفاجئة:
قطع إلى
داخلي. حمام/المنزل الخشبي – نهاراً
عودة إلى الوراء:–
يراقب الرجل من الممر دون ان يرى المرأة وهي تغسل برقة شعر الصبي – ربما هو اصغر بعام من بداية الفيلم – تبدو مأخوذة بالعملية، مستمتعة، متحدثة مع الصبي في تلك اللحظة دون ان تشعر بأي عبء.
تدخل اصبعها في أذني الصبي وتنظفهما جيداً بالصابون ما يسعده جداً.
المرأة: باستطاعتك ان تزرع بطاطس في هاتين الاذنين.
داخلي. حمام، منزل بلده، نهاراً
نهاية العودة إلى الوراء- الآن الرجل في البانيو كذلك وسخ جداً، مأخوذ بأفكاره وهو يغسل نفسه بالصابون الصبي يساعده.
داخلي. حمام – منزله بلده – نهاراً
يشذّب الرجل ذقنه بالمقص امام مرآة. يغطيها بكريم حلاقه ويبدأ في الحلاقة بموس بلاستيك آمن، عندما ينتهي الرجل يستدير نحو الصبي. ماسحاً الرغوة.
الرجل: كيف أبدو؟
الصبي: غريباً. ألن تصاب بالبرد؟
داخلي. حمام، منزل بلده – نهاراً
الآن يقص الرجل شعر الصبي بمقص مطبخ ومشط بلاستيك.
يضع الصبي منشفة حول كتفيه وخصلات الشعر الطويلة تزينها. ينتهي الرجل، يأخذ المنشفة بعيداً، يمسح رقبة الصبي ووجهه بقطعة قماش قطنية، يحمل مرآة امام الصبي ليرى نفسه.
الصبي: ابدو مضحكاً.
داخلي. مستودع – (مخيم 12) – صباحاً
يجلسان على السرير وبينهما رقعة الشطرنج يشربان شوكولاتتهما الكثيفة المصنوعة من الحليب المركز الموضوعة في كؤوس بلاستيكية ويركزان على اللوحة، انهما متعبان جداً، وبناطيلهما الجينز تجف في الخلف على حبل. كلهما يلبسان قمصاناً صوفيه اكبر من حجمهما استوليا عليها من المتاجر. يتابع الرجل الصبي بنظرات محبة، وهو منهمك في رقعة الشطرنج.
خارجي. حقل – ليلاً
مطر ثقيل يضرب الحقل الذي فاض بركاً بماء المطر.
داخلي. مستودع – (مخيم 12) – ليلاً
اخرج ربعا جديدا من الويسكي من علبته الورقية التي حفظ بها.
سكبت الويسكي في كأس بحجم مناسب.
لقطة أوسع – احتفال آخر وضع على المائدة، لحم خنزير وبودرة بطاطس مسحوقة وبسكويت ومرق لحمة.
يأخذ الصبي بتناول الطعام بينما يسكب الرجل الويسكي.
يتوقف الصبي عن الأكل ليراقب الرجل وهو يشرب الويسكي.
تلمع عيون الرجل وهو يرشف المشروب القوي الذي ادار رأسه.
الصبي: الا يمكنني ان اتذوق قليلاً؟
الرجل: كلا، لن تحبه. يجعلك تشعر بأنك مضحك.
يحملق الصبي، راغباً في التجربة وفي الحصول عليها.
الرجل (متابعاً) تعتقد انني آت من عالم آخر اليس كذلك؟
مملوء بكل غرائب الأمور التي لم تتح لك رؤيتها.
الصبي: تقريباً.
الرجل: حسناً. أنا أفعل ذلك كما أظن.
خارجي. حقل – مساءً
يقف الرجل في منتصف الحقل يسعل كل ما في معدته من المطر المظلم – مرة ثانية سعال رطب مليء بالبلغم. ينحني، متعرقاً، مستمعاً، مدركاً أن هذا صوت سائل في الرئتين.
وخلال إنصاته يسمع شيئاً فوق المطر – يستمر في تبديل توجهه وكأنه يسمع اصواتاً مختلفة من اتجاهات مختلفة. وبالرغم من ذلك فهو ينظر متحفظاً حوله، ثم يذهب نحو الشرفة ويجر فرشة قديمة نحوه عبر العشب الميت نحو الغطاء.
يضعها لتغطي منتصف مسافة الغطاء ويحبو عبرما تبقى من فجوة ويرفع الفرشة ما تبقى من طريق فوق الغطاء، ثم يشد الغطاء فيغلقه بالفرشة القديمة الممدوده عليه. انها تبدو كفرشة قديمة ملقية على حقل في المطر.
داخلي. مستودع – (مخيم 12) – فجراً
يستمع الرجل إلى صوت رذاذ المطر ويسمع صوتاً آخر .. شيء ما او واحد ما يرسل حفيفاً حول الفرشة في الأعلى. يسمع صوت الفرشة تشد بعيداً عن الباب. يسمع صوت حك وحفر على الباب فيتجمد، محدقاً في القفل، منتظراً الذي لابد منه .. يخرج المسدس بهدوء. ينظر الى الطرف الآخر فيرى الصبي وقد استيقظ فاتحاً عينيه محملقاً.
الصبي: ما الأمر؟
الرجل: ش ش.
الصبي (يوشوش) ربما هو كلب.
الرجل (موشوشاً) إنه ليس كلباً.
الصبي (بالكاد يستطيع الوشوشة) إنه كذلك! إنه كلب! كلب!
يسمع الرجل متحفزاً بينما الخربشة والحك يستمران.
الغابة التي فوق المستودع تضخم الصوت. يجهز المسدس ويقف تحت الباب جاهزاً.
الرجل: إذا كان كلباً فسيكون مصطحباً مع أحد.
الصبي: من؟
الرجل: لا أدري. بعد لحظة من العذاب يختفي الصوت.
الرجل (متابعاً) انا لن انتظر لأكتشف الأمر، تعال. دعنا نخرج من هنا.
الصبي: انا لا أريد الذهاب.
الرجل: اعلم ذلك ولكن المكان لم يعد آمناً.
يمسك الرجل ببندقيته ويجهزها، ويتراكض مطفئاً كل الأضواء، ويجلسان متحفزين في الظلمه.
خارجي. حقل – صباحاً
يبدأ الرجل بتحميل علب الصفيح والرزم في علب من الكرتون.
يجمع زوج من صفائح الماء. يساعده الصبي.
الصبي: ماذا ستفعل بكل هذه الأشياء؟
الرجل: علينا أن نأخذ كل ما نستطيع أخذه
الصبي: اتمنى لو كان باستطاعتنا الحياة هنا. وكنا سنستطيع ان نحتفظ بالكلب والكلب سيلتقط لنا الطعام.
الرجل: انظر، ليس هنالك اي كلب، موافق؟ انا آسف ولكن ليس هنالك فعلاً.
الصبي: حسناً ما هذا إذا!
الرجل: لا أدري ما هو!
الصبي: ارجوك يا بابا.
الرجل: كلا.
الصبي: قل لي من فضلك ان الأمر سيكون جيداً، يا بابا.
قل ذلك – مجرد قل ذلك من فضلك
لا يدري الرجل ماذا يقول، وقد نفذ صبره.
الرجل: اسمع، المشاكل تأتي من المكان الذي لا تتوقعه ابداً. وإذا فأفضل الأشياء التي علينا ان نقوم بها هي ان نتوقع هذا غير المتوقع.
الصبي: هل دائماً تتوقّعه يا بابا؟
الرجل: انا افعل ذلك، نعم.
الصبي: انت دائماً تفكر ان اشياء سيئة ستحدث ولكننا وجدنا هذا المكان، ربما نجد مكان آخر مثل هذا عند الشاطئ.
الرجل: ربما. يضع الرجل صندوق الأكل على الأرض ويلف واحداً آخر. منظماً صفائح الماء.
خارجي. حقل – صباحاً
عربة نقل الحاجيات معبأة ومغلفة بالغطاء المشمع.
الصبي: ماذا تفعل؟
الرجل: علينا ان نغطي آثار أقدامنا من الآن فصاعداً.
يجر الرجل الفرشة القديمة عائداً فوق المدخل عند المستودع. ويغطي بحذر المنطقة المحيطة بالأنقاض.
خارجي. نهر – نهاراً
يجر الرجل العربة الجديدة عبر جسر من تحته مياه سوداء جامدة. العربة الآن محملة بصفائح الماء الطازجة وصناديق مملوءة بعلب متعددة من الطعام ومؤونه على قدر المستطاع.
يلحقهالصبي وراءه. انهما يشكلان مشهداً غريباً، ملابس نظيفة، حلاقة نظيفة، شعر مقصوص يلبسان سراويل جديدة – وكلاهما يلبسان اقنعة طبية جديدة يرفعانها عندما يتكلمان. الرجل دائم المراقبة خلفه.
من منظور الرجل : يرى لمعان الزجاج ربما زوج من المناظير تراقبهم.
يراقب الصبي بتحفز بينما يخرج الرجل منظاره الخاص وينظر عبره.
من منظور الرجل: غمزة غامضة من الضوء تختفي بسرعة.
من منظور آخر – زوج مناظير آخر، منظور مختلف كلياً.
نرى الرجل ينظر من منظاره إلينا.
الرجل: اعتقد انهم يتبعوننا.
الصبي: من؟
الرجل: لا أدري.
الصبي: اتعتقد انهم الناس الأشرار؟
الرجل: ربما.
الصبي: ماذا لو كانوا الناس الطيبين؟
الرجل: لا أعتقد أننا من المحتمل ان نقابل اناسا طيبين لفترة من الزمن. علينا أن نكون حذرين الآن. فنحن نملك الطعام.
خارجي. منعطف/ الطريق – نهاراً
وبينما هما يلفان منعطف في الطريق يريان شكل أحدب يمشي أمامهما. يتوقف الرجل فجأة، يخرج المنظار ويراقب.
من منظور الرجل – شكل أحدب يتحرك بعيداً عنهما.
خارجي. طريق – نهاراً
يصلان من خلف رجل عجوز محني الظهر، ذابل المحيا، صامت وهو يمشي متثاقلاً إلى الأمام. يلبس طبقات من الملابس الممزقة واقدامه ملفوفة بالأسمال والكرتون المربوط بخيوط القنب الخضراء. يقتربان منه ببطء ويتوقف الرجل ويستدير ويراقبهم بريبه عندما يصلون اليه.
الرجل العجوز: لا املك شيئاً لكم. باستطاعتكم النظر إذا اردتم. ليس لدي شيء.
الرجل: نحن لسنا لصوصا.
يدير الرجل العجوز اذناً إلى الأمام. فهو اصم.
الرجل العجوز: ماذا؟
الرجل: قلت لك نحن لسنا لصوصا.
الرجل العجوز: ماذا أنتم؟
الرجل: نحن مجرد مثلك.
الرجل العجوز: لماذا تتبعانني؟
الرجل: نحن لا نتبعك.
الصبي: لدينا طعام بإمكاننا منحه.
الرجل: لن نعطيه أي طعام.
ينظر الرجل العجوز بعيداً متجنبا نظراتهما.
الصبي: انه خائف، يا بابا.
الرجل: كل الناس خائفة.
الصبي: من فضلك يا بابا.
الرجل: حسناً.
ينظر الرجل إلى الطريق يميناً ويساراً، ثم يسحب مسدسه.
الرجل (متابعاً) إذا ما كان هذا فخ، فليذهب هو أولاً.
يذهب إلى العربة ويبحث خلالها بينما يحملق الصبي والرجل العجوز ببعضهما – يعود الرجل حاملا علبة من الفاكهة المتنوعة وفتاحة علب ويفتحها ويسلمها للصبي. يضع الصبي علبة الفاكهة على الطريق امام الرجل العجوز
الصبي: خذها. هاك.
الرجل العجوز لا يتحرك.
الصبي (متابعاً) ما رأيك في ملعقة؟
الرجل: لن يأخذ ملعقة.
يأخذ الصبي في حثه مشيراً بيديه وكأنه يطعم راكون.
الصبي: كلها. انها جيدة.
يلتقط الرجل العجوز العلبة مغلقاً اظافره الطويلة القذرة حولها وهو يسكبها في فمه، والعصير يجري على ذقنه ورأسه يهتز وهو يبلع.
الصبي (متابعاً) انظر، يا بابا، إنه جائع.
الرجل: ارى ذلك واعرف ما الذي ستطلب مني. والجواب كلا.
الصبي: ما هو السؤال؟
الرجل: لا نستطيع ابقاءه معنا.
يراقبانه وهو يأكل متألماً وببطء. ينتهي الرجل العجوز ويجلس على الطريق يحمل العلبة، محدقاً بها، وكأنها ستمتلئ ثانية.
الرجل (متابعاً) متى أكلت آخر مرة؟
يحدق الرجل العجوز فقط.
الرجل (متابعاً) هل تريد ان تأكل معنا؟
الرجل العجوز: لا أدري. ماذا علي ان أفعل.
الرجل: اخبرنا إلى ماذا ذهب العالم.
الرجل العجوز: ماذا؟
الرجل: ليس عليك أن تفعل شيئاً. هل باستطاعتك المشي؟
يساعدان الرجل العجوز ليبتعد عن الطريق ويسلمانه علبته ولكنه يدفعها جانباً.
الرجل العجوز: استطيع السير.
يسيران بعيداً عن الطريق باتجاه الغابات الميته المسودة.
خارجي. غابات – نهاراً.
وبينما يتركان الطريق يدرس الرجل العجوز الصبي بعناية.
فيذهب الصبي ليأخذ يده.
الرجل (مخاطباً الصبي) لا تمسك يده.
الصبي: إنه لا يرى.
الرجل: لا تفعل.
يسير الثلاثة نحو الغابات.
الرجل (متابعاً) كم عمرك.
الرجل العجوز: انا في التسعين.
الرجل: تسعون يا خرى! هل هذا ما تقوله للناس؟
حتى لا يأذونك؟
الرجل العجوز: آه هه.
الرجل: وهل هذا يمشي؟
الرجل العجوز كلا.
الرجل: ما اسمك؟
الرجل العجوز: إيلي.
الرجل: «إيلي» فقط.
الرجل العجوز: وما المشكلة في «إيلي»؟
خارجي. ارض خالية / غابات. (مخيم 14) – مساءً
هنالك نار مخيم الآن. الرجل العجوز يجلس ملتفحاً بلحاف، يأكل بملعقة ويلحس طبقه ليتركه نظيفاً. في الأماكن البعيدة بريق خفيف من النيران. والضوء البرتقالي يدخل إلى الليل بطيئاً وكأنه شبح.
الرجل: وكيف كان ان بقيت حيًّا؟ ماذا تأكل؟
الرجل العجوز: لا أدري. الناس تعطيك اشياءً.
الرجل: كلا إنهم لا يفعلون.
الرجل العجوز: انت اعطيتني.
الرجل: انا لم افعل، هو الذي فعل.
ينظر الرجل العجوز إلى الصبي عن قرب وهو نصف اعمى.
الرجل العجوز هل انت صبي صغير؟
الرجل: كيف يبدو؟
الرجل العجوز: لا أدري. لا استطيع ان أرى جيداً.
الرجل: هل هذا صحيح؟ هل تستطيع أن تراني؟
الرجل العجوز: كلا. ولكنني استطيع أن اخمن ان هنالك أحدا.
الرجل (مخاطباً الصبي) حسناً. انت بحاجة للنوم. تعالى.
يجمع الصبي ويأخذه بضع اقدام بعيداً، ويضعه في الحرامات الصوفية بينما يحدق الرجل العجوز في النار.
الرجل العجوز: كان لي مرة صبي صغير. ذهب…
كل شيء ذهب …
الرجل: ما الذي حصل له؟
الرجل العجوز: لا أستطيع … لا أستطيع الكلام حول الموضوع..
وبالذات ليس معكم انا لا أستطيع.
وعندما يعود الرجل ومعه بندقيته التي يضعها على الأرض خلسة امام نظر الرجل العجوز
الرجل: تستطيع أن ترى هذا، اليس كذلك؟ حسناً. قل لي الآن. الست طعماً لمجموعة من عملاء الطريق؟
الرجل العجوز: انت لست شيئاً. سأذهب إذا اردتني أن افعل. استطيع ان اجد الطريق.
يحدق الرجل في الرجل العجوز بسخرية ولكن الرجل العجوز يعاود التحديق به بلا معنى.
الرجل العجوز (متابعاً) اعيش كالحيوان. لا تريد ان تعرف الاشياء التي كان عليّ ان آكلها. عندما رأيت هذا الصبي ظننت انني قد مت وكان هذا ملاكا. لم يخطر لي في بالي انني سأرى طفلاً ثانية. لم اكن لأظن ان هذا سيحدث لي.
الرجل: انه ملاك. بالنسبة لي هو إله.
الرجل العجوز: حسناً اتأمل ان لا يكون هذا حقيقياً. ان اكون على الطريق مع آخر إله حي ستكون تجربة إلى حد ما مخيفة.
الرجل: لماذا تقول هذا؟
الرجل العجوز: حيث لا يستطيع الرجال الحياة، لا يستطيع الآلهة أيضاً. ستمزقك عصابات الطريق إرباً ارب كلاكما.
تسمع قعقعة منخفضة في داخل الأرض ثانية، هزة أرضية، هذه المرة بعيداً. يسمعون برهة من الزمن.
الرجل العجوز (متابعاًً) علمت ان شيئاً كهذا سيأتي. هذا أو شيء شبيه به.
(زيادة)
الرجل العجوز (متابعاً) كانت هنالك إنذارات. ظن الناس انها كانت خدعة – كنت دائماً مؤمناً بها.
الرجل: هل جربت ان تجهز نفسك لها؟
الرجل العجوز: كلا. ماذا كان ممكن ان تفعل؟ حتى لو كنت تعرف ماذا تفعل لم تكن تعرف ما تفعل. لنفترض أنك كنت آخر رجل ترك حياً؟
الرجل: كيف يمكن ان تعرف إذا كنت آخر رجل حي؟
الرجل العجوز: لا اظن انك كنت ستعرفها. ستكون انت هو فقط.
الرجل: ربما الله يعرف.
الرجل العجوز: لو كان هنالك إله في الأعالي فسيكون قد ادار ظهره لنا الآن. من يكن صانع الإنسانية سيجد لا إنسانية هنا.
يسكب الرجل ماءً ساخناً في الكؤوس ليصنع القهوة ويعطي واحداً للرجل العجوز. يشربان.
الرجل: هل سبق وتمنيت ان تموت؟
الرجل العجوز: كلا. من الجنون ان يطلب الإنسان الرخاء في أوقات كهذه.
خارجي. حافة الغابات. (المخيم 14) – صباحاً
الصبي والرجل العجوز يقفان بالقرب من العربة. الرجل يراقب عن بعد. الرجل العجوز يضع علبة اجاص اعطاها له الصبي في شنطته.
الرجل: عليك ان تشكره كما تعلم. فأنا لم اكن لأعطيك شيئاً.
الرجل العجوز: ربما يجدر بي ان افعل أو ان لا أفعل. فأنا لم اكن لأعطيكما شيئاً.
ينظر الرجل العجوز حوله ويتوجه نحو الشرق ذاهباً يتوكأ على عصاه دون ان ينظر إلى الخلف نحو الصبي أو الرجل. يوجه الرجل نحو الصبي نظرة تعنيف ويبدو الصبي متحدياً للمرة الأولى مسافة جديدة بينهما.
الصبي: انه سيموت وانت لا تأبه في ذلك.
الرجل: انا اهتم بشكل كافٍ. عندما لا يعود لدينا طعام فسيكون لديك وقت أكثر لتفكر بها.
الصبي: انت تقول دائماً احذر الناس السيئين ولكن هذا الرجل العجوز لم يكن انساناً سيئاً ولا تستطيع ان تقول هذا مرة ثانية.
داخلي. كنيسة – (مخيم 13) – فجراً
يخيم الرجل والصبي داخل كنيسة قديمة واللون الوحيد لون الزجاج المغبر ذو الزخارف الباهته، المروعة بالوانها الأحادية.
يلتف الرجل والصبي بالحرامات وأمامهم نار صغيرة. الصبي نائم ولكن الرجل صاح يسعل. يجلس وما زال يسعل. ينهض ويسير إلى الخارج، محاولاً ايقاف السعال.
داخلي. كنيسة – (المخيم 13) – الفجر
يتجول في غرفة صغيرة، يسعل غير مرتاحاً ويجثو على ركبه في موجة من ضباب الصباح الذي يفيض على الكنيسة – ويسعل فيخرج من فمه شيء غامق اللون ذو رائحة كريهة فيبصقه على الأرض الضبابية.
من منظور الرجل – الضباب الذي امامه يصفو ليظهر قطع من الدم الغامق على الرماد الباهت، فيصدم لمعرفته بما يشير إليه هذا.
داخلي. كنيسة – (المخيم 13) – الفجر
يفتح الصبي عينيه فلم يكن نائماً، يستمع إلى الرجل الذي يسعل، مضطرباً. يعود الرجل وينظر إلى الصبي المضطرب.
الرجل: ماذا بك؟
الصبي: حلمت حلماً مزعجاً.
الرجل: عن ماذا؟
الصبي: لا أريد ان اخبرك. انت بالذات.
الرجل: ماذا جرى لي؟
وجه الصبي تجهم، وبدأ بالنحيب.
يسعل الرجل مرة ثانية فيرفع الصبي يداً ويضعها على فم الرجل ليهدأ السعال.
الرجل: (صوت خارجي) (متابعاً)
سأقول له: عندما تحلم باشياء سيئه تحدث، فهذا يظهر أنك لا زلت تقاوم. انت ما زلت حياً. ولكن عندما تبدأ وتحلم بالأشياء الحسنة فعندئذ عليك ان تبدأ بالاضطراب.
خارجي. طريق/ خط سكة حديد، اراض واسعة مسوده – نهاراً
يمشيان على قمة سوداء ملاصقة لخط سكة حديد.
ومن بعيد يظهر دخان بندقية فيتوقف الرجل والصبي وينظران حولهما. يراقب الرجل حوله غريزياً.
من منظور الرجل – يرتفع خيط من الدخان من نار المخيم خلفهم.
يلاحظ الصبي ذلك وينظر خلفه.
الصبي: هل تعتقد انهم ما زالوا يتابعوننا.
الرجل: اعتقد انهم كانوا يتابعوننا منذ فترة طويلة.
الصبي: ربما هو إيلي – الرجل العجوز؟
الرجل: وكيف؟ هل علي ظهر مقشّه؟
يفكر الصبي في هذا لبرهة من الزمن بينما يقتربان من خط السكة الحديد.
خارجي. جسر السكة الحديد، ارض واسعة مسودة (مخيم 15) مساءً
يلتف الرجل والصبي في حرامات في الأعالي فوق الصخور ينظرون برؤية عين طائر إلى الطريق وجسر السكة الحديد باستطاعتهم رؤية الطريق والاشجار الميتة لمسافة نصف ميل. الصبي مطأطأ الرأس بينما يتابع الرجل المراقبة التي سيطرت على تفكيره بشكل مرضي.
خارجي. جرف عالٍ. ارض واسعة سوداء (مخيم 16) صباحاً
اثناء هبوطهما من الجرف، يحدق الرجل في الغابات الميتة حيث ظهر عود رفيع من الدخان.
الصبي: ما هذا؟
الرجل: المزيد من الدخان. اعتقد انه علينا إلقاء نظره.
الصبي: أنا لا أريد ذلك. دعنا نتابع المسير.
الرجل: من يكونوا فأنا لا أريدهم خلفي.
الصبي: ماذا إذا كانوا أناساً سيئين؟
الرجل: ماذا اذا كانوا اناساً طيبين؟ ينظرا إلى بعضهما البعض، انهما في ورطة، يقف الرجل ويبدأ في طوي المفرش.
الرجل (متابعاً) انظر. من يكن الذي هناك فمن الأفضل ان نعرف عنه افضل من أن لا نعرف.
الصبي: لماذا؟
الرجل: لأننا لا نحب المفاجآت. المفاجآت مخيفة.
(زيادة)
الرجل (متابعاً) قد يأتوننا خلسة ويفاجئونا على الطريق. عليك ان تتعلم هذا.
يطوي الرجل المفرش وحرامات النوم ويبدأ في التوجه إلى اسفل المنحنى نحو العربة ويتبعه الصبي.
خارجي. خلاء، ارض واسعة سوداء – صباحاً.
ارض مفتوحة الآن ومتسع اسود بشكل كلي مغطى برماد كثيف. توقفا. يفتح الصبي الخريطة الملفوفة على الأرض وبيده قلم.
الرجل: هل تعرف أين نحن؟
الصبي: كلا.
الرجل: اين نحن باعتقادك؟
يشير الصبي إلى مكان على الخريطة.
الرجل (متابعاً) اكثر.
الصبي: هنا؟
الرجل: كلا. نحن اقرب مما تظن.
يأخذ القلم ويشير على الخريطة.
الرجل (متابعاً) هذا نحن. هذا كله بحر
الصبي: هل هو ازرق؟
الرجل: البحر؟ لا أدري. كان كذلك.
يلتقط الرجل كوز صنوبر مجفف من على الأرض ويحدق به وعيناه فارغتان. يعصره فيتحول إلى رماد. يأخذ بضع خطوات ويأخذ في شم الهواء.
الرجل: (متابعاً) هل بإمكانك شم ذلك؟
الصبي: إن رائحته مختلفة.
الرجل: كل شيء سيكون مختلفاً
خارجي. كثبان – نهاراً
تغيرت طبيعة الأرض، شجيرات ميتة مالحة ورمال على جانب الطريق وأخيراً بينما يصلون حول منحنى في الطريق: يتسلق عشب بحر ميت نحو رمال الكثبان في الأعالي.
ينظران إلى بعضهما البعض ويتجهان نحو الكثبان بحماس.
يخفي الرجل العربة بخفة، حتى لا يرى الصبي ما يخصه، ويأخذ الحقائب والمفرش البلاستيكي والحرامات معه وهما يتجهان نحو الكثبان.
خارجي. قمة كثبان الرمل – نهاراً
من منظور الصبي – شاطئ رمادي، بحر رمادي رصاصي وامواج تتدحرج ببطء بزئير بعيد. وعلى الشاطئ علامات قد ظهرت على شكل راسب طيني رطب رمادي محاط بإطار من عظام تلمع وهياكل اسماك بيضاء ناصعة على الرمال.
ألقيا سترتيهما أرضاً ووقفا يحدقان بالبحر، الرياح تصرخ حولهما، ودست من عظام الحيطان والاسماك البيضاء وهياكل عظمية ممن جاؤوا من بعيد فقط ليموتوا. ينظر الرجل نحو الصبي ويرى خيبة الأمل الشديدة.
الرجل: أنا آسف إنه ليس ازرق.
خارجي. كثبان/ شاطئ – نهاراً
يجلسان على الشاطئ ملفوفين بالحرامات يحدقان في الحائط السوريالي الكثيف من الضباب والدخان ليس بعيداً عن مكان انكسار الأمواج. ينظر الرجل إلى الصبي الساكت تصدمه الرياح، ملفوفا بحزام يحدق في الأوقيانوس الخالي… ليس هنالك شيء وليس هنالك أحداً. يستمران في التحديق نحو البحر المليء بخيبات الأمل – ينظر الصبي مصدوماً بحائط الدخان والرماد الذي يشبه ستارة من الحديد.
الصبي: ماذا على الجانب الآخر.
الرجل: لا شيء.
الصبي: لابد ان يكون هنالك شيء.
الرجل: ربما هنالك أب وابنه الصغير وهما يجلسان على الشاطئ ايضاً.
الصبي: وقد يكونان يحملان النار ايضاً؟
الرجل: قد يكونان، نعم. يرى الرجل امل الصبي يظهر ثانية فيضرب رأسه. وقلبه يتفطر عليه.
خارجي. حافة الماء – نهاراً
يقف الرجل والصبي وقد خلعا حذائيهما، البحر الأسود يغسل الرمل من على أقدامهما القذرة المتقرحة.
الصبي: ما هي اهدافنا البعيدة المدى؟
الرجل: «ما هي أهدافنا البعيدة المدى؟» أين سمعت هذا؟
الصبي: لا أدري. انت قلتها.
الرجل: متى؟
الصبي: منذ زمن بعيد.
الرجل: عندما كانت والدتك هنا؟
الصبي: اعتقد ذلك.
الرجل: وماذا كان الجواب؟
الصبي: لا أدري.
الرجل: حسناً وانا لا أدري ايضاً. يحدقان في الماء – ادوات منزلية عادية محروقة تتدحرج ذهاباً وإياباً على الموجات.
الصبي: هل استطيع السباحة.
الرجل: تسبح؟ ثم تتجمد أوصالك من البرد.
الصبي: اعرف.
الرجل: لا أريد ان اضطر للذهاب خلفك.
يترك الصبي الحرام يسقط وينزع عنه سترته وثيابه. يركض على الشاطئ عارياً، ضعيفاً وأبيض، يقفز ويصرخ نحو الأمواج المثلجة.
يراقب الرجل الصبي إلى أن يخرج من الماء مرتجفاً من البرد فيلفه بالحرام ويجففه.
خارجي. شاطئ – (مخيم 16) – مساءً
الصبي ملفوف بالأغطية الصوفية بالقرب من النار بينما يتوهج ضوء البرق عن بعد، فيضيء كل الشاطئ الخالي. يضع الرجل حراماً اضافيا فوقهما. يضع ذراعيه حول الصبي الذي يرتجف ويعرق في آن، وعيناه تبدوان متوحشتين وهو يتفوه بكلمات بلا معنى.
الصبي: كم تظن عدد الناس الذين بقوا احياء؟
الرجل: في العالم كله؟ لا أدري. ليس عدداً كبيراً.
الصبي: ربما يكون هنالك أناس احياء في مكان آخر.
بخلاف الكرة الأرضية؟
الرجل: لا أعتقد ذلك. ليس باستطاعتهم العيش في أي مكان آخر.
الصبي: وليس حتى إذا كان بإمكانهم الوصول إلى هناك؟
إذا ما كان لديهم سفينة فضاء.
الرجل: كلا. من غير المحتمل.
يحدّق الصبي وهو يرتجف مفكراً.
الرجل (متابعاً) هل انت بخير؟ ما بالك؟
يضع يده على جبين الصبي الذي يهرف بكلام غير مفهوم.
الصبي: لا أشعر انني بخير.
ينحني الصبي بعيداً ويتقيأ فيساعده الرجل بأن يدعك ظهره أو يمسح فمه عندما ينتهي من ذلك.
الصبي (متابعاً) انا متأسف.
الرجل: لا بأس في ذلك، فأنت لم تفعل شيئاً خاطئاً.
الرجل مضطرب جداً الآن.
خارجي. كثبان رمال – (المخيم 16) – فيما بعد.
يغطي الرجل الصبي بمزيد من الحرامات الصوفية ويضع خيمة صغيره من المفرش البلاستيكي بينما يهطل المطر حوله.
الرجل: لا بأس في ذلك. سوف تكون جيداً. سوف تمر الحالة.
الصبي: لا تتركني هنا. لا تذهب يا بابا. حتى ولا لدقيقة واحدة.
الرجل: لن اذهب بعيداً. انا هنا امامك. يجلس وهو يمسك الصبي بإحكام. يتحسس قلب الصبي.
ينقط قطرات من الماء المحلى بالسكر في وعاء ويدخلها في فم الصبي. وبينما يغلق الصبي عينيه دائخاً يراقب نبضه عند رقبته ويمسح فمه بالحرام.
خارجي. كثبان رمال – (مخيم 16) – ليلاً
ينام الصبي ممدداً على حضن الرجل وهو ما زال صاحياً.
يحدق مرعوباً بينما يعرق الصبي ويرتجف وهو نائماً. يمسح حاجب الصبي. ويرفع رأسه نحو «السماء»:
الرجل: اوه كلا. كلا كلا. ليس هذا. يا يسوع ماذا فعلت بنا؟ ماذا فعلت؟
خارجي. كثبان من الرمال – (مخيم 16) – صباحاً
الصبي نائم نوماً عميقاً. بلا حراك ولكنه يشخر حيث يتنفس من فمه. الرجل مستلقيا بجانبه لا يفعل سوى النظر اليه ومراقبته وهو نائم. يفتح الصبي عيناه ويركز بضعف.
الصبي: مرحباً يا بابا.
الرجل: انا بقربك.
الصبي: اعرف ذلك.
يغلق الصبي عيناه ويعود إلى النوم. يلمس الرجل بيده.
شعر الصبي بحنان، ويتناول المسدس من حزامه وبحذر يخفي المسدس تحت الحرام بجانب الصبي. يقف، يرمق الصبي بنظرة أخيرة ويمشي مبتعداً…
خارجي. لسان ارضي/ مياه – فجراً
الرجل لوحده الآن، يتابع بنظره هيكل قارب محطم يقف في عشرة اقدام من المياه الرمادية يبعد بضع ياردات عن اللسان الأرضي.
طوله حوالي 60 قدماً وله شراعين. وأقرب منه إلى الشاطئ، في المياه الضحلة بين القارب والرمال هنالك شكل بلا حياة رمادي اللون يخطو الرجل مقترباً فيرى:
من منظور الرجل – وفي مياه المد تتحرك جثة حبّار ضخمة تطفو معفنة عيناها كصحون الطعام وجلدها الشفاف الرمادي مثل لمبة ضوء قديمة.
ينظر الرجل إليها بصعوبة ثم يبدأ في خلع ثيابه. ويحملق بشغف إلى المياه الداكنة المعكرة بالقرب من القارب.
ينظر إلى الوراء على طول الشاطئ نحو شكل الصبي البعيد، الذي يجلس ملفوفاً بأغطيته الصوفية، ينظر حوله، مضطرباً وخائفاً، ما يكفي ليجعل الرجل يجفل. يستجمع نفسه ويدخل بحذر إلى المياه الرمادية الحسائية القوام.
يأخذ نفساً ويبدأ في العوم نحو المركب.
خارجي – كثبان من الرمال – (مخيم 16) – نهاراً
يضطرب الصبي وهو يراقب:
من منظور الصبي – الرجل يسبح بعيدا.
إظلام إلى
خارجي. كثبان رمال – (مخيم 16) – مساءً
من منظور إنسان غامض – من على كتف شخص ثالث غامض، تندفع الكاميرا قليلاً على الصبي نائماً.
خارجي. كثبان رمال – (مخيم 16) – مساءً
تدخل المشهد اقدام شخص خلف الصبين يسير بحذر بلقطه مقربه حول الصبي. تسقط سكينة الشخص الطويلة إلى المشهد، محمولة على جانب الشخص. يحس الصبي بوجود الشخص فيستيقظ ليرى:
من منظور الصبي – يقف فوقه شكل غامق أحدب. ينظر الصبي إلى اعلى نحو الوجه ومهما يكن، فهو خائفاً.
يصرخ الصبي خائفاً ويتراجع دون وعي فيخطو على الحلل والمقالي بالقرب من النار، يقف على رجليه ويركض.
خارجي. خط الشاطئ – مساءً
يناضل الرجل ليخرج من الماء ويفتش الشاطئ كله، فلا يجد اثراً للصبي، يجد على المركب علبة إسعافات اوليه ومسدس ضوئي؛ ويتجه نحو كثبان الرمل.
خارجي. كثبان رمل – (مخيم 16)- مساء
يركض الرجل فوق الرمل ويصل إلى النقطة التي ترك فيها الفتى. والمشمع الأزرق يتطاير بعيداً عبر الشاطئ وقد اضطرب المخيم وناره. فأخذ يركض إلى أعلى الكثبان.
خارجي. شاطئ – مساءً.
من منظور الصبي – وبينما هو ينظر إلى الخلف يلمح أقداما قذرة تركض عبر الرمل تلاحقه. ويدان تحاولان التقاطه…
من منظور الرجل – يقترب من الصبي ويمسك بأكتافه بأحدى يديه والبندقية باليد الأخرى.
زاوية عكسيه – يرى الصبي ان هذا هو الرجل فيتوقف. ويحملق وما زال خائفاً محموماً، عيناه وحشيتان، مضطربتان.
الرجل: لا بأس في ذلك.
الصبي: رجل! كان هنالك رجل! رأيت رجلاً.
الرجل: لا بأس بذلك، لقد ذهب الآن، لم يعد هنالك سواي.
ينهار الصبي، منهكاً ويرمي نفسه في احضان الرجل.
خارجي. كثبان الرمال – (مخيم 16) – ليلاً.
يعود الرجل والصبي ليفحصا مشهد المخيم المضطرب.
الرجل: يا الهي. ايها الحمار الغبي! أيها الحمار الغبي!
الصبي: ماذا جرى؟
الرجل: لقد سرق احذيتنا. سرق كل شيء.
يصمت الصبي شاعراً بالعزلة يحدق حوله نحوا لمكان المهجور يائساً.
الرجل (متابعاً) ما الخطب؟
الصبي: لا اعرف ما الذي نفعله.
الرجل: تعال إلى هنا.
الصبي: لا أدري لماذا نحن نفعل هذا.
الرجل: انظر، هنالك … (يسير بعيداً وقد فقد الكلام.) هنالك اناس .. هنالك اناس آخرون وسنجدهم. سترى.
يغلق الصبي عيناه ويسقط فجأة نحو الرمال يائساً. الرجل ينظر إليه باهتمام.
الرجل (متابعاً) من فضلك. اسمع لي. لا تفقد شجاعتك.
يمسك الرجل البندقية المضيئة يخرجها من بيتها بسرعة، ويعمرها بالرصاص – يراقب الصبي الآن بعيون مفتوحة.
يسرع الرجل الخطى إلى اعلى الكثبان وينظر إلى حيث كانت العربة مخبأة. يطلق النار شعلة نحو الهواء. فترسل الشعلة أقواساً نحو الظلام مع صوت طويل من الهشهشة ثم تتكسر إلى غيمة من الضوء، معلقة هناك يتساقط منها قطع المغنسيوم الساخنة نحو الرمال. يراقب الصبي بحب للمعرفة رغم يأسه.
يمسح الرجل عينيه ليرى: الكثبان تحميها الأضواء الزهرية من جراء القذيفة وعلى الرمل علامات آثار أقدام للرجل الغريب.
يقود بصف طويل إلى حيث العربة، العربة تسجل نهاية الخط نحو المسافة البعيدة.
خارجي. الشاطئ القريب – ليلاً
من منظور الرجل الغامض – من على بعد فريق ثالث يراقب الرجل والصبي المغتسلين بضوء القنابل الضوئية.
تندفع الكاميرا نحو الوجه الذي يراقبهم – ملتح وخائف بعين مراقبة وعظمة خد محطمة، جندي متمرس في مناوشات عدة.
خارجي. كثبان رملية – ليلاً
يقف الرجل والصبي باقدامهما العارية.
الرجل: تعالى. علينا ان نسترد أحذيتنا.
الصبي (خائفاً ممانعاً) نحن لا نحتاج إليهم!
الرجل: لن نصل بعيداً بدونهم.
ينطلقان بسرعة، باقدامهما العارية.
خارجي. طريق الشاطئ، ارض مسوده – ليلاً
على الطريق في منتصف ارض مهجورة يموت الضوء، شبكة الضوء الغريبة المتلألئة عبر السماء، الرجل والصبي حافيان على الفراش البلاستيكي.
من منظور الرجل – وفي الأعلى الشكل المحدودب الذي رأيناه سابقاً.
اللص، ظهره ناحيتنا يدحرج العربة المحملة على الطريق.
الرجل: تعالى.
ينطلقان خلف اللص حافيان يحدثان صوتاً على المفرش البلاستيكي.
الرجل في المقدمة والصبي يتبعه محاولاً اللحاق به. ينظر اللص إلى الخلف نحوهم ويسرع خطاه ورأسه محني على يد العربة راكضاً من اجل حياته. عندما ينظر إلى الخلف مرة ثانية يخرج الرجل بندقيته موجهاً إياها مباشرة نحوه.
يوقف اللص العربة، ويخرج سكينة قطع من حزامه ويستدير ليواجههم، واقفاً خلف العربة، وجهه ضعيفاً متشنجاً، وفم مثل مقبرة متفجره – ليس وجه الرجل الذي يراقبهم في كثبان الرمل. يجرب الرجل بندقيته عليه، ويقف هادئاً، يمسك بيد الصبي.
الرجل (متابعاً) ابتعد عن العربة وضع السكينة جانباً.
يبصق الرجل ويلمع السكين يائساً. إنه اعجف، متجهم، ملتحي قذر.
الرجل (متابعاً) إذا لم تضع سكينة القطع جانباً وتبتعد عن العربة الملعونة فسوف افجّر مخك.
الصبي: بابا؟
الرجل: اسكت.
يموّن الرجل البندقية ويسمع صوت طقطقتين عاليتين.
الرجل (متابعاً) لعنة الله عليك.
الصبي: بابا. ارجوك لا تقتل الرجل.
اللص: تعالى يا رجل. فعلت ما تريد. اسمع للصبي.
يبدأ الصبي بالبكاء – ينظر اللص إلى الصبي ثم نحو الرجل الغاضب، هذا يبدو مخففاً للإحتقان، يضع السكينة في العربة ويخطو مبتعداً، يداه مرفوعة في الهواء، وإبهاميه مختفيان.
الرجل: منذ متى وانت تتبعنا؟
اللص: لم اكن اتبعكم. رأيت العربة على الرمل واخذتها فقط.
الصبي: من فضلك يا بابا.
الرجل: اخلع ثيابك. اخلعهم كل خيط منهم.
اللص: تعالى يا رجل، لا تفعل هذا.
الرجل: اقتلك في المكان الذي تقف به.
اللص: لا تفعل هذا، يا رجل.
الرجل: لن اقول لك ثانية.
اللص: حسناً، حسناً، مجرد إهدأ.
ينظر اللص نحو الصبي الذي يغطي اذنيه الآن ويأخذ الرجل خطوة أقرب بالبندقية، يبدأ اللص بخلع وتكويم اسماله في الطريق.
الرجل: الأحذية.
اللص: تعالى يا رجل.
الرجل: الأحذية.
يجلس عارياً في الطريق ويفك الأحذية المعفنه.
الرجل (متابعاً) ضعهم في العربة.
يقف اللص ويسقط الأحذية في العربة
الرجل (متابعاً) ضع الملابس في الداخل.
يسقط الرجل الملابس في الداخل ويقف هناك مغطياً نفسه، يرتجف.
اللص: لا تفعل بي هكذا يا رجل. لست بحاجة لأن تفعل بي هذا.
الرجل: لم تهتم بأن تفعل بنا هكذا.
اللص: انا اتوسل إليك.
الصبي: بابا.
اللص: تعالى واستمع إلى الصبي.
الرجل: حاولت ان تقتلنا.
اللص: انا ميت من الجوع يا رجل. كنت ستفعل نفس الشيء.
الرجل: أخذت كل شيء.
اللص: سأموت هنا.
الرجل: سأتركك كما تركتنا.
يمسك الرجل بالعربة من يدها ويشدها فيديرها ويضع فوقها المسدس ويمد يده للصبي.
الرجل. (متابعاً) دعنا نذهب.
لا يمسك الصبي بيده ولكنهما ينطلقان على المرتفع الأسود، الصبي يصرخ وانفه يسيل واللص يرتجف ويئن.
الصبي: آه يا بابا.
الرجل: توقف.
الصبي: لا استطيع ان اتوقف.
الرجل: ما الذي كان سيحدث له لو لم نمسك به؟ عليك أن تتعلم.
الصبي: لا أريد أن اتعلم!
الرجل: لن تجدني هنا إلى الأبد، عاجلاً ام آجلاً عليك ان تهتم بأمرك.
يتابع الصبي النظر إليه ويستمر في البكاء.
خارجي. طريق / شاطئ، ارض مسودّة – مساءً
ومن مسافة بعيده ينظر الصبي إلى الخلف نحو اللص وهو ما زال يبكي.
الرجل: عليك أن تتوقف عن البكاء.
الصبي: لا أستطيع.
ينظر الصبي إلى الخلف مرة أخيرة بينما يختفي اللص من المشهد وما زال يقف هناك ضائعاً كليّاً.
يتوقف الرجل ويلبس حذاءه. يسير عائداً على الطريق نحو المنعطف ولكن اللص كان قد اختفى.
الرجل: لقد ذهب. تعال.
الصبي: لم يذهب. لم يفعل ذلك. ينظر الرجل عاجزاً امام الصبي المغرورقة عيناه بالدموع وهو يلبسه حذاءه والدموع تسيل حاملة معها السخام الأسود على وجهه
الرجل: ماذا تريد أن تفعل؟
الصبي: ساعده فقط يا بابا. مجرد ساعده. ينظر الرجل إلى الخلف نحو الطريق، يوازنها.
الصبي: (متابعاً) كان جائعاً ليس إلا. سوف يموت.
الرجل: سيموت على أي حال.
الصبي: انه خائف جداً.
الرجل: انا خائف. هل تفهم؟ انا خائف.
يحاول الرجل ان ينظر إلى الصبي في عينيه ولكنه يبقي رأسه منحنياً وهو ينشج.
الرجل (متابعاً) انت لست الإنسان الذي عليه الاهتمام بكل شيء.
يتمتم الصبي مكشراً وعيناه ملأى بالدموع.
الرجل (متابعاً) ماذا؟ ماذا قلت؟
الصبي: نعم انا هو هذا. انا الشخص.
يتوقف الرجل ويواجه الصبي البريء غاضباً، محملقاً، ثم مستجمعاً كل قوته ليدير العربة حول نفسها ويحاولان ادارتها لتعود إلى الخلف من حيث اتو.
الرجل: حسناً. ساعدني.
يأخذ الرجل يد الصبي ويضعها على يد العربة.
خارجي. طريق / الشاطئ، ارض مسودّة – ليلاً
وبينما يبدأ النور بالاضمحلال ليصبح ظلاماً ينظران بحثاً عن اللص ليعطيانه ثيابه ويقولان له «مرحباً !» إلخ. بعد لحظة يتوقفان.
الصبي: انه خائف من ان يجيب.
الرجل: هل هنا توقفنا؟
الصبي: لا أدري. اعتقد ذلك يتابعان السير ويداهما مقيدتان بافواههما، يهللون بلا تفكير. يتوقف الرجل ليرتاح ويراقب الصبي برهة من الزمن وقد توقف عن البكاء وهو ينادي اللص. اخيراً يكوم حذاء الرجل وملابسه على الطريق. ويضع صخرة عليهم.
الرجل: تعال. علينا أن نذهب.
ينظر الصبي إلى الملابس بحزن وهو الآن صامت.
خارجي كثبان رملية بجانب الطريق، ارض مسودّه – ليلاً
يجدان بقعة ليقفا عليها ويجلسان، تعبان. يفتح الرجل علبة الاسعافات الأولية التي أخذها من القارب، يختار حبوباً مختلفة. ويطحنها، يسكب كوب ماء من علبة على العربة، ويناولها للصبي.
الصبي: لا أريدها.
الرجل: عليّ ان اخفض حرارتك.
يبتلع الصبي الحبوب والماء وهو يرتجف.
الصبي: هل استطيع ان اسألك شيئاً؟
الرجل: حتماً باستطاعتك.
الصبي: ماذا ستفعل إذا مت؟
الرجل: إذا مت انت فأريد ان اموت انا أيضاً.
الصبي: حتى تكون معي؟
الرجل: حتى اكون معك، نعم. ولكن هذا لن يحدث.
يتبادلان النظرات برهة من الزمن، مبلبلين والصبي يرتجف وعليه مظهر المرض. يستلقي الصبي ويغلق عينيه. يضع الرجل عليه حراماً صوفياً. يسير الرجل بعيداً بضع خطوات ويسعل بلا توقف. سعلة ملحة عليه لا تفارقه.
خارجي. بستان – نهاراً
حلم الرجل – حلم وذكرى يوم صيفي قديم، الرجل والمرأة في بستان مستلقيان في الشمس على حرام رحلات وامامهما طعام وخبز وفاكهة ونبيذ. يستلقي الرجل إلى الخلف والمرأة تهدهد رأسه في حضنها وتمسح حاجبه. تنزل وجهها إلى اسفل لتزرع بلطف قبلة بسيطة على كل من حاجبيه ومن شفاهه.
من منظور الرجل – وجه المرأة يبتسم ابتسامة مشعة شكلتها اشعة الضوء والاشكال غير الواضحة للأوراق والأزهار والبراعم المنعكسة في السماء – بالنسبة له انها ملائكية. ثم قبلها على كل عين وكذلك على الشفاه ايضاً – طقوس مداعبتهما.
نهاية مقطع الحلم.
خارجي. كثبان الرمال على جانب الطريق، ارض مسودّة – فجراً
يستيقظ الرجل مكتئباً، يمسح دمعة، ويرمش بعينيه مضطرباً.
من منظور الرجل – يركع الصبي بالقرب منه، يراقبه بهدوء، ولم يعد يعرق ويرتجف، استرد عافيته.
الصبي: بابا؟
يرفع الرجل نفسه، يجلس ويحدق فقط في الصبي مذهولاً، وكأنه قد قام من القبر.
الرجل: كيف تشعر الآن؟
الصبي: أشعر بنوع من الغرابة.
الرجل: هل انت جائع؟
الصبي: فقط عطشان.
ينهض الرجل ويحضر ماء من علبة في العربة ويسكب كأساً، ويعطيه للصبي الذي يشربه بظمأ شديد. يرفع الرجل يده لتطال شعر الصبي الذي يمسده وهو يشرب.
خارجي. بلده منتج، ضواحي- نهاراً
يتجه الرجل والصبي باتجاه بلدة على شاطئ البحر بعيدة إلى حد ما.
خارجي. بلدة منتجع – نهاراً
يدخلان إلى منتجع على الشاطئ عليه إشارة ترحيب عبر الطريق بهتت الوانها. يمسك الصبي بيد الرجل الآن.
خارجي. بلدة منتج / حافة الماء – نهاراً
انهما في الأسفل عند الماء. قوارب تسلية نصف غارقة في المياه الرمادية. رايات الوانها باهتة وعلامات مدهونة تعلن عن الأيس كريم والطعام والألعاب الممتعة. يساعد الصبي الرجل ليدفع العربة عبر الرمل حتى لا يستطيع التحرك ابعد من ذلك، يتوقفان ويسقطان على الرمل، مرهقين.
الصبي: هل استطيع ان اقول لك شيئاً؟
الرجل: نعم.
الصبي: انت تقول لي انني لا يجب ان أبكي ولكنني سمعتك تبكي، سمعتك تسعل وتبكي لوحدك في الليل عندما كنت تظن أني نائم.
الرجل: وماذا في هذا؟
الصبي: إذاً، إذا كان لا يجوز لي البكاء فانت لا تبكي أيضاً.
ينظران إلى بعضهما البعض.
خارجي. ميناء – آخر بعد الظهر
وعلى جانب ميناء البلدة يدير الرجل عربته عند ارصفة السفن المهجورة ماراً بدعامات معفنة، صف من مخازن الخشب الفارغة وخزان صدئ مغسول. إنه يسعل وصوت صداه بعيداً عن حوائط المخزن. والصبي يجر نفسه بضع خطوات خلفه. إنهما لا يتكلمان الآن.
خارجي. شارع خلفي – مساءً
وبينما يمران بآخر صف من المخازن المهجورة يبطئ الرجل حتى يلحق به الصبي. ولكن الصبي يدرس الأرض بدقة. ينحني ويلتقط.
من منظور الصبي – علبة كبريت قديمة كرتونية، الوانها بهتت.
يفتح علبة الثقاب لتظهر له خنفسة محفوظة بشكل كامل.
الصبي: ما هذه؟
الرجل: انها خنفسة.
فجأة تهتز الخنفسة، ثم تحرك جناحيها وتطير خارجة من صندوق الكبريت مرسلة ازيزاً وترتفع عالياً نحو السماء.. يحدق الصبي والرجل إلى اعلى نحو المخلوق الطائر مذهولين.
و:
وبلا سابق إنذار يصفر شيء فوق رؤوسهم قريباً ويضرب الحائط بالقرب منهم بتصفيق عالٍ. يغط الرجل فوق الصبي، مستقراً فوقه ليغطيه ويحاول الإمساك بالعربة التي تقلب رأساً على عقب فترمي كل محتوياتها إلى الخارج.
يحاول الرجل يائساً أن يجد غطاءً وهو ينظر فوق كتفه ويرى:
من منظر الرجل – في احدى نوافذ المخازن العليا يخرج رجل قوس ونشاب موجهين نحوهما مباشرة.
يغطي الرجل الصبي: وبمحاولة يائسة يحاول ان يبتعد ولكن هنالك ضربة من القوس والنشاب تدخل في ساقه.
الرجل (متابعاً) أوه ايها الحقير! أنت ايها الحقير.
يلتقط الرجل الحرامات الصوفية بأظافره من على العربة الواقفة جانباً ويحاول البحث عن المسدس ولكنه سقط من حزامه نحو الحصى ولم يعد بمقدوره الإمساك به. يحدد مكان البندقية الضوئية ويمسك بها ويضعها على العربة ويوجهها نحو الشباك الخالي. عندما يظهر حامل القوس مرة ثانية يضغط ليوجه طلقة تتجه نحو الشباك بقوس ناري ووهج ملون يخرج نظيفاً من الشباك. باستطاعتهما سماع صوت حامل القوس يصرخ في الداخل ويريا الضوء الملون ما زال يخرج من النافذة.
الصبي: اوه يا بابا!
الرجل: ابق كما انت. ينهض ويركض وهو يعرج ليقطع الشارع والسهم ما زال في ساقه.
داخلي. سلم خشبي. مساءً
يعرج صاعداً سلم المخزن القديم بالسرعة الممكنة.
والبندقية الضوئية جاهزة والسهم في ساقه.
داخلي – ارضية المخزن – مساءً
يندفع نحو الغرفة الرئيسية ويجرب البندقية. وفي النهاية البعيدة تجلس امرأة منبطحة على شكل رامي السهم. الأرض محترقة بفعل القنبلة الضوئية وما زالت مشتعلة.
امرأة رامي السهم: يا ابن الكلب.
الرجل: من غيرك موجود في المكان.
امرأة رامي السهم: أيها العكروت الوضيع!
ينظر الرجل إلى أسفل والساق تنزف بشدّة الآن والسهم ما زال بارزاً.
الرجل: اين القوس؟
امرأة رجل السهم: ليس معي.
الرجل: لماذا تتبعيننا؟
امرأة رجل السهم: نحن لا نلحق أحداً. انت الذي كان يتبعنا!
يحدق الرجل في المرأة من الأعلى إلى الأسفل، تبدو مريضة ونحيله ويائسة. ينظر نحو رجل السهم الممدد ميتاً. احترق صدره ووجهه، وما زال الدخان يصعد منهما. تغطي المرأة وجهه بالحرام الصوفي والرجل لا يعرف ما يقول بسبب خجله.
فيتابع سيره.
خارجي. قهوة – نهاراً
من منظورنا – مرة ثانية عن بعدن وكأن فريقاً ثالثاً يراقب، تنظر إلى الصبي والرجل يسيران الهوينا إلى داخل قهوة.
داخلي. قهوة – نهاراً
احد حوائط القهوة هو عبارة عن كومة من كسارة الحجارة مفتوحة على البحر. والحائط المقابل عبارة عن صورة فوتوغرافية لغابات خضراء. يحاول الرجل شد السهم إلى الخارج ولكنه ينزع فقط القاعدة الخشبّية. يخلع عنه سرواله المليء بالدم ويفحص الجرح العميق الذي احدثه تمزق اللحم بفعل رأس السهم المصنوع من ملعقة، مدفونة في الداخل.
الرجل: حاول ان تجد علبة الاسعافات الأولية من المركب. بسرعة يبحث الصبي في العربة ويجد العلبة ويسلمه إياها. يحدق به وهو يخرج الملعقة معذباً. يملأ الرجل الجرح بالمواد المطهرّة من علبة الاسعافات ويبحث داخلها عن ابرة.
يجد أبرة خياطة في ظرف معقم، فيفتحها بأسنانه ثم، باستخدامه الضوء الداخل عبر شباك البهو يضع بعض الخيطان الحريرية في الابرة ويحاول خياطة الجرح وهو يئنّ من الألم بينما يراقبه الصبي بصمت إلى أن يقول اخيراً:
الصبي: هل يؤلمك هذا؟
ينظر الرجل اليه غير مصدق ما يقوله – (فترة من الزمن).
الرجل: نعم! إنه يؤلم:
الصبي: كيف تشعر بهذا؟
ينظر الرجل نحو الصبي مندهشاً من هذا الحوار غير المجدي.
الرجل: على الأقل انت تكلمني الآن.
داخلي/خارجي. قهوة – (المخيم 17) – ليلاً
يوقدان ناراً داخل القهوة بالقرب من الحاجز ويجلسان ينظران إلى الخليج عبر الحائط الضائع، صامتين إلى أن:
الرجل: هل تريد ان اتلو عليك قصة؟
الصبي: كلا.
الرجل: لما لا؟
الصبي: قصصك ليست حقيقية.
الرجل: ليس من الضروري أن تكون حقيقية. إنها قصص.
الصبي: في القصص نحن دائماً نساعد الناس. ولكننا لا نساعد الناس. نحن نقتل الناس. وفي القصص الأشياء الطيبة تحدث ولكننا نمرض فقط.
يفكر الرجل بما يقوله – ولا يجد جواباً.
الرجل: نحن ما زلنا هنا السنا كذلك؟ الا يعني هذا شيئاً؟
خارجي. موقف القوارب – نهاراً
يدفع الرجل العربة ببطء. فيجدها جهداً كبيراً – يساعد الصبي في الدفع وهو ينظر إلى الرجل باهتمام بالغ، يتوقف الرجل ويرتاح على العربة ويدفع الصبي بضعة أقدام ثم يتوقف وينظر إلى الخلف بينما يسعل الرجل سعالاً مؤلماً لبرهة من الزمن.
يخلع القناع الطبي الذي يغطي وجهه وقد تخضب بالدم وأنفاسه، ضبابية في البرد، يعصر الدم واللعاب ويضع رأسه بين ركبه ويأخذ في السعال حتى لا يعود باستطاعته السعال محاولاً التنفس بصعوبة ولعاب مليء بالدم يسيل من شفاهه نحو الرمل مثل خيط قرمزي بينما يراقبه الصبي وهو يبكي بصمت.
الرجل: علينا ان نترك العربة، لم يعد باستطاعتي دفعها.
خارجي. موقف القوارب – نهاراً
يمشيان مجهدين عند منحدر قوارب على طريق الشاطئ. واسفله الشاطئ يحمل الصبي حقيبة صغيرة الآن، ويحمل الرجل اكياسا وحقائب. يتوقفان وينحني الرجل وقد فقد القدرة على التنفس ورئتيه مقفلتين. يتوقفان على حافة الماء حيث تصل الطريق إلى البحر. يأخذ الصبي يده بلطف.
الصبي: ماذا سنفعل يا والدي؟
لا يستطيع الرجل الاجابة لعدم قدرته على التنفس.
الصبي (متابعاً) حسناً، ماذا نحن؟
يجلس الرجل متثاقلاً على الأرض. مترنحاً بينما يقف الصبي يراقبه وعيناه مغرورقتان بالدموع.
الصبي (متابعاً) أوه كلا، يا بابا.
خارجي. شاطئ / كثبان رمال – (مخيم 18) – نهاراً
يسقط الرجل بين الوعي واللاوعي في الرمل. يأتي الصبي ومعه كأس من الماء ويحمله نحو شفاه الرجل، يشرب. وقد اضاء الصبي ايضاً النار وفرد حرامات صوفية.
الرجل: لا تخلد إلى الراحة. انت بحاجة لمتابعة السير.
لا تدري ما الذي ستجده في الطريق.
الصبي: كلا.
الرجل: لقد كنا دائماً محظوظين. وستكون محظوظا مرة ثانية. سوف ترى . فقط اذهب.
الصبي: كلا. لا استطيع.
الرجل: لا بأس في ذلك. كان هذا سيأتي منذ زمن طويل. تابع سيرك جنوباً. افعل كل شيء كما فعلناه.
الصبي: كلا. ستكون جيداً يا والدي. عليك ان تكون كذلك.
الرجل احتفظ بالبندقية في كل الأوقات. لا تدع احداً يأخذها منك. عليك ان تجد الناس الطيبين ولكن ليس بمقدورك أن تأخذ أي فرص هل تسمعني؟
الصبي: اريد ان اكون معك.
الرجل: اريد ان اكون معك ايضاً ولكنني لا أستطيع.
الصبي: من فضلك.
الرجل: عليك ان تتابع الأمور لوحدك الآن.
عليك ان تحمل النار.
الصبي: لا اعرف كيف افعل ذلك.
الرجل: نعم أنت تعرف. تعرف كل شيء عنها.
الصبي: هل هذا حقيقي؟ النار؟ بابا؟
الرجل: نعم انها كذلك.
الصبي: أين هي؟ لا أدري اين هي.
الرجل: نعم انت تعرف.
الصبي: أين؟
الرجل: إنها في داخلك. كانت دائماً هناك. استطيع أن أراها.
يحدّق الصبي به غير متأكداً بماذا عليه أن يؤمن.
الرجل (متابعاً) عليك ان تتركني أذهب.
الصبي: فقط خذني معك من فضلك. من فضلك، يا بابا!
ماذا علي أن أفعل؟
الرجل: مجرد أمسك بيدي.
يمسك الصبي يد الرجل بقبضته ويتأرجح إلى أعلى وإلى اسفل، متوتراً.
الصبي: قلت انك لن تتركني ابداً.
الرجل: انا اعرف. أنا آسف.
يسقط الصبي فوق الرجل معانقاً إياه بشدة، ووجهه يضغط على صدره وهو يبكي.
الرجل (متابعاً) : يا بني، لك كل قلبي، ودائماً كان لك.
انت افضل ولد. باستطاعتك ان تكلمني وانا أكلمك.
سوف ترى.
الصبي: وكيف سوف أسمعك؟
الرجل: انت فقط ستفعل.
الصبي: وكيف ستعرف؟
الرجل: عليك فقط ان تتمرن. فقط لا تستسلم.
موافق؟ سوف تكون بخير. سوف تكون محظوظاً. اعرف أنك كذلك.
يغلق الرجل عينيه ويأخذ انفاساً عميقة مجلجلة.
الصبي: لا بأس يا بابا، ليس عليك ان تتكلم بعد الآن.
تتراجع الكاميرا إلى الوراء ويجلس الصبي مع الرجل لا يقول شيئاً. بدأ الظلام يزحف عليهم. يجثم الصبي ذليلاً على صدر الرجل وينام هناك، يرتفع وينخفض مع تنفس والده.
خارجي. الشاطئ/كثبان الرمل (المخيم 18) – ليلاً
الظلام يخيم على المكان والصبي مستلقيا على عرض الرجل، ويده ترتفع وتنخفض على صدر الرجل ببطء، بدون انتظام بينما تجلجل انفاس الرجل داخل رئتيه.
خارجي. سيارة / شاطئ – فجراً
عودة إلى الوراء – او حلم الرجل الأخير: الرجل والمرأة في غفوة قصيرة في السيارة – زوجان شابان يسترخيان معاً في ضوء شمس الصباح الباكرة. يستيقظ الرجل وينظر إلى زوجته النائمة ويملس على شعرها بحنان، وبحب كبير بينما هي نائمة.
يده التي يضعها عليها توقظها، تنظر إليه متفاجئة وسعيدة وتبتسم.
المرأة: مرحباً…
تقبله وينظران إلى المحيط الأزرق والرمل الأبيض وعشب البحر الأخضر وتضع ذراعها حوله.
الرجل (صوت خارجي) لو كنت إلهاً لصنعت العالم تماماً هكذا بدون اي اختلاف… وهكذا فانت لي.. أنت لي.
نهاية العودة إلى الوراء
خارجي. شاطئ/كثبان رمل – (مخيم 18) صباحاً
استيقظ الصبي ولكنه لا يتحرك، يده ما زالت على صدر الرجل، والذي لا يتحرك الآن. ينظر نحو الرجل الذي يبدو بارداً وجامداً الآن، مات منذ فترة. ينهض الصبي ويمسك بيد الرجل الباردة الجامدة. وتتساقط الدموع على وجهه بصمت.
الصبي: او يا بابا: بابا. بابا…
خارجي. الشاطئ/ كثبان الرمل – (مخيم 18) ليلاً
يبني الصبي نار المخيم. يضيئها ويجلس هناك يراقب جسد الرجل الجامد.
خارجي. شاطئ / كثبان رمل – (مخيم 19) صباحاً
نام الصبي بجانب الرجل، استيقظ، رفرف عينيه مذهولاً.
خارجي. شاطئ / كثبان رمل – (مخيم 18) نهاراً
يقفل الصبي سترة الرجل بحذر ويكوم الحرامات الصوفية فوقه. وهو يتكلم طوال الوقت.
الصبي: هل استطيع أن اقول لك شيئاً؟ حلمت حلماً سيئاً.
كان لدي طائر البطريق ذلك الذي لفيته وكان يتدلى ويتهادى بزعانفه. في ذلك البيت الذي كنا نسكن به وقد جاء حول الزاوية ولكن لم يلفه أحد ولذلك كان فعلاً مفزعاً لأنه، لأنه، لأنه….
ثم يصمت عندما ينتهي كلامه مع الجثة ويضع سترته هو عليها ويقفلها بالسحاب.
الصبي (متابعاً) لم تكن اللفافة تلف. يأخذ البندقية
يدقق في مخزن الذخيرة ويقفله ويقف ويضع المسدس في حزامه.
خارجي. حافة الماء – مخزن القوارب- نهاراً
يقف الصبي على حافة الماء ينظر إلى الضباب الدخاني والفراغ المحيط. ومن لا مكان يبرز رجل يلبس سترة رمادية وحمراء للتزلج على الثلج وهو يحمل بارودة فوق كتفه وحزاما من الذخيرة.
يمشي نحو الصبي، انه نفس الرجل الملتحي والخائف الذي رأيناه قبل ذلك يراقبهما في كثبان الرمل.
لا يجفل الصبي. ولكن يده تذهب نحو البندقية على جنبه.
عندما يتكلم الرجل هنالك نوع من خطأ النطق في كلامه.
ربما سببه اختفاء بعض اسنانه.
المحارب: أين الرجل الذي كنت معه؟ (لا جواب) هل كان والدك؟
الصبي: نعم. كان والدي.
المحارب: أنا آسف.
الصبي: لا أدري ما أفعل.
المحارب: حسناً، اعتقد ان عليك ان تأتي معي.
يضيق اصبع الصبي على زناد البندقية.
الصبي: هل انت من الرجال الطيبين؟
المحارب: نعم. انا واحد من الناس الطيبين. لماذا لا تضع هذا المسدس بعيداً؟
الصبي: ليس من المفروض ان اترك احداً يأخذ هذا المسدس.
مهما كان الأمر.
المحارب: لا أريد مسدسك. انا فقط لا أريدك أن توجهه نحوي.
يخفض الصبي المسدس إلى جانبه ويأتي المحارب بضع خطوات مقترباً، مما يجعل الصبي يتراجع خطوة إلى الخلف.
المحارب (متابعاً) أين حوائجك؟
الصبي: ليس لدي الكثير من الحوائج.
المحارب: ماذا لديك؟ حرامات صوفية؟
الصبي: والدي ملفوف بها.
الرجل: دعني أرى.
لا يتحرك الصبي. يمد الرجل يده للصبي ليأخذ بها، فيرى الصبي ان احد اصابعه مفقوداً ويتردد، حذراً. يقرفص الرجل وقد استند إلى بندقيته.
المحارب: انظر. انت لديك خياران هنا. بإمكانك البقاء هنا مع والدك او بإمكانك الذهاب معي. إذا ما اردت ان تبقى فعليك ان تبقى بعيداً عن الطريق.
الصبي: كيف اعرف انك من الناس الطيبين؟
المحارب: لا تعرف. عليك ان تأخذ مغامرة.
يوزن الصبي الأمر وينظر نحو المحارب.
الصبي: هل لديك اولاد؟
المحارب: نعم لدينا.
الصبي: هل لديك صبي صغير؟
الصبي: هل لديك طفل صغير؟
المحارب: لدينا صبي صغير وفتاة صغيرة.
الصبي: كم عمره؟
المحارب: انه في مثل عمرك. ربما اكبر قليلاً.
الصبي: ولم تأكلهم؟
المحارب: كلا.
الصبي: انت لا تأكل البشر؟
المحارب: كلا. نحن لا نأكل البشر.
الصبي: هل انت تحمل النار؟
المحارب: انا ماذا؟
الصبي: تحمل النار.
المحارب: انت نوع غريب حقاً الست كذلك يا صبي؟
الصبي حسناً، هل انت كذلك؟
المحارب: نعم، انا كذلك. انا أحمل النار.
الصبي: واستطيع ان أذهب معك؟
المحارب: نعم، باستطاعتك.
يتردد الصبي.
خارجي. شاطئ/ كثبان رمل – نهاراً
يسيران حيث يستلقي الرجل ميتاً ويقرفص المحارب ويرفع الحرام ليلقي نظرة عليه.
المحارب: هل هذه كل الحرامات الصوفية التي معك؟
الصبي: نعم.
المحارب: هل هذه حقيبتك؟
الصبي: نعم.
يقف المحارب ويدرس الصبي.
المحارب: لماذا لا تذهب إلى اعلى نحو الطريق وتنتظرني.
سأحضر الحرامات.
الصبي: ماذا عن والدي؟
المحارب: ماذا عنه؟
الصبي: لا نستطيع أن نتركه هنا.
المحارب: نعم نستطيع.
الصبي: لا اريد ان يراه الناس.
المحارب: ليس هنالك احد ليراه.
الصبي: هل استطيع ان اغطيه بأوراق الشجر؟
المحارب: سينفخهم الهواء بعيداً.
الصبي: هل نستطيع ان نغطيه بأحد الحرامات الصوفية؟
المحارب: لا بأس. سأفعل ذلك. اذهب الآن.
خارجي. مخزن القوارب، طريق – نهاراً
ينتظر الصبي وبعد لحظة يظهر المحارب من الكثبان الرملية يحمل الحقيبة والحرامات الصوفية معلقة فوقها على كتفه.
ينظر إليهم ويعطي واحد منها للصبي.
المحارب: هاك. لف هذا حولك. فأنت بارد.
ينظر الصبي نحو الحرامات متشككا ويناول المسدس للمحارب ليحمله.
المحارب (متابعاً) تمسك بهذا.
الصبي: حسناً.
المحارب: هل تعرف كيف تطلقه؟
الصبي: نعم.
المحارب: حسناً.
الصبي: وماذا عن والدي؟
المحارب: ليس هنالك شيء آخر نفعله.
الصبي: اعتقد انني اريد ان اقول له وداعاً.
المحارب: هل ستكون على ما يرام؟
الصبي: نعم
المحارب: اذهب. سأنتظرك هنا.
يستدير الصبي ويتجه نحو الشاطئ.
خارجي. شاطئ/كثبان رملية – (مخيم 18) – نهاراً
يمشي الصبي عبر الرمال نحو جثة الرجل والتي هي الآن ملفوفة لفاً مرتباً بالحرام من الرأس وحتى اصابع القدمين.
يركع الصبي بالقرب منه ويبدأ في البكاء بهدوء ويوشوش: ا
الصبي: سأكلمك كل يوم. ولن انسى. مهما كان الأمر. مهما كان الأمر يا بابا.
يجفف الصبي عيونه، يأخذ نفساً ينهض ويسير عائداً نحو الطريق.
خارجي. تجمع القوارب – طريق – نهاراً
بينما يخرج الصبي خارج كثبان الرمال يحمل البندقية.
امرأة عليها مظهر الأمومة تقف مع المحارب وتأتي تجاهه
المرأة الأم: اوه. انا سعيدة جداً بأن اراك.
يحدق الصبي بها مربكاً – وعلى بعد مسافة قصيرة يقف باقي افراد العائلة. صبي في مثل عمره وفتاة. الصبي يحدق بالصبي الآخر ويتعرف إليه – انه نفس الصبي الذي اقتفى اثره قبل ذلك.
ثم يلاحظ الصبي وجود كلب مهجن رث يقف معهم.
تأتي المرأة الأم تأتي وتضع ذراعيها حوله.
المرأة الأم (متابعةً) كنا نتبعكم، هل علمتم بهذا؟
رأيناك مع والدك وحاولنا ان نلحق بكم ولكنكما كنتما اسرع مما بإمكاننا.
المحارب: كانت هنالك بعض المناقشات حول هل نحاول اللحاق بكم أصلاً.
وبينما هي تتحدث تأخذ المرأة الأم البندقية من الصبي وتناولها إلى المحارب.
المرأة الأم: نحن محظوظون. كنا خائفين عليكم. والآن لسنا مضطرين بأن نضطرب حول أي شيء.
تقبل الصبي جبهته وتحمله بين ذراعيها الممدودتين لتتأمل وجهه.
المرأة الأم (متابعةً) كيف يبدو هذا؟ هل هذا جيد؟
يحدق ولكنه لا يقول شيئاً.
(نزول الأسماء)
* منظور طائر: Bird›s eye-view
————————-
سيناريو جو ينهول
عن قصة كورماك مكارثي «الطريق» “The Road”
ترجمة مها لطفي