الرجفة
حين أخذني الليل من وجهي, عبر أزقّة ضيّقة,
أوصدتْ المنازل شرفاتها, ولم تتأكد تماما
من الرجفة في صدري.
كنت أخشىعلىحزني النحيل من الظلام,
حزن ليس له ذاكرة, ولا يد يتلمّس بها الضوء الشاحب.
سأترك كل شيء, لن يتبدّل هذا التراب, والقلق المرابط
عند مواقف السيارات.
كيف لم تر القاتل الذي أمامك؟
ثمّة خطأ ما؛
القاتل جاء مبكرا هذه الليلة.
مثل ابتسامة الموناليزا كان مشهد الشارع, مغتبطا
بالتعاسة, وهي ترتل آياتها السرّية فوق جثتي.
ليس الأمر ممتعا بالطبع, فالليل لم يكن يفضل
السريالية, ولا قصائد سان جون بيرس, كان
يشعر بارتياح للغياب المباغت,
للحقائب التي لا تغتسل من وعثاء السفر.
بإمكانك أن تتذكر ملامح البيوت المفرطة
في النسيان, والغرف التي تحت أظافرها إرث
الرغبة, والفزع الأبوي.
في المستقبل, وأنت تتحرر من ليبراليتك, ستعرف
أن الليل لم يبتهج باصطياد فريسته, ولم يترك
لك صفة الرجولة.
في نهاية الأسبوع
في نهاية الأسبوع:
أفتح البريد الالكتروني على رسائل مجهولة المصدر,
رسائل بعثها الأصدقاء الذين يحملون أفكارا قليلة الدسم
عن العولمة, أصدقاء شربت نخبهم على موسيقى زياد
الرحباني, وماركات تجارية تعلمت منها نسيان الآخرين.
في نهاية الأسبوع:
تثبّت عينيك على كون افتراضي في انتظار أن تشوي
الرغبة, قبل أن تتناولها بلذّة بيضاء.
مثل أرنب برّي, كنت تقفز فوق صور المجلات المهرّبة,
تحت طاولات التلاميذ, بنية مدفوعة الأجر,
صور تتأبط حريتها, ثم تختفي كالقراصنة على دراجة نارية.
كالبحر حين يتحول إلى مائدة بنفسجية منتصف القيلولة.
هكذا, يقدم القرابين في نهاية الأسبوع,
ويتعقّب أثر أنفه الحسّاس,
أنف يعرف طريق الخطيئة, ويحفظ جيدا
ذكرى الرائحة.
الليل
الليل..
لايزال الوقت مبكرا على توتره الخشبي, هو لم يغادر المنفى بعد,
ولم تستيقظ فحولته المنهوبة كسقط المتاع, حتى ذكرياته الضئيلة
الحجم, لم تستطع أن تغادر كهولتها, ولم تعبر دم الحلاج بكلّ أسف.
ما قيمة أن يغادرك هذا الليل دون أن يحدد معنى للجحيم, معنى يقف على قدميه دون عملية جراحية.
على أيّة حال, هو لن ينهض قبل أن يحرّر الأجنحة المختطفة, الأجنحة الواثقة من الألم.
كان يقتعد كرسيّا على مبعدة من اليقين, غير أنّ نجمته سقطت
فجأة في فخاخ الريبة.
من الواضح أن الشاعر أفلح في القبض عليه, وإيقاف حكمته العشوائية, حكمته التي تهدد نواياه الجاهزة للذبح.
كم كان الأمر شاقا ومؤسفا للغاية,
أن يرهق أرواحنا التي تتعذب,
لكثرة ما رأت وجهه المتجهّم, وهو يخرج خائفا
من قلب الشجرة, والريح الباردة تبحث في شعره
عن شيء مفقود.
لا أحد غيره التقطْنا بين مخالبه,
وحلّق بنا عاليا.
الصحراء
لأنّ الصحراء تخدش فؤادك بحذر
لم يعد لك ما تشير به لذكرى تتآكل في حلقك
لشهوة تفجع الأوتار بخروجها المباغت
لخوف يشهق في جوفك.
غداً, تأتي على كتف الدهشة تبحث في حقائبك
عن برق أعزل
برق عامر بالهشيم
قريباً من مرمى القصيدة التي تكابدها
تمسح البراهين من على مقبض الشك
تتتبّع مجهولين يتخافتون بتقطيع الرمل
بلا رحمة يتقدمون
على الأضرحة الهاجعة
على خيالات الفرسان وهم يطلقون لها العنان
في ذروة الجوع.
……
……
كم هي ثقيلة صخرة الصمت.