خالد بريك
عرف الإنسان الكتابة بوصفها شكلا من أشكال التعبير منذ 5000 سنة، في أرض الرّافدين بالعراق، غير أنها كانت عبارة عن رموز في بادئ الأمر وليست حروفا مجردة، ولا يشتمل على أي لمسة فنية، وأن الحضارة الفرعونية كانت من الحضارات الأولى التي أسبغت على الكتابة طابعًا كلغرافيًا، مبنيًا على الأشكال الاستدلالية بالرموز الطبيعية المباشرة.
أما حضارتنا العربيّة فقد عرفت الكتابة في شكلها المتوسطي (الحرفي البدائي)، حيث يرجح أكثر من باحث أن الخط العربي الحالي منحدر من أصول سريانية (آرامية) عن طريق الأنباط، أي الخط النبطي. بينما يرى ابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن الخط العربي نشأ في اليمن ومنها انتقل إلى الحيرة، ومنها إلى قريش، أي إنه يعود إلى خط المسند الحميري، ويعتقد كثير من الباحثين أن الكتابة التي ظهرت في الجزيرة العربية كانت وليدة تفاعل طويل عبر رحلات التجار العرب بين الشمال والجنوب.
هذه الأبجدية مع كل لغة أو لهجة لدى مختلف الشعوب، فتنوعت رسومها وأشكالها الأولى التي وضعها العرب السوريون القدماء(1).
تاريخ الكلغرافيا، كشكل فني كوني، كما عرفه الإنسان ارتبط بالكتابة، وبقدر أن هويتنا مرتبطة باللغة، فالكتابة مرتبطة بالكلغرافيا، كفن خام وهندسة حيوية لها. وبدأ مشوار الخط العربي من قبل 1400 عام وهو يستقل بهويته وتاريخه. ويعد الخط العربي فنًا أصيلًا، وفي نفس الوقت له أنواع مختلفة كالخط الكوفي والخط الرقعة أو الرقاع والخط النسخ والخط الثلث والخط الفارسي والخط الإجازة أو التوقيع والخط الديواني والخط الطغراء والخط المغربي والخط الكرشوني.
الحروف العربية جزء مهم من التراث الحي للأمة العربية، انتشرت بانتشار الإسلام وبرزت أصالتها بقابليتها للتطور والإبداع، فكل جيل يحمل ما ابتدعه الأسلاف من فنون ليضيف ويجمّل وينتج مخرجات حروفية فنية بمواد وتقنيات وأساليب عصرية.
في زمن الإمبراطورية الإسلامية العظمى تطور فن الخط العربي وأخذ أسماء متعددة على حسب أشكاله كالثلث، والنسخ، وإيحاءاته الدائرية كالديواني، ومكان ولادته كالكوفي، والمغربي، والفارسي، وسمي كذلك خط الرقعة لكونه يكتب على الرقاع مساحات كالرقع. يرى (لنكس) الخبير في الفن الإسلامي أن (الخط الكوفي مثلًا وهو أحد أهم أنواع الخطوط العربية، يمكن اعتباره من الوسائل العظيمة التي استخدمت لنشر الدين الإسلامي في كل العصور). ازدهر الخط العربي وتطور بشكل كبير في تزيين المساجد، والمدارس الدينية، وقصور الخلافات الإسلامية، وكان طوال رحلته عبر القرون الماضية ملتقى حوار مستمر بين العلم والفن، يعمق وعينا بهندسته وبنائه، ويرهف حسنا بجماليته وإيقاعه، ويُرغم العين على تتبع كل حرف من حروفه وكيفية تداخله وتشابكه ببعضه البعض بما يغير مراكز اللوحة باستمرار، فيخيل إليك أنه يتحرك وهو جامد، ومن خلال التأمل العميق في الكتابات الدينية الخطية التي تدل دلالة واضحة على عظمة الخطاط المسلم وقدرته الخارقة المطلقة في جر أحرف الخط لمسافات مختلفة بين المد والتقويس والقدرة على التحكم في تدوير حافة قلم الخط بقواعد وضوابط مدروسة مسبقا بهندسة جمالية دقيقة وأداة لقياس النسبة وهي مساحة القلم نفسه، وتكتب به نقاط الأحرف، وتشكيلاتها؛ ومن خلال التأمل تشعر بالثقة المطلقة التي تجدها بين طيات الأحرف، ومن خلال تكوينات الكتابة النهائية للعمل وبعض الإنتاجات الفنية لبعض الحروف، مثل خط الثلث المتشعب في تكوينه وقدرة إحكام قواعده؛ لتدل على عبقرية الفنان العربي والمسلم في إنتاج مثل هكذا نوع لوجود القواعد الصارمة التي اقتبسها من تعاليم الدين المتحكم بحياته، وكل الخطوط العربية مرسومة بقواعد وضوابط إذا ما اختلّت تشوهت التشكيلة الخطية، وهو ما يدلّ دلالة واحدة على أن الإنسان العربي خلد حضارة عظيمة للتاريخ لن يتجاوزها الزمن.
وللخط العربي عند العرب قدسية واحترام، لذا سعوا نحو تجويده كتابة ورسما، فكانت هناك محاولات لضبط الأحرف منفردة ومرتبطة بتشكيل كلمات بصيغة إبداعية منفردة لكل نوع من أنواع الأحرف، وبيان مساحة خانة كل حرف وما يجب أن تكون عليه، سواء أكان هذا الحرف قائما منبسطا أو مقوسا أو غير ذلك من الهيئات، الأمر الذي اعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى إتقان هذا الخط وإجادة كتابته والمحافظة على شخصيته من أن تكون مجالا للارتجال، ووصلت به إلى مستوى فني رفيع(2).
يقول علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه في أبيات:
«تعلم قوام الخط يا ذا التأدُب
فـما الخط إلا زيـنة المتأدِب
فإن كنت ذا مالٍ فخطك زينة
وإن كنت محتاجًا فأفضل مكسب
الخط العربي له ضوابط، فهو يمثل هوية المسلم الذي لن يستقيم خطه العربي إلا بها، وانتقل الخط من مجرد أداة للكتابة في بداياته، إلى قيمة مميزة من وحي الإسلام، واللغة العربية والخط العربي متلازمان مع انتشار الإسلام في كل بقاع الأرض، الأمر الذي أعطى روح الحضارة الإسلامية.
ولقد كان اهتمام العرب بالخط العربي كبيرًا، لأنه الوسيلة التي حفظوا بها تاريخ تراثهم العريق، وبه كتب القرآن الكريم، والحديث الشريف، والحكم والمواعظ، والأشعار. فتفننوا بابتكار الصفات والألقاب للخط العربي، فهو “هندسة روحانية تمت بآلة جسمانية(3).
ويتميز الخط العربي من بين الفنون التي عرفها العالم بكونه فنًا ينبثق من أصالته التي نشأ بها وترعرع منذ ولادته إلى أن أخذ الشكل الأخير بقواعده الثابتة، وتشعبت ضروبه الرائعة، واتسعت له شعوب وأمم وأمصار اعتنقت الدين الإسلامي، فقد أغنت أشكاله، وطورت أنماطه، وخصصت مناهج وكتبًا تعليمية له.
الآية ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (4﴾، أقسم الله بالقلم، أي الخط وذلك نتيجة للعلاقة الوطيدة بين المسلم ودينه، فكان له ما لم يكن لغيره من فنون العرب والمسلمين من أهمية وبذلك كانت ولادته الكبرى. وما قيل عن نشأته وقدسيته الكثير، يقول ياقوت المستعصمي(5) «الخط هندسة روحانية بآلة جسمانية» ويقول عبدالحميد(6) «البيان في اللسان والبنان»، ويقول اهتم المسلمون به كونه حرف القرآن الكريم فأصبح الحرف العربي ما بين مصحف أو غلاف ديوان أو صفحة من كتاب أو لوحة جدارية أو مقطع من مدخل وحائط مبنى أو آنية معدنية، أو زجاجية، أو قطعة قماش، كما أن له أهمية بالغة في تكوين الهوية الاسلامية العربية، وأعطى رونقًا لكلام الله عز وجل وكذلك للحديث النبوي، كما أوجد لنفسه مكانا أثرى الحضارة الإسلامية.
وتكمن أهمية دراسة جمالية الخط العربي في الكشف عن قدرات المواهب الفائقة، التي تربي الذوق وترهف الحس الجمالي، وتعزز القيم الجمالية والقيم الأخلاقية وتحافظ على التراث العربي الأصيل.
وتهدف الدراسة إلى الكشف عن مدى خضوع الأعمال التشكيلية المعاصرة لضوابط وقواعد صارمة لتحسينها وتجويدها، فهل تم المحافظة عليها في الأعمال التشكيلية المعاصرة؟ أم تم تجاوز القواعد بحيث تأخذ صبغة جمالية أخرى وخصائص ومميزات مباينة لطبيعتها الأولى؟ والكشف عن إمكانية تزاوج الحرف بالفن التشكيلي المعاصر بدقته وعنفوانه إلى لوحات ذات تعبير فني عميق. إلى جانب الكشف عن إمكانية تحويل الخط العربي إلى عنصر فني فعال في بناء هيكل اللوحة المعاصرة ليعكس الثقافة العربية.
وتعتمد الدراسة المنهج الوصفي التحليلي للعناصر الجمالية في الأعمال الفنية، المنهج الاستقرائي التحليلي.
مفاهيم الدراسة
الخط هو أحد الفنون البصريّة المرتبطة بالكتابة. تُصمم به الأحرف وتُكتب باستعمال أداة عريضة الطرف أو فرشاة أو قلم كتابة من نوع آخر. ويمكن تعريف فن الخط المعاصر بأنه فن إعطاء هيئة معينة للحروف بلغة ما بطريقة معبرة ومتناغمة وبأسلوب احترافي(7).
– الفن الديني أو الفن المقدس: هو تصوير فني يستخدم الإيحاءات والدوافع الدينية وغالبًا ما يقصد به رفع العقل إلى الأجواء الروحانية المطلوبة. وينطوي الفن المقدس على الشعائر والممارسات الطقوسية والجوانب العملية والتنفيذية لمسار الإدراك الروحاني بحسب تقاليد الفنان الدينية.(8 )
– فن الخط: ينظر إلى الخط بشكلٍ كبير باعتباره العنصر الأساسي في الفن الإسلامي، الذي ساعد على انتشار القرآن الكريم.
وتوظيف الخطّ في الزينة له نظرة جمالية واضحة ولكنه أيضًا حوى مكونًا سحريًّا كامنًا في حين أن معظم الأعمال الفنية ذات النقوش المقروءة، لا يستطيع كل المسلمين قراءتها. ومع ذلك ينبغي على الشخص أن يضع في اعتباره أن فن الخط بشكلٍ أساسي هو وسيلة لتوصيل النص، حتى وإن كان بشكلٍ زخرفي. وقد تطورت الحروف العربية بشكلٍ سريع مع صعود الإسلام في القرن السابع الميلادي إلى ما نراه من شكلٍ فني جميل، بعد شكله البسيط البدائي في القرنين الخامس والسادس. والعائلتان الأساسيتان في أنماط الخط هما النمط الجاف، والذي يعرف بالخط الكوفي، والنمط اللين المتصل، الذي يضم خط النسخ، والنستعليق والعديد من الأنماط الأخرى(9).
ويجمع الخط العربي بين الليونة والصلابة في تناغم مذهل، وتتجلى فيه قوة القلم وجودة المداد المستمدة من النفحات الروحانية التي تهيمن على الخطاط المبدع في لحظة إبداع فني فلسفي لا تكرر نفسها. فمن ساحة الفكر المخزون يقفز نص جذاب أو حكمة مأثورة أو آية كريمة يرافقها تخيل مبدئي لنوع الخط الذي ينبغي أن يُكتب به، ومع إعمال الفكر وإجهاد القريحة تبدأ ملامح التكوين الخطي تظهر رويدًا رويدًا للروح ثم العين، وذلك بالتوافق المنضبط في النسب المطلوبة بين الحروف والتناغم المألوف بين الحركات، والانطلاقة الوثابة لبعض الكلمات، لتنصهر في علاقة واضحة بين نوع الخط ومعنى الكلام المخطوط في بناء لوحة قادرة على التعايش مع الوسط الفني زمنًا طويلًا(10).
الخط في الاصطلاح:تعددت تعاريف الخط ومن أشهرها وأكثرها إيجازا وشمولا ما ذكره إقليدس: بأن الخط هندسة روحية تحدثها آلة مادية.
وعرفه ابن خلدون (ت808هـ-1406م) في مقدمته فقال: هو رسوم وأشكال حرفية تدل على الكلمات المسموعة الدالة على ما في النفس الإنسانية من معانٍ ومشاعر.
وقال أفلاطون: الخط عقال العقل. وقال أبو دلف: الخط رياض العلوم. وقال النظام: الخط أصيل في الروح وإن ظهر بحواس البدن(11).
– أهم قواعد كتابة الخط العربي الصحيح: يقول أحد عمالقة فن الخط العربي الوزير (بن مقلة):(12) تحتاج الحروف العربية في كتابتها لشكلها الصحيح خمسة أشياء:
«الأول: التوفية: وهي أن يؤتى كل حرف من الحروف حظه من الخطوط التي يركب منها من مقوس ومنحنٍ ومتسطح. والثاني: الإتمام: وهو أن يعطي كل حرف قسمته من الأقدار التي يجب أن يكون عليها من الطول أو الِقصر أو الدقة أو الغلظ. والثالث: الإكمال: وهو أن يؤتى كل خط حظه من الهيئات التي ينبغي أن يكون عليها من انتصاب وتسطيح وانكباب واستلقاء وتقويس. والرابع: الإشباع: وهو أن يؤتى كل خط حظه من صدر القلم الذي يتساوى، فلا يكون بعض أجزائه أدق من بعض ولا أغلظ إلا فيما يجب أن يكون كذلك من أجزاء بعض الحروف من الدقة عن البقية مثل الألف والراء ونحوهما. والخامس: الإرسال: وهو أن يرسل يده بالقلم في كل شكل يجري بسرعة من غير احتباس يضرسه ولا توقف يرعشه”(13).
تشكل هذه العناصر الخمسة لُبابَ هذا الفن، ضَبْطها كفيل بتخريج خطاط مصقول متمكن من صناعة الحروف بمستوى عظمة الحرف القرآني.
علاقة غير العرب بالخط العربي وجمالياته
تعلق أبناء الأمم غير العربية التي دخلها الاسلام بالخط العربي تعلقا كبيرا وخاصة بعد أن فرضت لغة القرآن نفسها، وتشير مصادر تاريخية متعددة إلى تلك المكانة الرفيعة التي يحتلها الخطاطون في بلاط سلاطين الغزنويين والسلاجقة والتيموريين. ولا شك في حفاوة هؤلاء السلاطين البالغة بالخط العربي والخطاطين المهرة؛ مما كان له أبلغ الأثر في ازدهار الخط وفنونه في وسط آسيا . وقدم هؤلاء الموهوبون من غير العرب إسهامات شتى في تطوير الخط، فاخترع الفرس خط التعليق، جاء به الخطاط الفارسي المعروف (ميرعلي)،(14) سمي بعد ذلك بالفارسي…..، وفي الشطر الغربي من العالم الإسلامي عرفت شمال أفريقيا فن الخط والعناية به فانتشر الخط الكوفي المغربي في شمال ووسط وغرب أفريقيا والأندلس، وهو أقرب إلى خط النسخ والثلث منه إلى الخط الكوفي، وقد استخدم في تدوين القرآن الكريم، كما ظهر خط القيروان الذي اعتمد على قواعد الخط الكوفي وانتشر الخط الأندلسي أيام دولة الموحدين (524-668هـ) (1130-1269م)(15).
وهناك كثير من الآراء لبعض النقاد الأجانب وإعجابهم بالخط وأبعاده التجريدية ومنهم على سبيل المثال الناقدة الألمانية (سيجريد كالا)(16) عند مشاهدتها لمعرض السنتين الذي أقيم ببغداد عام 1974، إذ قالت: «لعلني لا أغالي كثيرا، فمن جميع ما شاهدته في البينالي العربي لم أجد نتاجا يفصح عن مصدره العربي وينطق به إلا ذلك الإنتاج الذي يتصل باللغة، أي الذي يتخذ من فن الخط العربي والحروف مادة له». ويضيف إلى ذلك ناقد أوربي آخر هو (روبير فرنيا)(17) قوله: «أصبحت الكتابة تخفق فيها الحياة وتصبح أكثر طراوة أو أكثر صلابة، تركض في سطورها المتساوقة أو تتشكل في قوالبها الهندسية مما يمكن للخط الكوفي أن يتخذ ألف شكل وشكل وأن يعطي دلالات جديدة لأساليب عديدة للوصول إلى أن تصبح ضربا من القراءة في المستحيل وتصير الوظيفة الزخرفية عملية تأملية أو تربوية قريبة من الصلاة». فالباحث اليوناني (ألكسندر بابا دوبولو)(18) كتب بالفرنسية بما معناه «إنّ الخط العربي فن رائد وأساسي، وذلك على عكس موقع الخطوط لدى العديد من الشعوب الأخرى»، ويقول روم لاندو في كتابه الإسلام والعرب: «حرّم على المسلمين الاهتمام بالفن التشبيهي ومن خلال هذا السعي أحدثوا فنًّا يستطيع أن يدعي بصرف النظر عن محاسنه أو نقائصه الأخرى أنّه واحد من أصفى الفنون التي نعرفها» كما يقول المؤرخ الإنكليزي أرنولد توينبي: لقد انطلق الخط العربي الذي كتب به القرآن غازيًا ومعلمًا مع الجيوش الفاتحة إلى الممالك المجاورة والبعيدة وأينما حلَّ أباد خطوط الأُمم المغلوبة.
ويقول الفيلسوف روجيه جارودي الذي اعتنق الإسلام بعد التعرف على فنون الحضارات الإسلامية: «الفن الإسلامي كالعلم الإسلامي والحياة الاجتماعية والفلسفة الإسلامية التي لا يمكن فهمها إلا من خلال مبدئها الأساسي وهو العقيدة الإسلامية».
أساليب استخدام الحروف في التشكيل:
من خلال الاطلاع على أنواع الأساليب التي استخدمت الحروف في التشكيل بشكل عام والمزج بينها، فيمكن توضيحها على سبيل الذكر لا الحصر، في ما يلي:
استخدم الحرف العربي في التشكيل الفني محاولة للعودة إلى القيم الحقيقية في الحرف بوصفه يمتلك طاقات هائلة، بحيث يتطلب من العمل الفني فنا مكانيا ولكن في شكل زماني ويجعل من العمل الحروفي تأمليا أكثر منه بصريا.
وضع الحروف داخل مساحة التشكيل جعل منها رموزا ودلالات، كما أن الاهتمام بالشكل الحرفي داخل لوحة التشكيل أبعدها عن وضوح القراءة الأدبية، إلى جانب أن الاهتمام بشكل الحرف وتوظيفه رمزيا وتشكيليا وتوزيعه شكليا يملأ مساحة اللوحة بحروف أكثر مرونة.
يتم الاعتماد على الخطوط الهندسية مع الاستفادة من أشكال الخط الكوفي، ودمجه بأشكال هندسية من مربعات ومكعبات ودوائر وكرات وتمازج بالزخارف الهندسية والنباتية. كأعمال حسان أبو عياش من سوريا، وأحمد شبرين من السودان.
تزاوج بين الرسوم التجريدية والزخارف الهندسية والنباتية مع الخط العربي.
الاعتماد على جمالية الخط في العمل الفني بقواعده وأوزانه التي تضبط بها اشكال الحروف العربية، واعتماد الأسلوب الجاف واللين.(19)
علاقة الخط العربي بالفن التشكيلي:
قال الرسام الإسباني بيكاسو(20): «إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها وجدت الخط الإسلامي سبقني إليها”،(21 ) والظاهر مما سبق أن النقطة التي أراد الوصول إليها هي الحركة والتناغم الجمالي في اللوحة المرسومة ذات الدلالات والمعنى العميق.
ومن المدارس الفنية التشكيلية المدرسة التجريدية التي تعتمد على الشكل والخطوط وتسطيح الأشكال، وعند النظر للخط العربي نجده تجريديا، لدرجة أنه يمكن رسم لوحة خطية في منتهى الجمال باستخدام حافة قلم واحد (قصبة) وبحبر أسود؛ كما أنه فن حقيقي مملوء بالإبداع، ولو أخذنا نصًا بخط الثلث على سبيل المثال كتبه عدد كبير من الخطاطين، فسوف نلاحظ أن كل خطاط يكتب بأسلوب مختلف بقواعد الحروف الثابتة، ومن المستحيل أن يتشابه اثنان منهم في إنتاج قطعة فنيّة بنص واحد؛ مع أنهم جميعًا كتبوا بنمط واحد من الخط العربي، وهذا جانب آخر من جوانب عوامل الإبداع في تكوين العمل، من التناظر، والتوازي، والكتلة، والفراغ، والألوان، والضوء، والظل، وكلها عوامل تشكيلية، وكذلك استخدام النقاط وتشكيل الحروف.
والخط فن خالص، حيث إنه تجريدي أولا وهو الطابع التصويري، ويعتبر رسما عند اليابانيين، وله مقوماته الخاصة، حيث يمكن أن تتم اللوحة كتابة وتكوينًا، شكلا ومضمونًا، باستخدام لون واحد أو ألوان متعددة. وبالإمكان استخدام الحروف باللون الواحد بدرجاته، أو لونين أبيض وأسود، كما يمكن أن تكون الكتابة جزءًا من اللوحة التشكيلية، وقد تكون الحروف في لوحة ما عبارة عن عناصر لا تتعلق بالمضمون أي: إنّ الحروف تكون أشكالًا وهياكل متمّمة للوحة فقط. وهناك علاقة ارتباط بين عناصر الفن كالنقطة والخط واللون والملمس والفضاء وغيرها من العناصر التشكيلية مع عوامل التركيب من التكرار والتناظر والتوازن والترتيب والتنظيم، مع مراعاة النسب، وهذا ما أكدت عليه بوزار: «بأن الخط العربي يعتمد فنيا وجماليا على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة وتستخدم في أدائه فنيًا العناصر نفسها التي نراها في الفنون التشكيلية الأخرى كالخط والكتلة، ليس بمعناها المتحرك ماديا فحسب، بل وبمعناها الجمالي الذي ينتج حركة ذاتية تجعل الخط يتهادى في رونق جمالي مستقل عن مضامينه ومرتبطًا معها في آن واحد»(22).
ويستخدم التظليل عند تقاطع الحروف وتشابكها ليوحي بالتجسيم للأشكال والحروف بعض الأحيان، وإبراز تفاصيل العمل التي توحي بأن هناك مستويات وطبقات مختلفة، تعطي تكوينًا عامًا للوحة ليظهر مركزها والهوامش.
واستخدم الفنان محمود حماد تجربة سلفه أدهم إسماعيل في الخمسينيات التي تستخدم النسيج الكتابي في كتل لونية تسحق الفراغ المحيط بالأحرف، ويقول عن الخط: «إن الخط العربي عنصر تشكيلي وتجريدي يمكن الاعتماد عليه لإنجاز أعمال فنية تستند إلى عنصر أو عدة عناصر تراثية، بدل الاعتماد على الأشكال التجريدية المحضة المستخدمة في الفنون الغربية».(23)
أما الألوان فيظهر تدرج لونيّ بين الحروف بعضها ببعض، وكذلك مع المساحات واستخدام الألوان الحارة والباردة، والخط العربي هو الفن الإبداعي الذي توّج الحضارة العربية بالحضارات الإسلامية المتعاقبة، وهو مختلف عن خطوط الحضارات الأخرى، ويمتاز عنها في تجاوزه لمهمته الأولى وهي نقل المعرفة والمعنى، إلى مهمة جمالية أصبحت غاية بذاتها، وهكذا أصبح الخط العربي فنا مستقلًا، ولقد أجمع الكتاب والمؤلفون في الشرق والغرب على أن الخط العربي فن إبداعي محض لم ينل عند أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات ما ناله عند العرب والمسلمين من العناية به والتفنن فيه والتفرع في أنواعه، فاتخذوا منه أولًا وسيلة للعلم وتقييدا الشعر والأفكار، وتطور إلى قيمة جمالية وألبسوه لباسًا قدسيًا عندما جعلوه مجودًا ودقيقا وجميلًا وأنيقا بكتابة آيات القرآن والأحاديث النبوية.
والخط الكوفي أحد الخطوط العربية التي تعتمد على الخطوط المستقيمة والمتعامدة وله نصيب وافر من الجمال، وهو من أهم مظاهر الخطوط العربية نتيجة لتكونه من الخطوط المستقيمة أفقيا والتي تتلاقى بقوائم متعامدة مكونةً زوايا عديدة، ورغم صفته هذه فهو يتسم بمرونة مطاوعة خيال الخطاط الذي طالما رأيناه راغبا في شغل الفراغ.
كما مكنت طبيعة الخط الهندسي الخطاط من أماكن الاستمداد إلى أبعد الحدود، ولم يفته وهو يجري هذا الاستمداد رغبة في ملء الفراغ الواقع فوقه أن يبدع أشكال التقويس والتزهير والتوريق والتنقيط وتطرق من ذلك إلى التربيط والتعقيد، وما زال ينمو ويتنوع ويتعدد، وتنوعت أساليب التحويرات الجزئية، فاعتبروه بهذه التحويرات نوعًا جديدًا، وتعددت أنواعه بما لم يحدث في أي خط أو لغة بشرية أخرى.
وهذا ليس غريبًا فالخط تحول على يد العرب والمسلمين إلى فن أصيل دقيق، والفن ينقل العواطف الكامنة في النفس، ويفرز أفكاره الإبداعية ويفصح عنها بشكل فصيح وجذاب، فهو يعبر عن العالم الداخلي للإنسان المبدع، وليس فقط عن العالم الخارجي وعن آثار الإنسان والزمان. ولذلك قال (علي ابن عبيده)(24): «القلم أصم، ولكنه يسمع النجوى، وأبكم ولكنه يفصح عن الفحوى، وهو أعيا من باقل، ولكنه أفصح وأبلغ من سحبان وائل، يترجم عن الشاهد، ويخبر عن الغائب»، ويرى (التوحيدي)(25) أن الفن مؤلف من شكل ومضمون، من فكر هو الحكمة، وإبداع هو البلاغة، وهو يرى العقول الظامئة والنفوس التواقة للجمال. وقال (عبدالحميد بن يحيى كاتب مروان)(26): القلم شجر ثمرته اللفظ والفكر، وبحر لؤلؤه الحكمة والبلاغة، ومنهل فيه ري العقول الظامئة، والخط حديقة زهرتها الفوائد البالغة.(27)
وعلى عكس الفن التشكيلي عند الغرب الذي امتاز بشاعرية العواطف المبالغ فيها فإن الخط رسالة بصرية تجريدية، ويبدو الخط العربي لكل ناظر واضحًا مباشرًا مقيدًا بقواعد، إلا أن هذا لم يجعله محدودًا، أما ملامح التصوير والتشكيل عند العرب فقد ظهرت في مخطوطات التصوير الإسلامي، التي اعتمدت على مصادر فنية وأصول لعبت دورا كبيرا في تكوين نواة هذا الفن، كما اعتمد على مصادر بعض الفنون القديمة التي انتشرت في البلاد التي فتحها المسلمون مثل سوريا ومصر والعراق وإيران وأواسط آسيا، وكان لدى هذه البلاد معرفة سابقة بفن التصوير، وقد استمد صورته الروحية من بلاد العرب واختلط هذا الميراث بالروح الإسلامية(28)
والخط العربي وسيلة مهمة من وسائل التعبير الفني لدى الفنان العربي والإسلامي لتدوين الأفكار الكامنة ونقلها إلى ذهن المتلقي (المتذوق)، بواسطة وسيلة راقية جدا وهو جمال الحرف العربي.
الخط عنصر بناء هيكل اللوحة التشكيلية:
يعتبر الخط العنصر الأول في لغة التشكيل البصري لا يمكن الاستغناء عنه أبدا، إذ نعتبره أهم عناصر هذه اللغة. يمكن لخط وحيد على سطح أبيض أن يولد علاقة مع فراغ اللوحة، وإذا قسم هذا الخط الفراغ إلى مساحتين متناسبتين، فسيخلق تناغما واتزانا وهارمونية، أما إذا كانت المساحتان غير متناسبتين فسيخلق هذا توترا ديناميكيا.
ولهذا نؤكد القول إن من دون الخط لن نخلق لوحة تشكيلية رصينة ذات أبعاد تكوينية، «إن ما يعنينا من هذا الكلام عن سيطرة النزعة التجريدية الهندسية هو الخط العربي. فلرب قائل يقول إن للخط هدفا واضحا هو الهدف اللغوي الذي يمكن عن طريقه إيصال المفاهيم والتعابير، وهذا صحيح جزئيا ولكنه يغفل مسألة أساسية: فللخط ازدواجية أو ثنائية في الهدف، هدف ظاهري وهو الهدف اللغوي الصرف، وهدف باطني وهو الروحاني.»(29)
ومن خلال مراحل تطور الخط استطاع الفنان العربي أن يخلق علاقة حسية مرهفة بينه وبين مكونات الحروف العربية الصارمة في بنائها الهندسي والتي تمتلك قدرة هائلة على تكيف الفنان في حدود القواعد، لما تمتلكه من ليونة في التشكيل والبناء وخلق علاقات تركيبية مرتبطة ومعقدة، وبذلك تتضمن معنى باطنيا ووجدانيا للفنان يسمو على معناه اللغوي أو يضاهيه أو يماثله أحيانا وذلك حسب المحتوى اللغوي والتكوين التشكيلي.
الخط يجعل من سطح اللوحة يعجّ بالحركة ويتحكم في مسار بصر المتلقي بتحديد حواف الأحرف والأشكال والمساحات وتلوينها، فالحرف العربي كشكل متقن الرسم داخل اللوحة يجعلها تفيض بإيقاعاتها المنتظمة (المتكررة) وغير المنتظمة (وغير المتكرر) والتي تتراقص داخل فكر الفنان ويحس بها القارئ (المتلقي)، لأنه يهرب بخياله إلى أبعاد غير متوقعة وغير مألوفة داخل وخارج اللوحة عبر تلك التموجات والتركيبات والإيقاعات للأحرف ذات نوع الخط الواحد لخلق لوحة غير كاملة لتكوين مركز كامل ومتماسك واحد أو متعدد وتوظيف كل عناصر الفن التشكيلية لخلق معنى الأيقونة والرسالة المطلوبة، ولا مانع من توظيف وتركيب الأشكال الزخرفية الدينية أو المعمارية أو الأشكال الهندسية أو التجريدية أو حتى الطبيعية ليخلق لوحة متكاملة تعبيرا فلسفيا لفكر الرسالة، وجماليا في التكوين النهائي مع مراعاة الفراغ والضوء والظلال وإبراز الخامات المختلفة، ولم يقتصر على الرسم بل استخدم أسلوب (الكولاج) من الخشب والأسطح الخشنة البارزة للصبغات أو معجنات مختلفة لتعطي إحساسا بارزا.
والفنان يستطيع أن يعمل من الأحرف مركزا أيقونيا وكل حرف يمكن أن يكون أيقونة مستقلة أيضا، وليس كنوع من التخطيط والكتابة، فهو لا يدعي نقل نصٍ أو قصيدة أو كلمة، بل للحرف وحده دلالة، والبعض جعل من الحرف والتكوين والألوان ذات الطابع القدسي الذي تنطبع به اللوحة لديه من خلال الخطوط والألوان والأشكال والزخارف، ولا يعدّ عنده اختيارا عشوائيا، ولا طرق كتابته بل بقدر ما هو أيقونة فهو جمالي، ولا بد أن يندرج داخل نوع خط من الخطوط العربية بعينه من الخط الكوفي المعتق بالأشكال الدينية والزخرفية أو خط الثلث الرصين بقواعده ليعطي قوة جمالية إضافية لقوة التركيبة الصعبة والمعقدة ذات الكثافة الجمالية والقواعد الرصينة التي لا تليق إلا للقدسيات والآيات الدينية المزخرفة بالتشكيلات الخاصة به، وهنا نلخص ثلاثية الأهداف في أنها وظيفية وتزينية ودينية.
أما داخل العمل التشكيلي فهناك طريقتان للاستفادة من الحرف العربي، الأولى يكون الحرف فيها عنصرًا تشكيليًا أساسيًا في تكوين اللوحة، والثانية لا علاقة للحرف فيها بمضمون اللوحة، أي: مكمل للشكل الجمالي للوحة فقط، ولا يكون الحرف فيها عنصرًا تشكيليا فحسب، ففي المجال الأول نجد ميلًا لدى كثير من الفنانين إلى استخدام الكتابة العربية شكلًا ومضمونًا، بحيث تتكون اللوحة من بعض الأحرف والكلمات التي تكتب بالطريقة التقليدية للخط العربي، أو بطريقة فنية تلتزم بقواعد كتابة حواف الأحرف، بل إن بعضهم استخدم الكلمات للتعبير عن مضمون اللوحة بتشكل تكويني فني، والنوع الآخر غير ملتزمين بقوانين وقواعد وضوابط الخط العربي، فانتهكوا حرمة الخط وقدسيته وجماليته المتفردة والتي اعتبرها البعض تحايلا على فنون الخط وتطفلا على الفن التشكيلي واسترزاقًا به. وهو خليط غريب من مدارس أوروبية وتيارات لا تتناسب معه أو بمعنى آخر عاش الجسد العربي بهذه الدماء الأجنبية المفرطة بقواعد وأحكام الخط العربي.
وخلال تجربتي الحروفية في إطار الفن التشكيلي وأساليبها المتنوعة تبعا لكل خط وقدرته على التعبير، فإنه يمكن أن نواكب العصر باستخدام الخطوط والتقاطعات والاستخدامات التي تعكس حرفية عالية في إنجازها، سواء لوظيفتها الهندسية أو الزخرفية، وأيضا فإن للخط أهدافا مختلفة ومتعددة قد تكون اجتماعية أو دينية أو اقتصادية، أو تحمل طقوسًا كان يشعر بحاجتها وضرورتها الإنسان المعاصر، وهي الطريقة الأولى للتعبير عن المشاعر والرسائل التي يحتاجها الإنسان روحيا.
وارتقى الخط جمالا بالنص القرآني، والحديث الشريف، والحكمة، والمثل، وكذلك الأبيات الشعرية، جنبا إلى جنب مع صياغات حروفية تستلهم كثيرا من حيوية الأثر البصري للفن الإسلامي. والفهم الجمالي المعاصر في اللوحة الحروفية المعاصر يتكئ على التراث الإسلامي ورموزه ودلالاته، ولا ينفك يبحث عن الجمال المطلق، بلغة تعبيرية أساسها الحرف العربي، وطاقته الروحية الهائلة، والذي يثير في وجدان المشاهد لغة إيقاعية موسيقية تبعث مجموعة من الرسائل وتصوغ الحروف بعمق حضاري يخاطب العصر.
تشكيل الهوية العربية:
شاع على مر السنين نعت الثقافة العربية بأنها ثقافة الكلمة، والشعر، والخطابة، وأن الخطاب عموما يشكل أسلوبا جوهريا في التبادل الفكري والكلامي، كل هذه النعوت يمكن أن تكون صحيحة ويسهل تبرير صدقها عبر التاريخ القديم، لكنه بالإضافة إلى ذلك يجب ألا ننسى أن الثقافة العربية، لاسيما في تعبيراتها العامة، هي أيضا ثقافة كتابة وقراءة. وحينما نقر بذلك فإن الأمر يعني أن للثقافة العربية جوانب بصرية أساسية. أي إن القراءة، مهما حصلت داخل سياق ثقافي تطغى فيه الكلمة المنظومة، فهي تفترض تدخل العين لتفكيك الرموز أو الكلمات المكتوبة.
في بادئ الأمر الحركة التشكيلية العربية مرت بمراحل متعددة، وكانت المرحلة الأولى هي التبعية المطلقة للفن الغربي، باعتباره مرجعا وتقنية وأدوات، وجاءت مرحلة بعدها هي التباعد نسبيا وبدأ فيها الفنان العربي بالتفرد بدمج بعض رموز التراث العربي الإسلامي وعناصر من الفن التقليدي، حتى وصل الحال إلى أنه من الصعب أن نجد فنانا لم يدمج الخط أو الحرف في فضاء لوحاته لأن الحرف يعتبر تشكيلا تجريديا ويمتلك إمكانيات جمالية لامحدودة.
حاول «الفنان العربي تقديم فن عربي معاصر، يحمل الهوية العربية، ويؤكد على انتمائه إلى ثقافة عربية معاصرة، حتى لا يكون جزءا من ثقافات أخرى معادية وأن قيمته كإنسان مبدع لا تأتي من قدرته على العطاء المتميز، بل قدرته على الانتماء، لأن عدم الانتماء إلى شيء، سيجعله بلا هوية، ولسوف يضعه ذلك في خدمة أغراض فنية أخرى، شاء أم أبى، ولذلك ارتبط الإبداع الفني بتحديد الهوية والانتماء، وتأكد هذا الأمر عبر مراحل التطور المختلفة التي مرت».(30)
لهذا ارتبط الفن العربي المعاصر بالخط العربي بأنواعه المختلفة وتزاوجه بالفن التقليدي العربي الأصيل وهذا يمثل حقيقة جوهرية، ولا يمكن فهم الفن العربي المعاصر وجماليته دونها، فأغلب فناني الحرف العربي يستخدمون الخط دون رسم الحرف العربي لذاته وإنما لقيمته الجمالية، ويظهر الحرف دون أن نستطيع أن نميِّز عبارة كاملة أو حتى كلمة أو حرفا على وجه اليقين. إلا أن المؤكد هو ضربة الخط العربي الذي يظهر بوضوح ولا تخطئها عين أحد، وفي هذه الأعمال نرى أن الفنان يستخدم أسلوب الفن البصري ليوحي بالعمق في لوحته وهي مسطحة والحروف متناثرة عليها. وعادة ما يستلهم الفنان أفكاره من مخطوطات المتاحف وخلطها بإضافات عناصر جديدة، ولكن ما يسعى إليه الفنان هنا ليس محاولة تصوير الحرف كما هو مستقل إنما وجود الحرف داخل اللوحة وانعكاسها في نفوس المتلقين كما يريد هو؛ بل وخلق نسخ مصغرة وجديدة وتقديم مظاهر من الكون أيضا إن أراد على نحو أكثر شفافية وأعمق دلالة مما يمكن أن يكون لها وقع عليه في حياته اليومية من الطبيعة المحيطة به قابلة للتطويع ومادة مستجيبة، وقريحة مواتية وآلة منقادة، وأفرغ عليها بتأييد العقل لبوسًا مؤنقًا وتأليفًا معجبًا وأعطاها صورة معشوقة، وحلية مرموقة، فمن هاهنا احتاج الخط العربي لمواكبة العصر وخروجه من المخطوطات القديمة إلى المعارض الحديثة والحداثة المطلقة للاكتشافات والابتكارات اليومية المرتبطة بتجديد الانتماء والهوية، بعملية البحث والتنقيب في تراثنا العربي الغني بالرموز والعلامات والصور، عناصر مكونة للفضاء اليومي للإنسان العربي من سجاد وتطريز ونقش ومختلف منتوجات الصناعة التقليدية، القادرة على إعطاء الفنان بغيته وتحقيق أهدافه، والقادرة على الحياة في عالمنا المعاصر المتسارع في مناحي الحياة.
تحليل وقراءة لبعض أعمالي:
فنان الحرف المعاصر يظهر قدراته الإبداعية عبر الطاقة الكامنة المستترة خلف إنتاجاته الفنية للأشكال والحروف وما تملكها من قيم وظيفية وجمالية، الفنان وقد أعاد تركيب فنه من خلال الأسلوب الوليد بلوحات الحروف العربية مع تزاوج الأشكال الهندسية الإسلامية الممزوجة بدرجات لونية مدروسة وخلاقة فتكون عملا متماسكا وفق معايير جديدة، مانحًا إياها أبعادا مختلفة فتظهر بقالب جديد، ويمثل الحرف حركة فنية معاصرة تستلهم المعاني الجديدة والأفكار المتجددة لعصر تتسارع فيه التكنولوجيا الرديفة للفن والإبداع والحرف العربي لما يعرف (بالجرافيك).
والقيمة الجمالية ملهمة لتشكيل بعض الفنانين المعاصرين وتعد مركز اهتمامهم لتجسيدها روح الأمة العربية ليكون رمزا مختزلا وحاملا ليعبر به القارات ويشارك في معارض عالمية، ليعرف الأمم بماهية الأمة العربية بأسلوب الأحرف، من خلال تأطيره بلوحات فلسفية تحمل الفكر العربي والاسلامي ودلالاته التي توجد بين طيات الأشكال والأحرف والرموز المعبرة عن ذاتها كأشكال مستقلة ذات مضامين معينة أو هياكل جسمانية بتكوين رصين ومدروس تعبر عن الفنان نفسه المتمكن والحر في ذاته وأفكاره.
وفي بداية النصف الثاني من القرن العشرين ظهر الفكر الحروفي والمتزاوج بينه وبين عناصر التشكيل الغربي المبني على التشكيل الحر والمطلق من دون قيود مع الحرف العربي الرصين والقوي في ذاته وبقواعده والتي لن يتمكن منها إلا موهوب ودارس للخط لسنوات على يد أساتذة وخبراء في الخط العربي، كما ظهرت أهمية الحرف العربي بوصفه عنصرا مهما في تكوين العمل الحروفي ومزخرفا في آن واحد، والفن رافعة حقيقية لقيم الحضارة وعاكس وجه أمة حضارية من معرفة علمية ومعرفية حياتية ونفسية لعقود وقرون وهو المقياس البصري لمواكبة العالم ونهضته الفكرية، وذلك في سبيل الكشف عن القيمة الجمالية والروحية والمادية لكل أمة من خلال التعبير عما تمتلكه من ثقافة والأمة العربية إحدى ركائز فنها المعاصر (فن الحروف).
وقد تم توظيف الخط العربي كعنصر بناء فكري وفني وجمالي في الفن المعاصر حيث التناغم اللوني والحروفي فأصبح هذا الخط مركز الحركة والحياة معا وأصبح تيارا مهما وتطور مسار الفن التشكيلي في العالم العربي به.
وهناك فنانون سطروا أسماءهم، وتركوا بصمة كبيرة في التشكيل الحرفي أمثال: «طلال النجار» من اليمن والفنان «نجا المهداوي» من تونس و«نجوى عبد الجواد» من مصر و«محمد غنوم» من سوريا و«وجيه نحلة» من لبنان و«حازم الزعبي» من الأردن و«ضياء العزاوي» من العراق، وغيرهم كثير.
إن الحرف عند الفنان العربي ذو دلالات رمزية جاهزة، يقودنا إلى الرؤية العميقة، وإلى البحث الجمالي ذي التأثير المباشر لإحداث تنويع شكلي للحروف، واللون عنده في حد ذاته وبشكل جوهري مهم جدا مع محاولاته لتعبئة الفكر بتأويلات لدى المتلقي، وللحروف معان مرتبطة باللون والمعنى بوحدة متكاملة مع الخصائص الجمالية كون الفنان قد ربط الحرف العربي بعدة معان منها وحدة الوجود أي حروف (اسم الجلالة الله) متداخل مع خصائص مميزة ورموز دلالية، ومع الإدراك الديني والمعرفي أعطي للحرف جمالية ورسالة سامية للمعنى المراد توصيله، وقيمة تعبيرية في تكوين العمل الفني ككل، وتم توظيف الحروف على سطح اللوحة وفق آلية اشتغال وإيقاع بعناصر البناء المعماري ورموز الحضارة الإسلامية متأملا الحرف العربي كوسيلة للتعبير عن دواخله ونزعته ذات المنحى الصوفي، وباستخدام دلالة لون الأرض وسطوح الجدران المزخرفة التي أحالت قدسية الحروف إلى متجليات روحية وأفعال جمالية، تاركًا انطباعًا في فكرة تأملية وجوهرية من خلال استخدامه الألوان البنية الغامقة والألوان الفاتحة، والأزرق والأخضر وتدرجاتهما مع درجات غامقة لتعطي محور دوران، مع توظيف الحرف أو الكلمة المهمة بالألوان البارزة للدلالة على الأهمية البالغة لها كاسم (الله) عز وجل، ومرة أخرى يرسم الحروف باللون المشع الأبيض (الضوء) أو المصفر للدلالة على أنه جوهر الوجود والكون والحياة، ويعطي محور تكوين جمالي جذاب للشكل ومضمونه.
أما بالنسبة لعناصر بناء اللوحة التي أمامنا فهي توظيف الحرف على سطح اللوحة وفق آلية اشتغال واضحة وخصوصية البناء الخطي والهندسي إشارة منه إلى دلالة لون الأرض وسطوح الجدران والأبواب المزخرفة، والتي أحالت قدسية الحروف إلى متجليات روحية وأفعال جمالية تاركًا انطباعًا في فكرة تأملية وجوهرية من خلال استخدام الألوان البنية الغامقة والفاتحة والبيضاء، إذ نجد أنه يرسم الحروف باللون البني للدلالة على أنها قطعة خشبية مزخرفة قديمة وحروف وكلمات متناثرة على السطح، وللبني ودرجاته دلالات بلاغية للتراث الإسلامي وارتباطه بنص الشهادتين (أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله) لكي يعطي تكوينًا جماليًا للمضمون، والأشكال الزخرفية مستلهمة في اللوحة التي أمامنا من المنحوتات التاريخية للأبواب والنوافذ الحضرمية القديمة.
واستقى الفنان موضوعاته من رموز الحضارة الإسلامية متأملا الحرف العربي كوسيلة للتعبير عن دواخله ونزعته ذات المنحى الديني المتصوف، ومرتكزاته الفكرية التي اعتمدها وعكسها بطابع ديني محض، واعتبر بعض العبارات في اللوحة نصا لغويا قابلا لسماعه بإضافة المؤثرات الصوتية ذات الصدى بإيقاعات صوفية تسافر بالمتلقي لعنان السماء وتملأ الكون بها.
وتنطبق هذه القراءة على لوحة (الله نور السموات والأرض) فالأحمر الداكن والأصفر بتدرجاته والأبيض دلالة الوهج الكوني والنور.
أما لوحة (محمد رسول الله) باستخدام الألوان: الأخضر والأزرق والأبيض المصفر للدلالة على الرحمة والمحبة من منطلق الآية: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
الاستنتاجات:
استطاع فنانو الخط العربي أن يواكبوا صور الحداثة الفنية بابتكار أسلوب الأحرف لمواكبة الفن المعاصر، وقد ساعدهم على ذلك ظهور جيل مهتم من المبدعين الذين حافظوا على أصول الخط العربي، وعملوا على نشره حتى صار هناك فنانون ينتمون لثقافات ولغات مختلفة مثل: الصينيين والإيطاليين وحتى البولنديين وغيرهم الكثير ممن أجادوا فنون الخط العربي وبرعوا في تقديم أعمال فنية مبهرة.
وتحدى هؤلاء كل ما يثار عن المخاطر التي تواجه فن الخط العربي في ظل انتشار أسلوب الأحرف واستخدام أجهزة الكمبيوتر في إنجاز الأعمال الفنية أو الرسم والألوان والفرشاة، ويمكننا القول: إن فن الخط العربي قد نجح في تجاوز الكثير من التحديات، وصار أحد الفنون التشكيلية التي تجذب عشاق الفنون من مختلف الأجناس والثقافات.
الخاتمة
من خلال المتابعة للتطور السريع لعالم الفن والإبداع وأساليبه يظل الحرف ملهما لكثير من مبدعينا في عالمنا العربي سواء باستخدامه الرمزي أو التعبيري، فإن له سحرا في تشكيلاته المختلفة بأنواع تمتلك الطاقة الكامنة، لا يمتلكها إلا الخطاطون المعاصرون.
واستطاع الفنانون المعاصرون أن يقدموا ما هو أكثر إتقانا وأعمق حضورا بفضل التكنولوجيا وتوظيفها لخلق عالم فني جديد يدخل بالأحرف المعارض العالمية ويواكب عالم الفن المعاصر، وفي هذا المقال العلمي عرض لبعض أعمالي الفنية الحرفية حاولت قراءتها وتحليلها، وهذه الحالة تُعد قليلة جدا بأن يقوم الباحث بمهمة الفنان بإنتاج أعمال فنية حيث اعتمد الفنانون على النقاد والباحثين القراء لأعمالهم الإبداعية الذين يتحدثون عن أعمالهم التي يقدمونها للمشاهدين إما عن طريق معارض فنية أو مجلات فنية وصحف ورقية أو مواقع إلكترونية؛ وبذلك يبقى فهم أفكار الفنانين محبوسا عن الجميع وتظل كل الآراء قاصرة ويتم الاعتماد على تأويلات وقراءة لحياة الفنان وأعماله، ومن المؤكد أن الفنانين لهم وجهة نظر مغايرة، وقراءتهم هي القراءة السليمة، فهم يمتلكون من الحواس والمشاعر والرؤية الفنية ما يجعلهم يتميزون عن غيرهم من فك بعض الشفرات والمضامين لأعمالهم، يكتبون عنها بأسلوبهم الفلسفي الخاص .
الهوامش
المراجع
فهرست ابن النديم–ابن النديم البغدادي– الصفحة 13.
أحمد عبد الوهاب الشرقاوي، الفنون والآداب، المركز الثقافي الآسيوي، 2015.
بركات محمد مراد، الحروف العربية وعبقرية الخط.. بين الرمز اللغوي والتشكيل الجمالي، كلية التربية جامعة عين شمس، موقع هبة ستوديو حيث الحرف العربي هاجسنا، 20 نوفمبر، 2014.
بلند الحيدري، الوحدة «مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية»، الحرف العربي في الفن التشكيلي «التأصيل والتحديث في الفنون التشكيلية»، ص 27، السنة السادسةـ العدد 70/71 ـ يوليو/ أغسطس 1990ـ ذوالحجة /محرم 1411هـ.
رضا أحمد، رسالة الخط العربي، بيروت، لبنان، ط1، 2003.
صلاح الدين المنجد: ياقوت المستعصمي. لبنان، دار الكتاب الجديد، 1985 م.
طارق الشريف، جماليات عربية حديثة، الجماليات والجمالية العربية، (الوحدة) مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية، السنة الثانية، ع24، أيلول(سبتمبر) 1986م ـ ذو الحجة ـ محرم 1497.
عادل قديح، حول البنية الجمالية للخط العربي، التأصيل والتحديث في الفنون التشكيلية، الوحدة (مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية)، أكدال الرباط ـ المملكة المغربية، السنة السادسة ـ العدد 70/71ـ يوليو/ أغسطس 1990ـ ذو الحجة /محرم 1411هـ.
عفيف بهنسي، جمالية الفن العربي، ص 125، 126، عالم المعرفة، العدد 14، الكويت، فبراير عام 1979م.
فتحي حسن ملكاوي، الفن في الفكر الإسلامي: رؤية معرفية ومنهجية ج1، الناشر International Institute of Islamic Thought (IIIT), 2013، رقم ISBN (الرقم الدولي المعياري للكتاب)، 1565649397 9781565649392.
محمد غنوم: «فن الخط»، بتاريخ 18 دجنبر 2022، الموقع: الموسوعة العربية: https://arab-ency.com.sy/ency/details/4527/8، الزيارة الموقع تاريخ 18 دجنبر 2022.
نبيل علي يوسف، جريدة الفنون، ط الكويت، أكتوبر، 2005.
نبيلة عبد العزيز، جريدة الفنون، الكويت أكتوبر، 2005.
هبة الغريب- الكويت والتهامي العلوي-المغرب، جماليات الخط العربي، جريدة الفنون، شهرية فنية تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، آب/أغسطس- 2003، السنة الثالثة.
يوسف سمارة، قصة الأبجدية، مجلة سورية السياحية، العدد 5، عام 1986م.
Calligraphy in Islamic Art | Thematic Essay | Heilbrunn Timeline of Art History | The Metropolitan Museum of Art نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
Mediaville, Claude (1996) ، Calligraphy: From Calligraphy to Abstract Painting، Belgium: Scirpus-Publications
الهوامش
يوسف سمارة، قصة الأبجدية، مجلة سورية السياحية، العدد 5 ص 16 عام 1986م.
رضا أحمد ، رسالة الخط العربي ، بيروت ،لبنان، ط1، 2003.
صلاح الدين المنجد: ياقوت المستعصمي. لبنان، دار الكتاب الجديد، 1985 م، ص 35.
آية من سورة القلم.
جمال الدين: من أكبر الخطاطين ـ توفي عام 1299م.
من الكتاب المشهود لهم بمتانة اللغة ـ توفي عام 750م.
Mediaville, Claude (1996)، Calligraphy: From Calligraphy to Abstract Painting، Belgium: Scirpus-Publications
Huntfor.com نسخة محفوظة 4 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
Calligraphy in Islamic Art | Thematic Essay | Heilbrunn Timeline of Art History | The Metropolitan Museum of Art نسخة محفوظة 19 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
بركات محمد مراد، الحروف العربية وعبقرية الخط.. بين الرمز اللغوي والتشكيل الجمالي، كلية التربية جامعة عين شمس، موقع هبة ستوديو حيث الحرف العربي هاجسنا، 20 نوفمبر، 2014.
فهرست ابن النديم– ابن النديم البغدادي – الصفحة 13.
ابن مقلة، وهو أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الشيرازي (ولد عام 272 هـ / 886 م في بغداد وتوفي بها 939 م / 328هـ) خطاط وزير عباسي، وكاتب، وشاعر. كان من أشهر خطاطي العصر العباسي وأول من وضع أسسا مكتوبة للخط العربي. يعتقد بأنه مخترع خط الثلث، لكن لم يبق أي من أعماله الأصلية.
هبة الغريب- الكويت والتهامي العلوي-المغرب، جماليات الخط العربي، جريدة الفنون، شهرية فنية تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت، آب/أغسطس- 2003، السنة الثالثة.
مير علي التبريزي أو مير علي الهروي التبريزي (بالفارسية: مير على تبريزي) الملقّب بـقدوة الكتّاب، هو خطّاط وشاعر فارسي، عاش في تبريز في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، وهو مخترع خط النستعليق.
نبيلة عبدالعزيز، جريدة الفنون، ص 16، الكويت أكتوبر، 2005.
(26 أبريل 1913 في كيل – 15 يونيو 1999 في هامبورغ) كانت مستشرقة ألمانية معروفة بكتاباتها في مجال الدراسات الدينية، وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 1941.
الناقد والمنظر الأدبي الفرنسي جيرار جينيت (1930-2018)، الذي يعتبر أحد أبرز من كتبوا في نظرية الأجناس الأدبية.
باحث يوناني مهتم بالفن الإسلامي وهو أحد المستشرقين.
محمد غنوم: «فن الخط»، بتاريخ 18 دجنبر 2022، الموقع: الموسوعة العربية:
https://arab-ency.com.sy/ency/details/4527/8 ، الزيارة الموقع تاريخ 18 دجمبر 2022، بتصرف.
رسام ونحات وفنان تشكيلي إسباني وأحد أشهر الفنانين في القرن العشرين وينسب إليه الفضل في تأسيس الحركة التكعيبية في الفن.
فتحي حسن ملكاوي، الفن في الفكر الإسلامي: رؤية معرفية ومنهجية ج1، الناشر International Institute of Islamic Thought (IIIT), 2013، رقم ISBN (الرقم الدولي المعياري للكتاب)، 1565649397 9781565649392، ص42.
د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي، الفنون والآداب، المركز الثقافي الآسيوي، ص315، 2015.
بلند الحيدري، الوحدة «مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية»، الحرف العربي في الفن التشكيلي «التأصيل والتحديث في الفنون التشكيلية»، ص 27، السنة السادسة- العدد 70/71 ـ يوليو/ أغسطس 1990ـ ذوالحجة /محرم 1411هـ:
هو أحد البلغاء الفصحاء، كان من المقربين من المأمون ويسلك في تأليفاته وتصنيفاته طريقة الحكمة. وكان يرمى بالزندقة وله مع المأمون أخبار متعلقة بالفطنة والذكاء.
(310 – 414 هـ / 922 – 1023 م) فيلسوف متصوف، مسلم وأديب بارع، من أعلام القرن الرابع الهجري، عاش أكثر أيامه في بغداد وإليها ينسب.
علام الكتاب في القرن الثاني للهجرة، فارسي الأصل عربي الولاء. نشأ في الأنبار أو الشام على خلاف بين المؤرخين. عمل بعد ذلك كاتبًا لمروان بن محمد والي أرمينيا وأذربيجان.
عفيف بهنسي، جمالية الفن العربي، ص 125، 126، عالم المعرفة، العدد 14، الكويت، فبراير عام 1979م.
نبيل علي يوسف، جريدة الفنون، ط الكويت، أكتوبر، 2005، ص16.
د. عادل قديح، حول البنية الجمالية للخط العربي، التأصيل والتحديث في الفنون التشكيلية، الوحدة (مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية)، أكدال الرباط ـ المملكة المغربية، السنة السادسة ـ العدد 70/71ـ يوليو/ أغسطس 1990ـ ذو الحجة /محرم 1411هـ.
طارق الشريف، جماليات عربية حديثة، الجماليات والجمالية العربية، (الوحدة) مجلة فكرية ثقافية شهرية تصدر عن المجلس القومي للثقافة العربية، السنة الثانية، ع24، ص 16، أيلول(سبتمبر)1986م ـ ذو الحجة ـ محرم 1497.