ليس العائق الذي يهدد المسار السياسي لامرأة مثل « الخيزران» ، التي اهتمت بالسياسة اهتماما بالغا وأبانت فيها عن مواهب عالية ، بيولوجيا ( لكونها امرأة) ولا قانونيا ( لكونها أمة) ، بل مجاليا : لكونها تنتمي إلى الحريم ، الفضاء الداخلي ، فضاء السلم المناقض للفضاء العمومي ، فضاء الحرب. وكل المؤرخين يحلو لهم أن يكرروا على مسامعنا بأنها سادت وحكمت الإمبراطورية الإسلامية في عهد ثلاثة خلفاء : زوجها المهدي فيما بين 158 و169 هـ ( 775-785 م) وابنها البكر الهادي، وابنها الأصغر الذي كانت تعزه هارون الرشيد ، الأسطوري المهيب الذي حبته الطبيعة بمواهب خارقة ، وتحتضنه الذاكرة مثل جوهرة ، والذي حظي بنعمة تحقيق أحلامه في حياته من دون أن يستسلم لسحرها ، ولما أصبح خليفة اعترف لأمه بمواهبه وأظهر للعالم الإسلامي بأنه لا يخجل من تقاسم السلطة مع امرأة إذا ما كانت لديها فطنة شبيهة بفطنة الخيزران . لكن هارون الرشيد بصنيعه هذا أكد مرة أخرى تلك القيود المفروضة على امرأة الحريم ، سواء أكانت محظية أو وصية على العرش ، فهي لا تمتلك السلطة إلا من خلال الرجل وبموافقته ، ولا يمكن لمسارها السياسي أن يتجلى في المجال العمومي إلا مقنعا بحضور الرجل .
لذلك سيظل المسار السياسي لـ«الخيزران» حتى النهاية مطبوعا بالمصير المقدر على الحريم : قوتها دفينة سريتها ولا تعكس سوى سلطة الآخر. ويوم وفاتها أدركت بغداد مدى عظمة الأم من خلال الألم الذي انتاب الابن ، إذ من المفترض أن يبين الخليفة عن قدر كبير من الرصانة وتمالك النفس حيال موت امرأة عزيزة عليه ، وأن يحاول بوجه خاص أن يخفي ألمه أمام الملأ . غير أن هارون الرشيد خرق كل الطقوس : طقوس الخلافة وطقوس الجنازة ، وكان من معجزة هذا الرجل الواثق من نفسه أن ازدادت هيبته بين الناس . يورد الطبري شهادة رجل حضر مراسم دفن الخيزران عام 173 هـ : « قال رأيت الرشيد يوم ماتت الخيزران وذلك في سنة 173 هـ وعليه جبة سعدية وطيلسان خرق أزرق قد شد به وسطه ، وهو آخذ بقائمة السرير حافيا يعدو في الطين ، حتى أتى مقابر قريش فغسل رجليه ثم دعا بخف وصلى عليها ودخل على قبرها» (1)
لقد ظلت «الخيزران» تتحدى الإمبراطورية وتقاليدها حتى وفاتها .
و« الخيزران» ، واسمها مستمد من نبتة ترمز إلى الجمال والليونة ، بهرت النخبة من سيدات القوم اللواتي كن يقلدنها في حليها وتسريحات شعرها ، وكذا عامة الناس الذين أعجبوا بها من خلال حكايات «ألف ليلة وليلة» ذلك المتخيل الشعبي الذي يصفها ، بحق، كأقصى حلم يمكن أن تحققه المرأة في حياتها، حيث يرتبط الإغراء بالثروة والقوة ارتباطا وثيقا في تشابك شهواني. فقد اتخذت مواقف سياسية هامة جدا بحيث يمكن القول دون مبالغة إنها تركت بصمتها على حقبة من أهم الحقب في العصر العباسي، وليست هناك سوى معلومات قليلة حول مظهرها البدني ، كما تؤكد ذلك نبية عبوط التي أفردت لها نصف كتابها « ملكتان في بغداد» (2) . ولا تزال نبتة الخيزران حتى يومنا هذا تعبر بليونتها ورشاقتها عن شيء لا يوصف في خبايا الجسد الأنثوي .
ومن عبارات التغزل التي شاع الهمس بها لدى مرور الصبايا في بعض المدن القديمة التقليدية بالمغرب ، وما زالت سارية حتى اليوم قولهم : « الله على قضيب الخيزران» ، لكن «الخيزران» أضفت على هذه النبتة بعدا سحريا غير مسبوق . وكما هو الشأن في الخرافات فقد عانت الخيزران في شبابها من مصاعب كثيرة، قبل أن تنطلق في رحلة التألق المذهلة.
ولدت «الخيزران» من أبوين حرّين ، في منطقة من اليمن تدعى « جرش» ، وهذا ما اتفق عليه المؤرخون باستثناء ابن حزم (3).ومن المحتمل أن يكون مخطئا في ذلك ،لأن هذا التفصيل من الأهمية بمكان. فاليمنيات من النساء العربيات اللواتي لم يتركن الرجال ينفردون لوحدهم بالسياسة. هل مرد ذلك إلى ذكرى ملكة سبأ التي ظلت راسخة في الأذهان رغم مجيء الإسلام ؟
«الخيزران» عربية من اليمن ، حسب معظم المصادر، جاءت إلى قصر بغداد في وضع أمة ( بفتح الهمزة والميم) ، مع أنه يحرم على المسلم أن يستعبد مسلما آخر، هذا ما تنص عليه الشريعة. وليس هناك أي مؤرخ كلاسيكي اهتم بوضع الرق موضع تساؤل ، بعد مرور قرن على وفاة النبي الذي بين في شرائعه ومبادئه بأن الكفار أسرى الحرب وحدهم يمكن أن يتخذوا عبيدا. (4) وكان قانون الحرب يخول للملك المسلم الذي يغزو بلدا آخر أن يسبي سكان هذا البلد ، سواء أكانوا رجالا أو نساء . ينبغي إذن توفر عنصرين اثنين لكي يتم إخضاع الشخص للعبودية : أن يكون كافرا بالدرجة الأولى ، ثم جزء من غنائم الغزو . واليمن كانت من البلدان الأولى التي اعتنقت الإسلام منذ عقده الأول . فكيف يمكن تفسير أن يمنية كـ «الخيزران» تتخذ أمة ؟ على كل حال فقد جلبت من طرف أحد البدو وبيعت في مكة . وتنقلت من نخاس إلى آخر لتجد نفسها في قصر الخليفة المنصور أب المهدي(5) وأثارت انتباه المنصور منذ العبارات الأولى التي تلفظت بها حين سئلت عن أصلها :
«ولدت في مكة وترعرعت في جرش ، بأقاليم اليمن».
– ألديك أقارب على قيد الحياة ؟ سألها الخليفة.
«كلا، أمي لم تلد سواي» أجابت الخيزران ، ثم أضافت بعد برهة صمت جملة تركت أثرا عميقا في نفس الملك : «أنا وحيدة ، وليس لي في هذه الدنيا إلا الله».
هذه الكلمات أثرت في نفس الخليفة فأصدر أمره بأن توهب لابنه المهدي : «اذهبوا بها إلى المهدي وقولوا له إنها ستكون صالحة لإنجاب الأطفال» (6) وهكذا وجدت نفسها أمام من سيضع الإمبراطورية تحت قدميها بعد توليه الخلافة.والجدير بالإشارة أنها كذبت على الخليفة المنصور، فهي لم تكن وحيدة أمها ، وبدون عائلة ، ولم تكشف عن وجود أمها وأختيها وأخويها إلا بعد أن اطمأنت على مستقبلها ، وأنجبت طفلين . وأسرتها التي كانت تعيش في اليمن في فقر مدقع ، ستجلب إلى قصر بغداد لتعيش في رخاء وتعوض ما فاتها. ويبدو أن إغراء الرجال كان اختصاصا عائليا ، فقد حاولت أختها أسماء أن تسرق منها المهدي ، لكن هذا الأخير سيثوب إلى رشده ويعود إليها (7) وأختها سلسل ألقت بشباكها على أمير آخر حيث تزوجت من جعفر أخ الخليفة المهدي . وأخيرا عين أخوها غطريف واليا على اليمن .
وإذا كانت «الخيزران» هي الجارية المفضلة لدى المهدي ، فهي ليست المرأة الوحيدة في حياته ، وكونها أفلحت في الزواج بعقد مطابق للأصول يوضح لنا مدى تأثيرها. فطبقا للقانون لا يمكن للمسلم أن يتزوج بمملوكته . بإمكانه أن يجامعها وأن يكون له معها أولاد بدون عقد نكاح ، وذلك في نطاق الشرعية المطلقة . وهذا ما يقودنا إلى مقاربة مفهوم تعدد الزوجات وفهم سبب امتلاء الحريم بالجواري في وقت الفتوحات . والجميع يعلم بأن الإسلام لا يبيح للرجل أن يتزوج أكثر من أربع زوجات . ورغم ذلك ينبغي أن نضيف بأن هذا الحد لا يشمل إلا النساء الحرائر لأن الشريعة تمنح الرجل المحظوظ ، فضلا عن الزوجات الأربع اللواتي تزوجهن بعقد نكاح ، الحق في إقامة علاقات جنسية وإنجاب أطفال مع أكبر عدد من الجواري والنساء المملوكات ، وذلك وفقا للآية الثالثة من سورة « النساء» التي يقوم عليها مبدأ تعدد الزوجات كمؤسسة ، ويجعلها غير قابلة للطعن :
« فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (8)
لا حد لعدد المحظيات ، كما جاء في « تفسير» الطبري ، لأن واجبات المؤمن تجاه جواريه ليست هي واجباته تجاه الحرائر من نسائه ، لأنهن يدخلن في ما ملكت أيمانه . (9) . فالسيد ليس مطالبا بالعدل تجاه الجواري المملوكات ، ولذلك يجوز له أن يضاعف من عددهن . والخطر الجسيم الذي كان يهدد الخيزران باعتبارها محظية كان مصدره الجواري بصفة خاصة ، وهن مملوكات مثلها كانت صدف القدر تلقي بهن على أدراج القصر.
كانت الجواري يجلبن إلى الخليفة إما كجزء من سبايا الفتوحات ، أو يبعث بهن كهدايا من طرف من يأملون في أن يحظوا برضا المهدي ، أو يتم شراؤهن بطبيعة الحال إذا كانت لديهن مواهب استثنائية . فقد كان صقل المواهب الفكرية كتعلم الفقه أو الشعر ، أو المواهب الموسيقية كالعزف على آلة العود أو الغناء ، هو السبيل الوحيد المتاح لهؤلاء النسوة العربيات أحيانا ، والأعجميات في أغلب الأحيان ، اللواتي انتزعن من مواطنهن الأصلية وأجبرن على العيش في بيئة غريبة.
ومن بين الجواري اللواتي كانت الخيزران تغار منهن كثيرا جارية تدعى « مكنونة» ، كان لها « وجه حسن وكانت رشيقة القوام»، ممشوقة الوركين والساقين ، خصوصا وأنها كانت مغنية ذائعة الصيت في « المدينة المنورة «موطنها الأصلي. كان المهدي قد اشتراها حينما كان وليا للعهد مقابل مائة ألف درهم . وكان هذا الثمن باهظا جدا مما جعله يحتفظ به في السر، لأن أباه المنصور لم يكن ليقبل بمثل هذا التبذير (10) . لقد كان المهدي مفتونا بجمالها، إلى الحد الذي جعل الخيزران تعترف في وقت لاحق: « ما غرت من أحد من النساء مثلها» (11)
كان ثمن الجواري يرتفع بقدرما لديهن من معارف وإتقان للفنون، ولذلك أصبح تعليم الجواري مؤسسة حقيقية تدر الكثير على من يتعاطونه. وفي عهد الخليفة المهدي ووالده ، بالذات ، اكتسى تعليم الجواري أهمية لا مثيل لها من قبل. وكان معاصرهما إبراهيم الموصلي ، أستاذ الغناء والموسيقى العربية ، يتردد على بلاط هذين الخليفتين ، وهو أول من بدأ في تعليم الجواري الحسان (12) . كان يقدم لهن دروسا جامعة في الشعر والموسيقى والغناء. كانت لديه ، حسب الأصفهاني ، مدرسة حقيقية تضم ثمانين جارية يقمن في الدور العلوي بمنزله إلى جانب جواريه (13) وقد حذا إسحاق ، ابن إبراهيم ، حذو أبيه في عهد ابني الخيزران . كما اشترى منه هارون الرشيد عددا كبيرا من الجواري التلميذات ، وكان ثمنهن مرتفعا جدا ، مما اضطره إلى مساومات شاقة مع هذا الفنان الكبير الذي كان يحيي حفلاته الموسيقية بعد انتهاء المعارك (14) .
كان إبراهيم الموصلي وابنه من أصل فارسي يمدان الموسيقى والغناء بإيقاعات وألحان جديدة ، مستمدة من ثقافتهما الأصلية أو من ثقافة الجواري الأجنبيات اللواتي يتوافدن عليهما ، لكنهما كانا يحشوان الشعر والغناء بكلمات ومفاهيم فارسية . وهناك « شارية»، وهي جارية اشتراها إبراهيم الابن الآخر للخليفة المهدي الذي أعلن نفسه فنانا رغم أنه في مرتبة أمير وكلفته ثلاثمائة دينار. كان يقدم لها دروسا طوال السنة ، خلالها كانت» شارية» تعفى من أي عمل منزلي. إذ كانت تتفرغ للدراسة والتمرن. وفي نهاية السنة حين كان يدعو الخبراء كي يقدروا ثمنها ، كانوا يقولون له إنها إذا عرضت للبيع في سوق النخاسة ستساوي ثمانية آلاف درهم ، مما سيضاعف ثمنها ستا وعشرين مرة (15) . وبعد ذلك بسنوات سمع بها وبموهبتها النادرة الخليفة المعتصم الذي كان يحكم آنذاك ( 218هـ /833م – 227/هـ842م ) فمنح المهدي سبعين ألف دينار، أي ما يضاعف ثمنها الأصلي بستين ومائتي مرة، وقد رفض الأمير إبراهيم بن المهدي بيعها بالطبع. ويفهم من ذلك أن المنافسة بالنسبة للخيزران كان مصدرها الجواري لا زوجة المهدي الأرستقراطية التي أفلحت الخيزران في تجريدها من كل الامتيازات بما في ذلك حقها في تعيين أبنائها أولياء عهد.
إن الانقلاب الذي قامت به الخيزران ، إن صح التعبير، كان يرمي إلى جعل المهدي يعين ابنيها ، وأن يبعد أبناء النساء الأخريات ، بوصفهم الورثة المفترضين . وكان من بين المبعدين على وجه التحديد أبناء زوجة المهدي الأرستقراطية وهي أميرة من أصول ملكية تدعى «ريطة» بنت عمه الخليفة « السفاح» مؤسس الأسرة الحاكمة ، وكان قد تزوجها سنة 144هـ/ 762م . وقبل ذلك بمائة عام في عهد الأمويين الأوائل لم يكن يسمح لأبناء الإماء بأن يصبحوا خلفاء (16). لم يكن يحق لغير ابن الحرة أن يكون ملكا. وقد سبق لهشام بن عبد الملك الخليفة الأموي العاشر(105هـ/ 724م – 125هـ/ 743م) أن قال لزيد بن علي الذي طالب بالعرش: « بلغني أنك تفكر في أن تصبح خليفة. هذا المنصب لا يمكن أن يمنح لك لأنك ابن أمة»(17) ، وقد حاول ابن عبد ربه الذي أفرد كتابه «العقد الفريد» للنساء أن يفهم ظاهرة ارتقاء الجواري ، وكيف تمكن من زعزعة المجتمع العربي الذي ظل، رغم مجيء الإسلام، أرستقراطيا ونخبويا بضراوة . ويذكر أن النبي محمد كان له هو الآخر زوجتان أمتان « مارية» القبطية التي أنجبت منه ابنه إبراهيم الذي توفي في سن مبكرة ، و«صفية» التي كانت زوجاته الأخريات يعيرنها باليهودية : وحين كانت تأتي إلى النبي شاكية ، كان ينصحها بأن تهاجمهن وأن تذكر هؤلاء النسوة الحسودات من أصل عربي وأرستقراطي بأن أباها هو إسحق وجدها هو إبراهيم وعمها هو إسماعيل وأخوها هو يوسف (18) . ورغم موقف النبي والإسلام المناهض للمفاضلة بين الناس والداعي إلى المساواة بين السادة والعبيد إلا أن سكان المدينة المنورة كما يقول المؤلف « كانوا يكرهون الإماء» ، وكانت هناك صفات محددة ينعتون بها الأبناء المولودين من زواج مختلط ، إذ كانت « العرب تسمي العجمي إذا أسلم : المسلماني ، ومنه يقال : مسالمة السواد ، والهجين عندهم ، الذي أبوه عربي وأمه أعجمية ، والمذرع الذي أمه عربية وأبوه أعجمي»، ثم يضيف بأنهم كانوا يطلقون صفة أعجمي على كل شخص لا يجيد العربية ،حتى ولو كان مسلما ،وكانوا قبل الإسلام يستبعدون الهجينين من الإرث (19) . وفكرة المساواة التي ألح عليها النبي والإسلام بقوة مر عليها وقت طويل قبل أن تنتصر على صدود العرب ، كما أن موقف النبي الإيجابي من النساء بوجه عام وزوجاته بوجه خاص ، حيث كان يتيح لهن فرصة التفتح ، وكذا وقوفه إلى جانب العبيد من أجل عتقهم لم يتواصلا إلا بالكاد . فالمساواة بين العبيد والسادة لم تخترق الأخلاقيات السائدة إلا بعد مرور وقت طويل، خصوصا في ما يتعلق بأخلاق النخبة، وبالأخص حين صارت تهدد المصالح الطبقية (20). وعندما علم عبد الملك بن مروان ، الخليفة الأموي الخامس ( 65 هـ / 685م – 86هـ / 705 م ) ، بأن علي بن الحسين ، حفيد الخليفة علي ، قد أعتق جارية وتزوجها بعث إليه برسالة يتهمه فيها بالاقتران بامرأة من الفئات الدنيا ، فأجابه مذكرا إياه بأن « الله رفع بالإسلام الخسيسة ، وأتم به النقيصة وأكرم به من اللؤم ، فلا عار على مسلم ، وهذا رسول الله قد تزوج أمته وامرأة عبده» (21) ، وبعد ذلك ، يضيف ابن عبد ربه ، لوحظ علو شأن الجواري وظهور أشعار وأمثال ضد النساء الحرائر (22).
حصلت الخيزران على موافقة المهدي بتعيين ابنيها وليين للعهد ، فعين في أول الأمر ابنها البكر موسى الهادي رسميا وليا للعهد في عام 159 هـ (755م) . وفي نفس السنة أعتق الخيزران وتزوجها. ولكي يقضي الإسلام على الرق حرم على الرجال الزواج بالأمة قبل تحريرها. وعندما تعتق يمكن التعاقد معها على الزواج بطريقة شرعية. إذ كان وضعها قبل أن تعتق هو وضع « أم الولد»، خلافا للمرأة الحرة التي كانت تسمى «أم البنين»، ومن التجديدات التي أدخلها الإسلام إعلانه أن ابن «أم الولد « من أم عبدة وأب حر سيكون حرا . وكان بإمكان الأمة بعد ذلك أن تتحرر جزئيا بالحصول على وضع أفضل فتصبح « أم البنين» ، وهذا يعني أن زوجها لا يجوز له أن يبيعها بعد أن تنجب طفلا ، وأنها تكون حرة بعد موتها. ولا يمكن لورثة سيدها أن يرثوها كما كان الحال قبل الإسلام.فقد كان لأبناء « أم الولد» نفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الأبناء المولودون من امرأة حرة، يرثون ممتلكات الأب بالتساوي مع الأبناء الآخرين وطبقا لمتطلبات الشريعة ، وبذلك ستتأكد الجواري من أن أبناءهن سيرثون كل شيء بما في ذلك العرش.
وفي تاريخ الإسلام يبدو عدد الخلفاء الذين كانت أمهاتهم إماء مثيرا للدهشة ، وهذه ظاهرة تستحق دراسة معمقة ، لأنها تقدم لنا ، فضلا عن قصص الحب ، بعدا غاية في الأهمية يرتبط بصراع الطبقات والثقافات في العصر الذهبي الإسلامي : هو البعد الجنسي . يلاحظ ابن حزم أن « هناك ثلاثة خلفاء فحسب ينحدرون من أمهات حرائر ضمن مجموع الخلفاء العباسيين . أما بالنسبة للخلفاء الأمويين بالأندلس فليس هناك خليفة واحد من أم حرة « (23). فقد كانت «سلامة» أم الخليفة المنصور (ثاني الخلفاء في العصر العباسي) والد المهدي ، أمة بربرية . وأمهات الخلفاء : المأمون ( السابع) والمنتصر (الحادي عشر) والمعتصم (الثاني عشر) والمهتدي (الرابع عشر) إماء روميات ، وكانت والدة المتوكل (العاشر) تركية (24) . ومع ذلك فقد تجاوزتهن الخيزران جميعهن بإنجاب ابنين سيتوليان الخلافة. ولما أغضبها تعيين ابنها البكر وليا للعهد حاولت أن تضاعف حظوظها فألحت على المهدي بأن يعين ابنها الأصغر والمفضل هارون وليا للعهد هو الآخر. وفي عام 166هـ ( 782م) ، بعد مرور سبع سنوات على تعيين موسى الهادي وليا للعهد، قام الخليفة المهدي بتعيين هارون الرشيد وريثا محتملا في المرتبة الثانية . كان المهدي يحب أبناء الخيزران وخصوصا «البانوكة» ابنته منها ، وكان شغوفا بها ولا يستطيع فراقها. كان يلبسها لباس الذكور لكي تصطحبه في السفر ، حكى شاهد فقال : « رأيت المهدي مع جيوشه حين زار البصرة ، يتقدم وأمامه رئيس الشرطة وبينهما «البانوكة» بمعطف أسود وبخاصرتها سيف ، ترتدي زي غلام ، ولاحظت أن لها ثديين يبرزان من تحت ملابسها ، ويصف آخر البانوكة بأنها « سمراء ، ذات قوام رفيع وجمال بارع» ، وقد توفيت البانوكة في سن مبكرة فحزن عليها المهدي حزنا شديدا ، وأجبر كل من في البلاط والأعيان على تقديم التعازي بكل ما يقتضيه البروتوكول الرسمي من صرامة ، حتى أن السلطات الدينية رأت في ذلك مجاوزة للحد بالنسبة لامرأة، وكان على وفاتها في رأيهم ، ولو أنها أميرة ، أن تمر في سرية تامة ، خصوصا وأنها كانت بنت جارية (25) .
كان الإسلام في عصر الخيزران في أوجه باعتباره إمبراطورية دينية وعسكرية، وظل يمتد ويغزو الأمم الأخرى. وكان هارون الرشيد فاتحا كبيرا مثل أبيه الذي كان يصطحبه معه ،منذ أن كان في سن الرابعة عشرة، إلى ميادين المعركة. وسنة 165 للهجرة حقق وهو في السابعة عشرة من عمره نصرا عظيما ، باجتيازه الجبال الثلجية في الإمبراطورية البيزنطية ، ومحاصرة القسطنطينية ،مما اضطر حاكمة البلد لتوقيع هدنة تمتد لثلاث سنوات وتحقق فيها بغداد منافع كثيرة . ومن الشروط التي سجلها هارون في هذه الوثيقة أن توقع الأميرة الرومانية على منحه مرشدين يساعدونه على عبور الجبال كي يعود إلى بلاده ، فتوصل بذلك إلى إقناع 95700 من جنوده بالمغامرة من خلال التسلل عبر طرق وعرة كانت ترتعد لها فرائص المسلمين (26) . وتم سبي عدد كبير من سكان البلاد المحتلة عبيدا واكتظت القصور بالجواري الوافدات بثقافتهن وتقاليدهن الغريبة . منهن الفارسيات والكرديات والرومانيات والأرمينيات والإثيوبيات والسودانيات والهنديات والبربريات. وكان لهارون الرشيد ألف جارية وللمتوكل ( 232هـ/ 847م – 247هـ/ 861م) أربعة آلاف (27) . وأصبح للحريم مقام رفيع للترف، حيث كانت أجمل نساء العالم يراهن على اختلاف الثقافات والمهارات كأوراق عشق لإغراء الخلفاء والوزراء. لأن تحريك الرموش لم يكن كافيا لإغواء هؤلاء الرجال، بل كان ينبغي إثارة إعجابهم في المجالات التي تبهرهم كعلم الفلك والرياضيات والفقه والتاريخ، فضلا عن الشعر والغناء. ولم يكن للفتيات الجميلات اللواتي يتهن في المحادثات الجادة أي حظ كي يلمع نجمهن ، ناهيك عن بقائهن في هذا العالم، وهذا ما أدركته بعض المحظيات فأحطن أنفسهن بأساتذة أكفاء. ولكي تحافظ الخيزران على حظوتها لدى المهدي كانت تتلقى دروسا في الفقه على يد قاض من أشهر قضاة عصره. وكانت تقنيات الجماع وصقل الشهوات مجالا آخر حاولت الجواري تطويره، بالاغتراف من خبايا ثقافتهن الأصلية. ولم يكن للنساء العربيات من أصل أرستقراطي نصيب في هذه المنافسة ، خاصة في هذا المجال الأخير ، تحول دونهن وذلك الأخلاق الجامدة التي كان الحكام يفرضونها على زوجاتهم ، ولا تفرض على الجواري اللواتي كن يعمقن ، بالتدريج، معرفتهن بمتعة الذكور ونزواتها كلما تزايد عدد الأسياد (28).
وسرعان ما أصبحت كل منطقة في العالم معروفة بخصائص نسائها، وكانت نساء المغرب العربي هن الفائزات على نطاق واسع : « من أراد جارية للذة فليتخذها بربرية ، ومن أرادها خازنة وحافظة فرومية ، ومن أرادها للولد ففارسية ، ومن أرادها للرضاع فزنجية ، ومن أرادها للغناء فمكية «.هذه نصائح خبير اسمه ابن بطلان وهو طبيب مسيحي عاش في القرن الحادي عشر، اشتهر بكفاءته وازداد شهرة حين كتب بحثا في «شري الرقيق» (29) ، وهو بحث طريف لأنه يقدم وصفات لإبطال حيل تجار الرقيق الذين كانوا يزينون الجواري المريضات بمستحضرات تجميل بسيطة كي يظهروا في صحة جيدة، أو يغيرون لون شعرهن وبشرتهن لتلبية الطلب « من ذلك ما يفعلونه في الألوان ، فتغير البشرة بشيئين ، وهما : أما السمراء فإنها تصير ذهبية ، وأما الدرية اللون فتصير بيضاء . ومن ذلك ما يكسب الشعور الشقر السواد الحالك ، وما يجعد الشعور السبطة ..ومن عادة النخاسين إذا أرادوا أن يطولوا الشعر أن يوصلوا في طرفه من جنسه، وأن يزيلوا الوشم وعلامات الجدري والنمش والبقع السوداء ..» (30) وبعض هذه الوصفات ما زالت صالحة حتى الآن . ولذلك ينبغي الاحتراس من ذوي العيون السود فهم كسالى وشهوانيون، وذوو العيون الغائرة حساد ، والعيون الزرقاء تدل على البلادة ، والأحداق التي ترف بسرعة تجسد الخبث. لكن إذا وجدت نفسك أمام شخص يغلب سواد عينيه على بياضهما فلتلذ بالفرار، هذا شخص مجنون. والشعر الناعم جدا من سمات البلاهة ، والشعر السميك والكث يدل على الكثير من الشجاعة . وحسب ابن بطلان فإن محاولة التواصل مع شخص له أنف كبير لا طائل من ورائها ، لأنه غبي . والشخص ذو الجبين العريض كسول ، لكن صاحب الجبين الصغير هو الآخر ليس صالحا فهو شخص جاهل. والثغر الكبير ينم عن الشجاعة، والشفتان الغليظتان عن البلادة (31) ، غير أن ابن بطلان يمضي بعيدا حين يقدم للمشتري المحتمل للعبيد نصائح حول كل خصائص كل جنس على حدة .فبعد الجواري العربيات يوصي بالهنديات لإخلاصهن ونعومتهن لكن المشكل أنهن «يمتن في عز الشباب»، والتركيات مطلوبات لصفاتهن وجمالهن لكنهن قصيرات وبدينات ، ونادرا ما نجد فيهن امرأة نحيلة . والروميات إماء صالحات جدا وغالبا ما يتوفرن على مهارة يدوية عالية ، والذميمات اللواتي ينبغي تجنبهن هن الأرمينيات ، فهن خائنات وسارقات: لابد من استخدام العصا للظفر منهن بشيء(32) .
وما يثير الدهشة في كل هذه البحوث هو أن البلدان الإسلامية، رغم الحديث النبوي وتعاليم القرآن التي سعت إلى القضاء على تجارة الرقيق، قد وجدت نفسها تنادي بها وتدافع عنها ، حتى حين تخلت عنها الأمم الأوروبية في القرن التاسع عشر. ففي منتصف القرن الثامن عشر يكتب أحد المسلمين بحثا حول الوصفات الضرورية لفحص الرقيق وتلافي انطلاء الحيلة ، وقد وسم لطف الله الغزالي ، وهو من رعايا مصر العثمانية، بحثه هذا بعنوان ينم عن التقوى» هداية المريد في تقليب العبيد»(33).وبما أن الإمبراطورية الإسلامية كانت قد بدأت تشهد نوعا من الاستقرار في عهد هارون الرشيد ، والإسلام لم يعد فاتحا بل أضحى عرضة للغزو ، فبإمكاننا أن نتساءل من أن يجيء عبيده . فهم مسلمون . وكيف يعقل ألا تقود السلطات الدينية الحريصة جدا على الإسلام وعلى مناصرة مبادئه الأساسية حملات مناهضة لتجارة الرقيق ؟ هذا سؤال ينبغي طرحه إن آجلا أو عاجلا.
بعد موت زوجها المهدي عام 169 هـ ( 785م)، على نحو مفاجئ، تصدرت الخيزران واجهة الأحداث ، ذلك أن موت الخليفة كانت تعقبه دائما بعض القلاقل ، وكان ابناها بعيدين عن بغداد فاستدعت الوزراء للتشاور وأمرتهم بصرف أجور الجيش على وجه السرعة. أي ما يعادل أجرة عامين ، ولم يكن ذلك بالقليل. كان لابد من تهدئة الجنود الذين أخذوا يهتاجون بعد أن علموا بنبأ وفاة المهدي الذي كان قد خرج في حملة عسكرية إلى طبرستان برفقة ابنه هارون فأصيب بوعكة صحية توفي على إثرها في الحين ، وقرر هارون بعد استشارة مرافقيه أن يدفنه في عين المكان ثم قفل عائدا إلى بغداد ليلتحق بالخيزران ، وأشرفا معا على مراسم الخلافة في غياب المعني بالأمر الرئيسي، واتفقا على أن يعين الهادي خليفة جديدا ، وقدم له الأعيان فروض الطاعة والولاء أمام أخيه. وكان الهادي قد استغرق في طريق العودة إلى العاصمة عشرين يوما ، خلالها أتى الجنود « باب الربيع ( الوزير) وأحرقوه وأخرجوا من كان في الحبوس»(34) .
وحين استدعت الخيزران أهم وزيرين ، هما « الربيع» والوزير الشهير يحيى البرمكي، سارع الاثنان إلى المثول أمام بابها ، وحينها وقع حادث من الأهمية بمكان بالنسبة لنا ، لأنه يشير إلى حدود سلطة الخيزران ، ذلك أنها حين أمرت الوزيرين بالدخول، أطاع أحدهما أمرها فيما رفض الآخر» فأما الربيع فدخل عليها ،وأما يحيى فامتنع لما يعلم من غيرة الهادي» (35)
والحال أن الهادي، الذي لم يكن أقل تسامحا من أبيه تجاه تدخل أمه في شؤون الدولة ،حين علم بالخبر أرسل كتابا إلى الربيع يهدده فيه بالموت ، لأنه اخترق عتبة المجال المحظور ، فضاء الحريم. هذا الإلحاح على العتبة التي تفصل بين عالم الرجال وعالم النساء ستبرز مرة أخرى خلال حادث سيقع بعد بضعة أشهر.
في حياة زوجها كانت الخيزران تستقبل الناس ، وكان العديد من الشخصيات الهامة يتجمعون أمام بابها ، وبعد موت الخليفة لم تبد أية رغبة في تغيير هذه العادة « كانت تستبد بالأمور دونه ، وتسلك به مسلك المهدي …فانثال الناس عليها ، وكانت المواكب تغدو وتروح إلى بابها» (36) فشعر الهادي الذي كان قليل الثقة في نفسه بأنه مهدد بمطامح والدته وكان يغار بشكل مرضي من أخيه هارون الرشيد المحبوب كثيرا من لدن النخبة والشعب لمرؤته العسكرية ، وقد حاول أكثر من مرة أن يجرده من رتبة ولي عهد محتمل كي يمنحها لجعفر ابنه هو (37) . ففضل هارون الفرار وقلص من مناسبات اللقاء به . لكن الخيزران كانت لها طريقة أخرى، فواصلت التدخل في ما يعنيها ، حسب رأيها ، وفي المقام الأول إدارة شؤون الإمبراطورية. وكان الهادي يرى عكس ما ترى ، وكان يكرر على مسمعها باستمرار: « لا تخرجي من خفر الكفاية إلى بذاءة التبذل ، فإنه ليس من قدر النساء الاعتراض في أمر الملك ، وعليك بصلاتك وتسبيحك وتبتلك» (38) وكانت تلح في ذلك. وذات يوم ذهبت إليه وأرغمته على أن يقدم لها معروفا . كانت تتوسط لفائدة المدعو عبدالله بن مالك ، لكنه رفض طلبها بلباقة ، متلافيا على طريقة العرب أن يقدم لها جوابا ، وحينها أخطأت حين أصرت على الأمر بقولها : «لابد من إجابتي ، قال : لا أفعل ، قالت : فإني قد تضمنت هذه الحاجة لعبد الله بن مالك» ، فانكشفت لعبتها بشكل جلي (39) . وفي ذروة الغضب وجه إليها ابنها خطبة تلخص جيدا إشكالية النساء والسياسة فقال وهو يراها تهم بالخروج: «مكانك والله …لئن بلغني أنه وقف ببابك أحد من قوادي وخاصتي لأضربن عنقه ولأقبضن ماله. ما هذه المواكب التي تغدو وتروح على بابك ؟ أما لك مغزل يشغلك أو مصحف يذكرك أو بيت يصونك ؟ إياك وإياك لا تفتحي بابك لمسلم ولا لذمي» (40). فتركت ابنها « وهي لا تعقل « كما يقول المؤرخون، فقد أعلنت الحرب بينهما…
ثم توفي الهادي قبل الأوان وعمره أربع وعشرون سنة بعد فترة حكم قصيرة دامت عاما وشهرين . لكن العديد من المؤرخين يذكرون أن وفاته كانت من صنيع الخيزران المحبطة سياسيا (41). ويقول البعض إنها كانت مضطرة للتصرف بسرعة لعلمها بأنه ينوي قتل هارون الرشيد . وظروف القتل تختلف ، أقساها ما جاء في قول بعضهم إنها أمرت جواريها الحسان بالتسلل إلى مخدع الهادي حيث ينام وخنقه تحت الوسائد (42) . ذلك أنهن وضعن الوسائد على رأسه وكأنهن يداعبنه وجلسن عليها . وسيجد الطبري، الذي كان نادرا ما ينحاز إلى طرف ضد آخر ، نفسه مضطرا إلى كتمان وحشية هذا العمل الذي أقدمت عليه الخيزران ، قائلا إن الهادي حاول مرة قتل والدته حين أرسل إليها طعاما في طبق ، زاعما أنه لذيذ جدا ويريدها أن تتذوقه . لكن الخيزران أمه الحنون عملت على أن يتذوق كلب من هذا الطبق أولا، فسقط الكلب ميتا من حينه (43).
ومع ذلك لم تفكر الخيزران التي ازدادت قوة في تغيير قواعد اللعبة وتسلم زمام السلطة مباشرة.بل قبلت بتقسيم العالم إلى قسمين : الحريم للنساء والمجال العمومي للرجال . كانت تريد أن تتلاعب بالعمومي انطلاقا من الخصوصي ، عوض أن تخرج عن هذا التقسيم وتتموقع في الجانب الآخر حيث توجد السلطة ،خارج البيت، في المجال العمومي الذي يتم الاعتراف فيه بالمرء كرئيس دولة.
لقد تم تجميد المسار السياسي للخيزران ، لا لكونها امرأة أو أمة، بل لكونها تنتمي بوصفها امرأة إلى الحريم/ مجال الطاعة. فالمبادرة واتخاذ القرار في جميع المسائل ، وخاصة السياسة ، انحصر حسب الإسلام المثالي في النطاق الذي كان محرما عليها : المجال العمومي . ممارسة السياسة تعني بالضرورة تولي مسؤولية خوض الحرب ، والقبول بفعل القتل . والمنزل ، مجال النساء ، هو مجال العيش والجنس والإنجاب. المرأة تنجب والرجل يخرج للقنص وخوض غمار الحرب . والحريم يغرس جذوره اللسانية في المجال المقدس ، الحرم المكي ، الذي يتقاسم معه امتيازاته وقوانينه. فقد كان القنص ( قتل الحيوانات) والحرب (قتل الإنسان) حرام خلال فترة الحج في الحرم المكي ، سواء قبل الإسلام أو بعده. وهذه من التقاليد السابقة على الإسلام التي احتفظ بها وأدخل عليها الإسلام بعض التعديلات الطفيفة. وكان الإحرام يمارس في الحج، قبل الإسلام ، بدون لباس إذ كان الحجاج يتجردون منه خلال الطواف. كانت الثياب التي يخلعونها محرمة على اللمس لأنها رمز الذنوب. (44) إذن فالحرم هو المعبد، وهو في نفس الوقت منزل الرجل حيث تعيش زوجته وأبناؤه ، وهو مجال محرم على الغير.
كان الهادي، ابن الخيزران البكر ، يريد من أمه أن تعود إلى موضعها ، مجالها ، أي بيتها.وفي رأيه أن كبار الشخصيات في الإمبراطورية الذين كانوا يطلبون مقابلتها كانوا يخرقون عتبة الحريم . ولم تكن حجة الهادي ضد والدته، لما قرر أن يتصرف بعد موت أبيه بأربعة أشهر، قائمة على أساس أنها غير مؤهلة. فهو يرى أن «التدخل في السلطة ليس من حق النساء»، ومرد ذلك إلى توزيع المهام الناجم عن تحديد المجالات .
بعد أن ذكر أمه بمكانها، أي الحريم، استدعى الأشخاص الذين كانوا يطلبون مقابلتها ودفعهم إلى الاعتراف بأنهم يخرقون قانون المجالية ، أي قانون الشرف : « فلما كثر عليه مصير من يصير إليها من قواده ، قال يوما وقد جمعهم : أيما خير أنا أو أنتم ؟ قالوا : بل أنت يا أمير المؤمنين . قال : أيما خير ، أمي أو أمهاتكم ؟ قالوا بل أمك يا أمير المؤمنين . قال : فأيكم يحب أن يتحدث بخبر أمه ، فيقولوا فعلت أم فلان ، وصنعت أم فلان ، وقالت أم فلان ؟ قالوا : ما من أحد يحب ذلك. قال : فما بال الرجال يأتون أمي فيتحدثون بحديثها ؟»( 45)
ولأن الخيزران كانت تبتغي السلطة وتعاني من كونها منفية في حريمها فقد عزمت على اللجوء إلى السلاح الوحيد الذي يشكل جوهر السياسة: قرار القتل.وخططت لقتل الحريم رغم أنه مجال السلم (46). والحريم يشمل، في ذات الآن، المكان والنساء اللواتي يعشن فيه. وهذا خلط مركزي على الإطلاق بين البشر والفضاء في المعمار الإسلامي. فالحريم هو المكان المصون الذي قد يقدم الرجل من أجله على القتل حتى لا يدخله أحد. القتل يتم في الخارج ، لا في الداخل. ومن واجب العلماء السهر على العتبات وتذكيرنا بأن الإسلام لا يعني سوى : احترام « الحدود» ، ومن حق العلماء أن يؤكدوا على أن عدم التمييز بين الجنسين ، وخروج المرأة من البيت للقيام بنفس الوظائف التي يقوم بها الرجل ، هو من علامات الساعة. والذين يحاولون القول بأن الإسلام والديمقراطية الغربية ( ولا وجود لغيرها في ما يبدو لي) متطابقان ، بمعنى أن عدم التمييز بين الرجل والمرأة لا يزعج الإسلام في شيء ، إنما يريدون بذلك تجنب طرح المشاكل في العمق، وبالتحديد الجدل القائم حول الفرد والمكانة التي تحتلها الفردانية في إدارة القرار. لكل مجاله ،هذا هو مبدأ العمران التقليدي .ولكل الأفراد الحق في ولوج جميع المجالات هو الرسالة التي توجهها الديمقراطية الحديثة. وهذا صراع كوني في طبيعته ومستواه .
ومفهوم المجالية بإمكانه أن يساعدنا على فهم ظاهرة غريبة في نهاية القرن العشرين : هذا الخوف اللامعقول من الإرهاب لدى الغربيين . إذ يكفي أن نشاهد نشرات الأخبار في برلين أو باريس لندرك بأن الرؤية التي تقدمها وسائل الإعلام عنه (الإرهاب) تنم ، بصرف النظر عن الحوادث المنتظمة، عن هذيان جماعي حول قوة الإسلام. هي اعتراف وتعبير عن خوف عميق ووراثي من الإسلام ، وهذا رغم الضعف التكنولوجي والعسكري للدول الإسلامية. لأن الإسلام ظاهرة كونية ، وبوصفه مفهوما مجاليا فهو يشكل تهديدا. لا ينبغي أن ننسى قولة النبي : « جعلت لي الأرض مسجدا» (47) . يكفي أن يتمكن عامل في شركة «رونو» أو» ستروين» ، في أي مكان في فرنسا ، من العثور على حنفية ماء طاهر فيتوضأ ثم يدير رأسه نحو الشرق باتجاه القبلة ، ليحول ممرا في معمل إلى مسجد ، إلى مكان للصلاة . الإسلام ظاهرة كونية ، ارتباط معين بالمكان . وهذا البعد الكوني هو الذي يجعل من التمييز بين الجنسين هندسة معمارية .
المرأة تنتمي إلى الفضاء الداخلي، الحريم ، الفضاء المحرم ، ورئيس الدولة ينتمي إلى الفضاء الخارجي ، الفضاء العمومي. ومن هنا تطرح علينا ضرورة اكتشاف الطقس الذي يشكل جزءا من الفضاء ،ومن خلاله ستطالب النساء رئيسات الدولة بحقهن في الوجود في فضاء الرجال. لكن بأية علامات وأية رموز ؟
لم يكن ابن الخيزران يشكك في ذكائها ولا في كفاءتها ، حين أخذ يعترض على حقها في مواصلة المسار السياسي الذي باشرته في عهد زوجها: « كانت تريد أن تغلبه على أمره كما غلبت على أمر المهدي « (48) . وإشعاعها والقبول الذي كانت تحظى به ، يبينان كيف استطاعت أن تتخلص من المحظيات اللواتي كن يحطن بالمهدي ، وأن تحجب ابنة عمه «ريطة» الزوجة الأرستقراطية. وخلافا لذلك فإن ذكاء ابنها ، الذي كان اسمه « موسى» قبل أن يحصل على لقب الخليفة الهادي، لم يكن قائما على أساس رصين. والمؤرخون لا يفوتهم أبدا أن يصفوا لنا مظاهر الخلفاء ، والوصف الذي يقدمونه عن موسى الهادي يحتوي على تفصيل يجعلنا نفترض أن سرعة الخاطر تعوزه :» كان طويلا جسما أبيض مشربا حمرة، وكان بشفته العليا نقص وتقلص» .كانوا يلقبونه بـ «موسى أطبق» ، أي اسكت» ( 49) . ويشرح لنا ابن الأثير الذي كان لديه اهتمام خاص بالفروق الدقيقة أنهم كانوا يطلقون عليه هذا اللقب لأن الخليفة المهدي كان قد كلف أحد العبيد أن يقول لموسى: «أطبق» كلما نسي أن يضم شفتيه ، ولذلك لقبوه بـ«موسى أطبق» (50) وبما أنه لم يكن يتوفر على كفاءة يمكن أن تقارن بكفاءة والدته فقد رفع في وجهها سلاحا آخر : يجب عليها أن تعود إلى مجالها ، إلى الحريم.
وهناك لفظة أخرى مشتقة من « حرم» هي المحرم ، أي الشخص الذي يمنع قانون زنا المحارم الزواج منه « ذلك الذي تربطنا به صلة الرحم ، التي تحرم ذلك» . والمجال ، حرم الرجل، هو ما يملكه ، ويدافع عنه ضد أطماع الغير. وحرم البئر هو المكان الذي يحيط به ويمنع الدخول إليه : لأن البئر التي تحمل عناء حفرها ممنوعة على الغير ، ولا يمكن الاعتراض على احتكاره إياها ، وسمي « محرم» لأن استعماله محظور على كل من لم يحفره ( 51) .وهكذا نلاحظ كيف أن كلمة» حريم» تعبر في الواقع عن مفهوم العتبة ، الحد، الفصل بين منطقتين ، فهي تغرس جذورها في ذات الآن في المكان باعتباره مجالا مرتبطا بالحياة ( النشاط الجنسي ) وبالموت ( الحرب) والقدرة على الدفاع عن النفس وحمايتها ، هي عتبة تنظم الكون وتوزع الكائنات في الفضاء ، وذلك حسب علاقتها بالقوة والقدرة على القتل والدفاع عن العتبات .
والإسلام من الديانات النادرة التي شيدت هيكلا اجتماعيا قائما على الفرق بين الجنسين. وكانت عائشة زوجة النبي، وهي أول مسلمة طالبت بالعمل السياسي واضطلعت به ، قبل الخيزران، قد واجهت نفس المنطق المجالي. كان ذكاؤها باديا للعيان : «كانت من أفقه الناس وأعلمهم « ( 52). فقد قادت أول مقاومة مسلحة ، حين تمردت عام 36هـ / 658 م على رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب ، حيث ذهبت إلى المساجد لتحشد الجموع وتأمرهم بحمل السلاح ضد علي، ثم خرجت إلى ميدان المعركة على رأس مجموعة من آلاف الرجال ، وتعرف هذه المعركة بـ «وقعة الجمل» في الإشارة إلى الجمل الذي كانت تركبه عائشة المرأة الوحيدة في ساحة الوغى . وفي غضون بضع ساعات سقط سبعة آلاف رجل. كانت هذه أول حرب أهلية ستترك جراحا عميقة في الإسلام حتى الآن ، وستكون هي بداية الانقسام بين الشيعة ( الذين سيظلون متشبثين بعلي وأحفاده دونما شرط ولا قيد) والسنة الذين سيقبلون بأن يتولى الخلافة من سيوقف الحرب ويعيد السلام ، حتى وإن لم يكن من أسرة النبي.
كانت عائشة أول من اخترقت «الحدود» الفاصلة بين نطاق النساء ونطاق الرجال، في حين أن الحرب هي شرف الرجال، وترتبط بمجال خارج عن نطاق الحريم. ليس من حق المرأة أن تقتل. وقرار الحرب مهنة الرجال وعلة وجودهم . وعائشة أول امرأة اتخذت قرارا سياسيا بقيادتها رجالا مسلحين، وستظل مقترنة في الذاكرة بـ» الفتنة» والخروج عن النظام والتخريب.(53) فعندما خرجت في حملة لتجنيد الأنصار وخاصة من بين أتباع النبي الذين كانوا حينذاك يشغلون مناصب القرار بوصفهم ولاة قادرين على مساعدتها على حمل السلاح ، لم تكن حجة من عارضوا مبادرتها وقرروا أن يبقوا أوفياء لعلي حجة ترتبط بالكفاءة بل بالمجال (54) . وهذه المجالية تتمثل في ما قاله الخليفة علي لعائشة وقد أصيبت بجرح طفيف وهي على صهوة جملها والسهام تغمرها وقد هزمت : « يا حميراء ، أهذا ما أمرك به رسول الله؟. ألم يأمرك أن تقري في بيتك؟» (55) . و« حميراء» هو اللقب الذي كان يحلو للنبي أن يطلقه على عائشة من باب التحبب. وكل من الخيزران وعائشة، مع اختلاف الظروف، وجدتا نفسيهما في مواجهة عتبة لا ينبغي تجاوزها، وبينهما ما يزيد على قرن من الزمن.
والمرأة كرئيسة دولة هي التي سوف تطالب بحقها في الوجود خارج عتبة بيتها . ستكون هي تلك التي تسعى إلى الظهور البارز جدا للعموم : منبر المسجد ، حيث يتحقق التواصل المتين بين السلطة الدينية والسلطة الدنيوية ، ويتجلى أحدهما من خلال الآخر ، وأحدهما في الآخر.
هوامش الدراسة :
1) الطبري « التاريخ» المجلد 10 . ص56
2) الملكة الأخرى هي زبيدة إحدى النساء اللواتي ملكن قلب هارون الرشيد . ونبية عبوط كانت أستاذة في جامعة شيكاغو . والنسخة الأصلية لهذا الكتاب بالإنجليزية ،لكننا نتوفر على ترجمة عربية بعنوان « ملكتان في بغداد» من إنجاز عمر أبو نصر 1969
3) ثمة شبه إجماع على أن الخيزران من اليمن ، إلا ابن حزم الذي يقول إنها من أصل مختلط أبوها عربي وأمها أعجمية . انظر ابن حزم « رسالة في أمهات الخلفاء» ضمن كتابه»الرسائل» ( مجموعة رسائل ومقالات) المجلد 11 ص 120
4) ثمة عرض واضح جدا حول تقنين العبودية لأحمد أمين بعنوان» الرق وأثره الثقافي» في كتابه « ضحى الإسلام» المجلد 1 ص79 وما بعدها.
5) نبية عبوط « ملكتان في بغداد» ص34 .
6) نبية عبوط ، نفس المرجع ص 38.
7) « الجاحظ» أوردته نبية عبوط ، نفس المرجع ، ص 50.
8) القرآن ، السورة 4 ، الآية 3.
9) الطبري « التفسير» دار المعارف ، مصر ، بدون تاريخ . طبعة بتعليق وتقديم أحمد محمد شاكر .المجلد 7. ص 541.
10) الأصفهاني « كتاب الأغاني» ج 15 ص 28 .
11) الأصفهاني ، المرجع نفسه .
12) الأصفهاني ، المرجع السابق . ج 18 . ص 170.
13) الأصفهاني ، المرجع السابق . ج 18 .ص164.
14) الأصفهاني ، المرجع السابق . ج 18 . ص 164.
15) الأصفهاني ، المرجع السابق . ج 16 . ص 5.
16) ابن عبد ربه الأندلسي «العقد الفريد» دار الكتب العلمية . بيروت. طبعة 1983.المجلد 7. المخصص للنساء ، بعنوان « كتاب المرجان في أخبار النساء» . ص 142 . وقد توفي المؤلف عام 368 هجرية.
17) ابن عبد ربه الأندلسي ، المرجع السابق . المجلد7. 139.
18) ابن عبد ربه الأندلسي ، المرجع السابق. المجلد 7. ص139. كان الإسلام يعترف بكل الأنبياء اليهود والمسيحيين باعتبارهم سابقين على نبي الإسلام. ولذلك منح النبي» صفية « الثقة حين نصحها بأن تهاجمهن وتذكرهن بأن الديانة اليهودية ديانة مرموقة تضم أنبياء مرموقين يعتبرهم الإسلام بمثابة أقارب له.
19) ابن عبد ربه الأندلسي « العقد الفريد» المجلد 7 . ص 139 و 140.
20) انظر في هذا الصدد « النبي قائد عسكري « و» الحجاب ينزل في المدينة المنورة « الفصلين الأخيرين من كتابي
« Le Harem Politique » Albin Miche 1987
21) ابن عبد ربه الأندلسي « العقد الفريد» المجلد 7 . ص 139.
22) ابن عبد ربه ، نفسه.
23) ابن حزم « نقط العروس في تاريخ الخلفاء «كتاب» الرسائل» المجلد 11 . ص104.
24) ابن حزم « رسالة في أمهات الخلفاء» المجلد11 . ص 121.
25) تاريخ الطبري ، المجلد 10. ص21.
26) تاريخ الطبري، المجلد 9. ص 165.
27) المسعودي « مروج الذهب « دار المعرفة ، بيروت 1983. توفي المؤلف عام 346 ه ( القرن العاشر الميلادي) . ينظر أيضا أحمد أمين « ضحى الإسلام» مكتبة النهضة المصرية . القاهرة .الطبعة السادسة . 1961. المجلد 1.ص9.
28) للتعرف على الرق والجواري في العصر العباسي الأول ، يمكن الرجوع إلى أحمد أمين « ضحى الإسلام» – مرجع مذكور – وفيه يقدم نظرة شاملة عن الرق في عصر العباسيين في الفصل الرابع بعنوان « العبودية وتأثيرها الثقافي « المجلد 4. الصفحات 79 وما بعدها . وحول الجواري وتدهور وضع المرأة العربية الحرة والأرستقراطية بتأثير من العبودية ينظر : جورجي زيدان « تاريخ التمدن الإسلامي « دار النشر وتاريخ الطبع غير مذكورين ، في خمس مجلدات جمعت في كتابين – المجلد 4 ص 172 ،» اختلافات الأنساب عند العرب» .»العبودية في عصر العباسيين « ص27 من المجلد 5.» وفي الصفحات 76 وما بعدها من نفس المجلد 5 « المرأة في العصر العباسي . وتحاليل جورجي زيدان وثيقة الصلة بالموضوع ، وللأسف فكل من هذه التيمات يتم تناولها بشكل متفرق وفق تقطيع يحول دون خروج القارئ باستنتاج عام حول الرقيق أو حول النساء. لكن هناك كما هائلا من المعلومات الدقيقة حول هذين الموضوعين . نفس الشيء يصدق على أحمد أمين الذي فضل أن يجزئ مجلداته التسعة حول الرق في الإسلام حسب تسلسل زمني ، ولذلك ينبغي الاستدلال على المواضيع الهامة هنا وهنا. ويمكن لهواة التركيب الرجوع مجددا إلى الفصل الممتاز الذي خصصه آدم سميث ، المستشرق الألماني ، للرقيق في مجلده الأول ( الصفحات 295 وما بعدها) من كتابه المترجم إلى العربية بعنوان» الحضارة الإسلامية» 1968 . مكتبة الخانجي ( القاهرة) ودار الكتاب العربي . وفيه يقدم توضيحا لهذه الظاهرة مقارنا الممارسات العربية في مجال الرقيق بما كان يحدث لدي اليهود والمسيحيين .وقد تلقت الكنيسة ضربة قاسية من جراء ذلك ، وكان لليهود الحق في تحويل أبنائهم إلى عبيد . وباختصار، نحن سعداء لأننا نعيش في العام 1989 .
29) ابن بطلان « رسالة في شري الرقيق» مكتبة الجنة ، القاهرة 1954. المجلد 5 من سلسلة» نوادر المخطوطات»ص352. توفي المؤلف عام 444.
30) نفسه ، الصفحات 378 وما بعدها.
31) نفسه ، ص 365 وما بعدها.
32) نفسه، ص370 وما بعدها.
33) لطف الله محمد الغزالي «هداية المريد في تقليب العبيد» منشور في نفس كتاب ابن بطلان .مكتبة الجنة ،القاهرة 1954.
34) أورده ابن الأثير في كتابه « الكامل في التاريخ» دار الفكر « بيروت ، بدون تاريخ. انظر المجلد 5، ص 84 وما بعدها ( وفاة المهدي وتنصيب الهادي وتخليف هارون الرشيد) . وفي ما يتعلق بالمراجع حول الخيزران فهي كثيرة وسأكتفي بذكر بعض من كبار المؤرخين المتعارف عليهم . فقد شكلت شخصية الخيزران موضوع بحث لمؤلفات بأكملها إذ تظهر في كل الأدبيات النسائية وفي كتب الأعلام التي تهتم بسيرة المشاهير. الخ ، ومنها:
– الطبري» تاريخ الأمم والملوك» – دار الفكر 1979. توفي الكاتب عام 310هـ ( القرن العاشر) . ويقع هذا العمل في 13 مجلدا ، تظهر الخيزران في المجلد 10، الصفحات 33،34،و52. ويقدم المؤلف الأحداث بشكل كرونولوجي ، حيث يكفي القارئ أن يعرف السنة التي وقع فيها الحدث لكي يهتدي إلى المعلومة. وهناك أيضا فهرست أبجدي يضم الأسماء المذكورة ويساعد على الاستدلال انطلاقا من الأشخاص.
– المسعودي « مروج الذهب «دار المعرفة. بيروت 1983. في أربع مجلدات . كانت وفاة المؤلف عام 346هـ ( القرن 10) وتوجد الفقرات المتعلقة بالخيزران ضمن سير المهدي والهادي وهارون الرشيد ( المجلد 3 – ص 319 وما بعدها) .
– ابن الأثير «الكامل في التاريخ « مرجع مذكور . وبخصوص الخيزران ينظر المجلد 5، ص81 وما بعدها.
– أبو الفلاح عبد الحي بن عماد الحنبلي « شجرة الذهب في أخبار من ذهب» منشورات دار الآفاق الجديدة . بيروت ، بدون تاريخ . الإشارات المتعلقة بالخيزران توجد في المجلد 1 – ص245.
35) ابن الأثير « الكامل في التاريخ» المجلد 5. ص 84.
36) نفسه، المجلد 5. ص79.
37) نفسه، المجلد 5. ص88.
38) الطبري « تاريخ الأمم والملوك» مرجع مذكور. المجلد10. ص33.
39) ابن الأثير، مرجع سابق.
40) الطبري – مرجع مذكور . المجلد 10. ص33.
41) الطبري – مرجع مذكور . المجلد 10. ص 33. ابن الأثير . المجلد 5. ص 79.
42) الطبري. مرجع مذكور. المجلد 10 ص34.
43) الطبري. مرجع مذكور. المجلد 10 ص 33.
44) لسان العرب – مادة « حرم» .
45) تاريخ الطبري. مرجع مذكور.المجلد 10. ص 34.
46) الطبري، نفسه.
47) إمام النساء – المجلد 2 . ص56.
48) تاريخ الطبري – المجلد 10. ص 34.
49) تاريخ الطبري – المجلد 10. ص38.51
50 ) ابن الأثير» الكامل» المجلد 5. ص80.
51) لسان العرب ، مادة « حرم» ( بكسر الحاء).
52) ابن حجر العسقلاني « الإصابة في تمييز الصحابة» دار النهضة – القاهرة. بدون تاريخ .المجلد8. ص18.
53) من أشد الإحاطات بوقعة الجمل إثارة للانتباه ما قدمه الطبري في تاريخه ، المجلد 5 – ص161 وما بعدها.
54) الطبري ، التاريخ ، نفسه .
55) المسعودي ، المجلد 2 – ص376 .
فاطمة المرنيسي
ترجمة : عزيز الحاكم *