يرى قارىء نصوص (الأدنى والأقصى ) * للشاعر شاكر لعيبي تشجيرا لغويا يصوغ به ومنه وعليه نظاما مغايرا للاشتعال اللغوي المألوف، بغية تشييد سيرة شعرية تتلاحق حلقاتها في سيرة محورية ودائرية وبؤرية فذة تتبّأر في الروْية الشعرية وبها للذات الشاعرة، سيرة تتخصب في كل لفظة وعبارة وجملة تتبادل فيما بينها في دائرة الخلق الشعري اذ تحتشد بالصور الشعرية العميقة والمتموجة في ميراث اللغة المتخيلة في وجدان الشاعر بهذه الحساسية العالية التي تموّلها رؤيا المكان والزمان والمزاج الشخصي التخيلي والسيميائي، اذ تراقب الحواس مشهدية ٍ العالم بكليانية متفوقة تتخصّب في عمق المشهد اليومي والكوني وتلوّع الذات بفضاء هذه المشهدية التي ترشح بين طبقات النص في شبكة من العلامات الكثيفة والشديدة التشابك والنقاء والتاْمل وتراسل الحواس بقوة : (ساْشمُّ رائحة الزمان في الساعات الماضية دورةً دورةً على معصمي، سابتسم اْخيرا بينما اْسقط وفمي على البلاط بلعابه الصافي : للانهائي الذي تراه حدقتي السائلة على الأرض / للطائر الناهض من عشهِ مرفرفاً في هواء المكان / لفخامة السقوط على الأرض وجلالته. . من نصه ( أنتصب في المكان ) تكتسب متوالية التكرار في العنونات خاصيتها المشهدية في تشكل وتشاكل دائرة النص وأقصد البؤرة النصيّة التي تتشظى إلى نصياّت تتحاور وتتداخل وتتخارج فيما بينها من العنونات المتناصة في الفعل المضارعً «أنتصرُ» هي (أنتصر لعزلتي أنتصر على نفسي/ أنتصر على هشاشتي – أنتصر للأرض – أنتصر للشعر – أنتصر للعرس / يقول هنا : لن أغلق النافذة / فما زالت أغاني العرس تتسرب في العتمة من أفواه السيدات المطيبات بالرياحين ) تتشظى فعاليات الدال في هذه المتوالية لتتفرّد الذات الشاعرة بمقولاتها الشعرية بنفس درامي ملحمي مجتزأ، يدخل الجزء في الكل ويتبّأر الكل ليتخذ أشكالاً أو هيئات لوحدات نصيّه تتصاعد نبراتها الشعرية في تخصيب الفعل الشعري باستعادته للتاريخ الشخصي والسيري للزمان والمكان إذ يذهب الشاعر إلى إعلان كشوفاته في ورقة الميتافيزيقيا وانفتاحها الوظيفي، بوظيفة اللغة الشعرية الجديدة إذ تتمخض فعالية النص عن حكاية يبتدعها الكائن في النص بوصفه دالاًّ والرائي السارد الذي هو الشاعر، الرائي لأنسنة الأشياء والوجود في كشفٍ أسلوبي تصويري جمالي أخّاذ في تشخيصه لطبيعة الرؤية والرؤيا معاً : « بعثرك الموتُ خيطاً خيطاً في الذكرى مثلما بعثرت الريح الصراخ في الحروب / خذْ بيد اليعازر يا أبي لدارهِ، وقم لتنظر ماذا صنعنا من بعد اسمكَ الذي ظلّ يرنُّ في أحشاء التفاحة الساقطة عرضاً من الجنة الصحراء. ( من نصه : قيامة لعيبي ). تشتغل نصوص الشاعر على مديات الفضاء الشعري في تشكيلاته البصرية والدلالية والجمالية وتتجاور مشهديته الشعرية مع الفنون الابداعية كالتشكيل والمسرح والسينما والقصة والأوركسترا، وتتفاعل وتتضافر وتتداخل بين هذه الأجناس بقوة تشكلها وتوالدها المكتظ المتمظهر في حشد الصور الشعرية في أرقى درجاتها التخيلية ومتاهاتها وفضائها الجمالي الحسي والفكري والحلمي : تقلبّنا في «برج العقرب» بين النجمات الثلاث. خططت الصبيات المغتسلاتُ عند النهير قلوبنا بأقدامهنّ الناصعة. خطفنا نحن أوراحهنّ بمجساتنا العقربية أسفل البطن، بنقيع السّم الخارج من أفواهنا مع الأشعار، من نصّه « برج العقرب» يسعى الشاعر ويجتهد على إعادة إنتاج اللغة، لغته الثانية في كدّ فكري وتخيلي ورؤيوي من أجل ضخّ هذا القدر العالي للشعري في حدود النص وخارجه، على أساس اجتراع نصّ مفتوح يتخلق بطبقات مشحونة ومبتكرة بهذا الخلق الشعري الجديد المفتون بالإدهاش والإمتاع والصدمة، فالنصّ في طبقاته يشي بتراكم بؤر بانورامية تتوالد في تضافر ونمو الفعل الشعري في حضور الفعل اللغوي الذي يرتكس على البلاغ الشخصي الأنوي الذي تتنكّبه ظلال النص مع ظلال الحكاية الشعرية وتناصّاتها وتموجات الذاكرة وحضورها الذي ينطوي على التواصل مع منتجات المخيلة وحدوسها العميقة : «قال لي إبن خلدون: استمع لصوت النار تحت الحصى حيث يُعِدُّ البَربر الذبائح بقدورهم الحجرية. مازال يعلق شيء من حيوية الحيّ في نذورهم ذات العيون الواسعة التي تنظر الى السماء. لو نظرت إلى البرية سوف ترى قبور الجبّانة المسواة مع الأرض وهي تنافس بهجة الأفق، استمع إذن جيدا: الى البّحة التي تشوب الأصوات بعد صُراخ العرس،/ الى ربح المدقّات التي تطحن العطر/ والى الحشرجات الباقية. . . . « من نصه: قال لي إبنُ خلدون ». . يكشف نص الشاعر تحولات الدال الى فواعل نصية تراوغ في اقتناص مدلولاتها أو صورها الأخرى المتمظهرة في المدلول إذ تعود الحكاية الشعرية من الذاكرة الجمعية الى الذاكرة الشخصية بفعل شعري بفاعلية الأسطرة لرؤية الدال في الفعل الشعري الأسطوري وتخضع الحكاية الى اشتغال فاعلية الملفوظ النصي في ظل فضاء المتخيل النصي والذاكراتي، وتستعيد هنا في هذا النص شبكة الدوال الفاعلة في طبيعة نسق التخييل المنزاح، إذ يعود بصوت الحكاية من الماضي الذاكراتي الى حضور فعل التخيل الشخصي البارع في ارساليته النصيّة : «من الفحم الذي اشتريته من «باب العسل» نهضت الغربان، ثم نعقت قبل أن تنحلَّ في ضجة السوق. أصابع الفحاّم عروسٌ من الزنج مغموسةٌ في اللذة العليا. انحدرت مع السكّةِ متتبّعاً رائحة الشواء التي تنبعثُ، في ليلة العيد الكبير، من الزقاق المسدود. الفحم اتّحدَ مع ظلمة جُرابي تحت ضوء المصباح الواقف عاريا بقبعته الفقيرة، حيث كنتُ أقفُ: مستنشقاً القليل من الهواء الذي يسبق الدُّوار / الهواء، الهواء، الهواء / قليلٌ من الهواء يكفي. . . نصّه «قليل من الهواء يكفي» تكتشف القراءة الدقيقة لنصوص الشاعر منظومة من البنيات الداخلية التي تتأسس بفعل المعامل الحكائي وتضافر نظم العلامة والاشارة وميكانزم الجهاز اللغوي الفعال في حساسيته اللفظية الجديدة وتعاضد حركة الدوال ودينامية المداليل وانفتاحها على حشود المعاني وتوالدها في تشظي احتمالات تعددية المعنى، وتتجلى هنا مهارة الذات الشاعرة في إرسال شيفرة الدال وتواصله في التدليل لمتون الحكاية الشعرية وانفتاحها وشساعة فضائها وخصب تجلياتها وشيفراتها في ميادين البث والأرسال «والقصشعري» : «استعرت من طفل الماضي مسدس اللعب وأطلقتُ الماء على تجاعيد وجهي. استعرتُ برج الحمام من الصورة الفوتوغرافية ودخلتُ عتمته / تشممّتُ جُدرانهَ / وأطلقتُ هديلا لا مثيل لهُ. . . استعرت من جارتي مطرقةً لأُِعلِّقَ أوهامي الجديدة في الشقة الجديدة. «من نصّهِ : استعارات» نصوص الشاعر تكشف عن سقوفها قبل الدخول في عتباتها، إذ تختزل حركة الحياة، حياة الذات الشاعرة وحياة الموجودات والأخر في موجزات صورية تشعّ من داخل الفضاء الشعري بأدلاّء الحكاية وأدلاّء الروي الشعري ونمو مسلسل الكتابة الشعرية في سبيل تحقيق نوع من التوازن بين فضاء الحكي وشعرنته وفضاء التخييل واجتراحه لحركة الدوال ورؤية المداليل في سياق التشكيل الشعري وتراكماته وصياغاته الجديدة، وتمثله للفكرة البصرية ومضاعفة البنى التصويرية والحلمية وتمظهرات المرئي للمشهدية الشعرية التي تزخر بها نصوص الشاعر بقوة العلامة اللسانية والاشارة اللفظية الحامل لشعرية عالية: «فسّرتُ لابن سيرين أحلامه. حَلْمَ بأنه كان يمسك النعامة من رقبتها ويغمس منقارها في شط العرب، ثم حلم بأنّ البصرة كانت تنهض بجناحين صلصاليين وتغطس مع الباشق المنقض للماء لتصطاد قمر الصيف. ثم حلم بأنّ النخيل كان يحتضن بعضه، سعفةً سعفة، وأنّ مسامّ الجّرة ذات العروتين ترشح بالأوهام. حلم بأنه صار والماء شيئاً واحداً، وأنّ النخلة والجّرةَ ذابتا في هيئة واحدة : وأنّ المساء مغطّى بقماش من «كشمير» / أنّ غصون الشجر تسيل مع الماء، / وأنّ صرخة البط تخمد على لسانهِ،» نصّه الرائع: أبراج قطنيّة» نصوص الشاعر تكشف عن انشغالها الحميمي بالحياة فالشاعر يكتب في الحياة ولها وعنها، وتنبىُ عنونة ديوانه «الأدنى والأقصى» عن هذين القطبين اللذين يمثلان قطبي الحياة في صورها اليومية والكونية والمتيافيزيقية، تتجاذب تارة وتتنافر تارة أخرى لتشكّل معادلة ثنائية قائمة على التضاد بغية تشكيل تجانس بين البنية المكانية والزمنية التي يتجوهر في متنها ومنحنياتها جوهر الخطاب الشعري، مما يعزز رؤية قراءتنا بتعدد مستويات الخطاب الشعري والبنى الدلالية التي تتراسل فيما بينها مكوّنة أيقونات شعرية ترفل بالعناصر السردية والحكائية والتشكيل البصري السيمي والصوري المتعالق مع الرسم والقناع وتعدد الأصوات، لذا تتبدّى النصوص بهذه الاِيقاعات الحياتية بلغتها الرشيقة والشفافة تارة ولغتها المعقدة الملتفة على بعضها في نسق من الغموض الماسي الذي يضفي الاِيقاع السمفوني المتنوع في بؤر النص المتداخلة. «أسمع عَبْرَ جدران البنايةِ شرق الصنابير بالماء العذب/صراخ الأطفال حديثي الولادة صرير الأريكة التي تنام المُطّلقةُ عليها،الموسيقى الرديئة والشتائم الجيدة وتصلني روائح الشواء وحرائق الحلوى، وأتسمّع صلوات الفجر عند حلول أيروس في جسدي، أسمع حوارالثمل مع ظلّ العمود الساقط على خزانة ثيابه، شخير الأموات خلال حياتي القصيرة، ها أنا ذا في هذه العمارة التي أقمتُ بها وقتا طويلا أصغي بسبب سهوِ البنائين للصائت والمهموس: ثمّة حائط لم يقيموه قطّ / ثمّة حائط ممحو من الذاكرة / ثمّة حائط طالما سقط :«نصّه: البنّاؤون» تتميز نصوص الشاعر بهذا التشكيل الأيقوني حيث تتعدد علائق الملفوظات وتتداخل فيما بينها لتشكل بؤرات نصيّة متجاورة يتشظى فيها الخطاب الشعري الى بلورات شعرية رؤياوية تتقارب فيما بينها وتفترق بدرجات الترميز، بهذا المعنى يحتشد المشهد الشعري بصوره الجامعة وبتناصها بين الداخل والخارج بانياً نوعاً من المفارقة الحسية اللذيذة التي ترفل بما هو أليف وغرائبي في اَن واحد. تتمظهر حركة أفعال النص في قدرتها الفائقة على التشكيل السيمي الذي تغذيه وظائف الرمز والاستعارة كما في اللغة السينمائية كما رآها الناقد «مارسيل مارتن» في كيفية تلاحم الصور بوساطة التوليف اِذ تتداخل عناصر المشهد الذهنية والبصرية، الأزمنة كلها ويلعب هنا الحدس وفاعلية الموروث اللغوي والفكري والابستمولوجي دوره المضيء في مجانسة الغموض والأستطيقيا من زوايا عديدة للرؤية والرؤيا، إنّ الشاعر شاكر لعيبي راءٍ كوني من طراز خاص جدّاً، يتحرك باللغة في تثوير عناصر خطابه الشعري مثلما تتحرك خاصية الفكرة بقوة التخييل في مشغله الشعري: «لمعت السنبلة لمعانا شمسيا ثم انفرطت بين يدي حارس الحقل الذي انحنى لالتقاط الحباّت الساقطة قرب حذائه المطاطي. هاهي ذي المروج المغسولة بالمطر تمتد أمام الخنفساء الخارجة للتجوال في المرج الأول. هاهي ذي شجرة الزيتون التي قبّلَ الفتاة تحت ظلها في المرج الثاني، هاهو ذا الكوز مترجرجاً بالزيتون في المرج الثالث. هاهي كرات الشوك التي تطير من مرج لمرج: لتذكرّه بسخونة التراب،/ بعُري الأقدام التي هبطت من الجنة / وباللذة في السّير وحيداً ( من نصه: المروج) يستثمر الشاعر منظومة من الأفعال التي تتحرك وفق رؤيات متعددة، أفعال تؤسس وتبني عمارة النص وتشكل تشابك عناصر خطابه في مبنىً سحريّ آخّاذ تتجاور في قوس الحلم والكشف والذكرى والطفولة الضائعة والتاريخ السري للأشياء والكينونات، فنص الشاعر رؤياوي وبصري ينفسح على مشهديات متعددة يستعيد في أنساقها لحظات الماضي وعقم الحاضر وغيبوبة الآتي/ وتعويذات الوجد والاَستعانة بالبارانويا والتشبث بالجوهر والقبض على ديالتيك اللغة الثانية التي تكشف عن عوالم غرائبية سحرية مبدعة بقدرات التخييل الشخصي» فرّت القصيدة من حنجرة الشاعر. خبطت اجنحتها جدران قفصه الصدري فأيقظت اليمام الراقد في باحة الدير. عين الشاعر منتفخة، ويده مرتعشة، وشفتاه كالزّبد البحري، كملح المبازل، كرذاذ الياقوت، كذرات الموت، فزّت القصيدةُ في حنجرته القرمزية التي لم يخفق بها إلا جناح ملاك الدير الصغير قبل أن : يصعد في الروح التي تتنفس في الشجر/ قبل أن يصطفق ناثراً الأوهام كالرّطب اليابس/ وقبل أن ينام على العتبة التي اصطدمت قدمُ الطفل بها: (نصّه صرخة مونخ) تتماهى أسطورة الشاعر مع أساطير العناصر الحكائية اذ يربط الشاعر الرسالة الشعرية بقوة المنحى الحكائي للأسطورة «بقدر ارتباط الأدب الحتمي بالأسطورة» حسب نورثروب فراي، حيث يصبح الأدب هو الأسطورة»، وربط رولان بارت الأسطورة ومبناها الحكائي أو طريقة صياغتها أو قولها بقوله «إن الأسطورة لاتتحدد عبر موضوع رسالتها، وانما عبر الطريقة التي تنطقه بها» حسب كلام الناقد فاضل ثامر في دراسته للبياتي ص52 من كتابه: شعر الحداثة: من بنية التماسك الى فضاء التشظي إصدارات دار المدى.
إنّ نصوص الشاعر تتجاور في تمفصلاتها البنائية وامتداد أفق الكتابة الشعرية نحو آفاق بعيدة متخيلة، تتجاور حتى في مظاهرها الخطية البصرية وتحبيكات سرودها الموجزة ومتانة عمارتها اللغوية وبؤرها الانفجارية المحتشدة. بمستويات دلالية تقع على التوازي والترابط والتماثل والتنامي والتفاعل « بين مزدوجين وضع الأستاذ العالمَ على اللوح الأسود، ونفض بقايا الطبشور من أصابعهِ، داخلا في قلب الهيكل. سوّى نظارته على عينيه لكي يتأكد من صلابة الوجود، من النافذة دخلت الريح وتصفحّت أوراقَ كراستهِ : دخلت الفراشات تباعاً / وهي تمحو بضربات أجنحتها المكان / مربعاً بعد مربعِ، وكرسياً إثرَ كرسيّ، وحائطاً بعد حائط. ( نصه: بين مزدوجين) ينهمك الشاعر في توطيد بالتشابك الشديد بين العناصر الداخلية للنسيج النصي، عبر شفرات الخطاب وحساسيته الشديدة تجاه الأشياء والعناصر الحكائية التي تشكل رسالة النص، وتبرز من خلالها شيفرات الخطاب التي تتمظهر أحياناً في صيغ من التجريد وأخرى في بنى التجريب الذي تدفعه منظومة من بوصلات الأزاحة للغة، إذ تتعقب الرؤية الشعرية والمخيلة مسار العملية الشعرية في ميكانزيم الأنزياح لتتحقق أقصى الاستعارة، وهذه هي الشعرية النابضة المتدفقة المحتشدة بالروح الشعري وبجوهر الشعر من التفاعلات المتعالقة في فكر الشاعر وخزينه المعرفي والجمالي والجّواني الداخلي، إذ يحتفل الشاعر ويحتفي بكل حواسّه التي تتنازعها الفتن والرغبات واللذائذ والنشيج والدهشة ومعاينة العالم والوجود: «لنحتفل بحواسَّنا، هذه الشعيرات الدقيقة التي تمدُّ التويجات بالحرارة. هذه المجسّات التي قادت القديسين إلى مقاطعات الغيوم. أغاني الحشرات غير المرئية التي ترنّ في الوادي. لنحتفل بملمس الأشياء التي تتجاوز نفسّها. لنَعدْ لفهرس التجارب التي تسجل اللدغات الخفيفة، لنحتفل بحواسنا التي تختفي في حواس الكونُ معابثنا بأجنحة لامتناهية: لنحتفل بالقُبلة التي هي استثارة للغيبوبة الكامنة فينا / بالقبلة التي هي ذهاب روحيْن الى العالم السفلي / القبلة التي تمحو لكي تُفسَّر، وتُفسَّر لكي نمحو : ( نصه لنحتفل بحواسنا. . )
ـــــــــــــــــــــــــــ
• صدر الكتاب عن دار الدوسري – البحرين 2011