إبراهيم منصور
كاتب مصري
من القرية إلى المدينة
ينتمي الشاعر عزمي عبدالوهاب لجيل من الشعراء المصريين، اعتدنا أن نسميه جيل الثمانينيات، ولو نظرنا في دواوينهم لتأكد لنا أنهم نشروا هذه الدواوين في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين لا في ثمانينياته، فبين عامي 1996 و1998م نشر كل من سمير درويش، ومحمود قرني، وإبراهيم داوود دواوينهم الأولى، وعزمي عبدالوهاب أصغر سنا من هؤلاء الثلاثة بأربع سنوات تقريبا، لكنه نشر ديوانه الأول بعنوان “الأسماء لا تليق بالأماكن(1)” في عام 1996م.
ولد عزمي عبدالوهاب في قرية الدراكسة، مركز منية النصر، محافظة الدقهلية يوم 10 ديسمبر من عام 1964م، ودرس اللغة والأدب العربي في كلية الآداب، جامعة المنصورة، وعمل بالتدريس لعدة سنوات، منها عام عمل فيه معلما للغة العربية في المملكة العربية السعودية، ثم استقر في القاهرة، وفي القاهرة تاه عزمي كما تاه من قبله أحمد عبدالمعطي حجازي (مواليد 1935م) قديما، وقد صوّر لنا غربته في ديوانه الأول “مدينة بلا قلب” الصادر عام 1959م. لقد تاه كل الشعراء من أبناء الفلاحين، حين صدمتهم المدينة الكبيرة، لكن صدمة حجازي القديمة، كانت ناتجة عن انتقاله من القرية الصغيرة إلى العاصمة القاهرة في منتصف خمسينيات القرن العشرين، أما عزمي وبعض شعراء جيله فقد انتقلوا من القرية إلى المدينة أولا (بنها -المنصورة – شبين الكوم – كفر الشيخ) ثم كان انتقالهم إلى العاصمة الكبرى بعد أن أنهوا دراستهم الجامعية، لكن الاغتراب لاحقهم في الثمانينيات كما لاحق حجازي في الخمسينيات، يقول عزمي عبدالوهاب في ديوانه الأول:
المدينةُ ممتدةٌ بحجم قبضةٍ خرافية
والموسيقى التي تنسالُ مِنّي
لا تكفي
لخلق اتجاهٍ واحدٍ
لقريةٍ بعيدة(2)
وفي ديوانه الثاني “بأكاذيب سوداء كثيرة” الصادر عام 1998م، كان الشاعر ما يزال في حالة مراوحة، فهو منسحق بين سندان الرغبة في ترك القرية نهائيا، ومطرقة القاهرة (الندّاهة) بقسوتها، فيكتب:
في كل مرة
تعطي ظهرك للطريق الترابية
تقسمُ: لن أعود
لكنك بعد أسبوعٍ على أكثر تقدير
تقطعُ الطريق نفسها
تطرقُ الباب نفسه
فتأخذ “زاهية” لصدرك
وتقاسمُها التبغَ والوحدة القاسية(3).
فبرغم العودة لحضن الأم “زاهية” يظل القلق يلازم الشاعر، والوحدة تنهش نفسه.
أضحت قاهرة الثمانينيات مغايرة لقاهرة الخمسينيات، لكن الاغتراب فيها كان أكثر فداحة، إذ يلاحق شبانا قد التحقوا بالجامعة وأنهوا دراستهم فيها، ثم أخذوا ينشدون العيش ولابد لهم من وظيفة توفر لهم دخلا لزوم المأكل والمشرب وإيجار السكن، ثم لزوم الزواج والاستقرار، كما يتطلب الوضع الطبيعي لكل شاب مصري قد جاوز الخامسة والعشرين، فقَدَ كلُّ شاب من هؤلاء دفءَ العائلة، وطعامَ الأم، فذهب ينشد حضن امرأة، أية امرأة، لذلك كانت المشكلة “العاطفية” أو “المسألة الجنسية” موضوعا شعريا، عند عزمي كما عند غيره من الشعراء، ولم يكن علاج المشكلة شعريا بكتابة القصائد العاطفية، قصائد الحب الرومانسي، بل كان العلاج الشعري أشبه بالعلاج القصصي الذي لجأ إليه صنع الله إبراهيم في قصته الصادمة “تلك الرائحة” الصادرة عام 1966م. معالجة “فزيولوجية” كما قال يحيى حقي(4) عن عمل صنع الله إبراهيم في توصيف غير متعاطف.. يريد يحيى حقي أن يشير إلى المدرسة الطبيعية في الأدب، حيث كانت هذه المدرسة ورائدها “إيميل زولا” يميلون- في سبيل الإغراق في الواقعية- إلى اقتطاع “شريحة من الحياة “(5) «slid of life».
وحينما يغترب الشاعر عزمي عبدالوهاب في السعودية، تصبح الغربة مزدوجة، تصبح اغترابا كاملا، فيكتب مقطوعات شعرية بعنوان “قصائد مجنونة جدا” يحاول فيها تصوير حالة “المتسكع” ليقلد “رامبو”، إنه يتخيل نفسه مجنونا يقاوم الواقع الذي يخاصمه في كل مكان، ثم يخلص إلى أنه عاجز عن ارتكاب أية أفعال جنونية تودي به إلى “التّرْحيل” أو السجن، فيقرر:
ماذا سيحدث؟
يلصقون بي تهمةَ الجنون
أو يخرجونني من جحيمهم
لذا
لن أبرحَ جدران البيت
في الأسبوع القادم(6).
سيكون جنون القصيدة، بديلا لادعاء الجنون، لذلك أخبرني الشاعر عزمي عبدالوهاب أن تجربة العمل مدرسا في الخليج لمدة عام واحد لم تكن لها من فائدة إلا الإصرار على كتابة قصيدة النثر.
قصيدة جديدة
ينظرُ شعراء قصيدة النثر إلى قصيدتهم نظرةً مغايرة للشعر قبلهم، حتى شعر التفعيلة لم يعد هو النموذج الذي يحاكونه، ويرغبون في مواصلة الطريق على دربه، وعزمي عبدالوهاب بدأ يكتب الشعر حين كانت قصيدة التفعيلة فقدت كبار شعرائها في مصر برحيل صلاح عبد الصبور، ثم أمل دنقل، وتوقف حجازي عن كتابة الشعر، هنا وصل عفيفي مطر لآخر مدى، وخَفَتَ تأثير أدونيس، وانتقل أشهر شعراء جيل السبعينيات حلمي سالم (1951 – 2012م) إلى منطقة الأعراف، فهو يحتفظ بالتفعيلة ويدخل مقاطع نثرية في قصيدته، ويكتب مدافعا عن قصيدة النثر(7) وقد أخبرني عزمي أنه في بداية بحثه عن دواوين الشعر، فُتِنَ بشعر كل من صلاح عبدالصبور وأمل دنقل، وتأثر بهما.
انتمى عزمي عبدالوهاب إلى جماعة شعرية كانت تنشر في مجلة “الكتابة الأخرى” التي أنشأها الشاعر هشام قشطة، وصدر العدد الأول منها في أول مايو 1991م، ومحرر المجلة ينتمي لقرية “الدَّرَاكسة” سابق لعزمي، وهو أستاذ له، لذلك سبق في الرحيل إلى القاهرة، والمفارقة أن العدد الأول من الكتابة الأخرى تزامن صدوره مع صدور العدد (الأول) من مجلة إبداع التي تولى أحمد عبدالمعطي حجازي رئاسة تحريرها، في إصدار جديد، بعد الدكتور عبدالقادر القط، فأخذ هشام قشطة المحرر العام للمجلة يفنّد كلام الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي عن ثقافة النخبة(8)
الاغتراب الفكري والثقافي، قراءة ماركس والنفور من السلفية المنغلقة، والمعاناة من أوبئة وأمراض متوطنة تعاكس الجسد وتحصره في منطقة الانعزال والانسحاب، مثلما تصنع البلهارسيا بالشاعر وأهله من الفلاحين، ثم إذا بمعاناة الشاعر مع الوسط الأدبي تنضاف إلى كل ذلك:
تأكدتُ بعد ذلك
أن الله لن يسامحني
لأني أكتب (قصيدة النثر)
وأخبّئُ اسم حبيبتي
فيصير ربيعا مبعثرا
في بحيرةٍ راكدةٍ بصدري
هل يستقيمُ الأمرُ هكذا؟(9)
في زمن لاحق سيكتب عزمي عبدالوهاب قصيدة بعنوان “القَتَلة” ويهديها على هذا النحو “إلى أطفال قانا رغم أنف قصيدة النثر”، ولم يحدد الشاعر متى كتب القصيدة المنشورة في ديوان “حارس الفنار العجوز”، لكن الذي نعرفه أن مذبحة “قانا” وقعت في شهر أبريل عام 1996م في جنوب لبنان، لكن مذبحة أخرى أيضا وقعت في القرية نفسها عام 2006م، حيث تم انتشال 27 جثة طفل من بين 55 جثة لمدنيين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي كما قتلت المئات من المدنيين في المذبحة الأولى. لكن الشاعر يرى نفسه ملزما بإدانة القتلة، حتى لو كانت الإدانة بسطور شعرية تنتمي لقصيدة النثر، يقول الشاعر في مطلع قصيدة القتلة:
يا إلهي
إنهم يشبهوننا تماما
أيديهم تتحرك في الهواء حين يسيرون
أقدامهم ترتكب الخطايا ذاتها
عيونهم ترى ما نرى
ولابد أن دما يجري في عروقهم
أنا متأكدٌ
أنهم يشبهوننا تمامًا(10)
إذا كان القتلة يشبهوننا، فلماذا لا تشبه قصيدة النثر شعر التفعيلة أو القصائد العمودية، ولماذا لا يدعو الشعر إلى جهاد الظالمين كما كان الشاعر حتى منتصف القرن العشرين ينادي:
أخي جاوزَ الظّالمون المَدَى..
فحقّ الجهادُ وحقّ الفِدَا(11)
الذي يبدو من القصيدة أن الشاعر استغرق في وصف القتلة بصفات لم تخرج عن صفاتنا نحن المقتولين، هم يشبهوننا في الشكل والحركات، والعواطف، وألوان الطعام، بل في فلتات اللسان، فلماذا يقتلون أطفالنا غيلة، كما لو كانوا حيوانات مفترسة، لا تملك إلا السلوك العدواني بديلا للموت جوعا وعطشا؟
ثم يعود الشاعر ليستدرك على نفسه، فيصف القتلة قائلا:
إنهم يشبهوننا تمامًا
لكنهم يختبئون في الملاجئ
حين تناديهم صفّارات الإنذار
بينما يحشو أقاربُهم الطائرات بالقنابل،
القنابل التي لا تأسى لبكاء طفلٍ
أو شيخٍ
يتكئُ على حزنه في صمت
أطفالهم يكتبون على الصواريخ
تحيّةَ المساء لأطفالنا.
إن هؤلاء الأعداء يهزأون بنا، وقد وجدوا في أنفسهم الرغبة أن يربُّوا أطفالهم على غير ما نربّي أطفالنا عليه، من أنماط التربية، إن كل ما يفعلونه يصدر بإرادة منهم، قتلنا، أو تجاهلنا وتجاهل ما نتشارك فيه معهم من أرض وأنماط سلوك. لكن لماذا يصرّ الشاعر على تصوير معالم الشّبَه بيننا وبين أعدائنا، برغم هزيمتنا وانتصارهم؟
صدقوا فقط
أنهم يشبهوننا
في الهزيمة التي تأكل الروح(12)
يخلص الشاعر إذا، إلى هذه النتيجة، الهزيمة التي التهمت أرواحنا، هزيمة مشتركة بيننا وبين أعدائنا، أما بالنسبة لنا فهي ليست هزيمة عسكرية، قد تكون هزيمة حضارية، حينما يلفّ الشبان في الشوارع يبحثون عن ما يشبع حاجاتهم الروحية والجسدية، سواء أكانوا من الشعراء، أو كانوا من الصنّاع والمهنيين، فهم شبان يملكون طاقة، ولهم حاجات جسدية ونفسية، لابد أن القصيدة كتبت عند المذبحة الثانية في صيف 2006م، عند اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان، والشاعر عزمي عبدالوهاب، وجد نفسه مغروسا في الهزيمة المتكررة، هزيمة أمام الحياة، أولا، قبل أن تكون هزيمة أمام جنود خائفين ويشبهوننا كما أصَرَّ على وصفهم في قصيدة القتلة.
الشكل والمضمون
ما الذي يجعل قالب قصيدة النثر لا يقبل قصيدة مثل “القتلة” التي كتبها عزمي عبدالوهاب، إلا مرغما؟ أيكون ذلك لأن قصيدة النثر تخاصم شعر “المناسبات”؟ أم يكون ذلك لأن زمن قصيدة النثر قد جافى الجهاد ومقاومة الأعداء والدفاع عن التقاليد القديمة؟
يظل البحث عن شكل للقصيدة ديدن الشاعر عزمي عبدالوهاب، فهو مغترب في قصيدة النثر، وغربته من مغايرة السياق الثقافي الرافض لها، وإن كان يحتمي بجيله والجيل التالي له من الشعراء، الذين حزموا أمرهم على مغادرة قصيدة التفعيلة إلى غير رجعة، والشكل الجديد الذي لم يعد مختلطا بالشكل القديم، كما هو الحال عند شاعر شهير هو حلمي سالم، أصبح بعيدا عن اهتمامهم.
والشاعر عزمي عبدالوهاب في غربته داخل قصيدة النثر نفسها، ما يزال يحاول تجريب شكل، وبلاغة لقصيدته، فالقصائد عنده لا تستقر على طول محدد، ولا تنبني على نمط موحد أو متقارب، بل هناك محاولات دائمة للوصول لشكل للقصيدة، يرتضيه الشاعر ويستقر عنده.
مثل كل شعراء قصيدة النثر فإن الشاعر عزمي عبدالوهاب يدخل السردية في بناء القصيدة، كما يدخل موضوعات الحياة اليومية التي كان عبد الصبور مسها مسًا خفيفا:
ورجعتُ بعد الظهر في جيبي قروش
فشربتُ شايًا في الطريق
ورتقْتُ نعْلِي
ولعبتُ بالنرْدِ الموزّعِ بين كفّي والصديقْ(13)
وأثارت هذه الجملة الشعرية نقدا مناوئا، ثم أصبحت من مآثر عبدالصبور التي تحسب له، لكن قصيدة النثر أصبحت معنية بما أشرنا إليه من محاكاة للمدرسة الواقعية الطبيعية في الأدب، فوجدنا الشاعر يضع في قصيدته “شريحة من الحياة” لا يشترط أن تكون حسية صادمة، يقول عزمي في مقطع بعنوان “خيط دم”:
سكينة المطبخ
والأواني التي أجّلَت غسلها
والتراب الذي يعلو صورة كبيرة
تبتسم في بهو البيت
وحبلُ الغسيل
الذي انقطع عن الغناء
منذ عامين(14)
لابد أن ننصف عزمي عبدالوهاب حين نقف عند هذا النمط من “التناصّ” مع موضوعات الحياة اليومية، واقتطاع شريحة من الحياة، فهو يفعل ذلك بحرفيّة واقتدار، ويبني المشهد على المفارقة، كما في هذا المقطع من قصيدة “الأشياء التي تتكرر.. الأشياء التي ترحل”:
لن أحكي له عن المرة الأولى التي أمسكت بها
الهاتف.. فأعجبني صوت البنت الجميلة: “من
فضلك أعد المحاولة مرة ثانية فالرقم المطلوب
غير موجود في الخدمة” وربما.. سألته
عن رقم بطاقته الشخصية..
هذه المفارقة المضحكة التي تصور سذاجة مستعمل الهاتف المحمول، وغفلته عن فهم رسالة شركة الهاتف المسجلة آليا، يدخل الشاعر النص المقتبس في نسيج القصيدة، حين يجعل القصة ذكرى لا يحب صاحبها أن يرويها، وهي ضمن حيل بلاغية منها السؤال الاستفهامي أو الاستنكاري، ومنها التكرار، ومنها الإجمال مع التفصيل، وهكذا يعاني الشاعر مع قصيدته، ويعاني من أجلها، فهو يعيش لها مخلصا متبتلا، وهو من الشعراء المقلّين الذين لا يتعجلون النشر، ولذلك كان عزمي عبدالوهاب من أقل شعراء جيله تفاوتا في مستوى شعره.
غُرْبَة
قد تعطينا العناوين إشارات إلى دلالات، والاغتراب من الدلالات التي تشير إليها عناوين الدواوين عند عزمي عبدالوهاب، وهو أمر واضح منذ أول ديوان “الأسماء لا تليق بالأماكن” فهي ليست إلا إشارة إلى القلق والتنافر، أما عنوان “بأكاذيب سوداء كثيرة” فدلالته بينة على رذيلة لم نعد نستطيع طمسها، أعني رذيلة الكذب، فمنها “بكاء خطيب الجمعة في المسجد المجاور” أو في أكاذيب (مبالغات) إعلانات التليفزيون، وأما عنوانه “يمشي في العاصفة” فقد يدل على التحدّي وقوة الإرادة، لكنه أيضا يشير إلى الخطر، وأخيرا “حارس الفنار العجوز” الذي تنهشه الوحدة، وقد علت به السن، وانفرد، بين عتمة الأمواج ووحشة الشاطئ.
في مقطوعة صغيرة بعنوان “يا أبي”(15) ، يقول الشاعر:
يا
أبي
أما كان لك أن تختار لي اسما
غير اسمي
حتى إذا ما ناداني صوت من الماضي
عرفْتُنِي؟
كيف وصلت الحال بالشاعر أن يريد الخروج من اسمه؟ لابد أنه يقارف المعاناة على مستوى الليل والنهار، النوم والصحو، السفر والإقامة، العمل والصداقة، لذلك أصبح الآخرون هم الجحيم، ففي ختام مقطوعة بعنوان “الآخرون” يقول الشاعر:
دائما
كنت وحدي
في دائرة مغلقة، يقرر الشاعر البكاء تعاطفا مع السماء، الوطن، الحبيبة، البحر، الأرض، ثم ينتهي الأمر إلى قرار مغاير:
لن أبكي
نيابة عن أحد
هذا قراري الأخير
لأن هؤلاء جميعا
تخلَّوا عني ضاحكين
عندما شرعت في البكاء فعلا.
ولأن بكاء الشاعر هو غناؤه، وإنما كان “الغناء على المسَرّة” فقد قرر الشاعر ألا يغني لأحد، هذا في الظاهر، وأما على الحقيقة، فقد بكى الشاعر فعلا، أي غنَّى، فأدخلنا معه في تجربة الحزن والغربة، في القليل الذي توقفنا عنده من نصوصه الثرية العميقة والممتعة. أما دواوينه الأخرى فتحتاج لنظرة وقراءة جديدة، قد لا يكون الاغتراب موضوعها الأكثر ظهورا.