(1)
من أين تنبجس أيها الشعر؟
طازجا كالندى يتكسر في وجه الورد من أين يتفجر كل هذا اللهيب؟ المأخوذ من سطوة الغياب في أعتى مراتب اA271;لم ، هذا الشعر يأتي عادة كالمطر ينهمر في بساتين الروح لتزهر مشرقة بالبهاء ويستعصي أحيانا على الكسر والتشظي كصخرة لا يحركها اليراع.
(2)
نموت ويبقى الشعر متوهجا في كل سماء يستظلها العابرون من كل فج عميق ، إنه المبديء والمعيد لشغاف القلب والروح
(3)
من الطفولة يبدأ الشعر وA271;جلها يبعث في الحياة محركها اA271;ول ومنزلها اA271;ول وزمنها اA271;ول ..لا يستجد عطاء في تفاصيله الحارة التي تشبه الجمر وأحايين تشبه القمر في تجلياته ..حداء المسافر في زاد المسافة وتراويح السامر بعد الزوال وموال العاشق في وحدته وبهجة الضوء في رواحه وإيابه ، وصلاة العصافير كل فجر وغسق قلادة الفقير في أحلامه يرتله المهاجر في القفر البعيد خشية التيه رقية وتعاويذ.
(4)
لا أملك سواك -أيها الشعر -حبا وسلاحا وعطاء شريعتي التي ارتضيتها وإيماني الذي لا يساورني فيه الريبة والشك حسبي بك عند حسن الظن حين ينبجس من أعماقي المقهورة بالحزن والخطايا نبع رقراق يشربه الصادي والعابرون.
(5)
آه منك … أيها الشعر ..أيها الوجع الذي أهضمه بعسر مأواي الذي أسكنه ويسكنني لا أتخلى عنه ماحييت ولا هو بتاركي أذا أدلهمت الغياهب والطقوس المؤرق في ذاكرة الطغاة والبازغ في الجسد والتفاصيل .
(6)
يغرقني في بحر أحلامه أمل وراء أمل وطموح يتA271;A271; ويرحل
… أكتبه -هذا الشعر -أشكال وزوايا أحاديث وذكريات دروب وزوايا مبعثرة ومحطمة أدعوها بك أيها الشعر فتأتي ساعية إلي من غير حجاب كحياة تتجلى فيها الرموز واA271;ساطير.
(7)
هذا الشعر مرة أرسمه على شكل نخلة ومرة يرسمني على شكل منجل مرة يضحكني ويبكيني أكتبه نهارات تشرق وبحار تهدر ، أرسمه كابوسا تقشعر منه اA271;بدان وبروازا لي أحمله .. وأرفعه .. وأضمه .. وألثمه حتى يتوهج الشاعر والشعور، أبتسم له إن أشرقت منه وبه ربيعا مخضبا بالورود له شجر ظله الفسيح يرشد الضال إلى منابعه الكبرى والزاهد يقينا ورؤية .
(8)
تبجل اسمك أيها الشعر رمينا بك أول الشرر فأيقظ فينا ضراوة العشق القديم ، تأويلك جارح ومن يتعاطى التفسير لا تكتمل له الصورة فراغ وحاد عن القصد مفتونا بماليس فيك.
(9)
مراقيك أيها الشعرأجمل من حلل اA271;رض لا يضاهيك عرش حسناء أو حجر كريم .
لطالما أصابوا من ساروا على دربك حفاة يبتغون وجهك اA271;على يبحثون عن روضك الموغل في غياهب الجرح والايام الحبلى بالقسوة والحروب يحفرون عميقا جدا في النفوس والمآقي .. ربما تتجلى قطرات تبلل ظمأهم العظيم إليك فيصنعون من نبعك -إذا تفجر وهم يلهثون-حياة تغنيهم عن كل قصد
(10)
تقدم أيها الشعر فليس لنافي هذا الموكب الجليل إلاك ، تقبلني ضوء يخترق النوافذ A271;نير بك ديار الظA275;م.
(11)
سلاما عليك أيتها الورقة البيضاء قادم إليك بالطهر واA271;عتذار أقف للصلاة بين يديك وقد اغتسلت بالماء والبرد من الذنوب والخطايا كي أمسك بالقلم مقتربا منك في تبتل وابتهال أكتب مايمليه وحيك ، لقد تضمخت A271;جلك بالعطر وبخرت غرفتك بالعود والصندل واللبان وفتحت بابك باسم الرب تقدست سطورك البيض كالثلج في سقفك سماء تحلق حروف وكائنات أنحتها باA271;زميل على جسدك سينبجس نجيع غزير سأراه يتدفق- رغم الموت والغبار-ولا ألقي له بالا ، سأواصل النحت كحرب ضروس إذ .. أروض حروفك تتشكل بدم الكلمات ظفرا نتوجه معا على عرشك حتى نصبح رهن يديك ولا تضل شمسك حين تشرق وقمرك سيغمرك بنوره قربان وطقوس ..الضياء سفرك الذي أطعمنا من جوع وآمنا من خوف. في حضرتك يقف العالم في خشوع ،كلا .. يغترف من معينك يحرثون تاريخهم لمجدا كما يدعون أنت الفيصل بينهم … من يطفىء النار ويضرمها.
(12)
أيها الشاعر …عذب نفسك بوجع يشبه ألم الميلاد يتصدع يتزلزل ينهار …. دعها .. تسافر شرقا /غربا تلحق بأزمنة ولت وأزمنة تأتي وأمكنة كالأسطورة تبعث من ذاكرتك ..لا ترحمها أبدا فأنت تبني مالا عين رأيت ولا أذن سمعت أجمل قصرا أسسه الحرف شاهقا في السماء ، قدم جوارحك كالقربان أشرب فناجين القهوة وأنفث سجائرك وأسرج ليلك وتبتل تبتيلا وانتظر … وترقب عل قصيدة تأتي من رحم هذا السغب /الظمأ للحرف. علها تأتي وتفسح فرحا في النفس كبيرا كي تكتبها وتريح مخاضك بالمكتوب .