عبدالحميد القائد*
(1)
لا تَقْفِلِي البابَ في وَجهِي
كما فَعَلَتْ الرِّيحُ
فَأَنا قادِمٌ مِن جَزيرةٍ سَلخوا فيها وَجهِي
رَبَطوا رُوحِي بالأصفادِ
كي لا أعدوَ إلى القَصيدةِ
هَجَرَني المَوجُ وأَنا أُعانِقَ البحرَ
فالتَقَطَتْنِي النَوارِسُ
رَمتنِي وقَميصِي في النَارِ
ما زالَ قلبي يَحترِقُ
ونجمةٌ بَعيدةٌ تلوِّحُ لِي إليكِ
(2)
لا تَقفلِي البابَ
اتركيهِ مُواربًا مُنتَظِرًا قُدُومِي
فِي ليلةٍ غيرِ مُقمِرةٍ
فأنا ضَوئِي يَقهَرُ الظُلمَةَ
رُوحيَ تَشِعُّ كالبَلُّورِ في التَجَلّي
لِذلك يُريدونَ إطفائِي مثلَ سِيجارَةٍ
وما تبقَّى مِن الوَقتِ قَليلٌ
فَارتَدَيتُ عَباءَةَ العَرَّافِينَ
وَأَنا أَجْهَلُ قِراءَةَ الحُرُوفِ بِعَينِي
فَلِيَ أَبْجَدِيَّاتِي التي تَفُكُّ تَشْكِيلَةَ السُحُبِ
وَغَيْبَ المَطَرِ القَادِمِ مَعَ رِيْحِ الشَمَالِ
وسِحْرَ الأفَّاقِينَ
ولصوصَ الفَرحِ مِنَ القُلوب
(3)
لا تَقْفِلِي البَابَ فِي وَجْهِي
فالليلُ في الخَارِجِ مُمْطِرٌ
السماءُ تَهطِلُ ضَفَادِعَ وأَحيانًا فِيَلَةً
والأماكِنُ تَبَعْثَرَت مَعَ المَواقِيتِ
وأنا هَرَبْتُ إِلى حيثُ العُزلَةِ نَجَاةً
مُتَهَيِّئًا لِوُلُوجِ النَفَقِ الضَوئِيّ
المُمتدِّ إِلى مَا لا نِهايةٍ في الفّراغ
حيثُ لا أَدري مَنْ سَيَلتَقِيْنِي
في نِهَايَتِهِ المُرعِبَةِ
هناكَ حَيثُ الفضَاءُ بِلا أَجسَادٍ
الأَدِيمُ بِلا سَمَاءٍ
ولا أَحْجار
فلا تَقفِلِي البابَ الأخيرَ أَمَامَ طَلَّتِي
كَيْ أَعُوْدَ إِلى جَسَدِي
حينَ أَقفِلُ رَاجِعًا
مِن مَتَاهَاتِ الغَيْب