يعقوب المحرقي
شاعر وكاتب بحريني
حبة كانت السماء. زرقة فضاءاتها. سماحة أفلاكها. عين على نعاس وشيك. شبكة الرؤى تناوش الكرى. سيف الرحبي يشاكس وهدة الوديان ينادي ذئاب صلالة للموائد مختلسة من سورات النار. يبسط ريش مخدعه لربط جوعها ووثير مجلسه. يجالس الأثل ويغني لصوت الماء. صاعدا إلى جبله الأخضر. ليرسم ابن آوى في موسم الإخصاب. يراه مخصيا ينعي المخصي ويريح رأسه على منكبه العريض. بعظام الشهامة. يشهد خضرة الجبل على سماء الذئاب. الرحبي سافر لقرون بلا رأس. عاد إلى عُمانِه. تجول في الرستاق وصحار وأسواق مسقط. تبخر ولبس أردية من تبر الوقت اشترى ساعات وردية وأخرى زرقاء. اشترى لأبنائه وأحفاده أساور من ذهب الزمان. جال بقلمه في نزوى العاشقين. وعلق قلمه في عروة نزوى القرطاس. قابله الطائي. قادما من الكويت. في راحلته كتب عن الأدب والشعر. الطائي ظليل السرد وشريد الشعر. منسق الرؤى رؤيوي البشارة. أبصرت بصيرته شهوة القول وسلطة الحلم في عيني الرحبي. محب عاشق للرحلات الشعرية إلى أقاصي الكون. يرصد نجوم الفراهيدي على قراطيس الماء. ويغرس في بساتين النوم سهر شهرزاد. سئم الرحلة الأخيرة إلى ضفاف البحر الهائج لصلالة. فلق جوز الهند واستخرج لبَّا ذهبيا. نادى عفاريت البحر والوديان، صادحة في القواقع بأسرار الضحى غنت لرؤية سيف الرحبي مطهما بالنخيل ومجللا بشعرية الكون. تكون دواوينه عينا للغة الضاد. رفدها بوهج الألم. وحمل رأسه المسافر إلى آفاق الرؤيا وجبال المقدس المطوية في رحم الكتاب. لم يكن مقدسا ولكن ملائكة منشغلة بطرق الفضة دسته في راحلة الطائي في مسيره من البحرين إلى مسقط رأسه. رأى عبدالله كما الوسن رأس الرحبي فارتعب وارتاع وسجد لكلمات الرهبة. تكلم الرأس بشهوة نزوى القرطاس. وصاح لا بأس عليك أيها الطائي الشجاع فلا يرجع بك الخوف ولا يرهبك حيف البحرين لأن كلاب الإنجليز نامت على عظمة الجوع الأخيرة. في سلة الرحمن. فانتبه للرأس فهي ذهب الوقت في زمن الشدة. وهي نبيذ القداس الأخير في خوابي الفرح. لا تسأم المدن، لا تتوسم السهوب، احسم أمرك وسافر إلى حيث القت، تألق وتأنق لزمن الرهبة. الرحبي في ضيافته تأكل السباع أبناءها ويشبع الذئاب من دم الغزال. لا تتوسل حوذي السماء على عربات النور. تيقظ أيها الطائي. فقد طال الشيب شعرك وأنهكت مداميك أحلامك. واختلت سرايا الندامى السرابية في سروة القادم من الصراط. فاحلل فراش رغباتك. لا يأخذك الوهن ولا يغويك ظن الظنين بشعار الطين. تمسك برحبي القوافي. صديق الرياح. خاطب عيون الرياحين بديوان الأمل، وارْسم على وجه صحار ضحكة النحل. تأنق أيها الطائي النقي، أنفق وينفقك السيل. فالرحبي نوتيٌّ جليل. يطلع من سمك الحوت زيت الزمان. ومن حوت ظفار أقاليمَ من تبر الوقت وخلاصة الرمان. متشحا بنار الأمل. يشخب في سلاسل الشعر. يشع في وهج غربة رأسه . وحيدا على صهوة الوقت العماني. تلفه السيول. ويزنره البرق. يهابه الشلال. وترتديه في عرسها الصبايا الراقصات على رؤوس الجبال. لا تبتئس أيها الطائي المعمد بأسرار العذارى وشياطين الماء. ليس كما شهدت تحت شجرة اللوز العتيقة. وأحضان الوردة. ليس كمثل عذب عذاري البحرين. مذهلا كنت ومنشغلا بمشاكسة فواصل الألم وخوض معارك الرؤية. كان سيف طفلا يجر عربة الغربة نحو ظفار. مغنيا لأحلام الصغار وكادحا. كان بين الحروف المشعة بنيران السعير. معلقا بين الفاصلة والنقطة. سرابي المخيال. سيابي الشراسة. كانت ضفائره السوداء تشغل الصبايا وتشعل هياج العشق الظفاري. محبي سيف.. تمسك بسيفك وشد حزام كلماتك الأخيرة. دع الخيول تمضي إلى حتف الوديان ودع السيل يجرف المعاني. تعال إلى الطائي وتآزر مع الفراهيدي في ري الأفلاج. كن صبيا عاقلا وشابا طموحا وكهلا مزواجا وشيخا حكيما. فالشعر لا يرحم المتراخين. وميزانه بالقنطار. أصدقني الكلم فأنا صديقك الغيور على شفير الناي وحافة النوى.